هدى عبد الناصر .. شاهدة على عصر :
جمال عبد الناصر
أسرار خاصة تنشر لأول مرة
في السياسة والأسرة والحياة
الجزء الأول
أنيس الدغيدي
هدى عبد الناصر .. شاهدة على عصر :
جمال عبد الناصر
أنيس الدغيدي
اسم الكتاب : هدى عبد الناصر .. شاهدة على عصر
جمال عبد الناصر
المؤلــف : أنيس الدغيدي
تليفون : 4604627 012
الناشــر :
تليفــون :
فاكـس :
رقم الإيداع :
( جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ولا يجوز نهائياً نشر أو اقتباس أو اختزال أو نقل أي جزء من الكتاب دون الحصول علي إذن كتابي من المؤلف )
الزعيم جمال عبد الناصر
إهداء
إلى ..
من حرر الأوطان .. وحطم أوثان الملكية .. وكسَّر أغلال الجهل والأمية ورفع رايات الوطنية خفاقَّة في سماء مصر وربوع الأمة العربية ودانت له كل ثورات العالم الثالث بالريادة والأبوية .. الذي لولاه – بعد الله عز وجل – ما قامت ثورة ولا هبت رياح التغيير في سماءنا ..
إلى الزعيم الخالد .. جمال عبد الناصر
ثم .. إلى شهيد الحق وجندي الله المجاهد الحق الشهيد الشيخ / أحمد ياسين الذي إغتالته الأيدي الصهيونية الآثمة فجر اليوم الإثنين 22 مارس 2004 .
إليهما أهدي كتابي هذا ،،،
أنيس
قبل المقدمة
لَّما كانت مصر وستبقى قِبٌلَة للحضارة الإنسانية .. ومهبطاً للوحي والرسالات .. ومزاراً للباحثين عن الحقيقة والكمال والتفرد .
ولَّما كان وسيبقى الإعلام المصري الحديث ” المقروء والمرأي والمسموع ” في هذا العهد الميمون وتحت قيادة واعية يُعَد هو رُبَّان قافلة الإعلام العربي الحبيب والرائد والقائد في مجال المعرفة في عصر الفضاء والأقمار الصناعية والسماوات المفتوحة .
ولَّما كانت قفزاتنا الإعلامية المصرية العصرية ترتقي في كل لحظة لمسايرة ركب الحضارة والتقدم .. تعد وبحق قفزات خفّاقة وضّاءة في سماء المستحيل وذرى اللا ممكن .
فقفزت على موائد البحث والدراسة في شتى المحافل الإعلامية .. ليفغر بروفيسيرات الإعلام في كل مكان أفواههم عجباً وهم يضربون كفاً بكف لعظمة التخطيط ودقة التنفيذ .
ولَّما كانت المحطات ” الدرامية ” الحاسمة في عمر الشعوب تُنسَب لقادتها وأربابها الذين قدَّموا لها الجهد والعرق والنضال .. فإن الشعوب المتحضرة التي تسير على درب الحضارة الإنسانية مواكبة ركب التمدين والتحضر هي التي تقوم بأرشفة وتوثيق تلك المحطات الدرامية الفاصلة والحاسمة من عُمٌر الشعوب عبر رحلتها التاريخية توثيقاً أميناً تتداوله الأجيال تلو الأجيال على مر الحقب لتكون مفخرة وذخراً للوطن والمواطن .. ومرجعاً درامياً قويماً للدارسين والباحثين عن الحقيقة في رحم التاريخ .
ولطالما تتساءل الأجيال القادمة عن رموزها وعلاماتها الخالدة البارزة في شتى المجالات عن تفاصيل الدرس ومكنون العِبَر وجزئيات التجربة وشرح الخبر .. ولطالما يبحثون في أروقة التأريخ وفي بطون المكتبات وثنايا الوثائق عن أروع أدوار وقصص البطولة والفداء لهؤلاء الفرسان الذين سلفوا بأبدانهم فقط وخلَّفوا لنا تاريخاً مليئاً بالآيات والأحداث والعِبَر أو الذين لا يزالوا بيننا نتعلم منهم فنون المعرفة في رياض الإبداع .
ولَّما كانت الدول المعاصرة تقوم بأرشفة أروع وأنصع صفحاتها ” الدرامية ” الجليلة عبر وسائلها المرئية والمسموعة والمقروءة لله والتاريخ والحقيقة .
ولَّما كان تسطير العظماء لسيرهم بأقلامهم .. أو عبر ما يدوّن عنهم من أصحاب الرؤى والفكر من سدنة الكلمة وأهل الإبداع الفني وحرّاس الحقيقة وكُتَّاب التاريخ يعد أمراً ملحاً ومطلباً لازماً .. وفعلاً حضارياً جازماً يميط اللثام عن ستر الأحداث ويكشف للخاصة وللعامة أنصع أدوار هؤلاء العظماء الذين قادوا أممهم من مجاهل الظلام إلى هدٌي الأنوار .. فأصبحوا شموساً تضئ الدروب فوق الثرى .. وأمسوا أقمار تنير حلكة الحيارى في ظلمات الليل الحالك .. وباتوا كواكب تهدي الساري في دياجير الكرى المؤرق .. حتى بزغ فجر منارات الحرية على أيديهم البيضاء وأشرقت شمس التنوير بطلعتهم البهية حتى اعتمدت في سماء الأمن والأمان سعادة شعوبهم .
هكذا قرأنا تاريخ العظماء الذين غّيروا مجرى التاريخ الإنساني من أجل رقي شعوبهم … وهكذا أرشفت وسائل الإعلام والاتصال الحديثة ” صحافة – سينما – تليفزيون – مسرح وإذاعة ” وغيرها ” حياة العظماء ” ومحطاتهم الدرامية الحاسمة في تاريخ أوطانهم … هكذا قرأنا وشاهدنا ” غاندي .. هوشي مِنُه ..ماوتسي تونج .. تشي جيفارا .. جورج واشنطن .. شارل ديجول .. ابراهام لينكولن .. ماوتسي تونج .. فرانكلين ديلانو روزفلت .. دوايت أيزنهاور .. أدولف هتلر .. سبارتاكوس .. مارتن لوثر كنج .. الاسكندر الأكبر .. طارق بن زياد .. عمر المختار .. طه حسين وغيرهم
…
ولا ريب .. أن الزعماء ” جمال عبد الناصر و أنــور السادات ” هما صانعي نهضة مصر الحديثة .
ولا محيص .. أن ثورة 23 يوليو 1952 هي أهم حدث كوني في تاريخ مصر الحديثة والذي حررها من أغلال ومجاهل الأسر إلى انطلاق ونور الحرية .. ومن جور السلطة إلى عدل السياسة ونزاهة الحكم .. هي منعطف حاد وهام في تاريخ المصريين فهي الهمزة الفاصلة بين همجية الحكم وقدسية الكلمة .. وهي الهمزة الواصلة بين سيادة القانون وحرية الفرد وصلاح المجتمع .
ولا مناص أن 23 يوليو 1952 – اكتوبر 1973 – الديمقراطية هو مثلث الحب الذى سطَّر لنا أروع صفحات التاريخ الحديث للعروبة فى هذا العصر .
فـ مصــر قلب العروبة النابض ورمز التضحية المجيد وقلعة الدفاع الحصينة فى وجه الغزاه والطامعين .
وعبد الناصر هو صاحب الثورة والعزة والكرامة .. وحرب أكتوبر هي ملك خاص للسادات … وهى همزة الفصل الحاسمة بين الجد والهزل.. الوجود والعدم… التى حررت الأرض وحفظت العرض ورفعت الهامة والراية العربية وضّاءة خفّاقة فى سماء اللا ممكن وذرى المستحيل.
فالسادات … هو جنرال الحرب وعصفور السلام… الذي أثبت أن الإصرار غريزة إنسانية وأن التحدى منحة ربانية… وأن عظمة التخطيط للضربة الجوية هو ملكة إلهية .. فحمل على عاتقه مسئولية تحرير مصر من براثن الكف الهمجية ودنس القدم البوهيمية الإسرائيلية فإنقض برجاله يدكون قلاع المستحيل خلف بارليف الحصين ليشير لرجالات القوات المسلحة البررة : اعبروا القناه بسلام آمنين .
فكيف كانت رحلة نضال الثوَّار ؟ من جهد وعرق وإصرار وعطاء حتى بذع فجر الثورة؟
وكيف كانت سيمفونية الحرب المقدسة في اكتوبر 1973 التى حولت مجرى التاريخ ؟
وكيف تمت الضربة الجوية الحاسمة التى دكت أسطورة إسرائيل التى لا تقهر بفكر رجل لا يعرف المستحيل وقّع فى سجلات التاريخ باسم حسنى مبارك أحد أهم جنرالات أكتوبر 1973
إنها بطولات لا تنسى دوِنت باسم مصر وأكتوبر والزعماء عرابي وفريد وزغلول وعبد الناصر والسادات ومبارك .
ولَّما كان لزاماً على أهل الإبداع تبيين وتبصير المتلقي والباحث عن الحقيقة في رحم الأحداث وبطن السنين .
ولَّما كانت حضارة الأمم ورقيها تقاس بمدى ما يقدمه مبدعوها من أعمال جليلة ورفيعة ذات بعد حضاري وقيم روحية عالية الفكر والتقنية .
رأيت أن أقف مع تاريخنا المعاصر بعين البحث والدراسة حيث أتحاور فيه مع أصفى كوكبة شهدت بذوغ فجرنا .. فحاورت على سبيل المثال السيدة / جيهان السادات التي صنعت أحداثاً وعاشت في مطبخ صناعة لعبة السياسة طويلاً .. والسيد / حسين الشافعي أحد أهم رموز ثورة 23 يوليو ونائب رئيس الجمهورية الأسبق .. والسيد الدكتور / مصطفى خليل أحد جهابزة السياسة ورئيس الوزراء الأسبق وهيكل .. وغيرهم من صنّاع التاريخ .. من هنا تأتي أهمية دخول عرين الزعيم جمال عبد الناصر ورغبتي الملحة في مهمة إنتحارية لإنصاف الرجل وعصره بكل أمانة وحيادية وصدق .
فلم أجد أفضل من كريمته السيدة الدكتورة هدى جمال عبد الناصر لتكون خير منافح ومدافع وشاهد على عصر الزعيم الخالد .
وبناء عليه عزيزي القارئ ..
فهذا الكتاب الذي بين يديك الآن يقع في جزءين يتضمن الجزء الأول منه حزمة من الأوراق الخاصة السرية التي تكشفها السيدة هدى عبد الناصر عن حياة الزعيم السياسة والخاصة لتفاجئ جنابك ” بخط يد عبد الناصر ” منها أسرار أزمته مع الرئيس محمد نجيب وكيف ومتى كتب عبد الناصر بيده قرار إقالة نجيب وإبعاده .. وغيرها من القضايا مثل حادث المنشية وعلاقة ناصر بالسادات وهيكل وماذا عن أحمد زكي مع ناصر والسادات وأجرأ مواقف وخطابات الرئيس عبد الناصر .. وماذا عن الوثائق السرية البريطانية عن الثورة المصرية التي قادها ناصر ؟ وأسرار تنشر لأول مرة عن العلاقة المبهمة بين ناصر وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل .. ومناطق سرية في حُكم عبد الناصر وأوراق مخفية تميط سيادتها عنها اللثام من ملفات الرئاسة والإتحاد الإشتراكي وأسرار إجتماعات خاصة ومصادمات سياسية في مسيرة القائد الفذ .. وماذا قال عبد الناصر بعد نكسة 1967 ؟ ويتناول الجزء الأول وجهات نظر سيادتها في مسيرة الزعيم ثم لقاء مع السيد الدكتور خالد عبد الناصر .. كما يتناول هذا الجزء لقاءات وآراء مع السادة : ضياء داود محمد سلماوي عبد العال الباقوري .. في وقفات هامة مع إجماع أئمة السياسة حول عصر عبد الناصر .
أما في الجزء الثاني فسنتناول فيه بإذن الله تعالى :
تفاصيل أجرأ حوار سياسي وعائلي بين جنابي والسيدة الدكتورة هدى عبد الناصر حيث تحكي للتاريخ والحقيقة أسرار خاصة ومواقف عنيفة وقصص غير قابلة للنقاش وغير معلومة في تاريخ الزعيم .. لا تحكيها سوى إبنة الزعيم الخالد .. بل وتقدم لنا سيادتها وأوراقاً خاصة ورسائل مجهولة ووثائق أكثر خصوصية في حياة الزعيم خالد الذِكر .. ولقاءات خاصة فريدة مع كل أنجال سيادته ” الدكتور خالد عبد الناصر .. السيد / عبد الحميد عبد الناصر والسيد / عبد الحكيم عبد الناصر .. ولقاء خاص مع السيدة / منى عبد الناصر .
لقاءات من القلب من رحم الأسرة الخالدة المحبوبة إلى قلب الأمة المكلومة في فقد الزعيم الخالد والأب الرؤوم والموجه الصادق .
المقدمة
هو .. من هو ؟!!
هو .. رجل من برج النار .. معجون بالبارود والكبريت .. ظاهره الثلج .. وكامنه نيران تلظَّى بهموم الوطن وآلام المواطن ..
لم يرضخ لكاب إنجليزي أو عصا محتَّل .. تمرد على مفاهيم وتعاريف الحكم ولملم كل تاريخ من حكموا مصر قبله من تراكوة وعثامنة وبطالمة وغيرهم ثم أشعل فيه النار وأعاد كتابة تاريخنا مرة أخرى بطريقته الخاصة بالمصري والعربي الفصيح .. حين قاد ثورة 23 يوليو 1952 .
هو .. صانع ثورة يوليو المصرية المجيدة ..
هو .. جمال عبد الناصر .. فارس بني مر ذلك الصعيدي الأسمر الذي شيد تاريخ مصر الحديث بذلك الحدث الهائل في تاريخنا المعاصر منذ صيحة الحق التي هتف بها وفجّرها مع رفاقه من الضباط الأحرار فجر 23 يوليو 1952 ليفغر التاريخ فاه أمام إصرار رجل تحدى الزمن وطرد الملك وحرر البلاد وأقام العدل ليحقق الحلم .. وامتد في حلمه ليشمل جسور المد العربي فشارك في كل الثورات حتى أصبح الأب الشرعي الأكبر لكل نزعات وحركات وصرعات التحرر الثوري في إفريقيا وآسيا .. فصار وحده رمزاً حين تحولت الآمال أمام جبينه الأنور إلى حلم أخضر ونورٍ أزهر
وهي .. من هي ؟!
هي كبرى أنجال الزعيم الخالد .. لم تقيم في شقة على النيل تتسلى في ساعات أو سنوات السمر باللب والسوداني وتشاهد من يزيفون الحقائق ليطمسون تاريخ أمة وجهود قائد !!
ولم تؤلف كتاباًَ ضد والدها تتهمه فيه بما ليس فيه !!
ولم تغير محل إقامتها إلى واشنطن أو موسكو .. فاختارت مصر مولداً وموطناً وترابها مثوىً إلى الأبد السرمدي .. أبقاها الله لنا زخراً وقيمة وفِكراً .
لم تترك الساحة للقاص والدان ليعبثون بتاريخ الزعيم أو بمصير مصر .. فامتهنت السياسة إحترافاً .. واشتغلت بالكلمة فامتزجت بها .. واتخذت من هموم الوطن والحقيقة غاية والصدق درباً والإيمان نهاية مطاف .
تعلمت في مصر وعملت بها وستبقى فيها ما بقي الزمن أو دار .. فمصر لها الوطن والحضن والسكن والدار .. في حين عاش غيرها الحياة بإسمٍ ورسمٍ وشكلٍ مستعار !! فنِعمَ الرفقة والصحبة والجوار .
إنها الدكتورة هدى جمال عبد الناصر الأستاذة بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة .. وليست الجامعة الأمريكية !!
في مكتبها بالدور الثاني بجامعة القاهرة .. تقبع ماكينة التاريخ وفي بيتها البسيط في أحد أحياء القاهرة تقيم الذكريات .. وفي رأسها المزدحم بهموم المسئولية تتخذ الأفكار مسكناً وفي ذلك الرأس أيضاً يعلن الذكاء محل إقامته .. وحين زرتها في مكتبها بالدور السادس بجريدة الأهرام قبل أن تستقيل من رئاستها لمركز أبحاث ووثائق ثورة 23 يوليو .. رأيت إلى أي مدى تعمل امرأة واحدة بجهد عشرات الرجال ممن يقبعون على مقاعد المسئولية ” منظرة” في هذا البلد المطعون في رجاله وقادته من أصحاب الكروش والعروش والقروش والمقاعد الذهبية والماسية !! .. وجدت سيدة مصرية تعمل بصدقٍ يبلغ مرتبة الإنتحار .. وعرق يفوق حدود الإجهاد وأمانة تتعدى كل وصف .. حتى إعترضت بمبدأ وانسحبت من عملها بشرف لتخدم الثورة المعجونة بها من موقعها كأستاذة بالجامعة وكشخصية عامة يحج إليها العامة والخاصة في طلب العون والمدد عن تاريخ الحقبة وخلاصة المرحلة .
نعم .. فـ أناس قليلون أكبر من المقاعد وأرفع من الأوسمة وأغلى من التقدير .. باليقين تؤمهم الدكتورة هدى عبد الناصر .
وتساءلتُ !!! :
كيف أتحدثُ عن جمال عبد الناصر ؟!!
بل كيف أتحدث عن أو مع بعضاً منه ؟!!
فالسيدة هدى عاصرت الكثير من الأحداث وشاهدت عن كثب أكثر ما نتصور .. وذلك بحجم وجودها في منزل صناعة القرار وفي مطبخ اللعبة السياسية في منزل أكبر وأهم شخصية وعقلية سياسية مصرية وعربية في القرن الماضي .. هو الزعيم جمال عبد الناصر .
فكيف يكون الحديث عن ناصر من خلالها ؟ وكيف يكون الحديث عن كوكبة أريج عبد الناصر من خلال أسرته ؟
كانت اللحظة الأولى مباغتة ومفاجأة بالنسبة لي حين التقيت ببعضٍ من جمال عبد الناصر ..
التاريخ :
الوقت : الحادية عشرة صباحاً .
المكان : نصب دفن الرئيس الراحل أنور السادات وقبر الجندي المجهول حيث يتعانق شهداء مصر البررة الذين صنعوا لنا التاريخ وأعادوا لنا العِزة المفقودة .
المناسبة : الإحتتفال بمرور 18 سنة على رحيل الرئيس السادات وحضوري المناسبة مع صديقي السيد / جمال السادات نجل الرئيس الراحل والسيدة جيهان السادات .
المفاجأة : حضور أنجال رؤساء مصر جميعاً لهذا اليوم المشهود .. فجأة وجدت السيد / علاء مبارك والسيد / جمال مبارك .. ومعهم السيد / عبد الحكيم جمال عبد الناصر والسيد / عبد الحميد جمال عبد الناصر يستقبلهم السيد / جمال السادات يصافحون كوكبة الحضور أذكر منهم الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء الأسبق والسيد سليمان متولي وزير النقل والمواصلات والمستشار عدلي حسين محافظ القليوبية والوزير منصور حسن وزير الثقافة الأسبق والسيد فوزي عبد الحافظ مدير مكتب الرئيس السادات والأستاذ ممدوح الليثي نقيب السينمائيين وثلة من خيرة من أنجبت مصر في السياسة والفِكر والفن .
كان هذا هو اللقاء الأول لي مع أنجال رؤساء مصر باستثناء جمال السادات .. وجدتني أقول “عمار يا مصر ” .. هذه هي مصر .. فوق الجميع .. وأم الجميع وململة شتات هذه الأمة .. فها هم أنجال رؤساء مصر في ذكرى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .
فجمال عبد الناصر منح مصر كل ما يملك من وقتٍ وفِكر وطموح ولم يدخر طاقة أو جهد .. وأنور السادات منحها حلمه ودربه وقدراته وفي نهاية الرحلة لم يجد أشرف من دمه الطاهر فوهبه لمصر في نفس المكان ” المنصة ” .
وحسني مبارك تحمل المسئولية الجسيمة في ظروفٍ خاصة ومهام مستحيلة ولا يزال يقود القافلة بوعي وجهدٍ وإخلاص .
ها هم أولاد مصر .. من هنا كانت رغبتي في تسجيل المرحلة .. وتوثيق تاريخها وأرشفة خاصة لأحداثها من غور أغوار بيوت صناعة القرار حتى لا يجترأ مجترأ أو يتفسلف جائر أو يدعي واهم أحقيته في حكي تاريخ المرحلة وظلم رجالات مصر البررة .. وفقاً لفِقه : حدثني قلبي عن ربي بسندٍ صحيح .
وهذا الكتاب الذي بين يديك الآن .. هو الجزء الأول من كتابنا ” جمال عبد الناصر .. كما تراه هدى عبد الناصر ” .. فهذه السيدة الفاضلة سنقف معها طويلاً .. طويلاً حيث تاريخ عبد الناصر وأسرار شخصيته الآسرة وخصوصية أوراقه السرية ومكنون ملفاته التي لا يعرفها أحد .. وحين تقدم السيدة هدى عبد الناصر شهادتها لله وللتاريخ والحقيقة فهي منصفة لا ريب إذ تنظر إلى المرحلة بعين الباحثة المخلص والدارس الأريب الذي ألم بقرني الحقيقة مهما كان الثمن .. والسيدة الدكتورة هدى عبد الناصر لم تنس للحظة واحدة أنها مربية أجيال في واحدة من أعرق وأقدم جامعات العالم .. ولم تنس لطرفة عين أنها إبنة بيت السلطة ومطبخ العمليات السياسية في تاريخ مصر لأكثر من عشرين سنة هي فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر والإعداد للثورة الميمونة .
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب بجزئيه ..
والكتابة عن الزعيم جمال عبد الناصر شاقة .. والحديث عنه محفوف بالمكاره .. والحديث مع أسرته منطقة ملغومة وخصوصاً الدكتورة هدى عبد الناصر .. منطقة قابلة للإنفجار في أية لحظة .. فماذا عساك أن تكتب في جمال عبد الناصر ؟!!
وماذا يمكنك أن تقول من إضافة ؟!!
كلنا يعلم أنه أبو الثورات العربية بل وكل ثورات العالم الثالث لا ريب .. وكلنا يعلم أنه الوحيد الذي أعطى مصر دمه وروحه دون أن يأخذ منها سوى المجد ..
فماذا عسانا أن نضيف ؟!!
وكان عليَّ ألاَّ أغفل هذا التساؤل مطلقاً وأنا أضع بين يديك هذا الكتاب المباغت المتمرد على كل الأعراف والمفاهيم السياسية والكتابية المعهودة .. كي أكسر الحد الفاصل بين العقل والجنون .. فقد سئمنا أن نقيم في منطقة وسطى بين الماء وبين النار .. بين اللاسلم واللا حرب !!
حين أكتب عن الرئيس السادات لا أجد ثمة معاناة .. فأنا أتنفسه وأهضمه وأتوحد به .. ويسكن في شراييني .. ولكن حين قررتُ الكتابة عن الزعيم جمال عبد الناصر شعرتُ بحالات دوار .. وفقدان توازن وهرولت للخلف خطوات ثم تقدمت خطوة واحدة .. وتوقفت لأتعجب !!
وأعلم أنكم كذلك تتعجبون !!
ماذا كل هذا الرعب ؟!!
الكتابة عن رجلٍ بحجم عبد الناصر مخيفة .. مرعبة .. إذ عليك أن تجري عدة طقوس رسمية قبل الكتابة عن ناصر ..
أولاً .. عليك استحضار النية الخالصة .. ثم عليك أن تغتسل وتتطهر ثم تبسمل وتحوقل سنة .. ثم تستشير سنة أخرى .. ثم تستخير سنة ثالثة وأخيراً إذا ما ارتأيت تيسيراً من الله عبر رؤية أو بشارة أو أمارة تريح خاطرك فأقبِل وتوكل .. وعليك أن تجوز النقطة الأولى وتنتقل إلى لاحقتها .
ثانياً .. عليك أن تستحضر على مائدة بحثك عدة أوراق وأشياء ومواقف غاية في الأهمية لا يجب أن تنفصل عنها مطلقاً حين تكتب عن الزعيم جمال عبد الناصر وهي :
- رحيل السيدة ” فهيمة ” والدته وتأثره بحالة فقدان الأم وماذا صنعت في تكوينه ؟
- رحلة سفره إلى القاهرة وتأثره بعمه ” خليل ” الوفدي وبداية تكوينه السياسي .
- وجوده وشخصيته في محيط الضباط من زملاءه قبل وبعد الثورة .
- 4- لماذا أُخرِجَ محمد نجيب من السلطة ؟
- 5- دور السادات في حياة جمال عبد الناصر من البداية إلى النهاية .
- إجتماع قادة الثورة الحاسم بعد خروج الملك فاروق في 26 يوليو 1952 من الأسكندرية بحراً ليودع مصر نهائياً وإختلاف عبد الناصر مع رفاق ثورته حول اختياره للحكم بالديمقراطية وهم اختاروا ” جميعاً ” الحكم بالديكتاتورية .
- أيضاً إصرار جمال عبد الناصر على الحياة في بيته بمنشية البكري فلم يغيره أو يغادره من قبل وأثناء الرئاسة .
- فِقه التراجع والإنقضاض في شخصية عبد الناصر والسادات ومدى تأثرهما بها .
- 9- علاقة عبد الناصر بـ عبد الحكيم عامر وكيف رفعه ولماذا خسف به الأرض ؟
- موقف عبد الناصر من الحرية والأزمات والقضايا العربية والخارجية .
- موقف جمال عبد الناصر من كل رفاقه في مجلس قيادة الثورة لماذا ؟ .
- موقف جمال عبد الناصر من حرب 1956 وكيفية مواجهة الأزمات .. وأسرار كواليس الأزمة وموقف عبد الناصر منها وماذا عن أزمة 5 يونيو 1967 وكيف تعامل معها ؟
- أسرة وزوجة وأنجال جمال عبد الناصر كيف كانوا وكيف هم
- كيف ومتى مات جمال عبد الناصر ؟
- رجال جمال عبد الناصر وكيف صنعهم قبل الثورة وبعدها ؟
هذه المحاور الخمسة عشر هي التي تشكل وجدان أي باحث في شخصية جمال عبد الناصر فكان عليَّ أن أُصاب بحالة رُعب مؤكدة – وأجزم – أنها أحبطتني سنوات طويلة وحالت دون كتابتي عن الزعيم جمال عبد الناصر .
فإن كان أنور السادات قد حدد لإقامته في قلبي وجوارحي ومشاعري ومداد الحياة بي .. فإن جمال عبد الناصر يقيم أبداً أمام ناظريَّ دوماً فلا يبرح محط عيناي .. أراه في كل الزوايا والأوراق والأفكار والسياسات والأزمات والحلول والأحلام وحتى في كوابيسي يطاردني شبح جمال عبد الناصر .. ما هذا يا ربي ؟!! يلازمني ملازمة تقط مضجعي وتؤنس وحدتي وتسكِّن همي وتطمئن وجداني .. فما تمر أزمة على الساحة القومية إلا وتقوست أمام ناظريَّ عشرات من علامات الإستفهام تتساءل عن جمال عبد الناصر ؟؟؟
فهو مقيم في قضية فلسطين .. تسأل عنه كما سأل عنها ومنحها دمه طوال حياته .. وهو في تساؤلاتي حين تمزق الصف العربي وانفرطت حباته وتمزق وتين الأمة النازفة بفُرقة وضعف وهوان !!
وهو موجود في أزمة العراق .. حيث يجعلك تتساءل : أين جمال عبد الناصر وماذا كان يفعل إذا دخلت العراق الكويت ؟!! وماذا كان سيفعل إذا جيشت الصهيونية الأمريكية جيوش 34 دولة منها ( عدة دول عربية ومسلمة ) لتضرب العراق !!! فيدفعك طيف وشبح جمال عبد الناصر لتتساءل : ماذا كان سيفعل لو كان بيننا ؟!!
وعبد الناصر مقيم بيننا وأمام أنظارنا في خراب أفغانستان ودمار بغداد وسقوط كرامتنا العربية وتعري عوراتنا المخجلة المستباحة والمباعة والمؤجرة في سوق عكاظ السياسة الجديدة : سياسة النفط ثم النفط ثم النفط ولا عزاء للرجولة !!
وعبد الناصر يقيم في بيوتنا ومآقينا حين تلسعنا نيران الأسعار وتلتهمنا الجشع والسوق السوداء فنتساءل : ألا يتم علاج كل ذلك بقرار سيادي .. والسلام ؟!!
وعبد الناصر يعشعش في قلوبنا حين نتساءل ” من عشمنا ” : عبد الناصر جمع الأرض والثروة من كبار الملاَّك ومنحها للبسطاء والفقراء ومحدودي الدخل والفلاحين .. واليوم حكومة السيد عاطف عبيد تجمعها بالجباية والجبرية وفلسفة ” مالي وأنا حُرة فيه ” وتمنحها لشرذمة لا تتعدى ( مائة فرد ) بحجة الخصخصة !! فـ أي القرارين عورة : التأميم أم الخصخصة ؟!! أفتونا يرحمكم الله !!!! خصوصاً حين تعلم أن أغلب السادة اذين يقولون عنهم رجال مال وأعمال وبيزنس ومصالح يحصلون على المليارات والملايين ” ويخلعون ” من البلد للحياة في أمريكا وأوربا أو قناة بنما !!! كالأخ توفيق عبد الحي والمرأة الحديدية !!
والباقون الذين لم يهربوا ” ابدتعوا ” سنة غير حسنة .. تسمى ” التعثر في السداد ” !! والحكومة مشكورة تمارس معهم كل فنون السماحة والنياحة التي لا تجدي على اللبن المسكوب !!
وتجد جمال عبد الناصر يقيم في مآقيك وحدقتيك حين تشاهد عملية إغتيال محمد الدرة أو تشريد الفلسطينيين أو تمزيق أشلاء شيخاً عجوزاً مقعداً على كرسي متحرك بشلل رباعي !! حيث تطارده طائرة أباتشي لتسفح دمه الطاهر .. ومتى ؟ بعد أن صلى الرجل صلاة الفجر؟!
هنا يخرج منك ” عنوة ” جمال عبد الناصر ليصفع وجوهنا الكالحة ويبصق على عارنا الخائر .. ويلعن كل خائن من جواسيس العرب وباعة الأوطان وتجَّار الكلمة .. حتى وإن اتشحوا زوراً قميص عبد الناصر !!!
عند كل تلك الحادثات عليك أن تستحضر جمال عبد الناصر .. ليشاركك كل لحظة من حياته ” عنوة ” لتتساءل : لو كان فينا ماذا كان سيفعل ؟!!
فكيف لا أرترجف حين أكتب عن جمال عبد الناصر وكيف لا أفقد ذاكرتي مع كل خطوة أتوجه فيها نحو مكتب السيدة الدكتورة هدى عبد الناصر لتحدد لي موعداً لمقابلتها ؟!! وكيف لا أنتفض حين يصنفي البعض أنني من حواريي السادات ؟!!
فلستُ يوماً حكراً لأحد ولا حجراً على أحد .. أنا أعشق السادات .. نعم .. لكنني أهيم غراماً بعبد الناصر .. فـ جمال عبد الناصر صانع الثورة .. والعزة والكرامة بحق .. والسادات هو أبو الإنتصارات التي لم تحدث في مصر والعالم العربي والإسلامي منذ عصر صلاح الدين الأيوبي .. وإلا فسل تاريخ اليهود من هزمهم بعد صلاح الدين ؟!!
وعبد الناصر هو آسر القلوب .. صاحب أكبر جنازة في التاريخ الإنساني قاطبة منذ عهد آدم لترد على من شككوا في خروج شعب مصر يومي 9 10 يونيو 1967 ليقولوا للرئيس : لأ تتركنا فنفقد الذاكرة .. والسادات هو الأب الشرعي الأول والأخير لحرية الإنسان وديمقراطية الرأي والرأي الآخر .
فكيف لا أكون من زمرة السادات ؟ وكيف أبغض عبد الناصر ؟!!
نحن أمة وسط .. أي عدول .. وسطاء حلول .. أصحاب رأي سديد وفصل خِطاب وسدنة حُكم .. فكيف نجور ونكون مع أو ؟!! لا فنحن أمة لا تخون رموزها وتقدِّر حراسها وقادتها الأفذاذ .
ونعود إلى النقاط أو المواقف الخمسة عشرة التي لا يجب أن يغفلها الباحث في رحلة بحثه مع جمال عبد الناصر :
سيبقى رحيل السيدة ” فهيمة ” والدته وتأثره بحالة فقدان الأم هو حجر الزاوية في تشكيل شخصية الزعيم جمال عبد الناصر .. وماذا صنعت في تكوينه ؟
فهناك صرخات حاسمة وفاصلة في حياة أمتنا العربية .. الصرخة الأولى بدأت في 15 يناير 1918 وتحديداً في 18 شارع أنواتي – باكوس – رمل اسكندرية .
حيث صرخت السيدة فهيمة محمد حماد والدة الزعيم جمال عبد الناصر وهي تلده .. في نفس العام وتحديداً في 25 ديسمبر 1918 كانت هناك قابلة تواجه السيدة السمراء ست البرين وهي تضع مولودها الأسمر محمد أنور السادات .. مع صرخة السيدة والدته .. وهكذا .. صرخة ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر حين يخرج للحياة والحرية من الرحم وليداً .. ثم تعلو صرخاته طفلاً وشاباً ورجلاً من أجل الحرية والخلاص من المستعمر .. لتكون الصرخة الكبرى لعبد الناصر ورفاقه الثوّار مع فجر ثورة 23 يوليو 1952 وتتعانق صراخات ناصر والسادات ورفاقهما من أجل التحرير .. ثم صرخة السيدة ” تحية عبد الناصر ” في 28 سبتمير 1970 وهي تودع حبيب الملايين أبو خالد .. وهنا تولد صرخة السادات على مراكز القوى وحُكم القبيلة والعسس وتستمر صرخاته ضد الظلم حتى كانت الصرخة المدوية من أجل رفعة كرامتنا العربية في 6 أكتوبر 1973 ثم صرخة الحق على درب السلام .. لتأتي صرخة السيدة جيهان السادات وهي تودع تاريخ أمة برحيل رجل الفصل والحق والحرية على المنصة في 6 أكتوبر 1981 .
هكذا قدّر الله لهذه الأمة أن تكون أمة صارخة .
والسيدة فهيمة حين فقدها جمال عبد الناصر شعر بفقدان الهوية والعنوان والسكن والوجود .. فترسمت شخصيته الشاردة المتفكرة .. الهادئة .. الباحثة عن الحلم ولو في خياله فتكونت بذلك روح التفكّر عنده .. وهذا أول الدروس الهامة في شخصية الزعيم عبد الناصر .
لتواجهنا نقطة أخرى هامة شكلت وجدان الزعيم في رحلة صناعته .. فبعد عام من مقتل السردار الإنجليزي لي ستاك في نوفمبر 1924 أتى الزعيم جمال عبد الناصر طفلاً عمره 7 سنوات إلى القاهرة .. وتأثره بعمه ” خليل ” أحد رجال حزب الوفد النشطين وقد ساعد ذلك كثيراً في بداية تكوين عبد الناصر السياسي .. فقد تم ” تسفير ” الصغير جمال عبد الناصر ولا أقول ” شحنه ” من الأسكندرية إلى القاهرة وحيداً في عام 1925 ليذهب إلى عمه خليل ليقيم معه في حارة اليهود بالخرنفش واستلمه عمه خليل من محطة مصر ” عُهدة ” من ناظر المحطة .. لأن والده عمك ” عبد الناصر حسين ” رجل بسيط وفقير يعمل في مهنة بسيط ليرتزق من كده والسفر يأخد من وقته مما يؤثر لا ريب على راتبه الضئيل حيث يعمل الرجل في مصلحة البريد .. فكانت فكرة تسفير الزعيم جمال عبد الناصر وحده وهو لا يزال عمره 7 سنوات من الأسكندرية إلى القاهرة !!
وهكذا رحلة الطفل الصغير .. من باكوس لأسيوط لبني مُر للخطاطبة ثم للقاهرة .. وهذه الرحلة طويلة خصوصاً في عصر ” النملة والسلحفاة ” والقطارات التي تتوقف لكل من يقول لها : سلامو عليكو !!
والزعيم عبد الناصر أصلاً شخصية متفكرة .. جادة منذ الصغر .. لا تستوقفه ألعاب الأطفال ولا تغريه بهرجات الصبية ولا تحرك سواكنه دور اللهو .. وهذه الرحلة أكاد أجزم أنها من ثوابت تشكيل شخصيته الأقرب إلا الإنطواء تقريباً والشرود للتفكُر في جليل السلوك .. فطفل يوضع في قطار ليتسقبله عمه بعد رحلة طويلة متن الأسكندرية إلى القاهرة لا محيص تشكل جانباً كبيراً من وجدانه ومشاهداته لشتى صنوف الناس من مصريين ومحتَّل .. ولا محيص فرَّخت في رأسه الصغير مليون استفهام حائر باحث وعن أحلام وخيالات تركتها له والدته السيدة فهيمة التي تركته لعناء الوحدة وأفكار الأحلام .. تلك السيدة التي كانت وفاتها أحد أهم الأسباب الوجدانية التي شكلت شخصية الزعيم الخالد .
بل ومن عجائب المفارقات التي تفقدك عقلك لا محالة .. حين تقلِّب في جنبات أروقة وأوراق التاريخ وتصطدم بأن الرئيس السادات أيضاً دخل مصر بصحبة والده وجدته وأشقائه في نفس عام 1925 ليقيموا في 1 شارع بدر بكوبري القبة !!
فعبد الناصر يأتي مشحوناً في قطار الأفكار من الأسكندرية إلى القاهرة عاصمة النور مصحوباً بعقدة الوحدة .. والسادات يأتي في نفس العام مع أسرته مشحوناً بطموح البحث عن الذات وعقدة اللون الأسود .
عبد الناصر يترك المدرسة الأولية في أسيوط .. والسادات يترك مدرسة طوخ دلكة الإبتدائية بالمنوفية .. ويقيم كل منهما في القاهرة !!
مفارقة قدرية عجيبة !!
السادات يعاني إحساس مرارة ” زوجات الأب ” وعبد الناصر كذلك !!
جمال عبد الناصر يدخل مدرسة النحاسين الابتدائية ثم مدرسة النهضة الثانوية بالظاهر والسادات يدخل المدرسة الخيرية الإسلامية الإبتدائية بالزيتون ثم مدرسة فؤاد الأول الثانوية بمصر الجديدة !!
بعد البكالوريا ” الثانوية ” السادات يذهب إلى المنتجة عزيزة أمير ليرغب في فرصة تمثيل .. وجمال عبد الناصر يذهب إلى كلية الحقوق !!
عبد الناصر يترك الحقوق .. والسادات لا يجد فرصة التمثيل ..
عبد الناصر والسادات يدخلان الكلية الحربية !!
جمال عبد الناصر يمثَّل شخصية يوليوس قيصر على مسرح مدرسة الظاهر الثانوية .. في مسرحية مدرسية .. والسادات يمثَّل هارون الرشيد على مسرح السجن في المعتقل !!
جمال عبد الناصر يتلقى دروس الوطنية من عمه خليل .. والسادات يتلقى دروسه من جدته أم الأفندي صاحبة الشخصية القوية في القرية ومن الشيخ عبد الحميد في كُتَّأب ميت أبو الكوم عبد الناصر يسمع قصص أدهم الشرقاوي .. والسادات يصغي طرباً لحواديت وقصص جدته أم الأفندي وموال زهران التي يرويها شاعرالربابة وهو يوجز تاريخ دنشواي .
عبد الناصر يعيش مع عمه خليل بصحبة الطفل محمود الذي استشهد والده صديق العم خليل حيث استشهد في ثورة 1919 فتبناه خليل ليربيه وعاش مع جمال في نفس الشقة بالخرنفش بالموسكي .
سنة 1932 جمال عبد الناصر يقود مظاهرة من طلبة مدرسة الظاهر وبعض المدارس التي حولها .. ومفاجأة !! حيث أنور السادات يقود مظاهرة من طلبة مدرسة فؤاد الأول .. يقابلهم أحمد حسين يقود مظاهرة ثالثة .. ثم يواجه الجميع حسن البنا يقود مظاهرة رابعة للتيار الديني وطلبة كلية العلوم وكأن مصير مصر يقرر لعبة القيادة هنا .. ويلتقي القادة الأربعة في ميدان ابن سندر ويحدث إطلاق نار من قوات الإحتلال لتفريق المظاهرات .. فتتوحد جموع المتظاهرين .. وعجباً لهذا القدر الذي يختار قائداً للأمة .. فيصطلح القادة الأربعة ويحملون جمال عبد الناصر على الأعناق ليقود المظاهرات مجتمعة !!!!
هنا يتعجب السادات ” صغيراً ” ويومئ عجباً !! ويترقب !!!
في حين يخطب جمال ويندد ويردد الجميع خلفه ..
يصل بنا هذا إلى النقطة الثالثة من النقاط الخمسة عشر .. وهي عن وجوده وشخصيته في محيط الضباط من زملاءه قبل وبعد الثورة فهذا هو جمال عبد الناصر صاحب كاريزما الشخصية الآسرة .. الشخصية التي اصطلح عليه قادة التيارات المختلفة السادات وأحمد حسين صاحب مشروع القرش سنة 1930 والشيخ حسن البنا أبو الإخوان المسلمين .
أما عن النقطة الرابعة .. فهي تساؤل حاد وخطير : لماذا أُخرِجَ محمد نجيب من السلطة ؟
دخل محمد نجيب إلى قيادة الضباط الأحرارليس كـ صاحب تنظيم وفِكر ومنهج … وإنما بترشيح من مهندس التنظيم والثورة جمال عبد الناصر نفسه والذي طال بضرورة وجود قائد كبير.. أو ضابط كبير يلتف حوله الضباط ويكون ” وش القفص ” أو ” وش المدفع ” لا فرق وحينما نجحت الثورة واستقرت الأمور وبعد عامين من عمرها كان يجب أن تُحكم البلاد وفقاً لشكل دولة ليست عسكرية – ولو في الشكل – وبنظام ودستور ومنهج .. وكل ذلك يلزمه قائد ومهندس وصانع ومحرك يمارس مهام الرئاسة .. كرئيس دولة .
وبما أن عبد الناصر هو الدينامو الرئيسي وهو المخطط الأول والأصلي للثورة فمن حقه أن يحلم بالقيادةومن حق الأمة أن يحكمها أصلح هذه المجموعة فكراً وقدرة على صناعة الأحداث .. فكان يجب أن يتقدم جمال عبد الناصر لواجهة الصورة ويتقهقر نجيب ولو عنوة .. ولكن عتابي الحار لناصر غفر الله له هو معاملة نجيب أثناء وبعد الإعتقال .. وهذه لعمرك من قوة شخصية ناصر التي لا تعرف أنصاف الحلول ولا العواطف في الحسم والشدة والذي قد يصل إلى حد اللا رحمة !!.
أما عن دور السادات في حياة جمال عبد الناصر من البداية إلى النهاية فهذا موضوع طويل وشائك وشيق يحتاج لسفرٍ خاص وكتاب مستقل .. فالسادات هو .. صاحب أشهر وجه في رجال الثورة .. فهو المناضل الشهير والمعتقل السياسي المعرو ف والصحفي الشهرالذي يكتب مقالاً في المصور بدار الهلال لمدة بضع سنوات متتالية في كل عدد .. ومتى ؟ قبل الثورة .. بعنوان : رحلتي خلف القضبان .
فكان عبد الناصر يضعه في المكان الصحيح ” حيث الصدارة ” لما هو معروف عن السادات من شجاعة وإقدام وجرأة وبسالة .. فهو الذي واجه مقتل أمين عثمان .. وهرب من المعتقل مرات عديدة .. وعمل لحساب الألمان … وتعلم اللغة الألمانية في السجن !!
والأهم من كل ذلك .. أن الرئيس أنور السادات هو صاحب تنظيم الضباط الأحرار الأصلي قبل جمال عبد الناصر .. فقد كونه ومعه حسن إبراهيم وعبد اللطيف البغدادي وكمال الدين حسين وغيرهم ثم دخل السجن وترأس البغدادي التنظيم بعد السادات .. إلا أن جمال عبد الناصر انضم إليهم .. ثم سرعان ما طغت ملكاته ومواهبه في الكاريزما فأصبح هو قائد التنظيم .. فكيف تتساءلون عن نجيب ؟!!
إنها ملكات وكاريزما القائد تنتشر كالفيروس ..
إن من ملكات القائد الفذ توظيف الشخوص بدقة واقتدار وتوزيع الأدوار جيداً فاستخدم القائد ناصر مواهب السادات في التشخيص والتلوين وإخفاء معالم مشاعره في العمل بالحرس الحديدي لخدمة الضباط الأحرار ونقل أدق أسرار القصر إلى التنظيم .. ومع ليلة الثورة كان عبد الناصر في المستشفى يستخرج ” كشف حكيم ” والسادات في قسم الشرطة يسجل محضراً بعد خناقة مفتعلة في السينما !! لماذا ؟!!
إثبات حالة إذا ما فشلت الثورة ينجو الكبار .. والأروع والأغرب أن كل منهما لم يخبر الآخر بسلوكه وإنما كان ذلك إجتهاداً شخصياً من كل منهما !!!
وهذا من مفارقات التوافق بين شخصيتي ناصر والسادات !!
ومع فجر الثورة الأول ” وقبل رحيل الملك ” كان جمال عبد الناصر يستخدم السادات في أكبر إختبار أو محرقة سياسية وهو يعهد إليه بإلقاء بيان الثورة .. فهو الوجه الأشهر والوحيد المعروف فيهم وصاحب الصوت المعلوم لدى رجال القصر .. فإذا ما فشلت الثورة وسيطر الملك على الموقف ببوارجه ستقطع رأس السادات فقط !!!
وعبد الناصر يعلم في السادات أنه لا يمكن أن يعترف على رفاقه البتة .. وقد فعل ذلك في قضية أمين عثمان ومن قبل في قضية أبلر الألماني وجهاز الشفرة وأنكر تماماً صلته بهم .
وهنا نقفز إلى النقطة التالية من النقاط الخمسة عشر حيث إجتماع قادة الثورة بعد خروج الملك فاروق في 26 يوليو 1952 من الأسكندرية بحراً ليودع مصر نهائياً وإختلاف عبد الناصر مع رفاق ثورته حول اختياره للحكم بالديمقراطية وهم اختاروا ” جميعاً ” الحكم بالديكتاتورية وعودته إلى بيته ليقطع إجتماعهم فيجدون أنفسهم وحدهم بدونه ثم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً ” بدونه ” فيذهبوا إليه في بيته بمنشية البكري ليعود وفقاً لشروطه .. وينتصر عليهم جميعاً ! آنذاك سحب السادات ورقة ودوَّون فيها إقراراً يمنح لجمال عبد الناصر الحق في استخدام صوته في أي لإقتراع في مجلس قيادة الثورة .. وكأن لعبد الناصر ” صوتان ” !! ومن أذكى وأدهى ما فعل السادات لأنه أيقن أن موازين القوى جميعها ستكون لعبد الناصر منذ الوهلة الأولى !!! وفي أول وزارة للثورة سنة 1953 كان طبيعياً أن يخرجح السادات من الصورة بفعل فاعل ومرفوع بالضمة أو المقشة لا فرق !! فكان وزير دولة بلا وزارة أو صوت !! وتحمل السادات .. وكانت مرحلة مرض ناصر الأخيرة فكان السادات أقربهم منه حيث زكريا محي الدين ابتعد .. عامر مات .. وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم والشافعي وغيرهم “خارج الكادر ” فاصطفاه ناصر نائباً إيذاناً ببداية الرحلة القدرية لتحرير الأرض والعِرض .
أما عن إصرار جمال عبد الناصر على الحياة في بيته بمنشية البكري فلم يغيره أو يغادره من قبل وأثناء الرئاسة فهذا يعطينا على الفور انطباعاً طاهراً عن ذمة عبد الناصر وقناعته ورضاه بحياة عادية أو متوسطة .. المهم مصر الوطن والمواطن .. وهذا هو قمة التصوف السياسي لزعيم فلتة .
أما عن فِقه التراجع والإنقضاض في شخصية عبد الناصر والسادات ومدى تأثرهما بها فعند عبد الناصر نجده في موقف إختيار الحكم بالديمقراطية أو الديكتاتورية يسحب أوراقه ويتراجع ويعود إلى بيته ثم يعود وينقض قوة قاضية وثقة لا تحتاج لبيان ” وبناء على رغبتهم ” !!
وفي أزمة مارس 1954 يعلن أنه سيعود إلى ثكنات الجيش وسيعتزل السياسة ثم ينقض بقوة ليطيح بنجيب .. وكذلك يتراجع في يونيو 1967 ليتقدم بقوة بناء علىخروج الشعب يومي 9 10 يونيو .. هكذا يتقهقر وهو يمسك بخيط حب الشعب له ثم ينقض بقوة .. وكذلك السادات فعلها في 15 مايو 1971 حيث تراجع .. تراجع .. تراجع .. حتى ظنوا أن الخيط كله بأيديهم .. ثم انقض عليهم ليخنقواأنفسهم بخيوط مؤامرتهم وهم وزراء السيادة في مصر الجيس والداخلية والإعلام فضلاً عن الإتحاد الإشتراكي ومجلس الأمة والإسكان .. إنها سياسة التقهقر للخلف من أجل إحكام الرؤية ثم الإنقاضاض على الفريسة بمنتهى القوة .
وتلك عادة كنا نمارسها ونحن نصغاراً في قرى ونجوع وصعيد مصر .. حيث لكي نقفز الترعة نتراجع أمتاراً كثيرة للخلف حتى نستجمع قوتنا ونرى الصورة واضحة ونقيس مسافة البعد بين الشاطئين ونكوِّن صورة كاملة ثم ننقض بسرعة البرق لنقفز إلى الشاطئ الآخر من الترعة .. وما أكثر ما لعبنا هذا اللعبة في ترع قريتي الوادعة الحبيبة ” قرية الزعفران ” الهادئة والنائية بجمالٍ ودلال في دلتا مصر .
أما عن علاقة عبد الناصر بـ عبد الحكيم عامر وكيف رفعه ولماذا خسف به الأرض ؟ فهذا يعكس لنا وبصدق وفاء جمال عبد الناصر لصديقه ابن الأثرياء ذلك الصعيدي الذي كان يغدق على جمال بالود والمال وهما في مرحلة الدراسة بالكلية الحربية وربطتهما صداقة متينة.. كسَّر فيها ناصر كل مقاييس العسكرية حين أتى بعامر ليقفز به ” 5 رُتب عسكية ” من رتبة صاغ ليرقيه إلى رتبة لواء ويمنحه وزارة الحربية تبعنا في واحدة من أخطر هنَّات ناصر – والكمال لله عز وجل – ولكن حين اكتشف ناصر أن مصلحة مصر هي إبعاد عامر عن السلطة لم يأبه بصداقة أو تاريخ أو جغرافيا وأبعده .. وحين ذهب عامر ليأوي بين أهله وسشط ترسانته المسلحة في قريته أسطال وأرسل إليه ناصر بصديقه شمس بدران وزير الحربية ليأتي به ورفض عامر .. وأرسل إليه بصديقه صلاح نصر ورفض عامر .. لم يجد ناصر بُداً من إرسال الجوكر .. صاحب المهام الإنتحارية الصعبة ” أنور السادات ” ليأتي به بسرعة البرق ويسلمه تسليم مفتاح ناصر .. ليتم غلق الملف نهائياً !! والدوام لله .
أما عن موقف ناصر من الأزمات والقضايا العربية والخارجية فلنا مع ذلك وقفات كثيرة في هذا الكتاب .
أما عن موقف جمال عبد الناصر من كل رفاقه في مجلس قيادة الثورة لماذا ؟ فمن سمات القائد أن يكون حاسماً قوياً في قيادته .. وناصر كان يؤمن بهذا البلد لأبعد مدى .. لذلك كان يتعامل بحسم في كل المواقف وهذا ما يفتقده رفاقه بل وفسره بعضهم على أنه ذئبية من سمات ناصر .
أما عن موقف جمال عبد الناصر من حرب 1956 وكيفية مواجهة الأزمات .. وأسرار كواليس الأزمة وموقفه منها فإن الزعيم الخالد لم يكن يلوك الشعارات أو يعمل بدار إفتاء التحذيرات ونشر رسائل التنبيهات وفقط !!!
وإنما كان القائد الخالد أبا خالد يخوض غمار التجربة بذاته ويفدي الوطن بروحه ..وخير برهان على ذلك موقفه من أزمة 1956 حيث تقول كواليس الأحداث وأسرار المرحلة بريطانيا وفرنسا طالبتا من ناصر تسليم نفسه للسفارة البريطانية من أجل أن يكفوا عن ضرب مصر وناصر يعلم أن مصر ” وفقاً لما قال هو ” لا تملك سوى 40 طيارة و20 طيار غير مدرب !! وقال سنحارب ولو بالنبابيت .. ثم حينما بلغه مطلب بريطانيا وفرنسا وأن عمره هو الثمن لوقف نزيف الدماء المصرية .. نزل من مجل الوزراء مسرعاً ليسلم نفسه … فهرول أعضاء مجلس قيادة الثورة خلفه وعنّفه صلاح سالم : أنت الرمز يا جمال ولا يمكن نضحي بيك .
هنا هرول الزعيم وركب سيارة جيب وتوجه بها إلى مدن القناة ليقاتل في الصفوف الأمامية .. هذا هو الزعيم وهذه هي أخلاقه وهذا هو سلوكه .
إن رجلاً تستتر زوجته وتستقيم أسرته قد أفلح في تنشأة أنجاله على القيم واحترام الذات لهو خير رجل صعيدي شرقي مصري .
أما عن رجال جمال عبد الناصر وكيف صنعهم قبل الثورة وبعدها ؟ فقد فرَّخ أجيالاً عملاقة نذكر منها محمود رياض في الخارجية وعزيز صدقي في الصناعة وسيد مرعي في الزراعة ومصطفى خليل وعبد العزيز حجازي في الإقتصاد وممدوح سالم في رئاسة الوزراء .. ترسانة من الرجال صنعها عبد الناصر وقدمها هدية للسادات .. إن عبد الناصر والسادات يعلمان جيداً كيف يصنعا القادة والرجال .
وأخيراً كيف ومتى مات جمال عبد الناصر ؟
لقد مات وهو يعمل لآخر لحظة من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني على أرض الأردن !! بعد مؤتمر القمة العربية الكسيرة الممزقة وهو يحاول رأب الصداع القاتل وإندمال الجرح الغائر .
فكيف أستطيع الكتابة عن عبد الناصر ؟!!
من هنا شعرت بالخوف والرعب والضآلة والجهالة حين شرعت في الكتابة عن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .. لذا سأحاول قدر جهدي .. أن أقدّم لك عزيزي القارئ كلما هو جديد في هذا الكتاب الذي أتناوله في جزءين بين يديك الآن جزءه الأول .
أنيس الدغيدي
القاهرة في : الإثنين 22 مارس 2004
تليفون : 4604627 012
للتاريخ .. وثائق بخط يد عبد الناصر !!
للتاريخ قدمت لنا السيدة الفاضلة الدكتورة هدى جمال عبد الناصر ” قنابل تنفجر لأول مرة ” منذ رحيل القائد الملهم .. مستندات دامغة غير قابلة للطعن والنقض والإستئناف .. حيث أهدتنا والتاريخ حزمة من الوثائق الخاصة التي لا تقدر بثمن لتميط اللثام سيادتها عن صفحات مجهولة وأفكار مغلوطة ومفاهيم مبهمة وصفحات حرة جريئة من عمر مصر وتاريخ القائد الناصر جمال .. سطّرها الزعيم بمدادٍ من نور ونار وعرق ودم .. فها هي إبنته تحمل على عاتقها مهمة الدفاع عن مرحلة وقائد ووطن .
هكذا أردتُ أن أكون مختلفاً جديداً معكم – وكما عودتكم قرائي الأعزاء – من هنا نبدأ .. بخط يد القائد الفذ جمال عبد الناصر ومن منطقة حمراء في حياة سيادته منطقة حملت إتهامات مباشرة إلى شخص الزعيم .. لنجيب معكم في النهاية عن إتهام أو إستفهام حائر مشتعل :
لو تعارضت المصلحة العامة للوطن مع العواطف .. من يجب أن ينتصر الوطن أم العواطف؟
وبمعنى آخر .. هل مصر كانت بحاجة ليحكمها رجل قوي حازم صاحب قرارات وفِكر وشخصية أم رجل طيب كل مؤهلاته أنه ” على نياته أما فلسفته فهي ” من قدم السبت وجد الأحد أمامه ” و ” يا بخت من قِدر وعفا ” أم ” لو وجبت صلاة العصر .. صحوني وتصبحوا على خير .. من بدري ” ؟!!
وثيقة 1
هكذا ولد القرار بخط يد الزعيم جمال عبد الناصر ” وثيقة بخط سيادته ” وعلى أوراقه الخاصة وكشكوله الشخصي هكذا كتب الزعيم .
وثيقة 2
وبدأت صياغة القرار : على أوراق الزعيم جمال عبد الناصر الخاصة ” كشكوله الشخصي وثيقة ” إعفاء الرئيس محمد نجيب ” من جميع مناصبه .
وثيقة 3
وتم التوقيع .. وثيقة رسمية بتوقيع مجلس قيادة الثورة بإعفاء الرئيس محمد نجيب
وثيقة 4
وثيقة 5
وثيقة 6
وثيقة 7
وثيقة 8
وثيقة 9
خط يد الزعيم جمال عبد الناصر في رحلة التصنيع والإصلاح من أوراقه الخاصة
وثيقة 10
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقائع المصرية
جريدة رسمية للحكومة المصرية – عدد غير اعتيادي
( العدد 30 مكرر ” ا “) الصادر فى يوم السبت 14 شعبان سنة 1373- 17 أبريل سنة 1954 ( السنة 125 (
قرار
بقبول تخلى السيد الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب عن رياسة الوزارة
مجلس قيادة الثورة
بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى 10 من فبراير سنة 1953؛
قرر :
قبول تخلى السيد الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب عن رياسة الوزارة وأن يكلف السيد رئيس الجمهورية السيد البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر حسين بتأليف الوزارة.
صدر في 14 شعبان سنة 1373 (17 أبريل سنة 1954 (
رئيس مجلس قيادة الثورة
محمد نجيب لواء ( أ. ح )
بكباشى ( أ. ح جمال عبد الناصر حسين ) | قائد جناح جمال سالم |
جناح عبد اللطيف محمود البغدادى | بكباشى ( أ.ح زكريا محي الدين ) |
بكباشى أنورالسادات | بكباشى ( أ. ح حسين الشافعي ) |
لواء ( أ.ح عبد الحكيم عامر ) | صاغ أ.ح صلاح الدين مصطفى سالم |
صاغ ( أ. ح كمال الدين حسين ) | قائد جناح حسن ابراهيم |
أمر
صادر إلى السيد البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر حسين بتأليف الوزارة
رئيس الجمهورية
بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادرفى 10 من فبراير سنة 1953 ؛
وبناء على ما قرره مجلس قيادة الثورة ؛
أمر بالآتى :
يكلف السيد البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر حسين بتأليف الوزارة.
صدر فى 14 شعبان سنة 1373 (17 أبريل سنة 1954 )
محمد نجيب لواء ( أ.ح (
لأول مرة وقبل رحيل ناصر بيوم واحد !! :
نص مكالمة هاتفية
بين الرئيس جمال عبد الناصر،
والملك حسين بخصوص وقف إطلاق النار
عزيزي القارئ .. حملتُ على عاتقي – في هذا الكتاب – أن أقدم لك كل ما هو جديد .. لِما لا والسيدة الدكتورة هدى عبد الناصر تفتح ملفاتها السرية المجهولة وخزائن أسرارها العبقة المكنونة ووثائق الزعيم المتخمة بالمعلومات الخاصة .. ودعنا نتسائل : كيف كانت هيبة جمال عبد الناصر في عصرٍ فقد فقد السادة السادة مقاييس الهيبة ومفاهيم الشخصية وتعاريف القوة وأبجديات الحسم ؟!
وكيف كان يتعامل معه الملوك والرؤساء ؟ وبأي مفردات كان يخاطبهم عبد الناصر وماذا عن طبيعة حواراته معهم ؟!!
” هذه المكالمة التليفونية الخاصة من أوراق السيدة هدى جمال عبد الناصر الخاصة وهي تكشف للحقيقة وللتاريخ جانباً خفياً من كاريزما القائد الراحل والزعيم الفذ ” :
عمان – القاهرة 26 سبتمبر 1970
مكتب الرقيب العام
تقرير رقم 206
التاريخ 26/9/1970
) سري )
المتحدث من عمان: جلالة الملك حسين
المتحدث من القاهرة : سيادة الرئيس جمال عبد الناصر
رقم التليفون الذي حولت عليه المكالمة : 861915
الملك : كيف الحال يا سيدي ؟
عبد الناصر: الحمد لله يا حسين .. عايز إيه .. إنت عاملي مشاكل ليه مع الفلسطينيين ؟
الملك: سيادة الأخ ؟
عبد الناصر : نعم !
الملك : كنت عايز أقول الحالة الآن أهدأ .
عبد الناصر: نعم ؟ .
الملك : بس التصريحات هادي والتحريضات من القاهرة تقلقنا إلى أبعد حد ممكن سيدي ؟
عبد الناصر: نعم ؟! .. تقلقك إيه يا حسين ؟
الملك : أرجوك يا سيادة الأخ… أكبر ما يمكن من جانبك… أرجوك
عبد الناصر : طيب… ولكن لابد من وقف إطلاق النار فوراً يا حسين .. مفهوم ؟
الملك : يا سيدي ما عندنا أي نار… كل هذا يأتي من جانب واحد يا سيدي
عبد الناصر: معلوماتنا هنا بتقول العكس
الملك : سيدي ابعثوا لجنة عسكرية للمراقبة
عبد الناصر : كانت حكومة الأردن ترفض… لو جاءت لجنة الآن هل تمكنوها من المراقبة الفعلية ؟
الملك : نعم سيدي نعم… ولكن سياسة التحريض والإثارة .
عبد الناصر : لو تم وقف إطلاق النار… يهدأ كل شئ .
الملك : سيدي تقرير الأخ النميري كله تحريض وهو عامل رئيسي في تأزيم الموقف.”
عبد الناصر: الحقيقة نحن هنا كلنا زعلانين .
الملك : نعم سيدي
عبد الناصر : اللي عايزينه ونطلبه وقف إطلاق النار فوراً… ونرجو يعني انك تنفذه وأظن كلامي واضح ؟.”
الملك : واضح يا سيدي .. واضح .. أنا يا سيدي بأعمل المستحيل .
عبد الناصر : الجيش الأردني لازم يوقف إطلاق النار تماماً وأنا ما عنديش كلام تاني بعد كده
الملك : سيدي تأكد في هذا المجال بأن المستحيل عما يبذل
عبد الناصر : نريد أن نطمئن
الملك : نعم… جميع الآليات الثقيلة عما نسحبها من المنطقة وأو حتى على حساب خسائر مفيش مانع
عبد الناصر : طيب بالنسبة لوقف إطلاق النار… إحنا عندنا جلسة نهائية دلوقت للمؤتمر. هل أبلغهم على لسانك بأنك بتعمل المستحيل لوقف إطلاق النار؟”
الملك : المستحيل وأقصى من المستحيل سيدي
عبد الناصر : يعني هذا كل ما نطلبه… ثم في نفس الوقت الناس اللي ما بتشربش واللي ما بتأكلش واللي ما بتتعالجش
الملك : نعم
عبد الناصر : يعني أرجوك انك تراعي ده بنفسك… شخصياً.”
الملك : وبعدين سيادة الأخ
عبد الناصر : نعم…”
الملك : وبعدين أنا ملتزم ومن الواجب أن أبقى هنا على أساس أن أفعل المستحيل وعما بنحاول
عبد الناصر : نعم
الملك : لكن إذا عايزني آجي عندك… آجي.”
عبد الناصر : نعم.”
الملك : إذا عايزني آجي عندك حتى ولو كان على خطورة أنا مستعد إني أتحرك الصبح…”
عبد الناصر: تيجي الصبح .. واضح ؟”
الملك : إذا عايزني آجي سيدي
عبد الناصر: والله… قد يكون هذا مفيد ليطمئن كل الإخوان
الملك : أنا مستعد
عبد الناصر : يعني… يمكن يكون أحسن .. تعالى.”
الملك : طيب… طيب وأنا حا أرتب على أساس إني أكون عندك الصبح إن شاء الله.”
عبد الناصر : بس قبل ما تمشي أرجو إنك تؤكد على قادة الجيش بوقف إطلاق النار… يكون وقف إطلاق النار كامل في البلد كلها… أرجوك.”
الملك : يا سيدي تأكد من هذا
عبد الناصر : يعني هذا ما نرجوه لصالحنا جميعاً
الملك : سيادة الأخ
عبد الناصر : نعم
الملك : تأكد من إني عما أعمل فوق المستحيل وإنشاء الله أستبشر كل خير من هذه الناحية.”
عبد الناصر : الصبح في انتظارك إنشاء الله وتبعث لي برقية بالتأكيد عن طريق سفارتنا.”
الملك : حاضر سيدي .”
عبد الناصر : مع السلامة يا حسين ما تتأخرش بكرة الصبح .
وانتهت المكالمة الهاتفية بين الزعيم والملك حسين هذه هي مفردات الزعماء .. وكلمات القائد الذي يدرك ما يريد أن يقول ويعي ما يعني دون كذب أو زيف أو تضليل .. رحم الله القائد الذي كانت كرامته أعلى قامته .. وأنفه لم تنكس أبداً .. ولعن الله أقزام السياسة وكذابين الزفة وباعة الوهم في سوق النخاسة السياسية على أرصفة البنتاجون ورحم دموعم على أعتاب البيت الأبيض !!
من هنا أبدأ الحديث عن جمال عبد الناصر كما رأته وعاينته السيدة الدكتورة هدي عبد الناصر كبرى أنجال الزعيم خالد الذكر .
من هو الزعيم جمال عبد الناصر ؟
الزعيم جمال عبد الناصر يقف بين والده ( عن يمينه ) وعمه
جمال عبد الناصر قبل ثورة يوليو 1952م
– والده هو عبد الناصر حسين تنتمي العائلة إلى قرية بني مرّ مركز أبنوب بمحافظة أسيوط تخرج من المدرسة الابتدائية بأسيوط عام 1903 ثم التحق بمصلحة البريد وتنقل بحكم عمله بين القاهرة والإسكندرية والخطاطبة.
– ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918م في الإسكندرية وقد قال مرة في هذا الصدد: “إنني فخور بالانتماء إلى قرية بني مر الصغيرة. وإنني أكثر فخرا بانتمائي إلى عائلة فقيرة. إنني أقول هذا للتاريخ : إن عبد الناصر وُلد في أسرة فقيرة وسوف يحيا ويموت رجلا فقيرا”.
تعلم بين مدارس الإسكندرية والقاهرة حتى حصل على الابتدائية عام 1931م ثم الشهادة الثانوية من القسم الأدبي عام 1936م
قاد جمال عبد الناصر المظاهرات في 13 نوفمبر 1935 وتم فصله من المدرسة فأضرب هو وزملاؤه في الفجالة والظاهر والعباسية وحطموا المدرسة حتى عاد جمال عبد الناصر على الأعناق .. وجنَّد الطلبة في تنظيم طلابي أسماه جماعة النهضة في سبتمبر 1935 ثم ثورته ضد توفيق نسيم رئيس الوزراء من أجل إعادة دستور 23 ثم اعتقاله في سجن قسم الموسكي .. وقيادته لمظاهرات عنيفة أمام كوبري عباس ودارت معركة حامية بين الطلبة والكونستبلات الانجليز والجنود أصيب فيها عبد الناصر .. وفشل في دخول الحربية في سبتمبر من نفس العام فالتحق بكلية الحقوق ثم استطاع الالتحاق بالحربية في مارس 1937 وتخرج منها في يوليو 1938م .
مسيرته العسكرية :
– تم تعيين جمال عبد الناصر ضابطًا برتبة ملازم ثان بالكتيبة الثالثة مشاة ثم عمل في منقباد بصعيد مصر فور تخرجه ثم انتقل عام 1939 إلى السودان ورقي إلى رتبة ملازم أول ثم تنقل بين الإسكندرية والصحراء الغربية ثم عمل في السودان عام 1940م ثم منح رتبة يوزباشى أي نقيب في سبتمبر/ أيلول 1942 وتولى قيادة أركان إحدى الفرق العسكرية العاملة هناك .. وعين مدرسًا منتدباً بالكلية الحربية عام 1942م ثم التحق بكلية أركان الحرب في عام 1945 وتخرج منها في 12 مايو / آيار 1948م واشترك في حرب فلسطين وهو برتبة صاغ (رائد) وبعد عودته عمل مدرسًا بمدرسة الشؤون الإدارية ثم اشترك في حرب القناة عام 1951م وفي نوفمبر 1951 عين مدرسًا بكلية أركان الحرب ورقي إلى رتبة صاغ ثم بكباشي (مقدم) وظل بكلية أركان حرب إلى أن قام مع مجموعة من الضباط الأحرار بالثورة يوم 23 يوليو/ تموز 1952..
وكان لجمال عبد الناصر قبل حرب فلسطين نشاط سري كبير. فقد انضم إلى الجهاز السري العسكري للإخوان المسلمين عام 1949 مع مجموعة من ضباط الجيش كان على رأسهم في ذلك الوقت النقيب عبد المنعم عبد الرؤوف والملازمون الأول كمال الدين حسين وسعد حسن توفيق وخالد محي الدين وحسين محمد أحمد حمودة وصلاح الدين خليفة ومجدي حسنين وأحمد مظهر وحسين الشافعي. وكان أنور السادات على صلة شخصية بحسن البنا. ولكن جمال عبد الناصر ورفاقه الآخرين لم يجدوا في حركة الإخوان المسلمين ما يرضي نزعاتهم الوطنية الإيجابية أو أهدافهم الوطنية في تحقيق الجلاء واستقلال مصر.
عبد الناصر وحرب 1948
شارك عبد الناصر في حرب 1948 خاصة في أسدود ونجبا والفالوجا وربما تكون الهزيمة العربية وقيام دولة إسرائيل قد دفعت بعبد الناصر وزملائه الضباط للقيام بثورة 23 يوليو/ تموز 1952.
عقب هزيمة حرب فلسطين عام 1948 كان جمال عبد الناصر وكمال الدين حسين قد تركا الإخوان المسلمين مع عدد كبير من الضباط. وكانت طبيعة الأمور تفرض على الضباط أن يجتمعوا ويتبادلوا الرأي في وحداتهم وأسلحتهم. وكان هؤلاء الضباط يمثلون نواة خرجت من حرب فلسطين وهي غير مرتبطة بتنظيم موحد. وكان ذلك دافعاً لهم على البحث عن أرض مشتركة للقاء. وقد أدى البكباشي (المقدم) جمال عبد الناصر دوراً رئيساً بارزاً في تجميع الضباط من مختلف الاتجاهات السياسية بطريقة محدودة قبل حرب فلسطين عام 1948 ثم توسع في هذا النشاط خلال عام 1949. وبذلك نبت التفكير في تكوين تنظيم من الضباط المهتمين بأمور الوطن والسياسة. وأُطلق على هذا التنظيم اسم “الضباط الأحرار” وعُقد الاجتماع الأول للخلية الأولى لهذا التنظيم في منزل جمال عبد الناصر بكوبري القبة في شهر يوليه عام 1949. وحضره عبد المنعم عبد الرؤوف وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم وخالد محي الدين. وافتتح جمال عبد الناصر الاجتماع قائلاً: “أنا معايا عبد الحكيم عامر وأنتم طبعاً عارفينه لكنه لم يستطيع الحضور اليوم”. ومن ذلك اليوم بدأ تنظيم الضباط الأحرار الذي أخذ في التوسع حتى انتشر في كل وحدات الجيش المصري وسلاح الطيران (القوات الجوية) .
النشاط السياسي :
-تنوع النشاط السياسي لجمال عبد الناصر فقد اتصل بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1945م واشترك في تدريب جهاز الجماعة السري على السلاح وقام بالتنسيق مع قيادات الجماعة قبل قيامه بالثورة كما اتصل بالتنظيمات الشيوعية ونظم اتصالا مستمرا مع قيادات مختلفة في التنظيمات الشيوعية كما نظم مع مجموعة من الضباط تنظيمًا عسكريًا سريًا وقد اشترك بنفسه في محاولة اغتيال بعض السياسيين قبل قيامه بالثورة.
عبد الناصر والضباط الأحرار
كان لعبد الناصر دور مهم في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري أطلقت على نفسها اسم الضباط الأحرار حيث اجتمعت الخلية الأولى في منزله بكوبري القبة في يوليو/ تموز 1949 وضم الاجتماع ضباطاً من مختلف الانتماءات والاتجاهات الفكرية وانتخب في عام 1950 رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار. وحينما توسع تنظيم الضباط الأحرار انتخبت قيادة للتنظيم وانتخب عبد الناصر رئيساً لتلك اللجنة وانضم إليها اللواء محمد نجيب الذي أصبح فيما بعد أول رئيس جمهورية في مصر بعد نجاح الثورة.
ثورة 23 يوليو/ تموز 1952
وفي أوائل عام 1951 اتسع التنظيم بصورة غير متوقعة الأمر الذي دفع جمال عبد الناصر إلى المطالبة بتوسيع “لجنة القيادة أو اللجنة التأسيسية”. فضُم إليها ضباط جدد وأصبحت “لجنة القيادة” مكونة من: جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وحسن إبراهيم وعبد المنعم عبد الرؤوف وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وكمال الدين حسين وخالد محي الدين. وقبل قيام الثورة استُبعد البكباشي عبد المنعم عبد الرؤوف من “لجنة القيادة” لإصراره على التحاق التنظيم بجماعة الإخوان المسلمين. كما طلب عبد الناصر ضم أنور السادات للحركة وللجنة القيادة. وبذلك دخل أنور السادات عضواً في اللجنة التأسيسية. ثم انتُخب جمال عبد الناصر في اقتراع سري لرئاسة اللجنة. وأصبحت اللجنة تُمثل القيادة العليا للتنظيم وطُبق عليها مبدأ القيادة والجماعة.
انضم اللواء محمد نجيب لتنظيم الضباط الأحرار ولكنه لم يحضر اجتماعات التنظيم أثناء تكوينه لأنه كان مراقباً من سلطات الأمن باعتباره رتبة عسكرية عالية (رتبة كبيرة) وشخصية محبوبة من الضباط. يقول محمد نجيب في مذكراته: “وبعد لقاءات عديدة اتفقنا على الخطوط العريضة .. ودعاني عبد الناصر إلى تنظيم الضباط الأحرار .. وهو تنظيم سري كان هو مؤسسه ورئيسه .. ووافقت على ذلك”. وأصبح لتنظيم الضباط الأحرار نشاطٌ كبيرٌ داخل الجيش إذ استطاع أن يتصدى للملك فاروق في انتخابات نادي الضباط في يناير 1952 وأن يفرض اللواء محمد نجيب ليفوز بمنصب رئيس النادي. كما دخل المجلس مجموعة كبيرة من الضباط الأحرار.
وفي 26 يناير 1952 حدثت مأساة حريق القاهرة ولم تتخذ السلطات المصرية أي إجراء النحاس رئيس الوزراء لزم داره في جاردن سيتي وظل فاروق في قصر عابدين. ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلا في العصر بعد أن دمرت النار 400 مبنى أنزلت بها خسائر فادحة وتركت 12 ألف شخص بلا مأوى وقد بلغت الخسائر 23 مليون جنيه .
ثم تقترب الثورة من دخول الأبواب المغلقة حيث تتعاقب على مصر في الفترة من 27 يناير 1952 إلى يوليو 1952 أربع وزارت هي وزارات ” علي ماهر ونجيب الهلالي وحسين سري وأخيراً نجيب الهلالي مرة أخرى ” لتصل البلاد إلى منعطف خطر يستوجب التغيير الحتمي .
وفي ليلة 23 يوليه 1952 نجح تنظيم الضباط الأحرار بقيادة اللواء محمد نجيب والعقل المفكر للتنظيم البكباشي جمال عبد الناصر من القيام بحركة انقلابية أُطلق عليها “حركة الجيش” ثم “الحركة المباركة” ثم “ثورة”. واستطاعت هذه الحركة أن تفرض سيطرتها على الأوضاع في مصر وتملي شروطها على الملك فاروق. وقد تمثلت مطالبها في تشكيل وزارة برئاسة علي ماهر وطرد أفراد الحاشية الملكية الفاسدة. ووافق الملك فاروق على طلبات الثوار. ثم طلبت حركة الجيش ممثلة في اللواء محمد نجيب أن يتنازل الملك عن العرش لأبنه الأمير أحمد فؤاد ويرحل عن البلاد في تمام الساعة السادسة من يوم 26 يوليه 1952. ووافق الملك تحت الضغط والتهديد ورحل عن مصر .
ومع بذوغ نجم الثورة يتم إختيار علي ماهر رئيساً للوزارة لبعده عن الأحزاب ويتم تعيين اللواء محمد نجيب قائداً عاماً للقوات المسلحة ..
وهكذا يخطط جمال عبد الناصر .. حيث كلَّف زكريا محي الدين بوضع خطة تحريك القوات .. ثم وضع أيضاً خطة لعزل الملك .. مرتضي المراغي يحمل رسالة شفهية من الملك إلى محمد نجيب تلمِّح بتدخل القوات البريطانية كما حدث أيام أحمد عرابي .. زكريا يقود قواته إلى الأسكندرية .. جمال سالم يطالب بإعدام الملك فاروق .. يؤيده في ذلك زكريا محي الدين وعبد المنعم أمين .. يعترض علي ذلك محمد نجيب وأنور السادات وحسين الشافعي ويوسف صديق .. وأصبح الخيار هل يعدم الملك أم يسافر أم يحاكَم ويسجن ؟!
الملك يغادر قصر المنتزة ليلاً إلى قصر رأس التين ليلاً مع الملكة والأميرات .. ويجتمع بأنطون بوللي كافاتسي ( مدرب الكلاب ) وجارو ( الحلاق ) والقائمقام حلمي حسين (السائق) ومحمد حسن ( الشماشرجي ) والأميرالاي محمد أبو النصر مدير مشاة الحرس والياور علي مقلد والياور الجوي حسن عاكف وطلب منهم صد أي هجوم يتعرض القصر بتوجيه نيران مدفعية الهجانة ومدافع الماكينة على الدبابات الرابضة خارج الأسوار .. وبدأت الطلقات المتبادلة ثم أمر الملك بتوقف الضرب حينما علم أن مدفعا كبيراً موجه فوهته نحو صالة القصر .. ثم يفاجئ على ماهر بقرار محمد نجيب ومعه جمال سالم وأنور السادات بتبليغ الملك بقرار الضباط الأحرار بضرورة تنازل الملك عن العرش ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة مساء .. ولم يجد علي ماهر بدا من قوله : زي ما تشوفوا !!
وعلي متن الباخرة المحروسة كان فاروق يلقي نظرات الوداع إلى مصر .. ثم لحق به محمد نجيب مودعاً ومعه حسين الشافعي وجمال سالم والقائمقام أحمد شوقي واليوزباشي إسماعيل فريد .. وهكذا انتصرت رغبة جمال عبد الناصر ومحمد نجيب وأنور السادات في عدم محاكمة الملك أو قتله واكتفوا بترحيله إلى الأبد ..
وهكذا طرد الملك فاروق في 26 يوليو ..
وأسفرت تلك الحركة عن طرد الملك فاروق وإنهاء الحكم الملكي وإعلان الجمهورية. وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 11 عضواً برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب الذي بدأ عصره ..
وفي عصر محمد نجيب حدث تطهير الأحزاب في 31 يوليو 1952 ثم استصدار قانون بتنظيمها ثم حلها .ز ثم إلغاء الألقاب المدنية .. ثم حادثة إضراب العمال في كفر الدوار واتهام مصطفى خميس ومحمد حسن البقري في محكمة برئاسة حسن إبراهيم .. ثم صدور قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية .. ثم محاكمة عدلي لملوم من مغاغة ..
عبد الناصر رئيساً
أصدر قانون الإصلاح الزراعي للقضاء على الإقطاع عام 1952 0
وفي 18 يونيه 1953 أعلن مجلس قيادة الثورة قيام الجمهورية وأصبح النظام جمهورياً لأول مرة في مصر منذ عام 1805. وتولى محمد نجيب رئاسة الجمهورية ليصبح أول رئيسٍ لها مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء وتخليه عن منصب وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة وعين عبد اللطيف البغدادي وزيراً للحربية وعبد الحكيم عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة وعين جمال عبد الناصر نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية.
وفي 25 فبراير 1954 قدم محمد نجيب استقالته وقبلها مجلس قيادة الثورة على أن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر كما يتولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء. إلاّ أن جماهير الشعب المصري رفضت الاستقالة. فأعلن مجلس قيادة الثورة إعادة محمد نجيب مرة أخرى رئيساً للجمهورية وتعين خالد محي الدين رئيساً للوزراء وعودة رجال الثورة إلى ثكناتهم (وحداتهم العسكرية) في 27 فبراير 1954.
وفي 17 أبريل 1954 تخلى محمد نجيب عن رئاسة الوزارة واقتصر على رئاسة الجمهورية ومجلس قيادة الثورة وقرر مجلس قيادة الثورة في نفس اليوم قبول هذا التخلي وتكليف البكباشي جمال عبد الناصر بتأليف الوزارة برئاسته وأصبح جمال عبد الناصر رئيساً للوزراء للمرة الثانية.
وقد بدأ الصراع الخفي بين جمال عبد الناصر العقل المفكر والمحرك لتنظيم الضباط الأحرار وقائد الحركة الرسمي أمام العالم والجماهير اللواء محمد نجيب. ونظراً للأدوار الكبيرة التي قام بها بعض ضباط الحركة ليلة 23 يوليه 1952 أُعيد تشكيل لجنة القيادة التي أُطلق عليها “مجلس قيادة الثورة”. فدخل إليها رسمياً اللواء محمد نجيب رئيساً لمجلس القيادة والبكباشي يوسف منصور صديق والبكباشي عبد المنعم أمين وآخرين. وأصبح تشكيلها على الوجهة التالي: لواء أركان حرب محمد نجيب وبكباشي أركان حرب جمال عبد الناصر حسين وبكباشي محمد أنور السادات وبكباشي أركان حرب زكريا محي الدين وبكباشي أركان حرب حسين محمود الشافعي وبكباشي قائد الجناح جمال سالم وبكباشي قائد الجناح عبد اللطيف محمود البغدادي وصاغ قائد أسراب حسن إبراهيم وصاغ أركان حرب كمال الدين حسين وصاغ خالد محي الدين وصاغ أركان حرب صلاح الدين مصطفى سالم وصاغ أركان حرب محمد عبد الحكيم عامر وبكباشي يوسف منصور وبكباشي عبد المنعم أمين .. وبعد أن أصبح ناصر رئيساً للوزراء وقع مع بريطانيا اتفاقية لجلاء القوات البريطانية عن قاعدة القنال في 27 يوليه 1954 0
وفي 8 مارس 1954 قرر مجلس قيادة الثورة تعيين اللواء محمد نجيب رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وأصبح نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وتخلى عن وزارة الداخلية.
وفي 26 أكتوبر 1954 تعرض جمال عبد الناصر لمحاولة اغتيال في ميدان التحرير في الإسكندرية أثناء إلقاء خطابه بمناسبة “اتفاق الجلاء”.
وفي 14 نوفمبر 1954 قرر مجلس قيادة الثورة إعفاء اللواء محمد نجيب من جميع مناصبه كما قرر أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.
رأس جمال عبد الناصر الجانب المصري في مباحثات الجلاء الأولى والثانية وفي 27 يوليه 1954 وَقَّعَ جمال عبد الناصر الاتفاقية الأولى للجلاء بالأحرف الأولى. وقد تضمنت المبادئ الرئيسية للاتفاق النهائي المقترح إعداده لتنظيم الجلاء ووقعها عن الجانب البريطاني المستر أنتوني هيد وزير الحربية البريطاني. وفي 19 أكتوبر سنة 1954 عُقد الاتفاق النهائي التفصيلي المتضمن تنظيم عملية الجلاء ووقعه عن مصر جمال عبد الناصر رئيس الوزراء وعبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادي وصلاح سالم ومحمود فوزي؛ ووقعه عن الحكومة البريطانية أنتوني ناتنج وزير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية ورالف ستيفنسون السفير البريطاني وميجور جنرال بنسون Benson كبير المفاوضين العسكريين البريطانيين.
ورأس جمال عبد الناصر الوفد المصري إلى مؤتمر باندونج في إندونيسيا المنعقد خلال الفترة (18 ـ 24) أبريل 1955 حيث نادى بحقوق الشعوب في الحرية والاستقلال. وكانت هذه أول مرة بعد الثورة يرتفع فيها صوت مصر في مؤتمر رسمي متحررة متحدية الاستعمار ودعا إلى عدم الإنحياد .
اتجه جمال عبد الناصر إلى إبرام معاهدات ثنائية مع الدول العربية. فعقد معاهدة مع سورية في 20 أكتوبر 1955 ومع المملكة العربية السعودية في 27 أكتوبر 1955 ومعاهدة ثلاثية بين مصر والسعودية واليمن في أبريل 1956 وكان يهدف من وراء ذلك إلى إقامة “ضمان عربي جماعي جديد”. يحل محل الضمان الجماعي في إطار الجامعة العربية الذي تجمد بسبب انضمام العراق إلى حلف بغداد عام 1955. لكسر احتكار السلاح في سبتمبر 1955 0
وفي 16 يناير 1956 وضعت حكومة الثورة دستوراً جديداً أعلنه جمال عبد الناصر في ذلك اليوم في مؤتمر شعبي كبير في ميدان الجمهورية في عابدين. وقد حدد الدستور يوم السبت 23 يونيه 1956 موعداً لاستفتاء الشعب على الدستور وعلى رئاسة الجمهورية. وقد أسفر الاستفتاء عن شبة إجماع من الشعب على الدستور وانتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية على نسبة 99,8% من مجموع الأصوات البالغة حينذاك خمسة ملايين صوت . وبذلك أصبح أول رئيس للجمهورية عن طريق الانتخاب وبذلك انتهى عمل مجلس قيادة الثورة.
وفي 29 يونيه 1956 ألف جمال عبد الناصر وزارته الثالثة التي استمرت حتى 6 مارس 1958.
وفي مؤتمر بريوني في يوغسلافيا المنعقد خلال الفترة (18 ـ 19 يوليه 1956) أسس الرئيس جمال عبد الناصر مع الرئيس جوزيف بروز تيتو Josip Broz Tito رئيس جمهورية يوغسلافيا والبانديت جواهرلال نهرو Jawaharlal Nehru رئيس وزراء الهند سياسة الحياد الإيجابية وعدم الانحياز. وجاءت قرارات الأقطاب الثلاثة امتداداً لقرارات مؤتمر باندونج.
وفي 26 يوليه 1956 أعلن الرئيس جمال عبد الناصر القرار الجمهوري بالقانون رقم 285 لسنة 1956 القاضي بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية (شركة مساهمة مصرية) وانتقال جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات إلى مصر.
وبسبب هذا التأميم وقع العدوان الثلاثي على مصر بالهجوم الإسرائيلي في مساء يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956 على الكونتلة ورأس النقب. ولم يكد يبدأ الهجوم الإسرائيلي حتى وجهت بريطانيا وفرنسا إلى مصر وإسرائيل إنذاراً في الساعة السادسة والنصف من يوم الثلاثاء 30 أكتوبر. وتبين بذلك التواطؤ الثلاثي بين الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. وتصدت مصر بقيادة جمال عبد الناصر لهذا العدوان حتى تم انسحاب القوات الأنجلو ـ فرنسية عن مصر في 22 ديسمبر 1956 والقوات الإسرائيلية في 7 مارس 1957.
وافتتح أول مجلس نيابي بعد الثورة باسم ” مجلس الأمة ” في 22 يوليه 1957برئاسة عبد اللطيف البغدادي 0
في عام 1958 قصد الرئيس السورى شكرى القوتلى مصر على رأس وفد من سورية فاتفق مع رئيس الجمهورية الرئيس جمال عبد الناصر على توحيد القطرين وتسميتهما (الجمهورية العربية المتحدة) وتنازل عن منصبه لصالح الوحدة وانتخب عبد الناصر رئيساً لها وقد أُطلق على شكرى القوتلى لذلك لقب المواطن العربي الأول وقدأعلن عبد الناصر اتحاداً يضم مصر وسوريا في 22 فبراير/ شباط 1958 وانتخب جمال عبد الناصر رئيسا لها لكن الاتحاد لم يستمر طويلاً فانفصلت الدولتان مرة أخرى عام 1961 وظلت مصر محتفظة بلقب الجمهورية العربية المتحدة .. وتولى ناصر رئاسة الجمهورية العربية المتحدة التي قامت في ) فبراير 1958حتى سبتمبر 1961) بالاتحاد مع مصر وسوريا وكانت خطوة نحو تحقيق الوحدة العربية الشاملة 0
وضع حجر الأساس لبناء السد العالي في 9 يناير 1960 0
أصدر في يوليه1961 قرارات اشتراكية واسعة النطاق من بينها : ( تحديد الملكية الزراعية – تأميم المؤسسات – منح الفلاحين والعمال مزايا ثورية ) أعلن الميثاق الوطني في 21 مايو 1962 الذي أقره المؤتمر الوطني لقوى الشعب العاملة وفي هذا المؤتمر أعلن عن إنشاء الاتحاد الاشتراكي العربي 0
وفي 22 فبراير 1958 أعلنت الوحدة بين مصر وسورية تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة وانتُخب الرئيس جمال عبد الناصر رئيساً لها حتى وقع الانفصال في 28 سبتمبر 1961. وقد رأس جمال عبد الناصر أربعة وزارات خلال فترة الوحدة الوزارة الأولى (من 6 مارس 1958 إلى 7 أكتوبر 1958) والوزارة الثانية (من 7 أكتوبر 1958 إلى 20 سبتمبر 1960) والوزارة الثالثة (من 20 سبتمبر 1960 إلى 16 أغسطس 1961) والوزارة الرابعة (من 16 أغسطس إلى 10 أكتوبر 1961).
وفي 26 يوليه 1961 أعلن الرئيس جمال عبد الناصر القرارات الاشتراكية (قرارات يوليه الاشتراكية) التي خفضت الحد الأعلى للملكية الزراعية إلى مائة فدان للأسرة وخمسين فداناً للفرد وأممت المؤسسات الكبيرة ومصِّرت البنوك إكمالاً لعملية التأميم والتمصير التي سارت بسرعة منذ فشل العدوان الثلاثي 1956. وتحللت مصر من كل اتفاقياتها السابقة مع بريطانيا وفرنسا خاصة كما حُددت ملكية الأسهم. وأصبح للعمال والفلاحين نصف المقاعد في المجالس المنتخبة على الأقل كما أصبحوا أعضاء في مجالس إدارات الشركات.
وفي 18 أكتوبر 1961 بعد الانفصال شكل جمال عبد الناصر وزارته الثامنة التي استمرت حتى 27 سبتمبر 1962
وفي مايو 1962 صدر الميثاق الوطني الذي أقرّه المؤتمر الوطني لقوى الشعب العاملة وفيه التزام بالخط الثوري الذي يقوم على الاشتراكية العلمية والقومية العربية. وفي هذا المؤتمر أُعلن نظام الاتحاد الاشتراكي العربي ليحل محل الاتحاد القومي عام 1957 وهيئة التحرير عام 1952.
وفي 27 سبتمبر 1962 تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الرئاسة الذي شكل من الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية وإحدى عشر عضواً.
وفي مايو 1962 صدر الميثاق الوطني الذي أقرّه المؤتمر الوطني لقوى الشعب العاملة وفيه التزام بالخط الثوري الذي يقوم على الاشتراكية العلمية والقومية العربية. وفي هذا المؤتمر أُعلن نظام الاتحاد الاشتراكي العربي ليحل محل الاتحاد القومي عام 1957 وهيئة التحرير عام 1952.
شارك في مؤتمرات عديدة من بينها : ( مؤتمر الدار البيضاء 1962 – أديس أبابا 1964 – مؤتمر الدول غير المنحازة – مؤتمرات القمة العربية ) 0
قاد عبد الناصر حركات التحرر العربية وبالأخص ثورة الجزائر في الفترة من 1954 إلى 1962 وثورة اليمن في 1962.
في 26 سبتمبر أيلول أعلنت الجمهورية في اليمن وكانت مصر أول دولة اعترفت بها وبعدها بيومين وصلت أول طائرة عسكرية مصرية إلى اليمن وتوالت بعدها الإمدادات العسكرية المصرية في التدفق على اليمن حتى وصل حجم القوات المصرية هناك إلى نحو 70 ألف جندي بسبب تصاعد المواجهات بين الجمهوريين والموالين لحكم الإمام الذي دعمته المملكة العربية السعودية واستمرت الحرب في اليمن خمس سنوات وفي المجال الأفريقي شارك الرئيس عبد الناصر في مؤتمر أديس أبابا عام 1963 حيث وُضع ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية. وزار كثيراً من الدول ووقع اتفاقيات اقتصادية وثقافية مع كثير منها. وشارك بشكل بارز في دورة الأمم المتحدة الخامسة عشرة عام 1960. وفي 17 أبريل 1963 وقع عبد الناصر ميثاق الوحدة بين العراق وسورية ومصر.
وساند حركات التحرر في إفريقيا وأمريكا اللاتينية .
وعندما تحرشت إسرائيل بسورية في مايو 1967 أعلن جمال عبد الناصر حالة التعبئة في القوات المسلحة المصرية يوم 14 مايو 1967 وأخذت الأحداث تتصاعد حتى صدور قرار إغلاق مضايق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية فاندلعت الحرب في 5 يونيه 1967 التي شنتها إسرائيل ضد مصر وسورية والأردن وانتهت بهزيمة الدول الثلاث واحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي 9 يونيه 1967 قرر الرئيس جمال عبد الناصر التنحي عن جميع مناصبه وأعلن مسؤوليته عن الهزيمة وقدم استقالته على أثر ما عُرف بالنكسة فرفضتها جماهير الشعب في مصر والوطن العربي في يومي 9 و10 يونيه 1967 وصممت على بقائه في الحكم.
وفي يونيه 1967 شكل جمال عبد الناصر وزارته التاسعة والتي استمرت حتى 20 مارس 1968. وفي 20 مارس 1968 أعلن عن تشكيل وزارته العاشرة التي استمرت حتى وفاته.
وخلال الوزارة التاسعة والعاشرة للرئيس جمال عبد الناصر بدأ في إعادة بناء القوات المسلحة بعد هزيمة يونيه وبدأ جمال عبد الناصر في حرب استنزاف مع إسرائيل من عام 1968م. وبناء شبكة صواريخ الدفاع الجوي خلال النصف الأول من عام 1970.
وفي سبتمبر عام 1970 استضاف جمال عبد الناصر مؤتمر القمة العربي في القاهرة لإنهاء القتال بين الأردن وحركة المقاومة الفلسطينية فيما سُمي (مجازر أيلول الأسود عام 1970) في عمّان.
وفي 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس جمال عبد الناصر عقب وداعه لأمير الكويت في مطار القاهرة بعد حضوره مؤتمر القمة على إثر أزمة قلبية.
وكان جمال عبد الناصر قد أصدر كتاب فلسفة الثورة عام 1954. وهو يضم أهم المبادئ التي انطلقت منها أفكاره السياسية ثم الميثاق الوطني في 21 مايو 1962 وبيان 30 مارس 1968 اللذين تبلورت فيهما تجارب جمال عبد الناصر
لكن تبقى هناك وقفات ضرورية في مسيرة عبد الناصر يجدر بنا أن نجليها وهي :
حادثة المنشية
تعرض جمال عبد الناصر في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1954 لمحاولة اغتيال فاشلة في ميدان المنشية بالإسكندرية استغلها للتخلص من جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرها خصمه اللدود طوال فترة حكمه التي امتدت 18 عاماً فزج بهم في السجن الحربي .
حقيقة تاريخية هامة
يتساءل الكثيرون عن علاقة الثورة بقوى أجنبية قبل قيامها وهل كانت أمريكا هي صنيعة الثورة المصرية ؟!!
الحقيقة أن الثورة المصرية لم يكن لأحد عليها أية يد بيضاء أو سوداء أو بنفسجي البتة .. فهي ولدت في رأس ناصر والسادات وعامر وبقية الرجال الذين ضحوا من أجلها بأغلى ما يملكون .
وهنا لا بد أن نلقي الضوء على بعض الاتصالات والعلاقات الشائكة التي مهد بها جمال عبد الناصر لثورة 1952.
العلاقة مع إسرائيل :
بادئ ذي بدء لا بد أن نقول : إن مصدر هذه الرواية هو يهودي برتبة كابتن واسمه بروهام كوهين وهو من أصل يمني وقد تمت ترجمة روايته أكثر من مرة فنشرت في مجلة “التحرير” الصادرة عن ثوار يوليو في 11 مارس 1953 كما نشرت بقلم محمد حسنين هيكل في مجلة ” آخر ساعة ” المصرية بتاريخ 25 فبراير 1953 والمصدر الأخير هو جمال عبد الناصر نفسه في يومياته العسكرية التي كتبها في أثناء حصار الفالوجا ويوميات قائده الأميرالاي ” السيد طه ” ويوميات الكابتن “بروهام كوهين” وكلها نشرت في كتاب لصحفي غربي وتمت ترجمة الكتاب بصورة محدودة بمعرفة هيئة الاستعلامات ولكن هذه اليوميات –خاصة يوميات السيد طه- نشرت بمعرفة هيكل في آخر ساعة في إبريل 1949 ونأتي إلى يوميات أو رواية كوهين وموجزها أن اليهود بعد حصارهم للقوات المصرية في الفالوجا أراد “إيجال آلون” قائد اليهود في المنطقة التفاوض مع المصريين على الاستسلام والانسحاب وأرسل القائد الكابتن كوهين من أجل التفاوض وكان الضابط الذي التقى به هو جمال عبد الناصر. وتستمر الرواية باستمرار اللقاء المتكرر الذي كان يستمر أحيانًا عدة ساعات في انتظار رد الحكومة المصرية أو القيادة اليهودية على عرض كل طرف بخصوص الانسحاب وفي هذه الأثناء تكلم كوهين وجمال عبد الناصر وكان اهتمام جمال –حسب رواية كوهين- معرفة قدرة واستطاعة اليهود إخراج البريطانيين من فلسطين وكيفية تنظيم التنظيمات السرية المسلحة وكيفية عملها. هذه كانت الاتصالات المباشرة الأولى .. وليس في ذلك أية تهمة أو شائبة تشين تاريخ الثورة ورجالها مطلقاً .. فما علاقة تلك اللقاءات بالثورة ؟!
أما الاتصال الثاني فقد كان بطلب من الحكومة الإسرائيلية للحكومة المصرية فقد طلبت إسرائيل من مصر أن تساعدها في تحديد مواقع دفن ضحاياها من اليهود أثناء المعارك في الفالوجا وفي العرف العسكري يتم إرسال قائد الفرقة الموسيقية العسكرية للقيام بهذه المهمة ولكن إسرائيل طلبت البكباشي جمال عبد الناصر لأنه هو من قام بدفن اليهود القتلى في هذه المنطقة وفي فبراير 1950 يصل جمال عبد الناصر ويكون الطرف الإسرائيلي هو الكابتن بروهام كوهين ويقضي جمال عبد الناصر يومًا لأداء هذه المهمة ولكن عاصفة ثلجية تعطل الطرق فتطول الزيارة ويعود بعدها جمال عبد الناصر إلى مصر وقد ورد على لسان جمال عبد الناصر تأكيد للحديثين في كتاب فلسفة الثورة ص26 كما كتب جمال عبد الناصر بنفسه في أكتوبر 1954 في الأوبزرفر البريطانية عن الثورة .
“ولم يقتصر الأمر في فلسطين على مقابلة الأصدقاء الذين ساهموا معي في العمل من أجل مصر بل جاءتني هناك تلك الأفكار التي أضاءت لي الطريق الذي كان عليّ أن أقطعه وطالعت في بعض الأوقات مقالات كتبها عني ضابط إسرائيلي يدعى بروهان كوهين.. ويروي الضابط في هذه المقالات: ” كان الموضوع الذي يحدثني جمال عبد الناصر عنه دائمًا هو كفاح إسرائيل ضد الإنجليز وكيف نظمنا حركة المقاومة السرية في فلسطين واستطعنا حشد الرأي العالمي وراءنا في كفاحنا ضدهم؟” وقد صار بروهان كوهين هو الخبير بشخصية جمال عبد الناصر في المخابرات الإسرائيلية .
العلاقة مع أمريكا :
لن تستطرد كثيرًا في علاقة جمال عبد الناصر وثورة يوليو بأمريكا فالوثائق التي وردت في كتاب “ثورة يوليو الأمريكية” لمؤلفه محمد جلال كشك وكذلك كتاب “كلمتي للمغفلين” لا يتركان كثير مناقشة لحقيقة العلاقة كما ما ورد في كتابات مؤرخي الثورة من أمثال أحمد حمروش وغيره تؤكد تعليمات جمال عبد الناصر بحذف عبارة “الاستعمار الأنجلو أمريكي” من منشورات الضابط قبل الثورة بعدة أشهر كما ترجح لقاءات مع رجل المخابرات الأمريكية كرميت روزفلت وذلك تؤكده الوثائق الأمريكية والبريطانية فتقرير كميت روزفلت للخارجية الأمريكية بقرب تعديل الأوضاع في مصر بمعرفة مجموعة من الضباط وبرقيات أمريكا للحكومة البريطانية بعدم تدخل قواتها في منطقة القناة عند قيام أي تحركات لتغيير الأوضاع في مصر إلا بعد الاتصال بالحكومة الأمريكية ورواية كريم ثابت عن مقولة السفير الأمريكي الذي كان على الشاطئ مع أنور السادات عند خروج الملك فاروق من مصر عن استعداد الثورة الآن لعقد صلح مع إسرائيل ورد السادات: إنهم يحتاجون بعض الوقت للقضاء على الفساد وتهيئة البلاد .. ولكن كلها إرهاصات لا ترقى إلى مستوى ولادة أو مساعدة ثورة .. فثورة 23 يوليو كانت سرية للغاية حتى أن أكثر أعضاءها لم يكونوا ليعرف كل منهم الآخر باستثناء القيادة العليا ” اللجنة التأسيسية ” من الضباط التسعة الذين أصبحوا ثلاثة عشر في شهر أغسطس 1952 أي بعد قيام الثورة .
ماذا نفهم من ذلك ؟
نستطيع أن نرسم صورة تقريبية لأسلوب جمال عبد الناصر في الإعداد للثورة داخليًا الاتصال مع القوى المؤثرة والاستعانة بها لتأمين الثورة وضمان التأييد الشعبي لها مع عدم وضعها على منصة السلطة تأمين الوضع الدولي فالعدو القريب يتمثل في إسرائيل والإنجليز إسرائيل يمكن تأمين موقفها بعدم شحن الجماهير أو الجيش للثأر من هزيمة 48 ووضع الأمر (أي الهزيمة) على كاهل النظام الداخلي وبالاتصال مع وريث بريطانيا وهو الولايات المتحدة الأمريكية والتنسيق معه يمكن بذلك ضمان عدم قيام القوات البريطانية بالتحرك ضد الحركة المرتقبة. وبعد أن تستقر الأوضاع للثوار نبدأ في مراجعة المواقف المختلفة. لا بد من الاعتراف بعبقرية الرجل في التخطيط .. فكل الذي كان يريده ناصر من اية إتصالات سرية سريعة حدثت مع أية قوى خارجية أو ” طمئنة ” الصورة حتى لا يواجه بقوى أجنبية أكبر حتى تنجح الثورة ومعه كل الحق .. ولم يعترف عبد الناصر في حياته بأعداء قط سوى أمريكا وإسرائيل ومن عاونهما فكيف يكونوا هم صُنَّأع ثورته ؟!! (*)
ـــــــــــــ
(*) ولقراءة المزيد عن جمال عبد الناصر والثورة وعالم السياسية يمكنكم الإطلاع على جريدتنا ” الصحفي “ وموقعها على الإنترنت هو :
www.alsahafy.itgo.com
تأميم قناة السويس
من أهم القرارات التي اتخذها جمال عبد الناصر قراره الثوري بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس في 26 يوليو/ تموز 1956 وكان هذا القرار سبباً في العدوان الثلاثي على مصر.
العدوان الثلاثي
شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل هجوماً على مصر بسبب قرار تأميم شركة قناة السويس حيث بدأ الهجوم بقصف إسرائيلي مكثف لمنطقتي الكونتلة ورأس النقب المصريتين وبعد مقاومة شعبية عنيفة وتدخل روسي انسحبت القوات البريطانية والفرنسية من مصر في 22 ديسمبر/ كانون الأول 1956 وتبعتهما بعد ذلك إسرائيل.
الوحدة مع سوريا
أعلن عبد الناصر اتحاداً يضم مصر وسوريا أطلق عليه الجمهورية العربية المتحدة في 22 فبراير/ شباط 1958 لكن الاتحاد لم يستمر طويلاً فانفصلت الدولتان مرة أخرى عام 1961 وظلت مصر محتفظة بلقب الجمهورية العربية المتحدة.
المطالبة ببناء الحركة العربية الواحدة
بعد نجاح الأقلية الإنفصالية المتحالفة مع الإستعمار والصهيونية في فصل الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة عن الإقليم الجنوبي وفشل محادثات الوحدة الثلاثية. أعلن عبد الناصر عام 1963 عن ضرورة بناء الحركة العربية الواحدة من أجل تحقيق طموح الشعب العربي في بناء الدولة العربية الواحدة.
مساندة حركات التحرر
قاد عبد الناصر حركات التحرر العربية وبالأخص ثورة الجزائر في الفترة من 1954 إلى 1962 وثورة اليمن في 1962.. وساند حركات التحرر في إفريقيا وأمريكا اللاتينية
هزيمة 1967
تحرشت القوات الإسرائيلية بسوريا في مايو/ أيار 1967 فأعلنت مصر حالة التعبئة العامة في قواتها المسلحة. وتصاعدت الأحداث بسرعة حتى كانت الشرارة التي فجرت الحرب قرار الرئيس جمال عبد الناصر إغلاق مضايق تيران في البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية فشنت إسرائيل هجومها العنيف في 5 يونيو/ حزيران 1967 مما ألحق هزيمة كبرى بمصر والأردن وسوريا فاحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية فأعلن عبد الناصر تحمله لمسؤولية هزيمة القوات المسلحة المصرية وضياع سيناء فأعلن استقالته إلا أن الجماهير العربية في مصر وخارجها خرجت في مظاهرات تطالب بعدوله عن الاستقالة وإعداد البلاد لمحو آثار الهزيمة وعاد بالفعل مرة أخرى لتولي منصبه .
هكذا خرجت الملايين في 9 10 يونيو فعاد ناصر ليبدأ حرب الإستنزاف
اهتم عبد الناصر بإعادة بناء القوات المسلحة المصرية ودخل في حرب استنزاف مع الكيان الصهيوني عام 1968 وكان من أبرز أعماله في تلك الفترة بناء شبكة صواريخ الدفاع الجوي.
مشروع روجرز
عرض وزير الخارجية الأميركية وليم روجرز مبادرة سياسية لتشجيع الدول العربية وإسرائيل على وقف إطلاق النار والبدء في مباحثات سلام تحت إشراف الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غونار يارنغ بهدف تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في5 يونيو/ حزيران 1967. ووافقت مصر والأردن على المبادرة وأعلمتا واشنطن بذلك يوم 8/7/1970 إلا أن العديد من الدول العربية رفضت المبادرة ومنها منظمة التحرير الفلسطينية التي أصدرت بياناً في 25/7/1970 اعتبرت فيه أن أي مبادرة تقوم على أساس قرار 242 تمثل اعترافاً ضمنياً بدولة إسرائيل وتنازلاً نهائياً عن هدف تحرير فلسطين التي احتلت عام 1948. وفسرت المنظمة نص قرار 242 الذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من أراض احتلت قبل عام 1967 تفريطاً بالقدس وفسرت كذلك النص على إعادة وقف إطلاق النار على أنه حظر لنشاط المقاومة الفلسطينية.
مآثر جمال عبد الناصر
على قمة السلطة في مصر
تدرج جمال عبد الناصر في المناصب الرسمية في سبتمبر 1952 تولى وزارة الداخلية ثم في يونيو 1953 م تولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ثم في فبراير 1954 رئيسًا للوزراء وقام بتشكيل الوزارة في إبريل 1954 ثم صار رئيسًا للجمهورية بموجب استفتاء في 23 يونيو 1956م ثم رئيسًا للجمهورية العربية المتحدة المكونة من مصر وسوريا في 21 فبراير 1958 ثم انضمت للوحدة اليمن في عام 1959م وتجدد انتخابه في مارس 1965 والتي صار بها رئيسًا حتى وفاته.
على المستوى الداخلي :
– مجانية التعليم
– ألغى الملكية وأعلن الجمهورية.
– حدد الملكية الزراعية وقام بتوزيع الأرض على صغار الفلاحين والمستأجرين وبالتالي تغيرت الخريطة الاجتماعية في الريف (1953 ثم في عام 1961)
– قام بتأميم سائر الشركات والمصانع والمحلات التجارية الكبيرة والمتوسطة وصارت ملكًا للدولة 1961.
– صدرت التشريعات العمالية التي تحفظ للعامل حقوقه وكرامته وقام بنهضة صناعية كبرى.
– قام ببناء السد العالي الذي ساعد على تطوير الزراعة والصناعة وتوليد الطاقة الكهربائية (1960/ 1971م)
– نوع مصادر الأسلحة بدءًا من عام 1956.
على المستوى العربي والإفريقي :
– ساند كافة حركات التحرر فنراه يمد ثورة الجزائر بالسلاح ويرسل قوات مصرية إلى الكنغو مع الأمم المتحدة عام 1961م وإرسال قوة مصرية لمساندة سوريا ضد تركيا عام 1957.
– فتح معسكرات للتدريب العسكري لكافة حركات التحرر العربي والإفريقي.
– العمل على دعم كافة حركات الوحدة ومحاولة تقديم المثل. فكانت الوحدة المصرية السورية اليمنية 58-1961 والوحدة مع العراق 1964م والوحدة المصرية الليبية السودانية 1969.
– تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963.
– تأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية 1957م.
– استقبال العديد من الزعماء الوطنيين في القاهرة.
– بث إذاعات موجهة لأفريقيا باللغات القومية الأفريقية إلى جانب الإنجليزية والفرنسية (وصلت عدد اللغات إلى 33 لغة).
– دعم القضية الفلسطينية وفتح معسكرات لتدريب عناصر المقاومة الفلسطينية وفتح إذاعة صوت فلسطين .
على المستوى الدولي :
– أسس حركة عدم الانحياز في مؤتمر باندونج 1955م.
– خطب واشترك في عام 1960 في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
– حث وساعد على إصدار الأمم المتحدة في ديسمبر 1960 إعلان منح الاستقلال لكافة البلدان المستعمرة.
– أعلن مناصرة كافة القضايا الوطنية في مواجهة الاستعمار.
– وضع مصر والعرب على الخريطة الدولية كقوة معتبرة يجب أن توضع في حساب القوى العالمية.
الاجتماع الأخير
كان اجتماع مؤتمر القمة العربي في 28 سبتمبر/ أيلول عام 1970 بالقاهرة لوقف القتال الناشب بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني والذي عرف بأحداث أيلول الأسود هو آخر اجتماع يحضره الرئيس جمال عبد الناصر حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع أمير الكويت .
صاحب أعلى ” أنا ” في تاريخ مصر !
من هذا ؟!! إنه الزعيم جمال عبد الناصر الذي اختارته مراكز البحوث الغربية كأحد أهم الشخصيات المائة التي أثرت في القرن العشرين ( لم تختر من العالم العربي إلا جمال عبد الناصر والإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ) ولكي نضع خاتمة لهذه الشخصية فقد نقلت بعض الصحف الغربية أن سفنًا من الأسطول الأمريكي كانت في طريقها إلى شرق البحر المتوسط للقيام ببعض المناورات العسكرية في 28 سبتمبر 1970 وما أن أعلن نبأ وفاة جمال عبد الناصر حتى صدرت التعليمات لها بالعودة والسبب ” أن الرجل الذي كنا نريد أن نُسمعه أصوات مدافعنا .. قد مات ” !!!
الورثة السياسيون يودعون الجثمان العظيم !!
وأعلن عن وفاته بعد 18 عاماً قضاها في السلطة ليتولى الحكم من بعده نائبه محمد أنور السادات .
أضخم جنازة في تاريخ الإنسانية .. للزعيم
الحياة الخاصة الزعيم
الزعيم جمال عبد الناصر وأسرته السيدة تحية .. والإبنتين هدى ومنى
والسادة / خالد وعبد الحكيم وعبد الحميد
تزوج الزعيم في عام 1944 من السيدة تحية كاظم وأنجب منها الدكتورة هدى والسيدة منى والدكتور خالد والسيد / عبد الحكيم والسيد / عبد الحميد .
وكان مثالاً للأب المصري البسيط لم يكن متكلفاً ولا متسلطاً ولا متهاوناً .. فعلمهم القيم وأخلاق أولاد البلد .. والوطنية الحقة .. وهنا لا مناص أن نقفز إلى تساؤل هام :
هل رمز الوطنية المصرية يزوج إبنته لخائن أو عميل ؟!!
إستفهام حائر وعنيف أرى أنه من العيب أن أتوجه به للدكتورة هدى عبد الناصر .. لكنني مضطر .. لذا يجب التوقف عنده على الصفحات التالية .
” أشرف مروان متهم باغتيال ” :
سعاد حسني وديانا ودودي الفايد والليثي
وخيانة مصر !!
سعاد حسني عمرو موسى جمال عبد الناصر
صحيفة الإتهام :
خيانة عظمى : التخابر مع إسرائيل .. ضد مصر !!
جناية : اغتيال سعاد وديانا ودودي وقائد الحرس الجمهوري !!
انتهاك عرض الوطن : سرقة أموال الشعب المصري !!
وأخيراً : فضيحة نسبه للزعيم جمال عبد الناصر
…
أشرف مروان هل يمكن أن يكون قاتلاً ؟!!
أو خائناً لمصر ؟!! هل يمكن أن يكون عميلاً ” جاسوساً لإسرائيل ؟!!
ألا يكفيه أنه صهر عبد الناصر وصهر عمرو موسى لنشهد له بالوطنية ؟!
هو .. رجل ولد في حضن الوطنية .. تربى على مائدة عبد الناصر وفي غرفة نومه بعضاً من الزعيم الخالد وأولاده هم أحفاد ناصر .. وله مواقفه الشهيرة مع الشرعية في عصر الرئيس السادات وأزمة 15 مايو 1971 .. صاحب أكبر إمبراطوريات المال والتجارة في العالم .. منافس كبير للكبار في عالم الثروة ولعبة الاقتصاد العالمي .
…
يقول الكتاب إن الجاسوس تربطه صلة قرابة بجمال عبد الناصر
لندن – محمد يحيي
سقطت إسرائيل يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1973 في فخ نصبه لها بإحكام عميل مزدوج مصري.
ونجح هذا الجاسوس في تضليل وخداع جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” في مرحلة ما قبل حرب أكتوبر وكان أهم أسباب فشل الجيش الإسرائيلي الذريع في الاستعداد لمواجهة هجوم القوات العربية على الجبهتين المصرية والسورية.
جاء هذا على صفحات كتاب صدر مؤخراً في لندن تحت عنوان “تاريخ إسرائيل” للمؤرخ والضابط السابق بالجيش الإسرائيلي أهارون بريجمان استعرض فيه التاريخ الإسرائيلي منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 وحتى يومنا هذا.
وفي الفصل الخاص بحرب أكتوبر/ تشرين الأول يروي المؤلف تفاصيل لم يسبق نشرها عن عملية مخابراتية بالغة التعقيد دارت في الفترة ما بين عامي 1967 و1973
ويقول أهارون بريجمان إنه بعد مضي نحو عامين على حرب يونيو/ حزيران 67 طرق شاب مصري في منتصف العشرينات من العمر باب السفارة الإسرائيلية في لندن وطلب العمل لحساب الموساد.
ولأن الطريقة التي تطوع بها هذا الشاب كانت مباشرة وغريبة لم يستجب له ممثل الموساد في السفارة لكنه أصر وترك بياناته على وعد بالعودة مرة أخرى.
يتضمن الكتاب روايات وتفاصيل لم يسبق نشرها
وذكر الكتاب أن مسؤولي الموساد أصيبوا بصدمة شديدة لدى تحققهم من شخصية هذا المتطوع إذ اكتشفوا أنه مسؤول مصري كبير تربطه صلة قرابة بالرئيس المصري في ذلك الوقت جمال عبد الناصر.
وجاء في الكتاب أن الإسرائيليين جندوه على الفور واعتبر فيما بعد أهم جواسيس إسرائيل المصريين فكان يتقاضى في كل مقابلة له مع ضابط الموساد المشرف عليه مئة ألف جنيه إسترليني.
وللحفاظ على سرية شخصية هذا الجاسوس كان الإسرائيليون يشيرون إليه باسم “الدكتور” أو “زوج الابنة”.
وانتهج “زوج الابنة” استراتيجيتة بعيدة المدى بدأت بتقديم معلومات صحيحة وقيمة للموساد لكسب ثقة الإسرائيليين انتظاراً لأوان توجيه ضربته.
وقد ساور القلق مسؤولي الموساد من أن يفقد زوج الابنة نفوذه الرسمي عقب موت عبد الناصر في سبتمبر/ أيلول من عام 1970 لكن الرئيس المصري السابق أنور السادات أسند له عدة مناصب مهمة فعينه كوزير بلا حقيبة وسكرتير إعلامي لرئاسة الجمهورية ثم أصبح من أقرب معاوني الرئيس.
من أهم ما نقله زوج الابنة لإسرائيل حسبمنا يذكر الكتاب:
· نص حوار دار في موسكو في يناير/ كانون الثاني من عام سبعين بين عبد الناصر والقيادة السوفييتية كرر فيه الرئيس المصري طلب شراء مقاتلات متطورة قادرة على الوصول إلى قلب إسرائيل.
· رسالة سرية من أنور السادات للزعيم السوفييتي ليونيد بريجينيف يطلب فيها شراء صواريخ سكود.
وتمكن زوج الابنة من إقناع إسرائيل بأن مصر لن تشن حربا عليها إلا إذا حصلت على طائرات حربية مقاتلة قادرة على الوصول إلى إسرائيل وصواريخ سكود وهو ما ثبت عدم صحته الأمر الذي دعم عنصر المفاجأة في حرب أكتوبر.
ومضى زوج الابنة في حملة منظمة ومحسوبة لإمداد الإسرائيليين بمعلومات مضللة فقد حذرهم في عام 1972 من حرب وشيكة لم تقع.
وفي ربيع عام 1973 قال للموساد إن السادات سيشن حرباً يوم الخامس عشر من مايو/ أيار. وعلى الرغم من تناقض التحذير مع ما سبق أن قاله من أن مصر لن تحارب إلا إذا حصلت على مقاتلات متطورة وصواريخ سكود فإن الجيش الإسرائيلي أجرى تعبئة عامة كلفت الخزانة الإسرائيلية نحو 45 مليون دولار ثم سحبت الحشود العسكرية من على خطوط المواجهة يوم الثاني عشر من أغسطس/ آب 1973 أي قبل سبعة أسابيع من قيام الحرب.
الملك حسين
ويقول الكتاب إن العاهل الأردني السابق الملك حسين التقى برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير في مقر الموساد بتل أبيب يوم الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول من عام 1973 وحذرها من أن العرب يعدون لحرب وشيكة.
يرى أهارون بريجمان أن “زوج الابنة” تسبب في فشل الجيش الإسرائيلي الذريع في حرب أكتوبر
وحسبما يروي أهارون بريجمان فإن القيادة الإسرائيلية تجاهلت تحذير الملك حسين بعدما تلقت تقريراً من زوج الابنة قال فيه إنه رافق الرئيس المصري السابق أنور السادات في زيارة للملكة العربية السعودية وإن السادات أبلغ العاهل السعودي الملك فيصل بأن قرار الحرب قد تأجل.
وفي مساء الجمعة الخامس من أكتوبر 1973 التقى زوج الابنة برئيس الموساد زافيكا زامير بشقة في العاصمة البريطانية لندن وأبلغه بأن الحرب ستبدأ اليوم التالي في الساعة السادسة مساء وكان في ذلك خدعة أخرى لأن الحرب اندلعت في الساعة الثانية من بعد الظهر قبل أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من إتمام تعبئة قواته التي بدأت في الساعة العاشرة من صباح السادس من أكتوبر.
الطائرة الليبية
وكان من أبرز عوامل نجاح زوج الابنة في إقناع الموساد بولائه حسبما يروي الكتاب قصة ليس لها علاقة مباشرة بحرب أكتوبر.
ففي فبراير/ شباط من عام 73 ضلت طائرة ركاب ليبية طريقها بسبب عاصفة واقتربت من إسرائيل فخشي الإسرائيليون من أن تكون الطائرة متوجهة لضرب مفاعل ديمونة في صحراء النقب قأسقطوها وقتل كل من فيها وعددهم مئة وثمانية أشخاص من بينهم وزير الخارجية الليبي الأسبق صالح بو ياسر.
وقد ثار الزعيم الليبي معمر القذافي وحمل برج المراقبة الجوية المصري المسؤولية عن انحراف الطائرة وطالب السادات بالرد على إسرائيل مصراً على الانتقام بإسقاط طائرة إسرائيلية.
لكن السادات خشي من أن يؤدي القيام بعمل انتقامي إلى اندلاع حرب شاملة مبكرة وإفساد خططه الحربية التي يعد لها منذ سنوات.
فتظاهر بالتجاوب مع الزعيم الليبي وعهد إلى زوج الابنة بإعداد خطة لشن هجوم انتقامي.
واقترح زوج الابنة أن يقوم فريق من خمسة فلسطينيين بضرب طائرة ركاب إسرائيلية أثناء إقلاعها من مطار روما بصاروخ محمول على الكتف.
لكن زوج الابنة أبلغ الإسرائيليين بالخطة واعتقل الفلسطينيون الخمسة في إيطاليا قبل تنفيذ العملية بعد أن نقل الموساد لأجهزة الأمن الإيطالية المعلومات التي تلقاها من عميله.
ويقول الكتاب إن مصر نجحت بذلك في تحقيق ثلاثة أهداف: فقد تفادت إشعال حرب شاملة مبكرة وحافظت على علاقاتها مع ليبيا وكسبت ثقة الموساد في زوج الابنة.
محصلة الحرب النهائية
أما في ما يتعلق بالمحصلة النهائية لحرب أكتوبر/ تشرين الأول فإن مؤلف الكتاب يتفق مع وجهة نظر عبر عنها الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري إبان الحرب في مقابلة أجريت معه عام 1998 بمناسبة مرور ربع قرن على معارك أكتوبر.
إذ يرى الشاذلي وبريجمان أن القيادة العسكرية المصرية خططت لحرب محدودة في سيناء لا تتجاوز أهدافها العبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس والتقدم لبضعة كيلومترات ثم إقامة تحصينات واتخاذ مواقع يستطيع الجيش المصري الدفاع عنها اعتماداً على منظومة الدفاع الجوي التي كانت قادرة على صد القوات الجوية الإسرائيلية.
لكن النجاح الساحق الذي حققته القوات المصرية في بداية الحرب أغرى السادات على التحول إلى شن حرب شاملة على إسرائيل فتقدمت القوات المصرية في سيناء خارج نطاق دفاعاتها الجوية مما عرضها لضربات جوية إسرائيلية موجعة وساهم في فتح الثغرة التي عبرت منها القوات الإسرائيلية بقيادة الجنرال أرييل شارون إلى الضفة الغربية من قناة السويس .
يستحيل أن يكون أشرف مروان خائناً أبداً وأعتقد أن ما زعمته إسرائيل أنما هو للنيل من رجلٍ شارك في هزيمتها في حرب تكتوبر بنصيبٍ وافر .
قتل سعاد حسني
وأشرف مروان هو زعيم الجالية المصرية فى بريطانيا وقد تطوع مع مجموعة من المصريين المقيمين فى لندن وعدد من البريطانيين من أصول مصرية وعربية من أجل شكيل لجنة للدفاع عن اسم الفنانة الراحلة سعاد حسنى ( 56 سنة ) التى لقيت مصرعها فى لندن يوم الخميس 21يونيو من العام 2001م.
أمام لمحكمة الأدلة الجنائية (كورونور كورت) وبعيداً عما وصلت إليه نتائج التحقيقات وأحداث القضية فإن أشرف مروان كان متطوعاً مجاناً للبحث عن حل لغز سعاد حسني والتي قد وجدت جثتها أسفل مجمع عمارات ستيوارت تاور فى لندن بعد ان سقطت من شقة بالطابق السادس كانت تقيم فيها قبل عدة أيام فقط من مصرعها لدى سيدة تدعى نادية يسرى وهى بريطانية من أصل مصرى توكد دائما ان السندريللا انتحرت بعد إصابتها بالاكتئاب وهو الامر الذى ينفيه كافة أصدقاء الفنانة وكذلك أسرتها.
هذه هي كل علاقة الدكتور أشرف مروان بالقضية .. تزعم لجنة للدفاع عن النجمة الراحلة .
أما الذي يدعو للعجب فهو : كيف عمارة ستيوارت تاور فى لندن هي العمارة القاتلة التي شهدت مقتل سعاد حسني هي ذاتها التي يموت فيها الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري والذي كان له الدور البارز في تصفية مراكز القوى في 15 مايو 1971 والجدير بالذكر أنه ترددت شائعات حول مقتل الليثي تقول أن الرئيس السادات وراء مقتله !! فهل كان السادات وراء مقتل سعاد حسني أيضاً !! والأعجب أنها نفس الطريقة في القتل ” الإلقاء من الشرفة !! وفي نفس المكان !! ونفس الذي قيل عن الليثي لتبرير أسباب القاءه من النافذة هو نفس السبب الذي قيل عن سعاد حسني : الإكتئاب النفسي والأدوية التي تعالج الجهاز العصبي !!!
غريبة !!!!!!
إنها شائعات مغرضة ليس وراءها إلا النيل من رموز مصر وقادتها وخيرة رجالها البررة فهل يمكن أن نؤمن بشائعة مجنونة تروج أن زوج إبنة الزعيم خائن لبلده ؟!! عيب جداً .
ذكريات مع زوجة عبد الناصر
هي سيدة مصرية الملامح والسجايا .. معجونة بثرى مصر .. مطمورة بطمي النيل .. كان يسري في شرايينها سائل المداد الوطني حتى الثمالة .. إكتفت بأن ترى في الآفاق صورة عبد الناصر .. وأن تتلمس خلفه الخطى .. وقفت أمام قدميه على خط النار الأسري .. فكانت أول من يسمع أحلامه العريضة .. وأول من يبتسم في محياه الجميل حين يعود مكدوداً بغبار المسئولية وهموم الأمة .. وآخر من رأته مسجى فودعته إلى مثواه الأخير .
لم تتحدث بلغات أمريكا أو أوروبا وأجادت فك شفرات الزعيم .. وهل بعد ذلك ثقافة ؟
لم تفك رموز حجر رشيد ولم تخط نظريات علمية وليست من ضيوف جوائز نوبل ولا من رواد السوربون ولا من خريجات أكاديميات الشرق أو جامعات الغرب وعلمتنا جميعاً فنون تعليم الأمة وتربية الأجيال .. وللأسف ما تعلمنا .. فنِعمَ المعلِّم وبئس تماثيل العصر وأصنام أشباح الناء بعد حرم عبد الناصر .. فقد بصم لها الزعيم بالعشرة كرفيقة دربه وأمينة عهده .
لم يسعفني الزمن أن ألتقي بهذه الأم الزاخرة والسيدة الآسرة .. فجعلتُ الدروب نحو مآثرها وثراها بحثاً ..
والسيدة الأستاذة ” إيفلين رياض ” كانت إحدى النسوة اللائي قُدِرَ لهن أن تقترب منها في لقاء حار فقالت عن هذا اللقاء التاريخي :
شاءت الأقدار أن ألتقي بالسيدة تحية عبد الناصر وأمكث معها عدة ساعات قبل رحيلها بثلاثة أيام.. بدت أمامي في منتهي الصحة والعافية مليئة بالنشاط والحيوية.. سيدة وقور عاشت حياتها في صمت وهدوء ثم رحلت عن عالمنا أيضا بهدوء دون مرض أو معاناة.. ومنذ وفاة زوجها كانت لا ترتدي سوي اللون الأسود ولا تضع علي وجهها أية مساحيق علي الإطلاق.. ومع ذلك كانت الابتسامة لا تفارق وجهها طوال الساعات التي مكثتها معها.. شعور داخلي بالرضا ينعكس علي قسمات الوجه فيبدو مريحا إلي أقصي حد..
ظللنا نتحدث عدة ساعات متواصلة وكنت قد وعدتها أنني جئت زائرة لا صحفية.. وأنني أعدها بعدم نشر ما يدور بيننا من دردشة.. وأنها فقط أسئلة حائرة في ذهني وذهن الكثيرين من الناس كنت أتمني أن أجد إجابة لها .
وعندما عدت إلي البيت كتبت كل كلمة قالتها حتي لا يفوتني شيء وعندما عدت إلي أوراقي التي سطرتها بعد هذا اللقاء الأخير شعرت أن كل ما قالته في دردشة عادية كان في منتهي العمق والموضوعية..
كان في مدخل البيت صورة ضخمة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر مرسومة بالألوان الزيتية.. والمدخل يبدو خاليا من أي أثاث أو ديكور.. بساطة لا مثيل لها..
الأثاث والمفروشات كانت كلها مصنوعة محليا ولا يوجد بينها شيء غير عادي أو لمسة ديكور فنية..
كانت ترى أن الأحداث الجسام التي واجهتها وهي في مقتبل العمر هي التي جعلتها تقرر أن تبتعد عن الحياة العامة وتكون شريكة للحياة داخل البيت فقط.. فقد تزوجت عام 1944 ثم قامت الثورة عام 1952 فوجدت نفسها من زوجة لضابط صغير إلي زوجة لقائد ثورة.. فاكتفت أن تزيح عن كاهله كل أعباء الأسرة ومطالبها وأن تكون أهم مسئولياتها هي العمل الدائم علي راحته وهدوء أعصابه وكانت دائما تشعر أنها إنسانة محظوظة في الحياة لأنها ارتبطت بزوج يمتاز بقوة الشخصية والرجولة كانت تشعر دائما بجانبه بالقوة والأمان..
شعرت باحترامه للمرأة وإيمانه بقدراتها كإنسانة منذ أول فترات تعارفها عليه.. وبعد توليه السلطة ذكرت كيف كان يردد دائما بأن المرأة المصرية يجب أن تنال حقوقها الإنسانية.. ويجب أن تتساوي مع الرجل بالنسبة لفرص التعليم والعمل فتأخرها يؤدي إلي تأخر الوطن كله.. وأنه سيفعل المستحيل ليرفع من شأنها.. ليس فقط في تولي المناصب.. ولكن كان أمله الأكبر أن يتساوي عدد البنات والأولاد في المدارس والجامعات..
قالت لي لقد أصبح عمل المرأة الآن حقيقة وواقعا في حياتنا المعاصرة ولا غني عنه.. فكانت تري أن أصعب تجربة يمر بها الإنسان هي الإحساس الدائم بعدم الأمان.. ولم يكن هذا أول لقاء لي مع السيدة تحية عبد الناصر فقد التقيت بها عدة مرات في ظروف عائلية.. منها مناسبات أفراح أو واجبات عزاء وكانت تبدو لي في هذه المناسبات صامتة لا تجيب سوي بأقل القليل من الكلمات.. ثم كان هذا اللقاء الأخير في بيتها.. قبل وفاتها بثلاثة أيام.. ولا أدري إلي الآن لماذا تحمست حماسا شديدا للذهاب إليها.. ولماذا تحدثت هي بطلاقة غير عادية فلم تلتزم بالصمت الذي تعودته دائما منها.. انه القدر ولا شيء غيره!
في أزهى عصور الديمقراطية .. ودون بوارج أو حراسات خاصة :
مواطن يضرب الجرس .. والسيدة تحية تفتح الباب
دروس مجانية من السيدة الأولى .. في فنون الضيافة والوطنية !!
لم تسكن قصرعابدين .. ولم تدخل قصر القبة .. وبقيت هي الطاهرة الأولى .. ولم تقُد ” عنوة ” نصف مؤسسات المحروسة في زمن الوهم .. ولم تحمل ألقاباً جبرية ولا أرقاماً بنكية ومنحها الجميع لقب : الطاهرة .. أم الجميع .. حرم الزعيم .
لماذا ؟!! لأنها مِنَّا ونحن منها .. لم تمارس حياتها مطلقفاً كزوجة زعيم أو رئيس .. فقط عاشت في مندوحة سي السيد الزعيم فخُلِدت في قلوبنا ومشاعرنا رمزاً حقيقياً للأم والسيدة الأولى .. لم ترحل إلى واشنطن ولم تعمل في موسكو ولم تقيم في باريس ولم تقضي شتاءً في نابولي أو صيفاً في فيافي إفريقيا لكنها إختارت قلوبنا لتقيم فيها أبداً سرمداً .. إنها السيدة تحية عبد الناصر أم المصرين حقاً وحرم الزعيم صدقاً .. فماذا عن الست تحية في شهادة الشهود وأوراق التاريخ وذاكراة الأمة ؟
…
هذه شهادة خاصة يدلي بها الأستاذ / إبراهيم بيتموني من سوريا بعنوان ” الوحدة العربية بين التاريخ والقيادة ” فيقول :
” حدثني أحد الأصدقاء الثقات : كنت من الموظفين العاديين الذين يعملون في أحد مكاتب الاتصال المتواجدة في القاهرة والتابعة للجيش الأول خلال فترة الوحدة السورية ـ المصرية وفي إحدى مهماتي وقبل سفري من دمشق إلى القاهرة حملني قائد الجيش الأول الفريق جمال فيصل صندوقين من المشمش البلدي وطلب مني تسليم هذين الصندوقين إلى منزل الرئيس جمال عبد الناصر !!
وبمجرد وصولي إلى القاهرة عرجت على سكني لأضع أمتعتي فقط وحملت الصندوقين وتوجهت بهما إلى منزل الرئيس جمال عبد الناصر في منشية البكري وعند وصولي إلى الثكنة العسكرية التي يقع في داخلها منزل الرئيس استأذنت الحرس الذي وافق مباشرة على دخولي إلى حديقة المنزل (طبعاً بعد أن أعلمته عن أسباب قدومي) وعند وصولي إلى باب المنزل قرعت الجرس وكانت مفاجأة كبيرة أن شاهدت زوجة الرئيس بنفسها هي التي تفتح الباب وتسألني ماذا أريد..؟
قمت بتحيتها وسلمتها الصندوق وبلغتها تحيات الفريق جمال فيصل للرئيس جمال عبد الناصر وكانت دهشتي أكبر حين استأذنت بالانصراف فرفضت السماح لي بمغادرة المنزل قبل أن أتناول ضيافتي وبعد إصرار دخلت المنزل وقامت السيدة الأولى بتقديم الضيافة بنفسها وهذه مكرمة لن أنساها ما حييت لأنني اعتبرها نادرة الحصول في مثل هذه الأيام !!
وتابع يقول لا تستغرب حين أتحدث عن مثل هذه الواقعة وأنت تعلم جيداً أنني لست من الناصريين وأنني على خلاف معهم في كثير من المواقف ولكن الحقيقة تبقى دائماً هي سيدة المواقف ومهما حاول البعض تزييف التاريخ فإن الحقيقة ستنجلي في النهاية.
استمعت إلى هذه القصة وعلى ما أعتقد في الثامن عشر من تموز هذا العام وهذا التوقيت كان متزامناً وقريباً من تاريخ قيام ثورة /23/ تموز الأمر الذي حثني على أن أكتب عن مواقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وحين أمسكت بالقلم لأكتب سألت نفسي.. ترى.. لو كان الرئيس جمال عبد الناصر لا زال حياً بيننا الآن.. هل تنحدر الأمة إلى ما انحدرت إليه ؟! وهل كان باستطاعته مجابهة هذا الطغيان الصهيوني الإمبريالي الذي يمارس على الأمة العربية وهي في حالة استسلام تام لقدرها ومصيرها!! وهل ستستمر الجماهير العربية بالتفافها حوله كما حدث خلال تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي عام 1956 وحرب حزيران 1967 وغيرها من الأسئلة التي تراكمت وتزاحمت وتسابقت في دائرة تفكيري لتحصل على الجواب وباعتبار أن مثل هذه الأسئلة تحتاج أجوبتها إلى أدلة وبراهين لكي يقتنع بها السائل.
ولكوني لا أمتلك (كغيري ممن يتحدثون عن جمال عبد الناصر) وثائق توازي التي يؤرشفونها في خزائنهم كما يدعون وينشرونها وقت الضرورة والمصلحة التي يعود تقديرها إليهم!! وإنما أمتلك المقارنة الحقيقية على أرض الواقع. بين قائد وطني يؤمن بالشعب ويعمل بكافة إمكانيته من أجل مصلحة وطنه ورفاهية شعبه ومن هو قائد يستغل الشعب من أجل تحقيق مصالحه الشخصية على حساب مصالح وطنه . لقد عاش جمال عبد الناصر فترة قيادته للأمة وهو يمارس حياته الشخصية مثل أي مواطن عادي ولم يستغل في يوم من الأيام منصبه من أجل تحقيق مغانم ومكاسب شخصية لذاته أو لأفراد عائلته أو حتى لأصدقائه المقربين وحين انتقل إلى جوار ربه لم يترك أية ثروة لأولاده بل يقال أن كل ما كان يمتلكه حين وفاته لا يتجاوز مئات الجنيهات. وهذا وحده كاف لأن يميزه ويجعل الجماهير تؤمن بقيادته وتلتف حوله وتمنحه كل ما يطلب من ثقتها.
ـ وقد تأكد هذا خلال العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر بسبب تأميم قناة السويس عندما تخاذل بعض رجال مجلس الثورة وأوحوا إلى الرئيس عبد الناصر بضرورة التراجع عن قرار التأميم والقبول بشروط المعتدين . وقد رد آنذاك الرئيس عبد الناصر على شلة المتخاذلين الرد القاطع عندما احتكم إلى الشعب حين وقف خطيباً في المسجد يعلن عن الجهاد في سبيل الله والوطن ويصارح الجماهير بحقيقة الموقف الذي تتعرض له جمهورية مصر العربية مما فرض ليس على الشعب المصري المعني بالمسؤولية وخوض المعركة أن يجند نفسه ليدافع عن وطنه بل استطاع أن يجند الجماهير العربية بكاملها لأن تخوض المعركة ضد العدوان إلى جانب مصر وهذا موقف يجعله يتميز عن جميع القادة ويجعل الجماهير تؤمن بقيادته وتلتف حوله وتمنحه كل ما يطلب من ثقتها.
ـ وللتاريخ والحقيقة والإنصاف نقول إن ما حظي به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من ثقة الجماهير لم يحظ بها أحد سواه في أثناء حكمه وقد تأكدت هذه الثقة عندما خرج المصريين إلى الشوارع في اللحظة التي استمعوا فيها إلى خطاب الرئيس في التاسع من حزيران والذي يعلن فيه عن استقالته من مناصبه كافة لكي يعلنوا هم أيضاً عن رفضهم للموقف الذي اتخذه الرئيس بسبب هزيمة الجيش المصري عام 1967 وأعلن فيه عن استقالته وتحمله لمسؤوليات الهزيمة كافة وكان معلوماً آنذاك على مستوى الشارع المصري بشكل خاص والعربي بشكل عام اسباب الهزيمة وملابسات استقالته الأمر الذي جعل الشارع المصري يهب بكل أطيافه ليقف إلى جانب الرئيس في محنته المفروضة عليه ويقطع خيوط المؤامرة ليفوت الفرصة على جميع الانتهازيين النيل من موقف الرئيس.
وهذا موقف جعله يتميز ويؤكد أن إيمان الجماهير بقيادته والالتفاف حوله غير مسبوق ولا حدود له.
وهنا لابد لي من الإشارة إلى أنني كنت أشارك في مؤتمر عمالي في القاهرة قبل اندلاع حرب حزيران وقد ضمنت التقرير الذي رفعته إلى رئاسة الاتحاد الجملة التالية:
“لقد استطاع الرئيس جمال عبد الناصر الانتقال من الاعتماد على القوات المسلحة إلى الاعتماد على الشعب من أجل حماية الثورة المصرية” ولا أنكر أن البعض استخف في هذه الجملة عندما قرأها ولم يمضِ أيام حتى عاد من استخف برأيي عن موقفه وأدرك أهمية ما استشعرت به حول مكانة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في قلوب الشعب المصري والشعوب العربية خاصة في أثناء هبة الجماهير العربية في 9 و10 حزيران 1967.
وللتاريخ والإنصاف نقول إن النصر الذي حققه الجيش المصري في حرب تشرين 1973 يعود الفضل فيه إلى استبسال القوات المسلحة المصرية في عبورها للقنال وللرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي باعتبارهما هما من أعادا تنظيم الجيش المصري عقب هزيمة 1967 ووضعا خطة العبور .. وإذا أردنا أن نجيب عن قدرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مجابهة التحديات نستطيع أن نذكر بالموقف الذي اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر عندما هدد الرئيس العراقي عبد الكريم القاسم باحتلال الكويت ذلك الموقف الذي وضع حداً لتهور الرئيس العراقي وفوت الفرصة على أي تدخل من الدول الغربية وبصورة خاصة الولايات المتحدة الأمريكية في أن “تغمس” لها اصبعاً في الشأن العربي هذه الحادثة التي طوقها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وفرضها على العالم بأنها مسالة عربية وشأن يخص الجامعة العربية تؤكد على قدرته القيادية في مجابهة التحديات وبمثل هذا الموقف القيادي استطاع أن يضع حداً لبداية مؤامرة الشرذمة.
وكذلك تذكر بأحداث أيلول الأسود تلك المواجهة التي حدثت بين القوات الأردنية والفصائل الفلسطينية وكيف استطاع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر السيطرة على الفتنة وعدم السماح لأي تدخل خارجي يحاول الاستفادة من أحداث أيلول الأسود والأحداث كثيرة والمواقف لا تتجزأ بالنسبة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
حوار في السياسة والذكريات
مع خالد عبد الناصر:
يوسف إدريس يتهم :
ممتلكات أسرة عبد الناصر 500 فدان و100 مليار جنيه !!
خالد عبد الناصر يعترف :
معاش ورثة عبد الناصر 500 جنيهاًَ شهرياً !
تبرعنا بمنزلنا وممتلكاتنا لسداد ديون مصر !!
شعب مصر وترابها أهم عندنا من مُلك سليمان !!
هذا ما تعلمته من أبي وأمي !!
فاتن حمامة :
ماذا قالت ” للأسف ” على حرم عبد الناصر !!
سؤال شخصي جداً :
لماذا يُمنع خالد عبد الناصر من حضور جنازة والدته .. حرم الزعيم ؟!!
وأخيراً .. ماذا تعرف عن أسرار زيارة محمد علي كلاي للرئيس عبد الناصر ؟!
خالد وعبد الناصر حين يتواجهان في لعبة الشطرنج ؟! من يكسب ؟!
…
الحديث مع أبناء عبد الناصر متعة لا تدانيها متعة ونصر لا يضاهى .. وفن بحاجة إلى أكاديميات جديدة .. والسيد الدكتور خالد عبد الناصر نجل الزعيم الراحل يؤثر الصمت .. لأنه مليئ بالفوائد مثل السفر !!
والصامت إذا تكلم قطع .. وإذا أعلن أفقدك الذاكرة .. وإذا قال .. قلت : لا فض فوك .
فماذا قال الدكتور خالد في حديثٍ خاطف من القلب ؟!! وماذا تعلم من القائد عبد الناصر ومن العظيمة السيدة تحية ؟
أوجز سيادته فقال :
أبي علمني الإنحياز للغلابة الى حد التعصب وأمي علمتني القناعة .
…
امتد حوار مع خالد عبد الناصر قرابة الساعتين فطلب التوقف دقائق للراحة.. ظل خلالها مترجلا في صالون المنزل, وبين الحين والاخر يتساءل في شجن (ليه.. ليه.. قلبت علي المواجع ) . وكانت رغبة الصحفي تسبقني الى معرفة المزيد .. كان الحديث عن الشخصيات التي عايشها مع أبيه عبد لناصر وبعد رحيله, ممن انقلبوا عليه او ممن ساروا على طريق فكرته قد تطرق الى شخصية الاديب الكبير الراحل يوسف ادريس فالتزم خالد الصمت. لكن بعد دقائق الاستراحة قال: طالما ذهب بنا الحديث الى المواجع فنكملها بالحديث عن يوسف ادريس, ثم انتقل الى ذكرياته مع والدته السيدة تحية كاظم وقصة تنازلها عن كابينة المعمورة بالاسكندرية ودورها كأم وزوجة رئيس دولة, وما تعلمه منها, وما تعلمه من ابيه جمال عبد الناصر واقسى اللحظات الشخصية التي عايشها بجواره, وكيف كان يختار معاونيه, هل كان يفضل فعلا اهل الثقة على اهل الكفاءة حسبما هو شائع عن تلك الفترة.. فماذا عن الحياة الشخصية لخالد عبد الناصر.
قلت له… ماذا عن يوسف ادريس ؟ أجاب: بعد وفاة الوالد, أصدر مجلس الشعب قانوناً ببقاء منزل منشية البكري, وكابينة المعمورة بالاسكندرية مدى الحياة.. ونحن من جانبنا كأبناء عبد الناصر تعاملنا مع الموضوع, على أن المنزل والكابينة للوالدة, على اساس ان كل واحد منا سوف يشق طريقه, ويكون له في النهاية مسكنه الخاص.. ومن أهم الاشياء التي اثرت فينا كأسرة وأثلجت صدورنا, وأحيي فيها مصر شعبا وحكومة. أن أحدا لم يترك امي بعد رحيل الأب في حاجة إلى شيء.. كانت أمي من طراز السيدات اللاتي يعشن على القليل.. كانت راضية بالقليل. أحب ما عندها بيتها.. كانت تقول دائماً على منشية البكري.. ده بيتي.. نعم هو بيت الحكومة.. لكن تعبيرها كان يحمل دلالة الارتباط بالبيت الذي عاشت فيه منذ البداية, وشاهدت فيه كل شيء.. كل شيء.. الزواج.. الأمومة.. السياسة.. النضال.. رؤساء دول العالم وزوجاتهم.. كل شيء.. تاريخ بالنسبة لها مليء بالافراح والاحزان, والذكريات…أذكر أن شقيقتي ( منى ) كانت تلح عليها بالذهاب اليها في لندن حيث تقيم, وكانت ترفض بإصرار غريب.. ومرة وحيدة نجحت في إقناعها بالذهاب معها إلى إسبانيا, وبعد أربعة أيام بالضبط بكت وأصرت على العودة إلى مصر عامة, والبيت في منشية البكري خاصة.. كانت تقول دائماً.. الشعب كرمني ولم يتركني لأحد.. كان معاشها 500 جنيه ويصل طبقاً للقانون الذي صدر من مجلس الامة إلى مخصصات رئاسة الجمهورية ليصل المبلغ الى 950 جنيها.. كان المبلغ بالنسبة لها كافياً بالإضافة إلى البيت والكابينة.. رغم كل هذا.. وفجأة وبلا مقدمات خرج يوسف ادريس على صفحات الأهرام بمقالة يقول فيها أن أسرة عبد الناصر تعيش في المعمورة في 500 فدان.. ثمن المتر 2000 جنيه ولو تم بيع هذه الأرض فسوف يصل سعرها الى 100 مليار جنيه.. وبالتالي يمكن سداد ديون مصر.. أخطأ يوسف إدريس أولا حين قال أن البيت مساحته 500 فدان وفي الحقيقة إن مساحته خمسة أفدنة واخطأ في حساباته حين قال أن ثمنها يصل إلى ( 100 مليار جنيه ) كانت الحسبة بالاضافة إلى خطأها أقرب الى الكوميديا.. وكان الأفضل أو الأكرم له أن يقول.. (بلاش تصيف) هذه السيدة.. وكان من جانبها أن قالت : ( يا جماعة إذا كانت الأرض دي هتسدد ديون مصر.. خدوها ) .. وأرسلت خطاباً إلى صحيفة الأهرام رداً على ذلك تعلن تنازلها عن الكابينة والارض التابعة لها.. وقالت في الخطاب : ( كل ما أنتظره هو اليوم الذي أقابل فيه ربي.. وأدفن إلى جوار جمال عبد الناصر الذي أعطى حياته كلها لمصر ) .. لهذا لم أسامح يوسف إدريس.. وعادت الكابينة .. ولم تسدد ديون مصر.
هل هي التي اتخذت قرار التنازل ؟
– نعم.. هي التي اتخذته, وبنفس راضية.. ورغم ذلك لم تفقد رأيها في أن الشعب المصري الذي أحب جمال عبد الناصر لم يتركها في احتياج لأحد أبدا.
الدكتور هدى ونظرة حب ورِضا الزعيم يصلي في الأزهر
ومنزل منشية البكري ؟
– تنازلنا عنه للدولة بعد وفاة الوالد.
د. خالد.. شجن الحديث عن الذكريات مع تحية عبد الناصر.. ينقلنا إلى سؤال عن خصوصية دورها كأم.. وكزوجة رجل عاش لقضيته وللوطن وعمل من أجلهما كل شيء؟
– سوف أجيب عن هذا السؤال من زاوية ثانية وهي.. أن البعض قال عن حرم عبد الناصر انها ( صعيدية ) و( متقوقعة ) .. أذكر ان الفنانة فاتن حمامة قالت ذلك والحقيقة.. ان أمي كحرم لرئيس الجمهورية كانت تقوم بواجبات حرم رئيس الجمهورية تماما.. تخرج إلى المطار لاستقبال أي رئيس إن كان برفقته حرمه.. وإذا كان هناك عشاء مثلا لرئيس زائر لمصر ومعه حرمه تحضر العشاء.. وكان هذا يتم في الوقت الذي ترعى فيه خمسة أطفال بعد قيام الثورة.. ومع مرور الأيام التحق الأطفال بالمدارس, وما إلى ذلك.. وكانت هي تقوم بمباشرة كل هذا باعتبارها أماً .. قامت بكل واجباتها كحرم رئيس للجمهورية.. سافرت يوغسلافيا.. واستقبلت خروشوف كما قامت بكل واجباتها كأم, فعلت كل ذلك في ظل تقاليد وقيم الشعب المصري.
ما هي أكبر قيمة تعلمتها منها ؟
– القناعة.. وعدم الجري وراء المال.
وما هي القيمة التي تعلمتها من الأب ؟
– سرح خالد بعيداً .. وترك عيناه صوب الحائط في نظرة تأمل عميق.. وصمت رهيب خيم علينا, لم يسمح لي اقتحامه, وقام من على مقعده.. مشى خطوات.. وعاد.. ليقول في صوت خافت شجي : الأب.. ده كان مدرسة.. ليس مثله أحد.. تصور قائد وعمره 34 سنة.. ومات وعمره 52 سنة.. مات شاباً .. هقول تعلمت منه ايه ولا ايه.. لكن أهم ما تعلمته أن الشعب هو القائد والمعلم.. وهو الأصل.. ومن ينفصل عن شعبه لن يعطيه الشعب الحب .. كان زعيم.. لدى العرب قائد قومي.. وفي أمريكا اللاتينية, ثائر.. وفي الهند زعيم عدم الإنحياز.. وفي باكستان.. زعيم إسلامي.. وفي إفريقيا والعالم الثالث.. قائد تحرر وطني.. وفي مصر.. نصير الفقراء.. ياه.. ياه.. مش بقولك.. كان مدرسة.
كيف لمست منه هذا عن قرب شخصي باعتبارك ابنه ؟
– كان يحب الناس.. والغلابة إلى درجة التعصب .. كان يقول لي : شعبنا واعي وطيب. ويستاهل نعمل له كل حاجة طيبة .. شعب قاسى من أيام الاستعمار.. يبقى لازم يطمئن على غده .. كان مؤمنا بالشعب إيمانا كاملاً .. لا تصدق أن هناك حباً من طرف واحد.. هو أحب الشعب وأخلص له, فأحبه الشعب وأخلص له.
معنى ذلك.. أنه كان يحدثك أحيانا في السياسة ؟
– ليس هذا بالضبط.. لكنه كان دائم الاشارة إلى الناس البسطاء والغلابة.. كم مرة كنت أركب بجواره السيارة ويستوقفه شاب أو صبي, أو طفل, يمشى على قدميه, أو يجلس, وربما تكون ثيابه رثة.. فيتألم كثيرا.. ويسرح بعيداً.. ويقول لي : ( شايف يا خالد.. امتى دول يبقوا زيك ) .
عودة مرة أخرى الى الأم.. هل كانت تعلم قبل الثورة بأمر تنظيم الضباط الأحرار؟
– كانت تعلم أن هناك شيئا ما.. من خلال الزيارات لباقي أعضاء التنظيمات, واجتماعاتهم في بعض الأحيان في البيت.. وكان الوالد يخفي أحيانا القنابل في حقيبة تحت السرير ويقول لها على سبيل التمويه أنها برتقال.. حتى يقوم بتصريفها إلى باقى أعضاء التنظيم.. ثم تكتشف هى الحقيقة بأن البرتقال هو قنابل.. كانت مؤمنة بالدور.
د. خالد.. حين سافرت إلى يوغسلافيا وعشت هناك مدة أربع سنوات في قضية ثورة مصر.. هل زارتك والدتك ؟
– نعم
ماذا قالت لك ؟
– فور أن جاءتني.. قالت : ( كل ده عشان اثنين صهاينة يا خالد ) , ونصحتني بعدم العودة الى مصر.
تلقيت خبر رحيلها وأنت هناك ؟
– أقسى.. أقسى.. أقسى لحظات حياتي وبكائي.. حجزت على الفور لزوجتي وأبنائي للعودة.. وجلست أربعة أيام في حجرة مغلقة.. انظر الى الحائط فقط.. وأسأل نفسي.. (معقول أمي تموت.. ولا أحضر جنازتها) .. وللأسف لم يكن يوجد في هذا الوقت جلسات محاكمة.. ولو كنت قد عدت.. نظرياً لم أكن سأحضر الجنازة.. سيتم إحتجازي أمنياً .. قررت بعدها النزول الى مصر مع بدء أول جلسات المحاكمة.. وقد كان وبعد التحقيق معي أول ما فعلته, توجهت الى قبرها وقبر الوالد لقراءة الفاتحة عليهما.
د. خالد.. ما هى أصعب اللحظات التي شاهدت فيها جمال عبد الناصر ؟
– بصفة عامة.. كانت معظم لحظات جمال عبد الناصر مليئة بالأحداث والقضايا والهموم.. يتابع.. ويترقب.. غير أن هناك أربع لحظات صعبة وقاسية شاهدته فيها, الأولى.. كانت وقت الإنفصال بين مصر وسوريا عام 1961.. كانت لحظة قاسية على المستوى الشخصي, لأن الوحدة العربية كانت واحدة من أهم أحلامه.. كان يرى فيها خطوة أولى نحو وحدة عربية شاملة.. ويرى فيها أيضا نوعاً من الإنتصار على الإستعمار.. أما اللحظة الثانية فكانت نكسة 67.. ولن أصف لك مدى قسوتها عليه .. شعرت مع النكسة أن العمر زاد به سنوات وسنوات وسنوات.
أذكر يا دكتور خالد أن في ألبومه الشخصي صورتان واحدة قبل النكسة بأيام.. وأخرى بعدها بأيام.. وكان التعليق المكتوب على الصورتين أن الفارق بين الصورتين وكأنه سنوات طويلة .. رغم أنه كان أياماً معدودة ,. د. خالد هذا صحيح ؟!!
– لنستكمل باقي اللحظات الأربع الصعبة ؟ – اللحظة الثالثة .. كانت حدث عبد الحكيم عامر والملابسات التي كانت فيه .. خاصة أنها كانت تالية لنكسة 67 .. لم يكن ما حدث من عبد الحكيم عامر شيئاً هيناً .. خاصة مع الصداقة الشخصية المتينة التي جمعت بينهما منذ تأسيس تنظيم الضباط الأحرار .. أما اللحظة الصعبة الرابعة .. فكانت ممتدة دائماً في كل وقت يتم فيه تنفيذ عملية عبور خلف العدو وأثناء حرب الاستنزاف … كان يسهر الليل حيث يتم توقيت تنفيذ هذه العمليات .. ولا ينام إلا حين يتلقى علماً بتنفيذها … وكان همه الأول في ذلك أن تنجح العمليات دون خسائر بشرية, بقناعة أن الجندي هو رأس مال عائلته .. وربما يكون هذا الجندي أو الضابط هو العائل الوحيد لأسرته .. كان ينام مطمئناً في ساعة متأخرة لو نجحت العملية ويكون العكس تماماً حين يتلقى خبر استشهاد جندي .. وأول سؤال كان يسأله من ذلك … هل استشهد أحد ؟
د. خالد على ذكر حكاية عبد الحكيم عامر … كيف كان عبد الناصر يختار معاونيه .. وأعني في هذا السؤال تقييمك الحالي في ظل وعيك الآن ؟
– كان عبد الناصر يقول .. مين ناجح في المكان الفلاني .. فيأتون به .. انطبق هذا على أسماء كثيرة .. ويجب ألا ننسى في هذا السياق, أن الاستعمار الإنجليزي خرج من مصر, دون أن تكون هناك كوادر كثيرة في المجالات المختلفة وبالتالي كان أمامه ضمن معاركه .. معركة بناء كوادر جديدة, وعلينا أن نعلم أيضا أن هذا كان يتم في وقت كانت نسبة الأمية في مصر تبلغ 99% .. وبالتالي كان التحدي صعب امامه .. وحين يسمع عن اي شخص ناجح في مكانه يقوم بإحضاره على الفور وإسناد مهام البناء له وأنا في رأيى الآن .. أنه ليس من الصحيح أن عبد الناصر قام في إختياراته على مبدأ أهل الثقة على حساب أهل الخيرة.
هل كنت تمارس حريتك الطبيعة في هذا الوقت وأنت ابن لرئيس الجمهورية ؟
– الى حد ما .. وطوال عمري كنت احب ان اكون مواطنا عاديا .
د. خالد .. في مؤتمرات جماهيرية عديدة وفي مناسبة خاصة بذكرى ميلاد أو وفاة عبد الناصر .. تحدثت كخطيب فهل كان عبد الناصر الخطيب البارع ماثلاً في ذهنك في هذه الأوقات .
– هو في ذهني وقلبي علي الدوام .. لكن أحب أن أقول لك شيئاً الأفضل إذا تصديت للعمل السياسي أن تقول ما تقنع به أنت حتى إن اصطدم مع مايقتنع به الناس … الأساس في ذلك هو قول الصدق وليس شيئاً آخر .. وهذا مفهوم للسياسة .. دائماً أقول قناعتي أن قبلت باستحسان يكون خيراً .. وإن لم تتقبل .. خيراً أيضاً.
دكتور خالد .. مع هذه الذكريات الشجية التي غلفها الحزن أحياناً .. ألا يوجد على النقيض ما يحمل روحاً من الدعابة مع الوالد ؟
– كان الوالد يحب الدعابة, والمعروف عنه في الأصل أن الإبتسامة كانت تسبقه, وأذكر موقفاً كلما تذكرته يغالبني الضحك, كان أبي لاعب شطرنج ماهر, ويحب هذه اللعبة كثيراً وأنا أيضا أمارسها منذ الصغر وجمعتنا مباريات كثيرة وذات مرة كان من المفروض أن تقوم إحدى الصحف الفرنسية على ما أذكر بالتصوير في البيت عن يوم في حياة الزعيم, وجلسنا سويا نلعب الشطرنج, شيء لزوم التصوير, وأخذت المباراة من جانبي بجدية, لكن وجدته يحرك القطع بطريقة غريبة, ينقل الوزير من مواقع, ثم ينقل الملك, بالطريقة التي تجعله يلتهم العساكر التابعة لي, بما يعني خسارتي, رغم خطأ تحركاته في اللعب, فقلت له, جرى ايه يا بابا, لعبك غلط, فرد ضاحكا, جرى ايه يا خالد, عايز تغلبني في التصوير, عايز يقولوا غلب الريس. كان خالد يجيب على سؤالي هذا.. وهو يتجول بي في أرجاء منزله.. يقف لحظات أمام مكتبته التي تحتوي على كثير من المراجع العلمية المتخصصة في مجاله الأكاديمي بالجامعة كأستاذ في تخصص النقل بكلية الهندسة جامعة القاهرة.. تلك الجامعة التي شهدت خروجه على رأس مظاهرة حاشدة في أواخر الثمانينات حين أرسلت إسرائيل عدداً من الجواسيس والقتلة هاجموا مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس وقتلوا عدداً من قياداتها.. وفي ركن بجوار المكتبة التقط كتابا للدكتور عصمت سيف الدولة مسرحية (اعدام سجان) وظل يتصفحها قائلا لي: قرأتها أكثر من مرة وأنا في يوغسلافيا.. وكانت معيناً على غربتي, هي ومؤلفات أخرى مثل أشعار أمل دنقل.. وعبقريات العقاد.. وأشار بأصبعه على صورتين في برواز صغير الحجم له ولجمال عبد الناصر.. وحكى قصتهما قائلا: كان بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي في زيارة الى منزلنا لمقابلة الريس… وكنا نضع تصورات في أذهاننا عن صورة البطل الملاكم العالمي.. وكيف يستطيع ملاكمة منافسيه.. وهل هو مثلا يمتلك قوة جسمانية جبارة.. المهم أنه وبعد التقاط الصورة له مع الوالد ومعنا.. تذكرت أنه لم يلتقط لي صوراً مع الوالد منذ فترة طويلة, فالتقط المصور هاتين الصورتين. وانصرفنا إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به, وانصرف يشرح لي كيف قام عبده في الليلة التي تم فيها الاعتداء الامريكي البريطاني قبل شهر رمضان على العراق بكتابة رأيه في الاعتداء مديناً ورافضاً باللغة الانجليزية, وأرسله عبر الانترنت الى ثلاث صحف حتى تنشره في اليوم التالي للاعتداء. دفعتني هذه الحميمية منه إلى اقتحامه بأسئلة شخصية سريعة… قلت له:
دكتور خالد… ماذا تريد الآن ؟
– أجاب: الستر لي ولأبنائي ..
هذا على المستوى الإنساني… لكن أنا أقصد المستوى السياسي ؟
– أنا وأبنائي… وكل ما أملكه يهون في سبيل مصر والأمة العربية.
هل تخطط مثلا كما قيل لخوض انتخابات مجلس الشعب ؟
– لا… لا علشان خاطر أبو خالد… مش عشان خاطري. (*)
ـــــــــــــــ
(*) إذا أردت المزيد يمكنك الإطلاع على موقع جريدتنا ” الصحفي ” وعنوانها على الإنترنت:
www.alsahafy.itgo.com
كلاكيت تاني مرة :
أوراق عبد الناصر الخاصة بخط يده
السيدة هدى عبد الناصر حين تفتح منجم الأوراق الخاصة بالزعيم ماذا تجد ؟!
وحين تقدم للتاريخ من خصوصيات القائد الملهم الذي يعشعش في قلوبنا ومآقينا ويسبح في الشرايين والأوردة ماذا تمنحنا من صفحاته السرية ؟!
هنا تزدحم التساؤلات :
كيف كان عبد الناصر يكتب خطبه ؟
كيف كان عبد الناصر يفكِّر علىالورق ؟
كيف كان الزعيم يتحاور مع القلم ؟
…
عبد الناصر يختزل حرب السويس في ثلاثة أسطر فقط هي بعثة منزيس- الجو الذي جاء فيه منزيس المشادة الضيافة شيء وتسليم القناة شيء’!
يقول عن أيزنهاور: يريد أن يحقق أهداف العدوان الثلاثي علي مصر بالوسائل السلمية!
شبان في سن11 و12 و13 سنة يحملون السلاح ويقاومون خلف المتاريس
هذه أوراق مبعثرة من ذاكرة أمة لا أوراق خاصة من حياة جمال عبد الناصر!
أوراق كتبها بخط يده.. وخط اليد- مثل البصمة وفصيلة الدم ونوع الهيموجلوبين- يشي بملامح الشخصية وأغوارها وأحلامها, لاسيما..حين تأتي الكتابة عفوية علي غرار المذكرات الخاصة !
كتبها وهو يبحر بسفينة مصر علي سطح بحر مضطرب تتلاطم أمواجه بعنف وسط رياح عاتية تحاول اقتلاعها !
كان هدفه المعلن نبيلا..وهو الوصول إلي عالم جديد مختلف يسوده الإنصاف والتعاون والرحمة والمساواة..لكن السفينة كانت أحيانا تصطدم بالصخور وأحيانا تغرز في الأرض الضحلة وأحيانا تضل في متاهة المياه الممتدة, فالبحر العالمي تحكمه امبراطوريتان من القراصنة..لا ترفع أي سفينة قلاعها إلا بأمرهما ولا تسافر إلا بإذن منهما!
وكانت حرب السويس أول معارك عبد الناصر الكبيرة مع القراصنة!
حرب فريدة..جمعت ثلة من الأهداف والأغراض في سلة واحدة..السد العالي..تأميم قناة السويس..العدوان الثلاثي..نهاية الامبراطوريتين التقليديتين بريطانيا وفرنسا..صعود امبراطوريتين جديدتين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي..أي خلطة ما بين السياسة الخارجية والسياسة الداخلية !
وليس لدينا من أوراق عبد الناصر الخاصة المتعلقة بهذا الحدث الفريد سوي هوامش علي قرار تأميم قناة السويس في26 يوليو1956 وتصريح صحفي وخطاب ألقاه في عام1957 بمناسبة مرور عام علي تأميم القناة..
ولا يعنينا التصريح ولا الهوامش بقدر ما يعنينا الخطاب المكتوب بخط اليد..فـ’سحر’ عبد الناصر عبر البحار والجبال والسهول والهضاب والوديان إلي آذان وقلوب ملايين العرب..علي بساط صوته وأجنحة كلماته المفعمة بالحماس والحلم!
والخطاب أيضا ينقش بالحروف والنقاط صورة مصر من الداخل كما هي مرسومة في عقله..من الانتخابات إلي التصنيع..ومن الإصلاح الزراعي إلي الأحزاب!
وقد تكون هذه أول مرة نتعرف فيها مباشرة علي الطريقة التي كان عبد الناصر يكتب بها خطبه..من أول ترتيب الأفكار إلي تسطيرها..
الخطاب من تسع عشرة صفحة فولسكاب سادة مطبوع أعلاها من الطرف الأيمن بخط بارز كبير عبارة’ رياسة مجلس الوزراء’ وتحتها بخط أصغر’ مكتب الرئيس’..وكان عبد الناصر في تلك الفترة يجمع بين منصبي الرئيس ورئيس الوزراء..
والخطاب مجرد نقاط أساسية سيدور عنها حديثه..ويشرح فيها أزمة السويس..وقضايا مصر الداخلية.
ولم ينس عبد الناصر أن تكون’ أيها المواطنون’ هي نقطة البدء حتي بينه وبين نفسه..فالمواطنون هم جمهوره العريض وسر قوته في العالم الخارجي..وهتافهم هو الدماء الحارة التي تندفع في عروقه فيستمد منها سلطانه !
ولا يفتأ أن يذكرهم بما جري في العام الماضي..إنها’ تجربة شعب يستخلص حقوقه ويتمرد علي مناطق النفوذ’..’وحرب أعصاب حتي نتخاذل’ !
وفي النقطة التالية..كتب عبد الناصر ثلاثة أسطر حاسمة’ بعثة منزيس- الجو الذي جاء فيه منزيس- المشادة- الضيافة شيء وتسليم القناة شيء’
وهذه السطور هي جوهر الصراع الذي انتهي بالعدوان الثلاثي علي مصر..وأول فتيل فيه هو الرفض الأمريكي البريطاني لتمويل بناء السد العالي, فأعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس ليوفر من إيراداتها بعض الأموال اللازمة للمشروع العملاق..
كان رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن يتربص بعبد الناصر ولا يطيق ذكر اسمه أمامه, خاصة بعد أن حمله مسئولية قرار الملك حسين بإبعاد أو طرد الجنرال’ جلوب’ من منصبه كقائد لأركان الجيش الأردني في أوائل1956 وقال في جلساته الخاصة: هذا من فعل عبد الناصر..وأخذ يتحين الفرصة لتأديبه وضربه عسكريا..ولم تكن هناك فرصة أسهل وأفضل من تأميم القناة..وعلي الفور جمع إيدن مسئوليه ومعهم السفير الفرنسي في لندن والقائم بالأعمال الأمريكي وشرح لهم مخاطر التأميم علي أوروبا..وأهمية التحرك الفوري والاستيلاء علي القناة معتمدا علي تنسيق مع باريس وواشنطن !
لكن واشنطن لا تؤيد الحل العسكري ولا تحبذ تأميم القناة وصعود نجم عبد الناصر..
كانت واشنطن تدرك أن العالم يمر بلحظة تاريخية فارقة يعاد فيها ترتيب موازين القوي في النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية..بين قوي تقليدية تتلاشي وقوي بازغة تتسلم الراية..وأحست أن أزمة التأميم قد تكون الفصل الأخير في التخلص من بريطانيا العظمي وفرنسا.
أما فرنسا فقد كان جي مولييه رئيس الوزراء يكره عبد الناصر مثل إيدن..ويأمل في القضاء علي ما يقوم به ضد الوجود الفرنسي في دول شمال إفريقيا خاصة في الجزائر.. كما كانت شركة قناة السويس تجسد له ما تبقي من نفوذ فرانكفوني في بلاد النيل والأهرامات وحجر رشيد !
بعد يومين من التأميم فرضت بريطانيا عقوبات اقتصادية علي مصر..واقترح وزير الخارجية الأمريكية جون فوستر دالاس عقد مؤتمر دولي في لندن في16 أغسطس لبحث المسألة..لكن إيدن استفز عبد الناصر بتصريحاته التي قال فيها:’ إننا لسنا في نزاع مع مصر ولا مع العالم العربي وإنما مع عبد الناصر’..كما لو أن عبد الناصر اختطف القناة ويقف بمفرده عاريا من المساندة الشعبية..فرفض عبد الناصر حضور المؤتمر !
وتوصل مؤتمر لندن إلي قرار بوضع القناة تحت إشراف هيئة دولية تخضع للأمم المتحدة وتنظم عملها معاهدة..علي أن تعوض شركة القناة عن ملكيتها وتنال مصر دخلا عادلا من إيرادات عبور السفن..وكلف المؤتمر’ منزيس’ رئيس وزراء استراليا ليعرض الأمر علي عبد الناصر..وجاء منزيس منتفخ الأوداج يتحدث بفظاظة ملوحا بالتحركات العسكرية الأنجلو-فرنسية لو لم يقبل عبد الناصر العرض الذي يغلفه التهديد..فنظر إليه عبد الناصر شذرا قائلا: المقابلة انتهت! هذه هي قصة السطور الثلاثة .
وبالقطع لم ترض بريطانيا وفرنسا بالنتيجة..وشنتا مع إسرائيل حربا علي مصر في29 أكتوبر..وكان العدوان رسالة بالطائرات والمدافع والدبابات والمظلات والبحرية والمشاة لها ثلاثة أبعاد :
أولاً : تدمير شعبية عبد الناصر بين صفوف المصريين وإظهاره في صورة جلاب المصائب والحروب والنكبات علي شعبه..وأن قراره بتأميم قناة السويس له من المثالب والخسائر المباشرة أكثر بكثير من مكاسبه المعنوية والدعائية والمادية.
ثانياً : عزل مصر عن العالم العربي وحصارها داخل أراضيها وحسم الصراع بين الثورة الزاحفة من مصر إلي خارجها والعائلات الحاكمة الموالية للغرب لمصلحة هذه العائلات..واجتثاث المخاطر التي بدأ عبد الناصر في زراعتها تحت عروش هذه العائلات..قبل أن تتحول إلي قنابل موقوتة تطيح بتركيبة المصالح التي ظل الغرب ينسجها ويصنعها علي مدي قرن ونصف القرن من الزمان .
ثالثاً : حصار موجة المد التي فجرها القرار المصري بين شعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية..سواء التي نالت استقلالها حديثا أو تلك التي تمضي علي الطريق إلي الحرية..بألا تتورط هذه الدول في اتخاذ قرارات انفعالية جماهيرية تتعلق بثرواتها أو في أعمال لا تسعفها قواتها الذاتية المحدودة في مواجهة عواقبها.
ويكتب عبد الناصر في خطابه:’ العدوان الإسرائيلي29 أكتوبر..معركة حيفا..البوارج والطائرات الفرنسية حاربت للدفاع عن إسرائيل..البوارج كيرسان وسيركون وبوفيه لحماية إسرائيل..بن جوريون طلب حماية جوية فرنسية..ثلاثة أسراب من الطائرات الفرنسية في مطار اللدلكي تقيم مظلة لحماية مدن إسرائيل..سفن فرنسا تضرب القوات المصرية لتفسح الطريق لقوات إسرائيل..أمام رفح غواصات..مدرعات..الجنرال لاسكوف..والقوات البرية الفرنسية تطلق نيرانها علي رفح حيث صمد المصريون بقوة..كانت40 طائرة فرنسية تمون قوات إسرائيل..الاتفاق السري المعقود بين الحلفاء وإسرائيل..مؤامرة..
تواطؤ..خبث يدعو إلي الخجل..إنذار30 أكتوبر..حدد18 ساعة..الإنذار حقق آمال إسرائيل..الانسحاب..أبو عجيلة..قوات إسرائيل عجزت أمام أبو عجيلة من30 أكتوبر إلي2 نوفمبر..لواء مدرع..لواءان مشاة..ضد كتيبتين..مدي ضخامة الحملة علي مصر..الفرنسيون:30 سفينة مقاتلة و2حاملة طائرات و3أساطيل جوية محمولة و8 سفن مساعدة. و30 سفينة برمائية ومركبة وناقلة جنود و52 سفينة شحن و200 طائرة و200 عربة و35000 جندي..الإنجليز:100 سفينة حربية و3 طرادات و4 حاملات طائرات و4 غواصات و300 طائرة و45000 رجل..في اليوم التالي للجلاء أحيل الجنرال كبلي إلي الاستيداع..الطائرات البريطانية كانت تقاتل كالكلاب المسعورة..5 نوفمبر: الإنذار الروسي..الرعب في لندن وباريس..الحرب النووية علي الأبواب..الرعب في قيادة الحلفاء في قبرص..كان الحلفاء يوم6 أشد رغبة في إيقاف القتال..انهيار الخطط..مقاومة الشعب..تضامن الشعوب العربية..انضم إلي الجنود المصريين رجال البوليس وجنود جيش التحرير الوطني..بل لقد كان معهم شبان في سن11 و12 و13 سنة يحملون السلاح..كانت الدهشة تذهل الإنجليز عندما يجدون أعداءهم العاديين القابعين وراء المتاريس بينهم شبان في سن12 و13 سنة..فتختلط الدهشة بالإعجاب..كانت حرب العصابات تشتد وتقسو..إذن المعركة ليست ضد جمال عبد الناصر..أمة كاملة تحت السلاح..استطعنا أن نحافظ علي الجيش وقواتنا العسكرية..إسرائيل تقدمت لما قررنا الانسحاب..أكاذيب إسرائيل2 مليون ملاية سرير..الطاقات الكامنة في شعب مصر..وكيف صمد في التجربة..طاقات العرب..ثورة الجزائر..ثورة عمان..موقف أيزنهاور تجاه العدوان قدرناه له..أما التصرفات العملية..تحقيق هدف بريطانيا بالوسائل السلمية..التجويع..الحصار الاقتصادي..حملات الكراهية..تفتيت التضامن العربي..خطة عزل مصر..خطة تصفية قضية فلسطين في صالح إسرائيل..قال بن جوريون إن الوقيعة بين العرب في صالح إسرائيل..نحن نسعي إلي التضامن العربي ولكن ليس في خدمة الاستعمار..مشروع أيزنهاور..لماذا لم نقبل المشروع..النشاط الاستعماري في البلاد العربية بث الوقيعة..تزييف الجرائد والمجلات المصرية وتزييف وثائق وتقديمها لقادة العرب..الصور الكاريكاتيرية والمنشورات التي توزع في البلاد العربية..الخطة الجديدة الغزو من الداخل..قلب الحكم الوطني’
لا تحمل فقط هذه السطور قصة العدوان والتآمر علي مصر..بدفع إسرائيل إلي الحرب أولا..ثم تتدخل كل من بريطانيا وفرنسا بعد24 ساعة لإجبار الطرفين علي وقف القتال بشروط لصالح إسرائيل..وحين ترفض مصر يبدأ الغزو السكسوفرانكفوني..لكن القوي البازغة في واشنطن وموسكو أعلنت غضبها ونقمتها علي المغامرة البريطانية ـ الفرنسية..فلم يعد للطرفين حق لعب الدور الرئيسي في تقرير مصير العالم..وعليهما الانسحاب بشكل مهين من علي خشبة المسرح إلي الكواليس و أن يتركا’ الدور’ لأمريكا وروسيا..وعلي الفور ضغطت واشنطن في الأمم المتحدة وكشرت عن أنيابها..ووجهت موسكو إنذارا للمعتدين بوقف القتال فورا.. ولاحت في الأفق أخطار الحرب النووية..فوقف القتال !
ولكن هذه السطور تحمل أيضا في طياتها الأسس التي حكمت مصر في سياستها الخارجية..فالشكوك في الولايات المتحدة لم تختف بالرغم من دورها في دحر العدوان الثلاثي..وكان عبد الناصر يري أنها ستمضي علي درب بريطانيا العظمي في ضرب التجربة المصرية لكن بالوسائل السلمية دون الدخول في مواجهة مباشرة وهو ما حدث فعلا..وإن تولت إسرائيل الحرب المباشرة في يونيو1967.. بعد أن تفككت أوصال الدولة بالصراع الشرس علي السلطة بين رجال عبد الناصر وشلة المشير عبد الحكيم عامر.. وبعد أن أتقن المصريون حرفة الخوف وانزووا بعيدا يمشون جنب الحائط !
تبقي كلمتان هما’ مشروع أيزنهاور’..وهو مشروع بديل لحلف بغداد الذي مات بالسكتة القلبية بعد أن رفضه عبد الناصر.. وفكر الأمريكان في شيء يمكن أن يكون مقبولا من دول المنطقة..فابتكروا مبدأ أيزنهاور في أوائل عام1957, وهو تفويض من الكونجرس للرئيس الأمريكي باتخاذ ما يراه من سياسات لـ’إنقاذ الشرق الأوسط من الشيوعية’, ويقوم المشروع علي تقديم أي عون أمريكي إلي دول المنطقة بما فيه السلاح, في حالة طلب أي دولة حمايتها من الضغوط السوفيتية أو التهديد الشيوعي, وكان الغرض الفعلي من المشروع هو إغلاق باب جهنم الذي دخل منه السوفيت إلي المنطقة, وهو باب المساعدات التي قدموها لمصر وسوريا..وأرسل الأمريكان’ جيمس ريتشارد’ عضو الكونجرس يدعو دول المنطقة إلي تأييد المشروع, فاستجابت السعودية والأردن ولبنان علي الفور, لكن عبد الناصر شن هجوما عليه ووصفه بأنه محاولة لإعادة العرب إلي حظيرة التبعية! ويترك عبد الناصر الخارج..ويقترب من قلب الوطن في تسع صفحات..ويكتب فيها:’ كنا نهتم بتدعيم أنفسنا وتحقيق أهداف الثورة..إقامة حياة ديمقراطية سليمة..الاتحاد القومي..الانتخابات..معركة الانتخابات والمنشورات التي وزعت قبلها ومن الشعب..الاتجاه اليميني الذي لم يرحب بمشاريع التمصير وكان يريد أن يبقي الاقتصاد في أيدي الأجانب لأنه كان يحصل علي منفعة خاصة..الاتجاه اليساري الذي ينادي بتحديد الرأسمالية الوطنية..الوسيلة إصلاح أراض جديدة..التعاون بين صاحب العمل والعامل..رفع مستوي الإنتاج..الصناعة الثقيلة للمستقبل..الصناعة الخفيفة والزراعة بسرعة..التعاون بين الطبقات..الغرض إيجاد مجتمع تعاوني..لا سيطرة لطبقة علي طبقة..الاتحاد..تنمية الديمقراطية السليمة..حرية الرأي والتعبير مكفولة لجميع الاتجاهات..الاتحاد القومي لجميع المواطنين الأغلبية والأقلية..إيجاد قيادات شعبية وزعامات للمستقبل..الوطن ملك لأبنائه جميعا بجميع فئاته وجميع طبقاته..اتحاد..عدم انحياز..قومية عربية واحدة..اننا نطالب بحقوق شعب فلسطين..شعب الجزائر..شعب عمان..الاتجاه اليساري الذي ظهر أثناء الانتخابات..الذين نادوا بتحديد الملكية إلي50 فدانا..واستعمال وسائل عنيفة ضد الرأسمالية الوطنية, الأمر الذي يدعوها إلي الإفلاس..لقد هاجمت الثورة الإقطاع وقلمت أظافره ولكن يجب أن نذكر دائما أن أصحاب الأرض قبلوا الإصلاح الزراعي وقد تكاتفوا مع الشعب في المقاومة لصد العدوان..أي أن الوطنية والقومية غلبت الشعور بالفردية..ان أمامنا تنظيم العلاقة بين العامل الزراعي وصاحب الأرض..وفي نفس الوقت التوسع في إنشاء الجمعيات التعاونية للأخذ بيد الملكية الصغيرة والمتوسطة وتحقيق أكبر ربح للمالك الصغير أو المتوسط..التسامح في الماضي..الاهتمام بالفرد والإرشاد حتي يهزم الوعي الوطني أضاليل الاستعمار.
للتاريخ والجغرافيا .. بقلم وخط يد عبد الناصر :
خطة تحرك ليلة الثورة
مفاجأة ولأول مرة .. هدية من السيدة الكريمة الدكتورة هدى عبد الناصر :
خطة تحرك الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو بخط يد عبد الناصر
قبل تحرك الضباط الاحرار ليلة 23 يوليو1952 عقدت الهيئة التأسيسية للتنظيم عدة اجتماعات في منازل قيادات التنظيم تم خلالها وضع خطة التحرك التي كتبها عبد الناصر بخط يده في ست صفحات فولسكاب وتتضمن عددا من الرموز والمصطلحات العسكرية التي قد لا يعرفها المدنيون وتظل هذه الخطة وثيقة تاريخية لأنها فصلت بين مرحلتين في تاريخ مصر.. وفيما يلي نص الخطة بقلم عبد الناصر :
* الساعة12,00 ( 12 ظهر يوم22 يوليو ) يصل جميع الافراد إلي الوحدات ويمنع استخدام التليفون.
* علي جميع الضباط الأحرار ان يجتمعوا في منتصف الليل.
المرحلة الأولي للخطة :
1 ــ تروب سيارات لضابط+ ضابط من الخارج… جماعة مشاه من السواري معها جهاز لاسلكي علي موجة رجال رئاسة الجيش سعت1300( الواحدة بعد الظهر).. التجمع في سلاح الفرسان.
( كانت مهمة هذه القوة إلقاء القبض علي قيادات الجيش في منازلهم, لكن القوة لم تنفذ هذا الجزء من الخطة لأن القادة تجمعوا في مبني القيادة في ذلك الوقت مما سهل القبض عليهم دفعة واحدة )
2 ــ تحدث عمليات القبض…
3 ــ الساعة1,30( الواحدة والنصف بعد منتصف ليل يوم22 يوليو)
4 ــ قوة تصل من الحدائق إلي ادارة التجنيد.
5 ــ من كوبري المترو إلي المستشفي العسكري( كوبري القبة).
6 ــ تقاطع شارع الخليفة المأمون بشارع نادي سبورتنج.
الراديو:
* يلقي بيان علي الشعب بمجرد فتح الراديو( صباح23 يوليو) وبيان آخر علي الجيش يلقي الأول اليوزباشي أنور السادات والثاني يلقيه اللواء محمد نجيب .
سلاح الطيران :
مظاهرة علي القاهرة والإسكندرية سعت1000( العاشرة صباحا) عمل ترتيب المواصلات الداخلية في الوحدات.. تقرير موقف كل15 دقيقة بدءا من سعت س إلي رئاسة الجيش حتي سعت1000 يوم( ي) المطلوب معرفة التطورات السياسية في المملكة والجيش والإسكندرية بواسطة إدارة المخابرات وبواسطة الصحف.
تعليمات حربية رقم(000000)
دار الإذاعة ك ــ ميكا ــ التليفونات ــ الاعتقالات ــ بوابة العباسية ــ سلاح الحدود ــ مطار مصر الجديدة ــ
كل قسم يحوي اسم القائد والقوات تحت قيادته والشئون الادارية من طعام وذخيرة ووقود والمواصلات الداخلية والاتصال باللاسلكي.
باقي القوات :
1 ــ تجهيزها واستعدادها قبل سعت500( الخامسة صباحا).
2 ــ تكون هذه القوات مستعدة للقيام بأي عملية في ظرف15 دقيقة.
3 ــ يقوم الآلاي الأول المدرع بتجهيز أورطة دبابات بعمل طابور سير داخل المدينة سعت1000(العاشرة صباحا).
4 ــ خط السير : شارع الخليفة المأمون ــ شارع الملكة نازلي( شارع رمسيس حاليا) شارع إبراهيم(الجمهورية حاليا) ــ الاوبرا.
5 ــ يقوم الآلاي المدرع الأول بتجهيز أورطة دبابات مستعدة للسفر إلي الإسكندرية في ظرف ساعتين إذا لزم الأمر.
6 ــ باقي القوات تظل بوحداتها تحت الاوامر وفي حالة استعداد في ظرف ساعة بعد صدور الامر راحة.
7 ــ علي حضرات الضباط عدم مغادرة جنودهم.
8 ــ تجهيز الدبابات السنتوريون لاحتمال أي تدخل من جانب القوات البريطانية.
9 ــ تعيين عربة جيب لقائد آلاي الخيالة.
10 ــ تعيين الحرس اللازم للقيادة.
11 ــ عدد2 عربة مدرعة لمعاونة خالد محيي الدين بمصر الجديدة.
12 ــ طلبات ك ــ ميكا ــ لواري وأخيرة ــ تعيين130 قوة مشاه للتدريب الحربي.
13 ــ تغيير قوة ك ــ ميكا سعت…. عند بوابة الفرسان الاستلام مندوب التليفونات.
14 ــ تروب سيارات لخالد سعت100( الواحدة بعد منتصف الليل)+3 لواري+3 ضباط+ ذخيرة.
ملاحظة :
هذه الوثيقة العظيمة ” الخطة ” تنشر لأول مرة وهي إدانة لتلك الشرذمة التي تتهم ناصر ورفاقه من رجال الثورة بالتعاون مع دول أجنبيه من أجل نجاح الثورة والبند رقم ( 8 ) وهو الحذر من تدخل بريطانيا .. فكيف تكون ثورة يوليو صنيعة أمريكا أو بريطانيا ؟!!!
استفيقوا يرحكمكم الله . (*)
ـــــــــــــ
(*) ولقراءة المزيد عن جمال عبد الناصر والثورة وعالم السياسية يمكنكم الإطلاع على جريدتنا ” الصحفي “ وموقعها على الإنترنت هو :
www.alsahafy.itgo.com
الدكتورة هدى عبد الناصر تضع :
سيناريو 18 عاما من حياة مصر الثورة
ماذا تقول السيدة الدكتورة هدى عبد الناصر في شهادتها عن سنوات حكم الزعيم جمال عبد الناصر ؟ كسيناريو شامل تمسح به سنوات الرجل وتميط اللثام عن حقبة أختُلِفَ كثيراً عليها ؟
تؤكد السيدة هدى عبد الناصر أن مرحلة حكم الرئيس عبد الناصر هي حقبة كاملة من العطاء والجهد وتأسيس دولة كانت شتات فمثلاً نجد :
عام 1952 :
* 22 يوليو / تموز قيام الثورة بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر وإعلان أهدافها الست :
1- القضاء على الاستعمار وأعوانه .
2- القضاء على الاقطاع .
3- القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .
4- إقامة عدالة اجتماعية .
5- إقامة جيش وطني قوي .
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .
26 يوليو / تموز : * تنازل الملك السايق عن العرش لإبنه أحمد فؤاد ولي العهد ثم غادر البلاد .
30 يوليو / تموز : * صدر قرار مجلس قيادة الثورة بالغاء الرتب والألقاب .
9 سبتمبر / أيلول : * صدر قانون الاصلاح الزراعي .
9 ديسمبر / كانون أول : * إعلان إلغاء دستور 1923 .
31 ديسمبر / كانون أول : * تم وضع أول خطة للتنمية في البلاد وأعطى للوضع الإقتصادي كل الأهتمام الذي سجعل منه عاملاً من عوامل القوة والنصر .
عام 1953 :
16 يناير / كانون ثاني : صدر قرار بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها وممتلكاتها .
23 فبراير / شباط : أعلن جمال عبد الناصر ضرورة انهاء الاستعمار ورفع شعاره القائل ” على الاستعمار أن يحمل عصاه على كاهله ويرحل أو يقاتل حتى الموت دفاعا عن بقائه .
30 مارس / آذار : صدر قانون تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في مشروعات التنمية الاقتصادية .
15 ابريل / نيسان : بدء تنفيذ مشروع مدينة التحرير .
18 يونيو / حزيران : ألغى النظام الملكي وأعلن انهاء حكم أسرة محمد علي وتم اعلان الجمهورية وتعيين جمال عبد الناصر نائبا لرئيس الجمهورية .
عام 1954 :
9 فبراير / شباط : البدء في تنفيذ مشروع مصنع الحديد والصلب .
13 أبريل / نيسان : وزع الرئيس جمال عبد الناصر أراضي الاصلاح الزراعي على المنتفعين في البحيرة والمحلة الكبرى .
27 يوليو / تموز : تم التوقيع على اتفاقية الجلاء بالأحرف الأولى .
19 أوكتوبر / تشرين الأول : تم توقيع اتفاقية الجلاء عن مصر وانهاء الاحتلال البريطاني .
22 نوفمبر / تشرين الثاني : رفع العلم المصري على معسكر الشلوفة بعد 73 عاما من الاحتلال .
عام 1955 :
5 فبراير / شباط : غارة صهيونية على غزة وقتل 40 مصريا .
18 فبراير / شباط : انتهاء المرحلة الأولى من الجلاء .
24 ابريل / نيسان : عبد الناصر يمثل مصر في المؤتمر الأفريقي الأسيوي في مدينة باندونغ وينادي بسياسة الحياة الايجابي وكان له دورا هاما في ابراز مفهوم هذه السياسة .
7 يونيو / حزيران : صدور قانون تمصير الشركات المساهمة واخضاع رؤوس أموالها للتنظيم القومي .
19 يونيو / حزيران : انتهاء المرحلة الثانية من الجلاء .
13 يوليو / تموز : اعلان بدء الثورة الاجتماعية للقضاء على الظلم الاجتماعي .
17 سبتمبر / أيلول : كسر احتكار السلاح وذلك باعلان توقيع مصر لاتفاقية استيراد السلاح من الكتلة الشرقية .
عام 1956 :
1 يناير / كانون الثاني : توحيد القضاء الأهلى والشرعي .
16 يناير / كانون الثاني : اعلان دستور الشعب .
28 يناير / كانون الثاني : اجتماع عبد الناصر بيوجين بلاك مدير البنك الدولي للانشاء والتعمير لاستئناف مباحثات السد العالي التي بدأت في واشنطن .
1 فبراير / شباط : توقيع اتفاقية مبدئية مع البنك الدولي تحصل مصر بمقتضاها على قرض مقداره 200 مليون دولار لبناء السد العالي .
10 فبراير / شباط : عقد اتفاق مع الاتحاد السوفياتي لانشاء معمل ذري .
3 مارس / آذار : صدور قانون الانتخاب واعطاء المرأة حق الانتخاب لأول مرة .
16 مايو / أيار : الاعتراف بالصين الشعبية واعتبر ذلك تحديا للغرب وظهرت قوة الحياد الايجابي في أفريقيا والوطن العربي .
11 يونيو / حزيران : الاتحاد السوفياتي يعرض قرضا لتمويل مشروع السد العالي واعتراف البنك الدولي للانشاء والتعمير بسلامة سياسة مصر الاقتصادية .
18 يونيو / حزيران : تم الجلاء النهائي ورفع العلم المصري على مبنى القيادة البرية والبحرية في بور سعيد .
23 يونيو / حزيران : اجراء استفتاء على الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية وحصول الرئيس عبد الناصر على 99,84 % من الأصوات .
12 يوليو / تموز : اشتراك الرئيس عبد الناصر في مؤتمر بريوني الذي اشترك فيه مع كل من نهرو وتيتو .
20 يوليو / تموز : الولايات المتحدة وبريطانيا تسحب موافقتهما على اعطاء مصر قرضا لتنفيذ مشروع السد العالي .
22 يوليو / تموز : اعلان استقلال مصر الاقتصادي واتجاهها نحو التصنيع .
26 يوليو / تموز : أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس .
1 أغسطس / آب : قرر الاتحاد السوفياتي عرض تمويل السد العالي .
4 سبتمبر / أيلول : عبد الناصر يرفض الاشتراك في مؤتمر لندن الخاص بالقناة .
8 سبتمبر / أيلول : سحب المرشدين الأجانب لاثبات عجز مصر عن تشغيل قناة السويس .
1 أوكتوبر / تشرين الأول : ادخال تدريس الدين والمواد القومية في المدارس الأجنبية في مصر .
12 أوكتوبر / تشرين الأول : اتفاق مؤقت في الأمم المتحدة على ميثاق يتعلق بالقناة من ست نقاط .
29 أوكتوبر / تشرين الأول : القوات الصهيونية تغزو سيناء .
29 أوكتوبر / تشرين الأول : الانذار الانكليزي – الفرنسي المشترك لمصر ثم العدوان على بور سعيد وتبعه الانذار الروسي وقرار الأمم المتحدة بالانسحاب .
4 ديسمبر / كانون أول : بدء انسحاب القوات المعتدية من بور سعيد .
23 ديسمبر / كانون أول : تم انسحاب آخر جندي محتل .
24 ديسمبر / كانون أول : بداية تعمير مدينة بور سعيد .
عام 1957 :
1 يناير / كانون الثاني : رفض مشروع ايزنهاور والغاء اتفاقية الجلاء .
14 يناير / كانون الثاني : انسحاب القوات الصهيونية من العريش وتسليمها للقوات المصرية .
15 يناير / كانون الثاني : اصدار قانون تمصير البنوك وشركات التأمين الذي يقضي بأن تصبح الادارة مصرية في مدى خمس سنوات .
11 مارس / آذار : عودة الادارة المصرية الى قطاع غزة .
9 أبريل / نيسان : تم تطهير قناة السويس واستؤنفت الملاحة بها .
3 يونيو / حزيران : الرئيس عبد الناصر يعلن أم مسألة مرور السفن “الصهيونية” في القناة سوف تخضع لحكم المحكمة الدولية في لاهاي .
يوليو / تموز : انتخاب أول مجلس أمة وطني مصري وتمثيل المرأة لأول مرة في مجلس الأمة .
أغسطس / آب : عقد المفاوضات المصرية البريطانية في روما لحل أزمة القناة .
سبتمبر / أيلول : مفاوضات مصرية فرنسية في جنيف لنفس الغرض .
5 ديسمبر / كانون الأول : انعقاد أول مؤتمر تعاوني .
عام 1958 :
1 يناير / كانون الثاني : انعقاد المؤتمر الأسيوي والأفريقي من أجل التعايش السلمي
22 فبراير / شباط : الوحدة بين مصر وسوريا واعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة .
عام 1959 :
20 مايو / أيار : المرأة المصرية تدخل انتخابات الاتحاد القومي .
13 ديسمبر / كانون الأول : بدء مشروع ناصر لتوزيع الماشية على الفلاحين.
عام 1960 :
10 فبراير / شباط تأميم بنك مصر والبنك الأهلي .
23 مايو / أيار : صدور قانون تنظيم الصحافة .
20 يوليو / تموز : بدء الارسال التلفزيوني في مصر .
11 سبتمبر / أيلول : الرئيس عبد الناصر يحضر دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة
عام 1961 :
6 يناير : مؤتمر الدار البيضاء حيث التقى عبد الناصر برؤساء بعض الدول الأفريقية التي وافقت على ميثاق أفريقي يتضمن انشاء لجان للتعاون الثقافي والاقتصادي والسياسي .
31 مايو : قطع العلاقات مع جنوب أفريقيا .
19 يوليو / تموز : بدء الثورة الاشتراكية واعلان القوانين الاشتراكية .
25 يوليو / تموز : تحديد الحد الأقصى للملكية بمائة فدان .
30 أعسطس / آب : عبد الناصر يحضر مؤتمر عدم الانحياز في يوغوسلافيا.
سبتمبر / أيلول : يعتبر نقطة تحول في سياسة الحياد فقد ظهرت مصر ويوغسلافيا كقوة ثالثة تتبع سياسة عدم الانحياز .
28 سبتمبر / أيلول : المؤامرة الانفصالية وانفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة .
عام 1962 :
17 يناير / كانون الثاني : صدور قانون تشكيل المؤتمر الوطني للقوى الشعبية .
30 يونيو / حزيران : اعلان الميثاق .
26 يوليو / تموز : اعلان مجانية التعليم بجميع مراحله .
سبتمبر / أيلول : مساندة القوات المصرية للثورة في اليمن .
8 ديسمبر / كانون الأول : صدور قانون الاتحاد الاشتراكي .
عام 1963 :
9 يناير / كانون الثاني : البدء في بناء جسم السد العالي .
22 مايو / أيار : الاشتراك في مؤتمر القمة الأمفريقي في أديس أبابا .
أغسطس / آب : الموافقة على اتفاقية حظر التجارب الذرية .
عام 1964 :
13 يناير / كانون الثاني : انعقاد أول مؤتمر القمة العربي الأول .
4 مارس / آذار : صنع أول طائرة مقاتلة مصرية .
13 مارس / آذار : اقرار الدستور الجديد .
عام 1965 :
16 مارس / آذار : اعادة انتخاب الرئيس عبد الناصر لرئاسة الجمهورية بنسبة 99,999 % ,
22 مارس / آذار : افتتاح أكبر محطة للاذاعة في القاهرة .
عام 1966 :
12 مايو / أيار : تشكيل لجنة تصفية الاقطاع .
عام 1967 :
15 مايو / أيار : اغلاق مضايق تيران وطلب سحب القوات الدولية .
5 يونيو / حزيران : العدوان الصهيوني على الدول العربية .
9 يونيو / حزيران : تنحي الرئيس جمال عبد الناصر .
10 يونيو / حزيران : استمرار التظاهرات الجماهيرية العربية في مختلف أنحاء الوطن العربي واصرارها على ضرورة العودة .
22 نوفمبر / تشرين الثاني : صدور قرار مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الصهيوني وضرورة انسحاب القوات الصهيونية من الأراضي العربية المحتلة بعد 5 يونيو / حزيران .
عام 1968 :
30 مارس / آذار : صدور بيان 30 مارس بشأن تنظيم العمل في الدولة .
14 سبتمبر / أيلول : بدء الدورة الأولى للمؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي العربي .
15 سبتمبر / أيلول : صدور قرار مؤتمر القمة الأفريقي بالجزائر بشأن أزمة الشرق الأوسط .
عام 1969 :
23 فبراير / شباط : ضربت القوات الصهيونية مصنع أبي زعبل .
29 أبريل / نيسان : افتتاح مصنع الدرفلة للحديد والصلب بحلوان .
1 يوليو / تموز : معركة رأس العش .
عام 1970 :
23 يناير / كانون الثاني : معركة شدوان بين القاذفات الصهيونية والقوات المصرية في الجزيرة .
8 أبريل / نيسان : ضربت القوات الصهيونية المعتدية مدرسة بحر البقر الابتدائية .
سبتمبر / أيلول : موقف عبد الناصر من القتال بين قوات الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية والجهود التي بذلها لوقف تدهور الموقف الذي أكده سير الحوادث .
19 سبتمبر / أيلول : انعقاد مؤتمر الملوك والرؤساء العرب لحل الأزمة الاردنية .
28 سبتمبر / أيلول : يعلن النائب السيد / أنور السادات بيان الوفاة : فقدت مصر والأمة العربية والإنسانية جمعاء وقائداً ومعلماً وزعيماً هو الرئيس جمال عبد الناصر بعد الانتهاء من توديع آخر الملوك والرؤساء العرب هو أمير الكويت .
هدى جمال عبد الناصر تتحدث عن :
حلم الوحدة العربية !
السيدة هدى جمال عبد الناصر غزيرة الفِكر رحيبة الآفاق غزيرة البحث .. عميقة بغور وطنيتها .. صادقة كـ ” جين ” وراثي امتدت جذوره من الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ..
والسيدة هدى عبد الناصر .. منطلقة .. لا تستطيع قوة في العالم أن توقفها البتة خصوصاً إذا تحدثت عن مصر أو زعيمها الخالد .. تنطلق مثل المجري ” زمان ” لتطوي الأفاق في حديثها الأخاذ الصادق الذي يخرج من قلبها ومن غور الأحداث .. لذا فما على جنابك إلا أن ” تجلس متربعاً في محراب الكلمة وعليك وقار الصمت ” واضعاً يدك تحت خدك مصغياً لحِمم السد العالي وهي تقذف التاريخ بصادق درره النفيسة وتقول في النهاية ” آمين ورحة الله وبركاته ” ثم تلملم أوراقك وتروَّح بيتكم وبس بهدوء ” .
فماذا قالت سيادتها عن الوحدة المصرية السورية ؟ وماذا أعلنت عن أسرار الوثائق البريطانية السرية في وتين الوحدة بين البلدين الكبيرين الشقيقين ؟!
أسرار تعلن لأول مرة .. وثائق مختومة بخاتم : صدق وسري وخطير ..
…
قالت الدكتورة هدي جمال عبد الناصر :
خرجت مصر بانتصار سياسي في 1956 بعد فشل العدوان الثلاثي عليها, وهنا بدأت مخططات جديدة بهدف تحقيق ما عجز السلاح عن فرضه, فأصبحت منطقة الشرق الأوسط محور صراع سياسي ضاريا بين الغرب وقوي التحرر العربية. وتكشف الوثائق البريطانية تلك المخططات وتسجل تفاصيل ذلك الصراع, وبصفة خاصة خلال معركة الأحلاف العسكرية, وبعد تحقيق الوحدة المصرية السورية, وخلال مرحلة المد التحرري العربي الذي ساندته مصر بكل قواها في اليمن والخليج وجنوب شبه الجزيرة العربية.
– …………………. ؟
بالرغم من استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبريطانيا منذ العدوان الثلاثي في1956, فإن الوثائق البريطانية تحتوي علي معلومات دقيقة توضح اهتمام بريطانيا والغرب عموما بتتبع عملية الوحدة, كما تكشف ـ وهو الأهم ـ مدي خطورة الوحدة المصرية السورية ليس فقط علي المصالح البريطانية والغربية في منطقة الشرق الأوسط, بل أيضا علي مصالح الكتلة الشرقية التي وقفت من الوحدة منذ البداية موقفا معاديا.
– ………………… ؟
أخطر ما في الوثائق البريطانية المتعلقة بالوحدة المصرية السورية التفاصيل التي ذكرت عن مخططات الدول الغربية لمنع انضمام أي من الدول العربية الأخري الي دولة الوحدة, ومختلف الوسائل التي استخدمت من أجل تحقيق هذا الهدف. فلقد قدم الغرب الدعم المالي والعسكري للدول المجاورة لمصر وسوريا, بالإضافة الي تغذية شكوك جميع دول المنطقة في الدولة العربية الوليدة. وكانت بريطانيا هي المحرك الرئيسي لإثارة مخاوف كل من العراق ولبنان والأردن من احتمال تعرضهم لهجوم عسكري من جانب الجمهورية العربية المتحدة.
– …………………. ؟
توضح الوثائق البريطانية تفاصيل الدور الذي قامت به بريطانيا لمنع انضمام الأردن الي الجمهورية العربية المتحدة من خلال نقلها معلومات مضللة إلي الملك حسين عن تقديم جمال عبد الناصر الدعم إلي مجموعة من القوات المسلحة الأردنية للقيام بانقلاب عسكري ضده في17 أغسطس1958. وقد طلبت الحكومة البريطانية من سفيرها في الأردن ضرورة مقابلة الملك حسين بصورة عاجلة, وتقديم النصح له بطلب المساعدة العسكرية من بريطانيا لحماية عرشه من أي انقلاب عسكري ضده تقوم الجمهورية العربية المتحدة بتدبيره, واقناعه ـ في نفس الوقت ـ بأن الوجود العسكري البريطاني في الأردن يسهم في استقرار المنطقة.
– ……………………….. ؟
أكد ذلك سلوين لويد ـ وزير الخارجية البريطانية ـ للسفير الفرنسي في لندن في23 يوليو1958 بقوله: إن انضمام الأردن الي الجمهورية العربية المتحدة يلحق ضررا شديدا بالمصالح الإنجليزية والغربية في المنطقة, كما أنه يضع الجيش المصري علي حدود إسرائيل من ثلاث جبهات, وهذا قد يدفع إسرائيل الي القيام بعمل عسكري ضد الأردن أو الاستيلاء علي الضفة الغربية علي الأقل.
– ……………….. ؟
تفضح الوثائق البريطانية أيضا الضغوط الضخمة علي لبنان من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لكي يقبل الوجود العسكري الأمريكي علي أراضيه, تحت زعم حمايته من هجوم مسلح تقوم به قوات الجمهورية العربية المتحدة. وقد تزامن ذلك مع حملة دعائية منظمة ضد دولة الوحدة في أوساط المسيحيين اللبنانيين كي لا يوافقوا علي اقتراح بعض الطوائف السنية بالانضمام الي الوحدة.
– …………………… ؟
في نفس الوقت لعبت بريطانيا دورا كبيرا في إثارة مخاوف العراق من دولة الوحدة, بدعوي احتمال قيامها بغزوها عسكريا.
– …………………….. ؟
تكشف الوثائق البريطانية عن مقابلة بين نوري السعيد ـ رئيس وزراء العراق ـ وسلوين لويد في لندن في أغسطس1958, أيد فيها الأخير مقترحات نوري السعيد بضرورة إجهاض الوحدة بين مصر وسوريا, علي أن يكون الانفصال ناجما من تحرك سوري منفرد يحظي بدعم دول الجوار. وأضاف نوري السعيد أنه ينبغي إقامة اتحاد فيدرالي بديل بين كل من العراق وسوريا والأردن ولبنان, وأوضح ان الهدف من ذلك هو عزل مصر داخل حدودها فقط, وتوجيه ضربة قاضية لدور مصر العربي.
– …………………… ؟
في واقع الأمر لقد اعتبرت الدول الكبري قيام الوحدة المصرية السورية انقلابا خطيرا في منطقة الشرق الأوسط يهدد مصالحها تهديدا مباشرا, مما حفز هارولد ماكميلان ـ رئيس الوزراء البريطاني ـ إلي دعوة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وفرنسا لاجتماع قمة رباعي يتم خارج نطاق الأمم المتحدة لمناقشة أزمة الشرق الأوسط, كما كان يطلق عليها في ملفات وزارة الخارجية البريطانية! ويتضح من الوثائق البريطانية كيف تلاقت مصالح كل من الكتلتين الشرقية والغربية ضد تجربة الوحدة المصرية السورية. فقد انتقد الاتحاد السوفيتي القيود التي فرضها جمال عبد الناصر علي الشيوعيين الذين قاموا بأنشطة معادية للوحدة منذ بدايتها, ولقد كان ذلك هو السبب الرئيسي في الخلاف الشديد الذي حدث بين الجمهورية العربية المتحدة والاتحاد السوفيتي, والذي بلغ ذروته في 1959
– ………………. ؟
بالطبع حظي انفصال سوريا عن مصر وانتهاء تجربة الوحدة الأولي في التاريخ الحديث في28 سبتمبر1961 بمساحة كبيرة من الوثائق البريطانية, فقد أوردت رصدا دقيقا لكل جوانب الوضع الداخلي والخارجي في كل من مصر وسوريا, يتضح منه تبني بريطانيا مطالب بعض الفئات السورية التي أضيرت من القوانين الاشتراكية التي صدرت في يوليو.1961 وتكشف هذه الوثائق ايضا عن أن غالبية الدول الغربية ـ وبعض دول المنطقة ـ قابلت الانفصال بارتياح شديد, بل إن الملك حسين قرر التدخل عسكريا إلي جانب حركة الانفصال في سوريا اذا اتخذ جمال عبد الناصر قرارا باستخدام القوة العسكرية للحفاظ علي دولة الوحدة, كما تعهدت لبنان بتقديم الدعم في حدود الممكن للحركة الانفصالية.
– …………………. ؟
أما إسرائيل فقد حذرها السفير الأمريكي في تل أبيب بضرورة مراعاة أقصي درجات ضبط النفس تجاه الأحداث في سوريا. وتشير إحدي الوثائق إلي مقابلة بين السفير البريطاني في تل أبيب ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية, أكد فيها الجانبان أن انفصال سوريا عن مصر يمثل ضربة شديدة للفكر الثوري في منطقة الشرق الأوسط, مما يوفر فرصة ملائمة تماما لكلا الدولتين للتعاون معا لمحاصرة مصر ومنعها من مد نفوذها علي هذا النحو مرة أخري.
– ……………….. ؟
حتي الآن لم يكشف النقاب بعد عن الدور البريطاني في إتمام عملية الانفصال, نظرا لأن هناك50 ملفا كاملة ستبقي مغلقة لمدة50 عاما استثناء من قاعدة فتح الوثائق البريطانية بعد ثلاثين عاما, بالاضافة الي وجود4 ملفات مغلقة إلي عام2055, وهي تتعلق بالسياسة البريطانية تجاه الجمهورية العربية المتحدة.
هدى عبد الناصر تفاجئ الجميع :
نصوص المحاضر السرية لجلسات اللجنة المركزية
للاتحاد الاشتراكي التي أدارها عبد الناصر
هدى عبد الناصر تعلن :
هذا هو ميلاد كمال الشاذلي في عصر عبد الناصر !!
عبد الناصر يعلن :
ما هي الصورة التي ترسمها السيدة هدى عبد الناصر لأول إجتماع للرئيس عبد الناصر بقادة الإتحاد الإشتراكي حيث ترأس إجتماعاتها بنفسه ؟
كان جمال عبد الناصر فى طريقه إلى إجتماع اللجنة المركزية وفى الصف الأول أنور السادات وعلى صبرى وعبد العزيز حجازى وأمين هويدى ولبيب شقير ومن خلفه كمال الشاذلى فى أول ظهوره السياسى قصة التحول الاستراتيجي في مواقف عبد الناصر بعد عام من النكسة وقبل رحيله بعامين من عام 1968 وحتي عام1970 نوقشت عدة قضايا لعبت دورا هاما في تلك الفترة داخليا وخارجيا, وهي فترة تعتبر وبحق من أخصب فترات التاريخ السياسي لثورة يوليو1952, فلقد شهدت هذه الفترة نموا في أطوار التنظيم السياسي في ظل الثورة في محاولة لتلاشي أخطاء التنظيمات السياسية الأولي ـ هيئة التحرير والاتحادالقومي ـ واستيعاب مرحلة الإعداد الوطني لجماهير الشعب لمعركة التحرير وإزالة آثار العدوان لاسترداد الأراضي العربية المغتصبة منذ يونيو1967, وفرض حل عادل للقضية الفلسطينية, ورفض السلام المبني علي القهر والعدوان .
– ……………….. ؟
رغم أعباء التعبئة الشاملة لكل موارد الدولة للإعداد لمعركة التحرير, ورغم اشتداد الصراع العربي الإسرائيلي وخوض مصر أطول الحروب ضد إسرائيل وهي حرب الاستنزاف, إلا أن الاقتصاد المصري قد شهد نموا ملحوظا في معدل التنمية في كافة القطاعات الاقتصادية, حيث أن معدل الإنتاج والدخل القومي قد ازداد بمعدل5%, وهو أمر يدعونا للتساؤل.. كيف استطاع عبد الناصر بعد عدوان يونيو1967, وبعد عام واحد من الانكسار العسكري واحتلال الأراضي العربية, أن يرفع معدل النمو الاقتصادي للاقتصاد المصري رغم أعباء تلك المرحلة ؟!
– ………………………. ؟
برغم أنها كانت بدون جدول أعمال إلا أن الجلسة الرابعة والعشرين للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي التي عقدت في الساعة السابعة والأربعين دقيقة مساء يوم22 يوليو1970 كانت نقطة تحول استراتيجية في تاريخ الثورة ـ علي حد تعبير الرئيس جمال عبد الناصر ـ عندما أجاب علي سؤال لأحد قيادات اللجنة المركزية التي تضم200 قيادة سياسية حول مشاركة الطيارين السوفييت في الدفاع عن مصر ضد غارات العمق التي قامت بها إسرائيل ضد أهداف في الصعيد.
– ………………………. ؟
قال الرئيس عبد الناصر : في يناير اللي فات أنا ذهبت إلي موسكو.. وبعد أن ابتدأ الضرب في العمق.. الحقيقة طلبت منهم مساعدة.. بعد نقاش طويل هم وافقوا يدونا المساعدات, ولكن بنحتاج مدة طويلة علشان نتدرب عليها.. إذن معني هذا ان احنا ممكن نأخذ صواريخ سام3, ولكن حنقعد حوالي7 أو8 أشهر بننضرب لغاية ما يتدرب أولادنا علي استعمالها. وكان هناك إلحاح أيضا علي أساس ان احنا عندنا طيارات أكثر من الطيارين.. وعلي أساس أن الاتحاد السوفيتي يشترك معنا في طيارات ـ بعلامات مصرية ـ في الدفاع عن العمق.. وافق الاتحاد السوفيتي علي هذا الموضوع. هذا الموضوع الحقيقة من الناحية الاستراتيجية يعتبر نقطة تحول كبيرة.
- ……………………….. ؟
وقال الرئيس معلقا علي سؤال حول ردود أفعال الدوائر السياسية الأمريكية والأوروبية علي التعاون العسكري المصري ـ السوفيتي في منطقة غرب القناة: هناك أيضا قلق في أوروبا الغربية.. وهناك قلق في أمريكا.. وهناك أيضا قلق في إسرائيل لسبب بسيط جدا أن الاتحاد السوفيتي طالما تحرك بهذا الشكل لايمكن أنه حيسلم أو يقبل أن ينهزم أمام إسرائيل.. ومساعدات أمريكا لإسرائيل, حتي ولو حصلت مواجهة مع أمريكا. طبعا فيه ناس حاولوا يمثلوا هذا بكوبا, ولكن فيه فرق كبير بين كوبا والعملية دي.. في كوبا كان موجود صواريخ ذرية تهدد أمريكا, أما كل الأسلحة الموجودة عندنا عادية.. هوكل الاتفاق اللي تم مع الاتحاد السوفيتي كان علي أساس عملية دفاعية.
– ……………………….. ؟
وردا علي سؤال حول الحملة علي الاتحاد السوفيتي في علاقته مع مصر قال الرئيس جمال عبد الناصر هناك حملة تجتاح البلد بين حين وآخر ضد الاتحاد السوفيتي.. وان الاتحاد السوفيتي مسيطر علي البلد, ومسيطر علي الجيش, ومسيطر علي كل حاجة, وإن احنا مانقدرش نعمل حاجة إلا بالاتحاد السوفييتي. هذا الكلام لا نصيب له من الصحة مطلقا, واحنا بنعمل اللي احنا عايزين نعمله. أما الأسطول السوفيتي, فأنا الحقيقة اللي قايل لهم يقعدوا في بورسعيد علشان اليهود مايضربوش بورسعيد.. أنا اللي طالب ده.. ومره جم يمشوا.. قلنا لهم: ماتمشوش من بورسعيد, لأن اليهود لما بيجوا يضربوا في بورسعيد, يخافوا يضربوا تيجي طلقة في مركب روسي, تحصل أزمة كبيرة بينهم, ويمكن يردوا عليهم ويدخلوا في إشكال.
وفي رده علي سؤال لـ محمد أحمد عبد الهادي حول وجود اتفاقيات دفاع مشترك بين الجمهورية العربية المتحدة والاتحاد السوفيتي, أكد الرئيس أنه لا توجد أية اتفاقات للدفاع مع الروس علانية كانت أو سرية وقال: إذا طلبنا اتفاقية دفاع مشترك مع الروس مش حيرضوا, أؤكد لك كده100% يعني لأن بيبقي فيه يمكن مأخذ علي سياستنا.. فمافيش اتفاقية دفاع مشترك, أبدا.
وإذا اتخذنا قرار دلوقت في اللجنة المركزية بإن احنا نطلب من الاتحاد السوفيتي دفاع مشترك, أؤكد لك100% لو باطلب منهم بكره.. لن يقبلوا.. حيقولوا إن ده ضد مصلحتنا, وضد العملية كلها, وإن ده بيعقد الموقف.
فهؤلاء الناس.. يعني أي واحد يقدر يقول اللي هو عايزه. طيب إذا كانت فيه اتفاقية دفاع مشترك مش كنا لازم يصدق عليها في مجلس الوزراء. ونوديها مجلس الأمة يصدق عليها, وإلا فأي اتفاقية سرية لا قيمة لها. افرض انهم حتي اتفقوا معايا أنا سرا, تبقي قيمة الاتفاقية معايا إيه؟.. ممكن بعض الناس اللي بيقولوا ده.. أما تقول لهم الرد اللي أنا باقوله.. حيردوا عليك يقولوا لك: إن فلان متفق معاهم, الاتفاق معايا سرا ما يساويش حاجة.. ما يبقاش اتفاق.
– …………………………… ؟
وانتقل الحوار حول مبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز قال عبد الناصر: كان من الواضح أن نرد علي روجرز في رد موضوعي, إيه اللي جد في جواب روجرز؟ هو مقترح عدة اقتراحات: النقطة الأولي: وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة3 أشهر.. بين مصر بس وإسرائيل, لأن الأردن لم تلغ وقف إطلاق النار.. وسوريا لم تلغ وقف إطلاق النار, احنا اللي أعلنا في مايو اللي قبل اللي فات بدء حرب الاستنزاف وإنهاء وقف إطلاق النار إلا إذا كان هناك نص علي الانسحاب. الكلام اللي في النقطة الثانية: تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه. النقطة الثالثة: عودة يارنج للاتصال بالأطراف كما كان في الماضي.. اللي هو إقرار الأطراف بسلامة, واستقلال, ووحدة الأراضي الموجودة. النقطة الرابعة: هي أن تعلن إسرائيل الانسحاب وفقا لقرار مجلس الأمن من الأراضي المحتلة.
وشرح الرئيس عبد الناصر مبررات قبوله لمبادرة’ روجرز’ قائلا: إذن كل ـ الحقيقة ـ الكلام الموجود في هذه المبادرة الأمريكية وافقنا عليه قبل كده, ولكن حيبقي الموضوع موضوع مبدأ, هل سنرد علي أمريكا.. أم لانرد علي أمريكا؟ احنا عملنا الرد.. وردينا علي أمريكا بالنسبة للموضوع, علي أساس إننا لا نعطي فرصة بأي شكل من الأشكال للولايات المتحدة علشان تعطي سلاح لإسرائيل.
- …………………………. ؟
ومازال الرئيس يعلق قائلاً : ايه رد الفعل اللي حيبقي بعد كده ؟ وفي تقديرنا ان الموقف يكون صعب جدا لإسرائيل.. في تقديرنا ان إسرائيل لاتستطيع أن تقبل وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر.. في تقديرنا انهم كانوا مستنيين ان احنا اللي نرفض.
وفي تعليق للرئيس عبد الناصر حول أسئلة الأعضاء حول الموقف بين رفض سوريا لقرار242 لعام1967, وقبول الجمهورية العربية المتحدة له, وتأثير ذلك علي وضع الجولان المحتلة قال عبد الناصر: الحقيقة هم مايقدروش يقبلوا قرار مجلس الأمن, ومايقدروش يدوا أي تصريح حتي عن السلام.. لو تدروا احنا بندي تصريحات وأحاديث.. هم مقيدين تقييد كامل لأن عندهم مشاكل وانقسامات برضه بالداخل.. وحاجات بهذا الشكل. ولكن يعني أنا لما قبلت قرار مجلس الأمن سنة 1967 أنا جاني رئيس وزراء سوريا وقال: كيف تقبل هذا الموضوع.. ده حيؤثر علي شعبيتك في العالم العربي؟ فأنا قلت له: أنا ماوضعتش هذه الحكاية أبدا في الحساب ـ أنا عايز أشوف كيف حابني جيش؟.. الاتحاد السوفيتي طالما باقول ان أنا ححارب وحادمر إسرائيل.. مش ممكن يديني سلاح.. لأن عالميا يبقي موقفه صعب, وعايزين وقت علشان نبني قواتنا المسلحة. نيجي بقي لموضوع الجولان.. احنا الحقيقة متمسكين بالانسحاب من كل الأراضي, والله إذا حصل اتفاق علي سيناء.. وإذا حصل اتفاق علي القدس.. وإذا حصل اتفاق علي غزة.. وإذا حصل اتفاق علي الضفة, فيبقي هنا بنقول: لازم يحصل اتفاق أيضا علي الجولان ويبقي فيه كلام مع السوريين.
وحول سؤال وجهه د. مصطفي أبوزيد بشأن تلويح إسرائيل بشن حرب نووية, أو استخدام بعض أسلحتها النووية التي منحتها لها الولايات المتحدة خاصة حصولها علي مدافع لها القدرة علي حمل رءوس نووية, متعللين بقوة المدافع المصرية, وإعلان إسرائيل بأنها تريد كسب الحرب الجديدة ضد العرب بسرعة خاطفة في إشارة إلي استخدام الأسلحة النووية, فرد قائلا: موضوع الحرب النووية ده موضوع كبير جدا, وموضوع ان الروس يقولوا إنهم عاوزين يجيبوا هنا أسلحة نووية.. أنا باقول: لأ.. لأنهم إذا ادونا أسلحة نووية.. اليهود علي طول يأخذوا أسلحة نووية من أمريكا, إذا جابوا هنا أسلحة نووية.. الأمريكان هنا بقي بيقولا لهم امشوا.. ده الكلام اللي قاله كيسنجر.. لازم يمشوهم ولو يدخلوا في مواجهة, فالعملية في الحقيقة أكبر من هذا, وممكن تتكرر عملية زي كوبا. هناك نقطة أخري بالنسبة لاستخدام الأسلحة النووية.. احنا موقعين اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية, وهذه الاتفاقية منها نص يتعهد به الاتحاد السوفيتي وأمريكا علي حماية كل الدول الموقعة علي الاتفاقية من أي تهديد ذري. وإدخال الأسلحة النووية ـ الحقيقة ـ في منطقة الشرق الأوسط موضوع ما أظنش ان إسرائيل تقدر تشتغل فيه لوحدها, وما أظنش ان أمريكا توافق لها, لأن أمريكا إذا وافقت يبقي معني هذا ان الروس حيجيبوا هنا أسلحة نووية, فعملية الأسلحة النووية عملية تتحسب حساب بالشعرة.. وبعدين ماحدش بيدي حد أسلحة نووية أبدا.. يعني من يوم ما اكتشفوها حتي فرنسا ماادوهاش الأمريكان الأسرار.. اضطروا انهم يبحثوا ثم يصلوا.. إلي اخر هذه العملية.
ومازال الحديث للرئيس عبد الناصر تعليقا على إمكان استخدام إسرائيل أسلحة نووية في حربها ضد العرب, وإمكانية امتلاك مصر لقنبلة نووية.. قال: الانجليز والصين أيضا هم اللي عملوا العملية, واحنا سبق وبعتنا بعثة إلي الصين سرا.. وقالوا لنا: اعتمدوا علي أنفسكم. الحقيقة احنا عندنا ناس تستطيع انها تعمل القنبلة الذرية, ومعروفين بالاسم, لكن الموضوع تكاليفه ليست في طاقتنا. وبعدين الميدان اللي حندخله مش ممكن يسيبونا نستخدم أسلحة ذرية.. مش ممكن حد يسيبنا يعني إذا استخدمنا أسلحة ذرية ضد إسرائيل.. وإسرائيل ما عندهاش, يبقي بالتالي تاني يوم احنا ننضرب ـ أو في اليوم نفسه ـ سننضرب بأسلحة ذرية من أمريكا.
وردا علي سؤال للرئيس عبد الناصر حول ضرورة التركيز علي القضية المصرية بعد أن تحملت عبء القضية العربية منذ عام48: قال عبد الناصر عن دور مصر العربي هو قدرنا لعدة أسباب.. لأن مصر هي أكبر دولة عربية, وبدون مصر الحقيقة تبقي الدول العربية لا تساوي شيئا.. وقلت للفريق فوزي احنا عاوزين نكون مستعدين إلي درجة لما نحارب يمكن نحارب وحدنا.
– ………………….. ؟
وحول إمكان استخدام سلاح البترول في المعركة ذكر الرئيس عبد الناصر ان استثمار شركات البترول في المناطق العربية ليس له تأثير فعال علي الولايات المتحدة فإن إجمالي ما تصرفه واشنطن علي حربها في فيتنام في أربعة أيام يساوي استثمار شركات البترول العاملة في الأراضي العربية بمنطقة الشرق الأوسط.
– ……………….. ؟
رداً علي رسالة الرئيس الأمريكي’ ريتشارد نيكسون’ التي بعثها إلي عبد الناصر حول عودة العلاقات بين القاهرة وواشنطن, قال عبد الناصر: احنا مش مستعدين ندخل دلوقت في معركة مع أمريكا لسبب بسيط.. إذا حصل تغيير في سياسة الولايات المتحدة فلا يمكن أن يحدث فجأة.. ولن يكون هناك تغيير جذري في الموضوع… أنا جت لي رسالة أخيرا من’ نيسكون’ مع’ هندسون’ بيقول عودة العلاقات فكان ردي له بقول ان اللي تغير في أمريكا حاجة واحدة بس هي الرئيس, مفيش حاجة بعد كده اتغيرت.
– السيدة هدى عبد الناصر اقتحمت الوثائق البريطانية وماذا قالت عن ثورة 23 يوليو .. فماذا وجدت فيها ؟
أن الوثائق البريطانية مصدر مهم وثري للدراسات في تاريخ مصر وخاصة منذ الاحتلال البريطاني لعام 1882 حيث تدخلت بريطانيا في جميع الشئون الداخلية المصرية
وحينما قامت ثورة 23 يوليو عام 1952 كانت السيطرة البريطانية محكمة على البلاد بالرغم من تركز القوات العسكرية البريطانية في منطقة القناة ولذلك توافرت في دار الوثائق البريطانية كميات هائلة من الوثائق الخاصة بمصر في ذلك الوقت.
لندن نظرت للثورة كمصدر تهديد للنفوذ البريطاني والمصالح الغربية بريطانيا سعت عام 51 لفصل سيناء وتدويل القناة .
– وحول استفهام .. هل نؤمن بالوثائق البريطانية كمعطيات مُسلَّم بها في التأريخ لثورة يوليو ؟
– أجابت السيدة الدكتورة هدى عبد الناصر : ينبغي توخي الحذر في استخدام الوثائق البريطانية كمصدر للمعلومات التي تبنى عليها الدراسات الأكاديمية فهي تعكس بالدرجة الأولى رؤية محرريها وآرائهم وبالتالي فإن المعلومات الواردة فيها لا يجب أن تؤخذ كشيء مسلم به بل ينبغي على الباحث أن يعمل على تقييم هذه المعلومات وتأكيدها من مصادر اخرى حتى يصل الى الحقيقة. وتناولت الدكتورة هدى في ورقتها دور الوثائق البريطانية في حرب فلسطين واحداث ثورة يوليو والوحدة المصرية السورية وغيرها من الاحداث العربية مؤكدة بأن هذه الوثائق فتحت كثيرا منها لاطلاع الباحثين بعد ثلاثين عاما من تاريخها كما فتحت بقية الوثائق التي كانت مغلقة لمدة خمسين عاما ولم يتبق سوى 6 ملفات فقط مغلقة حتى عام 2011 الأول بعنوان مصر والثاني عن العائلة المالكة والقصر وأربعة ملفات بدون عنوان.
– ماذا عن مكنون أسرار الأوراق والوثائق البريطانية عن ثورة يوليو ؟
فيما يلي نص الورقة : تعتبر الوثائق البريطانية مصدرا مهما وثريا للدراسات في تاريخ مصر وخاصة منذ الاحتلال البريطاني عام 1882 حيث تدخلت بريطانيا في جميع الشئون الداخلية المصرية فحوت تلك الوثائق ادق تفاصيل مختلف اوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الخاصة في مصر واستمر ذلك حتى توقيع اتفاقية الجلاء في 18 اكتوبر 1954 وتصفية القاعدة البريطانية في منطقة القناة والقضاء على النفوذ البريطاني برمته بعد العدوان الثلاثي على مصر في 1956. وعندما قامت الثورة في 23 يوليو 1952 كانت السيطرة البريطانية محكمة على البلاد بالرغم من تركز القوات العسكرية البريطانية في منطقة القناة ولذلك توافرت في دار الوثائق البريطانية كميات هائلة من الوثائق الخاصة بمصر في ذلك الوقت.
– ………………….. ؟
قيمة هذه الوثائق في أنها تتصف بالتنوع والشمول فلم تقتصر على المراسلات بين السفارة البريطانية في القاهرة ووزارة الخارجية في لندن وانما تحتوي ايضا تسجيلا للمناقشات حول مصر في مجلس الوزراء البريطاني والمذكرات التي عرضت عليه في هذا الشأن وكذلك المذكرات الصادرة من رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومساعديه ورؤساء الادارات المختلفة بالخارجية البريطانية كما تشمل ايضا جميع التقارير الواردة من الوزارات الاخرى المتعلقة بصنع السياسة البريطانية تجاه مصر وكذلك محاضر مناقشات مجلسي العموم واللوردات كما وردت في مضابطهما في نفس الموضوع.يضاف الى ما سبق ايضا المراسلات بين قادة القوات العسكرية البريطانية في مصر ووزارتي الحرب والخارجية البريطانيتين. كما تضم الوثائق البريطانية كل ما يتصل بمصر في اي بلد في العالم وفي المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومما يزيد في أهمية تلك الوثائق للباحثين أن بعضها كان يكتبه الخبراء البريطانيون الذين كانوا يعملون في مختلف وزارات الحكومة المصرية بمرتبات منها وظلوا في مواقعهم حتى بعد عقد معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا التي تحول بمقتضاها المندوب السامي البريطاني الى سفير له اقدمية على باقي السفراء في مصر محتفظا بنفس نفوذه السابق وظل رئيس البوليس المصري بريطاني يتلقى تعليمات مباشرة من لندن.
– ……………………. ؟
من جانب آخر ينبغي توخي الحذر في استخدام الوثائق البريطانية كمصدر للمعلومات التي تبني عليها الدراسات الاكاديمية فهي تعكس بالدرجة الاولى رؤية محرريها وآرائهم وبالتالي فأن المعلومات الواردة فيها لا يجب أن تؤخذ كشيء مسلم به بل ينبغي على الباحث أن يعمل على تقييم هذه المعلومات وتأكيدها من مصادر اخرى حتى يصل الى الحقيقة.
– ……………………….. ؟
تجدر الإشارة الى أن قيمة الوثائق تزيد كمصدر للبحث اذا كانت متعلقة بالاهداف السياسية البريطانية بالنسبة لقضية معينة وتقديرها للموقف الذي على اساسه يتم صنع القرار فهي هنا تصبح مصدراً من الدرجة الاولى بالنسبة للباحث.
– ………………………. ؟
لقد كانت بريطانيا طرفا في صراع مع مصر امتد منذ الإحتلال البريطاني في الربع الأخير من القرن التاسع عشر واشتد مع تصاعد الحركة الوطنية المصرية بعد الحرب العالمية الاولى التي قادت الى ثورة 1919 وما نتج عنها من استقلال اسمي لمصر في عام 1922 ولكن ذلك لم يمنع من استمرار هذا الصراع حول تمكين الحكم الدستوري وتحقيق الجلاء. وبعد قيام ثورة يوليو 1952 اصبح هذا الصراع اشد ضراوة ووصل الى مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
– ………………………. ؟
لقد جعل هذا الصراع المستمر بين مصر وبريطانيا الوثائق البريطانية ذات قيمة كبيرة للباحث حيث يجد بها تفسيرا لكثير مما يتعلق بالطرف الثاني من الصراع من حيث المعلومات التي لديه عن الموقف الذي يدور حوله الصراع وتحليله لها والتحالفات والتحركات والوسائل التي يستخدمها لتحقيق أهدافه سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو أعلامية ودعائية.
– ………………. ؟
ينبغي الاشارة هنا الى أنه ليست كل الوثائق تفتح لاطلاع الباحثين بعد ثلاثين عاما وانما هناك وثائق تعدم واخرى تظل مغلقة الى الابد وبعضها يفتح بعد اربعين عاما او خمسين عاما أو خمسة وسبعين عاماً أو مائة عام كما حدث مثلا بالنسبة لوثائق عدوان يونيو 1967.
– ………………….. ؟
في معالجة هذه الورقة لثورة 23 يوليو 1952 في الوثائق البريطانية تقسم إلى الأقسام الاتية:
أولاً : مقدمات ثورة يوليو في الوثائق البريطانية.
ثانياً : الرؤية البريطانية لاحداث الثورة.
ثالثاً : الصراع بين الثورة والاحتلال البريطاني.
رابعاً : الثورة كمصدر تهديد للنفوذ البريطاني والمصالح الغربية.
– ……………………. ؟
أولاً : مقدمات ثورة 23 يوليو في الوثائق البريطانية
تعتبر الوثائق البريطانية مصدرا غزيرا للمعلومات المتعلقة بمقدمات ثورة 23 يوليو فقد فتحت كثيرا من هذه الوثائق لاطلاع الباحثين بعد ثلاثين عاما من تاريخها كما فتحت كذلك باقي الوثائق التي كانت مغلقة لمدة خمسين عاما ولم يتبق سوى ستة ملفات فقط مغلقة حتى عام 2011 الاول بعنوان مصر والثاني عن العائلة المالكة والقصر واربع ملفات بدون عناوين.
– …………………. ؟
ونبدأ أولاً بتحديد ما الذي نقصده بمقدمات ثورة 23 يوليو ؟ نستطيع أن نقول أن الشعور الثوري في الجيش بدأ في عام 1942 عندما اقتحمت الدبابات البريطانية قصر عابدين وحاصرته وفرض السفير البريطاني «مايلز لامبسون» على الملك تولي حزب الوفد الحكم برئاسة مصطفى النحاس وقد اعتبر ضباط الجيش هذا الحدث بمثابة اهانه للشرف العسكري والشعور القومي.
– …………………………. ؟
توالت بعد ذلك أحداث وظروف يمكن اعتبارها المقدمات الاساسية لثورة 23 يوليو نقتصر في هذه الورقة على عرض ابرزها.
1- حرب فلسطين وما ارتبط بها من قضية الاسلحة الفاسدة التي دفعت ضباط الجيش الى التصميم على العمل للقضاء على الفساد في القاهرة بعد رجوعهم من ميادين القتال.
وتوضح الوثائق البريطانية وقائع قضية الاسلحة الفاسدة بالتفصيل من خلال عشرة ملفات كاملة اربعة ملفات عام 1948 واربع ملفات عام 1949 وملف واحد لكل من عامي 1950 و 1951. وتلقي الوثائق البريطانية بمسئولية صفقات الاسلحة الفاسدة على مجموعة من كبار قيادات الجيش ومن ابرزهم الفريق حيدر باشا وزير الحربية والأدميرال أحمد ندر رئيس أركان القوات البحرية واحد افراد الاسرة المالكة. ويتضح من تلك الوثائق أن صفقات الاسلحة الفاسدة لم تتم اثناء حرب فلسطين فقط بل امتدت حتى منتصف عام 1949.
– …………………… ؟
ترصد هذه الملفات مدى الشعور بالغضب الذي كان سائدا في صفوف الجيش بصفة عامة والمشاركين في حرب فلسطين بصفة خاصة وذلك لشعورهم بأنهم طعنوا من الخلف اثناء حرب فلسطين. وكذلك هناك وصف لحالة التذمر والغضب العارم بين ضباط الجيش في عام 1951 عندما قرر الملك فاروق اعادة الفريق حيدر باشا مرة اخرى ليكون رئيسا لاركان الجيش بالرغم من تورطه في قضية الاسلحة الفاسدة.
– ……………………. ؟
فساد الحياة السياسية وانقسام الاحزاب السياسية وتداول السلطة بينها في دائرة مفرغة تقوم على التدخل غير المشروع من جانب البريطانيين في الحكم والتلاعب غير الدستوري من جانب القصر في الحياة السياسية. وهنا ترصد الوثائق البريطانية واقع الحياة السياسية في مصر من خلال سلسلة من الملفات تحت اسم «الوضع السياسي في مصر» ويبلغ عدد هذه الملفات 35 ملفا في الفترة من 1949- 1952. وتكشف هذه الملفات عدم الاستقرار السياسي الذي كانت تعاني منه مصر حيث كانت رغبات السفير البريطاني واهواء الملك هي المحدد الاساسي الذي يتم على اساسه اختيار الوزارة التي تتولى مقاليد الحكم. كما تسجل هذه الوثائق تفاصيل كثيرة عن التغييرات الوزارية المتعاقبة التي كانت تحدث على فترات متقاربة جدا فبعض الوزارات لم تمكث في الحكم سوى اسبوع واحد واخر وزارة قبل الثورة استمرت يوما واحداً .
– …………………… ؟
تسجل الوثائق تدني شعبية جميع الاحزاب السياسية بما فيها الوفد نظرا لتورط قادة هذه الاحزاب في العديد من قضايا الفساد التي كشفتها الخلافات الشخصية بينهم والانقسامات الحزبية مثل ما ذكره مكرم عبيد في «الكتاب الاسود» من تجاوزات القيادات الوفدية.
– ………………………… ؟
يضاف إلى ما سبق تفاصيل الممارسات السياسية التي تؤكد عدم وجود ديمقراطية داخل هذه الاحزاب وتسابقها في إرضاء الملك والانجليز على حساب المصلحة العامة للشعب مما ادى الى انفصال هذه الاحزاب عن قواعدها الشعبية. ومن ابرز الامثلة على ذلك ضعف المشاركة السياسية في انتخابات مجلس النواب عام 1950 وبصفة خاصة في المدن الكبرى حيث لم يتعد المشاركون في التصويت نسبة 20% في مدينة القاهرة. اما ازدياد نسبة المشاركة في الريف فترجع الى قيام كبار ملاك الارض الزراعية باجبار الفلاحين على الادلاء بأصواتهم.
– ……………………….. ؟
سيطرة الاقطاع ورأس المال على الحكم وتفشي البؤس وانخفاض مستوى المعيشة لعامة الشعب.
وتعتبر الوثائق البريطانية احد اهم المصادر لمعرفة الاوضاع الاقتصادية لمصر في فترة ما قبل الثورة نظرا لتغلغل النفوذ الانجليزي في جميع نواحي الحياة في مصر. فلقد كان هناك رصد مستمر من قبل السفارة البريطانية عن الحالة الاقتصادية في مصر،تدون في تقارير شهرية وضعت في ملفات تحت اسم «الوضع الاقتصادي في مصر». وتكشف هذه التقارير عن مدى سيطرة الاجانب وكبار ملاك الارض الزراعية على الاقتصاد المصري وتمتعهم بثراء فاحش في الوقت الذي كان يعاني فيه غالبية الشعب المصري من الفقر وتدني مستوى المعيشة.
– ………………….. ؟
فشل جولات المفاوضات المصرية البريطانية المتعددة من اجل تحقيق مطلب الجلاء والانتقال في عام 1951 الى الكفاح المسلح ضد العسكريين البريطانيين في منطقة القناة الذي شارك فيه شباب الضباط المصريين.
– ………………………… ؟
تسجل الوثائق البريطانية بالتفصيل جولات المفاوضات المتعددة التي عقدت بين الحكومات المصرية المتعاقبة بريطانيا. ويزيد عدد الملفات التي تتناول هذه المفاوضات على 350 ملفا وهي تغطي الفترة من 1946 الى 1951. وتشير هذه الوثائق الى قيام الحكومة البريطانية بربط موافقتها على الجلاء عن مصر بموافقة مصر على الدخول في علاقة تحالف دفاعي معها يتيح لها ابقاء قوات عسكرية بريطانية في قاعدة قناة السويس بصورة دائمة تحت ذريعة مواجهة الخطر السوفييتي.
وتكشف الوثائق البريطانية النقاب عن وجود خطة بريطانية وضعها الكولونيل «جينينجز براملي» في عام 1951 تهدف الى فصل شبه جزيرة سيناء عن مصر ووضعها تحت الادارة الدولية وتدويل قناة السويس.
كما اتاحت الوثائق التي فتحت بعد خمسين عاما الاطلاع على التفاصيل الكاملة لخطة الانتشار العسكري للقوات البريطانية في منطقة قناة السويس والمعروفة باسم rodeo التي قامت بوضعها رئاسة الدكتور الاركان البريطانية للسيطرة على اجزاء كبيرة من الدلتا وبعض ضواحي القاهرة والاسكندرية وذلك في حالة حدوث مستجدات خطيرة على الساحة السياسية المصرية من وجهة النظر البريطانية. ومن امثلة ذلك قيام تمرد عسكري في صفوف الجيش يؤدي نجاحه الى شيوع حالة من الفوضى والاضطراب مما يؤدي الى الحاق الضرر بالمصالح البريطانية في مصر.
تطويق قوات الجيش البريطاني لعدد من قوات البوليس في مدينة الاسماعيلية في 25 يناير 1952 وإبادتهم احتجاجاً على أعمال الفدائيين في منطقة القناة ثم ما تبعها في اليوم التالي من اندلاع الحرائق في القاهرة التي استهدفت بالدرجة الاولى ممتلكات الاجانب.
وقد تعرضت الوثائق البريطانية بصورة تفصيلية للحدثين حيث شكلت الحكومة البريطانية لجنة تحقيق للتوصل الى الحقيقة في احداث 26 يناير وقدمت هذه اللجنة تقريرا مطولا يتكون من 58 صفحة اصبح متاحا للباحثين عام 2001 فقط.
_ ………………………….. ؟
ثانياً : الرؤية البريطانية لأحداث الثورة قبل قيام الثورة بعدة ايام رصدت الوثائق البريطانية الاوضاع الداخلية المتدهورة فالملك اصبح هو المسيطر على الامور وساعد ضعف الوزارة على التنبؤ بسقوطها وهو ما حدث في 22 يوليو 1952 حيث عين نجيب الهلالي رئيسا لها.
وقد عكست الوثائق البريطانية في هذه الفترة القلق من تذمر شباب الضباط داخل الجيش وانخفاض شعبية الملك بينهم بسبب اصراره على تعيين ضباط حاشيته في المراكز المهمة في الجيش وبرز اسم محمد نجيب الذي رشحه شباب الضباط لمواجهة مرشح الملك على اساس انه الشخصية التي يتجمع حولها هؤلاء الضباط.
ولم تستبعد التقارير البريطانية إحتمال قيام تمرد عسكري يؤدي نجاحه إلى الفوضى وأعمال العنف بواسطة المتطرفين خاصة مع سوء الاحوال الاقتصادية مما قد يستوجب تنفيذ الخطة rodeo السابق ذكرها.
وفي نفس الوقت حدث اتصال من جانب السفارة البريطانية بالسفارة الامريكية في القاهرة في 21 يوليو لابلاغهم بتقديراتهم لخطورة الموقف داخل الجيش الا أن الامريكيين ردوا بأن الامر ليس بهذه الخطورة.
– ………………………. ؟
عندما أجرى الملك التغيير الوزاري في 22 يوليو وتولت حكومة الهلالي التي عين فيها اسماعيل شرين وزيرا للحربية للتعامل مع شباب الضباط صدرت التقارير من السفارة البريطانية بأن الوضع اصبح مطمئنا. وفي ليلة 23 يوليو فوجيء الجميع بتحرك مجموعة من رجال الجيش واستيلائهم على القاهرة وتتبعوا تسلسل الحوادث وفوجئوا بطاعة رجال البوليس لاوامر قادة الحركة فور قيامها ثم توالي تأييدها من جانب قطاعات الجيش المختلفة في سيناء وكذلك القوات الجوية المصرية التي اظهرت ذلك بالطيران فوق القاهرة والاسكندرية حيث كان الملك والحكومة يقضيان اشهر الصيف. وقد ارسلت قيادة حركة الجيش صباح الثورة رسالة الى السفارة البريطانية،من خلال احد اعضاء السفارة الامريكية بأنهم سيقاومون اي تدخل بريطاني ضدهم وأن تلك الحركة مسألة داخلية تماما هدفها الاساسي هو وضع حد للفساد في البلد.
– ……………………….. ؟
في نفس الوقت سارع كبار رجال النظام مثل عمرو باشا ومرتضى المراغي الى الاتصال بالسفارة البريطانية لطلب التدخل العسكري البريطاني لقمع الحركة على اساس انها مستوحاة من الشيوعيين والاخوان المسلمين وأن ضباط الحركة من المتطرفين المعادين للرأسمالية. وكذلك ابلغ «كافري» السفير الامريكي في مصر «كريسويل» القائم بأعمال السفارة البريطانية أن الملك اتصل به تليفونيا عدة مرات منذ الثانية صباح 23 يوليو مرددا أن التدخل الاجنبي هو وحدة الذي يمكن أن ينقذه اسرته! وعلق «كافري» أن الملك وأن لم يطلب صراحة التدخل العسكري البريطاني الا أن ذلك كان متضمنا في كلامه. وقد اضاف أن الملك كان في حالة ذعر شديد وأنه حاول تهدئته وتشجيعه على مواجهة الموقف على امل أن يستمر في موقعه ولكن في اطار ملكية دستورية. وقد عكست الوثائق البريطانية الانطباعات البريطانية يومي 23 و 24 يوليو 1952 من مختلف المصادر في مصر السفارة البريطانية وقيادة القوات البريطانية في الشرق الاوسط في منطقة القناة وردود الفعل في الخارجية البريطانية ووزارة الحرب في لندن.
– …………………………. ؟
تبلور الموقف البريطاني كما يلي :
يوم 23 يوليو:
- تم رفع استعداد القوات البريطانية في منطقة القناة بهدوء ومنعت الطائرات البريطانية من الطيران فوق الدلتا لعدم اثارة الشعور المعادي لبريطانيا.
- الحرص على تجنب اي تحرك استفزازي للقوات المسلحة المصرية من جانب القوات المسلحة البريطانية طالما لا يوجد اي تهديد لحياة وممتلكات البريطانيين او لامن القوات البريطانية في منطقة القناة.
يوم 24 يوليو:
- وردت تعليمات من وزارة الخارجية البريطانية بارسال «هاميلتون» مساعد الملحق العسكري لمقابلة محمد نجيب لاخطاره بأن الحكومة البريطانية لا ترغب في التدخل في الشئون الداخلية المصرية الا انها لن تتردد في التدخل اذا اعتبرت ذلك ضروريا لحماية ارواح البريطانيين لذلك فقد صدرت تعليمات خاصة الى القوات البريطانية في منطقة القناة لوضعها في حالة الاستعداد وأن تلك الترتيبات ليست موجهة للقوات المسلحة المصرية وخاصة أن ما ورد في بيان الثورة من أن الجيش المصري سيكون مسئولا عن حماية ارواح وممتلكات الاجانب قد طمأنهم.
- تتبعت السفارة البريطانية موقف الملك من خلال السفير الامريكي الذي اخبرهم بمقابلة الملك بعد ظهر يوم 23 يوليو وكيف كان يشعر بمرارة ضد بريطانيا لانها لم تتدخل عسكريا وأنه لم يكن لديه أي بديل الا أن يقبل طلبات قادة حركة الجيش بما فيها طرد نجيب الهلالي وتعيين علي ماهر كرئيس وزراء.
- أصدرت وزارة الحربية تعليمات الى قيادة القوات البريطانية في الشرق الاوسط المقيمة في منطقة القناة بالاستعداد لتطبيق خطة odeor التي ترفع استعداد القوات البريطانية في قاعدة قناة السويس وذلك بدون اي اثارة للجيش المصري.
يوم 25 يوليو:
أبلغ السفير الامريكي في القاهرة السفارة البريطانية أن الملك ارسل له يوم 25 يوليو ما بين الساعة 4 5 صباحا عدة رسائل يطلب فيها طائرة او مركب امريكية ليهرب بها خاصة بعد أن اعلن كل الحرس الملكي تأييده لحركة الجيش وبعد أن وصلته الاخبار بتحرك قوات من الجيش المصري ودبابات في طريق القاهرة الاسكندرية وأنها على وصول وأنه يخشى أن يعرف ضباط الحركة عن اتصاله بالسفارة الامريكية ولذلك فهو يطلب التدخل البريطاني.
– ……………………… ؟
وبناء على ما سبق بدأ البحث عن اقرب السفن العسكرية البريطانية للشواطيء المصرية فوجدت سفينتان احداهما على بعد 10 ساعات والثانية على بعد 6 ساعات ولكن قائد البحرية البريطانية اوضح انه لا يمكنه استخدام هذه السفن لهذا الغرض الا بعد استشارة رئيس الوزراء البريطاني.
يوم 26 يوليو:
توالت الرسائل من الملك إلى السفير الأمريكي الذي كان يقوم بنقلها الى السفارة البريطانية.
ففي الساعة الثامنة صباحا ارسل الملك رسالة من القصر بأن القوات العسكرية المصرية دخلت أرض القصر بالقوة وحدث ضرب رصاص.
وفي الساعة الحادية عشرة والربع ابلغه الملك انه اعطى مهلة حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا للتنازل عن العرش لابنه وحتى الساعة السادسة بعد الظهر لمغادرة البلاد.
وفي الموعد المحدد غادر الملك فاروق ارض مصر على اليخت الملكي «المحروسة» وكان «كافري» في وداعه.
– ……………………. ؟
تتضمن الوثائق البريطانية وصفاً تفصيلياً لأحداث يوم 26 يوليو في القصر كما رواها السفير الأمريكي.
– ………………….. ؟
بعد تلك الاحداث الفاصلة عبر وزير الخارجية البريطانية عن موقف الحكومة البريطانية من التطورات السريعة التي حدثت في مصر من 23 يوليو الى 26 يوليو وقد تلخص في عدم التدخل على اساس أن تلك مشكلة داخلية وقد اضاف معلقا أن الحكومة البريطانية كانت دائما ترى ضرورة تطهير مصر من العناصر الفاسدة في القصر والادارة حتى يستتب الامر في البلاد. الا انه اظهر قلقه من نشاط الجيش في القاهرة ومن الشائعات بأن بعض الضباط في الحركة لهم علاقات بالاخوان المسلمين خوفا من سيطرة عناصر متطرفة على السلطة ومن هنا فقد كان افضل وضع بالنسبة لهم هو استمرار وزارة علي ماهر.
– …………………….. ؟
يلاحظ أن أهم ما ركزت عليه التقارير البريطانية هو رصد رد فعل الشعب المؤيد لحركة الجيش وذلك من الترحيب والهتافات المؤيدة التي قوبلت بها القوات المسلحة المصرية لدى دخولها الاسكندرية في 25 يوليو لحراسة القنصليات وتأمين الوضع بالمدينة قبل مغادرة الملك.
– ……………………….. ؟
فور الإعتراف بنجاح حركة الجيش بدأت التقارير التي تعيد تقدير الموقف ويلاحظ منها مدى تعاظم الدور الامريكي في الموقف وخاصة في حالة لجوء بريطانيا الى استخدام القوات العسكرية ضد النظام الجديد في مصر بتطبيق العملية rodeo.
– ……………………………. ؟
لقد كان تقدير البريطانيين أن الرأي العام الامريكي لن يؤيد التدخل العسكري البريطاني خارج منطقة القناة بل سيدينه وحيث أن هذه هي سنة الانتخابات الامريكية فمن المتوقع الا تقوم الحكومة الامريكية بتأييد بريطانيا ولو معنويا في هذه الحالة وهذا يعني الانقسام بين بريطانيا والولايات المتحدة حول سياسة الغرب في الشرق الاوسط مما اعتبره السياسيون البريطانيون كارثة.
إلا أن الحكومة البريطانية لم تعترف بسرعة بالنظام الجديد في مصر وظلت ترقب الامور بحذر الى أن صدر من الحكومة الامريكية تصريحا في 3 سبتمبر اعطى الانطباع باستعدادها لتأييد نظام 23 يوليو طالما أنه لا يشرك شيوعيين في الحكومة.
– ………………. ؟
هنا بدأ التساؤل في وزارة الخارجية البريطانية هل يؤيدوا حركة الجيش ؟ وكان ذلك بعد أن أقيلت وزارة علي ماهر ثم صدر قانون الاصلاح الزراعي في 9 سبتمبر الذي حدد الملكية الزراعية بمئتي فدان للفرد وثلاثمئة للاسرة وتبعه الاعلان عن توزيع ارض الاصلاح الزراعي على الفلاحين.
– ………………………. ؟
قد قررت الولايات المتحدة الدخول في مفاوضات فورية مع النظام المصري لتحديد مجال وطبعية التعاون بينهما على أن تكون الطلبات محددة فيما يتعلق بالمساعدة الاقتصادية والعسكرية وتكون الاخيرة مقتصرة على المساعدة الفنية اي تلك المتعلقة بالتدريب واعتزمت الولايات المتحدة الاعتذار في نفس الوقت عن تقديم السلاح الى مصر وحثها على أن تتباحث في ذلك مع بريطانيا التي كانت مصدرها الاساسي في هذا الشأن موضحة صعوبة امداد مصر بالسلاح قبل الوصول الى تسوية سلمية مع اسرائيل.
ثالثا: الصراع بين الثورة والاحتلال البريطاني لمصر لقد دخلت الثورة المصرية بعد قيامها بعدة اشهر في مفاوضات مع الحكومة البريطانية تتعلق بالوضع في السودان والجلاء عن مصر هاتان القضيتان اللتان ظلتا محورا للحركة الوطنية المصرية منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى وجرت حولهما مفاوضات متعددة وصلت الى طريق مسدود.
- المفاوضات المصرية البريطانية الخاصة بالسودان:
تتضمن الوثائق البريطانية الخاصة بهذا الموضوع تسجيلا تفصيليا لكل ما دار من محادثات بين المسئولين المصريين والبريطانيين حول وضع السودان الى أن تم توقيع اتفاقية السودان في 1953. كما تتضمن ايضا كل الاتصالات التي تمت بين الجانبين لتنفيذ بنود الاتفاقية بعد توقيعها.
– ……………………… ؟
تكشف الوثائق البريطانية عن الدور الذي قامت به بريطانيا في انفصال السودان عن مصر من خلال تقديم الدعم الى القوى السودانية المنادية بالانفصال ووضع العراقيل امام جميع الصيغ الوحدوية التي اقترحتها حكومة الثورة او الصادرة عن القوى السودانية المؤمنة بفكرة الوحدة بين شطري وادي النيل.
وقد بدأت المفاوضات حول السودان في نهاية عام 1952 وتحديدا بعد قيام ثورة يوليو بخمسة اشهر وهذه المفاوضات مسجلة في سلسلة من الملفات يبلغ عددها 16 ملفا في عام 1952 وقد تم الكشف عن محتوى هذه الوثائق بصورة كاملة.
وقد تم استكمال المفاوضات بين الجانبين في عام 1953 وهذه المفاوضات مسجلة في 25 ملفا. وبالرغم من مرور ما يقرب من نصف قرن الا أن جزءا لا يستهان به من هذه الوثائق لايزال مغلقا وهو الجزء المتعلق بالسياسة البريطانية في السودان اثناء المفاوضات وموجود في عشرة ملفات.
2- مفاوضات الجلاء عن مصر:
بدأت هذه المفاوضات عام 1953 بعد توقيع اتفاقية السودان مباشرة وتكشف الوثائق البريطانية عن التناقض في اهداف كل من الطرفين المتفاوضين فقد كان هدف مصر النهائي من هذه المفاوضات هو توقيع اتفاقية تضمن جلاء القوات البريطانية عن منطقة قناة السويس بينما كانت بريطانيا تهدف الى ضم مصر الى التحالف الغربي المناهض للاتحاد السوفييتي تحت ذريعة الدفاع عن الشرق الاوسط في محاولة منها للحصول على غطاء شرعي يضمن بقاء القوات البريطانية في منطقة القناة.
– ………………….. ؟
تكشف الوثائق البريطانية عن وجود إتصالات إسرائيلية بريطانية من أجل تنسيق المواقف فيما بينهما فيما يتعلق بالمفاوضات مع مصر. فلقد أبدت اسرائيل في هذه الإتصالات قلقها العميق من جلاء القوات البريطانية عن قاعدة قناة السويس وطالبت بضرورة أن يتم التشاور معها قبل توقيع أن اتفاقية مع مصر حيث ظهر أن اسرائيل كانت تعتبر الوجود العسكري البريطاني في منطقة القناة بمثابة المنطقة العازلة بينها وبين الجيش المصري. وقد تم الكشف عن جزء من هذه الاتصالات الاسرائيلية البريطانية الا أن هناك العديد من الوثائق التي تتناول هذا الموضوع مغلقة لفترة 50 عاما واغلبها يشمل الضمانات التي قدمتها بريطانيا لاسرائيل خاصة فيما يتعلق بقيام بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية بتقديم مبادرة سلام لانهاء الصراع في المنطق.
3- العدوان الثلاثي 1956:
تمثل حرب السويس نقطة فارقة في تاريخ مصر ومنطقة الشرق الاوسط والعالم حيث انها الغت تعهدات مصر في اتفاقية الجلاء فيما يتعلق باعادة استخدام القوات البريطانية لقاعدة قناة السويس في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أن بلدا يكون طرفا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية او تركيا. وفي نفس الوقت تعتبر هذه الحرب بداية النهاية للوجود الاستعماري البريطاني الفرنسي في المنطقة. كما اكد فشلها دور ثورة يوليو المحوري في قيادة دول المنطقة وتقديم الدعم لحركات التحرر في المنطقة العربية وفي افريقيا واصبحت مصر نموذجا يحتذى به في العالم الثالث لمقاومة السيطرة الاستعمارية وتحقيق الاستقلال.
– …………………… ؟
تبرز الوثائق البريطانية بالتفصيل قصة حرب السويس من بدايتها الى نهايتها وتكشف عن وجود مخطط بريطاني فرنسي امريكي لتحجيم دور مصر الثورة في المنطقة منذ بداية عام 1955. ولقد كان السبب الرئيسي في وضع ذلك المخحطط هو رفض مصر الانضمام الى سياسة الاحلاف التي حاولت الدول الثلاث اقامتها في المنطقة لمواجهة الاتحاد السوفييتي.
– …………………….. ؟
تشير الوثائق بوضوح الى أن قرار جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس لم يكن السبب الرئيسي لشن العدوان الثلاثي على مصر وانما كان الغطاء الذي احتمت به الدول الثلاث ليوفر لها شرعية شن الحرب. فقد تم الكشف عن وثائق بريطانية يرجع تاريخها الى عام 1951 تؤكد حق مصر المطلق في تأميم شركة قناة السويس لأن ذلك حق سيادي لمصر يتوافق مع ما جاء في اتفاقية القسطنطينية 1888 الخاصة بقناة السويس. وتكشف الوثائق تفاصيل التخطيط بين الدول الثلاث المعتدية الذي لم يتم كما اصبح معروفا عن طريق الوسائل الدبلوماسية المعتادة وانما تم عن طريق اعلى مراكز صنع القرار في الدول الثلاث اي رؤساء الوزارة حيث لم يكن سفراء الدول الثلاث في الخارج على علم بهذه الخطط. وكذلك اختفاء الوثيقة الرئيسية التي تم التوقيع عليها في فرنسا بين رؤساء الحكومات الثلاث بشأن العدوان على مصر لأن رئيس وزراء اسرائيل اصر على الاحتفاظ بها في تل ابيب خشية أن تتركه فرنسا وبريطانيا وحده في مواجهة مصر كما اعلن عند نشر اسرائيل هذه الوثيقة.
– …………………… ؟
لقد تناولت الوثائق البريطانية أيضاً حالة العزلة التي وجدت الحكومة البريطانية نفسها فيها داخليا وخارجيا اثناء حرب السويس فقد عارض غالبية الشعب البريطاني هذه الحملة العسكرية في الوقت الذي نجحت فيه مصر في حشد تأييد الرأي العام العالمي لموقفها كما اتضح ايضا وجود مصلحة لبعض القوى الاقليمية بجانب اسرائيل في القضاء على الثورة المصرية فقد كان نورى السعيد رئيس وزراء العراق احد ابرز مؤيدي الهجوم العسكري على مصر املا في ايجاد نظام بديل فيها يؤيد سياسته في اقامة تحالفات مع الدول الاستعمارية.
– ………………………. ؟
ترصد وثائق وزارة الدفاع البريطانية بصورة تفصيلية احداث العدوان العسكري على مصر بدءا من الهجوم الاسرائيلي على سيناء في التاسع والعشرين من اكتوبر وعدم قدرة اسرائيل على تحقيق اي نصر عسكري حاسم حتى يوم 31 اكتوبر وهو يوم صدور القرار المصري بالانسحاب من سيناء ثم الهجوم على المطارات والقواعد الجوية املا في اخراج السلاح الجوي المصري من المعركة في الاوقات الاولى من الحرب ثم عملية الانزال البري التي قامت بها القوات الفرنسية والبريطانية في بورسعيد والمقاومة الباسلة التي قام بها الجيش والشعب المصري في مواجهة القوات المعتدية.
رابعاً : الثورة المصرية كمصدر تهديد للنفوذ البريطاني والمصالح الغربية خرجت مصر بانتصار سياسي في 1956 بعد فشل العدوان الثلاثي عليها وهنا بدأت مخططات جديدة بهدف تحقيق ما عجز السلاح عن فرضه فأصبحت منطقة الشرق الاوسط محور صراع سياسي ضار بين الغرب وقوى التحرر العربية. وهنا تظهر قيمة الوثائق البريطانية فهي تكشف تلك المخططات وتسجل تفاصيل ذلك الصراع وبصفة خاصة خلال معركة الاحلاف العسكرية وبعد تحقيق الوحدة المصرية السورية وخلال مرحلة المد التحرري العربي الذي ساندته مصر بكل قواها في اليمن والخليج العربي وجنوب شبه الجزيرة العربية. وقد وصل الامر في منتصف الستينيات الى التآمر لتوجيه ضربة عسكرية من اجل القضاء على نظام عبد الناصر تماما ولما لم يتم ذلك عندما رفض الشعب العربي الهزيمة بعد ضربة يونيو 1967 استمر العداء بين مصر والغرب الذي القى بثقله بجانب اسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا وذلك حتى رحيل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970.
– ………………………… ؟
سوف نتوقف هنا عند نقاط اساسية في هذه المرحلة لنستعرض ما تعكسه الوثائق البريطانية بصددها :
الوحدة المصرية السورية 1958 1961 حركات التحرر العربي والافريقي عدوان 5 يونيو 1967.
1- الوحدة المصرية السورية 1958- 1960:
بالرغم من استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبريطانيا منذ العدوان الثلاثي في 1956 الا أن الوثائق البريطانية تحتوي على معلومات دقيقة توضح اهتمام بريطانيا والغرب عموما بتتبع عملية الوحدة كما تشكف وهو الاهم مدى خطورة الوحدة المصرية السورية ليس فقط على المصالح البريطانية والغربية في منطقة الشرق الاوسط بل ايضا على مصالح الكتلة الشرقية التي وقفت من الوحدة منذ البداية موقفا معاديا. واخطر ما في الوثائق البريطانية المتعلقة بالوحدة المصرية السورية التفاصيل التي ذكرت عن مخططات الدول الغربية لمنع انضمام اي من الدول العربية الاخرى الى دولة الوحدة ومختلف الوسائل التي استخدمت من أجل تحقيق هذا الهدف فلقد قدم الغرب الدعم المالي والعسكري للدول المجاورة لمصر وسوريا بالاضافة الى تغذية شكوك جميع دول المنطقة حول الدولة العربية الوليدة فلقد كانت بريطانيا هي المحرك الرئيسي لاثارة مخاوف كل من العراق ولبنان والاردن من احتمال تعرضهم لهجون عسكري من جانب الجمهورية العربية المتحدة.
– ……………….. ؟
تكشف الوثائق البريطانية أسرار حملة الدعاية المضادة لدولة الوحدة التي لم يكن لها اساس من الصحة وانما كانت تهدف الى تشويه صورة الجمهورية العربية المتحدة ورئيسها امام الجماهير العربية.
ومما يثير مزيد من الشكوك حول الدور المشبوه الذي قام به الغرب لاحباط تجربة الوحدة بين مصر وسوريا وابعاد الدول العربية الاخرى عنها هو وجود 50 ملفا مغلقا من هذه الوثائق لمدة خمسين عاما استثناء من قاعدة فتح الوثائق السياسية بعد ثلاثين عاما بالاضافة الى وجود 4 ملفات مغلقة لمدة قرن من الزمان! ومما يدل على مدى الانزعاج الذي سببته الوحدة المصرية السورية للقوى الاستعمارية هو أن معظم الوثائق البريطانية المتعلقة بها محفوظة تحت اسم « أزمة الشرق الاوسط ».
– ……………………… ؟
بالطبع لقد حظى انفصال سوريا عن مصر وانتهاء تجرب الوحدة الاولى في التاريخ الحديث في 28 سبتمبر 1961 بمساحة كبيرة من الوثائق البريطانية فلقد كان هناك رصد دقيق لكل جوانب الوضع الداخلي في كل من مصر وسوريا كما قامت بريطانيا بتبني مطالب بعض الفئات السورية التي اضيرت من القوانين الاشتراكية وفي النهاية تشير هذه الوثائق الى أن انفصال سوريا عن مصر يمثل ضربة شديدة للفكر الثوري في المنطقة والتي كانت ثورة يوليو في طليعته.
2- حركات التحرر العربي والإفريقي :
أحدثت ثورة يوليو انقلابا في خريطة المنطقة العربية والقارة الافريقية من خلال قيامها بمساعدة حركات التحرر ضد الاستعمار مما اثار حفيظة الدول الاستعمارية الغربية ودعاها للتكتل لضرب الثورة المصرية وتحجيم نفوذها المتزايد سواء في الوطن العربي او افريقيا او في حركة عدم الانحياز.
– ………………….. ؟
تقدم الوثائق البريطانية رصدا دقيقا للمساعدات التي قدمتها مصر لحركات التحرر في المنطقة العربية وافريقيا والعالم الثالث ويبرز دور مصر في مساعدة تونس والمغرب لنيل استقلالهما في منتصف الخمسينيات ثم الدور المصري الحاسم في مساندة الثورة الجزائرية والذي كان احد اسباب تآمر فرنسا ضد مصر في عدوان 1956 حيث كانت مصر تمد الثورة الجزائرية بالسلاح والاموال اضافة الى الدعم الاعلامي واستضافة المناضلين الجزائريين في القاهرة. وتحتل مساندة مصر للثورة اليمنية مساحة كبيرة من الوثائق البريطانية المتعلقة بمصر في بداية الستينيات نظرا لاهمية موقع اليمن الاستراتيجي في جنوب البحر الاحمر وقربه من منابع النفط في الخليج العربي اضافة الى حجم الدعم الذي قدمته مصر حيث انها كانت المرة الاولى التي تخرج فيها قوات مصرية بهذا الحجم لمساعدة دولة عربية.
– …………………… ؟
تذكر الوثائق البريطانية التي تم الكشف عنها أن المساعدات الضخمة التي قدمتها مصر للثورة اليمنية تجاوزت الخطوط الحمراء للقوى الاستعمارية لانها كانت بمثابة تهديد مباشر وصريح لاهم مصالح القوى الغربية في المنطقة والتي تتمثل في النفط والتحكم في الممرات المائية. وقد حفزهم ذلك الى محاولة استنزاف قدرات مصر الاقتصادية والعسكرية في اليمن من خلال اطالة زمن الحرب. وقد لعبت الحملات الدعائية البريطانية دورا كبيرا في تأجيج نار الخلافات العربية العربية من خلال تشويش صورة مصر وابرازها بمظهر الساعي للهيمنة على المنطقة العربية باسرها وقلب انظمة الحكم فيها بما يتوافق مع سياساتها هي.
– ……………………. ؟
لم يتم الكشف بعد عن جزء كبير من وثائق حرب اليمن خاصة تلك التي تتعلق بالسياسة البريطانية تجاه اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية او التي تتعلق بالمساعدات العسكرية التي قدمتها المخابرات البريطانية بالتعاون مع جهات اخرى للقوى الرافضة للدور المصري في جنوب شبه الجزيرة العربية.
– ……………………. ؟
تذكر الوثائق البريطانية أن مساعدة مصر لحركات التحرر في القارة الافريقية والعالم الثالث ادى الى تنامي علاقات مصر الخارجية بصورة كبيرة مما وفر لها دعما سياسية هائلا في معظم قضاياها. كما أن هذا الدور تحديدا مكنها من اجهاض معظم المحاولات الاسرائيلية المتكررة لمد نفوذها في دول القارة الافريقية لتطويق الدول العربية من جهة الجنوب.
– …………………….. ؟
تقدم الوثائق البريطانية استعراضا شاملا لعلاقات مصر الخارجية مع القارة الافريقية ودول العالم الثالث في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية. كما تسجل الوثائق تفاصيل المفاوضات المصرية البريطانية المتعلقة بعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1959 خاصة ما يتعلق بمطالب مصر افتتاح بعض القنصليات لها في افريقيا ومنطقة الخليج العربي وكيف أن الخلاف في هذه النقطة قد عرقل استئناف العلاقات بين البلدين لمدة تقترب من العامين الى أن تم التوصل في نهاية عام 1960 الى اتفاق يسمح لمصر باقامة قنصليات لها في كل من نيروبي ودار السلام وفري تاون والكويت.
– ……………………….. ؟
أبرزت الوثائق زيارات جمال عبد الناصر للدول الافريقية والاستقبالات الشعبية الحافلة التي حظى بها خلالها ومن ابرز الامثلة على ذلك هو زياراته لكل من السودان عام 1960 وغينيا وغانا عام 1965.
3- عدوان 5 يونيو 1967:
بالرغم من انقضاء ما يقرب من خمسة وثلاثين عاما على حرب يونيو 1967 الا أنه لم يتم الكشف عن كثير من الوثائق البريطانية المتعلقة بها لأن غالبيتها مصنف تحت بند سري للغاية ويتطلب 50 عاما للكشف عنه. ان الوثائق المتاحة للاطلاع هي فقط المتعلقة بمقدمات هذا العدوان بالاضافة الى سرد يومي لتفاصيل العمليات العسكرية خلال ايام الحرب ثم بعض المحادثات السياسية التي جرت بعد انتهاء العمليات العسكرية خاصة بين الدول الكبرى واسفرت عن قرار مجلس الامن رقم 242.
– ……………………. ؟
بالرغم من أن وثائق عام 1967 لم يتم الكشف عن الجزء الأكبر منها إلا أن هناك بعض الوثائق التي يرجع تاريخها إلى نهاية عقد الخمسينيات تلقي مزيدا من الضوء على الهدف الأساسي الذي سعت اليه وعملت من اجله القوى الاستعمارية وهو القضاء على الثورة المصرية.
– …………………… ؟
من أخطر تلك الوثائق المذكرة التي قدمها «جوليان امري» مساعد وزير الدفاع البريطاني عام 1958 الى رئيس الوزراء الذي صدق عليها ثم تم الرجوع اليها مرة اخرى في عام 1966 اثناء المحادثات الامريكية البريطانية عن الشرق الاوسط في ذلك الوقت. وهذه المذكرة تتضمن مجموعة من الخيارات للتعامل مع نظام جمال عبد الناصر وانتهت الى أن السبيل الوحيد لضمان المصالح البريطانية والغربية في منطقة الشرق الاوسط هو التخلص من جمال عبد الناصر من خلال استخدام الوسائل العسكرية. وتمثل هذه المذكرة الاساس الذي ارتكزت عليه السياسة البريطانية تجاه مصر خلال العشر سنوات التالية.
– …………………….. ؟
سجلت الوثائق البريطانية بالتفصيل الموقف السياسي في مصر في أعقاب عدوان 5 يونيو وخاصة قرار جمال عبد الناصر بالتنحي عن الحكم ورد الفعل الهائل من قبل الجماهير العربية برفض الاستقالة ومطالبته بالعودة مرة أخرى من أجل ازالة آثار العدوان. كما رصدت تقارير السفارة البريطانية في الخرطوم الاستقبال منقطع النظير من قبل الجماهير السودانية للرئيس عبد الناصر عند زيارته للمدينة لحضور مؤتمر القمة العربي الذي عقد في أغسطس عام 1967 أي بعد شهرين فقط من العدوان.
– …………………….. ؟
ترصد الوثائق الجهود التي بذلتها مصر لازالة اثار هذا العدوان من خلال اعادة بناء الجيش المصري حيث يذكر احد تقارير السفارة البريطانية في يونيو 1968 أن الجيش المصري اصبح اكثر قوة وتنظيما مما كان عليه قبل عدوان يونيو 1967. كما اولت هذه الوثائق اهمية كبرى لحرب الاستنزاف ليس فقط من خلال متابعة العمليات العسكرية المتبادلة بين الجانبين وانما من خلال دراسة اثر هذه الحرب الاقتصادية والنفسية على كل من مصر واسرائيل وموقف الدول العربية منها.
– ……………………. ؟
قد تابعت الوثائق البريطانية الموقف الاقتصادي في مصر من خلال تقارير نصف شهرية واكدت هذه التقارير صمود الشعب المصري خلف قيادته السياسية بالرغم من الصعوبات الاقتصادية الجمة التي يواجهها. كما أنها رصدت التضحيات الغالية التي بذلها الشعب في سبيل الإعداد لمعركة التحرير.
_ ……………………….. ؟
أخيراً تم فتح بعض وثائق عامي 1970 و 1971 للإطلاع وهي التي تتناول الموقف في منطقة الشرق الاوسط والصراع العربي الاسرائيلي بصفة عامة الا انها ركزت بصفة خاصة على الاحداث المأسوية التي شهدها الاردن والتي تعرف باسم «احداث ايلول الاسود» تعبيرا عن المصادمات الدموية التي حدثت بين الفصائل الفلسطينية والجيش الأردني.
– …………………………. ؟
ترصد الوثائق البريطانية هذه المأساة منذ بدايتها لان بريطانيا لم تكن بعيدة عن مسار الاحداث فقد كان اعتقال السلطات البريطانية للفدائية الفلسطينية ليلى خالد اثر محاولتها اختطاف طائرة اسرائيلية هو الدافع لمجموعة فدائية فلسطينية لاختطاف ثلاث طائرات والهبوط بها في قاعدة جوية اردنية وتفجيرها بعد اطلاق سراح جميع ركابها.
هدى عبد الناصر تكشف :
وثائق جديدة تنسف أكاذيب أعداء الثورة
ناصر وضع أسس دولة جديدة تقبل بالتعددية والفصل بين السلطات
عبد الناصر متهماً :
هل كان يحكم بسلطة الفرد المطلقة دون الرجوع لأحد ؟!!
أين الدستور وسيادة القانون ؟!
الأهداف الستة للثورة هل تحققت ؟!!
وأين حقوق المرأة في عصره ؟!
هل الشعب العامل له صوت ؟! أم أن صوت ناصر وحده كان كافياً ؟!!
استفهامات حائرة .. تجيب عنها السيدة الدكتورة هدى كريمة الرئيس جمال عبد الناصر في حديثٍ من القلب لتميط اللثام عن حقائق هامة من عمر ثورتنا وقائدنا يحاول أعداء الثورة أن يهيلوا عليها الثرى من أجل هوىً جاهل مُتَّبع وفِكر جائر مبتدع ..
فماذا قالت سيادتها ؟
بل ماذا عن نصوص أحاديث عبد الناصر مع قادة الإتحاد الإشتراكي والتي تكشفها السيدة كريمته في خصوصية غير مسبوقة ؟
…
– ……………………. ؟
قامت ثورة 23 يوليو 1952 لتحقيق أهداف ستة نبعت من مطالب الحركة الوطنية المصرية باتجاهاتها المختلفة منذ ثورة 1919 وهى :
1-القضاء على الاستعمار .
2-القضاء على الإقطاع .
3 – القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .
4- إقامة عدالة اجتماعية .
5-إقامة جيش وطنى قوى .
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .
وقد كان تحقيق هذه الأهداف الستة فى واقع الأمر مرتبطاً ببعضه وكان يعنى – فى نفس الوقت- تغييراً جذريا فى النظام السياسى الفاسد والنظام الاجتماعى الظالم الذى كان سائداً فى ذلك الوقت .
وقد تولى مجلس قيادة الثورة السلطة لفترة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام أُلغى فيها دستور 1923 وأُلغيت الأحزاب السياسية وأُجبر الملك فاروق على توقيع وثيقة التنازل عن العرش لابنه ثم أُلغى النظام الملكى الذى بدأ منذ 1805 برمته وأُعلنت الجمهورية .
وقد واجهت مجلس قيادة الثورة إشكالية فى ترتيب أهدافه وأوراقه فبأيها يبدأ ؟ فهى متداخلة كما أن كلا منها يحتاج إلى وقت حتى تبدأ نتائج الإجراءات الثورية فى الظهور؛ ولذلك كان القرار بالمضى فى تحقيق أكثر من هدف فى نفس الوقت .
– ………………………. ؟
كانت البداية بخطوة أساسية فى طريق القضاء على الإقطاع وإقامة العدالة الاجتماعية؛ فصدر قانون الإصلاح الزراعى الأول فى 9 سبتمبر 1952 بتحديد الملكية الزراعية ب200 فدان للفرد و300 فدان للأسرة وتم توزيع أراضى الإصلاح الزراعى على الفلاحين المعدمين
وكذلك مضت الثورة بعمل خطة اقتصادية للإنتاج والخدمات؛ لتحقيق زيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع .
– ………………………. ؟
بادرت الثورة – فى نفس الوقت – بالاتصال بالبريطانيين من أجل التفاوض حول السودان وحول الجلاء وانتهى الأمر باستقلال السودان فى 1953 وتوقيع اتفاقية الجلاء عن مصر فى 1954 . ثم عادت بعد ذلك قوات المستعمر تحتل بورسعيد بعد تأميم قناة السويس فى 1956 وتم القضاء على الاستعمار فى مصر إلى الأبد فى 23 ديسمبر 1956 بجلاء القوات المعتدية من بورسعيد .
وقد تبع ذلك حركة لتمصير المؤسسات الاقتصادية الأجنبية؛ حتى يكون لمصر السيطرة على اقتصادها بعد أن اتضح الدور المعادى الذى لعبته تلك المؤسسات أثناء الأزمة التى نشأت بعد تأميم قناة السويس وقادت إلى العدوان الثلاثى على مصر. وذلك ضمن إطار هدف القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .
وقد ظل هدف الثورة السادس – وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة – مؤجلاً حتى إصدار دستور 1956 الذى كان أول دستور يستفتى عليه الشعب المصرى وبمقتضاه كان جمال عبد الناصر هو أول رئيس جمهورية ينتخبه الشعب .
فبعد قيام الثورة بإلغاء الأحزاب السياسية بادرت بتكوين هيئة التحرير التى كان الهدف منها هو تجميع الشعب المصرى فى جبهة واحدة خلال فترة الانتقال؛ حتى يتم القضاء على الفرقة والانقسام الذى سببته التعددية الحزبية قبل الثورة والتى استخدمها كل من الاستعمار والقصر لإحداث تداول مصطنع فى السلطة كان سبباً أساسياً فى تمكين الاحتلال والفساد وفى تفشى ظاهرة اللامبالاة السياسية التى سادت بين الشعب بعد أن فقد الثقة تماماً فى القيادات السياسية فى ذلك الوقت .
وقد اعتبر إنشاء الاتحاد القومى بعد إصدار دستور 1956 خطوة أساسية فى سبيل تحقيق الديمقراطية السليمة؛ حيث اعتمد نظام العضوية فيه على الانتخابات العامة المباشرة كما حصلت المرأة – وهى نصف المجتمع – على جميع حقوقها السياسية وباشرت ذلك عملياً من خلال مجلس الشعب والتنظيم السياسى والنقابات. إلا أنه ومع بدء التحولات الاجتماعية التى أفرزتها القوانين الاشتراكية فى 1961 وفى ظل الظروف السياسية التى مرت بها مصر فى ذلك الوقت وأهمها تجربة الوحدة مع سوريا عجز الاتحاد القومى عن تمثيل القوى الجديدة فى المجتمع وتسللت إليه العناصر الرجعية والمضادة للثورة .
– …………………… ؟
مع مرحلة التحول الاشتراكى التى بدأت فى 1960 بدأ حوار قومى حول التنظيم السياسى والممارسة الديمقراطية بهدف توسيع المشاركة السياسية لجميع الفئات الشعبية أسفر عن إعلان الرئيس جمال عبد الناصر الميثاق الوطنى فى 21 مايو 1962 وتلاه إنشاء الاتحاد الاشتراكى العربى معبراً عن تحالف قوى الشعب العامل؛ العمال والفلاحين والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية .
وفى إطار المستويات المختلفة للاتحاد الاشتراكى – المؤتمر القومى واللجنة المركزية واللجنة التنفيذية العليا والأمانة العامة والوحدات الأساسية – جرت مناقشات حية شارك فيها ممثلو الشعب فى مختلف هذه المستويات؛ لوضع أسس العمل السياسى فى مصر الذى قام على مبدأ القيادة الجماعية وإنشاء المجالس الشعبية المنتخبة ودعم العمل النقابى والتعاونى مع ضمان تمثيل العمال والفلاحين- الذين يمثلون أغلبية الشعب المصرى – بنسبة 50% داخل التنظيمات السياسية المختلفة للاتحاد الاشتراكى العربى. وقد تناولت هذه المناقشات أهم الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ساهم ممثلو الشعب بإيجابية فى العمل السياسى على المستويات الإقليمية والمحلية .
– ………………………….. ؟
إن كانت تجربة الاتحاد الاشتراكى قد واجهت مصاعب وانتقادات كثيرة إلا أنها تجربة جديرة بالدراسة والبحث مع الأخذ فى الاعتبار القاعدة السياسية التى تعترف بالمشاكل والصعوبات التى تواجه التنظيم السياسى الذى يتم إنشائه من أعلى؛ أى برئاسة القائد السياسى وهو فى السلطة .
– ………………………. ؟
إن فتح الملفات والوثائق الأصلية لثورة 23 يوليو 1952 أمام الشباب الذين لم يعاصروا أحداثها والذين تعرضوا لحملة إعلامية ضاريه هدفت إلى تشويه كل ما يتعلق بهذه الثورة وزعيمها جمال عبد الناصر لهو ضرورة ملِّحة من أجل الحقيقة .. وترجع هذه الأولوية فى الإختيار إلى عدة أسباب : أولاً : أن تلك المحاضر لم تنشر حرفياً من قبل وبالتالى فهى إضافة هامة للباحثين فى التاريخ السياسى المعاصر لمصر كما أنها – فى نفس الوقت – مادة هامة مشوقة للمهتمين بصفة عامة باستجلاء الحقائق فى فترة ما بعد ثورة يوليو التى دار حولها جدل صاخب كانت عين أصحابه على المستقبل لا على الماضى .
ثانياً : أن الفترة التى تمت فيها هذه الاجتماعات فى السنتين الأخيرتين لحكم عبد الناصر هى فترة من أخطر وأخصب فترات حكمه؛ حيث كان الصراع العربى – الإسرائيلى على أشده بعد أن شنت مصر أطول الحروب جميعاً ضد إسرائيل وهى حرب الاستنزاف؛ من أجل استعادة الأرض العربية المحتلة وفرض حل عادل للمشكلة الفلسطينية وذلك بعد أن رفضت مصر السلام الإسرائيلى المبنى على القهر والعدوان .
كذلك فهى فترة – برغم تحدياتها الخارجية والداخلية – تشهد الإصرار على المضى فى خطة التنمية الاقتصادية وإن أعطيت الأولوية للمجهود الحربى كما حرص فيها جمال عبد الناصر على المضى فى تحقيق خطوة هامة فى سبيل المزيد من العدالة الاجتماعية بإعلانه فى 23 يوليو 1969 التحديد الأخير للملكيه الزراعية ب50 فدان للفرد 100 فدان للأسرة والذى نبه إليه مسبقاً فى الميثاق الوطنى فى 1962 .
وأخيراً ففى وسط كل هذه التحديات أنجز الشعب المصرى مشروع السد العالى قبل الوقت المحدد له كما أعلن جمال عبد الناصر فى 23 يوليو 1970. ثالثاً : أن المناقشات التى دارت فى جلسات اللجنة المركزية تعكس تصور جمال عبد الناصر بالنسبة للتنظيم السياسى وتوسيع المشاركة السياسية وتصحيح الممارسة الديمقراطية. وهى أيضاً مثل من الواقع الحى على مدى المشاركة السياسية من جانب الشعب بجميع طبقاته وفئاته وتوضح النتائج الإيجابية التى تمخضت عن ذلك سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً. وهى مؤشر – فى الوقت نفسه – على التفاعل الحى بين القائد والشعب من أجل مصلحة الوطن وهو الذى تجلى فى إقبال الشعب المصرى وتجاوبه واستعداده للتضحية إلى آخر مدى وإثباته أنه قادر على الإنجاز السياسى والاقتصادى فى أحلك الظروف .
– …………………………. ؟
تكتسب محاضر اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى خلال الفترة من عام 1968 وحتى عام 1970 اهمية خاصة من كونها جاءت فى اطار مواجهة متطلبات ازالة آثار عدوان 1967 .وكان سبقها من جهة اعادة بناء المؤسسة العسكرية. ثم اعادة بناء التنظيم السياسى (الاتحاد الاشتراكى) بالانتخابات من جهة أخرى. وذلك فى اعقاب اعلان «بيان 30 مارس» الذى تضمن الخطوط الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعمل الوطنى. تجاوبا مع مطالب حركة شباب الجامعات بالتغيير وإعادة بناء الجبهة الداخلية. القارئ لتلك المحاضر بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على بدء أول اجتماعاتها فى 3 أكتوبر عام 1968 ـ يسترعي انتباهه حجم القضايا الداخلية والخارجية التى نوقشت وتداولها الحوار داخل صفوف القيادة منذ ذلك التاريخ وحتى سبتمبر 1970 فعلى مدار عامين فقط نوقشت عدة قضايا لعبت دوراً هاماً فى تلك الفترة داخلياً وخارجياً وهى فترة تعتبر من أخصب فترات التاريخ السياسى لثورة يوليو 1952 لقد شهدت هذه الفترة نمواً فى أطوار التنظيم السياسى فى ظل الثورة فى محاولة لتلاشى أخطاء التنظيمات السياسية الأولى ـ هيئة التحرير والاتحاد القومى ـ واستيعاب مرحلة الإعداد الوطنى لجماهير الشعب لمعركة التحرير وإزالة آثار العدوان؛ لاسترداد الأراضى العربية المغتصبة منذ يونيو 1967. وفرض حل عادل للقضية الفلسطينية ورفض السلام المبنى على القهر والعدوان. ورغم أعباء التعبئة الشاملة لكل موارد الدولة للإعداد لمعركة التحرير ورغم اشتداد الصراع العربى الإسرائيلى وخوض مصر أطول الحروب ضد إسرائيل وهى حرب الاستنزاف إلا أن الاقتصاد المصرى قد شهد نمواً ملحوظاً فى معدل التنمية فى كافة القطاعات الاقتصادية حيث يتضح من تقارير اللجان المنبثقة عن اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى ـ ونصها موجود بالمحاضر ـ أن معدل الإنتاج والدخل القومى قد ازداد بمعدل 5% وهو أمر يدعونا للتساؤل.. كيف استطاع عبد الناصر بعد عدوان يونيو 1967 وبعد عام واحد من الانكسار العسكرى واحتلال الأراضى العربية أن يرفع معدل النمو الاقتصادى للاقتصاد المصرى رغم أعباء تلك المرحلة؟ وبإلقاء نظرة سريعة على المناقشات التى تضمنتها تلك المحاضر نجد حرصاً شديداً من أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى على تحليل وتفصيل كافة القضايا الداخلية والإقليمية والدولية بدءاً من قضايا الحراسة والتحفظ ومروراً بقضايا الغزل والنسيج وأحداث الطلبة فى عام 1968 وقضايا المهجرين من منطقة المواجهة حول قناة السويس ورعاية أسر المجندين وتطوير نظام الإدارة المحلية والتسويق التعاونى والعلاقة بين المالك والمستأجر فى مجالى الإسكان والزراعة ومشاكل الصناعة والنهوض بها والقطاع العام ومشروعات النقل والمواصلات والضرائب والأسعار وعلاقة مصر بالمنظمات الدولية والإقليمية والعربية وانتهاءً بقضية فلسطين والصراع العربى الإسرائيلى والعلاقات بين مصر وكل من الاتحاد السوفييتى والولايات المتحدة الأميركية .
– ……………………….. ؟
إختصاصات عُقدت الجلسة الأولى للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم الأربعاء الثالث من أكتوبر سنة 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر. بدأ الرئيس جمال عبد الناصر فعاليات الاجتماع بتساؤل وجهه للأعضاء الحاضرين حول كيفية عمل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى من حيث تعريفها ودورها ودورية انعقادها وكيفية تكوينها من بين أعضاء المؤتمر القومى العام ووفقاً للقرارات التنظيمية التى تصدرها اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى والانتخابات التى تجرى كل ست سنوات ثم تناول اختصاصات اللجنة والتى أجملها فى مباشرة تنفيذ توصيات وقرارات المؤتمر القومى العام ومراقبة تنفيذ البرنامج الذى أقره المؤتمر ودراسة الموضوعات الرئيسية فى السياسية الداخلية والخارجية ومناقشة خطة التنمية الاقتصادية وإقرار الموضوعات التى تتعلق بتنظيمات الاتحاد الاشتراكى ومناقشة تقارير لجان الاتحاد الاشتراكى العربى بالمحافظات المختلفة وبحث طبيعة العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية ثم موضوع انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى واللجان المنبثقة عنها فيقول: «هذا الاجتماع ليس له جدول أعمال والحقيقة أنا فكرت فى هذا الموضوع ولكن وجدت أنه لابد من طرح سؤال معين.. وهو: كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ وأيضاً فكرت فى أن أجيب عن هذا الموضوع.. وأجهز الاجابة ولكنى آثرت أن أترك هذه الإجابة للجنة المركزية نفسها حيث يمكن للاجتهاد أن يأخذ مجالاً أوسع. فإذاً الموضوع الأول هو كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ أو طريقة عمل اللجنة المركزية أو كيف ستنظم اللجنة المركزية؟ كل دى تدخل تحت عنوان: كيف ستعمل اللجنة المركزية؟ حنعمل بلجان.. وحنعمل بأمانات.. وحنعمل بأى وسيلة من الوسائل. يدخل أيضاً ضمن هذا الموضوع العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية.. اللى هى الحكومة. وفى هذا طبعاً هناك شئ معروف وهو أنه لايمكن للجنة المركزية أن تكون سلطة تنفيذية.. لايمكن لها بأى حال أن تكون سلطة تنفيذية.. هى سلطة سياسية وهناك السلطة التنفيذية التى تتمثل فى الحكومة».
– ………………………. ؟
بعد أن عرض الرئيس جمال عبد الناصر لمجمل اختصاصات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى وقبل أن يفتح باب الحوار والمناقشات بينه وبين أعضاء اللجنة المركزية حول ما سبق ذكره أكد على أن اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى هى تمثل الجمهورية العربية المتحدة كلها ولذلك كان يفضل أن يجلس أعضاء اللجنة وفقاً للترتيب بالحروف الأبجدية وليس بترتيب المحافظات مستهدفاً بذلك التخلص من مفهوم «الإقليمية» ـ على حد تعبيره فى المناقشات ـ لأن مصر تتميز بعدم التعصب الإقليمى منذ قديم الأزل. وتعليقاً على ذلك قال: «الحقيقة هى اللجنة المركزية تعبير عن البلد كلها.. عن مصر كلها.. ولهذا كان من رأيى أن القعاد بيكون بالحروف الأبجدية.. مش المحافظات وبهذا نتخلص الحقيقة من الإقليمية. واحنا بالذات بلدنا طول عمرها ماكانش فيها إقليمية وهذه ميزة تمتاز بيها بلدنا يمكن عن كل البلاد العربية لأن مافيهاش إقليمية ولا تعصب إقليمى.. فباستمرار نعمل فى اللجنة المركزية ونضع تقليد ان مافيش إقليمية».
وبدأت المناقشات والتعقيبات من قِبل الأعضاء على حديث الرئيس ودارت معظمها حول الجوانب الهيكلية والتنظيمية للجنة المركزية من خلال استعراض التنظيمات السياسية المماثلة لها فى العالم مع التأكيد على أن عمل اللجنة سيكون عملاً سياسياً بالدرجة الأولى يستهدف دراسة القطاعات المختلفة للدولة من الناحية السياسية. كما أشار بعض الأعضاء إلى أهمية العمل من خلال الأسس التى أقرها بيان 30 مارس الذى ينص على أن تظل اللجنة المركزية ـ المنتخبة من المؤتمر القومى ـ فى حالة انعقاد دائم فى ظل الظروف السياسية الخارجية التى واجهتها البلاد آنذاك وأن تقوم لجانها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية برسم سياسات العمل فى جميع المجالات بهدف إعادة بناء الجبهة الداخلية بعد عدوان يونيو 1967 وكذلك دعم الصمود العسكرى فى خطوط المواجهة. وعلق الرئيس على ذلك قائلاً: «إذن احنا كلجنة مركزية حنبنى نفسنا واحدة بواحدة وحنكون وضعنا واحدة بواحدة.. وعلى قَد نتائج تصرفنا.. على قد ما حتكون قيمتنا كلجنة مركزية. دى الأساسيات الحقيقة اللى الواحد بيقولها بمنتهى الصراحة.. بعدين فيه ناس مثلاً متصورة ان اللجنة المركزية من أول جلسة حتتولى.. وانتم لازم تقولوا للناس ان ده لسه تتولى كل السلطة فى الدولة باعتبارها ـ زى أنا ما قلت فى المؤتمر ـ أعلى سلطة سياسية.. الحقيقة هذا الموضوع لا يمكن انه بيجى كده فى ثانية.. هذا الموضوع بيجى بالتدريج وبالنسبة للجنة المركزية دى بالذات ـ على وجه الخصوص ـ عندها فرصة كبيرة لأنها فى دورة انعقاد كامل.. مش بتجتمع مرتين كل سنة كما نص على هذا القانون الأساسى للاتحاد الاشتراكى».
– ……………………….. ؟
تطرق الحوار ـ بعد مناقشة الموضوعات التنظيمية ـ لموضوع سبل تنمية العمل السياسى فى الريف على مستوى الجمهورية على أساس أن الجبهة الداخلية هى هدف العدو وبالتالى لابد من تحقيق معدلات تنمية بشرية وسياسية فى الريف تتواكب مع مرحلة الإعداد لمعركة التحرير. ويلاحظ على جميع مناقشات الجلسة الأولى حرص الرئيس جمال عبد الناصر على توضيح مبدأ القيادة الجماعية جنبا الى جنب مبدأ المسئولية الفردية لدفع العمل السياسى داخل تنظيمات الاتحاد الاشتراكى العربى كخطوة أولى يتم عليها بناء جميع خطوات العمل السياسى فى تلك المرحلة. واتضح ذلك فى قوله «يجب أن يكون هناك نوع من التفاعل بين القيادة والأعضاء مش ممكن نصل إلى تصادمات.. أنا بآخذ أقصى ما يمكن أخذه. بعد كده.. الحقيقة فيه حاجة اسمها القيادة الجماعية.. يعنى إيه القيادة الجماعية؟ مانقدرش نجيب مركب ونخلى عشرة يقودوها ونقول دى قيادة جماعية. لأ.. فيه القيادة الجماعية.. وفيه المسئولية الفردية.. دى جنب دى. القيادة الجماعية بنقعد فى هذا الاجتماع.. ونناقش موضوع الحرب أو السلام ثم نأخد الأصوات.. اتقال مثلا ان فيه حرب أو سلام. عند هذا الحد من ناحية المناقشات الجماعية ـ تنتهى مسئولية اللجنة المركزية وتبدأ عملية المسئولية الفردية.. اللى هى مسئولية رئيس السلطة التنفيذية اللى حينفذ الموضوع.. مسئولية وزير الحربية الفردية.. مسئولية رئيس أركان حرب القوات المسلحة.. مسئولية قائد الجيش.. مسئولية قائد الفرقة.. مسئولية قائد اللواء كل واحد من دول بقى عنده الحقيقة مسئولية فردية مابقتش مسئولية جماعية».
– ………………………….. ؟
انتهت فعاليات الجلسة باتخاذ قرارات بتشكيل اللجنة التنظيمية لأعمال اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى ولجنة متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر القومى العام.
تعبئة سياسية وعسكرية عُقدت الجلسة الثانية للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم الأربعاء التاسع من أكتوبر سنة 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.
وبدأ الرئيس جمال عبد الناصر باستعراض جدول أعمال اللجنة بمناقشة تقرير اللجنة الفرعية للشئون التنظيمية مع أعضاء اللجنة المركزية خاصة ما يتعلق بالنظام الداخلى وتحديد نظام سير العمل والعلاقة بين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى وباقى منظمات الاتحاد الاشتراكى وقد تم استعراض كافة بنود تقرير اللجنة الفرعية للشئون التنظيمية ومواده المختلفة مع توضيح دور اللجنة فى التعبئة العسكرية والسياسية من خلال تشكيل لجان الدفاع الشعبى والمدنى ولجان دعم العمل الفدائى الفلسطينى ووضع خطط للتحرك السياسى فى المجال الدولى وخطط للإعلام الخارجى بوضع دراسة تفصيلية تشترك فيها وزارة الخارجية والإرشاد القومى مستهدفة خلق بيئة إعلامية دولية مؤيدة للحق العربى فى صراعه مع التوسع الصهيونى على حساب أراضيه مستفيدة من طبيعة العلاقات الدولية السائدة آنذاك مع العمل على ربط المبعوثين والمغتربين فى الخارج بالوطن وتنظيم نشاطهم. كما ناقش الرئيس طبيعة العلاقة بين الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة.
– …………………………… ؟
تناولت المناقشات دور اللجنة المركزية فى مجال التعبئة الاقتصادية وفقاً لآليات محددة أهمها؛ تشكيل مجلس قومى للتخطيط يعمل على وضع خطط شاملة تعتمد على أسس اقتصاديات الحرب مع إعطاء الأولوية لاحتياجات القوات المسلحة مع الحرص على الاستمرار فى خطط التنمية والارتفاع بمعدلاتها من خلال إقامة مشروعات تستهدف تحقيق زيادة فى الإنتاج ورفع الكفاية الإنتاجية وخفض للإنفاق والحد من الاستهلاك مع وضع سياسة سعرية متكاملة تحقق أهداف ومصالح المجتمع وصالح المنتج فى آن واحد.
ثم تطرق النقاش إلى بحث دور اللجنة المركزية فى وضع برامج إعادة انتخاب المؤسسات التعاونية بمستوياتها المختلفة على مستوى المحافظات ككل مع تفعيل دور المجلس الأعلى للتعاون وتقويمه وتحديد العلاقة بينه وبين الاتحاد التعاونى العام والأخذ فى الاعتبار ضرورة تفعيل التسويق التعاونى باعتباره أحد ركائز العمل الاشتراكى ومعالجة مشاكل الجماهير.
واحتلت قضايا الشباب نصيباً كبيراً من مناقشات الأعضاء خلال تلك الجلسة حيث اشتمل تقرير لجنة التنظيم على عدة بنود تتضمن كيفية النهوض بالشباب ومعالجة مشاكلهم من خلال تقويم دور منظمة الشباب فى الفترة السابقة مع وضع تخطيط يشتمل على علاج السلبيات وتدعيم الإيجابيات وتحديد وضع الشباب بالنسبة لمستويات التنظيم السياسى مع العمل على تنسيق جهود كلٍ من اللجنة المركزية ومنظمة : الشباب ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالى فى وضع برنامج زمنى يستهدف استيعاب نشاط الشباب وتنظيماته المختلفة.
– …………………………. ؟
فيما يتعلق بدور المرأة فى العمل السياسى والمشاكل اليومية للجماهير ومشاكل المواطنين الموجودين فى منطقة القناة ـ خطوط المواجهة مع العدو ـ وتهجيرهم والتعليم ومحو الأمية والصحافة والثقافة والأعلام فقد تناولت حوارات الأعضاء كيفية تفعيل أدوار كل منها بصورة تتلاءم ومرحلة الإعداد لمعركة التحرير وازالة آثار العدوان.
– ………………………. ؟
بفتح باب المناقشة حول البنود والأهداف السابقة اختلف الأعضاء حول دور اللجنة المركزية فى القيادة والمتابعة والإرشاد ومراقبة الأجهزة التنفيذية فمؤدى مفهوم أن اللجنة المركزية يجب أن تحكم لأنها تحكم فعلاعن طريق المشاركة ـ وفقاً لرؤية الرئيس جمال عبد الناصر ـ قد انقسم بشأنه الأعضاء بين مؤيد ومعارض حول ذلك الدور. فعزل اللجنة المركزية عن القيادة والمتابعة يمثل عزل اللجنة عن الحكم وبالتالى عزل الشعب عن المشاركة السياسية على اعتبار أن أكبر قاعدة لتمثيل الجماهير فى تلك الفترة هى اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى. فقد دار الحوار التالى بين الرئيس جمال عبد الناصر والدكتور جابر جاد عبد الرحمن عضو اللجنة المركزية :
دكتور جابر جاد عبد الرحمن : « سيادة الرئيس.. تفضلتم فقلتم إن اللجنة المركزية تحكم ويبدو لى أن هذا القول يأتى من أن أعضاء الحكومة أعضاء فى هذه اللجنة وحتى بالرغم من هذا فإن رقابة اللجنة المركزية على الحكومة يجب أن تبقى.. ومع أن الوزراء أعضاء فى هذه اللجنة وفى الاتحاد الاشتراكى إلا أن رقابة اللجنة المركزية على الحكومة فى تنفيذ القرارات التى اتخذها المؤتمر القومى يجب أن تبقى. ومن ناحية أخرى فإن رقابة اللجنة المركزية على السلطة التشريعية يجب أيضاً أن تبقى. لأنه من المؤكد أن المؤتمر القومى قد يتخذ قرارات تقع مسئولية تنفيذها على عاتق السلطة التشريعية ولنا فى القرارات الخاصة بإصدار تشريع للتعاون الزراعى دليل إذ مَنْ المسئول عن وضع قانون التعاون الزراعى ؟ هى الحكومة أى السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية وعلى ذلك فإن الرقابة ومتابعة الرقابة من جانب اللجنة المركزية على الحكومة وعلى الأجهزة التنفيذية والتشريعية يجب أن تبقى قائمة. وحتى لو أخذنا بالرأى الذى قاله الزميل خالد محيى الدين من أن الرقابة نجحت لأن الوزراء وأعضاء مجلس الأمة أعضاء فى الاتحاد الاشتراكى فإن هذا يتطلب ـ كما قال السيد الرئيس ـ أن يكون كل أعضاء مجلس الأمة أعضاء فى الاتحاد الاشتراكى وأن يتصدى الاتحاد الاشتراكى لعملية تحديد قائمة بالمرشحين للدخول فى الانتخابات الخاصة بمجلس الأمة.. الأمر الذى لم يحدث حتى الآن. فإذا كانت اللجنة المركزية تمارس رقابتها على أعضائها العاملين فى السلطة التنفيذية وفى السلطة التشريعية جميعاً بوصفهم أعضاء فى هذا التنظيم فإن هذا يتطلب أن يكون الوزراء جميعاً أعضاء فى التنظيم وأن يكون لِلجنة المركزية دورها فى اختيار هؤلاء الأعضاء.. وكذلك أن يكون أعضاء مجلس الأمة فى هذا التنظيم وأن يكون لهذه اللجنة ـ قائدة العمل الوطنى فى جميع المجالات ـ القول والرأى فى المرشحين الذين يتقدمون للانتخابات لكى يجلسوا فى كراسى مجلس الأمة.
ـ السيد/ الرئيس : «لى تعليق بالنسبة لموضوعات اتْكلم فيهم الدكتور جابر فى الأول.. الرقابة على السلطة التنفيذية.. والرقابة على السلطة التشريعية.. وتعيين أفراد السلطة التنفيذية.. وتعيين أفراد السلطة التشريعية الحقيقة برضه بنبص للعالم وبناخد الدول الشرقية إيه؟ والنظام الليبرالى إيه؟ الدول الشرقية فيها حزب مش من ستة ملايين ولكن فيها الحزب الشيوعى اللى ليه قيادة وهذه القيادة مهيمنة كاملاً على الحزب وفيه ناس متفرغون. هذا هو النظام اللى موجود فى البلاد الشيوعية وفيه سيطرة كاملة على كل الأمور فى اللجنة التنفيذية أو رئاسة اللجنة المركزية فبيكون فيه نوع من الهارمونى والتوافق فى اختيار الأعضاء. بالنسبة للدول الغربية بيختاروا زعامة للحزب وزعامة الحزب تختار الوزراء سواء بالنسبة للحزب الحاكم أو بالنسبة لحزب المعارضة.. وأيضاً زعامة الحزب تستطيع أن تغير فى الوزراء بدون الرجوع إلى الحزب.. هذا أيضاً موجود فى أميركا.. وموجود فى بريطانيا.. وموجود فى كندا. لكن بالنسبة لينا احنا هنا مانقدرش نقول إن اللجنة المركزية تعين الوزراء ولكن باقول إن اللجنة المركزية تختار رئيس للجمهورية ـ فى وقت انتخابات رئيس الجمهورية ـ وبعد هذا هُو لازم يختار الناس اللى يقدر يشتغل معاهم.. على أساس انه مايكونش فيه شللية أو انقسامات فى داخل مجلس الوزراء ولا نقدرش نشتغل أبداً شغل تنفيذى». (*)
ــــــــــــــ
(*) إذا أردت المزيد يمكنك الإطلاع على موقع جريدتنا ” الصحفي ” وعنوانها على الإنترنت:
www.alsahafy.itgo.com
الدكتورة هدى عبد الناصر بمنتهى الديمقراطية :
الناصريـة بمنظور نقدى
السيدة هدى عبد الناصر كريمة الرئيس :
لا تزال تكشف وثائق عبد الناصر الخاصة بآخر أيام حكمه .
حوارات حول الناصرية !!
هكذا تمت ولادة مفيد شهاب في عصر عبد الناصر !!
ناصر كيف انتصر لمجلس الأمة من الاتحاد الاشتراكي ؟!
ماذا عن القبول بالتعددية واختلاف الرأي واحترام نتائج الانتخابات في عهد ناصر ؟!
جلسات محاضر سرية تكشفها السيدة كريمة الرئيس بكل الحب فماذا قالت سيادتها ؟
…
– ………………… ؟
– هذه الوثيقة تعكس روح المراجعة التي سيطرت في مصر بعد انكسار يونيو 1967 وتوجه الرئيس ناصر نحو توسيع المشاركة السياسية وتصحيح الممارسة الديمقراطية وكيف كان هناك تفاعل حي بين القائد والشعب نتج عنه استعداد المصريين للتضحية الى آخر مدى والانجاز في أحلك الظروف.
– ……………………….. ؟
وضح أن هناك محاولة لارساء أسس دولة جديدة تتجنب المآسي التي تسبب فيها من أساءوا للمرحلة الناصرية والذين أطاحت بهم هزيمة 67. حيث القبول باختلاف الآراء والفصل بين السلطات وبدء التخطيط العلمي المدروس لتنمية الاقتصاد المصري.
كما برزت لنا رغبة عبد الناصر في اختيار ما هو جيد وما يتناسب مع ظروف مصر سواء كان ذلك ليبرالياً أو محسوباً على الشيوعية.
– ………………………. ؟
ناقشت الجلسات التي نعرض محتوى محاضرها اليوم استكمال مناقشة صلاحيات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي وانتصاره لفكرة الفصل بين السلطات والقبول بنوع ما من التعددية واختلاف الآراء.
كما تبدو في المحاضر استقلالية الفكر الناصري ومحاولة الأخذ بجلسات نماذج الحكم في الغرب والشرق.
ويبدو ان انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي كان بداية توجه جديد بالجرح ودعا الرئيس ناصر الى تقبل نتائج الانتخابات مهما كانت وعدم الاحساس بالحرج من قبل من فشلوا في اجتيازها .
– ………………………… ؟
في أحد الاجتماعات تمت مناقشة مشاريع التسوية التي كانت معروضة في ذلك الوقت وتمثلت في مذكرة قدمها ابا ايبان وزير الخارجية الاسرائيلي وأدرك عبد الناصر ان اسرائيل لا تهدف من مشروع التسوية الى الانسحاب أو الجلاء وانما تركز على ابرام اتفاقات وتعاقدات. وأكد ناصر ان ما دون الانسحاب الاسرائيلي الشامل الى ما وراء حدود 4 يونيو يعد تفريطاً في الأرض العربية وان مصر تعتبر استمرار الاحتلال عدواناً متواصلاً على سيادة وسلامة أراضي ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة .
– …………………………. ؟
تطرقت المناقشات إلى العلاقة بين اللجنة المركزية ومجلس الأمة وانتهى النقاش بشأنهما بين الرئيس جمال عبد الناصر والأعضاء إلى إيجاد نوع من العلاقة الرقابية المتبادلة بين الطرفين واتضح ذلك من خلال تعليق الرئيس بقوله: «
إذا سمحتم لى.. بِدى أرد على إحدى النقاط. الحقيقة حسب الدستور.. وحسب النظام اللى احنا ماشيين عليه دلوقت.. مجلس الأمة مش تابع للاتحاد الاشتراكى ولكن المفروض ان الاتحاد الاشتراكى بتكون له سيطرة على مجلس الأمة من خلال أعضاء الاتحاد الاشتراكى. ولكن إخواننا أعضاء مجلس الأمة اللى موجودين هنا.. أظن بيعرفوا ان كان فيه خلافات مريرة بين أعضاء مجلس الأمة واللجان التنفيذية فى كل المحافظات وكان فيه تسابق مين اللى ليه السلطة الأعلى؟ الحقيقة اللى احنا مشينا بيه مختلف عن الأوضاع اللى موجودة فى العالم.. يعنى فى الدول الشيوعية بيْنَزلوا لِسْتَة بأعضاء مجلس الأمة. فى الدول الليبرالية زى بريطانيا.. حزب العمال بينزل مُرَشحيه وحزب المحافظين بِيْنَزل مُرَشحِيه.. بيبقى الشخص نجح مش لأن اسمه فلان لأ.. نجح لأنه فى حزب العمال أو فى حزب المحافظين ويوم ما ينفصل من حزب العمال ويرشح نفسه.. مش ممكن ياخد الدايرة أبداً. وفيه ناس اتفصلوا سنة 1956 أو 1957 لأنهم كانوا ضد العدوان علينا وبعد كده ماقدروش ياخدوا دوايرهم. احنا فتحنا الدواير لكل الناس كان فيه دايرة فيها 10 و 12.. اللى بينجح يبقى نجح بدراعه.. مالهوش دعوة أبداً بالاتحاد الاشتراكى.. ولا هو ملتزم أبداً بالاتحاد الاشتراكى والكلام ده أنا قلته فى مجلس الأمة واتْكلمت فيه مرة يمكن ومرتين. وعلى هذا فعملية الالتزام مش موجودة.. وزى ما قلت فى مجلس الأمة إن أصبح عندنا فى داخل المجلس يمكن 360 حزباً.. كل واحد بيمثل حزب لوحده بيجتهد بنفسه فى كل مسألة من المسائل وده موضوع من الموضوعات اللى احنا حنبحثها هنا فى اللجنة المركزية احنا فى بيان 30 مارس ـ رداً على كلام الأخ حشيش من الجيزة أو من القليوبية ـ حنبحث أيضاً موضوع مجلس الأمة وأنا حاقدم لكم اقتراحاً بهذا الموضوع ولكن بيان 30مارس كان واضحاً منه ان احنا لازم نبتدى بمجلس جديد لأن المجلس اللى قدامنا حيخلص فى مارس وإذا ابتدينا بيه حيحصل تنازع أيضاً بين المجلس وبين اللجنة المركزية وبين اللجان التنفيذية فيجب إننا نبتدى بمجلس جديد ولكن لابد أن يكون هناك مجلس أمة. حاعرض على اللجنة هذا الموضوع قبل ما نأخد فيه قراراً ولكن لابد أن يكون هناك مجلس أمة وفقاً للدستور الموجود حالياً.. فيه دستور بينص على وجود مجلس أمة.. وعلى أنه هو السلطة التشريعية. وبعدين احنا حنعمل دستوراً جديداً على أن ينفذ هذا الدستور الجديد بعد إزالة آثار العدوان حسب ما جاء فى بيان 30 مارس.. والدستور الجديد حيأخد مننا وقتاً.. وحيأخد دراسات كتيرة. دول الكلمتين اللى حبيت أرد بيهم ».
ثم استطرد الرئيس قائلاً فى نهاية النقاش حول طبيعة العلاقة بين الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة: « أنا عايز أحسم النقطة دى إذا سمحت لى.. أنا شايف ان من حق اللجنة المركزية المتابعة والرقابة وانها تكون فى الصورة كاملة على أساس ان اللجنة المركزية فعلاً بتحكم بواسطة الأعضاء واللجان الموجودة ولكن الحقيقة ان المشكلة هى كيف تكون طريقة المتابعة؟ وكيف تكون طريقة الرقابة ؟ اللجنة المركزية المفروض فى أحوالها العادية حتجتمع مرتين فى السنة.. يعنى حتجتمع مرتين أو أكثر ممكن إذا دعا الأمر إلى هذا يعنى لَما حتجتمع مرتين يعنى أسبوعاً كل مدة مثلاً حيحصل إيه فى هذا الأسبوع؟ اللجان حتقدم تقاريرها.. والوزراء حيتكلموا فى هذا ونقول إن الموضوع الفلانى اللى قررناه اتنفذ أو مااتنفذش. أنا باتكّلم عن الأحوال العادية.. احنا دلوقت بنعتبر فى حالة انعقاد كامل بالنسبة للظروف اللى احنا موجودين فيها. فعن طريق اللجان حتكون المتابعة والرقابة واللجان حتقدم تقارير إلى اللجنة المركزية وإلا بتكون اللجنة المركزية خارج الصورة. وفى الحقيقة.. فى القرارات السياسية – وهى قرارات المؤتمر – اللجنة المركزية والحكومة بيمثلوا شيئاً واحداً لأنهم هما الاثنان بينفذوا العملية. وهو الحقيقة اللى طَلع الكلام ده.. اللى أثار هذا الموضوع.. النَصّ على الجهاز التنفيذى وقيادات الجهاز التنفيذى. الحقيقة لَما نجيب دستور أى حزب فى العالم.. مافيش حزب.. يعنى أنا قاريء دساتير جميع أحزاب العالم.. مافيش حزب قال على إن الحكومة والجهاز التنفيذى أبداً.. الحزب بيتكلم على أعضائه.. الحزب بيتكلم على الناس اللى بيكونوا الحزب.. الحزب بيتكلم على انه يا بيحكم.. يا فى المعارضة لكن الحزب مابيقولش إنه يسائل السلطة التنفيذية.. على أساس ان السلطة التنفيذية حاجة ثانية ولذلك أنا قلت إن دى والمادة (18) والمادة (20) هُمّ اللى خَلوا الأخ سيد مرعى يثير هذا الكلام. احنا لو اعتبرنا أن للجنة المركزية حق مساءلة أعضاء الاتحاد الاشتراكى المسئولين عن كذا.. بنبقى الحقيقة ماخلقناش قطبين.. اللجنة المركزية كقطب – ده الكلام اللى أنا قلته الأول – والحكومة كقطب وبهذا نستطيع ان احنا نتلافى الموضوع اللى اتقال بهذا الشكل. وبرضه لو طورنا المادة (20) على أساس نقول إنها بتسأل الأعضاء المسئولين.. مانقولش الوزراء ونواب الوزراء. مافيش حزب فى الدنيا اتْكلم على الوزراء ونواب الوزراء.. مافيش حزب فى الدنيا اتْكلم على السلطة التشريعية.. الأحزاب بتتكلم على اللجنة البرلمانية للحزب.. أو الهيئة البرلمانية للحزب. الكلام اللى قاله الدكتور جاد عن الرقابة على السلطة التشريعية.. مافيش حزب فى الدنيا بيقول إنه رقيب على السلطة التشريعية ولكن الحزب بيقول إن لِى هيئة برلمانية.. بيتفاهم مع هذه الهيئة البرلمانية وان الهيئة البرلمانية بتلتزم بالقرارات اللى تطلع.. وهكذا. لكن مافيش ولا حزب.. حتى من الأحزاب اللى عندها سلطة تشريعية.. مابتشتغلش غير يوم فى السنة مافيش حزب قال إن ليه سلطة على السلطة التشريعية ولكن قالوا إن الجماهير تستطيع انها تسحب ثقتها من النائب إذا انحرف أو خرج.. وطبعاً هذا تهديد للنواب اللى بيخرجوا عن الالتزام إنه بواسطة الجماهير بيقدروا يطردوهم. احنا الحقيقة فى دستورنا مانقدرش نطرد أى نائب مهما خرج وحصل فيه نواب خرجوا.. واشتغلوا ضد الاتحاد الاشتراكى.. وضد الثورة وماقدرناش نعمل لهم حاجة. يمكن فصلنا بعض الناس من الاتحاد الاشتراكى ولكن فَصْلُهُم من الاتحاد الاشتراكى لا يفصلهم أبداً من البرلمان أو من مجلس الأمة.. وهذا موضوع الحقيقة حيعوز دراسة تفصيلية فى المستقبل عن ازاى بنسيطر على السلطة التشريعية. الحقيقة لا يمكن لحكومة أن تحكم فى العالم إلا إذا كانت لها أغلبية فى السلطة التشريعية والحقيقة الحكومة هى التى توجه السلطة التشريعية يعنى فيه ناس بيقولوا فصل السلطات.. السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.. بدون الأغلبية فى البرلمان لا يمكن للحكومة أن تحكم أو تكون فى السلطة التنفيذية وإذا فقدت الأغلبية فى البرلمان فقدت السلطة التنفيذية. إذاً هناك توافق وترابط كامل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والحكم ولكن ماحدش بيحط ده أبداً فى اللايحة.. أو فى قانون الحزب بيقولوا عن الهيئة البرلمانية للحزب.. بيقولوا عن سياسة الحزب لكن مابيقولوش إن اللجنة المركزية أو اللجنة العامة هى اللى بتسائل الحكومة.. أو تسائل الوزارة.. أو الوزير ملزم بكذا بنعتبر ان ده مفروض أن يكون شيئاً بديهياً. وزى ما قلت لكم برضه فى الجلسة اللى فاتت كنت حريصاً جداً إنى أنا ماأجيبش المحافظين.. العدد اللى انتم إدتوه لى أجيب بيه كل الوزراء سواء فى المقاعد الأساسية أو الاحتياطية علشان يكون هناك انسجام كامل فى داخل اللجنة المركزية. نبص النهارده لانجلترا.. نشوف مين اللى بيحكم؟ حزب العمال بيحكم فى انجلترا. النهارده فى مصر.. الحقيقة النهارده مانقدرش نقول إن الاتحاد الاشتراكى كان بيحكم لأن تنظيمات الاتحاد الاشتراكى لم تستكمل أبداً.. مشينا فى التنظيمات وبعدين وقفنا. الحقيقة النهارده لأول مرة ندخل فى تطبيق ان الاتحاد الاشتراكى هو الذى يحكم.. وده الكلام اللى احنا قلناه فى بيان 30مارس.. لو الحقيقة غيرنا بعض الألفاظ اللى هى فى المادة (18) والمادة (20) وعلاقة اللجنة المركزية بالسلطة التنفيذية دى تبقى مذكرة خاصة لينا.. يعنى على أساس توضيح أو ازاى نمشى.. بيبقى الوضع واضحاً جداً. ولكن اللجنة المركزية لها سلطة الرقابة وسلطة المتابعة. الحقيقة النقطة الثانية اللى أحب أوضحها.. اللجنة الثانية اللى احنا عملناها الدور اللى فات.. لجنة متابعة قرارات المؤتمر القومى العام. يمكن لو رجعنا للمحضر.. لم يكن القصد أن تكون هذه اللجنة لجنة دائمة ولكن أنا حينما وضعت هذا الاقتراح كان رأيى أن هذه اللجنة.. لجنة بنعلنها من أول اجتماع لينا – وأنا قلت لكم هذا الكلام – حتى نستكمل تنظيمنا وأنا كنت معتبراً ان استكمال تنظيمنا حيأخد مناقشات وجلسات فقدام الناس مانبينْش ان احنا بنتكلم فى مواضيع غير المواضيع الأساسية. وفى الوقت الذى يستكمل فيه تنظيمنا.. اللى قد يأخد مننا جلسات عديدة.. بِتُكَونْ فيه لجنة لمتابعة المؤتمر وحينما يستكمل التنظيم.. الحقيقة يبقى التنظيم هو اللى يتابع أعمال المؤتمر حسب إقراره من اللجنة المركزية ولم يكن قصدى فى اللجنة اللى فاتت.. ان لجنة المتابعة دى هى لجنة دائمة “
وفى نهاية الجلسة الثانية أكد الرئيس جمال عبد الناصر على أن للجنة وأعضائها حق مساءلة أعضاء السلطة التنفيذية وقيادات الجهاز التنفيذى فى حالة عدم تنفيذهم القرارات الصادرة عن اللجان المنبثقة من اللجنة فى كافة الفروع.
– ……………………. ؟
عُقدت الجلسة الثالثة للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم 10 أكتوبر سنة 1968 برئاسة ( الوالد ) الرئيس جمال عبد الناصر لاستكمال مناقشة موضوع إقامة الهياكل التنظيمية للجنة المركزية. وقد استكمل أعضاء اللجنة المركزية نقاشهم حول تعديل بعض مواد النظام الداخلى للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى واستكمال مناقشة طبيعة العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية لتحديد مسئولية القيادات التنفيذية التى سيتم اختيارها من بين أعضاء الاتحاد الاشتراكى العربى أمام اللجنة التنفيذية العليا. وفى إطار شرح الرئيس لطبيعة العلاقة بين الطرفين قال :
« موضوع العلاقة بين اللجنة المركزية والسلطة التنفيذية وأنا برضه بدى أكرر ان الجهاز الشعبى هو اللى بيحكم.. مَانِقْسمْش العملية عمليتين يعنى لَما نقول احنا هنا ان وزير بيعمل كذا وكذا.. بيبقى بيعمل هذا باسم فريد عبد الكريم وفريد حشيش وباسم كل واحد موجود فى هذه اللجنة لأن هذه اللجنة بتمثل الجهاز الشعبى اللى أخذ السلطة». وأضاف: «أنا بدى لَما نقول الأجهزة الشعبية والأجهزة التنفيذية اللى جات فى الميثاق.. برضه اللى هى المجالس الشعبية فى المحافظات. وفى هذا أيضاً بنقدم لكم الموضوع على أساس ان احنا نعمل أجهزة مجالس شعبية فى المحافظات بحيث ان المحافظ والناس اللى معاه يمثلوا الناحية التنفيذية والمجالس الشعبية يبقى لها سلطة الرقابة والمساءلة ومجلس الأمة يمثل سلطة رقابة بالنسبة للاتحاد الاشتراكى ». ثم تطرق الحوار إلى مناقشة دور اللجنة المركزية فى اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى لمعاونة الرئيس فى المسئولية التى ألقيت على عاتقه من قِبل الجماهير فى يومى 9 و 10 يونيو 1967 والتى تعكس مدى إدراك أعضاء اللجنة للمرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد.
وانتهت الجلسة بمناقشة قضية مصر أمام المنظمة الدولية – الأمم المتحدة – فى ضوء ادعاءات إسرائيل بتقديم مشروع للسلام لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى حيث عرض الرئيس جمال عبد الناصر شرحاً وافياً صريحاً لموقف الجمهورية العربية المتحدة من الحل السلمى والحل العسكرى وموقف كل طرف من الأطراف المتنازعة من مهمة مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة واحتمالات المستقبل بالنسبة للنزاع العربى الإسرائيلى. واستعرض سيادته مدى التقدم الكبير الذى تحقق فى إعادة بناء القوات المسلحة بالنسبة لجميع الأسلحة والسياسة التى وضعت للاستمرار فى دعم هذه القوات واستكمال تجهيزاتها من المعدات والأفراد.
– …………………………. ؟
عُقدت الجلسة الرابعة للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم الأربعاء الموافق 16 من أكتوبر سنة 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.
ودار اجتماع اللجنة حول عملية انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا الأصليين والاحتياطيين حيث عرض الرئيس جمال عبد الناصر على أعضاء اللجنة أبعاد المسئولية التى كُلف بها بشأن اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية العليا والتى فضل فيها إجراء انتخابات يتم بناء على نتائجها اختيار أعضاء اللجنة بحيث يكون تشكيل الاتحاد الاشتراكى بلجانه المختلفة يعكس ثقة الجماهير فى ظل تغييرات متباينة ما بين كفالة الاستمرار للأعضاء وإتاحة الفرصة للتجديد أو انتظار انتخابات نقابات العمال مما أدى – وفقاً لحديث الرئيس – إلى صعوبة وضع أسس الاختيار مع مراعاة أن التجديد معناه؛ أن هناك عناصر جديدة تبرز جماهيرياً وسياسياً لابد من استيعابها. قال سيادته :
« فى المناقشات مع الناس.. وفى المناقشات مع الأمناء.. وضح ان الناس كانت بتعبر تعبيرات متباينة.. وتعبيرات مختلفة.. فيقولوا كفالة الاستمرار وبعدين يقولوا إتاحة الفرصة للتجديد. ومثلاً بيقولوا ان بعض الناس قالوا : إن من الناحية العمالية نستنى انتخابات العمال.. يعنى حصلت حاجات متباينة كثيرة جداً.. أصبح التوفيق بينها عمل مش سهل.. ولكنه عمل عسير خصوصاً بالنسبة لإتاحة الفرصة للتجديد».
– …………………… ؟
عرض الرئيس لمبدأ هام من مبادئ الحفاظ على عدم ازدواجية الممارسة السياسية لعضو اللجنة التنفيذية العليا؛ وهو عدم الجمع بين الوزارة واللجنة التنفيذية العليا حتى لا يطغى اهتمامه الأكبر بالعمل الوزارى على عمله كعضو فى الاتحاد الاشتراكى مؤكداً على أنه فى حالة انتخاب أى وزير عضواً فى اللجنة التنفيذية العليا لابد أن يترك منصبه الوزارى رغم ما قد يترتب على ذلك من عدم استقرار على مستوى الوزارة التى يتقلد منصبها.حيث أكد الرئيس جمال عبد الناصر على ذلك قائلاً: «من النقط اللى أنا يمكن أيضاً وجدت أنها ضرورية.. عدم الجمع بين الوزارة واللجنة التنفيذية العليا لأن بالممارسة إذا كان عضو اللجنة التنفيذية العليا حيكون فى الوزارة.. حَيِدى اهتمامه الأكبر للوزارة ولن يكون هناك اهتمام للعمل فى الاتحاد الاشتراكى. ولهذا أنا تصورى أن عضو اللجنة التنفيذية العليا مايكونش وزير.. يعنى إذا كان وزيراً وينتخب عضواً فى اللجنة التنفيذية العليا لازم فى الحال يسيب الوزارة». وانتهت الجلسة مثل مثيلاتها من جلسات المجلد الأول بأهمية البحث فى سبل استكمال الجوانب التنظيمية الخاصة باللجنة المركزية وإعلان نتائج انتخابات أعضاء اللجنة التنفيذية العليا.
انتخابات عُقدت الجلسة الخامسة للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى فى الساعة السادسة وخمسة وأربعين دقيقة مساء يوم السبت 19 أكتوبر سنة 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.
– ……………………….. ؟
دارت فعاليات الاجتماع حول انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا والأعضاء الاحتياطيين وفقاً لنص المادة (32) من النظام الداخلى للجنة المركزية وقد جرى الانتخاب سرياً وبشرط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين.
وانتهت الجلسة بإعلان نتيجة الانتخابات بتشكيل اللجنة التنفيذية العليا من الأعضاء الفائزين والحاصلين على أغلبية الأصوات وهم: علي صبرى وحسين الشافعى ومحمود فوزى وأنور السادات و د. كمال رمزى استينو وعبد المحسن أبو النور وضياء الدين داود ومحمد لبيب شقير من إجمالى عشرين عضواً تقدموا للانتخاب .
– ……………………. ؟
بدأت الجلسة السادسة للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف من مساء يوم 23 أكتوبر 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.
وافتتح الرئيس جمال عبد الناصر أعمال الجلسة بعرض جدول أعمال الاجتماع وقد بدأه بموضوع انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية العليا ومبررات الصعوبة التى وجدها فى اختيار أعضائها. وبالتالى ترك الأمر لإجراء انتخابات جرت فى الجلسة السابقة (الخامسة) بين أعضاء اللجنة المركزية خاصة أن الوصول إلى عضوية اللجنة التنفيذية العليا يمثل الوصول إلى أعلى القيادات فى المجالات المختلفة مما يتطلب ضرورة توافر جهد وعمل سياسى كبير من قبل الأعضاء يتلاءم وحجم المسئولية التى فرضتها العضوية عليهم حيث تحدث قائلاً: «اللى أنا بدى أقوله.. إن الوصول إلى اللجنة المركزية فى أى بلد من البلاد بيعتبر الحقيقة الوصول إلى أعلى القيادات طبعاً بعد كده اللجنة التنفيذية العليا هى عشرة من 150 يبقى الوصول إلى القيادة العليا.. وهذا عمل مش سهل الوصول إليه أنا شفت بعض الأعضاء اللى مانجحوش فى الانتخابات.. وحسيت انهم مجروحون ومعتبرين انهم جرحوا.. لأن مانجحوش الحقيقة مافيش أى مجال لهذا الشعور فَزَيّ ما قلت إن اللى بيدخل الانتخاب.. لازم يتقبل النجاح ولازم يتقبل الخسارة».
ويستكمل الرئيس عبد الناصر حديثه عن تشكيل اللجنة التنفيذية العليا حيث سيطر هذا الموضوع على معظم فعاليات الجلسة السادسة وانتهى الرأى الى الاكتفاء بعدد الأفراد الذين فازوا فى انتخابات اللجنة فى الجلسة الخامسة وتأجيل انتخاب باقى الأعضاء معبراً عن ذلك بقوله: «
” الموضوع الأساسى اللى أنا كنت عاوز أتكلم فيه النهارده وهو : ما العمل بالنسبة لتكملة اللجنة التنفيذية العليا ؟ احنا بحثنا هذا الموضوع فى اجتماع اللجنة التنفيذية واستقر رأينا على أن نعرض عليكم اقتراحاً بتأجيل انتخابات باقى أعضاء اللجنة التنفيذية العليا والأعضاء الاحتياطيين إلى وقت لا نحدده ولكن لما نجد نفسنا جاهزين نعمله. قد يمتد هذا الوقت إلى إزالة آثار العدوان.. ونكتفى بالتشكيل الحالى من الأعضاء الثمانية اللى انتخبوا فى الجلسة الماضية. هذا هو اللى استقر رأينا على أن نعرضه عليكم فإذا كان لأحد أى رأى آخر بنسمع له.. هل توافقوا على هذا الرأى؟». ثم يُفتح باب المناقشة للأعضاء حيث تحدث كل من مفيد محمود شهاب وفريد عبد الكريم والدكتور عبد المنعم فرج الصدة وفريد زكى حسنين عن مدى قانونية استكمال أو عدم استكمال تشكيل الجنة التنفيذية العليا وفقاً لما تنص عليه المادة (13) فقرة (ح ـ 1) من قانون الاتحاد الاشتراكى من ضرورة تكوين اللجنة التنفيذية العليا من عشرة أعضاء على رأسهم رئيس الاتحاد الاشتراكى العربى فى الوقت الذى تم فيه انتخاب ثمانية أفراد فقط مشكلين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا. علق الرئيس قائلاً: «هو الحقيقة تغيير القانون بيكون فى المؤتمر عادة والعملية ان القانون أقوى من اللايحة.. أنا متفق مع الأخ الدكتور فى هذا ولكن يمكن قد نختلف فى التفسير ولكن حتى نحسم الموضوع.. يبقى نقدر نتفق فى الرأى بإرجاء استكمال عضوية اللجنة التنفيذية العليا والاكتفاء بتشكيلها الحالى من الأعضاء الثمانية الذين انتخبوا أخيراً وده فيه التفويض زى مابيقول الدكتور جاد.. وهذا يبقى مافيش مشكلة بيننا كلنا. من يوافق على هذا يرفع إيده؟ ( موافقة ) ». وفى هذه الجلسة تم تشكيل اللجان المنبثقة عن اللجنة التنفيذية العليا وعددها خمس لجان هى: لجنة الشئون السياسية لجنة التنمية الاقتصادية لجنة الشئون الداخلية لجنة الثقافة والفكر والإعلام لجنة شئون التنظيم. وتم الاستقرار على تحديد أولويات موضوعات البحث فى اللجان السابقة ووضع أعضاء تلك اللجان من الموظفين العاملين فى المصالح الحكومية أو المؤسسات المختلفة.
ثم يختتم الرئيس أعمال الجلسة بإعلان تقرير لجنة متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر القومى العام كأساس للمناقشة على مستوى اللجان الدائمة للاتحاد وطرحها للنقاش أمام أعضاء اللجنة المركزية حتى إذا أقرتها اللجنة يمكن للجان الدائمة أن تبدأ عملها. وقد اشتملت هذه الأسس على إنشاء منظمات الدفاع الشعبى والمدنى ورعاية أسر المجندين وإعطاء مزيد من الاستثمارات فى قطاع البترول وتدعيم سيادة القانون بإعادة صياغة القوانين التى تتعلق بالحريات الشخصية ضماناً لحرية المواطن وكرامته مع الحفاظ على أمن الوطن وسلامته.
كما أعطت اللجنة أولوية لتشكيل لجنة لوضع الدستور الدائم وتعديل قوانين النقابات المهنية والعمالية ومتابعة مشاكل الجماهير ووضع الحلول لها. وتضمن ذلك فى قول الرئيس جمال عبد الناصر خلال مناقشات الجلسة: «الموضوع الآخر هو تشكيل اللجان الدائمة.. اللى هو الباب الثالث فى اللائحة: تشكيل اللجان الدائمة للجنة التنفيذية العليا وهذا الموضوع احنا أجلناه من الجلسة اللى فاتت اللى هو البند رابعاً.. النظر فى تشكل اللجان الدائمة.. اللى هى الباب الثالث فى الصفحة (4) فى اللائحة: ـ لجنة الشئون السياسية.
ـ لجنة التنمية الاقتصادية.
ـ لجنة الشئون الداخلية.
ـ لجنة الثقافة والفكر والإعلام.
ـ لجنة شئون التنظيم
احنا بحثنا هذا الموضوع فى اجتماع اللجنة التنفيذية العليا وعملنا لجنة.. علشان فيه لجان كان العدد اللى فيها قليل.. ولجان العدد اللى فيها كبير علشان نصل إلى رأى بالنسبة لهذه اللجان على أساس تحقيق رغبات الأعضاء سواء كانت رغبة أولى أو رغبة ثانية وعلى أساس ان كل اللجان الحقيقة بيكون فيها عدد مناسب من الأعضاء ».
إصرار على التحرير بدأت الجلسة السابعة للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم 6 نوفمبر 1968 برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر.
بدأ الاجتماع بمناقشة الموقف السياسى العام على ضوء التطورات السياسية والعسكرية التى عكست التوجه المصرى ـ عربياً ودولياً ـ من قضية فلسطين ومشاريع التسوية التى حاولت المنظمة الدولية والولايات المتحدة الأميركية فرضها على مصر بعد عدوان يونيو 1967 والتى واجهتها مصر بإعلانها التمسك بالقومية العربية والإصرار على إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وتقوية فصائلها وتطوير إمكانياتها لتحرير الأراضى العربية المحتلة.
وجاءت ردود الرئيس جمال عبد الناصر على نتائج الاتصالات الدولية التى أجريت فى ذلك الوقت قاطعة مؤكداً على أنه لا يمكن التنازل عن أى شبر من الأراضى العربية وأنه لا تفاوض ولا صلح ولا اعتراف بإسرائيل كما أقره مؤتمر القمة العربى الذى عُقد فى أغسطس عام 1967 فى الخرطوم. والإصرار على الانسحاب الإسرائيلى الشامل والكامل من الأراضى المحتلة عقب عدوان 1967 واعتبار أن مادون ذلك يعد تفريطاً فى الأراضى العربية.
– ……………….. ؟
فى معرض حديث ( الوالد ) الرئيس عبد الناصر عن الموقف السياسى والعسكرى فى ضوء زيارة وزير الخارجية محمود رياض لنيويورك ومقابلته مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة «جونار يارنج» ومع «دين راسك» وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية بشأن المذكرة التى قدمها وزير الخارجية الإسرائيلى «أبا إيبان» عن وجهة نظر إسرائيل تجاه قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر فى 22 نوفمبر 1967 والتى مثلت أول مشروع تسوية تفصيلى تطرحه تل أبيب يتلخص فى النقاط التالية: ـ إقامة سلام عادل وشامل. ـ وجود حدود آمنة ومعترف بها حيث ترغب تل أبيب فى السعى وراء اتفاق مع الجمهورية العربية المتحدة على حدود دائمة ضمن سلام نهائى.
ـ حرية الملاحة فى المياه الدولية.
ـ إنهاء المزاعم الخاصة بحالات الحرب.
ـ البدء فى عملية صنع السلام.
وهنا يبدأ تعليق الرئيس جمال عبد الناصر على مشروع التسوية ـ السابق ـ والذى تتقدم به إسرائيل إلى الأمم المتحدة قائلاً: « الرد بتاعنا كان الحقيقة ماحبيناش أيضاً إن احنا ندخل فى مناقشات لأن ده بيتلافى كليةً عملية الانسحاب.. وعملية الجلاء.. وعملية خمسة يونيو وبيركز على عملية اتفاقات وتعاقدات.. العملية اللى طبعاً فى مؤتمر الخرطوم احنا رفضناها وهُم يعرفوا إن احنا رفضناها. كان كل كلامنا برضه.. ملخص الرد.. إن موقف الجمهورية العربية المتحدة إزاء التسوية السلمية التى أقرها مجلس الأمن فى 22 نوفمبر 1967 هو موقف معروف وسبق أننى أعلنته فى خطابى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 أكتوبر وأعود ألخصه فيما يلى: 1ـ إن الجمهورية العربية المتحدة تقبل قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1967.
2ـ إن الجمهورية العربية المتحدة على استعداد لتنفيذ التزاماتها الناشئة عن هذا القرار.
3ـ نرى أن يقوموا بوضع برنامج زمنى لتنفيذ كافة بنود القرار.
4ـ إننا نرى أن يكون تنفيذ القرار تحت إشراف وضمان مجلس الأمن».
موضحاً ان عدوان إسرائيل على ثلاث دول عربية وعن موقفها الرافض لقرار مجلس الأمن ما زال قائماً حتى الآن وإن الجمهورية العربية المتحدة تعتبر استمرار احتلال القوات الإسرائيلية للأراضى العربية هو عدوان متواصل على سيادة وسلامة أراضى ثلاث دول أعضاء فى الأمم المتحدة. ويشكل موقفاً ينطوى على أخطر الاحتمالات بالنسبة للسلام والأمن فى الشرق الأوسط. واستمراراً فى تعليقه على مشروع التسوية الذى طرحه «أبا إيبان» ـ وزير خارجية إسرائيل ـ حول مضمون السلام الذى تريده تل أبيب يقول الرئيس جمال عبد الناصر: «الحقيقة مطلوب منا حسب كلام «إبا إيبان» وحسب التصريحات المعلنة ـ وأكثر منها التصريحات غير المعلنة اللى بتتقال فى إسرائيل ـ انهم بيطلبوا منا استسلاماً كاملاً. فى الحقيقة احنا ملتزمين على أساس اننا لا يمكن أن ننهى حالة الحرب طالما هناك شبر من الأراضى العربية محتل من إسرائيل وحتى لو تعهدنا أمام مجلس الأمن بإنهاء حالة الحرب فإن إنهاء حالة الحرب سيكون معلقاً بالجلاء الكامل أو بالانسحاب الكامل الإسرائيلى من كافة الأراضى العربية بما فى ذلك القدس.. طبعاً هذا الكلام تعرفه إسرائيل لأن احنا قلناه ليارنج». كما استطرد قائلاً: «إننا لا يمكن أن نتنازل عن أى شبر من الأراضى العربية والانسحاب الإسرائيلى معناه الانسحاب إلى الخطوط اللى كانت موجوده فيها قبل 5 يونيو 1967 وإن احنا لا يمكن أن نقبل التفاوض أو ان احنا نقعد مباشرة مع إسرائيل».
هدى جمال عبد الناصر تناقش :
العولمة وأهمية التكتل العربي
استفهام عنيف .. يحيرني للغاية .. يقض مضجعي ويزلزل مهجعي :
عبد الناصر لملم الثروة وانتزعها من الإقطاعيين وهم فئة الباشاوت ليمنحها للبسطاء والفقراء والشعب العامل الكادح بإسم ” القضاء على الإقطاع ..
واليوم .. ننتزع الثروة والقوت من الشعب الفقير البسيط لنمنحه ونهبه لفئة الباشاوات الجُدد بإسم ” الخصخصة ” !!! فتكون النتيجة الهروب بإقتصادنا إلى بنما وأمريكا و واق الواق .. وخراب البنوك .. وإنهيار الجنيه .. وارتفاع الأسعار.. وسيادة الدولار .. فما الحكاية ؟!!
وهل .. عبد الناصر أصاب أم أن رجال المرحلة فقدوا الذاكرة ؟!!
استفهام حاد وضروري بحاجة إلى إجابة خاصة جداً !!
والعولمة .. ظاهرة عصرية تفرض ذاتها على موائد البحث وملفات الدراسة وأوراق التقصي فماذا ترى الدكتورة هدى عبد الناصر عن تلك الظاهرة التي يلهج بها أئمة الإقتصاد ويدعو إليها فلاسفة السياسة ؟!
هذه .. روشتة كريمة الرئيس في قضية ” العولمة ” !!
…
– ………………….. ؟
بظاهرة العولمة في الوطن العربي, ودراسة تحدياتها السياسية والاقتصادية والثقافية, والتخطيط لمواجهتها, وذلك له ما يبرره. فإن الموقع الإستراتيجي للعالم العربي مجاورا لأوروبا, وفي منتصف الطريق إلي آسيا والشرق الأقصي, مكونا كيانا ثقافيا عربيا واحدا ووحدة حضارية إسلامية, كل ذلك جعله هدفا مباشرا لسياسات العولمة, كما يتضح من الكتابات الغربية مثل نهاية التاريخ و صراع الحضارات.
ولعل مما يبشر بالخير أن ذلك الاهتمام بظاهرة العولمة يأتي من مستويات مختلفة في العالم العربي: من بعض الحكومات والجامعات ومراكز الأبحاث والجمعيات الأهلية, ومن المثقفين والكتاب والفنانين والعمال. كل يعبر عن الجانب الذي يمسه مباشرة.
– ………………….. ؟
من أين نبدأ ؟ إن الإجابة ليست بالمهمة السهلة, ولكن يمكن وضع بعض النقاط علي طريق الحل, أري أن الكثيرين ممن تناولوا موضوع العولمة بالتحليل يتفقون حول:
أولاً : إن تقبل البعض للعولمة باعتبارها قدرا حتميا, ورفض آخرين لها باعتبارها امتدادا للهيمنة الرأسمالية الغربية هو مدخل غير مجد. فالعملية هنا ليست القبول أو الرفض للعولمة, فنحن أمام ظاهرة آخذة في الاتساع وتتداعي تأثيراتها في قطاعات هامة من حياتنا, وما ينبغي أن تتجه إليه الجهود هو كيفية التعامل معها.
ثانياً : إن العولمة التي توفر وسائل الهيمنة الخارجية, يمكن- إن استخدمنا وسائلها بكفاءة واقتدار- أن نحمي هويتنا القومية, بل وأن نجعل ثقافتنا أكثر حيوية وتطورا, بمزيد من انفتاحها علي العالم, وحوارها مع الثقافات الأخري. إن التحديات الكبري يجب أن تستنفر المقاومة لدي الدول ذات الثقافات الحية والإمكانات البشرية الغنية.
ثالثاً : إن افتراض قيام ثقافة عالمية واحدة هو افتراض مستحيل, فالثقافة ترتبط بالإنسان, وطالما وجدت اختلافات في الجغرافيا والتاريخ والتجارب والطموحات القومية فإن ظاهرة التعدد الثقافي لن تختفي. وتلعب اللغة القومية هنا دورا مهما, خاصة وأن الترجمة بين اللغات لا تنقل إلا المعني السطحي من دون روح الثقافة. كذلك فإن ثقافة العولمة تعتمد أساسا علي اللغة الإنجليزية التي لا يتقنها إلا النخبة في العالم العربي, وهذا يعطي ميزة نسبية للإعلام العربي, حيث تؤدي رابطة اللغة, عندما تتلاقي مع أساليب الاتصال الحديثة من أقمار صناعية وشبكة اتصال إلكترونية, إلي مزيد من أواصر الاقتراب بين أبناء الوطن العربي, ومن التلاحم الثقافي اليومي.
لعل ذلك يدعونا إلي مقاومة اتجاهات تهميش اللغة العربية بدعوي أن إتقان اللغة الأجنبية من متطلبات القرن الحادي والعشرين: فلقد بدأ الاتجاه في العديد من الجامعات العربية لاستحداث أقسام التدريس باللغات الأجنبية في مجال العلوم الإنسانية كالحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية بديلا عن اللغة العربية, وأخشي أن يؤدي ذلك إلي خلق نظام طبقي في إطار المعاهد العلمية, وإلي إضعاف الارتباط باللغة العربية, وإضعاف الرغبة في دراستها, لأن السوق تغلق أبوابها في وجه أنصار الثقافات الوطنية. إن الانفتاح علي الثقافات الأخري, وإتقان اللغات الأجنبية, لا يعني إضعاف لغتنا العربية التي تشكل وجدان الأمة وأداة تفكيرها.
رابعاً : إن التفوق العلمي والتقدم التكنولوجي هو شرط أساسي للمشاركة بإيجابية في القرن الحادي والعشرين, ولعل ذلك يكون حافزا لنا لوضع خطط لتنشيط دور العلم والثقافة في حياتنا, تلعب فيها الحكومات والجامعات والمؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني دورا أساسيا.
خامساً : إن الدور الذي يلعبه الإعلام في حوار الثقافات والاتصال والتفاعل فيما بينها لم يزل سطحيا وهامشيا: فالمحتوي الثقافي في القنوات الفضائية العربية لا يتناسب مع القوة التكنولوجية التي تمتلكها, وليس قادرا علي أن ينافس الإعلام الخارجي الذي يتدفق حرا طليقا عبر الأقمار الصناعية. لذلك فإن التركيز علي الإبداع والتجديد في الرسالة الإعلامية يتطلب اتساع المشاركة السياسية, والسماح بمزيد من حرية التعبير, وإنشاء وسائل إعلام عربية دولية باللغة العربية وبغيرها من اللغات, حتي تعبر رسالتها حدود الوطن العربي وتربط العرب في المهجر بأصولهم القومية العربية.
سادساً : إن الهدف الأساسي للعولمة هو الهيمنة الاقتصادية والسياسية التي تقود إلي المواجهة الثقافية. ولن نتمكن من التصدي لهذه الهيمنة إلا بالعمل العربي المشترك والتكتل العربي, فالعالم العربي يحتاج إلي تخطيط إستراتيجي واضح الأهداف, وحشد لطاقات المجتمع العربي البشرية والاقتصادية بتحقيق التكامل الاقتصادي, والتنمية الشاملة, وتأكيد الهوية القومية.
وفي هذا الصدد أعتقد أن تداعيات العولمة يجب أن تكون هي المنبه العصري الذي يجب أن يؤدي إلي التغيير العميق في العالم العربي, وفي هذه المرة تأتي دعاوي التغيير من النخبة المثقفة ومن العمالة المعطلة, وليس كما كان الوضع في الماضي عندما طرح التغيير من خلال القيادات التاريخية التي جسدت آمال الأمة. وإذا كانت أوروبا تحمي نفسها من الهيمنة الأمريكية, فأولي بنا أن نتصدي لمحاولات الهيمنة الأمريكية والأوربية معا.
وفي إطار هذا التكتل العربي يمكن وضع مشروع ثقافي قومي يهدف إلي حماية هويتنا القومية, ويشمل تعريب التعليم الجامعي, ودعم المؤسسات العلمية والإنتاج الأدبي والعلمي والفني, وتشجيع حركة الترجمة في الأدب والعلوم والفلسفة إلي اللغة العربية.
سابعاً : يجب أن تحتفظ الدولة بدورها القيادي في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وفي المحافظة علي الثقافة والهوية القومية بمقاومة الضغوط الغربية لإتباع سياسات غير نابعة من المصلحة القومية. وأود أن أشير هنا إلي أن قوي العولمة غير قادرة علي أن تحكم سيطرتها إلا من خلال مؤسسات الدولة القومية, التي تضع التشريعات والقوانين والقرارات التي تسهل هذه السيطرة. وفي نفس الوقت, فمازالت الدولة القومية تلعب دورا لا ينافس في مجال الأمن الداخلي, وتحقيق الاستقرار المطلوب الذي يسمح للشركات المتعددة الجنسية أن تمارس نشاطها الاقتصادي بما يعود بالفائدة علي الطرفين. ومفهوم الأمن هنا يتعدي الإطار العسكري أو البوليسي إلي إطار أوسع هو الأمن الاجتماعي والاقتصادي, الذي لا يمكن أن يتحقق إلا في جو من الاستقرار السياسي, والتفاعل الديمقراطي السليم بين المواطنين. ومما لا شك فيه أن التكتل العربي من شأنه أن يدعم قدرات الدول العربية في هذا الاتجاه.
ثامناً : إن ما يثير القلق في الحقيقة ليس مجرد الغزو الثقافي الغربي, فلدينا ثقافة بقيت متماسكة عبر العصور, ولها نسق قوي يستطيع أن يتطور ويواجه المستقبل, ولكن العامل الخطير هنا هو التبعية السياسية والاقتصادية التي تقود إلي الخلخلة الثقافية, وإلي الاهتزاز في ثقة الشباب في هويتهم العربية, وإلي انتشار الشعور بالإحباط بينهم, وخاصة مع حملات التشكيك في كل ما هو قومي, التي تقودها بعض أجهزة الإعلام الأجنبية والعربية في منظومة متسقة أهدافها.
– …………………. ؟
لست أري في هذا التحدي جديداً إلا من حيث مداه, ومن حيث مقدار العجز الذي بلغته الدولة عن السيطرة والرقابة عليه. ويذكرنا ذلك بفترات قريبة من تاريخنا كانت مكرسة فيها محطات الإذاعة الأجنبية الناطقة بالعربية للتشكيك في هويتنا وفي عروبتنا, إلا أن رد الفعل كان عكسيا, فقد تمسكت الجماهير بعروبتها, وافتخرت بهويتها, وكان ذلك في إطار عاملين أساسيين هما :
1 ـ قوة المد القومي العربي في الخمسينات والستينات الذي واكب حركات التحرر من الاستعمار الغربي, والذي توفرت له القيادة التي نجحت في إعادة طرح الفكر القومي مقرونا بالإنجازات القومية المعروفة, وتجاوبت النخب المثقفة في العالم العربي معه بإسهاماتها الفكرية, وبالحوارات التي جرت بين فصائلها الفكرية المختلفة.
2 ـ وصول ثمار التنمية الاقتصادية التي بدأت بعد التحرر من الاستعمار إلي الطبقة المتوسطة والطبقات الفقيرة.
إذن إن مفتاح التمسك بالهوية القومية والاحتفاظ بالتميز الثقافي يكمن في الاستقلال السياسي المبني علي حد أدني من الاستقلال الاقتصادي وعدالة التوزيع, والاتجاه إلي التكتل العربي علي كافة المستويات, أيا يكون الشكل الذي يتخذه هذا التكتل في البداية.
ولا يجب أن ننسي أننا أصبحنا في عصر بعث القوميات علي مستوي العالم, وذلك بعد انتهاء الاستقطاب الدولي في زمن الحرب الباردة. ومن هنا أجد التناقض شديدا بين هذه الظاهرة العالمية نحو بعث القومية وبين الادعاءات من حولنا حول ضعف الارتباط القومي وضعف الهوية القومية في العالم كله. فلماذا يؤدي هذه الوضع في العالم كله إلي إثارة التميز الثقافي القومي, ويؤدي في وطننا العربي إلي الظاهرة العكسية ؟ اللهم إلا إن كانت الظاهرتان المتناقضتان تخدمان الهدف وهو تفكيك الدولة.
– …………………… ؟
إن تلك حملة يجب ألا نتوقف عندها, حيث أن القومية العربية توحد بين الأقطار العربية, بينما يذكي نمو الشعور القومي في أوروبا مثلا الفرقة بين دول الوحدة الأوروبية, ورغم ذلك اتخذت خطوات عملية علي مدي نصف قرن جعلت من أوروبا قوة جديدة تستعد لتأخذ مكانها المميز.
لقد أقلق هذا الاختلاف في مفهوم القومية في العالم العربي عنه في الغرب الكثير من الباحثين الغربيين, وخاصة في فرنسا. ومن هنا كانت الحملات المكثفة علي دعوة القومية العربية منذ الخمسينات, تلك الحملات التي لم تنجح إلا من الناحية الظاهرية فقط, فالوجدان العربي مازال تنبض فيه الحياة, تغذية الثقافة العربية والماضي المشترك, وتدعمه اللغة العربية وتحميه, ولكنه يحتاج إلي عنصر غاب سنوات طويلة وهو الإرادة العربية الواعية بقيمة التكتل العربي بدرجاته وأشكاله المختلفة, وإن نبع هذه المرة من الحاجة إلي الاحتماء في مواجهة قوي العولمة.
وإنه لمما يشجع علي المضي في هذا الاتجاه وجود عدو رئيسي للعرب وهو الصهيونية التي تعمل علي استغلال قوي العولمة لمصلحتها,وساعدها علي ذلك آلياتها التنظيمية منذ بداية القرن. والأمثلة هنا كثيرة منها محاولة إسرائيل استخدام آليات السوق الرأسمالية لكي تجعل من نفسها وسيطا بين العرب والغرب, وكذلك العمل علي السيطرة علي العديد من وسائل الاتصال العالمية لتنقل في أغلب الوقت وجهة النظر الصهيونية.
إنه مع تقديرنا لصعوبة عملية التكتل العربي الفاعل, إلا أنها قضية مصيرية ينبغي المضي فيها بصيغة جديدة تلائم العصر الذي نعيش فيه, وتحمي الهوية والسيادة في العالم العربي في الحاضر والمستقبل.
عبد الناصر والصراع العربي الإسرائيلي
مفاجأة للتاريخ من هو ” زغلول ” أستاذ المجاهدين ؟!!
وماذا قدم ناصر لفلسطين ؟!
عبد الناصر قبِل مبادرة روجرز من أجل عزل إسرائيل وكشف أمريكا .
بإيجازٍ شديد .. اتبعني والعهدة ع الراوي .
…
– …………………….. ؟
مرت قضية الصراع العربي الإسرائيلي بمراحل عديدة وقد اختلف تصور عبد الناصر لطبيعة الصراع عبر تلك المراحل.
ففي صباه شهد عبد الناصر كيف سمح المستعمر البريطاني وكانت بريطانيا منتدبة آنذاك على فلسطين – لليهود بالهجرة الجماعية بعد أن منحتهم وعد بلفور بالمخالفة للقانون الدولي ليتحول اليهود من أقلية لا تمثل أكثر من 5% إلى كيان إرهابي قوامه مئات الآلاف من النازحين من أرجاء الأرض.
وفي شبابه شارك عبد الناصر في حرب فلسطين و حارب بشجاعة في الفالوجا و جرح وعاد مرة أخرى لأرض المعركة كما قام بتدريب المجاهدين في فلسطين تحت اسم حركي هو “زغلول”. و خلال الحرب رأى كيف انهزم العرب عندما وثقوا بالأمم المتحدة في سذاجة فعزز اليهود مواقعهم أثناء الهدنة و اكتسبوا المزيد من الأراضي. و لكن مصر نفسها كانت محتلة فكان الشاغل الأول هو تخليصها من الاستعمار و الفساد السياسي.
– ………………… ؟
في 1956 رأى عبد الناصر كيف استخدم الاستعمار إسرائيل كأداة للعدوان يتستر خلفها وبذلك فقد اتضح إن إسرائيل قد أصبحت مثل “البلطجي” أو “القاتل المأجور” الذي يستخدمه الاستعمار ليقوم بالعمل القذر نيابة عنه .
وفي 1967 حدث الشيء نفسه فقد أرادت أمريكا إسقاط عبد الناصر فاستخدمت إسرائيل كأداة العدوان وذلك بعد أن أحكمت الخطة الخداعية للإيقاع بعبد الناصر التي استخدمت في حبكها الاتحاد السوفييتي والأمم المتحدة فكانت المؤامرة التي عرفت كودياً باسم عملية “اصطياد الديك الرومي” وأطلقت أمريكا العنان لإسرائيل Unleash Israel لتنفيذ تلك المؤامرة بل أنه في 3/6 -أي قبل العدوان بيومين- قام جونسون بتحديد موعد زيارة يقوم بها زكريا محيي الدين إلى واشنطن في 7/6 أي بعد العدوان بيومين على الرغم من علم جونسون بموعد الهجوم الإسرائيلي.
– ………………………… ؟
بعد النكسة أدرك عبد الناصر أن الصراع بين العرب و إسرائيل هو صراع مصيري على البقاء ورغم أنه في البداية كان يعد إسرائيل ذنباً من أذناب الاستعمار الذي زرعها قسراً في قلب الوطن العربي فقد آمن عبد الناصر فيما بعد بأنه صراع حضاري بين الشرق و الغرب وأدرك بعد هزيمة 67 أن الصراع لن يحسمه جيله بل سوف يمتد لأجيال قادمة وبدأ عبد الناصر يوقن أن إسرائيل دولة توسعية عدوانية لا تهدف للسلام لأنها تريد دوماً ضم أراضي عربية جديدة حتى تتمكن من استيعاب المزيد من المهاجرين و من هنا كانت مصيرية الصراع و أن إسرائيل سوف تحاول دائماً أن تنفرد بالدول العربية واحدة بعد أخرى.
وبتحليل سياسات عبد الناصر بعد الثورة تجاه إسرائيل فإنه يمكننا تصنيفها زمنياً للمراحل التالية:
– …………………. ؟
قبل قيام الثورة كانت الحكومة المصرية قد حظرت مرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة وقناة السويس ورغم ذلك فقد ظلت الجبهة المصرية الإسرائيلية هادئة منذ توقيع اتفاقية الهدنة عام 1949. وبعد قيام الثورة ورغم أن الشاغل الأكبر كان هو الاستعمار والعمل على إجلائه فإن قضية فلسطين ظلت تأخذ مكاناً مهماً في خطابات عبد الناصر. ولكن في عام 1953 بدأ الصدام المصري الإسرائيلي يتجدد حينما هاجمت القوات الإسرائيلية معسكر “البريج” للاجئين وقتلت 20 لاجئا فلسطينياً ثم طردت البدو المصريين من منطقة العوجة المنزوعة السلاح وأقامت فيها مستوطنة (كيبوتز) مدعية حق السيادة على المنطقة ثم تصاعدت بعد ذلك الغارات الإسرائيلية على المناطق المصرية الأردنية. وكان ذلك بداية لنظرة عبد الناصر إلى إسرائيل كدولة توسعية عدوانية تشكل خطراً مصيرياً على الوطن العربي كله.
ومع ذلك فلم يقم عبد الناصر بتصعيد المواجهة العسكرية مع إسرائيل فمنذ توليه القيادة كان عبد الناصر مصمماً على تركيز جهوده على التنمية الاقتصادية أولاً وما يتبع ذلك من خفض مستوى الإنفاق العسكري عند الحد الأدنى الممكن في تلك المرحلة – إيماناً منه بأن مصر لا يجب أن تخوض حرباً مع إسرائيل قبل أن يجلو الإنجليز عن أرضها وقبل أن يصبح الاقتصاد المصري قوياً بالصورة التي تسمح لمصر بتسليح جيشها جيداً لتجنب أخطاء حرب 1948
ولكن جاءت الغارة الإسرائيلية على غزة 1955 والتي قتل فيها 42 جندياً مصرياً لتحدث تحولاً في فكر عبد الناصر وتغير أولوياته وجعلته تلك الغارة يوقن أن الصدام مع إسرائيل قد يحدث في أي وقت و من ثم فإنه لا بديل عن تسليح الجيش المصري بحيث يصبح قوياً و من هنا جاء اتجاهه أولاً للغرب ثم الاتحاد السوفييتي و كانت صفقة الأسلحة التشيكية هي أول خطوة على ذلك الطريق.
ثم جاء العدوان الثلاثي واستخدم الاستعمار إسرائيل كأداة للعدوان أو “كبلطجي” مأجور تتستر خلفه بريطانيا وفرنسا لينفذ أهدافهما في مقابل تحقيق أطماعه التوسعية وضم أجزاء إضافية من الأرض العربية.
– ………………… ؟
تلك الأحداث و ما تلاها جعلت عبد الناصر يدرك أن إسرائيل عدو يهدف إلى التوسع في الأراضي العربية والقضاء على القومية العربية وأنها عامل توتر وعدم استقرار في المنطقة بجانب نواياها العدوانية التي تحاول من خلالها فرض السلام و إجبار العرب على قبول الأمر الواقع عن طريق العدوان و أن القوى الاستعمارية التي سمحت في الأصل بقيام إسرائيل لن تتردد في دعمها سياسياً و اقتصادياً و عسكرياً لتبقى “كمسمار جحا” في المنطقة كمبرر دائم لاستمرار تدخله في شئون الدول العربية و عائقاً أمام نمو القومية العربية وكعامل يزيد من التوتر و يهدم الاستقرار. ومن هنا نظر عبد الناصر إلى الصراع العربي الإسرائيلي كعلاقة ثلاثية تضم العرب وإسرائيل والاستعمار الغربي ولكنه ظل في هذه المرحلة يعتبر أن الاستعمار الأوروبي (البريطاني والفرنسي) هو العدو الرئيسي وأن إسرائيل هي صنيعته وأداته فقد قامت على الاعتماد الكامل على الغرب الذي خلقها من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة ومحاربة دعاوي الاستقلال والقومية العربية واعتبر أيضاً أن النظم الرجعية العربية تساعد الاستعمار على تحقيق أهدافه.
– …………………. ؟
لم يكن عداء عبد الناصر لإسرائيل عداءً لليهود أو للسامية فكان العداء العربي لإسرائيل ينبع من ممارسات الأيديولوجية الصهيونية في فلسطين وليس من أي عداء للديانة اليهودية فالإسلام يحض على احترام الأديان السماوية و حسن معاملة أهل الكتاب. ولكن عبد الناصر لم ينخدع بالواجهة الدينية لإسرائيل بل نظر إليها كدولة عدوانية تهدد دائما الأمن القومي العربي ولا تتردد في استخدام كل وسائل الابتزاز السياسي والحرب النفسية والتخريب الاقتصادي لتحقيق أهدافها واعتبر أن توسعها جزء من طبيعة الكيان الإسرائيلي ذاته بسبب استيعاب المهاجرين الجدد و أن إسرائيل سوف تحاول دائماً العمل على فشل الوحدة العربية لأن وحدة العرب عسكرياً تعني بالنسبة لها عدم تمكنها في المستقبل من التوسع في البلاد العربية و أما إسرائيل فكانت تدعي أن عبد الناصر يهدف لإقامة إمبراطورية عربية وتحطيم الكيان الإسرائيلي. ومن مقولات عبد الناصر عن المعركة مع الصهيونية: “إن المعركة بيننا وبين الصهيونية لم تنته بعد بل لعلها لم تبدأ بعد فان لنا ولها غدا قريبا أو غدا بعيدا نغسل فيه عارا ونحقق أمنية ونسترد حقا”.
– ……………………. ؟
في حديث لمجلة باينز الهندية في مارس 1957 قال عبد الناصر: إن إسرائيل تمثل خطراً حقيقياً للتوسع و التهديد الاستعماري و المطامع الصهيونية التي تهدف إلى تحويل المناطق الواقعة بين النيل و الفرات إلى أرض مقدسة لليهود كما يزعمون ..
ولكن هل انشغل عبد الناصر في هذه الفترة بقضايا التحرر و التقدمية و الرجعية عن مواجهة الخطر الصهيوني بالجدية المطلوبة ؟ كان عبد الناصر يؤمن بأن الأنظمة الرجعية تساعد الاستعمار على تحقيق أهدافه في هدم القومية العربية وإضعاف العرب كما كان يؤمن أن إسرائيل ما هي إلا ذنب من أذناب الاستعمار وبالتالي كان هدفه المرحلي هو تخليص باقي الدول العربية من الاستعمار والرجعية المعاونة له فنجد التدخل المصري في اليمن و ما تلاه من مواجهات بين مصر من ناحية و السعودية و الأردن و أمريكا و بريطانيا من ناحية أخرى وتأييد مصر للجزائر في مواجهة فرنسا و حلفائها .. .. و قد أتى هذا بثماره ولكن على المستوى الاستراتيجي أضعف مصر و أضر بالقضية الفلسطينية كما جعل الوصول لموقف عربي موحد تجاه أي قضية أمراً مستحيلاً و في ظل هذا تنامت قوة إسرائيل و علاقتها بالولايات المتحدة حتى أصبحت إسرائيل – وليس الاستعمار – هي الخطر الذي يهدد الأمة العربية تهديداً مباشراً و يبدو أن عبد الناصر الذي نشأ في ظل الاستغلال الاستعماري لم يستطع تجاوز عقدة الاستعمار و لم يدرك بصورة مبكرة مدى مصيرية الخطر الجديد المتمثل في الكيان الصهيوني الذي بات يهدد في حد ذاته الوجود العربي.
– …………………………… ؟
مع اضمحلال الإمبراطوريات الاستعمارية شهدت هذه الفترة نمو النفوذ الأمريكي على أساس أن ترث الولايات المتحدة النفوذ الاستعماري الغربي في المنطقة حتى لا يترك احتضار الإمبراطوريات الأوروبية فراغاً في ميزان القوى العالمي يملؤه الاتحاد السوفييتي وينشر فيه الشيوعية. وبالتالي فقد بدأ عبد الناصر في تصنيف الولايات المتحدة كدولة استعمارية.
طبيعة الصراع في مرحلة ما بعد النكسة
ظهرت إسرائيل في تلك الفترة باعتبارها العدو الرئيسي والمباشر الذي لا تقف مطامعه التوسعية عند أي حد وكدولة عدوانية تطالب لنفسها بما ليس لها فيه حق وكمشروع استعماري يقوم على العنصرية. وبدأت كلمة الاستعمار تستخدم كمرادف للولايات المتحدة الأمريكية بحيث شاع استخدام تعبير “الاستعمار والصهيونية” ليعني أمريكا وإسرائيل.
وبتحليل مواقف وسياسات عبد الناصر خلال تلك الفترة يمكن القول بأن عبد الناصر قد تكشفت له الحقائق التالية:
الرؤيا الاسترتيجية :
كما بينا فإن رؤية عبد الناصر للصراع العربي الاسرائيلي على أنه صراع وجود بين حضارتين عربية وغربية صهيونية والحل النهائي لايكون إلا بإزالة الدولة الدخيلة على الجسم العربي
– ………………………. ؟
الصراع العربي الصهيوني قد يطول ويتخلله مواقف تكتيكية تقتضيها الظروف الدولية والمحلية ولكن بدون أن نضيع عن الهدف الاساسي وتبقى تجربة الأمة العربية مع الحروب الصليبية مثالاً حيا لمصير أستعمار استيطاني ظل اكثر من 200 عام في المنطقة العربية حصلت خلال تلك الفترة العديد من الحروب العربية – الصليبة وتوجها صلاح الدين بتحرير القدس وشهدت المنطقة خلال حكم صلاح الدين العديد من الحروب والعديد من الهدنات والاتفاقيات التكتكية التي كانت تقتضيها طبيعة المرحلة ولم يخرج الصليبين إلا بعد صلاح الدين بفترة طويلة ولكن صلاح الدين وضع الأسس وهيأ الطريق للتحرير .
وبطريقة مشابهه تكمن الرؤيا الأستراتيجية لعبد الناصر والناصريين من بعده لطريقة ادارة الصراع العربي الاسرائيلي مع الأخذ بعين الإعتبار المتغيرات العالمية والدولية وخاصة في ظل سياسة القطب الواحد بعد إنهيار افتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية وبعد تعميم سياسة العولمة عالمياً
– ………………….. ؟
هي الرؤيا التي تتعامل مع الواقع الحالي وفق منهج الواقعية الثورية وإنطلاقاً من الرؤيا الاستراتيجية وتكون بتقسيم الخط الى مراحل مختلفة تصب في النهاية في الهدف العام وهو التحرير ووتضمن النقاط التالية
- أنه لابد من إعادة بناء قوة عسكرية مصرية ضخمة لكي تكون قوة ردع لاسرائيل عنصر ضغط على إسرائيل والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى سلام عادل
- أنه بوقوف أمريكا خلف إسرائيل بصورة كاملة فإن أهداف حرب التحرير لابد أن يتم وضعها لتكون محدودة بحيث يمكن أن تجيء بعدها مفاوضات أكثر عدلاً. وتأجيل التحرير الكامل حتى حصول توازنات دولية مختلفة تسمح بذلك وبدون اتفاقيات تقطع الطريق في المستقبل على أي عمل تحريري
- أن الصراع العربي الإسرائيلي لم يعد من الممكن أن يحسم نهائياً في المستقبل القريب بل أنه سوف يمتد لأجيال قادمة لأنه بعد هزيمة 67 – تحركت خطوط التفاوض لصالح إسرائيل ومع عدم وجود أوراق ضغط عربية كافية ومع وقوف أمريكا خلف إسرائيل بصورة كاملة فإن أي سلام يمكن الوصول إليه -حتى بعد قيام حرب التحرير- لن يكون سلاماً عادلاً..
وبناء عليه فقد قبل عبد الناصر “بخطة روجرز” ليحاول عزل إسرائيل أمام الرأي العام العالمي وفي محاولة لتقليل الدعم الأمريكي لإسرائيل.
– …………………………. ؟
للإنصاف فإن العالم الذي نراه اليوم يختلف عن ذلك العالم الذي اضطر عبد الناصر لأن يعيش فيه ومن الصعب أن نقوم الآن بالحكم على سياسات ذلك الجيل بعد عشرات الأعوام ومئات الكتب والأبحاث والدراسات التي تناولت ذلك الموضوع كما أن عبد الناصر لم يكن هو الذي بدأ بمعاداة الغرب بل أن غالبية الدول الغربية قد وضعته في قائمة الأعداء منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة لرفضه الدخول في النظم الدفاعية والتحالفات الغربية وعمله على تحرير البلاد العربية ومساعدته للحركات الثورية الأفريقية ثم مناداته بالقومية العربية .
أسرار أخطر وآخر 3 سنوات في عصر عبد الناصر
لماذا استخدم عبد الناصر مصطلح ” القوى ” ؟!
كيف أرسى مراكز صنع القرار ؟!
ماذا قال ناصر عن أسرار الموقف العسكري بعد 5 يونيو 67 ؟!
استفهامات حارة تبحث عن إجابة .. ترى كيف بلوغها ؟
…
– ……………………….. ؟
السنوات الثلاث الأخيرة في التجربة الناصرية كانت فترة النضج والمراجعة فركز حديثه عليها وقال إنها شهدت تطورات رئيسية على ثلاثة مستويات :
أولاً : على الصعيد الداخلي :
تحمل الرئيس عبد الناصر المسئولية الكاملة عن هزيمة عام 67 وتمسك الشعب المصري بقيادته ورفض تنحيه عن السلطة وكان ذلك بمثابة نقطة بداية من منطلق تفويض شعبي واسع النطاق للرئيس عبد الناصر بإعادة البناء على الصعيد الداخلي وتضمنت هذه العملية:
المحور العسكري وإعادة بناء وتسليح القوات المسلحة المصرية تحت شعار أنه لا صوت يعلو على صوت المعركة وعكس هذا رؤية القيادة السياسية التي استمرت بعد وفاة عبد الناصر وحتى قاد الرئيس السادات معركة العبور في أكتوبر عام 73 سواء بهدف التحرير أو التحريك للموقف العسكري بأخذ زمام المبادرة بالهجوم. ولم يكن بناء القوات المسلحة في السنوات الثلاث الأخيرة من حياة عبد الناصر مجرد تسليح وإعادة بناء القدرات القتالية وإنما انطوى على الأخذ بالبحث العلمي والتكنولوجيا وبشكل استوعب حقيقة أن أحد أسباب الهزيمة كان افتقار عدد كبير من أفراد القوات المسلحة المصرية للقدرة على التعامل مع الأسلحة الحديثة التي كانت بحوزتهم ولذلك تمت الاستعانة بخريجي الجامعات والمعاهد العلمية خاصة الهندسة والتكنولوجيا في إطار الإيمان بأن البحث العلمي هو مدخل رئيسي لفهم العدو وتدارك نواقص المجتمع المصري وكيفية مواجهة أوجه التخلف. وأسفر ذلك عن بناء عدد من المؤسسات البحثية الهامة مثل مراكز الأبحاث المتخصصة في تحليل ودراسة مدخلات صنع القرار السياسي استناداً إلى الأساليب العلمية وكذلك تم تفعيل دور المراكز القومية للبحوث
مراجعة وضع الصناعة المصرية التي مرت في عامي 1961و1964 بموجتين من التأميم للصناعات الأساسية لتحقيق ملكية الدولة لأدوات الإنتاج وتبين للرئيس عبد الناصر بعد هزيمة 1967 أن تلك الملكية ليست ضماناً للارتقاء بالصناعة وإنما يلزم تحديث سبل الإدارة ووسائل الإنتاج وبدأ الاهتمام بأبحاث التطوير اللازمة للصناعة المصرية.
الجانب السياسي حيث كشفت هزيمة 1967 عددا من المعطيات التي سادت الواقع السياسي الذي سبق الهزيمة:
استخدم عبد الناصر تعبير مراكز القوى لوصف الخلل الذي اعترى التركيبة السياسية وعمل على الإصلاح السياسي من خلال بيان 30 مارس 1968 الذي أثار انتقادات كان منها أنه صدر لامتصاص الغضب الجماهيري في مصر والمطالبة بإعطاء الشعب دورا أكبر في الممارسة السياسية وصنع القرار بشكل يعزز من صمود الجبهة الداخلية في أي حرب قادمة مع إسرائيل لا تنتهي بنفس النتيجة التي انتهت إليها حرب 1967.
شهدت فترة ما بعد 1967 موجات متتالية من إطلاق سراح المعتقلين السياسيين بما فيهم حتى بعض الذين تم اعتقالهم عقب الهزيمة وكانت هذه رسالة تسامح ومصالحة سياسية بين عبد الناصر وبعض القوى التي كانت في موقع الخصومة السياسية معه في ذلك الوقت.
ومع أن الرئيس عبد الناصر لم يصل بالوضع السياسي إلى حد التعددية الحزبية فإنه أرسى قواعد القبول بالرأي والرأي الآخر التي تمخض عنها بعد وفاته بستة أعوام إعلان الرئيس السادات التحول من النظام الحزبي الواحد إلى النظام المتعدد الأحزاب بعد طول تأجيل لذلك التحول.
ثانياً : على الصعيد العربي :
اتسمت تجربة عبد الناصر في سنواته الثلاث الأخيرة بالنضج الذي سمح بمراجعة بعض المواقف والأولويات بعد أن اتضح لكل الأطراف العربية أن الهزيمة كانت للجميع: المعسكر التقدمي والمعسكر المحافظ والمعتدلين منهم واتضحت الحاجة للتصالح وحدث ذلك في قمة الخرطوم عام 67.
تعرض مفهوم الوحدة العربية من التصور الاندماجي الذي انطوت عليه تجربة الوحدة مع سوريا في عام 1958 ومفاوضات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في عام 1963 إلى المراجعة باتجاهين أولهما أن تكون الوحدة العربية تدريجية من خلال تنسيق السياسات الخارجية أو السياسات الداخلية وكذلك باتجاه تعميق أوجه التعاون من خلال جامعة الدول العربية وتفعيل المنظمات العربية المتخصصة.
ثالثاً : على الصعيد الدولي :
كان لمصر في عهد عبد الناصر دور ريادي في كافة المنظمات التي تمثل دول العالم الثالث مثل منظمة الوحدة الإفريقية وحركة عدم الانحياز لكن كان التركيز فيها على جانب التحرر الوطني للدول الأخرى. وعقب 1967 بدأت مصر تحت زعامة عبد الناصر في جني ثمار هذا الدور الريادي حيث قامت دول العالم الثالث في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بدعم الموقف المصري تجاه إسرائيل وفي الأمم المتحدة لدعم قرارات الشرعية الدولية واستمر ذلك الدعم في عهد الرئيس السادات.
– …………………… ؟
بعد عام 1967 بقيت فاعلية الدبلوماسية المصرية في خدمة عالم الجنوب وخاصة فيما يتعلق بالسيادة على الموارد الطبيعية ومهد الرئيس عبد الناصر في نهاية حياته لتغيير الواقع والبدء في إزالة آثار هزيمة عام 1967 والاستعداد لمعركة تحرير سيناء من خلال المرحلة الأولى فيها وهي حرب الاستنزاف ضد إسرائيل ومن خلال قدرة القاعدة الصناعية للقطاع العام على توفير الصمود الاقتصادي ودعم المجهود الحربي ولم الشمل العربي وتجاوز الصراعات العربية خاصة المواجهة بين الفلسطينيين واللبنانيين 1969 ثم بين الفلسطينيين والجيش الأردني في سبتمبر عام 1970 حين عاد الرئيس عبد الناصر من وداع الزعماء العرب ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
هدى عبد الناصر :
لماذا انعزلت مصر بعد حرب أكتوبر ؟
سؤال جريح يبحث عن إجابة !!
لماذا انعزلت مصر عن العالم العربي بعد حرب أكتوبر ؟!!
فبماذا أجابت الدكتورة هدى عبد الناصر ؟!!
…
في العيد الخمسيني لثورة 23 يوليو والذي احتفلت به محافظة الإسكندرية وقد تشرفتُ بأن دُعيتُ إلى ذلك الإحتفال الضخم الذى أقيم بمركز الإسكندرية للإبداع ونظمه إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافى .. وضم الإحتفال نخبة من مفكرى ومثقفى مصر مثل د.هشام صادق أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية ورئيس جمعية الثقافة والتنوير ود.محمد عبد اللاه نائب رئيس جامعة الإسكندرية ود.محمد رفيق خليل رئيس مجلس إدارة الآتيليه ود.أحمد صدقى الدجانى المفكر العربى الفلسطينى الأصل وأنس الفقى رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة .. ود.هدى عبد الناصر ابنة الزعيم جمال عبد الناصر التى قوبلت بتصفيق حاد استمر ما يقرب من عشر دقائق .. أدار الندوة محمود عوضين رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافى سابقا .
صور عبد الناصر فى المسيرات حتى الآن
– …………………………… ؟
أكدت د.هدى عبد الناصر : لا شك أنني متأثرة تأثراً شديداً بهذه الحفاوة البالغة التى قوبلت بها من جمهور الإسكندرية خاصة وأن الإسكندرية تحمل معنى خاص لي ولعائلتي فنحن نزوروها كل عام لأنها مسقط رأس أبي .. وأنا سعيدة بالإحتفالات بذكرى الثورة ولقد رأيت أفلاماً فى التليفزيون لم أرها من قبل مما أثار ذكريات عديدة فى نفسي ..
وتضيف متسائلة : بعد مرور 50 عاماً على ثورة يوليو ما الذى بقى من هذه الثورة ؟ إذا فكرنا سنجد أن مبادئ ثورة يوليو مازالت موجودة فى وجدان الشعب المصرى بل والعربى رغم مرور نصف قرن والدليل هو رفع صور جمال عبد الناصر فى المسيرات التى قام بها العرب فى الوطن العربى وأوروبا وداخل إسرائيل نفسها مطالبة بتحقيق هذه المبادئ وبمواجهة العدو بمبادئ ثورة يوليو.. وهذا يجعلنا نتأمل كيف عاشت هذه المبادئ طوال هذه المدة.. أيضاً أهم ما تبقى لنا هو النظام الجمهورى الذى أعلن عام 1953 والذى أنهى حكم أسرة محمد على فمن وجهة نظرى لا توجد ديمقراطية سليمة بدون نظام جمهورى وخاصة فى دول العالم الثالث وقد أحس الشعب منذ قيام الثورة بالكرامة والحرية وهذا شعور مهم لم يكن ليتحقق إلا بوجود الثورة.
الثورة المضادة بعد حرب أكتوبر
– ………………….. ؟
قالت الدكتورة هدى عبد الناصر : بعد حرب أكتوبر 1973 بدأت ثورة مضادة هدفها تصفية ثورة يوليو فقد ظهرت طبقة رأسمالية على السطح استطاعت أن تستنفذ الموارد والاستثمارات وأن تهدر مبدأ العدالة الاجتماعية ووزعت الثروة من جديد وأصبح هناك أغلبية من الشعب تحت مستوى الفقر وهذا كله ضد مبادئ الثورة.. ولن أعطى أمثلة ولكن الإسكندرية أكبر دليل على ذلك لأن الساحل الشمالى ملئ بالقصور فى الصيف فقط بينما فى الشتاء هو فى ظلام دامس وكأنه مقابر وأصبحت أزور المقابر طوال العام فأجدها عامرة بالناس وأزور الساحل الشمالى فأجده فى الشتاء مقبرة لا يقطنها أحد !! ولذلك لابد أن نفكر كيف نحول القرى السياحية فى الساحل الشمالى إلى مصدر دخل يفيد المجتمع .
مبارك يستعيد العلاقات المقطوعة
– ………………………… ؟
انعزلت مصر عن الجميع بعد حرب أكتوبر بخطة مستهدفة وكان المطلوب إبعادها ليس عن العرب فقط وإنما عن إفريقيا أيضاً وهذا أساء لنا جميعاً وقد نجح الرئيس مبارك فى إعادة كل هذه العلاقات مع العرب ومع دول آسيا وإفريقيا.. ولكن كان هناك وقت ضائع استغلته إسرائيل ووثقت علاقتها مع هذه الدول والتى كانت مقاطعة لإسرائيل.. وهنا يمكن القول أنه بعد مرور 50 عاماً على الثورة اختبرت مبادئ الثورة عن طريق تطبيق عكس هذه المبادئ ليتمكن الجيل الحالى من الحكم عن طريق القياس بين التجربتين.. والرئيس مبارك عندما أعطى الأمر بالاحتفال بالعيد الخمسين لثورة يوليو أحس أن الشعب يريد ذلك وبالتالى حقق إرادة الشعب.. على الرغم من وجود فئة يهمها عدم تطبيق مبادئ ثورة يوليو ولكن استمرار هذه المبادئ لن يتم إلا عن طريق الشعب.. فبعد أن كانت الدراسة بالمجان أصبحت بأموال طائلة وأكبر مثال على ذلك أقسام اللغات فى كل كلية والتى مكنت من عمل تفرقة بين الطلاب بعضهم البعض داخل الجامعة وأصبحت اللغات لمن يقدر على الدفع وأصبح الطلاب يتفاخرون على بعضهم البعض فيقولون ” أنا تجارة انجليش ” !!.. فإذا كنا نريد عمل أقسام لغات تحت دعوى العولمة فليتها تكون مجاناً لأن الدستور ينص على مجانية التعليم.. ولكن اليوم أصبحت المبادئ فى يد المستفيدين فقط ولذلك فقد أتاح الإعلام من خلال الاحتفالات الضخمة بالعيد الخمسين للثورة الفرصة للشباب والجيل الجديد أن يتعرف على ثورة يوليو على حقيقتها رغم المحاولات التى تجرى للتزييف والتضليل .
وثائق الثورة .. أين هى ؟
– ……………… ؟
قالت د. هدى عبد الناصر : الوثائق المتعلقة بالثورة نوعان هما الوثائق المصرية والوثائق الأجنبية وما استطعنا الحصول عليه هو من الوثائق الأمريكية والبريطانية فقط وهى موجودة حالياً فى دار الوثائق المصرية. إنما من وجهة نظرى إن الوثائق المصرية هى الأهم. وهى تنقسم إلى وثائق رسمية للدولة والتى لم تفتح حتى الآن ولا أعرف سبباً لذلك ووثائق شخصية والتى لعبت دوراً مهماً فى حياة جمال عبد الناصر. والوثائق التى وجدتها لدى هى ما كان موجوداً بالصدفة وقت رحيل أبى وقد عملت حصراً لهذه الوثائق فوجدت رسائل والدتى لأبى أثناء حرب فلسطين ورسائل أخرى من والده ومن أصدقائه وبعض الوثائق العامة مثل بعض قرارات مجلس قيادة الثورة وهذه الوثائق قمت بتسليمها إلى دار الوثائق المصرية لأن هذا هو مكانها الطبيعى وأدعو الشخصيات الذين ساهموا أو لعبوا دوراً فى الثورة إلى تقديم الوثائق التى لديهم أو نسخة منها على الأقل إلى دار الوثائق المصرية.
المذكرات الشخصية لا تصنع تاريخاً
– ……………………… ؟
قال الدكتورة هدى عبد الناصر : إن المذكرات الشخصية مهمة بالطبع ولكن المذكرات غير الرسمية لا أهمية لها وليس لها اعتراف فى الدراسات العلمية لأن المذكرات غالباً ما يكون صاحبها فوق السبعين أو الثمانين وبالتالى لا يمكن الاعتماد عليها ولن تصنع المذكرات الشخصية تاريخ الثورة وإنما هى رؤى لما حدث وإذا كانت غير موثقة فلا قيمة لها.
هل تصلح مبادئ يوليو لعصر العولمة ؟!
وقال د.هشام صادق : ليس عيباً أن ننتقد ثورة يوليو.. ولكن الملاحظ أنه فى الفترة الأخيرة هناك هجوم شرس على يوليو وعلى عبد الناصر صادرة من اللوبى الصهيونى ولكن رجل الشارع يعرف الحقيقة والدليل أنه مازال يحمل صورة عبد الناصر فى مسيراته والقصد من هذا الهجوم هو اغتيال الرمز.. وتحت شعار عصر العولمة حدثت تغيرات كثيرة فأصبحت المؤسسة الرئيسية الآن هى الشركات متعددة الهويات وليست الدولة كما كان فى السابق وأهم ما يميز هذه الشركات أن الشركة الأم مسيطرة على كل الفروع وثانياً أن كل الفروع مستقلة ذات هوية مستقلة ولكنها تابعة للشركة الأم من خلال قانون الاستثمار والذى يسمح للشركة الأم الأجنبية أن تمتلك أى نسبة من السهم دون حد أقصى وبالتالى أصبحت كلمة “صنع فى مصر” كلمة وهمية وبالتالى فالقضية ليست قبول أو رفض العولمة لأنها موجودة ولكن كيف أتعامل مع العولمة فعندما كان عبد الناصر يمصر الشركات كانت يتعامل مع العولمة وعلى سبيل المثال فإن فكرة العدالة الاجتماعية التى لجأت إليها الثورة فطبقت التأميم كانت وسيلة لتحقيق هدف وليس التأميم هدفا فى حد ذاته فقد كانت تأميمات إصلاحية تهدف إلى التحرر الوطنى والتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.. ونحن بعد أن كنا نشارك فى وضع القانون الدولى وكنا على مائدة المفاوضات العالمية أصبحنا خارج اللعبة وغيرنا يعدل فى القانون الدولى.
أنس الفقى ينقذ الموقف
بعد فتح باب المناقشة للجمهور اضطر أنس الفقى رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى إنهائها سريعاً بعد حوار عصبى بين الجمهور حيث طالب أحد الحاضرين بعدم الإكتفاء بذكر محاسن عبد الناصر ويجب ذكر هزيمة 1967 عندما نتحدث عن ثورة يوليو فهاج معظم الجمهور ضد المتحدث وكادت تحدث مشكلة لولا تدخل أنس الفقى فى الوقت المناسب وإنقاذه للموقف .
الأسباب الحقيقية في استقالة هدى عبد الناصر
الوحيدة من أنجال الرؤساء والساسيين المصريين التي شُغِلت بأرشفة تاريخ الثورة وتوثيق مرحلة عبد الناصر والقادة وحقبة الثورة ..
في يناير 1996 شغلت موقع الإشراف على وحدة دراسات الثورة بالأهرام التابعة لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة الأهرام .
في يوليو 2002 استقالت الدكتورة هدى جمال عبد الناصر من عملها .
وما بين العمل والإستقالة جرت الأحداث ..
لماذا لم تنشر الأهرام مقالاً كاملاً للدكتورة هدى عن عبد الناصر ومبادرة روجرز ولماذا تم التلاعب بالعنوان لإدانة ناصر ؟!!
فماذا حدث ولماذا وكيف استقالت الدكتورة الباحثة ؟!!
استفهامات ستجيب عليها فوراً ..
…
_ ………………………. ؟
وجهت اتهاماً للأهرام في خطاب استقالتي بانتزاع مقولات للرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن العلاقات المصرية ـ الأمريكية والمقال يحمل توقيعي باعتباري رئيس وحدة دراسات الثورة بالأهرام .
واعترضتُ على عنوان المقال : بعد قبول مبادرة روجرز عبد الناصر يعلن أنه ليس مستعداً لكي يقف ضد أمريكا ..
إن ذلك العنوان جاء على غرار ولا تقربوا الصلاة !! وقد أنذرتُ جريدة الأهرام بنشر اعتذار عن ذلك الخطأ وكلفتُ المحامي الخاص بي بمقاضاة ( الأهرام ) في حالة عدم نشر الإعتذار وطالبت بوقف نشر سلسلة المقالات التي أعدتها وحدة دراسات الثورة عن ثورة يوليو .
– ………………………. ؟
قلتُ في خطاب الإستقالة : ” يؤسفني الأساليب غير الشريفة التي استخدمت معي عند نشر ملخص المحاضر السرية لجلسات اللجنة المركزية لجلسات الاتحاد الاشتراكي العربي في عدد الأهرام 18 يوليو/ تموز 2002 حيث تم التلاعب في أقوال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتم ذلك مع سبق الإصرار حيث أنني قمت بمراجعة الصورة النهائية للمقال بنفسي وكذلك العناوين ولكن تم تعديل متعمد بعد انصرافي من الجريدة “.
وقالت هدى عبد الناصر في نص الاستقالة : ” لقد تحملت الكثير من المصاعب المتعمدة منذ قيامي بالإشراف على وحدة دراسات الثورة المصرية عام 1996 ” مشيرة إلى أنها لا تتحمل تشويه اسمها من جانب مؤسسة الأهرام بالقيام بتشويه متعمد لكلام الرئيس عبد الناصر في جلسة رسمية موثقة وموجودة أصولها في دار الوثائق القومية من أجل إعطاء ” انطباع كاذب يتنافى مع الحقيقة تماما ” .
– ……………………. ؟
قلتُ لهم في خطاب استقالتي : لقد أخطرتهم بمكاني في حالة إجراء أي تعديل ولكن هذا التعديل المتعمد تم بعد انصرافي من مبنى جريدتكم وجاء في المحاضر المنشورة للاجتماع وانتقل الحوار حول مبادرة وزير الخارجية الأمريكي .
– ……………………… ؟
النص الحقيقي هو : ” قال عبد الناصر : كان من الواضح أن نرد على روجرز في رد موضوعي إيه اللي جد في جواب (روجرز) هو مقترح عدة اقتراحات: النقطة الأولى: وقف اطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة 3 أشهر.. بين مصر بس وإسرائيل لأن الأردن لم يلغ وقف إطلاق النار.. وسورية لم تلغ وقف إطلاق النار إحنا اللي أعلنا في مايو اللي قبل اللي فات بدء حرب الاستنزاف وإنهاء وقف إطلاق النار إلا اذا كان هناك نص على الانسحاب الكلام اللي في النقطة الثانية: تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه النقطة الثالثة: عودة (يارنج) للاتصال بالأطراف كما كان في الماضي.. اللي هو اقرار الأطراف بسلامة استقلال ووحدة الأراضي الموجودة النقطة الرابعة: هي ان تعلن إسرائيل الانسحاب وفقاً لقرار مجلس الأمن من الأراضي المحتلة
وشرح الرئيس عبد الناصر مبررات قبوله لمبادرة روجرز قائلاً : إذن كل ـ الحقيقة ـ الكلام الموجود في هذه المبادرة الأمريكية وافقنا عليه قبل كده ولكن حيبقى الموضوع موضوع مبدأ هل سنرد على أمريكا.. أم لا نرد على أمريكا ؟ إحنا عملنا الرد.. وردينا على أمريكا بالنسبة للموضوع على أساس إننا لا نعطي فرصة بأي شكل من الأشكال للولايات المتحدة علشان تعطي سلاح لإسرائيل .
وما زال الرئيس الراحل يعلق قائلاً : إيه رد الفعل اللي حيبقى بعد كده ؟ وفي تقديرنا ان الموقف يكون صعبا جداً لإسرائيل.. في تقديرنا أن إسرائيل لا تستطيع أن تقبل وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر.. في تقديرنا انهم كانوا مستنيين ان إحنا اللي نرفض». وفي جزء آخر من الحوار وردا على رسالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون التي بعثها الى عبد الناصر حول عودة العلاقات بين القاهرة وواشنطن .
قال عبد الناصر : إحنا مش مستعدين ندخل دلوقت في معركة مع أمريكا لسبب بسيط.. إذا حصل تغيير في سياسة الولايات المتحدة فلا يمكن أن يحدث فجأة .. ولن يكون هناك تغيير جذري في الموضوع.. أنا جت لي رسالة أخيراً من نيكسون مع هندسون بيقول عودة العلاقات فكان ردي له يقول ان اللي تغير في أمريكا حاجة واحدة بس هي الرئيس مفيش حاجة بعد كده اتغيرت .
آخـر ..
كلمة ” ترحيبية ” للرئيس جمال عبد الناصر
فى حفل اعتماد أوراق سفراء المجر والفلبين
في 1 سبتمبر 1970
رد الرئيس جمال عبد الناصر على كلمة سفير المجر :
” أشكركم على العبارات الودية التى عبرتم عنها ويسرنى أن أتقبل أوراق اعتمادكم سفيراً لجمهورية المجر الشعبية الصديقة لدى الجمهورية العربية المتحدة.
وإنه لمن الدلالات الطيبة أن تبدأوا مهمتكم فى القاهرة مع الزيارة الودية التى قام بها الرئيس “بال لوشونزى” من أجل تدعيم العلاقات الوثيقة بين بلدينا.
وأنتهز هذه الفرصة لأعبر لكم عن تمنياتى الطيبة وتمنيات شعب الجمهورية العربية المتحدة للرئيس المجرى ولأعضاء حكومة المجر وشعبها الصديق.
رد الرئيس جمال عبد الناصر على كلمة سفير الفلبين
” أشكركم على العبارات الرقيقة التى وجهتموها إلى شخصى وإلى كفاح شعب الجمهورية العربية المتحدة وإننى إذ أتقبل أوراق اعتمادكم أرجو أن أعبر لكم عما يكنه شعب وحكومة بلادنا للفلبين حكومة وشعباً.
وإننى على ثقة بأنكم ستجدون هنا كل تعاون لتدعيم الروابط بين بلدينا وانتهز هذه الفرصة وأرجوكم أن تحملوا تمنياتى وتمنيات شعب الجمهورية العربية المتحدة إلى حكومة وشعب الفلبين راجياً لهما كل تقدم وازدهار ” .
آخـر ..
خطاب لناصر بمناسبة الإحتفال بثورة 23 يوليو 1970
فى افتتاح الدورة الرابعة للمؤتمر القومى من جامعة القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم..
أفتتح الدورة الرابعة للمؤتمر القومى العام للاتحاد الاشتراكى العربى.
أيها الإخوة:
قبل أن نبدأ عرضاً لبعض القضايا الحيوية من نضالنا فإنى أريد أن أرجوكم فى الوقوف دقيقة من أجل ذكرى شهدائنا الذين أعطوا للوطن أنبل وأشرف ما يكون العطاء.
أيها الإخوة:
قبل أن أبدأ كلمتى يسعدنى أن أشترك معكم فى الترحيب بوفود الدول الشقيقة والصديقة وحركات التحرر الوطنى التى شاءت أن تعطينا شرف مشاركتها معنا فى هذا الاحتفال. إن اعتزازنا بوجودهم معنا هذه الليلة كبير كما أن شكرنا لهم وتعبيرنا عن تقديرنا لصداقتهم وفير وعميق.
أيها الإخوة المواطنون أعضاء المؤتمر القومى للاتحاد الاشتراكى العربى:
تلقيت صباح اليوم الرسالة التالية من وزير السد العالى:
باسم بناة السد العالى الذين تعهدوا بالانتهاء من إنشاء محطة كهرباء السد العالى فى العيد الثامن عشر للثورة تقديراً منهم لفضلها فى إنشاء هذا المشروع العظيم الذى لم يكن ليتم لولا التصميم الأكيد على تنفيذه بالرغم من المؤامرات الإمبريالية التى حيكت لإحباطه يسرنى أن أبلغ سيادتكم أن العمل بالسد العالى على هذا النحو يكون قد انتهى على أكمل وجه مع أصدق تمنيات جميع العاملين فيه فى هذه المناسبة مجددين العهد داعين الله أن يسدد خطانا على طريق النصر.
هكذا – أيها الإخوة المواطنون – فإنه وسط الحرب ووسط المعارك ووسط التضحيات ووسط المؤامرات يمضى الشعب المصرى قادراً قوياً عزيزاً أبياً لا توقفه عثرة ولا تعوقه صدمة ولا يخيفه خطر ولا يثنيه عن إيمانه بالله وإيمانه بقدره وإيمانه بحقه وإيمانه بنضاله جبروت أو إرهاب مهما كانت أدواته ومهما كانت القوى التى تسند وتدعم هذه الأدوات. إن الشعب المصرى بهذا العمل العظيم الذى تم واكتمل اليوم فى هذه الظروف يثبت مرة أخرى ويؤكد أنه إذا كانت شهادة التاريخ لصالحه فإن اتجاه المستقبل – بإذن الله – لصالحه أيضاً.
وما إتمام بناء السد العالى اليوم – وبرغم ضخامته الهائلة كمشروع من أكبر مشاريع البناء والتعمير فى عصرنا – إلا إشارة إلى هذا المعنى؛ شعب أعطى للدنيا وللحياة وشعب سوف يعطى للدنيا وللحياة شعب يبنى كل يوم وشعب يقاتل فى أى يوم يعرف قيمة البناء ولكنه يدرك بعمق وأصالة فى نفس الوقت أهمية حمل السلاح دفاعاً عن الأمل فى البناء ودفاعاً عن تحقيق البناء.
ولقد تذكرون – أيها الإخوة – أن حرب السويس سنة 1956 قامت فى الأصل والأساس بسبب تصميم هذا الشعب على بناء السد العالى وتشاء الأقدار أن يتم بناء هذا السد العالى – بعد أربعة عشر عاماً من حرب السويس – بينما هذا الشعب يخوض غمار حرب أخرى. إن التصميم على بناء السد سنة 1956 أطلق شرارة حرب وها نحن اليوم فى وسط نار حرب أخرى تشهد البناء وقد اكتمل بعد كفاح عنيف ضار حاولت فيه كل القوى أن تثنى هذا الشعب عن عزمه فما زادته إلا إصراراً وحاولت أن تصد تقدمه فكانت النتيجة الوحيدة لذلك أن تفجرت طاقات أخرى كامنة فى أعماق هذا الشعب خرجت بالتصميم تبنى وخرجت بالتصميم تقاتل.
إننا – أيها الإخوة المواطنون – لا نحتاج فى هذا اليوم الغالى من أيام نضالنا – يوم ثورة 23 يوليو.. يوم مرور ثمانية عشر عاماً على قيام هذه الثورة – غير أن ننقل البصر بين خطين على أرض وطننا؛ لكى نعرف جوهر نضال هذا الوطن وأهداف هذا النضال والقوى التى تحرك فيه وتدفعه؛ خط عند الجنوب بعرض النيل العظيم هو السد العالى الذى اكتمل بناؤه هذا اليوم وخط عند الشمال بمحاذاة قناة السويس هو خط القتال الذى يخوض عليه الشعب المصرى والجيش الوطنى للشعب المصرى أشرف معاركه أعظم معاركه أعنف معاركه.
عند ذلك الخط على الجنوب بعرض نهر النيل يقف السد العالى وتقف بجواره محطة الكهرباء العملاقة التى دارت الوحدة الثانية عشرة فيها قبل ساعات وبذلك اكتمل بناء محطة من أكبر المحطات الكهربائية المائية فى العالم. بالسد العالى نفسه – أيها الإخوة – تم حتى الآن تحويل 836 ألف فدان من أراضى الحياض إلى الرى الدائم وتم استصلاح 850 ألف فدان جديدة أضيفت إلى الرقعة الزراعية انتصاراً على الصحراء ومازالت عمليات الاستصلاح على المياه الفائضة مستمرة كل يوم لا تتوقف لحظة مهما كانت الظروف. وبكهرباء السد العالى فإن طاقة قدرها 10 مليار كيلو وات/ساعة قد أضيفت إلى طاقتنا وبذلك فإن دخل الفرد المصرى من الطاقة الكهربائية المتاحة يرتفع إلى 500 كيلو وات/ساعة فى السنة فى حين أنه كان أقل من 40 كيلو وات/ساعة فى السنة قبل الثورة.
عند الخط الآخر فى الشمال بمحاذاة قناة السويس يقف الجيش المصرى يقاتل يحقق شبابه كل يوم مثلاً أعلى فى شرف الوطنية وشرف الجندية معاً. إن الجيش المصرى – جنوده وضباطه وقياداته – قام بجهد خارق لإعادة بناء نفسه بعد ظرف من أسوأ الظروف التى واجهها نضالنا وتمكن هذا الجيش – الذى ظن العدو أن أمره قد انتهى إلى عشرات السنين – من أن يعود إلى القتال مرة أخرى فى سرعة سوف يعدها التاريخ المنصف لهذه الفترة ضرباً من المعجزات.
وكما كان التعاون المخلص من جانب الاتحاد السوفيتى عاملاً رئيسياً فى بناء السد العالى فإن التعاون المخلص من جانب الإتحاد السوفيتى قد مكن هذا الجيش من أن يحصل على المعدات والخبرة اللازمة له لإعادة البناء.
كما أن الجهد المتفانى الذى بذله مئات الألوف من رجال وشباب مصر ممن كان لهم فى هذه الفترة العصيبة شرف الخدمة العسكرية؛ حقق مستوى قتالياً لم يكن يخطر على بال الصديق أو بال العدو قبل ثلاث سنوات. ويخوض الجيش المصرى الآن هذه الأيام معركة لها أهمية خاصة هى المعركة ضد التفوق الجوى الإسرائيلى؛ هذا التفوق الذى مكنته منه وساعدته عليه الولايات المتحدة الأمريكية بعد عدوان 1967.
إن العدو كان يريد أن تظل الجبهة المصرية مكشوفة لكى يستطيع بتفوقه الجوى أن يحدد مجال حركته. إن العدو يقوم بغارات كل يوم من 20 إلى 150 غارة ساعات ممتدة وطيران العدو يحلق فوق قواتنا. إن العدو فى بعض الأيام يلقى 1000 طن من القنابل ما يساوى مليون جنيه إسترلينى ثمناً لما يلقى على الجبهة من المتفجرات وكان تركيز العدو الأشد على عناصر الدفاع الجوى وكان هدفه أن يمنع هذه العناصر من أداء دورها على الجبهة لكن العدو لم يستطع وكان اعترافه أخيراً بأن عدد بطاريات الصواريخ المصرية على الجبهة يتزايد ولا يتناقص برغم ضراوة الغارات الجوية وشراستها وبدأت طائرات “الفانتوم” الأمريكية تتساقط على أراضينا وبدأ طيارو “الفانتوم” – الصفوة المنتقاة من القوة العسكرية الإسرائيلية العدوانية – يقعون أسرى فى أيدى رجالنا.
أيها الإخوة المواطنون:
وبين ذلك الخط عند الجنوب بعرض نهر النيل أمام أسوان وبين الخط الآخر عن الشمال بمحاذاة قناة السويس فإن الوطن المصرى كله صامد مؤمن عامل بالجد كله وبالإخلاص والإيمان بالهدف.. جبهة داخلية كان العدو وأصدقاء العدو ينتظرون أن تتشقق وتنهار ثم تتهاوى فإذا هى تزداد صلابة وإرادة كان العدو وأصدقاء العدو يتصورون أنها سوف تهتز وتضعف فإذا هذه الإرادة فى وقت الشدة أكثر ثباتاً وطاقة عمل بطولى يقوم بها الفلاحون والعمال من قوى هذا الشعب العامل.
إن قيمة الإنتاج الزراعى زادت بين سنة 1967 إلى سنة 1969 بنسبة 15% إن الزيادة فى الصادرات الزراعية خلال هذه الفترة – وبرغم الحرب – زادت بنسبة 40%. إن إنتاجنا من القطن مثلاً سنة 1969 وصل إلى 10.8 مليون قنطار وهو أعلى إنتاج وصلت إليه البلاد فى كل تاريخ زراعة القطن فيها. كان محصولنا من القطن سنة 67 ( 8.7 ) مليون قنطار وفى سنة 69 كان معنى الرقم الذى تحقق أن هناك نسبة زيادة قدرها 24% تزيد قيمتها على 50 مليون جنيه وكان متوسط إنتاج الفدان 6.6 قنطاراً أعلى متوسط لإنتاج القطن فى تاريخنا.
وبعد الحرب – أيها الإخوة – زادت صادراتنا من الأرز بنسبة 67% سنة 1970 بلغ إنتاجنا من القمح 10.1 مليون أردب مقابل 8.6 مليون أردب سنة 1967 سنة 1969 بلغ الإنتاج من الذرة الشامية 16.9 مليون أردب مقابل 15.2 مليون أردب سنة 1967؛ أى بزيادة قدرها 1.7 مليون أردب وأصبح لدينا لأول مرة منذ وقت طويل اكتفاء ذاتى فى الذرة. وفى الموسم الأخير فلقد كان إنتاجنا 5 مليون طن من قصب السكر أنتجت 546 ألف طن سكر مقابل 3.4 مليون طن قصب و388 ألف طن سكر عام 1967؛ أى أن الزيادة فى السكر وصلت إلى 40%.
هذه بعض الملامح البارزة من الصورة فى ميدان الزراعة حيث يعمل الفلاحون قوة العمل الكبرى فى هذا الوطن والدعامة الأساسية بين قوى الشعب العاملة.
وهذه هى أرقام قليلة وليست كل الأرقام وأنا كنت حريصاً على أن أقولها اليوم؛ لأن عدونا فى صحفه – ومن يساندون العدو أيضاً – يقولون إننا صمدنا عسكرياً ولكنا سننهار اقتصادياً. وأنا أحب أن أقول لكم ولأبناء هذه الأمة وللأمة العربية كلها: إن الشعب المصرى بعد سنة 1967 حينما صمم على الصمود صمم أيضاً على العمل وزاد الإنتاج فى كل ميادين الإنتاج فى الزراعة وفى الميادين الأخرى.
إذا انتقلنا إلى الصناعة حيث يقف العمال من قوى هذا الشعب العامل المناضل فإننا سوف نجد صورة مشرقة ومشرفة أخرى تمت كلها تحت ظروف الحرب وفى ظلال أخطارها؛ سنة 66/67 كانت قيمة الإنتاج الصناعى 1077 مليون جنيه و618 ألف ولم يكن فى هذا الإنتاج زيادة تذكر عن السنة السابقة لها.
سنة 1967/1968 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1169 مليون جنيه و419 ألف بزيادة قدرها 91 مليون جنيه و801 ألف بنسبة زيادة قدرها 8.5%. سنة 1968/1969 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1322 مليون جنيه و698 ألف بزيادة قدرها 245 مليون جنيه و80 ألف بنسبة زيادة قدرها 22.8%.
سنة 1969/1970 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1421 مليون جنيه و987 ألف بزيادة قدرها 344 مليون جنيه و369 ألف بنسبة زيادة قدرها 32% .
وكانت تلك زيادات فى الإنتاج الحقيقى بدون حساب أى زيادة سعرية؛ أى أن النمو كان نمواً كمياً وفعلياً ولم يتحقق ذلك برغم ظروف الحرب وظلال أخطارها فقط ولكنه تحقق برغم ما لحق بمنطقة من أهم المناطق الصناعية لدينا قبل الحرب وهى منطقة القناة. ولعله مما يؤكد زيادة الإنتاج وقيمة هذه الزيادة أن الصادرات الصناعية فى فترة الحرب حققت نسبة زيادة قدرها 63% وقفزت صادراتنا الصناعية من 82 مليون جنيه و238 ألف سنة 66/67 إلى 134 مليون جنيه و66 ألف سنة 69/70.
أيها الإخوة المواطنون:
إن الشعب المصرى لم يكن وحده فى هذه الوقفة التاريخية الرائعة فى جو الحرب وأمام مخاطر العدوان والإرهاب وإنما وقفت معه أمته العربية كلها تدرك دوره فى النضال وتعرف له حقه فى تحمل العبء الأكبر من تبعات المعركة المصيرية الدائرة. كانت هناك أولاً وقبل كل شىء الجماهير المؤمنة التى لا تعرف هدفاً غير حرية الأمة العربية ولا تعرف مطلباً غير انتصار هذه الحرية. كانت هناك الجماهير العربية الواعية التى تعرف كل شىء وتتابع كل شىء وترصد كل محاولات التضليل وتتمسك فى إيمان وعزم بجوهر قضيتها؛ لأن الجماهير العربية هى أولاً وأخيراً صاحبة القضية صاحبة هدف الحرية صاحبة مطلب انتصارها.
كانت هذه الجماهير عرضة لحرب نفسية تتبع أحدث الأساليب والوسائل وتؤدى دورها بخبث وذكاء لكن الجماهير العربية كانت أقوى من هذه الحرب النفسية كانت الجماهير العربية تتابع العمل العسكرى بوعى وتدرك مراحله المتعددة وكانت الجماهير العربية تتابع العمل السياسى بوعى وتدرك متطلباته الضرورية وخلال هذا كله كانت الجماهير ترفض التضليل.. كانت ترفض أن تسمع ادعاء الحرص عليها من أعدائها.
وكانت الجماهير قادرة على التمييز بين الذين يتاجرون بالكلمات فى أسواق المناورات الضيقة ومزايداتها وبين الذين يتقابلون مع الموت فى ساحة ميدان القتال كانت الجماهير تدرك الأهمية الحاسمة للعمل العسكرى وكانت الجماهير تدرك الضرورة الواجبة للعمل السياسى. كانت الجماهير العربية تدرك أن الهدف واحد ولكن الحركة على طريق تحقيق هذا الهدف لابد أن تكون لها حرية كاملة إزاء عدو يتحرك بسرعة وإزاء عالم يهتم بالصراع الذى يجرى على أرض الشرق الأوسط وإزاء قوى دولية بينها من يصادقنا وبينها من يصادق عدونا. ولم تكن جماهير الأمة العربية ترقب هذا كله ساكتة تنتظر النتيجة ولكنها كانت تكافح عليها وبقدر ما وسعتها الوسائل المتاحة لها.
ومن مثل هذا اليوم فى العام الماضى إلى يومنا هذا الذى نحتفل فيه بيوم 23 يوليو شهدت أرض الأمة العربية تغييرات كيفية وكمية لها أهميتها الكبرى فى الصراع. شهدت الأمة العربية كيف قامت الطليعة للقوات المسلحة فى ليبيا وأعلنت الثورة وأعلنت مبادئها؛ الحرية والاشتراكية والوحدة.
كيف قام الشعب الليبى يؤيد ثورته ويؤيد الطليعة التى قامت لتحريره.. يؤيد قواته المسلحة ثم كيف خرج مجلس قيادة الثورة بقيادة الأخ معمر القذافى ليعلنوا على الملأ أنهم صمموا على الكفاح والنضال من أجل شرف ليبيا وحرية ليبيا ومن أجل شرف الأمة العربية وحرية الأمة العربية وصمموا بعد هذا على جلاء القواعد الأجنبية.
واليوم قبل أن تمضى سنة واحدة على الثورة الليبية شهدنا احتفالات الشعب الليبى فى طرابلس وبنغازى بانتهاء القواعد الأجنبية الإنجليزية والأمريكية وبجلاء أخر جندى أمريكى أجنبى من أرض الثورة.. أرض ليبيا. وحينما ذهبت إلى ليبيا فى هذه الأيام كان نزول الطائرة فى القاعدة الأمريكية التى حررها ثوار ليبيا والتى كانت تسمى قاعدة “هويلس” وسموها فى ليبيا بعد تحريرها قاعدة عقبة بن نافع.
نزلت فى المطار ووجدت الشعب الليبى وهو ينتشر فى جميع أرجاء القاعدة الشعب الليبى وهو يعانق أبناء قواته المسلحة ورأيت أيضاً الشعب الليبى الشقيق وهو يحتضن معمر القذافى وأعضاء مجلس قيادة الثورة.
وكنت أذكر فى هذه الأيام كيف استخدمت هذه القواعد ضدنا فى سنة 56 وكيف خرج الشعب الليبى يناضل ويكافح ويهاجم القواعد ويقع منه القتلى والجرحى برصاص المحتلين ثم بعد هذا ثار الشعب الليبى مرة أخرى وطالب بإنهاء القواعد وخروج الأجانب من أرض الوطن الليبى وتعرضوا أيضاً للرصاص ثم بعد هذا ثاروا مرة أخرى وتعرضوا أيضاً للرصاص.
ورأيتهم فى هذا اليوم وقد حققوا الأمانى التى كافحوا من أجلها طويلاً كافح من أجلها هذا الشباب وكافحت من أجلها أجيال مضت وقلت فى هذه اللحظة: الحمد لله.. لقد انتصرت ليبيا وقد جلى الأجانب عن أرض ليبيا وإن الثورة الليبية نصر للأمة العربية كلها.
ورأيت – أيها الإخوة – اتجاه الثورة الليبية إلى الحرية السياسية وفى نفس الوقت إلى الثورة الاجتماعية وكان معمر القذافى يتكلم ويقول: إن مجلس قيادة الثورة حقق الحرية السياسية وهو يتجه الآن نحو عمل كبير من أجل تحقيق الكفاية والعدل وهو الثورة الإجتماعية.
إننا – أيها الإخوة – ننظر لشعب ليبيا البطل وقادة ليبيا الأبطال ونقول لهم: إنكم بعملكم هذا دعمتم الأمل للأمة العربية إنكم بندائكم من أجل الحرية وعملكم على تحقيق حرية الوطن قد ساهمتم فى حرية الوطن العربى وعملكم من أجل الحرية الاجتماعية قد ساهمتم فى رفع شأن الوطن العربى وعملكم من أجل الوحدة إنما يحقق التضامن والقوة والمنعة بين أبناء الأمة العربية كلها.
أيها الإخوة:
لقد التقيت بقادة الثورة فى ليبيا وكنا نعلم أن الأعداء – الاستعمار وأعوان الاستعمار – لايرغبون أبداً فى قيام علاقات قوية أخوية بيننا وبين ليبيا وبدءوا فى نشر الإشاعات وبدءوا فى نشر الأقاويل. وتكلمت فى هذا مع الإخوة من أعضاء مجلس قيادة الثورة وقلت لهم: إن الأعداء من المستعمرين وأعوانهم سيعملون دائماً على الوقيعة وبذر بذور الشك وقلت لهم نحن لا نريد من ليبيا أى شىء على الإطلاق إننا لا نريد من ليبيا الثورة أكثر من العمل الكبير الذى حققته ليبيا الثورة. لقد حصل النضال العربى على دور ليبيا كاملاً لصالح الثورة العربية ولصالح التحرر العربى بقيام الثورة فيها وقيام الثورة فى ليبيا – أيها الإخوة – لا يمكن أن يقدر بمال.. نجاح الثورة فى ليبيا – أيها الإخوة – كسب بغير حدود دخول ليبيا إلى إطار الدول العربية المتحررة التقدمية المناضلة هو أمل بدا فى بعض الظروف كأنه الخيال ولقد حققت الثورة فعلاً ما كان يبدو خيالاً. وقلت لهم نحن لا نريد شيئاً من ثروة الشعب الليبى.. ثروة الشعب الليبى للشعب الليبى وليه قلت الكلام دا؟ الحقيقة لأن الاستعمار ركز على هذه النقطة وقال إن مصر بتتقرب إلى ليبيا طمعاً فى أموال ليبيا وقلت لإخواننا أعضاء مجلس الثورة يجب ألا نكون على استحياء فى معالجة الأمور ويجب أن نتكلم فى الأمور بصراحة.
نحن كسبنا من الثورة الليبية ولكنا لا ننظر أبداً من أجل أموال الشعب الليبى نحن كنا دائماً نريد حرية الشعب الليبى؛ لأن حرية الشعب الليبى ضمان لشعب ليبيا وضمان لنا. وزى ما قلت لكم فى سنة 56 هوجمنا من “هويلس” ومن قاعدة العظم النهارده والثورة الليبية موجودة بتحمى ضهرنا ولن يستطيع العدو ولن تتمكن إسرائيل ولا أعوان إسرائيل ولا من هم وراء إسرائيل من أن يستخدموا الثورة الليبية.. القواعد الليبية ولكن الثورة الليبية ستكون معنا ضد عدونا وضد من هم وراء عدونا.
وأنا الحقيقة.. أنا أما باقول هذا الكلام النهارده؛ أنا مش باقوله لكم الحقيقة أنا باقوله للشعب الليبى. إننا إخوة للشعب الليبى سنعمل دائماً بكل طريقة وبكل وسيلة على أن نتضامن وعلى أن نتكاتف وعلى أن نساعد بعضنا البعض من أجل التنمية ومن أجل التطور ويجب على كل فرد من أبناء هذه الأمة أن يقاوم الحرب النفسية التى توجه إلى الأمة العربية حتى تفرق بين أبناء الأمة العربية.
عندنا عدد من الخبراء فى ليبيا؛ فيه عدد الحكومة الليبية بتدفع له مرتباته وفيه عدد احنا بندفع مرتباته؛ لأننا نعتبر أن هذا واجب علينا. دا موضوع يجب أن يعرفه الشعب المصرى والشعب الليبى ويجب ان الشعب الليبى يعلم أن من يقولون إن الشعب المصرى يطمع فى ثروة الشعب الليبى ليسوا أصدقاء لا للشعب الليبى ولا للشعب المصرى ولكنهم يريدوا للشعب الليبى العزلة؛ حتى يستفردوا به وحتى يمكن لهم أن يتآمروا.
إننا نقدر الثورة الليبية وإننا نقدر معمر القذافى زعيم الثورة الليبية وإننا نحيى الرائد عبد السلام جلود نائب رئيس الوزراء الليبى وإننا نقول لهم جميعاً: سيروا فى طريقكم.. الطريق الذى اخترتموه.. الطريق الصعب.. الطريق الذى ينتج عنه الخير لأبناء الشعب الليبى وأبناء الأمة العربية كلها ونقول لهم بكل تواضع أيضاً: إننا معكم.. إن الشعب المصرى معكم يساندكم ويسير معكم فى معركتكم فى السراء وفى الضراء وإذا قاتلتم فإن الشعب المصرى سوف يقاتل معكم.
أيها الإخوة:
وبعد سنة 1967 وبعد النكسة حينما قال الأعداء إن الأمة العربية قد تفتت وإن الأمة العربية قد انتهت وإن روح القومية العربية قد ضاعت وإن الثورات التقدمية فى طريقها إلى الزوال وفى طريقها إلى الانهيار بعد هذا شهدت أرض الأمة العربية الثورة السودانية وقامت الطلائع من القوات المسلحة السودانية.. الطلائع الوطنية وأعلنت الثورة تحرير البلاد. وقام قائد الثورة الأخ نميرى يعلن الثورة السياسية وأيضاً الثورة الاجتماعية وصممت الثورة فى السودان على أن تتحرر كلياً من النفوذ الأجنبى وعلى أن تعمل بكل طاقاتها فى إطار التضامن العربى وفى إطار الوحدة العربية ومن أجل الحفاظ على استقلال وحرية الأمة العربية. وحينما التقيت بالشعب السودانى فى أول يناير وفى احتفالات عيد الثورة؛ رأيت الشعب السودانى حريص كل الحرص على أن تنجح ثورته وعلى أن يفدى ثورته بالدم وعلى أن يحقق فى هذه الفرصة التى وجدها بعد سنين طويلة من الاستقلال؛ يحقق لنفسه الاستقلال السياسى الحقيقى ويحقق لنفسه الثورة الاجتماعية الحقيقية التى ينتج عنها الكفاية والعدل.
تسير الثورة السودانية فى طريق التحول الاشتراكى وهو طريق شاق وصعب ونحن قلنا لهم ونقول لهم الآن: إننا معكم.. مع السودان الثورة؛ من أجل العمل على الحفاظ على الحرية والاشتراكية التى ناديتم بها والتى أعلنتموها وإن شعب مصر كان دائماً الشقيق لشعب السودان وسيبقى دائماً الأخ الشقيق لشعب السودان.
أيها الإخوة:
لقد صمدت سوريا بعد أن تعرضت للعدوان فى سنة 67 وبعد أن اعتقد العدو أنها ستنهار صمدت سوريا بمبادئها التقدمية وصممت القوات المسلحة السورية على أن تعيد البناء فأعادت البناء.. أعادت البناء بقوة وبعزم وبتصميم. وإننى أحيى القوات المسلحة السورية التى ناضلت وصمدت وقاتلت أشرف قتال وإننى أحيى أيضاً باسمكم شعب الجمهورية العربية السورية وأقول لهم إننا معكم فى كفاحنا من أجل النصر وستبقى دائماً دمشق قلب العروبة النابض.
وصمدت الأردن وكانوا يعتقدون أن شعب الأردن لن يصمد بعد أن انتزعوا منه أكثر من 50% من أراضيه وبعد أن عملوا بكل الوسائل على الوقيعة بين الأردن والمقاومة ولكن الشعب الأردنى والجيش الأردنى استطاع أن يفوت على العدو كل الفرص التى تركز الانقسام. وإننا نرى اليوم الأردن.. الأردن القوات المسلحة.. والأردن الملك حسين.. والأردن الشعب والمقاومة الفلسطينية يسيرون جنباً إلى جنب وإننا نرى أيضاً الوعى الكبير الذى يتسلح به شعب الأردن وتتسلح به المقاومة فى الأردن؛ حتى لا تحدث مصادمات وحتى لا تحدث تناقضات وقد حدثت بعض التناقضات ولكن استطاع الجميع تلافى هذه المتناقضات.
أيها الإخوة:
لقد تعرض شعب لبنان للعدوان الإسرائيلى وأراد العدو أن يوقع بين شعب لبنان والمقاومة ولكن الشعب اللبنانى وقادة الشعب اللبنانى استطاعوا أن يفوتوا الفرصة وأن يوقعوا اتفاق بين المقاومة الفلسطينية وبين السلطة فى لبنان. وبهذا استطاع الشعب اللبنانى وقياداته الشعبية الوطنية أن يتنبهوا إلى أنه ليس هناك ضمان للبنان غير نضال أمته العربية التى هو جزء لا يتجزأ منها ولا ينفصل مصيره عن مصيرها وقد استطاعوا إحباط كل المحاولات التى دبرت للوقيعة وكانت اليقظة وكان التنبؤ وكان الإدراك الواعى لمرامى العدو وأصدقاء العدو الحصن الكبير.
وحاول العدو أن يستخدم الطائفية ولكن الشعب اللبنانى استطاع أن يدرك بوعيه أن إسرائيل حينما تعتدى بالطائرات أو حينما تعتدى بالدبابات لا تفرق بين المسلم والمسيحى ولكنها ترى أمامها اللبنانى فقط.
أيها الإخوة:
ثم ظهرت المقاومة الفلسطينية واستطاعت المقاومة أن تحول الشعب الفلسطينى من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين واستطاع العمل الفلسطينى أن يفرض نفسه على كل العالم واستطاعت منظمة فتح – التى بدأت هذا العمل والتى بدأت الفداء من أجل تحرير الشعب الفلسطينى – وقيادة فتح أن يجدوا تأييداً كبيراً فى العالم العربى.
ثم استطاعت منظمات المقاومة كلها أن تجتمع فى لجنة مركزية من أجل توحيد عملها ومن أجل توحيد أهدافها. وأنا أقول إن العدو سيحاول دائماً أن يفرق بين أبناء المقاومة الفلسطينية وبين أبناء الشعب الفلسطينى ولكننا نرى حتى الآن أن الشعب الفلسطينى والمقاومة الفلسطينية بالوعى الكبير استطاعوا أن يحبطوا مؤامرات الاستعمار وأعداء الاستعمار.
يبقى بعد هذا – أيها الإخوة – أن أتكلم عن الجبهة الشرقية وكانت الجبهة الشرقية مجال اهتمام كبير منا ومن أبناء الأمة العربية كلها؛ سواء فى المشرق أو فى المغرب وأيضاً كانت مجال اهتمام كبير فى العالم كله. ولكن كان الجميع يعلقون أن الجبهة الشرقية تريد مزيداً من الدعم وتريد مزيداً من العمل وكانت إسرائيل تقول إن هدفها هو إضعاف الجبهة الشرقية؛ لأن الجبهة الشرقية تطل على إسرائيل نفسها وتطل على إسرائيل فى المناطق الحساسة والمناطق الصعبة منها.
وحينما قال العقيد معمر القذافى أنه يريد أن يرفع شعار قومية المعركة بدل إقليمية المعركة وإنه سيقوم بجولة فى جميع أنحاء الأمة العربية من أجل العمل على أن تكون المعركة قومية شجعنا هذه الجهود. وكانت وجهة نظر العقيد القذافى يجب توحيد العمل فى الأمة العربية.. يجب توحيد العمل القومى فى مواجهة الاستعمار والصهيونية فيه 100 مليون عربى قدام 2.5 مليون إسرائيلى وعلى هذا الأساس نتساءل: هل فعلاً الـ 100 مليون عربى يواجهوا الـ 2.5 مليون إسرائيلى؟ وكان رد العقيد القذافى أنه حتى الآن لا يستطيع إنسان أن يقول أن الأمة العربية عبأت جهودها وعبأت نفسها ضد العدو الصهيونى ومن هم وراءه وأن من يقوم بالعمل فقط هم دول المواجهة. وقال معمر القذافى إنه يشعر أن عليه واجب كبير من أجل جمع شمل الأمة العربية ونحن شجعنا هذا وتكلمنا فى هذا فى طرابلس حينما اجتمعنا فى المؤتمر. ونرجو من الله أن يوفق العقيد معمر القذافى فى تحقيق هدفه من أجل جمع شمل الأمة العربية حتى تشترك كلها.. كل دولها بكل طاقاتها فى المعركة وبهذا نستطيع أن نواجه إسرائيل وأن نواجه أمريكا.
أيضاً بعد النكسة حدث مؤتمر الخرطوم فى سنة 1967 وكانت هناك مناقشة كبرى وكان هناك من يقول إن الأمة العربية لن تستطيع أن تصمد؛ فإنها ستنهار سياسياً واقتصادياً كما انهارت عسكرياً ولن يمكن لقواتها العسكرية أن تعود إلى الوجود مرة أخرى. وبعد أن تناقشنا مناقشات طويلة فى هذا المؤتمر خرجنا بضرورة دعم الدول التى خسرت خسارات كبيرة نتيجة عدوان 67 اللى هى مصر والأردن.
وبهذا سار الدعم العربى واستطعنا بهذا الدعم العربى فعلا أن نواجه كل الضغوط الاقتصادية. فنحن فى مصر مثلا خسرنا دخل قنال السويس 120 مليون جنيه وخسرنا دخل آبار البترول فى سيناء 25 مليون جنيه وخسرنا مراكز مناجم الفحم والمنجنيز وأشياء أخرى وأيضاً خسرنا بعد هذا المناطق الصناعية فى منطقة القنال ومعامل تكرير البترول فى القنال ومعمل السماد فى القنال.
وكانت الأموال التى خصصت للدعم كانت تمكيناً لنا على أن نسير وعلى أن نصمد اقتصادياً ضد مواجهات العدو. وبعد هذا اجتمعنا فى آخر العام الماضى فى الرباط ولم ينجح مؤتمر الرباط كما كنا نريد ولكنه ليس بداية محاولات العمل العربى الموحد وليس نهاية هذه المحاولات.
أيها الإخوة:
إننا نسعى دائماً ونعمل دائماً من أجل مبادئ الحرية فى جميع أنحاء الوطن العربى وحينما أعلنت بريطانيا أنها ستجلى قواتها من مناطق الخليج العربى وبهذا تتحرر جميع أراضى الأمة العربية كنا نشعر أن الأمة العربية قد حققت هدف كبير من أهدافها.
وكنا نشعر أن الأمة العربية التى كافحت وناضلت طويلاً تستطيع أن تقول الآن إنها تجنى ثمار كفاحها ونضالها وتجنى ثمار الدم الذى بذله أبناؤها. ولكنا نسمع فى هذه الأيام أن الحكومة الجديدة فى بريطانيا تريد أن تبقى قواعد عسكرية إنجليزية فى منطقة الخليج العربى وبهذا نشعر جميعاً فى كل أنحاء الأمة العربية أن بريطانيا تقف ضد تحرير الأمة العربية من الاحتلال الذى استمر سنوات طويلة فى بلاد متعددة آخرها هى إمارات الخليج.
إننا – أيها الإخوة – نرفض رفضاً قاطعاً كل محاولات حكومة المحافظين الإنجليزية فى العودة إلى سياسة الوجود فى الخليج العربى تحت ستار سياسة شرق السويس. وإننا نقول إن الأمة العربية كلها ستناضل من أجل إخراج القوات الإنجليزية المحتلة من كل الأراضى العربية.
إن بريطانيا اليوم تعود بسياسة استعمارية ظاهرة فهى تريد أن تبقى قواتها فى منطقة الخليج العربى وفى نفس الوقت فإن بريطانيا تحاول أيضاً فى إفريقيا أن تقف ضد الحقوق المشروعة للشعب الإفريقى خصوصاً فى جنوب إفريقيا وبهذا تعرض كل الحرية الإفريقية للخطر وتعرض كل الوحدة الإفريقية للخطر. وإننا نعلن أيضاً من هذا المكان الاستنكار الشديد لمحاولة بريطانيا العودة إلى بيع الأسلحة إلى حكومة جنوب إفريقيا إنها بهذا تستعمر الخليج العربى وإنها بهذا تقف ضد حرية إفريقيا.
أيها الإخوة المواطنون:
إن نضال أمتنا العربية خلال هذا كله لم يكن يجرى ولم يكن ممكناً أن يجرى بمعزل عن العالم.. العالم فيه الصديق لنا وفيه الصديق لعدونا وإذا استطعنا أن نتذكر ما حدث من 1967 لغاية دلوقت يبقى من السهل علينا أن نعلم من هم الأصدقاء ومن هم أصدقاء إسرائيل.
حينما نتذكر الأصدقاء الذين وقفوا معنا فى محنتنا فى الأيام الحالكة الظلام فى سنة 1967 نقول إن أول هؤلاء الأصدقاء وأهمهم وأحقهم بشكرنا الدائم وعرفاننا غير المحدود هو الإتحاد السوفيتى الذى وعدنا فى يوم 11 يونيو سنة 1967 فى رسالة استلمتها من قادة الإتحاد السوفيتى “برجنيف” و”بودجورنى” و”كوسيجين” اننا يجب ألا نيأس وأن الاتحاد السوفيتى سيساعد بكل الوسائل بأن يمدنا مجاناً بأسلحة بدل الأسلحة التى فقدناها فى معارك سيناء.
وكان هذا هو أول حجر فى بناء قواتنا المسلحة ومنذ الأيام الأولى بدأت هذه الأسلحة ترد إلينا من الإتحاد السوفيتى وكان الجميع يقولون فى الغرب وفى الولايات المتحدة الأمريكية وفى إسرائيل إننا قد انتهينا وأن لا فائدة ترجى من قواتنا المسلحة أو منا بعد الهزيمة التى حدثت فى يونيو وكان بعض قادة إسرائيل يقولون فى هذا الوقت إنهم ينتظرون على التليفون حتى تأتيهم مكالمة من القاهرة أو من دمشق تبلغهم فيه أن الشعب قد صمم على الاستسلام وأن القيادة فى القاهرة والقيادة فى دمشق تسأهم عن شروط الاستسلام إن الشعب صمد فى هذه الأيام.. الشعب المصرى وشعوب الأمة العربية كلها رفضت الهزيمة ولكنا أيضاً كنا نحتاج إلى الأسلحة التى ندعم بها قواتنا المسلحة؛ ولهذا حينما نقول إننا نشكر الاتحاد السوفيتى ونعبر له عن عرفاننا نقول هذا لأن الإتحاد السوفيتى بعد أيام قليلة – رغم هذه الكلمات ورغم هذه الأمانى التى كان يريدها الأعداء – أرسل إلينا الطائرات والدبابات والمدافع والأسلحة وأعطانا الأمل الكبير فى أننا سوف نصمد وسوف ننتصر بإذن الله.
أيها الإخوة:
وبعد هذا استطاعت إسرائيل أن تحصل على أسلحة جديدة بعد 67 حصلت على أسلحة جديدة من بريطانيا ومن أمريكا وزادت قوتها عما كانت عليه فى سنة 67 وكان من الواضح لنا أن استعواض ما خسرناه فى سنة 1967 فقط سيضعنا دائماً تحت رحمة إسرائيل وتحت رحمة الولايات المتحدة الأمريكية التى تدعم إسرائيل. وتكلمنا مع الاتحاد السوفيتى فى هذه الأمور وعبر لنا قادة الاتحاد السوفيتى عن استعدادهم للدعم العسكرى حتى نستطيع أن نبنى الجيش الدفاعى ثم نبنى الجيش الهجومى الذى يساعدنا فى تحرير أراضينا المغتصبة.
حينما أتكلم عن الاتحاد السوفيتى أقول أيضاً إن الاتحاد السوفيتى ساعدنا فى دعمه السياسى؛ سواء فى الأمم المتحدة أو فى المجالات الدولية حينما كانت أمريكا تساعد إسرائيل وتعاونها على أن تبقى فى الأرض المحتلة. وحينما أتكلم عن الاتحاد السوفيتى أقول أيضاً إن الاتحاد السوفيتى ساعدنا اقتصادياً فحينما كان هناك نقص فى بعض المواد الخام ولم يكن عندنا من العملة الصعبة ما يمكننا من أن نشترى المواد الخام من الأسواق الحرة التى تتعامل بالنقد الحر؛ طلبنا من الاتحاد السوفيتى أن يعطينا المواد الخام الثمينة وفق اتفاقيات الدفع فاستجاب إلينا الاتحاد السوفيتى. حينما نتكلم عن الاتحاد السوفيتى نقول إننا بعد هزيمة سنة 67 كان من الضرورى لنا أن نتعلم وكان لازم لنا جداً ونحن نحصل على أسلحة حديثة أن نستعين بالاتحاد السوفيتى؛ حتى نتعلم كيف نستعمل هذه الأسلحة الحديثة وعلى هذا الأساس طلبنا من الاتحاد السوفيتى الخبراء ووافق الاتحاد السوفيتى على أن يعطينا الخبراء وهؤلاء الخبراء يوجدون الآن فى وحدات قواتنا المسلحة ويعملون بصورة أخوية وبصورة تعاون كامل مع قواتنا المسلحة هم لا يقاتلون ولكنهم يعملون ويعطون المشورة.
أيها الإخوة:
فى يناير الماضى تعرضنا لغارات إسرائيلية فى العمق؛ فى المعادى فى حلوان فى أبو زعبل فى الخانكة فى مناطق كثيرة متعددة؛ فى هايكستب وكنا نسمع كل يوم التهديدات الإسرائيلية التى تقول إنهم أرادوا أن يقنعوا القوات المسلحة المصرية بأن إسرائيل قادرة على كل شىء وأغاروا على القوات المسلحة بآلاف الأطنان من المفرقعات ومن قنابل الطائرات ولكن القوات المسلحة لم تقتنع بأن إسرائيل قادرة على أن تفعل كل شىء والقوات المسلحة لم تطلب التسليم. وقالوا بعد هذا فى تصريحات علنية نشرت فى جميع أنحاء العالم: إذا كانت القوات المسلحة لم تقتنع فإننا على استعداد لأن نقنع الشعب أن لا فائدة من الصمود وأن لا فائدة من القتال وعلى هذا الأساس بدأت الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية فى ضرب العمق وضرب المصانع كما ضربوا مصنع أبو زعبل والاعتذار بعد هذا بان دا كان غلط ثم ضرب مدارس الأطفال زى ما ضربوا مدرسة بحر البقر وقالوا بعد كده إن الموضوع بهذا الشكل لم يكن موضوع مقصود.
وفى الحقيقة فى هذه الأيام كان دفاعنا الجوى فى حاجة إلى تقوية وفى حاجة إلى دعم حتى نستطيع أن نواجه إسرائيل.. إسرائيل أخذت “الفانتوم” فى سنة 69 أخدت 50 طيارة “فانتوم” وأخدت 100 طيارة “سكاى هوك”.. ليه؟ علشان يدافعوا عن نفسهم واللا علشان يهاجمونا؟ كان من الواضح إنهم أخذوا هذه الطائرات بالاتفاق مع الولايات المتحدة حتى يهاجمونا وحتى يهاجموا وحداتنا الاقتصادية وحتى يهاجموا المدن وحتى يهاجموا الأهداف الحيوية. والحقيقة وجدنا فى هذه الأيام أن وسائلنا للدفاع الجوى لم تكن قادرة على أن توقف هذا التهديد الخطير الإسرائيلى الذى كانت تؤيده أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية وكان الأمر بالنسبة لنا كقيادة أمر صعب جداً وخطير جداً؛ حيث أن الشعب كان معرض لتصعيد العمليات الإسرائيلية.
فى 22 يناير 1970 كنت أرسلت رسالة إلى قادة الإتحاد السوفيتى وقلت لهم: إن أنا أريد أن أزور موسكو زيارة سرية وأستعرض معاكم الموقف الذى نواجهه ونتكلم فى الموضوع. فى 22 يناير ذهبت إلى الاتحاد السوفيتى – وأنا اللى طلبت منهم أن تكون الزيارة سرية – وقعدنا 4 أيام فى أحاديث مستمرة مع قادة الاتحاد السوفيتى ووجدت من قادة الاتحاد السوفيتى فى هذه الأيام كل اهتمام؛ اهتمام بسلامة الشعب المصرى فى مدنه وفى قراه واهتمام بألا يتعرض الشعب المصرى لغارات العدو واهتمام بأن تكون مصر قادرة على الدفاع عن أرضها بكل وسيلة من الوسائل. وبعد هذا صدر قرار من قيادة الاتحاد السوفيتى بأن الاتحاد السوفيتى سيساعدنا بكل ثقله فى الدفاع عن وطننا ضد غارات العمق وضد التهديد الذى يتعرض له المدنيين وضد التهديد الذى تتعرض له الأهداف الاقتصادية وأبلغونى فى زيارتى فى يناير ان كل هذا الدعم المطلوب لنا سيصل فى مدة لا تزيد عن 30 يوم.
وقد أوفى الاتحاد السوفيتى بوعده؛ ولهذا فإننا نذكرهم أيضاً بالشكر والعرفان؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعطى إسرائيل كل ما تريد من أسلحة الدمار ومن الأسلحة المطلوبة للحرب الإلكترونية.
ونحن نرى الآن أن الغارات من أبريل الماضى.. الغارات اللى كانوا بيتبجحوا بها الإسرائيليين ويقولوا كل يوم إن قواتهم الجوية تضرب فى العمق وستضرب… فى يوم 2 فبراير بعد عودتى من الاتحاد السوفيتى استلمت عن طريق وزارة الخارجية تهديد من الولايات المتحدة الأمريكية بأنه يجب أن نقبل وقف إطلاق النار كما صدر فى سنة 1967 وألا نربط قرار وقف إطلاق النار بالانسحاب وإن لم نقبل هذا فإن غارات العمق الإسرائيلية علينا على المدن وعلى الأهداف الاقتصادية ستزيد. ومن هذا كان يتضح التواطؤ الكامل بين إسرائيل وما تطلبه إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية. بعد هذا حينما وصلت المعدات الحديثة إلى مصر وجدنا حالة هستيرية عند إسرائيل وعند أمريكا وعند أصدقاء إسرائيل وكان الكلام ازاى الاتحاد السوفيتى يدى وحدات صاروخية دفاعية لمصر علشان تمنع الطيارات “الفانتوم” الأمريكية من انها تضرب الأهالى وتضرب العمال! وكانت الجرائد والصحف الأمريكية والبريطانية والغربية عموماً تعتبر أن هذا قد يخل بالتوازن.. توازن القوى فى الشرق الأوسط وكان المفروض بهذا التوازن أن تبقى إسرائيل متفوقة وأن تستطيع إسرائيل أن تضرب أى بقعة فى الأرض المصرية ولم يذكر أى واحد ولم تذكر أى مجلة ولا أى جريدة فى أمريكا؛ أن إسرائيل عندها 72 قاعدة صاروخية للدفاع الجوى منهم 24 قاعدة صاروخية من الصواريخ طراز “هوك” وصلت فى السنة اللى فاتت.
معنى هذا إيه؟ هل من حق إسرائيل انها تحصل من أمريكا على صواريخ للدفاع الجوى وليس من حقنا نحن الذين نتعرض للعدوان ولغارات الطائرات “الفانتوم” التى استلمتها إسرائيل فى سنة 69 وطيارات “السكاى هوك” أن ندافع عن نفسنا؟! طبعاً كل واحد منا كان ينظر لهذه الأمور وكان يشعر أن الخطط التى تدبر لنا حتى تنهار جبهتنا الداخلية وحتى نقبل الاستسلام؛ هذه الخطط تنهار والصمود يقوى.
أيها الإخوة:
برضه حينما نتكلم عن الاتحاد السوفيتى أذكر أننا كنا فى الاتحاد السوفيتى منذ عدة أيام وكانت هناك فى هذه الأوقات تصريحات صحفية كثيرة من أمريكا ومن إسرائيل وتهديدات وتنبؤات الحقيقة هذه التصريحات وهذه التهديدات لم تؤثر أبداً على جو المحادثات ولكنى وجدت فى الاتحاد السوفيتى ومن قادة الاتحاد السوفيتى كل تصميم على أن نعمل بكل الوسائل من أجل استعادة الأراضى المحتلة وقالوا إن المحادثات طالت وإن هذه المحادثات التى طالت لابد أنها تعثرت.
الحقيقة ان احنا عقدنا أربع جلسات وكان التفاهم كاملاً بيننا وبين قادة الاتحاد السوفيتى ولكن السبب الوحيد لطول المحادثات – كما نشر فى الأهرام – إننى ذهبت إلى إحدى المصحات لإجراء فحوص طبية.. إن آخر مرة كنت هناك كانت سنة 68. أما المحادثات وأما العلاقات بيننا وبين الاتحاد السوفيتى لازالت كما كانت بل هى أقوى مما كانت عليه وأنا أقول لكم إننى أعود من الاتحاد السوفيتى وأشعر بالرضا الكامل عن نتيجة المحادثات التى جرت مع قادة الاتحاد السوفيتى.
حينما نتكلم عن الأصدقاء يجب أن نذكر أيضاً الدول الاشتراكية التى وقفت إلى جانبنا بعد 1967؛ هذه الدول وقفت فى جانبنا سياسياً واقتصادياً وقفت فى جانبنا فى المحافل الدولية ووقفت فى جانبنا فى كل موقف من مواقفها الدولية وأعلنت جميعها قطع علاقاتها مع إسرائيل؛ على أساس أن إسرائيل معتدية ولا تريد الانسحاب من الأراضى المحتلة. وكنا دائماً نشعر بالشكر للدول الاشتراكية على هذه المواقف النبيلة التى وقفتها تجاه النضال العادل للأمة العربية فى سبيل استرداد أراضيها وفى سبيل القضاء على العدوان الذى وقع فى سنة 1967.
حينما نتكلم عن الأصدقاء فلابد لنا أن نذكر الدول غير المنحازة؛ نذكر موقف الرئيس “تيتو” ويوجوسلافيا حينما أعلنت يوغسلافيا قطع العلاقات السياسية بينها وبين إسرائيل بعد العدوان ونذكر أيضاً أن يوغسلافيا وقفت معنا سياسياً وساعدتنا سياسياً فى كل المحافل الدولية ونادت دائماً فى كل مناسبة بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة. وكانت زيارة الرئيس “تيتو” فى أوائل هذا العام تعبيراً عن التفاهم والتضامن الكامل بين البلدين.
حينما نتكلم عن الدول الغير منحازة يجب علينا أيضاً أن نذكر الهند وموقف رئيسة وزراء الهند السيدة “أنديرا غاندى”؛ الهند ليس لها علاقات مع إسرائيل والهند وقفت معنا سياسياً فى كل المحافل الدولية. حينما نتكلم أيضاً عن الدول غير المنحازة يجب أن نذكر موقف “مسز بندرانايكا” بعد وصولها إلى الحكم؛ إنها أعلنت أن سيلان تقف إلى جانب الأمة العربية وانها لن تستمر فى إقامة علاقات سياسية مع إسرائيل؛ لأن إسرائيل معتدية وترفض الانسحاب.
أيضاً يجب علينا أن نذكر الدول الإفريقية ونذكر موقف الرئيس “نيريرى” فى تنزانيا حينما أعلنت تنزانيا أنها تساند الشعب العربى من أجل استرداد حقوقه وأنها تطالب إسرائيل بالانسحاب من كل الأراضى المحتلة.. نذكر أيضاً موقف الرئيس “بوكاسا” حينما زار القاهرة وأعلن أن بلاده ستعمل من أجل إزالة آثار العدوان.. نذكر الرئيس “سيكوتورى” وغينيا حينما قطعوا علاقاتهم مع إسرائيل وأعلنوا تضامنهم مع الأمة العربية من أجل إزالة آثار العدوان.
أيها الإخوة:
حينما نتكلم أيضاً عن إفريقيا يجب أن نذكر ثورة الصومال التى قامت من أجل تحرير الصومال وأعلنت تضامنها مع الأمة العربية والصومال رفضت أن تقيم أى علاقات مع إسرائيل. حينما نتكلم عن الأصدقاء.. حينما نتكلم عن العالم يجب أن نذكر أن هناك بعض الدول فى العالم الغربى بدأت ترى الصورة على حقيقتها واستطاعت أن تتخلص من دعايات إسرائيل وادعاءات إسرائيل ومن محاولة إسرائيل بأن تظهر أمام العالم بأنها الدولة الشهيدة التى تتعرض للعدوان من العرب ونذكر موقف فرنسا.. موقف فرنسا الذى أعلنه الرئيس “بومبيدو” وقال إن فرنسا تريد السلام القائم على العدل؛ ولهذا لابد من انسحاب القوات المعتدية من الأراضى المحتلة ونذكر قول الرئيس “بومبيدو” إن فرنسا لم ترفع الحظر على تصدير السلاح لإسرائيل لأن إسرائيل معتدية وقوله إن الوقت يعمل فى غير صالح إسرائيل.
أيها الإخوة:
نذكر أيضاً القوى التقدمية فى العالم الغربى التى بدأت تشعر بالقضية الفلسطينية وأهمية القضية الفلسطينية وحق شعب فلسطين فى أرضه وفى بلده وحق شعب فلسطين فى أن يقاتل ويناضل من أجل حريته ومن أجل أن يستعيد بلاده التى طرد منها فى سنة 1948.
حينما نتكلم عن الأصدقاء نذكر أيضاً أن إسرائيل لا تطيق؛ لا تطيق أى شخص محايد يقول الحقيقة ولا أصدقاء إسرائيل.. أبداً؛ لا يمكن لهم أن يقبلوا كلمة إنصاف من أى شخص محايد فى هذا العالم. وكلنا نذكر فى الأيام الأخيرة كيف هاجمت إسرائيل “يوثانت” – الأمين العام للأمم المتحدة – لمجرد أنه وصف إقامة صواريخ مصرية على الضفة الغربية للقناة بأنه عمل دفاعى مشروع؛ هوجم فى صحف أمريكا وهوجم فى صحف إسرائيل.
هناك تغييرات كثيرة وهناك أصدقاء لنا وهناك أصدقاء للعدو وهناك أيضاً فى داخل إسرائيل نفسها من يرى أن الزمن يسعى ضد مصالح إسرائيل وهناك أيضاً فى إسرائيل – التى رقصت كلها يوم 9 يونيو سنة 1967.. قعدوا يرقصوا فى الشوارع لغاية الصبح على أساس أننا قد انهرنا – الآن نجد فى إسرائيل الذين كتبوا “نلقاكم فى قوائم الضحايا على قناة السويس”.. الطلبة اللى خرجوا من الجامعات والطلبة اللى خلصوا دراستهم وواخدينهم للتجنيد كان كل واحد فيهم بيقول للتانى: “نلقاكم فى قوائم الضحايا على قناة السويس”.
الموقف فعلاً.. الموقف والزمن يسير فى صالح العرب نحن نشعر بالصمود نشعر بالتفاؤل نشعر بأننا كل يوم نزداد قوة نشعر بأن الرأى العام العالمى وكثير من الأحرار فى كل مكان استطاعوا أن يفهموا القضية واستطاعوا أن يكشفوا دعايات إسرائيل واستطاعوا أن يكشفوا تضليل إسرائيل واستطاعوا أن يعرفوا أن الولايات المتحدة تساند إسرائيل بلا قيد ولا شرط وأن ما يكتب فى الولايات المتحدة ليس أبداً بالقول الذى يريد السلام القائم على العدل ولكن ما يكتب فى صحف الولايات المتحدة الأمريكية ليس إلا التعبير عن رغبة أمريكا فى أن ترى إسرائيل وقد احتلت أكبر جزء من الأراضى العربية وقد استطاعت أن تخضع الأمة العربية كلها لتستسلم.
أيها الإخوة:
حينما ننظر إلى الموقف اليوم أيضاً يجب أن نتذكر المظاهرات التى قامت فى تل أبيب والتى قامت فى القدس المحتلة وأنا أذكر بعض الأخبار التى كتبت عن أن إسرائيل كانت ترى السلام قرب يديها فى سنة 1967 ولكنها الآن ترى نفسها فى طريق مسدود.
هناك فى إسرائيل مظاهرات فى تل أبيب وفى القدس المحتلة هناك فى إسرائيل الشباب الذى يرى فى قادته اليوم التعصب العنصرى الذى يريد أن يفرض الحرب باستمرار هناك فى إسرائيل بعض الناس اللى ماصدقوش أبداً الكلام إن العرب حيدبحوا اليهود ويرموهم البحر؛ ولأنهم تذكروا ان اليهود عاشوا معانا هنا آلاف السنين وانهم لم يتعرضوا فى أى يوم إلى الذبح ولا إلى الاضطهاد ولكن سبب الموقف الذى نحن فيه الآن هو ان إسرائيل احتلت فلسطين وطردت الشعب العربى الفلسطينى من أرضه وأنكرت حقوق شعب فلسطين وصممت على أن تتبع سياسة القوة من أجل إرهاب الشعب العربى بقتل الأطفال والنساء.
أيها الإخوة المواطنون:
ذلك كله لا يجب أن ينسينا طبيعة العدو وتكوين العدو وطبيعة أصدقاء العدو ومطامع أصدقاء العدو. يجب علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا يريد العدو؟ طبعاً واضح من تصريحات قادة إسرائيل منذ 67 حتى الآن؛ ان العدو يريد التوسع وعلى هذا الأساس فهو لا يريد بأى حال من الأحوال أن يطبق قرار مجلس الأمن.. العدو رفض تطبيق قرار مجلس الأمن العدو.. حينما كان “يارنج” يتصل بنا ويسألنا أسئلة كنا نجاوب على هذه الأسئلة وحينما كان يذهب إلى إسرائيل ويسألها الأسئلة؛ كانت إسرائيل ترفض أن تجاوب على هذه الأسئلة ولكن قادة إسرائيل كانوا يقولون “ليارنج” إن إسرائيل مستعدة لأن تجاوب على هذه الأسئلة على مائدة المفاوضات مع العرب.
العدو يريد التوسع قادة إسرائيل بعد 67 قالوا تصريحات كبيرة؛ “ديان” قال: إن حدود 48 عملها الجيل بتاعنا – يعنى بتاع “ديان” – والحدود اللى وصلنا إليها سنة 67 هى الحدود اللى عملها الجيل اللى يأخذ المسئولية فى الوقت الحاضر وعلى الجيل الجديد أن يعمل على أن يستعيد إسرائيل كلها وقال: إنه طالما هناك توراة فهناك أرض التوراة ويقصد بأرض التوراة ملك فلسطين كلها وأجزاء من الأمة العربية من النيل إلى الفرات. هناك من أعلن فى إسرائيل.. من قادة إسرائيل.. وزير المواصلات قال إن حدود إسرائيل هى من النيل إلى الفرات وإن خارطة إسرائيل هى الخارطة اللى عملها “هرتزل” من أكتر من 70 سنة؛ هذه الخارطة بتبتدى من فرع دمياط لغاية ما توصل إلى العراق بتاخد أجزاء كبيرة من سوريا ولبنان والأردن والسعودية دا اللى يريده العدو.
العدو رفض من سنة 67 لغاية دلوقت أن يذكر كلمة الانسحاب أن يذكر مجرد كلمة الانسحاب وحينما كانوا يجاوبون على الأسئلة بطريقة عايمة كانوا يقولوا بدل الانسحاب إعادة توزيع القوات الإسرائيلية. “أشكول” لما كان رئيس وزارة ادى حديث لمجلة “النيوزويك” وقال إنه حيرجع بعض المدن للعرب وبعد هذا تعرض لنقد شديد واضطر إلى أن ينفى هذه التصريحات.
كل هذا يدل على أن إسرائيل تريد أن تتوسع على حساب الشعب الفلسطينى وعلى حساب الشعب العربى ماذا يريد العدو؟.. العدو يريد التوسع على حساب الشعب الفلسطينى وعلى حساب الشعب العربى وهذه هى طبيعة العدو والتى يجب علينا ألا ننساها ونحن فى هذه المرحلة من نضالنا ومن قتالنا ماذا يريد العدو؟ العدو يريد ألا نحصل على أى أسلحة ويحصل هو على كل الأسلحة العدو يريد بوقاحة سماء مفتوحة فى مصر تستطيع طائراته أن تعمل فيها بحرية كاملة.
العدو يريد سماء مفتوحة فوق منطقة الجبهة فى قناة السويس العدو بيستعدى علينا الولايات المتحدة الأمريكية وينضم إليها. أيضاً قادة الولايات المتحدة الأمريكية بيدوا له كل ما يطلب من معدات إلكترونية أو معدات عسكرية؛ حتى لا ندافع عن أراضينا حتى لا ندافع عن أبنائنا ضد الغارات الإسرائيلية. العدو يتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والولايات المتحدة الأمريكية تتعاون تعاوناً كاملاً مع إسرائيل.
من أسبوعين – بعد تساقط طائرات “الفانتوم” الإسرائيلية – أعلن فى الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس “نيكسون” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد قرر تعويض إسرائيل عن الخساير اللى لحقت بها بـ 8 طائرات “فانتوم” وأعلن أيضاً فى الولايات المتحدة الأمريكية عن تسليم إسرائيل 130 جهازاً إلكترونياً جديداً يمكنهم من عرقلة دفاعنا الجوى ضد الطائرات.
الحقيقة هناك نوع جديد من الحرب يجرى الآن – ولأول مرة فى التاريخ – وهو الحرب الإلكترونية. بيقولوا إن إسرائيل عندها تفوق تكنولوجى وإسرائيل استطاعت بالتفوق التكنولوجى انها تحصل على النصر فى سنة 1967 وكانوا بهذا يريدون تغطية التواطؤ الأمريكى فى هذا الوقت. قبل 1967 استطاعت إسرائيل أن تحصل من الولايات المتحدة الأمريكية على كل معدات الحرب الإلكترونية التى تستعمل لإعاقة أجهزة الرادار ولإعاقة الصواريخ ولتحديد مكان محطات الرادار ولتحديد مكان محطات الصواريخ وللتشويش على الاتصالات اللاسلكية… إلى آخر هذه الأمور دا حصلت عليه سنة 67.
قالوا فى الجرايد إن الحاجات دى كانت نتيجة المهارة الإسرائيلية والتكنولوجيا الإسرائيلية ولكن ظهر بعد هذا أن كل هذه المعدات حصلت عليها إسرائيل فى صناديق كاملة من الولايات المتحدة الأمريكية. الحقيقة العدو يحاربنا الآن معتمداً على كل ما يوجد فى الترسانة الأمريكية من أسلحة ومن معدات. والحرب اللى بنواجهها نحن الآن هى أول حرب من نوعها فى تاريخ الحروب؛ لأن هذه الحرب مش مبنية على الأسلحة التقليدية اللى استخدمت فى الحرب اللى فاتت وليست مبنية على الأسلحة التقليدية اللى استخدمت فى حرب كوريا وليست مبنية أيضاً على الطريقة اللى استخدمت بها الحرب فى فيتنام طبعاً لاختلاف طبيعة الأرض عندنا عن طبيعة الأرض فى فيتنام والحرب أساساً مبنية على التفوق الجوى والحرب الجوية زائد استخدام الأجهزة الإلكترونية اللى مش موجود منها إلا عند أمريكا فى الغرب والاتحاد السوفيتى فى الشرق.
ونحن استطعنا رغم كل هذه المعدات؛ واحنا ماكانش عندنا أى شىء من هذه المعدات وكان ما ينشر عن معدات الحرب الإلكترونية قبل 67 كانت أشياء قليلة وبالنسبة للعالم كله ماكانش فيه حرب سميت الحرب الإلكترونية قبل الحرب اللى وجدت الآن على قناة السويس.
إذن الحرب الآن حرب معقدة وحرب ضارية ولكن استطاعت قواتنا المسلحة – رغم كل هذه المساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية – انها تصمد واستطاعت أيضاً أن تجد الأساليب التى تواجه بها الحرب الإلكترونية. ومن الطبيعى حينما تحصل إسرائيل على هذه المعدات الحديثة الإلكترونية نحن لا نستطيع أن نصنع هذه المعدات ولابد لنا من الحصول على هذه المعدات؛ وبهذا نستطيع فعلاً أن نواجه الحرب الإلكترونية مواجهة متساوية؛ لأننا فى 67 ما استطعناش أبداً ان احنا نواجه الحرب على أساس متعادل أو على أساس متساوى وان أمريكا بإعطائها المعدات الإلكترونية السرية لإسرائيل ساعدت إسرائيل على أن تحرز الانتصار السريع فى حرب الأيام الستة.
أيها الإخوة:
ونحن الآن نتكلم عن الموقف الحالى ماذا يريد العدو برضه؟.. العدو يريد زيادة أسلحته. استطاعوا السنة اللى فاتت – سنة 69 – انهم يجيبوا 150 طيارة “فانتوم” و”سكاى هوك” واستطاعوا فعلاً انهم يكرسوا التفوق الجوى؛ ما جابوش بس الطيارات ولكن جابوا أيضاً الطيارين وكلنا نعلم ان فيه يهود من أمريكا يعملون فى إسرائيل ويحملون الجنسية الأمريكية والجنسية الإسرائيلية وأن هناك أحد الطيارين اللى أسروا أصلاً له جنسية أمريكية وجنسية إسرائيلية؛ و كان وصل لإسرائيل من حوالى 8 سنين وفيه ناس وصلوا قبل 67 فيه ناس وصلوا بعد 67. النهارده إسرائيل عايزة تفوقها الجوى يشتد ويزيد ولهذا طالبين تانى 125 طيارة من الولايات المتحدة الأمريكية. لما كانت “جولدا مائير” فى أمريكا وقابلت “نيكسون” طلبت 25 طيارة “فانتوم” و100 طيارة “سكاى هوك” وطلبت معدات أخرى. ونحن نعلم عن المعدات الأخرى أنها تشحن كل يوم؛ تشحن إلى إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية؛ المدافع.. المدافع ذاتية الحركة والدبابات وجميع أنواع الأسلحة.
بعد إسقاط الطيارات “الفانتوم” بـ 48 ساعة شحنت معدات إلكترونية حديثة جداً إلى إسرائيل؛ حتى تساعدها فى التغلب على المشاكل التى تقف أمامها حينما تحاول الإغارة على الجبهة المصرية فى قناة السويس. رغم كل هذه المساعدات ورغم أن إسرائيل أعلنت أنها تعمل بكل الوسائل على تفتيت حشد القوات المسلحة المصرية وعلى منع تجمعات القوات المسلحة المصرية من أن تستعد لعبور القناة وعلى منع تدريب القوات المسلحة المصرية؛ رغم هذا فإن برامج التدريب للقوات المسلحة المصرية سارت فى طريقها رغم هذا فإن حشود القوات المسلحة المصرية المقاتلة موجودة فى أماكنها رغم هذا الروح المعنوية للقوات فى الجبهة روح معنوية عالية جداً. وأنا فى زيارتى الأخيرة إلى الجبهة شفت بعض الطائرات وهى بتضرب بعض المواقع وكان العساكر فى الوقت دا طالعين بره الخنادق واقفين يتكلموا معاى والضباط كان كل واحد بيقول لى امتى حنعدى القنال؟ امتى حنحرر أرضنا اللى احتلتها إسرائيل؟
رغم هذا استطعنا أن نصمد وعلينا أن نبنى قواتنا المسلحة وعلينا أن نحشد كل شىء من أجل المعركة؛ لأن المعركة هى الأمل الكبير لنا حتى نتمكن من التغلب على العدو الذى لا يفهم إلا لغة القوة.
أيها الإخوة:
لابد أن نكون على استعداد لكل شىء لابد أن نكون على استعداد حينما تحصل إسرائيل على 125 طيارة “فانتوم” و”سكاى هوك” من أمريكا لابد أن نكون على استعداد لأن نواجه الحرب الإلكترونية لابد أن نكون على استعداد لأن نواجه جميع أنواع الأسلحة التى تعطيها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل. يجب فى نفس الوقت أن نحاول بكل قوانا وبكل طاقة ضغط يمكن أن تملكها الأمة العربية؛ نحاول أن نوقف تدفق أدوات الحرب الحديثة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية.
هدفنا فى هذه المرحلة هدف مزدوج؛ نحن نحاول تزويد أنفسنا بما نحن فى حاجة إليه للدفاع عن بلادنا ولتحرير أرضنا المحتلة وفى نفس الوقت يجب أن نكشف دعايات إسرائيل ومحاولات إسرائيل فى التوسع ويجب أن نوقف التدفق المخيف من المعدات على إسرائيل. ودا موضوع لا نرى فيه تجاوزاً.. احنا أرضنا احتلت واحنا بلدنا تعرضت للغارات الجوية يجب أن نحصل على كل ما يمكننا من الدفاع عن بلدنا وتحرير أراضينا.
احنا لسنا قوة عدوان نحن طلاب حق نحن نواجه الاحتلال الإسرائيلى نحن نشعر أن مصيرنا فى الميزان لسنا قوات غزو إسرائيل وجرايد أمريكا كل يوم بيقولوا إن مصر تستعد لغزو إسرائيل.. عبور قناة السويس وغزو إسرائيل.. طبعاً هذا الكلام بيضللوا به مين؟ بيضللوا به الشعوب اللى مش عارفة ان سيناء جزء من مصر ولكن بيقولوا يجب أن نعطى إسرائيل السلاح لأنها مهددة بالغزو.
نحن لسنا قوة غزو ولكننا طاقة تحرير.. تحرير أراضينا.. وهذا ما يجب أن يفهمه كل الناس وتفهمه كل الأطراف وتفهمه كل الشعوب ويجب أن نعلن ونصمم على أن هذه الأمة لن تفرط فى أرض؛ وذلك لا يملكه إنسان إننا نسعى إلى تحرير كل الأرض المحتلة؛ ولا يمكن لنا أن نفرط فى أى قطعة من هذه الأرض يجب أن نعلن أيضاً بأعلى صوتنا أن هذه الأمة لن تفرط فى حق مشروع وذلك يجب أن يفهمه كل إنسان.
أيها الإخوة:
أنا باقول هذا الكلام لأننا دهشنا حينما أعلن الرئيس الأمريكى “نيكسون” التصريح الأخير؛ وقال فيه إن العرب يريدون إلقاء إسرائيل فى البحر وإسرائيل مش مهددة العرب ولا تريد إلقاءهم فى البحر. الحقيقة كان تصريح غريب الحقيقة ماحدش كان بيقول هذا الكلام طوال الأيام الماضية إلا الدعاية الإسرائيلية والدعاية الصهيونية والحقيقة هذه فرصة ان أنا أقول يجب على الرئيس “نيكسون” أن يعرف ما هو أصدق من ذلك يجب أن يعرف أن إسرائيل هى التى تهدد العرب وهى التى شردت العرب إسرائيل هى اللى ألقت بـ 100 مليون عربى فى بحر الرمال ألقتهم إلى شرق الأردن وحولتهم إلى لاجئين.
النهارده فيه نغمة جديدة.. نغمة تعرض إسرائيل للعدوان.. نغمة إسرائيل الشهيدة ودا يمكن موضوع بيطمنا. بعد 67 كانت نغمة الغرور ونغمة الضرب.. حنضرب.. وان الجيش الإسرائيلى جيش لا يهزم وإن الحرب دى أنهت كل الحروب وان العرب لن يستطيعوا بناء القوات المسلحة. نغمة النهارده بقالها تلات أشهر؛ إسرائيل الشهيدة إسرائيل المهددة ميزان القوة يجب ألا يختل يجب أن يبقى فى يد إسرائيل حتى لا تعرض إسرائيل للإبادة الحقيقة وراء دا كله إيه؟ وراء دا كله تشجيع إسرائيل حتى تستمر فى احتلال الأراضى العربية وحتى تغير يومياً على الدول العربية.. بيحصل أيام ان بتكون هناك غارات جوية على مصر وعلى سوريا وعلى الأردن وعلى لبنان يعنى.. فكيف تكون هذه العمليات العدوانية؟ وكيف يتفق هذا مع ما يقال من أن إسرائيل معرضة للإبادة.. معرضة للقتل؟
هذه الأمة – كما قلت – لن تسلم فى أى قطعة من الأرض وهذه الأمة – كما قلت – لن تسلم فى حق مهما تدفق السلاح الأمريكى ومهما تدفقت المعدات الإلكترونية. هذه الأمة ليست خارجة لعدوان وليست خارجة لغزو ولكن هذه الأمة العربية تطالب بأراضيها المحتلة وتطالب بحقوق شعب فلسطين حقوق شعوبها التى اغتصبتها إسرائيل ويجب أن يكون ذلك كله واضحاً لجميع الأطراف؛ لأن النتائج التى يمكن أن تترتب عليه نتائج خطيرة.
أيها الإخوة:
كان من هذا المنطق النداء الذى وجهته للرئيس الأمريكى “ريتشارد نيكسون” فى خطاب أول مايو أنا قلت فى هذا الخطاب.. فى رسالتى اللى موجهة للرئيس “نيكسون”: إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تريد فعلاً السلام فى الشرق الأوسط فعليها أن تطالب إسرائيل بالانسحاب وفق قرار مجلس الأمن ونحن نعتقد أن ذلك فى طاقة الولايات المتحدة الأمريكية التى تأتمر إسرائيل بأمرها؛ لأنها تعيش على حسابها. كان هذا هو المطلب الأول فى ندائى إلى الرئيس الأمريكى “نيكسون” ثم قلت له إذا لم يكن ذلك فى طاقة الولايات المتحدة الأمريكية فنحن على استعداد لتصديقها مهما كانت آراؤنا ولكننا فى هذه الحالة نطلب طلباً واحداً هو بالتأكيد فى طاقة أمريكا؛ وذلك الطلب هو أن تكف عن أى دعم جديد لإسرائيل بينما هى تحتل أراضينا. وقد وجهت هذا النداء إلى الرئيس “ريتشارد نيكسون” ووجهناه بإحساس كامل بالمسئولية فيما يمكن أن يترتب على تردى السياسة الأمريكية فى المساندة غير المشروطة لإسرائيل؛ خصوصاً بأسلحة الحرب الحديثة وفى مقدمتها الطائرات والمعدات الإلكترونية.
فى 19 يونيو الماضى تلقينا رداً من الولايات المتحدة الأمريكية؛ تلقى هذا الرد وزير الخارجية المصرى من وزير الخارجية الأمريكى وينبغى أن أقول أمامكم بكل أمانة أننا لم نجد فى هذا الرد جديداً سمى هذا الرد مبادرة سلام وهو فى الحقيقة ليس إلا عملية إجراءات لا نظن أنها سوف تصل إلى جديد بسبب موقف إسرائيل وحماقته. طبعاً هذا الموقف – الذى تطلب فيه إسرائيل وتعلن أنها ترفض قرار مجلس الأمن وتعلن أنها تريد أن تتوسع – مبنى أساساً على المساعدات السياسية والاقتصادية والعسكرية التى تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية.
الولايات المتحدة الأمريكية قالت وأعلنت أن هذه المبادرة مبادرة سلام والواضح أنها ليست بالشىء الجديد قالوا إنها مشروع لحل الأزمة ونحن نرى أن المبادرة الأمريكية قاصرة تماماً عن حل الأزمة؛ طبعاً إلا إذا كان هناك موقف أمريكى حازم بالنسبة لتزويد إسرائيل بالأسلحة الحديثة طالما إسرائيل تحصل من أمريكا على الأسلحة الحديثة وعلى المعدات الإلكترونية فلن يكون هناك سبيل – ولو ضيق جداً – إلى حل هذه الأزمة.. الحقيقة استمرار أمريكا فى سياستها اللى اتبعتها قبل 67 وبعد 67 يعرض فعلاً المنطقة التى نعيش فيها إلى مخاطر كثيرة.
إن المبادرة الأمريكية التى وصلت إلينا جواب من وزير خارجية أمريكا إلى وزير الخارجية المصرى؛ بيقول فى هذا الجواب الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم بالمقترحات الآتية:
“أن توافق مصر وإسرائيل على العودة إلى وقف إطلاق النار لفترة محدودة .. تلات أشهر”.
هنا بيقولوا مصر وإسرائيل!.. مصر وإسرائيل بس على أساس ان مصر هى الدولة الوحيدة اللى أعلنت إنهاء قرار وقف إطلاق النار اللى أصدره مجلس الأمن فى يونيو 67 وأنا أعلنت ان احنا لا يمكن أن نقبل قرار وقف إطلاق النار إلى الأبد وطالما إسرائيل لم تقبل قرار الأمم المتحدة الخاص بانسحابها من الأراضى المحتلة؛ لا نستطيع أن نستمر فى قرار وقف إطلاق النار وأعلنا حرب الاستنزاف. فأمريكا تقترح أن توافق مصر وإسرائيل على العودة إلى وقف إطلاق النار لفترة محدودة وحددت الفترة المحدودة بتلات أشهر ثم اقترحت أمريكا بعد هذا أن يعود السفير “يارنج” إلى استئناف عمله وفق قرار مجلس الأمن؛ على أساس أن توافق مصر والأردن وإسرائيل على:
أولاً: تنفيذ قرار مجلس الأمن سنة 1967 بكل أجزائه بالتوصل إلى اتفاق حول إقامة سلام عادل ودائم؛ مستنداً إلى الإقرار من جميع الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة.
ثانياً: الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المحتلة خلال نزاع عام 1967؛ وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242. قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر فى نوفمبر سنة 67 بعض الدول فسرته تفسيرات مختلفة ولكن القرار ينص فى مقدمته بأنه يؤكد عدم إمكانية الحصول على أرض بواسطة الحرب.
ثم تنتهى المقترحات الأمريكية بالمطالبة باحترام وقف إطلاق النار من أول يوليو اللى احنا فيه دا حتى أول أكتوبر.
بالنسبة لموضوع عودة السفير “يارنج” إلى المنطقة؛ لم نكن نحن الذين تسببنا فى فشل مهمة “يارنج”؛ وإنما تسبب فى فشلها عدونا – إسرائيل – الذى لا يريد السلام ولكنه يريد التوسع.
بالنسبة أيضاً للاقتراح الخاص بتنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه؛ كنا دائماً نطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن وطلبنا من السفير “يارنج” أن يضع جدولاً زمنياً للانسحاب ولكن العدو – إسرائيل – هو الذى عرقل تنفيذ قرار مجلس الأمن؛ لأن إسرائيل لا تريد السلام ولا تريد الانسحاب وإنما تريد التوسع.
بالنسبة لقرار وقف إطلاق النار؛ لم نكن نحن الذين بدأنا فعلاً بإطلاق النار دا موضوع بينكروه الآن فى كل حتة وما بيجيبوش سيرته أيام إسرائيل ما كانت بتضربنا بعد 67 وبتضرب السويس والإسماعيلية والمدنيين وماحدش فى هذا الوقت قال إن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار؛ لم تنزعج أمريكا ولم ينزعج أى مسئول أمريكى. لم نكن نحن الذين بدأنا بإطلاق النار والحقيقة أن العدو هو الذى لم يلتزم فى أى وقت من الأوقات بوقف إطلاق النار وفى ظروف كانت صعبة بالنسبة لنا ولم نكن نحن فيها قادرين على مواجهة النار بالمثل.
كلنا نعرف أن معركة حرب الأيام الستة سنة 67 لم تصب فيها مدن القناة ولا بطلقة واحدة ولكن مدن القناة أصيبت كلها فى ظل قرار وقف إطلاق النار وهو قرار لم يلتزم به العدو. أما الاقتراحات الأمريكية اللى بتقول إقرار الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة والانسحاب.. انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة؛ كل هذا الكلام جا فى قرار مجلس الأمن سنة 1967.
أما نقرا قرار مجلس الأمن اللى رفضته إسرائيل واللى رفضت تنفيذه واللى “يارنج” حاول ينفذه بكل وسيلة من الوسائل ويئس أخيراً وذهب إلى مقر عمله فى موسكو قرار مجلس الأمن بيقول إن مجلس الأمن وهو يعرب عن اهتمامه المستمر بالموقف الخطير فى الشرق الأوسط ويؤكد عدم إمكانية الحصول على أراضى بواسطة الحرب وضرورة العمل من أجل إقامة سلام عادل دائم يمكن لكل دولة بالمنطقة أن تعيش فى ظله فى أمان ويؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها لميثاق الأمم المتحدة قد أخذت على عاتقها الالتزام بالعمل وفقاً للمادة الثانية من الميثاق:
أولاً: يؤكد أن تنفيذ مطالب الميثاق إقامة سلام دائم وعادل فى الشرق الأوسط ينبغى أن يتضمن تطبيق كل من المبدأين التاليين:
1- انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضى التى احتلتها فى الصراع الأخير.
2- إنهاء كل دعاوى أو حالات الحرب والاعتراف بسيادة كل دولة فى المنطقة ووحدة أراضيها واستقلالها وبحقها فى أن تعيش فى سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها؛ متحررة من التهديدات أو أعمال القوة. هم دول يعنى بالضبط هم النقطتين اللى جم فى الاقتراحات الأمريكية.
قرار مجلس الأمن بيقول:
يطلب من السكرتير العام أن يعين ممثلاً خاصاً يتوجه إلى الشرق الأوسط؛ لإقامة واستمرار الاتصالات مع الدول المعنية؛ من أجل الوصول إلى اتفاق ومساعدة الجهود لتحقيق تسوية سلمية مقبولة وفقاً لنصوص ومبادئ هذا القرار.
يطلب من السكرتير العام أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن عن تقدم الجهود التى يبذلها الممثل الخاص فى أقرب وقت.
الحقيقة لسنا نعرف ما هو هدف المبادرة الأمريكية الجديدة وما هى الطاقة التى تستطيع بها أمريكا التأثير فى الموقف. إن صفقة “الفانتوم” و”السكاى هوك” المطلوبة أخيراً لإسرائيل لم تسلم بعد كما قال الرئيس الأمريكى” نيكسون” ولكن هل ستوقف الولايات المتحدة الأمريكية هذه الصفقة وتوقف شحن المعدات الإلكترونية لإسرائيل؟ إن إسرائيل ترفض قرار مجلس الأمن فهل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض على إسرائيل قرار مجلس الأمن بكل ما يعنيه؟ إن إسرائيل ترفض مجرد ذكر كلمة الانسحاب فهل ستتعهد فعلاً بقبول الانسحاب من جميع الأراضى التى احتلت فى عدوان 67؟
الحقيقة تعليقاً على هذا الكلام فيه بعض نقط لابد أقولها: فى 22 نوفمبر سنة 1967 عرض قرار مجلس الأمن – كان مبادرة بريطانية – عرض هذا القرار على مجلس الأمن وكانت هناك محاولات كثيرة أن نوافق عليه وسألنا الولايات المتحدة الأمريكية أو ممثل الولايات المتحدة الأمريكية؛ فى هذا الوقت “جولد برج”: هل إذا وافقنا على هذا القرار ستعمل أمريكا على تنفيذ القرار. أم ستبقى منحازة لإسرائيل وتعمل على تمييع القرار؟ وكان الرد اللى بلغنا فى نوفمبر 67 أن أمريكا ترجو أن نقبل القرار وأن أمريكا بكل ما تملكه من قوة ستعمل على تنفيذ هذا القرار. وقبلنا قرار مجلس الأمن وأنا أعلنت فى 23 نوفمبر فى مجلس الأمن قبولنا لقرار مجلس الأمن ماذا حدث بعد ذلك من أمريكا؟ بعد كده كان هناك التأييد السياسى الأمريكى لإسرائيل فى الأمم المتحدة منحازاً انحيازاً كاملاً لإسرائيل وشجعت أمريكا إسرائيل فى رفض قرار مجلس الأمن وفى رفض أى كلام عن الانسحاب وشجعت أمريكا إسرائيل وأيدت إسرائيل بأن أعطتها بعد قرار مجلس الأمن اللى صدر فى نوفمبر 67؛ إدتها فى سنة 69 الطائرات “الفانتوم” و”السكاى هوك”. وواضح أن تسليم هذه الطائرات لإسرائيل معناه أنه يجب على إسرائيل أن تكون قوية جوياً؛ بحيث تبقى محتلة الأراضى العربية التى استولت عليها سنة 67. بعدين تأييد إسرائيل أيضاً بأن أعطتها دبابات والمدافع والأسلحة. بعدين تأييد إسرائيل اقتصادياً بأن أعطتها مئات الملايين من الدولارات سنوياً؛ إما قروض من بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى إما قروض من البنوك الأمريكية إما إعانة من الحكومة الأمريكية وإما حملة تبرعات من الشعب الأمريكى.
الحقيقة فى هذا الوقت ظهر لنا أن أمريكا منحازة انحيازاً كاملاً لإسرائيل وليس علينا إلا أن نبنى قوانا ليس علينا إلا أن نسير فى طريقنا بمساعدة أصدقائنا لنبنى قوانا ولنبنى الجيش الهجومى. وعرض علينا بعد هذا فى نوفمبر الماضى مشروع “روجرز” – اللى هو وزير الخارجية – ووجدناه انه مشروع فيه نقط متشعبة ولكن مارديناش على هذا المشروع .
إننا نشعر الآن أن موقفنا الآن أقوى وأننا لا نتحرك من موقف الضعف؛ وإنما نتحرك من موقف القوة. لقد كانت هناك عوامل كثيرة فى صالح موقفنا القوى؛ أبرز عاملين فى هذا الموقف:
العامل الأول: تزايد مقدرة قواتنا المسلحة على الردع.
العامل الثانى: تزايد الدعم السوفيتى السياسى والعسكرى لنا؛ نتيجة لتقدير الاتحاد السوفيتى السليم لعدالة نضالنا وأهمية هذا النضال بالنسبة لحركة التحرر الوطنى فى العالم.
أيها الإخوة:
إن هدفنا محدد وهو معروف وهدف العدو غير محدد وإن كان الكل يعرفه وهو التوسع والاستيلاء على الأراضى العربية. هدفنا يتركز فى نقطتين:
الانسحاب من جميع الأراضى العربية المحتلة:الجولان الضفة الغربية القدس قطاع غزة سيناء.
النقطة الثانية: الحقوق المشروعة لشعب فلسطين؛ وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. وهذه الحقوق وإنكار إسرائيل لها هى التى أثرت على الموقف فى المنطقة طوال السنوات الاثنين وعشرين اللى فاتت إن كان فيه لجنة مصالحة أو لجنة توفيق وكانت هذه اللجنة المطلوب منها أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة واللجنة كانت مكونة من أمريكا.. ولازالت مكونة من أمريكا وفرنسا وتركيا واجتمعت إسرائيل مع هذه اللجنة واجتمع العرب مع هذه اللجنة سنة 49 وكان شغل اللجنة إعادة الشعب الفلسطينى إلى وطنه إعادة حقوقه إليه ولكن اللجنة اجتمعت اجتماعاً واحداً وبعد هذا لم تجتمع.
العدو يرفض تنفيذ قرار مجلس الأمن يعتبر قرار مجلس الأمن مجرد جدول أعمال لمحادثات بيننا وبينه فى مفاوضات مباشرة وهذا ما رفضناه وما زلنا نرفضه ولكن مطامع العدو معروفة وتصرفات العدو فى كل يوم تبين أن مطامع العدو هى التوسع. الحقيقة من البديهى إما سلام وإما توسع لا يمكن أن يكون هناك سلام مع التوسع.
أنا قلت لكم على النقط اللى جات فى جواب وزير الخارجية الأمريكى:
النقطة الأولى: وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة ثلاثة أشهر.
النقطة الثانية: “يارنج” يعود لمهمته بعد كده بيطلب من الدول إنها تنفذ قرار مجلس الأمن تنفيذاً كاملاً.. تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه؛ بالتوصل إلى اتفاق حول إقامة سلام عادل ودائم؛ مستنداً إلى الإقرار من جميع الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة ثم الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المحتلة خلال نزاع عام 1967؛ وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن 242. وأنا قلت إن تفسير هذا القرار يظهر فى المقدمة بأنه يؤكد عدم إمكانية الحصول على أراض بواسطة الحرب؛ يعنى الحاجات اللى جات لنا من أمريكا حاجات مش جديدة.
وزير الخارجية المصرى بعث بالأمس رده على الرسالة التى تلقاها من وزير الخارجية الأمريكى وأبلغه أننا نوافق على تنفيذ قرار مجلس الأمن وان قرار مجلس الأمن يعنى الانسحاب من كل الأراضى العربية المحتلة وحقوق شعب فلسطين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. وأبلغه انهم بيقولوا إن إسرائيل تريد السلام ونحن نريد الحرب ونريد إفناء إسرائيل أو اليهود ولكن الوضع الصحيح أو الوضع السليم أن مصر وافقت من سنة 67 على قرار مجلس الأمن وإسرائيل لم توافق على قرار مجلس الأمن. وأبلغه أن المقترحات ليس فيها جديد؛ بل كلها تضمنها قرار مجلس الأمن سنة 1967 الذى ساعدت أمريكا على عدم تنفيذه؛ لأن سياستها لم تكن متوازنة بل منحازة لإسرائيل وأبلغه أننا نوافق على المقترحات الأمريكية.
نحن الحقيقة فى سنة 67 صدقنا الولايات المتحدة الأمريكية وقبلنا قرار مجلس الأمن بعد سنة 67 ونتيجة لتصرفات أمريكا فقدنا الثقة فيها أما جات لنا رسالة “روجرز” فى نوفمبر من العام الماضى فقدنا الثقة. وبعد هذا وصل “سيسكو” مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى القاهرة واتقابل معايا وحدث بيننا نقاش طويل أنا قلت له: بصراحة نحن لا نثق فى الولايات المتحدة الأمريكية وإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تأخذ سياسة عادلة ولكنها تتبع سياسة منحازة فى الشرق الأوسط.. منحازة لإسرائيل.
كلام “سيسكو” كان: إن الوضع بيتحول إلى وضع خطير جداً قد يستدعى أو قد يصل إلى مواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى. كان كلامنا: نحن لا نعمل من أجل مواجهة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى ولكنا نعمل أولاً للدفاع عن أراضينا ثانياً لتحرير أراضينا. كان كلام “سيسكو”: إن أزمة الثقة اللى مرت يجب ألا تؤثر فينا ويجب إعطاء فرصة أخيرة للتفاهم.
وصلت هذه المقترحات الأمريكية الحقيقة بالنسبة لنا ليس فيها جديد ولكن كان يجب الحقيقة إننا لا نثق فى أمريكا.. ان احنا مانردش زى ما عملنا فى ديسمبر السنة اللى فاتت ولكن هذه فرصة الآن وأمريكا.. رئيس أمريكا يتكلم ووزير خارجيته ومساعد وزير خارجيته وأعضاء الكونجرس الأمريكان فى كل مكان بيقولوا إن إسرائيل مهددة وإن إسرائيل تحارب الاتحاد السوفيتى وإن إسرائيل عايزة السلام والعرب لا يريدون إلا الحرب من أجل الحرب. كان لا بد أن نبلغ.. أن يكون ردنا على هذا الموضوع رداً بناء ونقول إن هذه النقط جميعها قبلناها فى سنة 1967 وهذه فرصة أخيرة.. نبلغ الولايات المتحدة الأمريكية ان احنا بنوافق على قراراتها على أن يحصل “يارنج” على تعليماته وتوجيهاته من الدول الأربع الكبرى.
أيها الإخوة:
نحن لم نكف ولن نكف عن المحاولة دائماً من أجل تحرير الأراضى المحتلة ومن أجل حقوق شعب فلسطين نحن نعمل فى ميدان واسع جداً.. نعمل بالسياسة ونعمل بالحرب. وحينما قررنا أن نعمل بالسياسة وأن نعمل بالحرب كان هدفنا وكان تفكيرنا أننا لا نريد الحرب من أجل الحرب ولكنّا نريد تحرير الأراضى العربية المحتلة وأننا حينما نعمل العمل السياسى ننتظر أن ينجح العمل السياسى ولكن حينما يتعرض العمل السياسى إلى الفشل فليس أمامنا إلا العمل العسكرى. من أول يوم من سنة 67 قبلنا قرار مجلس الأمن وماكانش عندنا قوات مسلحة وفى نفس الوقت الذى كنا نعلن فيه دائماً قبولنا لقرار مجلس الأمن وأننا نريد أن نعمل من أجل السلام كنا نبنى قواتنا المسلحة؛ لأننا كنا نشعر أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام إلا إذا شعر العدو ومن هم وراءه أننا وصلنا إلى درجة من القوة تمكننا من تحرير الأرض حركتنا نحو هدفنا ليست مقيدة وهدفنا واضح أمامنا ليس لنا الحق فى أن نفرط فى أى قطعة من أرضنا.
الحقيقة ونحن نعلن موافقتنا على هذه المبادرة الأمريكية التى نقول عنها إنها ليست جديدة بل كل ما فيها كان موجوداً فى مجلس الأمن سنة 67؛ سنبنى فى نفس الوقت قواتنا المسلحة. احنا النهارده عندنا 650 ألف جندى تحت السلاح فى ديسمبر وأنا باقول هذا الكلام وهذا الكلام مش أسرار؛ كان لازم العدو يعرف – ومن هم وراء العدو يعرفوا – ان احنا حنجند.. إن شا الله نجند الرجالة والنساء والأطفال حتى ندافع عن بلدنا وحتى نحرر أراضينا المحتلة. وان احنا صمدنا فى 67 ونصمم على تحرير أراضينا المحتلة ميزانيتنا كانت 160 مليون جنيه للقوات المسلحة سنة 67 ميزانيتنا النهارده 553 مليون جنيه. نحن نسير نحو هدفنا؛ وهو تحرير الأراضى المحتلة حركتنا نحو تحقيق هذا الهدف ليست حركة مقيدة؛ وإنما هى حركة مفتوحة تلزم نفسها بالمبادئ الأساسية لنضالنا.
أيها الإخوة:
أريد أن أقول لكم بكل أمانة وصراحة وبإحساس بالمسئولية التاريخية؛ أنه مهما كانت محاولاتنا فى ميادين السياسة فلابد ألا تغيب أبداً عن أذهاننا كبرى الحقائق – هذا الكلام قلته فى 23 نوفمبر سنة 67 وبقوله النهارده فى 23 يوليو 70 – إننا نعمل فى السياسة ويجب ألا تغيب عنا الحقيقة؛ هى أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد بغير القوة. إننا نستطيع أن نتحرك فى ميدان السياسة كما نشاء وكما نرى وفق الأوضاع المتحركة والمتغيرة باستمرار ولكن الكلمة الأخيرة فى أى صراع وفى هذا الصراع بالذات ومع العدو الذى نواجهه بالتحديد.. إسرائيل؛ ستبقى دائماً القوة.. العدو الذى لا يعرف غير لغة القوة.. كل كلامه يستند إلى استعمال القوة.. يجب أن نكون على استعداد للرد بالقوة على عدونا الذى لا يفهم إلا القوة ويجب أن نعمل بكل الوسائل على أن نتفوق فى كل الميادين – وبالذات فى ميدان الجو – على إسرائيل يجب أن نحشد كل الطاقات من أجل المعركة يجب أن نحشد الطاقات العسكرية والطاقات الاقتصادية يجب أن نحشد طاقات الأمة العربية.
الرئيس “نيكسون” بيقول: إن إسرائيل عايزة السلام وإن العرب عايزين الحرب من أجل الحرب وإن إسرائيل ما بترميش العرب فى البحر وأن العرب هم اللى عايزين يرموا إسرائيل فى البحر؛ ولهذا فقد قرر أن يبحث طلب إسرائيل للسلاح. ووزير خارجيته بيقول: إن فى مبادرة أمريكية – اللى هى النقط اللى أنا قلتها – عرضت على مصر وإسرائيل والأردن اللى وافقوا على قرار مجلس الأمن فإما يكون الرد إيجابياً وإما أن تعطى أمريكا الأسلحة التى طلبتها إسرائيل. نحن نقول: إننا لا نريد الحرب من أجل الحرب ولكن نريد تحقيق هدفنا تحرير كل الأراضى المحتلة وحقوق شعب فلسطين وان إسرائيل هى التى تعمل من أجل التوسع.
نحن حتى يكون موقفنا واضحاً لا غموض فيه أمام العالم كله وأمام الرئيس الأمريكى والشعب الأمريكى؛ أيضاً نقول أننا قبلنا بالمقترحات الأمريكية التى قدمها وزير الخارجية “روجرز” لنا؛ لأننا نعتقد أن هذه المقترحات ليس فيها جديد بل وافقنا عليها قبل ذلك ولكن إسرائيل هى التى رفضت كل هذه المقترحات التى جاءت فى قرار مجلس الأمن وعلينا أن ننظر إلى المستقبل لنرى ماذا سيكون عليه موقف أمريكا. ونقول إن أمريكا إذا استمرت فى سياستها بعد هذا؛ سياستها التى تعتمد على تزويد إسرائيل بالكميات الكبيرة من الأسلحة فإن الموقف سيكون موقفاً خطيراً وأن أمريكا تكون هى التى لا تريد السلام ولكن أمريكا تكون أرادت للأمة العربية أن تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلى وساعدت إسرائيل على احتلال أراضينا.
أيها الإخوة:
يجب أن تكون قوتنا فوق قوة العدو ونحن نعلن هذا الكلام ويجب أن نكون على استعداد للرد بالقوة على العدو ونحن نقول هذا الكلام ويجب أن نذكر دائماً – ونحن نبلغ الولايات المتحدة ردنا – أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ويجب من أجل تحقيق هذا الغرض أن نكون قادرين على العمل قادرين على التفكير مسلحين بأكبر قدر من الوعى واثقين بعمق من هدفنا مؤمنين بحقنا فيه مدركين أن صوت الحق هو صوت الله هذا أيضاً يساعدنا على أن نحشد كل طاقاتنا من أجل المعركة وهذا هو الواجب الرئيسى لهذا المؤتمر فى هذه الدورة. نحن نسير فى طريقنا فى العمل السياسى ونحن نسير فى طريقنا فى العمل العسكرى فإذا نجح العمل السياسى كان بها وإذا لم ينجح العمل السياسى فليس أمامنا نحن الشعب المصرى إلا أن نقاتل فى سبيل تحرير أراضينا والأراضى العربية المحتلة ونحن فى هذا نعتمد على أنفسنا نعتمد على الأمة العربية نعتمد أيضاً على أصدقائنا ونعتمد أساسا على الله الذى مكننا من أن نصمد هذه السنوات.
أيها الإخوة:
لقد مرت بنا أيام عصيبة وأقول إنها كانت عصيبة جداً ولا أستطيع أن أقول اليوم إن الأيام العصيبة قد انتهت أو أن نهايتها قريبة ولكنى أستطيع أن أقول إننا سنصمد.. هذا الشعب سيصمد.. كل هذا الشعب سيصمد؛ لأنه صمد فى أسوأ الظروف؛ صمد حينما فقدت قواته المسلحة كل أسلحتها وإن هذا الشعب رفض الهزيمة وصمم على العمل؛ لأن هذا الشعب العربى.. شعوب الأمة العربية كلها استطاعوا أن يحولوا الهزيمة إلى صمود وسيتمكن شعب هذه الأمة.. الشعب العربى – بإذن الله – من أن يحول الصمود إلى تحرير ونصر. وفقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
(بعد أن انتهى الرئيس من إلقاء خطابه أعلن اقتراحات اللجنة المركزية بشأن جدول أعمال الدورة الرابعة للمؤتمر القومى العام وخطة العمل فى هذه الدورة:)
أولاً: فيما يتعلق بجدول أعمال المؤتمر القومى العام فى دور انعقاده العادى الرابع وافقت اللجنة المركزية فى اجتماعها فى يوم الثلاثاء 14 من يوليو سنة 1970؛ على أن يتضمن الموضوعين الآتيين:
1- الموقف السياسى والعسكرى على ضوء الخطاب الافتتاحى.
2- تقرير اللجنة المركزية إلى المؤتمر فى دور انعقاده العادى الرابع وقد تقدمت اللجنة المركزية بناء على المادة 6 من النظام الداخلى للمؤتمر بتقريرها متضمناً جزئين الأول: عن العمل الوطنى فى المرحلة النضالية السابقة منذ انعقاد المؤتمر القومى العام فى دور انعقاده الثالث الثانى: عن زيادة الحشد من أجل المعركة.
وقد تم توزيع تقرير اللجنة المركزية على أعضاء المؤتمر كما وزعت التقارير التى أعدتها اللجان السبع الدائمة للجنة المركزية عن نشاطها ونشاط أجهزة الاتحاد خلال الفترة الماضية كملاحق لتقرير اللجنة المركزية.
ثانياً: وفيما يتعلق بخطة العمل فى المؤتمر فى هذه الدورة؛ فإن اللجنة المركزية بناءاً على المادة السابعة من النظام الداخلى للمؤتمر تقترح أن يسير العمل فى المؤتمر وفق الخطة الآتية:
1- تجرى مناقشة الموضوعات الواردة فى جدول الأعمال فى اجتماعات لجان المؤتمر.
2- يشكل المؤتمر سبع لجان مقابلة للجان السبع الدائمة فى اللجنة المركزية وهى: لجنة الشئون السياسية لجنة الصناعة لجنة الزراعة لجنة الشئون الداخلية لجنة الشئون الاقتصادية لجنة الثقافة لجنة شئون التنظيم.
3- تبدأ اللجان السبع اجتماعاتها لمناقشة الموضوعات الواردة فى جدول الأعمال فى الساعة العاشرة من صباح غد الجمعة؛ 24 يوليو برئاسة السادة أمناء اللجان الدائمة فى اللجنة المركزية ومعهم السادة مقرروا اللجان الفرعية.
4- يعود المؤتمر إلى الانعقاد فى اجتماع عام الساعة السابعة والنصف من مساء نفس اليوم – الجمعة 24 يوليو – ليستمع إلى السيدين وزير الخارجية ووزير الحربية؛ حيث يقدمان تقريرين عن الموقف السياسى والعسكرى ويجيبان على الأسئلة والاستفسارات التى يوجهها السادة أعضاء المؤتمر.
والحقيقة أنا عايز أعمل تعديل بالنسبة لهذا الموضوع على أساس أن المؤتمر يعود إلى الانعقاد العام فى اجتماع عام الساعة 7.30 يوم الجمعة 24 يوليو؛ ليجيب الرئيس على أسئلة أعضاء المؤتمر بالنسبة للموقف السياسى والموقف العسكرى فى جلسة مفتوحة. وأعتقد أنه قد يكون هناك كثير من الأسئلة يجب علينا ان احنا نبحثها ويجب علينا أيضاً ان احنا نشرك معانا الرأى العام فى بحثها؛ ولهذا باقترح أن تكون الجلسة مذاعة.
بعد كده تعود لجان المؤتمر إلى الانعقاد فى الساعة العاشرة من صباح يوم السبت الموافق 25 يوليو لاستئناف مناقشتها والانتهاء من إعداد تقاريرها فى موعد غايته عصر اليوم ذاته وتسلم التقارير مباشرة إلى أمانة المؤتمر.
5- تشكل لجنة صياغة بيان المؤتمر وقراراته من أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر ومقررى اللجان الفرعية للجان الدائمة للجنة المركزية وأمين المؤتمر؛ برئاسة السيد الدكتور لبيب شقير – عضو اللجنة التنفيذية العليا – وتجتمع هذه اللجنة مساء يوم السبت 25 يوليو لإعداد مشروع بيان المؤتمر وقراراته.
6- يعود المؤتمر القومى العام إلى الانعقاد فى اجتماع عام الساعة 7.30 مساء يوم الأحد 26 يوليو؛ لإعلان بيان المؤتمر وقراراته واختتام الدورة.
هذا ما تقترحه اللجنة المركزية فى شأن جدول الأعمال وخطة العمل فى المؤتمر فى هذه الدورة فهل توافقون على هذه الاقتراحات؟ اللى يوافق يرفع إيده.. موافقة.
يبقى فاضل نقطة واحدة بالنسبة للأسئلة.. أرجو من ممثلى كل محافظة أن يجتمعوا مع بعض علشان الأسئلة ما تتكررش ويجهزوا الأسئلة مكتوبة عندنا الليلة وعندنا بكرة لغاية الظهر تسلم الأسئلة للسيد لبيب شقير أو للسيد الأمين العام بكره ستنعقد جلسة الساعة 7.30 للإجابة على هذه الأسئلة. أرجو لكم التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول ..
خطاب لعبد الناصر بعد النكسة
23 يوليو 1967
أيها الإخوة المواطنون:
يجىء إلينا هذا العيد الخامس عشر لثورة يوليو سنة 1952 ونحن نعيش فى أزمة لا نغالى إذا قلنا أنها من أقسى ما واجهناه فى تاريخ عملنا الثورى. لم يكن عملنا فى يوم من الأيام سهلاً ولا هيناً فلقد كان علينا دائماً أن نواجه ألوان المخاطر السياسية والاقتصادية والعسكرية وكان كل انتصار حققناه نتيجة لمشاق ومصاعب صبرنا عليها وتحملنا أعباءها.
لم يكن قيام شعبنا بالثورة – يوم 23 يوليو – سهلاً أو هيناً وجيش الاحتلال البريطانى يحتل أرض الوطن منذ أكثر من 70 عاماً ويحكم بالتحالف مع الإقطاع ورأس المال معتمدين جميعاً على 80 ألف جندى بريطانى فى منطقة قناة السويس.
ولم يكن تصدى شعبنا لسياسة الأحلاف وسيطرة مناطظىق النفوذ التى أريد فرضها عليه سهلاً أو هيناً فى وقت لم تكن حركة التحرير الوطنى قد قطعت فيه ما قطعته الآن على طريق الاستقلال ورفض التبعية. ولم يكن قبول شعبنا لتحدى بناء السد العالى سهلاً أو هيناً فى وجه صلافة أمريكية أرادت – وهى تسحب عرضاً غربياً بالمساهمة فى تمويل السد العالى – أن تسىء إلى الاقتصاد المصرى وأن تصور هذا الشعب وكأنه مفلس غير قادر على تحمل مسئوليات مثل هذا البناء الذى لا يعرف له فى العالم نظير بل وأرادت بهذه الصلافة أن تصل إلى حد تضييع ثقة هذا الشعب بنفسه وإسقاط نظامه الثورى.
ولم يكن تحمل شعبنا الأهوال فى معركة السويس سهلاً أو هيناً فقد شاركت فى العدوان عليه سنة 1956 ثلاث دول بينها اثنتان من الدول العظمى استعملت فى عدوانها تلك القاعدة التى خلقها الاستعمار وزرعها فى قلب الوطن العربى لتقوم دائماً بدورها فى تهديده وإرهابه ظاهرة مرة وخفية مرة أخرى.
ولم يكن تقدم شعبنا إلى عملية بناء الاشتراكية والتطلع إلى آفاق الكفاية والعدل والنضال من أجل زيادة قاعدة الثروة الوطنية بعملية التصنيع الهائلة بعملية استصلاح الأرض الواسعة بعملية تغطية البلاد كلها بالكهرباء واسترداد كل المصالح الأجنبية وكسر الاحتكار وسيطرة رأس المال والإقطاع وتوزيع الأرض وخدمات التعليم والصحة والتأمينات والاشتراك فى الإدارة والأرباح.
كل هذا – أيها الإخوة – لم يكن سهلاً وهيناً فى هذا الوطن الذى كانت فيه المصالح الأجنبية والإقطاعية تسيطر على مقدراته ولا فى قلب هذا العالم العربى الذى تسيطر عليه المصالح الأجنبية والإقطاعية وما يحدث فى وطننا له صداه فى عالمنا العربى كله أردنا ذلك الصدى أو لم نرده. ولم يكن رضا شعبنا بمسئوليات التضامن العربى ووحدة النضال ووحدة المصير سهلاً أو هيناً فلقد واجهنا ضمن هذه المسئوليات وقوفنا إزاء محاولة غزو سوريا سنة 1957 وقبولنا بتبعات الوحدة وتبعات الانفصال ووقوفنا إزاء محاولة ضرب الثورة العراقية سنة 1958 وصمودنا وراء الثورة الجزائرية من سنة 1954 إلى سنة 1962 وانتصارنا إلى جانب الثورة اليمنية وتأييدنا لثورة الجنوب العربى حتى أخر مشكلة واجهناها ومازلنا نواجهها وقد كانت بدايتها محاولة لغزو سوريا.
لم يكن عملنا فى يوم من الأيام – أيها الإخوة – سهلاً أو هيناً فطريق النضال مخاطر وطريق النصر تضحيات وطريق الآمال الكبرى بذل كبير وإلا فإن الشعوب ترضى على نفسها بالجمود وتقبل التخلف؛ لأنها لا تستطيع أن تتحرك ولا تقبل بالمخاطرة ولا تقبل على الحياة بحلوها ومرها. إن الذين لا يتحركون ليس من حقهم أن ينتظروا التقدم والذين لا يقبلون بالمسئوليات ليس من حقهم أن يتطلعوا إلى الآمال والذين لا يخاطرون يقعون من الخوف أسرى للخوف نفسه وليس ذلك شأن الشعوب الحية ولا هى طبيعتها ولا هو طريقها. ولقد قلت إن هذه الأزمة التى نواجهها اليوم هى من أقسى ما واجهناه فى تاريخ عملنا الثورى لأكثر من سبب؛ منها أن هذه الأزمة التى نواجهها وإن لم تكن أخطر ما واجهناه وأصعبه فهى على وجه التأكيد من أخبث ما لقيناه وأكثر لؤماً ذلك أن الاستعمار استفاد – ويجب أن نعترف بذلك – من كل مواجهاته معنا ومع غيرنا من الشعوب التى كثر تعرضها لغاراته.
إن الاستعمار لم يواجهنا فى هذه المرة صراحة كما فعل فى سنة 1956؛ وإنما بذل جهداً لابد أن نسلم ببراعته فى إخفاء دوره وفى تغطية تواطئه ولعله فى النهاية لم يترك شيئاً يدل عليه غير بصمات أصابعه ولكن ذلك شىء والإمساك به متلبساً كما فعلنا فى سنة 1956 شىء آخر.
ومن هذه الأسباب أيضاً أنه ربما كان هذا أول عيد للثورة يجىء ليجد وطننا وهو مازال وسط المؤامرة الضارية ومع شجاعته وإصراره على مواجهتها فإنه مما لاشك فيه أن شعبنا يشعر فى نفس الوقت بأحزان وآلام مضنية. ولعل الله عز وجل – أيها الإخوة – أراد أن يضعنا موضع الامتحان ليرى هل نستحق ما أنجزناه وهل نحن قادرون على حمايته وهل نملك شجاعة الصبر والصمود أمام المحنة. ولعل الله عز وجل – أيها الإخوة – أراده أيضاً درساً لنا يعلمنا مالم نكن قد تعلمناه ويذكرنا ببعض ما يمكن أن نكون قد نسيناه ويطهر نفوسنا من شوائب لحقت بنا وعيوب يجب أن نتلافاها ونحن نبنى مجتمعنا الجديد. ومهما تكن إرادته عز وجل فإننا نقبل امتحانه باعتباره قدرنا ونحن ثقة مطلقة فى أنه معنا يرعى جهادنا إذا خرجنا للجهاد وينصرنا إذا عقدنا العزم على النصر ويفتح طريق الحق أمامنا إذا استطعنا أن نضع أنفسنا على الطريق القويم.
أيها الإخوة المواطنون:
لا أريد أن أعود بكم مرة أخرى إلى الظروف التى مهدت لهذه الأزمة والتى صنعتها فلقد سبق أن شرحت لكم بعضها من قبل فى حديثى إلى الأمة يوم 9 يونيو فى أعقاب النكسة مباشرة وكذلك لأنى أدرك – ويجب أن ندرك جميعاً – أن ما جرى قد جرى ولا فائدة من الوقوف عنده والبكاء على أطلاله وأهم منه الآن أن نتعلم منه درسه وعبرته وأن نتجاوز النكسة ونرتفع فوقها ونواصل طريقنا بالنصر إلى آمالنا.
(الرئيس يوجه كلامه للجمهور قائلاً: مش عايزين هتافات للأخر) ومع ذلك فإنى أرى أنه لابد من الوقوف أمام بعض المسائل الهامة لكى يكون أمامنا جميعاً أكبر قدر ممكن من الوضوح:
المسألة الأولى التى يجب أن تكون واضحة أمامنا جميعاً أننا لم نكن البادئين بتأزيم الموقف فى الشرق الأوسط. كلنا نعرف أن هذه الأزمة بدأت بمحاولة إسرائيل غزو سوريا من المؤكد لنا جمعياً أن إسرائيل فى هذه المحاولة ماكانتش بتعمل لحسابها وإنما كانت تعمل أيضاً لحساب القوى التى ضاقت ذرعاً بحركة الثورة العربية. المعلومات التى جات لنا عن غزو سوريا كانت من مصادر متعددة: كانت هناك معلومات إخواننا السوريين بأن إسرائيل قد حشدت أمامهم 18 لواء وقمنا احنا بتحقيق هذه المعلومات وتأكد لنا أن إسرائيل تحشد أمام سوريا مالا يقل عن 13 لواء والوفد البرلمانى بتاعنا كان فى زيارة لموسكو برئاسة السيد أنور السادات وقام الأصدقاء السوفييت فى هذا الوقت بإبلاغ السيد أنور السادات بأن غزو سوريا وشيك.
كنا نعمل إيه؟ كنا نستطيع أن نسكت وكنا نستطيع أن ننتظر وكنا نستطيع أن نكتفى بإصدار البيانات الإنشائية والتأييد بالبرقيات ولكن هذا الوطن إذا قبل التصرف على هذا النحو كان يتخلى عن رسالته وعن دوره بل وعن شخصيته. كانت بيننا وبين سوريا اتفاقية للدفاع المشترك ونحن لا نعتبر اتفاقياتنا مع شعوب أمتنا العربية أو مع غيرها حبراً على ورق ولكننا نقدس هذه الاتفاقيات ونعتبرها شرفاً والتزاماً وكانت بيننا وبين سوريا – كما كان بيننا وبين أى شعب عربى وكما سيكون بيننا وبين كل شعب عربى – ما هو أبقى وأكبر من الاتفاقيات والمعاهدات كان هناك – وسوف يكون هناك دائماً – إيمان بالنضال المشترك وبالمصير المشترك؛ ولذلك فقد كان محتماً علينا أن نتحرك عملياً لمواجهة الخطر على سوريا خصوصاً وأن تصريحات القادة السياسيين والعسكريين لإسرائيل فى هذا الوقت وتهديداتهم العلنية لسوريا – قد أشارت إليها الصحافة وأشير إليها صراحة فى الأمم المتحدة – لم تترك لأحد فرصة الشك فى أى معلومات وبهذا أيضاً لم تترك لأحد فرصة الانتظار أو التردد.
المسألة الثانية: أننا عندما قررنا التحرك نتجت عن تحركنا أثار عملية أول حاجة إننا طلبنا سحب قوة الطوارئ بعدين أعدنا تطبيق حقوق السيادة المصرية على خليج العقبة وكان ذلك من الأمور التى ألح عليها إخواننا العرب دائماً وطالبونا بها ومن الطبيعى كانت لهذه الآثار نتائج كبيرة فى المنطقة وفى العالم.
المسألة الثالثة: أننا بتحركنا وأخدنا المبادأة لدفع الخطر عن سوريا كنا ندرك أننا خصوصاً من وجهة نظر دولية أن نبدأ الضربة الأولى فى معركة مسلحة ولو كنا فعلنا ذلك لكنا عرضنا أنفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان فى مقدورنا احتماله. ولقد كان أول ما سوف نواجهه هو عمل عسكرى أمريكى مباشر ضدنا يجد الحجة والعذر من أننا أطلقنا الرصاصة الأولى فى المعركة.
وأريد فى هذا الصدد أن ألفت نظركم إلى نقاط هامة:
أول نقطة: التحذيرات الأمريكية ويمكن قريتم عن هذه التحذيرات الأمريكية ولكن مستشار الرئيس الأمريكى “جونسون” طلب سفيرنا فى وقت متأخر من الليل فى واشنطن وقال له إن فيه معلومات عند إسرائيل إنكم حتهجموا وقال إن دا يعرضنا لوضع خطير وناشدنا ضبط النفس وقالوا إنهم أيضاً يعملوا نفس الشىء مع إسرائيل من أجل ضبط النفس والرسائل اللى جات لنا من الرئيس الأمريكى “جونسون” اللى بيتكلم فيها على الأمم المتحدة ويناشدنا فيها ضبط النفس.
النقطة الثانية: أيضاً يمكن اتكلمت عليها قبل كده إن السفير الروسى أيضاً فى اليوم التالى طلب مقابلتى وبلغنى رسالة من رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى يطلب منا فيها ضبط النفس وحيبلغنى رسالة بعتها لرئيس وزراء إسرائيل ويقول فى رسالته إن أى عمل من ناحيتنا بيعرض العالم لأخطار كبيرة.
النقطة الثالثة: المجتمع الدولى كله كان يعارض البدء بالحرب وكان حديث الرئيس الفرنسى “الجنرال ديجول” واضح فى أن فرنسا سوف تبنى موقفها على أساس من يبدأ بإطلاق الرصاصة الأولى.
المسألة الرابعة: إننا تعرضنا لخديعة دبلوماسية.. لعملية تضليل سياسى خطيرة لم نتصور أن تقدم عليها دولة كبرى أو قوة كبرى الخديعة السياسية كانت من أمريكا خطابات الرئيس الأمريكى ومناشدات الرئيس الأمريكى وطلبوا منا ان احنا نتعاون مع السكرتير العام للأمم المتحدة وكلامه أنه مستعد يبعت نائب الرئيس وأنه مستعد يبحث معانا كل الأمور والوسائل التى تخرج العالم كله من الأزمة.
جا الأمين العام للأمم المتحدة تعاونا مع الأمين العام للأمم المتحدة إلى أقصى حد طلب منا مهلة واحنا وافقنا بالنسبة لخليج العقبة وقال إنه هو عايز هذه المهلة لكل الناس علشان تستطيع أن تتنفس وتتدبر أمورها.
النقطة الأولى: إن مافيش سفن إسرائيلية تمر فى القناة ومافيش شحنات استراتيجية أيضاً لإسرائيل تمر بالقناة وفى نفس الوقت احنا ما نمارسش عملية التفتيش. قبلنا هذا الموضوع اعتبرناه حل من السكرتير العام للأمم المتحدة؛ بحيث يدى مهلة للوقت للجميع ليبحثوا الموضوع.
بعد كده وصل مبعوث للرئيس الأمريكى هنا واتكلم المبعوث على أساس ان أحد نواب الرئيس يسافر إلى أمريكا وأنا وافقت على الفكرة على أساس أنه يقابل الرئيس “جونسون” ويشرح له موقفنا وبعت بعد كده للرئيس الأمريكى رسالة وقلت له: ان احنا بنرحب بزيارة نائب الرئيس الأمريكى ولكنى فى نفس الوقت مستعد ان أنا أبعت نائب الرئيس زكريا محيى الدين إلى واشنطن علشان يقابلك ويشرح لك وجهة النظر العربية. طبعاً فى اليوم التالى جالى الرد إنهم يرحبوا بسفر زكريا محى الدين إلى واشنطن لمقابلة الرئيس الأمريكى وطلبوا مننا تحديد الموعد حددنا الموعد يوم التلات 6 يونيو وكلنا نعرف إن العدوان بدأ يوم الأثنين 5 يونيو.
معنى دا إيه: معناه أن كان فيه نشاط سياسى ودبلوماسى واسع المدى وكان يحق لنا معه أن نتصور أن الانفجار لن يجىء سريعاً.
المسألة الخامسة: مع ذلك.. وبرغم ذلك كنا غير مطمئنين لهذا كله وكنا ندرك أن شيئاً يدبر وأنه لن يتأخر وكان باين إن فيه حاجة تدبر ضدنا والحقيقة أنا فى إحساسى كنت أشعر دائماً من سنتين إن فيه شىء سيدبر ضدنا من أيام قطع المعونة الأمريكية ومن أيام التهديدات اللى وجهتها لنا أمريكا بان احنا لا نسلح جيشنا ولا نكبر جيشنا ولا نسير فى التطوير الفنى أو العسكرى.
لما حشدنا القوات فى تقديرى كان احتمال الحرب بالنسبة لى 20% وقبل غلق خليج العقبة عملنا اجتماع للجنة التنفيذية العليا وكان هذا الاجتماع عندى فى البيت وبحثنا موضوع غلق خليج العقبة الاجتماع دا كان يوم 22 مايو وقلت لهم فى هذا الاجتماع إن احتمالات الحرب 50% وفى اجتماع آخر قلت إن احتمالات الحرب 80%.. فى اجتماعنا فى اللجنة التنفيذية العليا كلنا كان من الواضح إن عملنا عمل دفاعى وأننا لن نقوم بالهجوم إلا إذا حصل عدوان على سوريا وإننا بنكون على وضع الاستعداد فى هذا الاجتماع ماحدش أبداً اتكلم على الهجوم على إسرائيل وماكانش فيه أبداً أى فكرة ان احنا حنقوم بعمل هجومى على إسرائيل.
وزى ما وضحت من الأول ان كان باين من كل تحليلاتنا إن أى عمل هجومى على إسرائيل حيعرضنا لمخاطر كبيرة.. أول هذه المخاطر هجوم أمريكى علينا نظراً للتصريحات اللى أعلنتها أمريكا وقالت فيها إنها تضمن حدود الدول فى هذه المنطقة وكان باين لنا إن أمريكا أما بتقول أنها تضمن حدود الدول فى هذه المنطقة ولا تسمح بأى تغيرات هذه المنطقة ماكانتش أمريكا تقصد بهذا أبداً الدول العربية ولكن أمريكا تقصد بهذا إسرائيل كانت تقصد إن إذا حصل عدوان على إسرائيل إن أمريكا حتنفذ التصريح اللى قاله الرئيس “كيندى” قبل كده إن أمريكا تضمن جميع الحدود فى هذه المنطقة. على هذا الأساس ماكانش فيه أبداً أى بحث عن موضوع البدء بالهجوم على إسرائيل ولكن عمليتنا كلها فى القيادة المشتركة كانت عملية دفاعية وكان حشدنا فى تقديرنا فى هذا الوقت هى عملية ردع حتى لا تقوم إسرائيل بالعدوان على سوريا.
فى يوم 23 مايو أعلنا إغلاق خليج العقبة بالنسبة للسفن الإسرائيلية بعد كده بالتغييرات السياسية التى تمت فى إسرائيل فى بداية شهر يوينو ومع متابعتنا لما يجرى هناك أصبح احتمال الحرب 100%.
معنى هذا إيه: معناه ان احنا ماكناش أبداً مطمئنين لكل العمليات الدبلوماسية والسياسية اللى بتعملها أمريكا وكنا أيضا ندرك إن فيه شىء يدبر وان هذا الشىء لن يتأخر. يوم الجمعة – 2 يونيو – ذهبت بنفسى إلى القيادة العليا للقوات المسلحة وحضرت اجتماع حضره كل المسئولين العسكريين الكبار فى القوات المسلحة أبديت فى هذا الاجتماع وجهة نظرى قبل ما أسمع شرحهم للموقف وقلت فى هذا الاجتماع يوم الجمعة – 2 يونيو – أنه لابد لنا أن نتوقع ضربة من العدو فى خلال 48 ساعة إلى 72 ساعة لا تتأخر عنها أبداً؛ على أساس كل ما كانت تشير به دلائل الحوداث والتطورات وقلت أيضاً فى هذا الاجتماع إننى أتوقع ان يكون العدوان يوم الاثنين 5 يونيو وإن الضربة الأولى ستوجه إلى قواتنا الجوية وكان موجود فى الاجتماع قائد الجوية معنى هذا إيه؟ معناه أن احنا ماكناش مستهينين بالموقف نتيجة كل عمليات الدبلوماسية والاتصالات وإرسال الأمين العام للأمم المتحدة وموافقة “جونسون” على إن زكريا محيى الدين يروح ولكن كان من الواضح جداً لأى حسبة سياسية إن إسرائيل لابد أن تقوم بعمل عسكرى؛ خصوصاً بعد تحرك القوات العراقية أيضاً بعد ما دخلت الأردن ضمن اتفاقيات الدفاع المشترك.
وبعدين المسألة السادسة: بعد ما حدث أنه من الضرورى أن نسلم بأمانة وكرامة أن المعركة المسلحة لم تسر كما كنا نتوقع وكما كنا نتمنى ولقد جاءت مصدقة للحكمة القائلة بأنه لا يغنى حذر من قدر ولست أريد الآن أن أتحدث عن الأسباب ولا أرضى لنفسى ولهذا الشعب أن نقوم والمعركة مازالت مستمرة بتوزيع المسئوليات هذا موضوع يملكه تاريخ شعبنا ونضاله ولكنى أستطيع أن أقول راضياً وبطيب خاطر وبضمير مستعد للحساب فى أى وقت أنه مهما كان ويكون؛ فإن المسئولية أولاً وأخيراً يجب أن تقع على (الجمهور يعترض ويقول لا ياريس).. وأنا قولت هذا الكلام فى خطابى (الجمهور يصفق معترضاً) ماعلش ولقد قلت ذلك فى خطابى إلى الأمة فى يوم 9 يونيو الماضى وأقوله الآن وسوف أظل أقوله متحملاً بجميع نتائجه راضياً بأى حكم يترتب على ذلك ولقد كان هذا دافعى فى حقيقة الأمر إلى قرار التنحى فى 9 يونيو كنت أريد أن أتحمل المسئولية وأمضى وكنت أريد أن يعرف أعداء الشعب المصرى وأعداء الأمة العربية أن المسألة ليست عبد الناصر ولا مطامع عبد الناصر كما يقولون.
إن نضال الشعب المصرى بدأ قبل عبد الناصر وسوف يمضى بعد عبد الناصر والأمة العربية سعت إلى وحدتها قبل عبد الناصر وستسعى بعد عبد الناصر ولقد كنت أقول دائماً ومازلت أقول: أننى لست قائد هذا الشعب وقصارى ما يمكن أن أتمناه لنفسى من شرف أن أكون تعبيراً عنه فى مرحلة معينة من نضاله المستمر قبل أى فرد وبعد أى فرد.
المسألة السابعة: تتعلق بالدور الأمريكى.. الكثير من الدور اللى لعبته أمريكا مازال غامضاً والقليل منه هو الذى نعرفه حرب سنة 56 أسرارها كلها ما اتعرفتش إلا السنة اللى فاتت.. اتنشرت السنة اللى فاتت بعد 10 سنين حرب سنه 67 مش حنقدر نعرف أسرارها كلها دلوقت حنعرف أسرارها بعد سنوات ولكن أمريكا لعبت دور فى هذا العدوان الكثير من هذا الدور مازال غامض ولكن فيه بعض حاجات عرفناها فيه أسئلة كتيرة فيه اللى عرفناه إيه معنى الدور السياسى والدبلوماسى اللى قامت به الولايات المتحدة الأمريكية قبل المعركة؟ الجوابات وطلب ضبط النفس وتهديدنا بأن أى عمل متناقض يعرض المنطقة كلها للمخاطر وعرضت إرسال نائب الرئيس الأمريكى إلينا للكلام فى الموضوع والموافقة على سفر زكريا محيى الدين إلى واشنطن لمقابله “جونسون” للكلام فى الموضوع ومحاولة الوصول إلى حل كل دا حصل قبل المعركة كان خديعة!! خديعة لحساب مين؟ علينا أن نتسائل طبعاً خديعة لحساب العدوان الإسرائيلى الاستعمارى خديعة لحساب خطة أمريكية وضعت ودبرت لنا وباقول من سنتين الغرض منها القضاء على الأنظمة الثورية الحرة اللى ما بتسمعش كلام الدول الكبرى واللى ما بترضاش تقعد فى مناطق النفوذ.
إيه معنى الدور اللى قام به الأسطول السادس فى الأيام القليلة السابقة فى المعركة قرب شواطئنا وقرب حدودنا؟ إيه الأسلحة اللى شحنت إلى إسرائيل فى فترة ما بين الأزمة إلى يوم العدوان؟ إيه عدد الطيارات اللى وصلتها؟ ما هو عدد المتطوعين من الطيارين؟ ما هو التفسير لقوة الطيران الضخمة على الجبهات العربية جميعاً؟ كانوا بيهاجمونا فى مصر وبيهاجموا الأردن وفى نفس الوقت بيهاجموا سوريا وفى نفس الوقت بيبعتوا طيارات تهاجم مطارات العراق. ليلة 7 يونيو اتصل بى الملك حسين بالتليفون الصبح قرب الفجر وقال لى: إن فيه 400 طيارة بتهاجم الجبهة الأردنية وأن أجهزه الرادار اللى عنده تبين هذا العدد الكبير من الطيارات.
منين جات هذه الطيارات؟ ما هو التفسير لدور باخرة التجسس الأمريكية “ليبرتى”؟ كلكم قريتم فى الجرايد إن كان فى قرب مياهنا الإقليمية أو حتى داخل مياهنا الإقليمية مركب أمريكانى اسمها “ليبرتى” وإن الإسرائيليين افتكروها مركب مصرى وبعتوا لها قوارب طوربيد ضربتها وقتل فى هذا الهجوم 34 ضابط وبحار من رجال الباخرة الأمريكية “ليبرتى” لحساب مين المركب دى كانت بتشتغل بما عليها من أجهزة علمية؟! اتقال إن المركب دى بتحل شفرات العمليات واتقال إنها بتتبعت لأمريكا واتقال إنها بعد كده بتتبعت لإسرائيل وطبعاً الإرسال باللاسلكى عملية سريعة أو بتتبعت لسفارات أمريكية فى المنطقة. طب وإيه اللى كان حصل لو كانت قوارب الطوربيد بتاعتنا هى اللى ضربت الباخرة الأمريكية “ليبرتى”؟ كانوا عملوا إيه الأمريكان لما ضربوهم الإسرائيليين! لملموا نفسهم وغطوا الحكاية وطلعوا على مالطة علشان يصلحوا المركب لو كنا احنا اللى ضربنا المركب الأمريكانى كانوا الأمريكان ادونا إنذار ان احنا ما احناش مستعمرة أمريكية ولا رأس جسر للاستعمار ولا داخل مناطق النفوذ الأمريكى وهناك سؤال آخر ليه كانت هناك طائرات أمريكية فوق جبهتنا؟
يوم الأربعاء 7 يونيو شوهدت طائرتان بالعلامات الأمريكية فوق خطوطنا.. فى أول الأمر لم أصدق ولكن المعلومات كانت مؤكدة وبعدين أذعنا بيان وقلنا ان فيه طيارات أمريكية طارت فوق خطوطنا وفوق الجبهة وقلنا ان احنا بنعتقد بهذا إن الأمريكان مشتركين فى العملية وقلنا على الطيارات اللى كانت بتهاجم الأردن وقلنا إن هناك هجوم بالطيران غير إسرائيلى على الأردن وأذعنا بيان وذكرنا فى البيان تفاصيل الطيارتين اللى شفناهم مارين.
بالليل جاتنى رسالة من الرئيس “جونسون” وطلب… اتصل هو بالرئيس السوفيتى وطلب منه إنهم يبعتوا لنا رسالة؛ لأن احنا ماكانش لنا علاقة بهذا الوقت معاهم وقال إن حقيقى كان فيه طيارتين أمريكانى فوق خطوطنا ولكن الطيارتين دول كانوا رايحين لنجدة الباخرة “ليبرتى” باخرة التجسس.
السؤال: هل كانت هناك طائرات أمريكية أخرى؟ السؤال التانى: هل كان ممكن أن يعترفوا لو ماكناش أذعنا البيان؟ دى الأسئلة الحقيقة الواحد بيسألها لنفسه بالنسبة للحاجات اللى يعرفها ما هو تفسير الموقف الأمريكى فى الأمم المتحدة وبعد انتهاء العمليات؟ إيه الموقف الأمريكى فى الأمم المتحدة وبعد انتهاء العمليات؟
الموقف الأمريكى فى الأمم المتحدة وبعد انتهاء العمليات يتبنى كلية وجهة نظر إسرائيل الموقف الأمريكى فى الأمم المتحدة معناه استسلام العرب بلا قيد ولا شرط.. دا الموقف الأمريكى فى الأمم المتحدة بعد انتهاء العمليات يعنى إيه هذا الموقف؟ فيه فرق مخيف بين موقفين أمريكيين موقف سنة 1956 حين فوجئت أمريكا بالعدوان الثلاثى ضدنا وموقف سنة 1967 حين لم تفاجأ أمريكا سنة 56 فوجئت بالعدوان الثلاثى ضدنا أمريكا سنة 67 رغم الرسائل ورغم الموافقة على إرسال زكريا محيى الدين لم تفاجأ بالعدوان الإسرائيلى ضدنا حين فوجئت أمريكا وقفت موقفاً حازماً من العدوان وطالبت بوقفه وبانسحاب القوات المعتدية وحين لم تفاجأ أمريكا كانت مع العدوان وأيدت العدوان وضغطت على كل دولة تملك عليها أى نوع من التأثير؛ حتى كانت النتيجة ما رأيناه من فشل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
من الأكيد ان أمريكا لم تفاجأ والقصص ابتدت تتقال والصحف الأمريكية هذه الأيام مليانة بأنباء تقول إن الموضوع مثار مناقشات على أعلى المستويات فى أمريكا. اتقال فى الصحف الأمريكية واتقال فى مقال فى مجلة “لايف” الأمريكية إن إسرائيل عرضت على الرئيس الأمريكى رأيها فى أن تقوم بالهجوم وقالت إنها تشعر بالتفوق واتقال أيضاً فى الصحف الأمريكية إن الرئيس الأمريكى أخد رأى رئيس الأركان الأمريكى وأخد رأى مدير المخابرات الأمريكى وإنهم وافقوا؛ وبهذا صرح لإسرائيل وسمح لإسرائيل إنها تقوم بالهجوم وتقوم بالعدوان وفى نفس الوقت أخدت إسرائيل ضمانات من أمريكا بأن إذا العرب دخلوا إسرائيل يتصدى لهم الأسطول السادس إذا إسرائيل دخلت البلاد العربية أمريكا ستساند إسرائيل. نشر هذا الكلام فى الجرايد ونشر هذا الكلام فى الصحف و”أشكول” قال – رئيس وزراء إسرائيل – انه يشكر الرئيس الأمريكى؛ لأن الرئيس الأمريكى قال له إن الأسطول السادس موجود علشانكم وموجود علشان يساعدكم وإن رد عليه بدلال على الرئيس الأمريكى وقال له إن أنا أخاف فى الوقت اللى احنا قد نكون فيه معرضين للخطر تكون مشغول بمسائل فيتنام أو تكون فى اجازة نهاية الأسبوع فى المزرعة بتعاتك فى “تكساس” ولكن الرئيس الأمريكى أكد له وطمأنه على أن الأسطول السادس حيحميهم إذا دخل عرب داخل الحدود الإسرائيلية.
المقالات دى.. الكلام دا كله طلع فى الجرايد والحكايات دى كلها طلعت فى الصحف.. إذن أمريكا لم تفاجأ بالعدوان.. إذن كان هناك تواطؤ بين أمريكا وإسرائيل. دى كلها الحقيقة موضوعات الواحد يسأل نفسه فيها وطبعاً مافيش جواب مقنع الا ان أمريكا تواطأت مع إسرائيل وأمريكا اللى أعلنت قبل الحرب أنها متمسكة بتصريح “كيندى” اللى يضمن الحدود فى كل هذه المنطقة لم تكن تعنى بهذا الحدود العربية ولكنها كانت تعنى بهذا حدود إسرائيل وأمريكا طمنت إسرائيل على حدودها ولكن أباحت لإسرائيل أن تنتهك حرمة الأراضى العربية وأمريكا طلبت مننا ان احنا نضبط نفسنا وان احنا ندى فرصة للتنفس وفى نفس الوقت سمحت لإسرائيل بالعدوان.
أنا قلت قبل بدء القتال نحن لا نريد أن نكون فى حرب مع أمريكا فيه بعض الناس يمكن اخذوا على فى المؤتمر الصحفى اللى قلته قبل المعركة وقبل القتال إننى كررت أكثر من مرة إن أمريكا أقوى وأغنى دولة فى العالم ودا أمر صحيح لا يجدى إنكاره. المواقف السياسية لا يمكن أن تبنى على الأوهام أو على خداع النفس؛ و إنما تبنى على الحقائق وحينما أقول أننا لا نريد ولا نقدر على حرب مع أمريكا فأنا مش شايف إن فى هذا عيب ولا فيه ضرر لا نريد ولا نقدر أن نحارب أمريكا ولكن ذلك لا يمكن أن ينزع منا تصميمنا على الحرية ولا يمكن أن ينزع إرادة الثورة فينا ولا يمكن أن ينزع أملنا فى مستقبل نبنيه وفق مشيئتنا ومصالح شعبنا مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط ومهما بلغت أمريكا فى طغيانها ضد حركة التحرر الوطنى والثورة الوطنية.
من سنتين جالى قابلنى وكيل الخارجية الأمريكية ومعاه رسالة من “جونسون” وقال لى بما أنكم ما قبلتوش الحاجات اللى احنا طلبناها منكم قبل كده – حق التفتيش – وأنا قلت لكم القصة دى قبل كده كانوا طلبوا حق التفتيش عندنا بالنسبة للأعمال الذرية حق التفتيش بالنسبة للصواريخ وتحديد الجيش المصرى بحد معين واحنا كنا رفضنا هذا وقلنا لا يحق لأمريكا أن يكون لها حق التفتيش.
جالى “تالبوت” وكيل وزارة الخارجية الأمريكية وقال لى بما أنكم رفضتم هذا فاحنا شايفين إننا فى حل ندى إسرائيل ما تطلبه من السلاح وإنكم إذا شهرتم بنا وقلتم ان احنا بندى إسرائيل سلاح حنديها سلاح أكتر فأنا قلت له وأنتم إذا اديتم إسرائيل سلاح احنا أيضاً حنشترى سلاح ولا يمكن ان احنا نترك العملية بهذا الشكل.
فى الوقت دا هم قرروا يدوا إسرائيل أعداد من الدبابات وأعداد من الطيارات يمكن أعلنوا هم فى الأعداد اللى أعلنوها شىء والشىء اللى ادوه لإسرائيل شىء آخر.
دا كان تهديد من أمريكا وكان تهديد واضح إنهم حيدوا إسرائيل ويساعدوا إسرائيل ويعاونوا إسرائيل إذا لم نقبل نحن حق التفتيش ونقبل طلباتهم فى تحديد الجيش المصرى بعدد معين وسلاح معين.
أيها الإخوة:
دى بعض الظروف وبعض ملابسات ما حدث وهى ظروف وملابسات حينكشف الكتير منها مع مستقبل الأيام لكن المهم كما قلت أن ما جرى قد جرى لا نستطيع إنكاره ولا نستطيع أن نظل أمامه مأخوذين بعنف الصدمة فيه المهم – كما قلت – أن نتعلم من درسه وعبرته والمهم أن نتجاوز النكسة وأن نرتفع فوقها ونواصل طريقنا بالنصر إلى آمالنا. ولقد كان ذلك فى الحقيقة هو المغزى العظيم لموقف شعبنا العظـيم مساء يوم 9 يونيو وصباح يوم 10 يونيو.
أيها الإخوة:
إننى لم أعتبر لدقيقة واحدة أن خروج جماهير شعبنا برغم الظلام وبرغم غارات العدو مساء يوم 9 يونيو تكريماً لشخصى وإنما اعتبرت أن ذلك الموقف كان تصميماً على نضال. ولقد قلت مرات عديدة إن هذا الشعب قد أعطانى أكثر مما حلمت به فى أى يوم من الأيام ولقد رفعت صوتى أكثر من مره محذراً من الاعتماد على الفرد؛ لأن كل فرد له دوره يؤديه ويمضى ويبقى الشعب وحده من الأزل إلى الأبد؛ وإذن فمن هذه الناحية ليس عندى ما أقوله.
لقد كان موقف شعبنا يوم 9 10 يونيو أكثر مما أستحق وأكثر مما يستحق أى فرد ولكنه بالنسبة لى كان يحمل معانى أخرى: معنى استمرار النضال ومعنى استمرار النضال الشعبى ومعنى استعداد الشعب لكل التكاليف والتضحيات ومعنى التصميم على المقاومة والصمود.
إن الشعب بهذا الموقف أجاب على أهم سؤال كانت الحوادث تطرحه وكانت النكسة نفسها تلقيه أمامه وهو: ما العمل؟ أجاب الشعب – كما قلت – بالتصميم.. بالمقاومة.. بالاستعداد لكل التضحيات.. بالصمود.. ولكن ذلك ليس نهاية وإنما هو بداية؛ ذلك أننا نجد أنفسنا بعد ذلك أمام السؤال الملح: من أين نبدأ؟
وأمامكم هنا وعلى مسمع من شعبنا كله ومن أمتنا العربية.. أنا عارف ان فيه أسئلة فى نفوسكم كل واحد منكم جاى يسمع الإجابة عليها فى البيوت وفى كل مكان عايز يعرف وعايزنى أقول له من أين نبدأ؟ وأقول لكم بصراحة وبوضوح: ليس هناك طريق مختصر أو قصير إلى ما نريد أيضا ليس هناك طريق واحد لا بديل له نصل به إلى الهدف الطريق طويل وشاق.
كذلك فإن هناك عدة طرق لابد أن نسير عليها فى نفس الوقت مهما كانت العوائق والموانع والصعاب. إن النكسة التى واجهتنا كانت أكبر مما توقعنا ومن ذلك فإننا لا نستطيع أن نقفز قفزاً.. مش ممكن ما نقدرش نقفز ما نقدرش نقفز بغير تدبير كاف إلى أول طريق يقابلنا وإنما لابد أن ندرك أنه من الضرورى علينا؛ لأن نعيد البناء الشعبى والعسكرى لقوى الوطن المصرى.
كذلك فإن العدو الذى واجهناه بما وراءه وما أمامه لم يكن إسرائيل وحدها من ذلك نقول إن أمامنا عدة طرق لابد أن نسير عليها فى نفس الوقت فيه طرق عربية.. وطرق سياسية.. واقتصادية.. وطرق دولية سياسية ودعائية وعسكرية. طرق النضال فى هذا المجال كبيرة جداً واحنا قدامنا طريق من اتنين: لما الواحد يحسبها.. يا إما نستسلم بلا قيد ولا شرط (صيحات اعتراض من الجماهير والرئيس يقول: ماعلش ماعلش) يا إما نناضل طبيعة شعبنا طبيعتنا ونظامنا واللى احنا معروفين به فى العالم طبعاً حيلزمنا طريق النضال وأنا أما باقول ان احنا قدامنا طريقين.. الحقيقة احنا قدامنا طريق واحد ان أنا عارف… لكن هو الموضوع تفسير.. تفسير موضوعى قدامنا طريقين بنستسلم أو بنناضل ولكن بنحطها موضوعياً.
الحقيقة هما مش حلين هما حل واحد. احنا ما استسلمناش وناضلنا طويلاً.. حتى أيام الاحتلال الإنجليزى ناضلنا وأيام الاحتلال العثمانى ناضلنا وطول تاريخنا ناضلنا؛ إذن حل الاستسلام دا بنشطبه ويبقى قدامنا حل واحد هو حل النضال ومعنى النضال فى هذه المرحلة أنه نضال حقيقى نضال قاسى.. نضال شاق ولكنه نضال فى سبيل مبادئنا وفى سبيل أهدافنا وفى سبيل حريتنا وفى سبيل أرضنا وبلدنا وفى سبيل الثورة الاجتماعية اللى عملناها وفى سبيل الوطن العربى كله.
هذا النضال له طرق متعددة زى ما قلت لكم هناك نضال سياسى احنا ما بنقفلش باب السياسة أبداً ولا باب الاتصالات السياسية أبداً مطلقاً حتى الدكتور فوزى أما سافر أمريكا وراح نيويورك الأمم المتحدة وقلت له ان أنا ما عنديش مانع انك تقابل الأمريكان وهو أيضاً بهذا قابل وزير الخارجية الأمريكى مرتين.. نضال بالعمل السياسى.
وهناك نضال اقتصادى هم قالوا دلوقت إن قنال السويس مقفولة بنخسر فى قنال السويس كل شهر 10 مليون جنيه تقريباً؛ يعنى بنخسر فى السنة.. بنفقد فى السنة 110 مليون جنيه بالعملة الصعبة بيقولوا النهارده أعداؤنا ان احنا كمان 5 أشهر أو 6 أشهر بهذا الشكل مش حنلاقى فلوس نشترى بها قمح وحيجوع الشعب المصرى. احنا بنقول ان احنا حنناضل نضال اقتصادى يعنى إيه نناضل نضال اقتصادى؟ يعنى حنجيب القمح.. ومش حنجوع وحنستغنى عن حاجات أخرى قد تكون أقل ضرورة من القمح. وبدى أقول لكم قبل سنه 56 الـ 110 مليون جنيه دول احنا ماكناش بناخدهم كانوا بياخدوهم الإنجليز والفرنساويين شركة قنـال السويس احنا كنا بناخد مليون جنيه بس قبل تأميم القنال ولكن مفروض كان السنة دى ناخد 110 مليون جنيه.
معنى هذا.. معنى النضال الاقتصادى ان احنا حنقوم ببعض التضحيات الاقتصادية احنا مش أول بلد تعمل كـده وإنجلترا فى أيام الحرب كانوا بيدوا الفرد الواحد بيضة فى الأسبوع بيضة واحدة كلنا لو نفتكر أيام الحرب العالمية التانية نفتكر ازاى الإنجليز ناضلوا بعد هزيمتهم فى دانكرك الحرب مش معركة واحدة وتسليم ولكن النضال أكبر من كده بيستطيع أن يصمد ويثبت ويقاوم يمكن له أن ينتصر.
احنا خضنا معارك عنيفة من قبل مش دى أول معركة بنخوضها المعارك العنيفة اللى احنا خضناها لم تؤثر على تصميم الشعب المصرى فى الدفاع عن حريته واستقلاله.
النضال السياسى طريق النضال الاقتصادى طريق حتى لا نحقق أهداف الاستعمار والنضال العسكرى طريق آخر: إعادة بناء قواتنا المسلحة لتكون قوات قادرة إقامة المقاومة الشعبية وتعبئة شعبية فى كل مكان علشان نقاوم العدوان من قرية لقرية وندافع عن حرية بلدنا.
بنقرا كل يوم عن شعب فيتنام وازاى شعب فيتنام المسلح بالأسلحة الصغيرة والمقاومة للدبابات والطائرات ما عندهمش دبابات ولا طائرات بيعملوا إيه فى الأمريكان! بيسببوا لهم خسائر أد إيه؟ احنا مش أقل من شعب فيتنام واحنا شعب مناضل دايماً والسويس حصلت عليها غارات جوية أول يوم طبعاً الناس ذعرت من الغارات الجوية ولكن باقول لكم تانى يوم كانوا خدوا على الغارات الجوية وتالت يوم ورابع يوم وخامس يوم دا موضوع معروف بالنسبة للعسكريين بيسموه دا “الشعب يتطعم” تطعيم الشعب بالنسبة للقتال.
الواحد أما يسمع صوت الرصاصة لأول مرة يتخض بعد كده أما ياخد.. ممكن يسمع صوت المدفع الرشاش ما ينتبهش.
وباقول النضال العسكرى مش بس بالنسبة للقوات المسلحة ولكن بالنسبة للشعب كله والمقاومة الشعبية يجب أن تكون فى كل مكان وبعدين أنا سمعت بيقولوا المقاومة الشعبية راحوا وما ادوهمش أسلحة ومش فاهم إيه وحاجات بهذا الشكل ماعلش.. مافيش داعى نكون نقادين لكل حاجة وعايزين الكمال احنا ما احناش أمريكا.
عايزين مقاومة شعبية ناس بيبقى معاها أسلحة وناس يبقى معاها سكاكين وناس بيبقى معاها نبابيت وناس بيبقى معاها عصيان وناس بيبقى معاها أسلحة أخرى.
دى المقاومة الشعبية على قد قدرتنا وعلى قد استطاعتنا وعلى هذا نستطيع فعلاً ان احنا ناخد عدد كبير للمقاومة الشعبية وأرجو من الشبان ان ما يخيبش ظنهم لما يجدوا ان مافيش أسلحة متوفرة مافيش أسلحة لكل الناس بالتدريج بنوفر لهم كلهم أسلحة ولكن عدد قليل من الأسلحة بينفع لتدريب عدد كبير من الناس.
المقاومة الشعبية لها أساليب كبيرة وأساليب كثيرة وحينما نتكلم عن النضال العسكرى نتكلم عن قواتنا المسلحة ونتكلم عن قواتنا الشعبية فى كل قرية وفى كل مدينة من الرجال والنساء. ولابد أن تكون هناك تعبئة عامة وزى ما باقول من الضرورى علينا أن نعيد البناء الشعبى والعسكرى لقوى الوطن المصرى.
سوف أبدأ بالحديث عن إعادة البناء المصرى ولابد أن نسلم أن البناء المصرى هو القاعدة الأساسية للمقاومة وهو جبهة الصمود وهو طلائع التقدم.
أول حاجة فى الحاجات اللى أنا اتكلمت عليها مهمة ويمكن كلكم مستنينى أتكلم عليها النهارده هى الناحية العسكرية وأرجو أن تقدروا أننى لا أستطيع أن أفيض فى تفاصيلها كل اللى أقدر أقوله هو أننا نعيد تنظيم قواتنا المسلحة ونعيد تدعيم قدراتها وفاعليتها وأشير هنا إلى عدة نقط عدة نقط مهمة ومهمة جداً فى معركتنا:
أولاً: إن قواتنا المسلحة هى طلائع شعبها فى كل معركة دا دور القوات المسلحة وسوف يظل دورها؛ ولهذا فإن قوة القوات المسلحة هى قوة الوطن وكرامتها كرامته وشرفها شرفه.
ثانياً: إن الرجال من قواتنا المسلحة قاموا بأعمال خارقة وقدموا تضحيات لا مثيل لها؛ حاربوا بدون طيران والعدو كان عنده طيران وكان متفوق فى الطيران وإذا كانت ظروف النكسة لم تسمح لبطولات رجالنا بأن تظهر بالقدر الكافى فإننى أعلم علم اليقين أن الكثيرين منهم كتبوا بدمائهم صفحات مشرفة فى تاريخ هذا الوطن ولمجد هذا الوطن.
ثالثاً: إن قواتنا المسلحة لا تستطيع أداء دورها على الوجه الأكمل بغير تلاحم كامل بين الجيش والشعب وهذا التلاحم لم يكن ضرورياً فى أى يوم من الأيام بمثل ما هو ضرورى الآن.
أنتقل إلى الناحية الشعبية؛ لقد تحملت مسئولية الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى العربى مدركاً أن مجال التنظيم السياسى الشعبى سوف يكون له دور حاسم فى المعركة ولابد أن نجدد – حتى ونحن وسط المعركة – قوة ونشاط التنظيم الشعبى. وكان من المقرر.. كان من المقرر من قبل ظروف الأزمة أن يتم تشكيل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى مع العيد الخامس عشر للثورة ولا أرى أن الأزمة ينبغى أن تؤخر هذا القرار بل إنها تفرض الإسراع فيه. إنه من الضرورى أكثر من أى وقت آخر توسيع نقاط القيادة فى الاتحاد الاشتراكى العربى وإذا كان الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم الممثل لتحالف قوى الشعب كلها فإن قيادته لا يمكن أن تكون حكراً على عدد بعينه من الأفراد؛ ولذلك فإننى آمل أن يتم تشكيل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى خلال أيام وآمل أن تضم اللجنة خيرة العناصر القيادية فى هذا الوطن وآمل أن تقوم اللجنة بدورها القيادى على أكمل وجه وذلك يتمثل أكثر ما يتمثل فى إطلاق حيوية ونشاط قوى الشعب العاملة إبراز قيادتها ليكون ذلك مدخلاً إلى ديمقراطية أوسع وأعمق لقوى الشعب العاملة؛ بحيث تستطيع الثورة أن تحقق انتقال حقيقى وكامل إلى الديمقراطية السليمة فور الانتهاء من آثار العدوان.
نحن كنا نهدف دائماً إلى إقامة حياة ديمقراطية سليمة وكنت أقول أن لا وجود للديمقراطية السياسية إلا بالديمقراطية الاجتماعية لا حرية سياسية إلا بحرية اجتماعية وكنت أقول إن السبيل إلى الحياة الديمقراطية السليمة هو الحل الاشتراكى؛ وهو إزالة الفوارق أو إذابة الفوارق بين الطبقات.. الحل الاشتراكى هو اللى يخلى الشعب ملك لأبنائه الحل الاشتراكى هو اللى يخلى كل واحد فى البلد له فرصة متكافئة. ولقد كان رأيى – وسوف يظل رأيى دائماً – أن النجاح الأكبر الذى تستطيع ثورة 23 يوليو أن تحققه يتأكد فى حياة الشعب المصرى ويبقى عندما تذوب الطلائع الثورية؛ الطلائع الثورية اللى طلعت يوم 23 يوليو عندما تذوب الطلائع الثورية التى تحملت بمسئولياتها؛ مسئولية الثورة.. عندما تذوب فى حياة مدنية أوسع منها دا يكون النجاح الأكبر لثورة 23 يوليو.
إن جيلنا قدم قيادات لفترة التحول الكبيرة ولابد لأجيال أخرى أن تتقدم وأن تقود وأهم من ذلك أن يوجد النظام الديمقراطى الذى يكفل تجدد القيادات المعبرة دائماً عن مطالب قوى الشعب العاملة وآمالها والقادرة على الإحساس بمشاكلها فى كل مرحلة من مراحل التطور وحلها. أما إذا تصور جيلنا أن قيادته لمدى الحياة فإن جيلنا يقع فى خطأين كبيرين؛ أول خطأ أنه يحمل نفسه بأكثر مما يستطيع الوفاء به أمانة وعدلاً الخطأ التانى يعوق النمو ويعطله ويحجب عملية التجدد الصحى لقوى الشعب وقياداته ومن ناحية أخرى فإن عملية إعادة البناء الشعبى ضرورية لعملية تحقيق النصر.
إذا سألنا نفسنا إيه كان القصد الحقيقى لعملية العدوان المرتبة التى تعرضنا لها أخيراً؟ سألنا نفسنا هذا السؤال الرد يكون: القصد الحقيقى كان القضاء على الثورة الاشتراكية الموجودة فى مصر.
وإذن فلكى نستطيع مواجهة العدوان فإنه من الضرورى تدعيم الثورة الاجتماعية فى مصر وهذا يتأتى أكثر ما يتأتى بتعبئة قوى الجماهير وتوضيح الرؤية أمامها.. إيه الهدف من العدوان ومن العملية كلها؟ إيه الهدف من التواطؤ؟ الهدف هو القضاء على الثورة الاجتماعية.. الثورة الاشتراكية اللى تصدوا لها بكل الوسائل تصدوا لنا بمحاولات الاغتيالات وبالإخوان المسلمين وبالمؤامرات وبقطع المعونات ولكنا صمدنا كل الوسائل فشلت وفضل حل واحد وهو إسرائيل.
وبعد غزو إسرائيل يحصل شرخ فى النظام وفعلاً طبعاً النكسة عملت شرخ وعملت أثر وبعد كده بيركزوا بالضغط الاقتصادى وبيركزوا بالضغط السياسى وممكن أيضاً يركزوا بالضغط العسكرى حتى تنهار الثورة اللى ما قدروش إنهم يصلوا إليها طوال الـ 15 سنة ما قدروش انهم يخضعوها وما قدروش انهم يضعوها داخل مناطق النفوذ.
لم يكن احتلال الأرض هو الهدف الأصيل للعدوان الاستعمارى الصهيونى إنما احتلال الأرض هدف جزئى يسعى به إلى تحقيق الهدف الأصيل؛ وهو تصفية الثورة العربية عامة.
العدوان حقق الأهداف الجزئية ولكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه الرئيسى أعداؤنا المدافع اللى موجهه ضدنا.. الدول الكبرى اللى واقفة ضدنا لسه ما حققتش هدفها الرئيسى؛ ولذلك العدوان لا يزال يسعى إلى تحقيق هدفه ولهذا حينما نفكر ونحدد بوضوح هدفنا نستطيع أن نحدد منطلقنا العملى فى هذه المرحلة؛ إذن هدفنا المباشر لا ينبغى أن يكون إزالة العدوان فحسب بل ينبغى أن يكون أيضاً حماية نظامنا الثورى وتعميق نظامنا الثورى وتدعيم حركة الثورة العربية.. هل معنى هذا ان احنا نغمض عن الاحتلال الصهيونى لبلدنا وننسى النكسة العسكرية؟! لا بالطبع ولكن معناه أن يكون خط حركتنا الأساسى العمل الثورى تدعيم الجبهة الداخلية التعبئة الثورية للجماهير توسيع الروابط النضالية بين الحركة الثورية العربية تدعيم قوانا العسكرية.
إذا استطعنا ان احنا نحقق هذا ولا نمكن العدو من أن يحقق هدفه الأصلى؛ هدفه الرئيسى.. إذا استطعنا أن نحمى الثورة الاجتماعية فى مصر وندعم الثورة العربية الشاملة؛ فإننا نستطيع تحرير الأرض المحتلة.
طب هم عايزين يقضوا على نظام الثورة ليه؟ لأنهم عارفين ان هذا النظام الثورى لن يكون نظام استسلام ولكنه نظام نضال هم طبعاً عايزين نظام استسلام وإزاى يصلوا إلى نظام استسلام.
هجوم العدو.. وكل واحد فيكم شايف اتجاهاته.. الهجوم أولاً كان موجه ضد قواتنا المسلحة ولكن الهجوم اللى كان موجه ضد قواتنا المسلحة ليس إلا جزءاً بسيطاً من الهجوم الشامل الموجه إلى قوى شعبنا العاملة.. الهجوم على قوى الشعب العاملة باعتبارها مصدر كل قوة هو الهجوم الرئيسى المعادى وفى هذا الهجوم.. رد هذا الهجوم على أعقابه ودحره وهزيمته معناه هزيمة الهجوم الرئيسى للعدو.. معناه أننا سنستطيع أن نتحرر ونقضى على أثار العدوان.
العدوان العسكرى خلص وبدأ الهجوم على الجماهير؛ عليكم أنتم على كل فرد فى هذا البلد نشوف الصحف الأجنبية ونشوف الإذاعات الأجنبية.. الهجوم النفسى.. الهجوم الشامل الموجه إلى كل الأمة العربية لتيأس؛ لتيأس ولتنسى أهدافها ولتستسلم.. العدو يحاول تشكيك الجماهير العربية فى كل شىء فى أهدافها المقدسة.. فى منجزاتها الضخمة.. فى نتائج تضحياتها.. فى صروح بنائها.. فى ثقتها بنفسها وفى ثقة كل منها بغيرها.
دى المعركة الرئيسية اللى احنا بنواجهها النهارده. العدو لم يحقق هدفه باحتلال الأرض ولكن العدو يريد أن يحقق هدفه بالقضاء على الثورة العربية ثم بالقضاء على الأمل العربى ثم بإدخال بلادنا ضمن مناطق نفوذه.. العدو احتل سينا.. الثورة موجودة احنا قلنا حنناضل وحنحرر بلدنا.. حنحرر الأرض العربية ولكن أعداءنا بيقولوا إنهم عملوا شرخ.. ضربونا ضربة.. احنا مش أول ناس انضربنا.. فرنسا انضربت.. إنجلترا انضربت وأمريكا انضربت فى بيرل هاربر وانسحبت وروسيا الألمان وصلوا لغاية 10 كيلو من موسكو مش أول ناس خسروا معركة.. ولكن الفرق فين؟ مش فى المعركة العسكرية.. هل حنستسلم أو هل سنمضى فى النضال إذا أردنا؟ دا الموضوع.
هم النهارده عايزينا نستسلم.. نستسلم إيه؟ بنيأس.. بنيأس وبيذيعوا بينا كلام يدعو إلى اليأس واحنا من غير ما نعرف نسمع الإذاعات ونرددها ونقول مافيش فايدة دى قوة إسرائيل كذا وقوة أمريكا كذا إلى أخره.. وهم عارفينا.. شعب.. وخصوصاً الشعب المصرى يمسك أى حاجة وينكت عليها.. تعرفوا موجة النكت اللى طلعت الأيام اللى فاتت.. أنا عارف شعبنا.. شعبنا طبيعته كده وأنا لم آخذ هذا الموضوع بطريقة جدية وعارف الشعب المصرى كويس.. ما أنا منه واتربيت فيه.. كل واحد ما يقابل واحد يقول له سمعت آخر نكتة ويحكيها.. ما هو كده.. ما احنا كده وهم عارفينا طبعاً فممكن يستخدمونا بأن تتقال بعض النكت الحقيقة اللى تأثر على كرامتنا.. كرامتنا كشعب له طلائع قاتلت وماتت فيه ناس ماتت مش احنا أول ناس خسروا معركة الأمريكان انضربوا فى بيرل هاربر وهربوا والإنجليز مشيوا من دانكرك عريانين وكانوا بيطلعوا بقوارب الصيد وفرنسا وقعت فى عشرة أيام اللى واقفين ضدنا النهارده هولندا راحت فى يوم.. وبلجيكا راحت فى يوم.. أوروبا الغربية كلها راحت وكلنا نذكر الخطب اللى اتقالت؛ خطبة “تشرشل” بعد دانكرك وقال ان احنا قوقعة فقدت الغلاف اللى بيحميها لازم نتلم شوية لغاية ما يطلع لها غلاف جديد ويتربى الغلاف الجديد وازاى استحملوا معركة بريطانيا وضرب لندن بالقنابل والأكل ماكانش بيجى لهم إلى أخر هذه الحكايات ولكنهم ناضلوا وانتصروا كان بيطلع لهم كل يوم واحد اسمه اللورد “هوهو” كان إنجليزى ويقول لهم انضربتم واتبهدلتم وكسروا إنجلترا بالغارات الجوية.. كسروا لندن وكسروا كذا.. وكان يسخر منهم ما نفعش.
احنا برضه فى 1956.. طب واحنا نقول على الغرب ليه؟ ما كان علينا 11محطة إذاعة سرية ومحطات إذاعة بتهاجمنا باستمرار علشان تيأسنا فى عيشتنا وتيأسنا فى حياتنا لم نيأس فى عيشتنا ولم نيأس فى حياتنا ولم نسلم وكانت إذاعة صوت بريطانيا اللى بدأت فى عدوان 56 بتقول حنضرب كذا وحنضرب كذا وحنضرب كذا وكانت الناس فى كل مكان بتقول حنحارب.. احنا برضه.
وبعدين وقعنا تحت الضغط الاقتصادى ووضعت أموالنا تحت التجميد فى سنة 56 وماكناش عندنا عملة صعبة وقعدنا ونفدنا واستطعنا ان احنا ننجح فى نضالنا الاقتصادى ونضالنا العسكرى ونضالنا السياسى.
العدو النهارده لم يحقق أهدافه.. هدفه مش هو الأرض.. مش هو سينا.. أبداً.. ولا الضفة الغربية ولا مرتفعات سوريا.. هدفه هو أنتم.. أن نيأس.. نسقط آمالنا.. نسقط المبادئ اللى آمنا بها.. نسقط ثورتنا الاجتماعية اللى حاولوا أن يسقطوها بجميع الوسائل.. النهارده أعدائنا بيقولوا إيه؟ الأمريكان بيقولوا إيه؟ أهو وصلنا لغاية كده ونسيبهم بقى 6 أشهر وحيقعوا هم لوحدهم .. الشرخ موجود وحيقعوا من الناحية الاقتصادية حيقعوا.. من ناحية اليأس حيقعوا والأمة العربية كلها حتيأس ومتصورين ان دا ممكن يحصل.. متصورين ان احنا ممكن نيأس.. متصورين ان احنا ممكن نتشكك فى أهدافنا ونتشكك فى كل شىء.
كل دا الحقيقة يفرض علينا واجبات كثيرة يفرض على كل فرد من أبناء الأمة العربية كلها – مش بس فى مصر فى كل بلد عربى – أن يكون يقظ وحذر من أساليب الاستعمار والصهيونية اللى عايزانا نيأس ونكفر بالقيم بتاعتنا احنا مش حنيأس ولا نكفر بالقيم بتاعتنا ولا نكفر بالأهداف بتاعتنا وحننجح امتى؟ إذا كل فرد فعلاً.. كل فرد آلى على نفسه أن يعمل ضد أهداف العدو وما تجيش تقول لى التنظيمات السياسية هى اللى تعمل أنا باقول لأ كل واحد عليه مسئولية كل فرد عربى فى كل وطن عربى عليه مسئولية ما يلقيش المسئولية على غيره كل واحد لو قام بمسئوليته نهزم أهداف الاستعمار والصهيونية ونستطيع أن نحقق نتائج نضالنا؛ نضالنا الشعبى ونضالنا السياسى ونضالنا العسكرى ونحرر الأرض المحتلة.
أما إذا كان الاستعمار حيخلى كل فرد يتشكك ويقدر يؤثر على كل فرد ولو 50% يكون الاستعمار نجح 50%.. كل فرد عليه مسئولية وكل فرد يستطيع أن يساهم فى هذه المعركة القاسية المريرة ضد الاستعمار والصهيونية.. كل إنسان.. كل واحدة ست وهى بتقول لأولادها.. كل بيت.. كل عيلة فى الوطن العربى فى هذه المرحلة لازم تعرف إن المعركة ماانتهتش بانتهاء المعركة العسكرية ولكن المعركة مستمرة والنضال النهارده علينا أقصى من النضال العسكرى علينا أن نناضل فى كل مكان حتى نعبئ قوى الجماهير العربية؛ حتى لا نفقد الثقة فى أنفسنا حتى لا نيأس حتى لا نشك فى أهدافنا.
وأكرر تانى: احنا مش أول ناس خسرنا معركة أو هزمنا فى معركة.. باقولها كده.. كل الدول الكبرى فى العالم هزمت فى معارك ولكن بالتصميم وبالنضال استطاعت الدول اللى عبأت نفسها واللى عرفت طريقها أنها تكتسب النصر واحنا عايزين نكتسب النصر فلا نعطى للعدو أبداً وسيلة لأن يحقق أهدافه دا بالنسبة للفرد باقول كل فرد بيقدر أما إذا كل واحد فينا ألقى المسئولية على الآخر؛ فنبقى شعب متواكل وحنتعب أكتر من كده مرة واتنين وتلاتة وأربعة.. كل واحد عليه واجب كل مواطن عليه واجب.
وبرضه باقول إن موجة النكت اللى طلعت احنا انجرينا فيها وما فهمناش بتسبب إيه النكت اللى طلعت.. النكت اللى طلعت تجرح كرامة ناس هم أولادنا وإخواننا وأنا نفسى كنت باسمع النكت برضه.. برضه واحد بيقول لى سمعت أخر نكتة.. زى ما بتقولوا لبعض وطبيعتنا احنا كمصريين وأنا فى نفسى ما أخدتش من هذه النكت أبداً أى تعبير ولكن أنا عارف الشعب المصرى.. دا شعب عمره 7 آلاف سنة وقهر كل الغزاة.. كسرهم.. كل اللى جم هنا خلص عليهم؛ من “قمبيز” إلى “نابليون” وقعد ينكت عليهم شعب له فلسفة بتاعته وطبيعته وماحدش لا قدر يقيم فيه مذاهب ولا انقسامات وفيه وحدة وطنية وشعب صلب قوى لكن أهو شعب يحب النكتة وأنا باعتبر ان دى ميزة لأنه بيفلسف بها الأمور لكن إذا جا أعداؤنا استغلوا فينا هذه الطبيعة علشان يحققوا هدفهم لازم نكون ناصحين وكل فرد يكون ناصح هنا ما أقدرش أنا أقول لك لأ يعنى أقول لك توجيه سياسى معين أبداً باقول كل فرد فينا مسئول بيقول إيه الهدف من كذا؟ الهدف من كذا هو كذا تثبيط العزيمة فقدان الثقة بالنسبة للقوات المسلحة تيئيس القوات المسلحة.
الله.. طب إذا احنا شاركنا فى هذا يعنى إيه؟ يعنى بنحقق أهداف العدو.. طريق النضال قدامنا طريق صعب كل فرد فينا يستطيع أن يعمل الكثير.
التنظيم السياسى أيضاً يجب أن يكون فى الميدان مع الجماهير وأن يقود ويقود بالحقيقة وحدها مش بالمظاهر ولا بتكبير الأمور.. أن يقود من مواقع الشعب.. لا متسلط ولا متعالى. احنا كلنا عارفين الأحزاب فى الماضى اللى كانوا فى القيادات كانوا يتسلطوا ويتعالوا إذا كانت القيادات الشعبية النهارده حتتسلط وتتعالى فستسقط فى الحال فى نظر الجماهير.
إن الأزمات أكثر من غيرها تجلى معادن الشعوب هذه الأزمة أظهرت معدن شعبنا الأصيل أنه شعب حضارة ممتدة متصلة لم تنقطع.
بعدين طبعاً كان فيه موجات من النقد – برضه بنتكلم بصراحة – كتيرة ما هو فى النكسة كل واحد بينتقد.. كل واحد بيتكلم والفلاسفة بيكتروا واحنا قابلتنا نكسة بيحصل كلام.. بيحصل نقد.. بتحصل فلسفة أنا كنت باسمع الحقيقة كل هذا كنت باسمع الكلام اللى بيتقال وناس كتير بعتوا لى جوابات ناس مخلصين مواطن عايز يضحى وعايز يناضل وعايز يموت.
وأنا بدى أقول الحقيقة أنا كنت مع جماهير الشعب فى الكثير مما كانت تتحدث فيه الشعب كان يطالب ببداية جادة وحازمة تتفق مع جدية الظروف التى نواجهها وحزمها وأنا مع الشعب فى هذا.
إن عملنا كله يجب أن يتكيف بالظروف التى نواجهها نحن نواجه ظروف حرب ولابد أن تتكيف ممارستنا لأعمالنا كل واحد فينا فى نطاق مسئوليته بجو الحرب لابد أن يتوقف الإسراف ولابد أن يكون هناك حد للإنفاق على المظاهر ولابد لكل إنسان منا أن يؤدى عمله وأن تكون للعمل مقاييس للحساب ثواباً أو عقاباً.
لابد أن نقضى على أية امتيازات تكون باقية تتجاوز حق العمل وقيمته فى خدمة المجتمع دون أى اعتبار آخر. إن الشعب كان يطالب بوضع حد للامتيازات التى حصل عليها البعض بغير وجه حق وأنا مع الشعب فى هذا إننا شعب نبنى مجتمعنا؛ مجتمعاً اشتراكياً وهذا المجتمع ليس لطبقة مميزة بل هو بطبيعته لا يسمح بامتياز طبقى إنه يسمح بامتياز العمل وحده.. العمل وحده وكفاءة العمل واقتداره تعطى لصاحبها امتيازاً لكنه امتياز الكفاءة وليس امتياز الطبقة. ولعلى أقول لكم أننى فى الأيام الأخيرة ألغيت كثيراً من الامتيازات التى ظهرت فى مراحل سابقة وسيظهر هذا فى الميزانية الجديدة ولابد أن نقضى على أية امتيازات تكون باقية تتجاوز حق العمل وقيمته فى خدمة المجتمع دون أى اعتبار أخر.
إن الشعب كله كان يطالب بالتكافؤ فى التضحيات وأنا معه فى ذلك ولعلى لا أذيع سراً إذا قلت أمامكم الآن إننا سوف نطلب إلى الشعب تضحيات جديدة تفرضها ضرورات المعركة ولقد سبقتنا شعوب كثيرة فى العالم العربى بينها من لم تشارك مشاركة فعالة فى المعركة إلى فرض مثل هذه التضحيات باعتبار إن الظروف تقتضيها.
ولقد راعينا فيما سوف نطلبه من التضحيات أن يكون العبء الأكبر على القادرين عليه؛ ليكون هناك تكافؤ وليكون هناك مساواة حقيقية إن الشعب يطالب بالنقاء الثورى والطهارة الثورية وأنا أطالب مع الشعب بذلك لابد من النقاء الثورى ولابد من الطهارة الثورية لابد من التمسك بقيم الدين والاعتصام بها.
أيها الإخوة:
حصل كلام كتير فى الشهر ونص اللى فاتم كلنا اتكلمنا كل واحد فيكم اتكلم وكل عيلة اتكلمت وكل مكتب اتكلم ودا طبيعى ولكن أريد أن أقول إن ظاهرة نقد النفس التى عاشها مجتمعنا فى الفترة الأخيرة بعد النكسة ظاهرة صحية وهى دليل حيويته ودليل قوته. طبعاً أنا كنت باسمع.. باسمع وبييجى لى وباسمع الكلام وكنت باحاول الحقيقة على قد الانتقادات والحاجات اللى باسمعها الحاجة اللى ألاقيها وجيهة واللى ألاقى لها حل أقدر أعمله فيه حاجات ماكنتش أقدر ألاقى لها حل موضوع الإذاعة ناس يبعتوا لى جوابات يقولوا لى إنهم زهقوا من الأناشيد أيام ما كانت الإذاعة أناشيد طول النهار ويقولوا لى يعنى ما احناش قاردين نسمع المحطة دى وبنضطر نسمع محطات أجنبية إن الواحد فعلاً اللى جاى تعبان من شغله مش ممكن يروح يرقد فى السرير ويفتح الراديو يسمع أناشيد حماسية عايز يسمع مزيكا جوابات جات لى بهذا الشكل.
أنا قلت لوزير الإعلام يعنى غير الإذاعة وسألتهم البلاد اللى كانت بتحارب فيه بلاد قعدت حاربت 5 سنين من الحرب العالمية التانية قعدوا 5 سنين يعملوا أناشيد حماسية؟! سألت الناس اللى كانوا فى لندن سألت الدكتور القيسونى – كان فى لندن فى الوقت دا – قال لى أبداً دا الإذاعة كانت ماشية زى ما هى فعلاً مش معقول اللى بيقعد يحارب 5 سنين بيقعد 5 سنين يعمل أناشيد حماسية أبداً! لأن الحياة بتمشى الحياة بتستمر والحياة الطبيعية رغم الحرب ممكن بيكون فيه تعبئة شعبية وممكن فيه مقاومة شعبية وممكن ناخد كلمات حماسية وأناشيد حماسية وفى نفس الوقت الحياة الطبيعية موجودة الدنيا ما انتهتش.. فأنا قلت لوزير الإعلام يعنى خفف الإذاعة؛ لأن عندى جوابات ناس بتشتكى من الإذاعة وبيقولوا حتسمع الإذاعات الخارجية.
غير الإذاعة جات لى جوابات ازاى نعمل أغانى عاطفية والمعركة دايرة؟! الموضوع الحقيقة ما أقدرتش أجد له حل.. ومع ذلك لابد أن نجد النغمة الصحيحة اللى توفق بين دا وبين دا ولازم نسيطر أيضاً على أعصابنا أعصابنا أكثر ما نحتاج إليه الآن يجب ألا تضيق نفوسنا ببعضنا وأن تكون لكل منا الثقة بغيره تركيز العدو علينا هدفه الأساسى اللى لسه ما حققوش عايز يضيع علينا كل دا لابد أن ندرك أننا أمام مرحلة هامة تحتم علينا البناء والحرب وهذا شعار قديم من شعارات نضالنا.. يد تعمل للبناء ويد تحمل المدفع.
أيها الإخوة:
الميزانية الجديدة يمكن تطلع بكره أو بعد أيام واضطرينا فى الميزانية الجديدة ان احنا نخفض خطة التنمية نؤجل مجمع الحديد والصلب سنة لكن فيها استمرار للعمل فى الصناعات والأرض الجديدة والكهرباء وآخر ميزانية للسد العالى وعملنا دا علشان ما ينفعش الضغط الاقتصادى علينا وعلشان نقدر الفلوس اللى كنا حنصرفها فى هذه الأمور حنصرفها فى شراء القمح والضروريات.
أيها الإخوة:
أنتقل إلى طريق العمل العربى بدأنا فى الحقيقة من أول لحظة بعد النكسة وكنا على اتصال طول الوقت ببعضنا وكنا على اتصال بغيرنا فى محاولة لرسم صورة صحيحة للموقف بأبعاده العربية والدولية.
حصلت اجتماعات فى القاهرة فى الحقيقة هذه لم تكن اجتماعات مرتبة أبداً الرئيس بومدين بعت لى وقال لى إنه جاى القاهرة الصبح وبشعوره العربى الصميم حس الراجل إنه لازم ييجى يقعد معانا ويشوفنا فى وقت عصيب احنا فيه. واستقبلنا الرئيس بومدين والرئيس بومدين أما جا قال إن كل إمكانيات الجزائر تحت تصرفنا كل قوات الجزائر تحت تصرفنا وقال كل ما نطلبه من الجزائر ستلبيه الجزائر وإن المعركة معركة الجزائر والملك حسين برضه بعت رسالة وقال إنه بيحب ييجى فى القاهرة قلنا له أهلاً وسهلاً فى بلدك وجا وحصل اجتماع مع الرئيس بومدين والملك حسين وسافروا برضه الأخ عبد الرحمن عارف وجد من الواجب عليه انه ييجى لنا فى هذا الظرف وما عرفتش حتى إنه حيوصل القاهرة إلا قبل ما يوصل بساعة يعنى حتى قام من بغداد من غير احنا ما نعرف.
وبعدين جا الرئيس الأتاسى من سوريا والرئيس الأزهرى من السودان وعلى هذا انعقد الاجتماع بدون تدبير وبدون تخطيط واتكلمنا فيه على إمكانية التعاون والتعاون على إزالة آثار العدوان ولكن باسأل هل يحجب هذا المؤتمر إمكانية عمل عربى؟ باقول لأ.. احنا نتمنى فى هذه المرحلة ان يكون فيه عمل عربى شعوب الأمة العربية كلها اهتزت بهذا التواطؤ وهذا العدوان شعوب الأمة العربية كلها فى كل البلاد قامت وتظاهرت وأظهرت شعورها وناس كتير ضحوا بنفسهم وفيه ناس انسجنوا وفيه ناس أضربوا وما أخدوش مرتبات وظهرت الأمة العربية الأصيلة على حقيقتها بعمالها ورجالها وأبنائها كلهم.
دى الأمة العربية الأمة العربية هى الشعوب يجب أن ينزل الحكام على رأى الشعب العربى فى كل بلد عربى.
العلاقات الاجتماعية ليست سبباً لمنع الاجتماع احنا فى موقف أكبر من هذا المعركة تستدعى تعبئة كل بندقية عربية وكل جنيه عربى وكل فرد عربى وكل جهد عربى وأنا باقول ان احنا لازم نروح مؤتمر القمة ونجتمع علشان نضع كل واحد قدام مسئولياته ولكن ماتكونش مسئوليات بعض الناس بس إنهم يبعتوا تلغرافات تأييد أو تلغرافات مواساة كل واحد بيجى وبيقول احنا والله أما نروح مؤتمر القمة.. احنا كنا رفضنا مؤتمر القمة قد يفهم بعض الناس إن دا تأثير فى كرامتنا أبداً لن يؤثر على كرامتنا بشىء احنا فى الماضى لم نقم أبداً وزن لاعتبارات الكرامة بالنسبة لمصلحة الوطن العربى ويمكن فيه ناس بيقولوا حتروح يمكن ناس يكونوا شمتانين فيك! ما يهمش احنا قمنا بواجبنا.. احنا قمنا بواجبنا بنينا جيش قعدنا 10 سنين نبنى جيش من أجل قضية عربية.. من أجل الوطن العربى لم نقصر أبداً وفى وقت اللزوم لما هددت سوريا لم نتخاذل كنا رجالة ووقفنا وقلنا ان احنا حنقف مع سوريا ودا طبيعتكم ودى صفات شعبنا وما سبناش التانيين لوحدهم وقلنا احنا معاهم فى المعركة هزمنا فى المعركة زى ما باقول لكم فى المعارك ناس بتهزم ودول كبرى هزمت احنا تآمرت علينا دول كبرى مع إسرائيل والتواطؤ اللى شرحته واضح إذن احنا قمنا بعمل شريف رغم النكسة ورغم احتلال أراضينا فى سينا قمنا بعمل شريف جهزنا جيشنا وجهزنا نفسنا وصرفنا على جيشنا ولم نتخل عن واجبنا ووقفنا موقف الرجال ودى طبيعة هذا الشعب.
النهارده بعدما حصلت النكسة بينتقدونا فى المملكة العربية السعودية الجرايد كل يوم بتنتقدنا والإذاعة كل يوم بتنتقدنا لما أنا اتكلمت يوم 9 يونيو وقلت إن جالى رسالة من “كوسيجين” وجات لى رسالة من “جونسون” تطلع الجرايد السعودية.. جرايد الملك فيصل وتقول ليه ما هجمتش الأول وهو قاعد هناك فى الرياض على بعد 5000 كيلو ما بعتش ولا عسكرى ويقول ليه ما هجمتوش أنتم الأول ليه سمعت كلام.. أوامر “جونسون”؟ ليه سمعت أوامر “كوسيجين”؟ بقى احنا اللى بنسمع أوامر “جونسون” دى دول بتتصل بنا والعلاقات بين الدول علاقات معروفة واحنا فى الأزمة.
بيقول ليه ما حاربتوش وما هجمتوش أنتم الأول دى جرايد الملك فيصل وإذاعة الملك فيصل طيب وهو عمل إيه؟ كام عسكرى بعتهم أثناء المعركة؟ ولا عسكرى احنا مش عايزين ندخل فى مهاترات تانى وممكن نرد عليهم والرد سهل جداً بس المصيبة جرايدهم ماحدش بيقراها وما حدش يعرف بتقول إيه.. احنا أول ما تنشر كل العرب وكل الدنيا بيقروا بيقولوا ان احنا بنهاجم السعودية وماحدش يفتكر أبداً إن السعودية من يوم العدوان لغاية دلوقتى بتهاجمنا.. بتهاجمنا فى جرايدها وبتهاجمنا فى إذاعتها لكن لو بدينا احنا بكره نهاجم السعودية كل الدنيا حتقول إن عبد الناصر ابتدا المهاترات وبيهاجم الملك فيصل وباقول دلوقت بقى لنا شهر ونص من يوم المعركة الجرايد السعودية بتهاجمنا الإذاعة السعودية بتهاجمنا وتظهر الشماتة فينا!
وبرغم كده باقول ان احنا قمنا بالواجب والرجال دايماً يقوموا بالواجب ما هربناش من المعركة كوننا خسرنا المعركة مش عيب لكن لو كنا هربنا من المعركة كان دا اللى يكون عيب كان معناه ان احنا نيئس الناس كلها كان معناه ان احنا نفقد الأمل فى أهدافنا كان معناه ان احنا بنقول شعارات مالهاش معنى كان معناه ان أنا باجى هنا وباقول لكم كلام وأنتم بترددوا كلام وهتافات لا معنى لها كان معناه إن الكلام على قضايانا الوطنية وقضايانا العربية لا معنى له.
وأنا قلت لكم فى الأول إن الشعوب لازم تتحرك علشان تتقدم والشعوب لازم تخاطر علشان تكسب وعلشان تنتصر وإلا من الخوف ستتجمد الشعوب. احنا رغم هذا بنقول آه مستعدين نروح مؤتمر القمة واللى عايز يساهم فى المعركة يساهم واللى مش عايز يساهم مايساهمش واللى عايز يساهم بقدر قليل بيساهم ولكن النهارده احنا اللى موجودين واحنا اللى بنعبئ للمعركة واحنا اللى علينا المسئوليات وجرايد الملك فيصل لا تشارك بأى شىء إلا أنها تنتقدنا طبعاً.. يمكن بعتوا لواء بعد انتهاء المعارك وبعد إيقاف النار إلى الأردن.
احنا لسنا ضد أى بلد عربى احنا ما بنغيرش النظام الاجتماعى فى أى بلد عربى واحنا مش ضد نفوذ أى بلد عربى احنا ضد الاستعمار وضد نفوذ الاستعمار ولكن نريد لأى بلد عربى أن يكون عربى أصيل.. عربى حقيقى.. عربى قومى. حينما اقترح رئيس جمهورية السودان مؤتمرات القمة وافقنا ولكن نريد ضمانات نجاح لمؤتمرات القمة ووافقنا على اجتماع وزراء الخارجية المقبل فى الخرطوم.
أيها الإخوة:
لابد من جبهة عربية جبهة تواجه أعداءنا؛ أعداؤنا اللى هم إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل لابد أن نستطيع تحديد من هو العدو من الذى ساعد إسرائيل من الذى وقف مع إسرائيل.
نحن لا نطالب أى واحد بأكثر مما يستطيع ولكن لا نرضى منه بأقل مما يستطيع احنا غير مستعدين فى فترة المعركة مع العدو أن ندخل فى مهاترة ليس هذا وقتها.
لغاية دلوقت ما احناش حنرد على السعودية وما احناش حنرد على صحف السعودية وأنا باقول هذا الكلام لأن أنا عارف لا الإذاعة حد بيسمعها ولا الجرايد حد بيقراها وباقول للعالم العربى كله إن من وقت المعركة لغاية دلوقت الصحافة السعودية والإذاعة السعودية بتهاجمنا.
فى مجال العمل الدولى.. يجب أن نتكلم فى مجال العمل الدولى عن العدو والصديق ودا يجرنا إلى الموقف الدولى وبدى أقول إن الأمة العربية وشعوب الأمة العربية ومهما كانت ظروف النكسة التى تواجهها بتحسب وتقدر وتفرز العدو من الصديق وسوف تحاسب الأمة العربية أعداءها وسوف تعامل بالمثل.
فى الدول الكبرى وقفت فرنسا موقف أخلاقى – من الدول الغربية – أما الباقيين أمريكا وبريطانيا أيدوا إسرائيل الاتحاد السوفيتى.. الاتحاد السوفيتى وقف معانا أيدنا سياسياً وساعدنا اقتصادياً وعمل على تقوية قواتنا المسلحة رئيس الاتحاد السوفيتى الرئيس “بودجورنى” جا لنا – هنا فى مصر – واتكلم معانا وقال لنا بوضوح إن الاتحاد السوفيتى يقف إلى جانبنا وأنا قلت له بوضوح احنا مش عايزين الجيش الأحمر ييجى يحارب بالنيابة عنا احنا نقدر نحارب واحنا إذا كنا خسرنا معركة فأنا بافكرك بروسيا لما هجم عليكم “هتلر” خسرتم كذا معركة ولكن اوعى تفتكر أبداً إن الشعب المصرى أو الشعب العربى عايز الجيش الأحمر ييجى يحارب.. الجيش السوفيتى ييجى يحارب بالنيابة عنه احنا عندنا رجالة تعرف تموت ورجالة تعرف تستبسل وعندنا فى تاريخنا رجالة ماتوا وعندنا رجالة مستعدين يموتوا.
طبعاً قلت هذا الكلام لأن الغرب كان عمل حملة على روسيا وقال إن العرب زعلانيين لإن الاتحاد السوفيتى ما بعتلهمش قوات سوفيتية! ما أظنش ان احنا فكرنا إن تيجى قوات سوفيتية تحارب بالنيابة عنا.
وقفت معانا دول كتيرة صديقة كلنا عارفين الدول الصديقة وقفت معانا وقفت معانا الهند ووقفت معانا يوجوسلافيا ووقفت معانا الباكستان وغينيا ومالى وتنزانيا وزامبيا والكونجو كل الدول الاشتراكية وقفت معانا خارج الأمم المتحدة وقفت معانا الصين وكوريا الشمالية وفيتنام الشمالية وقفت معانا تركيا ووقفت معانا قبرص دول كتيرة وقفت معانا وقفت معانا اليونان ووقفت معانا أسبانيا. فيه لنا أصدقاء كتير وقفوا معانا.. فيه ناس يمكن كنا نعتبرهم أصدقاءنا ما وقفوش معانا طبعاً دول كل واحد حنعامله فى علاقاتنا حسب الموقف اللى وقفه.
طبعاً فى الموقف الدولى بنحسب أمريكا موقف أمريكا فى الأمم المتحدة وكلكم قريتوه فى الجرايد مافيش داعى ان أنا أعيده عليكم وازاى فضلت تضغط وتهدد وترشو بالمعونات علشان تحقق أهداف إسرائيل إذا كانت الأمم المتحدة قد عجزت عن إصدار قرار بسحب قوات العدوان فالسبب الرئيسى هو الضغط الأمريكى.
أيها الإخوة المواطنون:
ليس هناك طريق مختصر وقصير ولكن الطريق طويل وليس هناك طريق واحد ولكن طرق متعددة لابد أن نسلكها جميعاً للهدف الواحد وأثق أننا – بعون الله – سوف نجتاز الطريق بصعابه ومشاقه وأثق أننا – بعون الله – سوف نتحرك على كل الطرق المفتوحة أمامنا وسنصل.
أيها الإخوة المواطنون:
حينما يتكلمون عن السلام فأنا أقول لا يمكن لأى قوة أن تفرض السلام القبول بفرض السلام معناه القبول بالاستسلام وهم عايزينا نستسلم تحت اسم السلام الطريق الوحيد أمامنا – رغم النكسة ورغم كل شىء – هو المحافظة على حقوق شعب فلسطين ولن نتخلى عن حقوق شعب فلسطين.
أيها الإخوة المواطنون:
هذا أساس القضية لا يمكن أن نقبل السلام بمعنى الاستسلام ولا يمكن – رغم النكسة ورغم احتلال سينا – أن نتخلى عن حقوق شعب فلسطين لا يمكن أن نيأس ولا يمكن أن نكفر بأهدافنا ولا يمكن أن نفقد ثقتنا بأنفسنا أو بأمتنا العربية أو بشعبنا العربى.
أيها الإخوة : إنى أثق أن أجيالاً قادمة سوف تلتفت إلى هذه الفترة وتقول كانت تلك من أقسى فترات نضالهم لكنهم كانوا على مستوى المسئولية وكانوا الأوفياء بأمانتها. وفقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله
آخـر ..
خطاب في حياة عبد الناصر
في 23 يوليو 1970
فى افتتاح الدورة الرابعة للمؤتمر القومى من جامعة القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أفتتح الدورة الرابعة للمؤتمر القومى العام للاتحاد الاشتراكى العربى.
أيها الإخوة :
قبل أن نبدأ عرضاً لبعض القضايا الحيوية من نضالنا فإنى أريد أن أرجوكم فى الوقوف دقيقة من أجل ذكرى شهدائنا الذين أعطوا للوطن أنبل وأشرف ما يكون العطاء.
أيها الإخوة :
قبل أن أبدأ كلمتى يسعدنى أن أشترك معكم فى الترحيب بوفود الدول الشقيقة والصديقة وحركات التحرر الوطنى التى شاءت أن تعطينا شرف مشاركتها معنا فى هذا الاحتفال. إن اعتزازنا بوجودهم معنا هذه الليلة كبير كما أن شكرنا لهم وتعبيرنا عن تقديرنا لصداقتهم وفير وعميق .
أيها الإخوة المواطنون أعضاء المؤتمر القومى للاتحاد الاشتراكى العربي :
تلقيت صباح اليوم الرسالة التالية من وزير السد العالي :
باسم بناة السد العالى الذين تعهدوا بالانتهاء من إنشاء محطة كهرباء السد العالى فى العيد الثامن عشر للثورة تقديراً منهم لفضلها فى إنشاء هذا المشروع العظيم الذى لم يكن ليتم لولا التصميم الأكيد على تنفيذه بالرغم من المؤامرات الإمبريالية التى حيكت لإحباطه يسرنى أن أبلغ سيادتكم أن العمل بالسد العالى على هذا النحو يكون قد انتهى على أكمل وجه مع أصدق تمنيات جميع العاملين فيه فى هذه المناسبة مجددين العهد داعين الله أن يسدد خطانا على طريق النصر .
هكذا – أيها الإخوة المواطنون – فإنه وسط الحرب ووسط المعارك ووسط التضحيات ووسط المؤامرات يمضى الشعب المصرى قادراً قوياً عزيزاً أبياً لا توقفه عثرة ولا تعوقه صدمة ولا يخيفه خطر ولا يثنيه عن إيمانه بالله وإيمانه بقدره وإيمانه بحقه وإيمانه بنضاله جبروت أو إرهاب مهما كانت أدواته ومهما كانت القوى التى تسند وتدعم هذه الأدوات. إن الشعب المصرى بهذا العمل العظيم الذى تم واكتمل اليوم فى هذه الظروف يثبت مرة أخرى ويؤكد أنه إذا كانت شهادة التاريخ لصالحه فإن اتجاه المستقبل – بإذن الله – لصالحه أيضاً.
وما إتمام بناء السد العالى اليوم – وبرغم ضخامته الهائلة كمشروع من أكبر مشاريع البناء والتعمير فى عصرنا – إلا إشارة إلى هذا المعنى شعب أعطى للدنيا وللحياة وشعب سوف يعطى للدنيا وللحياة شعب يبنى كل يوم وشعب يقاتل فى أى يوم يعرف قيمة البناء ولكنه يدرك بعمق وأصالة فى نفس الوقت أهمية حمل السلاح دفاعاً عن الأمل فى البناء ودفاعاً عن تحقيق البناء .
ولقد تذكرون – أيها الإخوة – أن حرب السويس سنة 1956 قامت فى الأصل والأساس بسبب تصميم هذا الشعب على بناء السد العالى وتشاء الأقدار أن يتم بناء هذا السد العالى – بعد أربعة عشر عاماً من حرب السويس – بينما هذا الشعب يخوض غمار حرب أخرى. إن التصميم على بناء السد سنة 1956 أطلق شرارة حرب وها نحن اليوم فى وسط نار حرب أخرى تشهد البناء وقد اكتمل بعد كفاح عنيف ضار حاولت فيه كل القوى أن تثنى هذا الشعب عن عزمه فما زادته إلا إصراراً وحاولت أن تصد تقدمه فكانت النتيجة الوحيدة لذلك أن تفجرت طاقات أخرى كامنة فى أعماق هذا الشعب خرجت بالتصميم تبنى وخرجت بالتصميم تقاتل.
إننا – أيها الإخوة المواطنون – لا نحتاج فى هذا اليوم الغالى من أيام نضالنا – يوم ثورة 23 يوليو.. يوم مرور ثمانية عشر عاماً على قيام هذه الثورة – غير أن ننقل البصر بين خطين على أرض وطننا؛ لكى نعرف جوهر نضال هذا الوطن وأهداف هذا النضال والقوى التى تحرك فيه وتدفعه؛ خط عند الجنوب بعرض النيل العظيم هو السد العالى الذى اكتمل بناؤه هذا اليوم وخط عند الشمال بمحاذاة قناة السويس هو خط القتال الذى يخوض عليه الشعب المصرى والجيش الوطنى للشعب المصرى أشرف معاركه أعظم معاركه أعنف معاركه.
عند ذلك الخط على الجنوب بعرض نهر النيل يقف السد العالى وتقف بجواره محطة الكهرباء العملاقة التى دارت الوحدة الثانية عشرة فيها قبل ساعات وبذلك اكتمل بناء محطة من أكبر المحطات الكهربائية المائية فى العالم. بالسد العالى نفسه – أيها الإخوة – تم حتى الآن تحويل 836 ألف فدان من أراضى الحياض إلى الرى الدائم وتم استصلاح 850 ألف فدان جديدة أضيفت إلى الرقعة الزراعية انتصاراً على الصحراء ومازالت عمليات الاستصلاح على المياه الفائضة مستمرة كل يوم لا تتوقف لحظة مهما كانت الظروف. وبكهرباء السد العالى فإن طاقة قدرها 10 مليار كيلو وات/ساعة قد أضيفت إلى طاقتنا وبذلك فإن دخل الفرد المصرى من الطاقة الكهربائية المتاحة يرتفع إلى 500 كيلو وات/ساعة فى السنة فى حين أنه كان أقل من 40 كيلو وات/ساعة فى السنة قبل الثورة.
عند الخط الآخر فى الشمال بمحاذاة قناة السويس يقف الجيش المصرى يقاتل يحقق شبابه كل يوم مثلاً أعلى فى شرف الوطنية وشرف الجندية معاً. إن الجيش المصرى – جنوده وضباطه وقياداته – قام بجهد خارق لإعادة بناء نفسه بعد ظرف من أسوأ الظروف التى واجهها نضالنا وتمكن هذا الجيش – الذى ظن العدو أن أمره قد انتهى إلى عشرات السنين – من أن يعود إلى القتال مرة أخرى فى سرعة سوف يعدها التاريخ المنصف لهذه الفترة ضرباً من المعجزات.
وكما كان التعاون المخلص من جانب الاتحاد السوفيتى عاملاً رئيسياً فى بناء السد العالى فإن التعاون المخلص من جانب الإتحاد السوفيتى قد مكن هذا الجيش من أن يحصل على المعدات والخبرة اللازمة له لإعادة البناء.
كما أن الجهد المتفانى الذى بذله مئات الألوف من رجال وشباب مصر ممن كان لهم فى هذه الفترة العصيبة شرف الخدمة العسكرية؛ حقق مستوى قتالياً لم يكن يخطر على بال الصديق أو بال العدو قبل ثلاث سنوات. ويخوض الجيش المصرى الآن هذه الأيام معركة لها أهمية خاصة هى المعركة ضد التفوق الجوى الإسرائيلى؛ هذا التفوق الذى مكنته منه وساعدته عليه الولايات المتحدة الأمريكية بعد عدوان 1967.
إن العدو كان يريد أن تظل الجبهة المصرية مكشوفة لكى يستطيع بتفوقه الجوى أن يحدد مجال حركته. إن العدو يقوم بغارات كل يوم من 20 إلى 150 غارة ساعات ممتدة وطيران العدو يحلق فوق قواتنا. إن العدو فى بعض الأيام يلقى 1000 طن من القنابل ما يساوى مليون جنيه إسترلينى ثمناً لما يلقى على الجبهة من المتفجرات وكان تركيز العدو الأشد على عناصر الدفاع الجوى وكان هدفه أن يمنع هذه العناصر من أداء دورها على الجبهة لكن العدو لم يستطع وكان اعترافه أخيراً بأن عدد بطاريات الصواريخ المصرية على الجبهة يتزايد ولا يتناقص برغم ضراوة الغارات الجوية وشراستها وبدأت طائرات “الفانتوم” الأمريكية تتساقط على أراضينا وبدأ طيارو “الفانتوم” – الصفوة المنتقاة من القوة العسكرية الإسرائيلية العدوانية – يقعون أسرى فى أيدى رجالنا.
أيها الإخوة المواطنون:
وبين ذلك الخط عند الجنوب بعرض نهر النيل أمام أسوان وبين الخط الآخر عن الشمال بمحاذاة قناة السويس فإن الوطن المصرى كله صامد مؤمن عامل بالجد كله وبالإخلاص والإيمان بالهدف.. جبهة داخلية كان العدو وأصدقاء العدو ينتظرون أن تتشقق وتنهار ثم تتهاوى فإذا هى تزداد صلابة وإرادة كان العدو وأصدقاء العدو يتصورون أنها سوف تهتز وتضعف فإذا هذه الإرادة فى وقت الشدة أكثر ثباتاً وطاقة عمل بطولى يقوم بها الفلاحون والعمال من قوى هذا الشعب العامل.
إن قيمة الإنتاج الزراعى زادت بين سنة 1967 إلى سنة 1969 بنسبة 15% إن الزيادة فى الصادرات الزراعية خلال هذه الفترة – وبرغم الحرب – زادت بنسبة 40%. إن إنتاجنا من القطن مثلاً سنة 1969 وصل إلى 10.8 مليون قنطار وهو أعلى إنتاج وصلت إليه البلاد فى كل تاريخ زراعة القطن فيها. كان محصولنا من القطن سنة 67 ( 8.7 ) مليون قنطار وفى سنة 69 كان معنى الرقم الذى تحقق أن هناك نسبة زيادة قدرها 24% تزيد قيمتها على 50 مليون جنيه وكان متوسط إنتاج الفدان 6.6 قنطاراً أعلى متوسط لإنتاج القطن فى تاريخنا.
وبعد الحرب – أيها الإخوة – زادت صادراتنا من الأرز بنسبة 67% سنة 1970 بلغ إنتاجنا من القمح 10.1 مليون أردب مقابل 8.6 مليون أردب سنة 1967 سنة 1969 بلغ الإنتاج من الذرة الشامية 16.9 مليون أردب مقابل 15.2 مليون أردب سنة 1967؛ أى بزيادة قدرها 1.7 مليون أردب وأصبح لدينا لأول مرة منذ وقت طويل اكتفاء ذاتى فى الذرة. وفى الموسم الأخير فلقد كان إنتاجنا 5 مليون طن من قصب السكر أنتجت 546 ألف طن سكر مقابل 3.4 مليون طن قصب و388 ألف طن سكر عام 1967؛ أى أن الزيادة فى السكر وصلت إلى 40%.
هذه بعض الملامح البارزة من الصورة فى ميدان الزراعة حيث يعمل الفلاحون قوة العمل الكبرى فى هذا الوطن والدعامة الأساسية بين قوى الشعب العاملة.
وهذه هى أرقام قليلة وليست كل الأرقام وأنا كنت حريصاً على أن أقولها اليوم؛ لأن عدونا فى صحفه – ومن يساندون العدو أيضاً – يقولون إننا صمدنا عسكرياً ولكنا سننهار اقتصادياً. وأنا أحب أن أقول لكم ولأبناء هذه الأمة وللأمة العربية كلها: إن الشعب المصرى بعد سنة 1967 حينما صمم على الصمود صمم أيضاً على العمل وزاد الإنتاج فى كل ميادين الإنتاج فى الزراعة وفى الميادين الأخرى.
إذا انتقلنا إلى الصناعة حيث يقف العمال من قوى هذا الشعب العامل المناضل فإننا سوف نجد صورة مشرقة ومشرفة أخرى تمت كلها تحت ظروف الحرب وفى ظلال أخطارها؛ سنة 66/67 كانت قيمة الإنتاج الصناعى 1077 مليون جنيه و618 ألف ولم يكن فى هذا الإنتاج زيادة تذكر عن السنة السابقة لها.
سنة 1967/1968 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1169 مليون جنيه و419 ألف بزيادة قدرها 91 مليون جنيه و801 ألف بنسبة زيادة قدرها 8.5%. سنة 1968/1969 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1322 مليون جنيه و698 ألف بزيادة قدرها 245 مليون جنيه و80 ألف بنسبة زيادة قدرها 22.8%.
سنة 1969/1970 بلغت قيمة الإنتاج الصناعى 1421 مليون جنيه و987 ألف بزيادة قدرها 344 مليون جنيه و369 ألف بنسبة زيادة قدرها 32% .
وكانت تلك زيادات فى الإنتاج الحقيقى بدون حساب أى زيادة سعرية؛ أى أن النمو كان نمواً كمياً وفعلياً ولم يتحقق ذلك برغم ظروف الحرب وظلال أخطارها فقط ولكنه تحقق برغم ما لحق بمنطقة من أهم المناطق الصناعية لدينا قبل الحرب وهى منطقة القناة. ولعله مما يؤكد زيادة الإنتاج وقيمة هذه الزيادة أن الصادرات الصناعية فى فترة الحرب حققت نسبة زيادة قدرها 63% وقفزت صادراتنا الصناعية من 82 مليون جنيه و238 ألف سنة 66/67 إلى 134 مليون جنيه و66 ألف سنة 69/70.
أيها الإخوة المواطنون:
إن الشعب المصرى لم يكن وحده فى هذه الوقفة التاريخية الرائعة فى جو الحرب وأمام مخاطر العدوان والإرهاب وإنما وقفت معه أمته العربية كلها تدرك دوره فى النضال وتعرف له حقه فى تحمل العبء الأكبر من تبعات المعركة المصيرية الدائرة. كانت هناك أولاً وقبل كل شىء الجماهير المؤمنة التى لا تعرف هدفاً غير حرية الأمة العربية ولا تعرف مطلباً غير انتصار هذه الحرية. كانت هناك الجماهير العربية الواعية التى تعرف كل شىء وتتابع كل شىء وترصد كل محاولات التضليل وتتمسك فى إيمان وعزم بجوهر قضيتها؛ لأن الجماهير العربية هى أولاً وأخيراً صاحبة القضية صاحبة هدف الحرية صاحبة مطلب انتصارها.
كانت هذه الجماهير عرضة لحرب نفسية تتبع أحدث الأساليب والوسائل وتؤدى دورها بخبث وذكاء لكن الجماهير العربية كانت أقوى من هذه الحرب النفسية كانت الجماهير العربية تتابع العمل العسكرى بوعى وتدرك مراحله المتعددة وكانت الجماهير العربية تتابع العمل السياسى بوعى وتدرك متطلباته الضرورية وخلال هذا كله كانت الجماهير ترفض التضليل.. كانت ترفض أن تسمع ادعاء الحرص عليها من أعدائها.
وكانت الجماهير قادرة على التمييز بين الذين يتاجرون بالكلمات فى أسواق المناورات الضيقة ومزايداتها وبين الذين يتقابلون مع الموت فى ساحة ميدان القتال كانت الجماهير تدرك الأهمية الحاسمة للعمل العسكرى وكانت الجماهير تدرك الضرورة الواجبة للعمل السياسى. كانت الجماهير العربية تدرك أن الهدف واحد ولكن الحركة على طريق تحقيق هذا الهدف لابد أن تكون لها حرية كاملة إزاء عدو يتحرك بسرعة وإزاء عالم يهتم بالصراع الذى يجرى على أرض الشرق الأوسط وإزاء قوى دولية بينها من يصادقنا وبينها من يصادق عدونا. ولم تكن جماهير الأمة العربية ترقب هذا كله ساكتة تنتظر النتيجة ولكنها كانت تكافح عليها وبقدر ما وسعتها الوسائل المتاحة لها.
ومن مثل هذا اليوم فى العام الماضى إلى يومنا هذا الذى نحتفل فيه بيوم 23 يوليو شهدت أرض الأمة العربية تغييرات كيفية وكمية لها أهميتها الكبرى فى الصراع. شهدت الأمة العربية كيف قامت الطليعة للقوات المسلحة فى ليبيا وأعلنت الثورة وأعلنت مبادئها؛ الحرية والاشتراكية والوحدة.
كيف قام الشعب الليبى يؤيد ثورته ويؤيد الطليعة التى قامت لتحريره.. يؤيد قواته المسلحة ثم كيف خرج مجلس قيادة الثورة بقيادة الأخ معمر القذافى ليعلنوا على الملأ أنهم صمموا على الكفاح والنضال من أجل شرف ليبيا وحرية ليبيا ومن أجل شرف الأمة العربية وحرية الأمة العربية وصمموا بعد هذا على جلاء القواعد الأجنبية.
واليوم قبل أن تمضى سنة واحدة على الثورة الليبية شهدنا احتفالات الشعب الليبى فى طرابلس وبنغازى بانتهاء القواعد الأجنبية الإنجليزية والأمريكية وبجلاء أخر جندى أمريكى أجنبى من أرض الثورة.. أرض ليبيا. وحينما ذهبت إلى ليبيا فى هذه الأيام كان نزول الطائرة فى القاعدة الأمريكية التى حررها ثوار ليبيا والتى كانت تسمى قاعدة “هويلس” وسموها فى ليبيا بعد تحريرها قاعدة عقبة بن نافع.
نزلت فى المطار ووجدت الشعب الليبى وهو ينتشر فى جميع أرجاء القاعدة الشعب الليبى وهو يعانق أبناء قواته المسلحة ورأيت أيضاً الشعب الليبى الشقيق وهو يحتضن معمر القذافى وأعضاء مجلس قيادة الثورة.
وكنت أذكر فى هذه الأيام كيف استخدمت هذه القواعد ضدنا فى سنة 56 وكيف خرج الشعب الليبى يناضل ويكافح ويهاجم القواعد ويقع منه القتلى والجرحى برصاص المحتلين ثم بعد هذا ثار الشعب الليبى مرة أخرى وطالب بإنهاء القواعد وخروج الأجانب من أرض الوطن الليبى وتعرضوا أيضاً للرصاص ثم بعد هذا ثاروا مرة أخرى وتعرضوا أيضاً للرصاص.
ورأيتهم فى هذا اليوم وقد حققوا الأمانى التى كافحوا من أجلها طويلاً كافح من أجلها هذا الشباب وكافحت من أجلها أجيال مضت وقلت فى هذه اللحظة: الحمد لله.. لقد انتصرت ليبيا وقد جلى الأجانب عن أرض ليبيا وإن الثورة الليبية نصر للأمة العربية كلها.
ورأيت – أيها الإخوة – اتجاه الثورة الليبية إلى الحرية السياسية وفى نفس الوقت إلى الثورة الاجتماعية وكان معمر القذافى يتكلم ويقول: إن مجلس قيادة الثورة حقق الحرية السياسية وهو يتجه الآن نحو عمل كبير من أجل تحقيق الكفاية والعدل وهو الثورة الإجتماعية.
إننا – أيها الإخوة – ننظر لشعب ليبيا البطل وقادة ليبيا الأبطال ونقول لهم: إنكم بعملكم هذا دعمتم الأمل للأمة العربية إنكم بندائكم من أجل الحرية وعملكم على تحقيق حرية الوطن قد ساهمتم فى حرية الوطن العربى وعملكم من أجل الحرية الاجتماعية قد ساهمتم فى رفع شأن الوطن العربى وعملكم من أجل الوحدة إنما يحقق التضامن والقوة والمنعة بين أبناء الأمة العربية كلها.
أيها الإخوة:
لقد التقيت بقادة الثورة فى ليبيا وكنا نعلم أن الأعداء – الاستعمار وأعوان الاستعمار – لايرغبون أبداً فى قيام علاقات قوية أخوية بيننا وبين ليبيا وبدءوا فى نشر الإشاعات وبدءوا فى نشر الأقاويل. وتكلمت فى هذا مع الإخوة من أعضاء مجلس قيادة الثورة وقلت لهم: إن الأعداء من المستعمرين وأعوانهم سيعملون دائماً على الوقيعة وبذر بذور الشك وقلت لهم نحن لا نريد من ليبيا أى شىء على الإطلاق إننا لا نريد من ليبيا الثورة أكثر من العمل الكبير الذى حققته ليبيا الثورة. لقد حصل النضال العربى على دور ليبيا كاملاً لصالح الثورة العربية ولصالح التحرر العربى بقيام الثورة فيها وقيام الثورة فى ليبيا – أيها الإخوة – لا يمكن أن يقدر بمال.. نجاح الثورة فى ليبيا – أيها الإخوة – كسب بغير حدود دخول ليبيا إلى إطار الدول العربية المتحررة التقدمية المناضلة هو أمل بدا فى بعض الظروف كأنه الخيال ولقد حققت الثورة فعلاً ما كان يبدو خيالاً. وقلت لهم نحن لا نريد شيئاً من ثروة الشعب الليبى.. ثروة الشعب الليبى للشعب الليبى وليه قلت الكلام دا؟ الحقيقة لأن الاستعمار ركز على هذه النقطة وقال إن مصر بتتقرب إلى ليبيا طمعاً فى أموال ليبيا وقلت لإخواننا أعضاء مجلس الثورة يجب ألا نكون على استحياء فى معالجة الأمور ويجب أن نتكلم فى الأمور بصراحة.
نحن كسبنا من الثورة الليبية ولكنا لا ننظر أبداً من أجل أموال الشعب الليبى نحن كنا دائماً نريد حرية الشعب الليبى؛ لأن حرية الشعب الليبى ضمان لشعب ليبيا وضمان لنا. وزى ما قلت لكم فى سنة 56 هوجمنا من “هويلس” ومن قاعدة العظم النهارده والثورة الليبية موجودة بتحمى ضهرنا ولن يستطيع العدو ولن تتمكن إسرائيل ولا أعوان إسرائيل ولا من هم وراء إسرائيل من أن يستخدموا الثورة الليبية.. القواعد الليبية ولكن الثورة الليبية ستكون معنا ضد عدونا وضد من هم وراء عدونا.
وأنا الحقيقة.. أنا أما باقول هذا الكلام النهارده؛ أنا مش باقوله لكم الحقيقة أنا باقوله للشعب الليبى. إننا إخوة للشعب الليبى سنعمل دائماً بكل طريقة وبكل وسيلة على أن نتضامن وعلى أن نتكاتف وعلى أن نساعد بعضنا البعض من أجل التنمية ومن أجل التطور ويجب على كل فرد من أبناء هذه الأمة أن يقاوم الحرب النفسية التى توجه إلى الأمة العربية حتى تفرق بين أبناء الأمة العربية.
عندنا عدد من الخبراء فى ليبيا؛ فيه عدد الحكومة الليبية بتدفع له مرتباته وفيه عدد احنا بندفع مرتباته؛ لأننا نعتبر أن هذا واجب علينا. دا موضوع يجب أن يعرفه الشعب المصرى والشعب الليبى ويجب ان الشعب الليبى يعلم أن من يقولون إن الشعب المصرى يطمع فى ثروة الشعب الليبى ليسوا أصدقاء لا للشعب الليبى ولا للشعب المصرى ولكنهم يريدوا للشعب الليبى العزلة؛ حتى يستفردوا به وحتى يمكن لهم أن يتآمروا.
إننا نقدر الثورة الليبية وإننا نقدر معمر القذافى زعيم الثورة الليبية وإننا نحيى الرائد عبد السلام جلود نائب رئيس الوزراء الليبى وإننا نقول لهم جميعاً: سيروا فى طريقكم.. الطريق الذى اخترتموه.. الطريق الصعب.. الطريق الذى ينتج عنه الخير لأبناء الشعب الليبى وأبناء الأمة العربية كلها ونقول لهم بكل تواضع أيضاً: إننا معكم.. إن الشعب المصرى معكم يساندكم ويسير معكم فى معركتكم فى السراء وفى الضراء وإذا قاتلتم فإن الشعب المصرى سوف يقاتل معكم.
أيها الإخوة:
وبعد سنة 1967 وبعد النكسة حينما قال الأعداء إن الأمة العربية قد تفتت وإن الأمة العربية قد انتهت وإن روح القومية العربية قد ضاعت وإن الثورات التقدمية فى طريقها إلى الزوال وفى طريقها إلى الانهيار بعد هذا شهدت أرض الأمة العربية الثورة السودانية وقامت الطلائع من القوات المسلحة السودانية.. الطلائع الوطنية وأعلنت الثورة تحرير البلاد. وقام قائد الثورة الأخ نميرى يعلن الثورة السياسية وأيضاً الثورة الاجتماعية وصممت الثورة فى السودان على أن تتحرر كلياً من النفوذ الأجنبى وعلى أن تعمل بكل طاقاتها فى إطار التضامن العربى وفى إطار الوحدة العربية ومن أجل الحفاظ على استقلال وحرية الأمة العربية. وحينما التقيت بالشعب السودانى فى أول يناير وفى احتفالات عيد الثورة؛ رأيت الشعب السودانى حريص كل الحرص على أن تنجح ثورته وعلى أن يفدى ثورته بالدم وعلى أن يحقق فى هذه الفرصة التى وجدها بعد سنين طويلة من الاستقلال؛ يحقق لنفسه الاستقلال السياسى الحقيقى ويحقق لنفسه الثورة الاجتماعية الحقيقية التى ينتج عنها الكفاية والعدل.
تسير الثورة السودانية فى طريق التحول الاشتراكى وهو طريق شاق وصعب ونحن قلنا لهم ونقول لهم الآن: إننا معكم.. مع السودان الثورة؛ من أجل العمل على الحفاظ على الحرية والاشتراكية التى ناديتم بها والتى أعلنتموها وإن شعب مصر كان دائماً الشقيق لشعب السودان وسيبقى دائماً الأخ الشقيق لشعب السودان.
أيها الإخوة:
لقد صمدت سوريا بعد أن تعرضت للعدوان فى سنة 67 وبعد أن اعتقد العدو أنها ستنهار صمدت سوريا بمبادئها التقدمية وصممت القوات المسلحة السورية على أن تعيد البناء فأعادت البناء.. أعادت البناء بقوة وبعزم وبتصميم. وإننى أحيى القوات المسلحة السورية التى ناضلت وصمدت وقاتلت أشرف قتال وإننى أحيى أيضاً باسمكم شعب الجمهورية العربية السورية وأقول لهم إننا معكم فى كفاحنا من أجل النصر وستبقى دائماً دمشق قلب العروبة النابض.
وصمدت الأردن وكانوا يعتقدون أن شعب الأردن لن يصمد بعد أن انتزعوا منه أكثر من 50% من أراضيه وبعد أن عملوا بكل الوسائل على الوقيعة بين الأردن والمقاومة ولكن الشعب الأردنى والجيش الأردنى استطاع أن يفوت على العدو كل الفرص التى تركز الانقسام. وإننا نرى اليوم الأردن.. الأردن القوات المسلحة.. والأردن الملك حسين.. والأردن الشعب والمقاومة الفلسطينية يسيرون جنباً إلى جنب وإننا نرى أيضاً الوعى الكبير الذى يتسلح به شعب الأردن وتتسلح به المقاومة فى الأردن؛ حتى لا تحدث مصادمات وحتى لا تحدث تناقضات وقد حدثت بعض التناقضات ولكن استطاع الجميع تلافى هذه المتناقضات.
أيها الإخوة:
لقد تعرض شعب لبنان للعدوان الإسرائيلى وأراد العدو أن يوقع بين شعب لبنان والمقاومة ولكن الشعب اللبنانى وقادة الشعب اللبنانى استطاعوا أن يفوتوا الفرصة وأن يوقعوا اتفاق بين المقاومة الفلسطينية وبين السلطة فى لبنان. وبهذا استطاع الشعب اللبنانى وقياداته الشعبية الوطنية أن يتنبهوا إلى أنه ليس هناك ضمان للبنان غير نضال أمته العربية التى هو جزء لا يتجزأ منها ولا ينفصل مصيره عن مصيرها وقد استطاعوا إحباط كل المحاولات التى دبرت للوقيعة وكانت اليقظة وكان التنبؤ وكان الإدراك الواعى لمرامى العدو وأصدقاء العدو الحصن الكبير.
وحاول العدو أن يستخدم الطائفية ولكن الشعب اللبنانى استطاع أن يدرك بوعيه أن إسرائيل حينما تعتدى بالطائرات أو حينما تعتدى بالدبابات لا تفرق بين المسلم والمسيحى ولكنها ترى أمامها اللبنانى فقط.
أيها الإخوة:
ثم ظهرت المقاومة الفلسطينية واستطاعت المقاومة أن تحول الشعب الفلسطينى من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين واستطاع العمل الفلسطينى أن يفرض نفسه على كل العالم واستطاعت منظمة فتح – التى بدأت هذا العمل والتى بدأت الفداء من أجل تحرير الشعب الفلسطينى – وقيادة فتح أن يجدوا تأييداً كبيراً فى العالم العربى.
ثم استطاعت منظمات المقاومة كلها أن تجتمع فى لجنة مركزية من أجل توحيد عملها ومن أجل توحيد أهدافها. وأنا أقول إن العدو سيحاول دائماً أن يفرق بين أبناء المقاومة الفلسطينية وبين أبناء الشعب الفلسطينى ولكننا نرى حتى الآن أن الشعب الفلسطينى والمقاومة الفلسطينية بالوعى الكبير استطاعوا أن يحبطوا مؤامرات الاستعمار وأعداء الاستعمار.
يبقى بعد هذا – أيها الإخوة – أن أتكلم عن الجبهة الشرقية وكانت الجبهة الشرقية مجال اهتمام كبير منا ومن أبناء الأمة العربية كلها؛ سواء فى المشرق أو فى المغرب وأيضاً كانت مجال اهتمام كبير فى العالم كله. ولكن كان الجميع يعلقون أن الجبهة الشرقية تريد مزيداً من الدعم وتريد مزيداً من العمل وكانت إسرائيل تقول إن هدفها هو إضعاف الجبهة الشرقية؛ لأن الجبهة الشرقية تطل على إسرائيل نفسها وتطل على إسرائيل فى المناطق الحساسة والمناطق الصعبة منها.
وحينما قال العقيد معمر القذافى أنه يريد أن يرفع شعار قومية المعركة بدل إقليمية المعركة وإنه سيقوم بجولة فى جميع أنحاء الأمة العربية من أجل العمل على أن تكون المعركة قومية شجعنا هذه الجهود. وكانت وجهة نظر العقيد القذافى يجب توحيد العمل فى الأمة العربية.. يجب توحيد العمل القومى فى مواجهة الاستعمار والصهيونية فيه 100 مليون عربى قدام 2.5 مليون إسرائيلى وعلى هذا الأساس نتساءل: هل فعلاً الـ 100 مليون عربى يواجهوا الـ 2.5 مليون إسرائيلى؟ وكان رد العقيد القذافى أنه حتى الآن لا يستطيع إنسان أن يقول أن الأمة العربية عبأت جهودها وعبأت نفسها ضد العدو الصهيونى ومن هم وراءه وأن من يقوم بالعمل فقط هم دول المواجهة. وقال معمر القذافى إنه يشعر أن عليه واجب كبير من أجل جمع شمل الأمة العربية ونحن شجعنا هذا وتكلمنا فى هذا فى طرابلس حينما اجتمعنا فى المؤتمر. ونرجو من الله أن يوفق العقيد معمر القذافى فى تحقيق هدفه من أجل جمع شمل الأمة العربية حتى تشترك كلها.. كل دولها بكل طاقاتها فى المعركة وبهذا نستطيع أن نواجه إسرائيل وأن نواجه أمريكا.
أيضاً بعد النكسة حدث مؤتمر الخرطوم فى سنة 1967 وكانت هناك مناقشة كبرى وكان هناك من يقول إن الأمة العربية لن تستطيع أن تصمد؛ فإنها ستنهار سياسياً واقتصادياً كما انهارت عسكرياً ولن يمكن لقواتها العسكرية أن تعود إلى الوجود مرة أخرى. وبعد أن تناقشنا مناقشات طويلة فى هذا المؤتمر خرجنا بضرورة دعم الدول التى خسرت خسارات كبيرة نتيجة عدوان 67 اللى هى مصر والأردن.
وبهذا سار الدعم العربى واستطعنا بهذا الدعم العربى فعلا أن نواجه كل الضغوط الاقتصادية. فنحن فى مصر مثلا خسرنا دخل قنال السويس 120 مليون جنيه وخسرنا دخل آبار البترول فى سيناء 25 مليون جنيه وخسرنا مراكز مناجم الفحم والمنجنيز وأشياء أخرى وأيضاً خسرنا بعد هذا المناطق الصناعية فى منطقة القنال ومعامل تكرير البترول فى القنال ومعمل السماد فى القنال.
وكانت الأموال التى خصصت للدعم كانت تمكيناً لنا على أن نسير وعلى أن نصمد اقتصادياً ضد مواجهات العدو. وبعد هذا اجتمعنا فى آخر العام الماضى فى الرباط ولم ينجح مؤتمر الرباط كما كنا نريد ولكنه ليس بداية محاولات العمل العربى الموحد وليس نهاية هذه المحاولات.
أيها الإخوة:
إننا نسعى دائماً ونعمل دائماً من أجل مبادئ الحرية فى جميع أنحاء الوطن العربى وحينما أعلنت بريطانيا أنها ستجلى قواتها من مناطق الخليج العربى وبهذا تتحرر جميع أراضى الأمة العربية كنا نشعر أن الأمة العربية قد حققت هدف كبير من أهدافها.
وكنا نشعر أن الأمة العربية التى كافحت وناضلت طويلاً تستطيع أن تقول الآن إنها تجنى ثمار كفاحها ونضالها وتجنى ثمار الدم الذى بذله أبناؤها. ولكنا نسمع فى هذه الأيام أن الحكومة الجديدة فى بريطانيا تريد أن تبقى قواعد عسكرية إنجليزية فى منطقة الخليج العربى وبهذا نشعر جميعاً فى كل أنحاء الأمة العربية أن بريطانيا تقف ضد تحرير الأمة العربية من الاحتلال الذى استمر سنوات طويلة فى بلاد متعددة آخرها هى إمارات الخليج.
إننا – أيها الإخوة – نرفض رفضاً قاطعاً كل محاولات حكومة المحافظين الإنجليزية فى العودة إلى سياسة الوجود فى الخليج العربى تحت ستار سياسة شرق السويس. وإننا نقول إن الأمة العربية كلها ستناضل من أجل إخراج القوات الإنجليزية المحتلة من كل الأراضى العربية.
إن بريطانيا اليوم تعود بسياسة استعمارية ظاهرة فهى تريد أن تبقى قواتها فى منطقة الخليج العربى وفى نفس الوقت فإن بريطانيا تحاول أيضاً فى إفريقيا أن تقف ضد الحقوق المشروعة للشعب الإفريقى خصوصاً فى جنوب إفريقيا وبهذا تعرض كل الحرية الإفريقية للخطر وتعرض كل الوحدة الإفريقية للخطر. وإننا نعلن أيضاً من هذا المكان الاستنكار الشديد لمحاولة بريطانيا العودة إلى بيع الأسلحة إلى حكومة جنوب إفريقيا إنها بهذا تستعمر الخليج العربى وإنها بهذا تقف ضد حرية إفريقيا.
أيها الإخوة المواطنون:
إن نضال أمتنا العربية خلال هذا كله لم يكن يجرى ولم يكن ممكناً أن يجرى بمعزل عن العالم.. العالم فيه الصديق لنا وفيه الصديق لعدونا وإذا استطعنا أن نتذكر ما حدث من 1967 لغاية دلوقت يبقى من السهل علينا أن نعلم من هم الأصدقاء ومن هم أصدقاء إسرائيل.
حينما نتذكر الأصدقاء الذين وقفوا معنا فى محنتنا فى الأيام الحالكة الظلام فى سنة 1967 نقول إن أول هؤلاء الأصدقاء وأهمهم وأحقهم بشكرنا الدائم وعرفاننا غير المحدود هو الإتحاد السوفيتى الذى وعدنا فى يوم 11 يونيو سنة 1967 فى رسالة استلمتها من قادة الإتحاد السوفيتى “برجنيف” و”بودجورنى” و”كوسيجين” اننا يجب ألا نيأس وأن الاتحاد السوفيتى سيساعد بكل الوسائل بأن يمدنا مجاناً بأسلحة بدل الأسلحة التى فقدناها فى معارك سيناء.
وكان هذا هو أول حجر فى بناء قواتنا المسلحة ومنذ الأيام الأولى بدأت هذه الأسلحة ترد إلينا من الإتحاد السوفيتى وكان الجميع يقولون فى الغرب وفى الولايات المتحدة الأمريكية وفى إسرائيل إننا قد انتهينا وأن لا فائدة ترجى من قواتنا المسلحة أو منا بعد الهزيمة التى حدثت فى يونيو وكان بعض قادة إسرائيل يقولون فى هذا الوقت إنهم ينتظرون على التليفون حتى تأتيهم مكالمة من القاهرة أو من دمشق تبلغهم فيه أن الشعب قد صمم على الاستسلام وأن القيادة فى القاهرة والقيادة فى دمشق تسأهم عن شروط الاستسلام إن الشعب صمد فى هذه الأيام.. الشعب المصرى وشعوب الأمة العربية كلها رفضت الهزيمة ولكنا أيضاً كنا نحتاج إلى الأسلحة التى ندعم بها قواتنا المسلحة؛ ولهذا حينما نقول إننا نشكر الاتحاد السوفيتى ونعبر له عن عرفاننا نقول هذا لأن الإتحاد السوفيتى بعد أيام قليلة – رغم هذه الكلمات ورغم هذه الأمانى التى كان يريدها الأعداء – أرسل إلينا الطائرات والدبابات والمدافع والأسلحة وأعطانا الأمل الكبير فى أننا سوف نصمد وسوف ننتصر بإذن الله.
أيها الإخوة:
وبعد هذا استطاعت إسرائيل أن تحصل على أسلحة جديدة بعد 67 حصلت على أسلحة جديدة من بريطانيا ومن أمريكا وزادت قوتها عما كانت عليه فى سنة 67 وكان من الواضح لنا أن استعواض ما خسرناه فى سنة 1967 فقط سيضعنا دائماً تحت رحمة إسرائيل وتحت رحمة الولايات المتحدة الأمريكية التى تدعم إسرائيل. وتكلمنا مع الاتحاد السوفيتى فى هذه الأمور وعبر لنا قادة الاتحاد السوفيتى عن استعدادهم للدعم العسكرى حتى نستطيع أن نبنى الجيش الدفاعى ثم نبنى الجيش الهجومى الذى يساعدنا فى تحرير أراضينا المغتصبة.
حينما أتكلم عن الاتحاد السوفيتى أقول أيضاً إن الاتحاد السوفيتى ساعدنا فى دعمه السياسى؛ سواء فى الأمم المتحدة أو فى المجالات الدولية حينما كانت أمريكا تساعد إسرائيل وتعاونها على أن تبقى فى الأرض المحتلة. وحينما أتكلم عن الاتحاد السوفيتى أقول أيضاً إن الاتحاد السوفيتى ساعدنا اقتصادياً فحينما كان هناك نقص فى بعض المواد الخام ولم يكن عندنا من العملة الصعبة ما يمكننا من أن نشترى المواد الخام من الأسواق الحرة التى تتعامل بالنقد الحر؛ طلبنا من الاتحاد السوفيتى أن يعطينا المواد الخام الثمينة وفق اتفاقيات الدفع فاستجاب إلينا الاتحاد السوفيتى. حينما نتكلم عن الاتحاد السوفيتى نقول إننا بعد هزيمة سنة 67 كان من الضرورى لنا أن نتعلم وكان لازم لنا جداً ونحن نحصل على أسلحة حديثة أن نستعين بالاتحاد السوفيتى؛ حتى نتعلم كيف نستعمل هذه الأسلحة الحديثة وعلى هذا الأساس طلبنا من الاتحاد السوفيتى الخبراء ووافق الاتحاد السوفيتى على أن يعطينا الخبراء وهؤلاء الخبراء يوجدون الآن فى وحدات قواتنا المسلحة ويعملون بصورة أخوية وبصورة تعاون كامل مع قواتنا المسلحة هم لا يقاتلون ولكنهم يعملون ويعطون المشورة.
أيها الإخوة:
فى يناير الماضى تعرضنا لغارات إسرائيلية فى العمق؛ فى المعادى فى حلوان فى أبو زعبل فى الخانكة فى مناطق كثيرة متعددة؛ فى هايكستب وكنا نسمع كل يوم التهديدات الإسرائيلية التى تقول إنهم أرادوا أن يقنعوا القوات المسلحة المصرية بأن إسرائيل قادرة على كل شىء وأغاروا على القوات المسلحة بآلاف الأطنان من المفرقعات ومن قنابل الطائرات ولكن القوات المسلحة لم تقتنع بأن إسرائيل قادرة على أن تفعل كل شىء والقوات المسلحة لم تطلب التسليم. وقالوا بعد هذا فى تصريحات علنية نشرت فى جميع أنحاء العالم: إذا كانت القوات المسلحة لم تقتنع فإننا على استعداد لأن نقنع الشعب أن لا فائدة من الصمود وأن لا فائدة من القتال وعلى هذا الأساس بدأت الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية فى ضرب العمق وضرب المصانع كما ضربوا مصنع أبو زعبل والاعتذار بعد هذا بان دا كان غلط ثم ضرب مدارس الأطفال زى ما ضربوا مدرسة بحر البقر وقالوا بعد كده إن الموضوع بهذا الشكل لم يكن موضوع مقصود.
وفى الحقيقة فى هذه الأيام كان دفاعنا الجوى فى حاجة إلى تقوية وفى حاجة إلى دعم حتى نستطيع أن نواجه إسرائيل.. إسرائيل أخذت “الفانتوم” فى سنة 69 أخدت 50 طيارة “فانتوم” وأخدت 100 طيارة “سكاى هوك”.. ليه؟ علشان يدافعوا عن نفسهم واللا علشان يهاجمونا؟ كان من الواضح إنهم أخذوا هذه الطائرات بالاتفاق مع الولايات المتحدة حتى يهاجمونا وحتى يهاجموا وحداتنا الاقتصادية وحتى يهاجموا المدن وحتى يهاجموا الأهداف الحيوية. والحقيقة وجدنا فى هذه الأيام أن وسائلنا للدفاع الجوى لم تكن قادرة على أن توقف هذا التهديد الخطير الإسرائيلى الذى كانت تؤيده أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية وكان الأمر بالنسبة لنا كقيادة أمر صعب جداً وخطير جداً؛ حيث أن الشعب كان معرض لتصعيد العمليات الإسرائيلية.
فى 22 يناير 1970 كنت أرسلت رسالة إلى قادة الإتحاد السوفيتى وقلت لهم: إن أنا أريد أن أزور موسكو زيارة سرية وأستعرض معاكم الموقف الذى نواجهه ونتكلم فى الموضوع. فى 22 يناير ذهبت إلى الاتحاد السوفيتى – وأنا اللى طلبت منهم أن تكون الزيارة سرية – وقعدنا 4 أيام فى أحاديث مستمرة مع قادة الاتحاد السوفيتى ووجدت من قادة الاتحاد السوفيتى فى هذه الأيام كل اهتمام؛ اهتمام بسلامة الشعب المصرى فى مدنه وفى قراه واهتمام بألا يتعرض الشعب المصرى لغارات العدو واهتمام بأن تكون مصر قادرة على الدفاع عن أرضها بكل وسيلة من الوسائل. وبعد هذا صدر قرار من قيادة الاتحاد السوفيتى بأن الاتحاد السوفيتى سيساعدنا بكل ثقله فى الدفاع عن وطننا ضد غارات العمق وضد التهديد الذى يتعرض له المدنيين وضد التهديد الذى تتعرض له الأهداف الاقتصادية وأبلغونى فى زيارتى فى يناير ان كل هذا الدعم المطلوب لنا سيصل فى مدة لا تزيد عن 30 يوم.
وقد أوفى الاتحاد السوفيتى بوعده؛ ولهذا فإننا نذكرهم أيضاً بالشكر والعرفان؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعطى إسرائيل كل ما تريد من أسلحة الدمار ومن الأسلحة المطلوبة للحرب الإلكترونية.
ونحن نرى الآن أن الغارات من أبريل الماضى.. الغارات اللى كانوا بيتبجحوا بها الإسرائيليين ويقولوا كل يوم إن قواتهم الجوية تضرب فى العمق وستضرب… فى يوم 2 فبراير بعد عودتى من الاتحاد السوفيتى استلمت عن طريق وزارة الخارجية تهديد من الولايات المتحدة الأمريكية بأنه يجب أن نقبل وقف إطلاق النار كما صدر فى سنة 1967 وألا نربط قرار وقف إطلاق النار بالانسحاب وإن لم نقبل هذا فإن غارات العمق الإسرائيلية علينا على المدن وعلى الأهداف الاقتصادية ستزيد. ومن هذا كان يتضح التواطؤ الكامل بين إسرائيل وما تطلبه إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية. بعد هذا حينما وصلت المعدات الحديثة إلى مصر وجدنا حالة هستيرية عند إسرائيل وعند أمريكا وعند أصدقاء إسرائيل وكان الكلام ازاى الاتحاد السوفيتى يدى وحدات صاروخية دفاعية لمصر علشان تمنع الطيارات “الفانتوم” الأمريكية من انها تضرب الأهالى وتضرب العمال! وكانت الجرائد والصحف الأمريكية والبريطانية والغربية عموماً تعتبر أن هذا قد يخل بالتوازن.. توازن القوى فى الشرق الأوسط وكان المفروض بهذا التوازن أن تبقى إسرائيل متفوقة وأن تستطيع إسرائيل أن تضرب أى بقعة فى الأرض المصرية ولم يذكر أى واحد ولم تذكر أى مجلة ولا أى جريدة فى أمريكا؛ أن إسرائيل عندها 72 قاعدة صاروخية للدفاع الجوى منهم 24 قاعدة صاروخية من الصواريخ طراز “هوك” وصلت فى السنة اللى فاتت.
معنى هذا إيه؟ هل من حق إسرائيل انها تحصل من أمريكا على صواريخ للدفاع الجوى وليس من حقنا نحن الذين نتعرض للعدوان ولغارات الطائرات “الفانتوم” التى استلمتها إسرائيل فى سنة 69 وطيارات “السكاى هوك” أن ندافع عن نفسنا؟! طبعاً كل واحد منا كان ينظر لهذه الأمور وكان يشعر أن الخطط التى تدبر لنا حتى تنهار جبهتنا الداخلية وحتى نقبل الاستسلام؛ هذه الخطط تنهار والصمود يقوى.
أيها الإخوة:
برضه حينما نتكلم عن الاتحاد السوفيتى أذكر أننا كنا فى الاتحاد السوفيتى منذ عدة أيام وكانت هناك فى هذه الأوقات تصريحات صحفية كثيرة من أمريكا ومن إسرائيل وتهديدات وتنبؤات الحقيقة هذه التصريحات وهذه التهديدات لم تؤثر أبداً على جو المحادثات ولكنى وجدت فى الاتحاد السوفيتى ومن قادة الاتحاد السوفيتى كل تصميم على أن نعمل بكل الوسائل من أجل استعادة الأراضى المحتلة وقالوا إن المحادثات طالت وإن هذه المحادثات التى طالت لابد أنها تعثرت.
الحقيقة ان احنا عقدنا أربع جلسات وكان التفاهم كاملاً بيننا وبين قادة الاتحاد السوفيتى ولكن السبب الوحيد لطول المحادثات – كما نشر فى الأهرام – إننى ذهبت إلى إحدى المصحات لإجراء فحوص طبية.. إن آخر مرة كنت هناك كانت سنة 68. أما المحادثات وأما العلاقات بيننا وبين الاتحاد السوفيتى لازالت كما كانت بل هى أقوى مما كانت عليه وأنا أقول لكم إننى أعود من الاتحاد السوفيتى وأشعر بالرضا الكامل عن نتيجة المحادثات التى جرت مع قادة الاتحاد السوفيتى.
حينما نتكلم عن الأصدقاء يجب أن نذكر أيضاً الدول الاشتراكية التى وقفت إلى جانبنا بعد 1967؛ هذه الدول وقفت فى جانبنا سياسياً واقتصادياً وقفت فى جانبنا فى المحافل الدولية ووقفت فى جانبنا فى كل موقف من مواقفها الدولية وأعلنت جميعها قطع علاقاتها مع إسرائيل؛ على أساس أن إسرائيل معتدية ولا تريد الانسحاب من الأراضى المحتلة. وكنا دائماً نشعر بالشكر للدول الاشتراكية على هذه المواقف النبيلة التى وقفتها تجاه النضال العادل للأمة العربية فى سبيل استرداد أراضيها وفى سبيل القضاء على العدوان الذى وقع فى سنة 1967.
حينما نتكلم عن الأصدقاء فلابد لنا أن نذكر الدول غير المنحازة؛ نذكر موقف الرئيس “تيتو” ويوجوسلافيا حينما أعلنت يوغسلافيا قطع العلاقات السياسية بينها وبين إسرائيل بعد العدوان ونذكر أيضاً أن يوغسلافيا وقفت معنا سياسياً وساعدتنا سياسياً فى كل المحافل الدولية ونادت دائماً فى كل مناسبة بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة. وكانت زيارة الرئيس “تيتو” فى أوائل هذا العام تعبيراً عن التفاهم والتضامن الكامل بين البلدين.
حينما نتكلم عن الدول الغير منحازة يجب علينا أيضاً أن نذكر الهند وموقف رئيسة وزراء الهند السيدة “أنديرا غاندى”؛ الهند ليس لها علاقات مع إسرائيل والهند وقفت معنا سياسياً فى كل المحافل الدولية. حينما نتكلم أيضاً عن الدول غير المنحازة يجب أن نذكر موقف “مسز بندرانايكا” بعد وصولها إلى الحكم؛ إنها أعلنت أن سيلان تقف إلى جانب الأمة العربية وانها لن تستمر فى إقامة علاقات سياسية مع إسرائيل؛ لأن إسرائيل معتدية وترفض الانسحاب.
أيضاً يجب علينا أن نذكر الدول الإفريقية ونذكر موقف الرئيس “نيريرى” فى تنزانيا حينما أعلنت تنزانيا أنها تساند الشعب العربى من أجل استرداد حقوقه وأنها تطالب إسرائيل بالانسحاب من كل الأراضى المحتلة.. نذكر أيضاً موقف الرئيس “بوكاسا” حينما زار القاهرة وأعلن أن بلاده ستعمل من أجل إزالة آثار العدوان.. نذكر الرئيس “سيكوتورى” وغينيا حينما قطعوا علاقاتهم مع إسرائيل وأعلنوا تضامنهم مع الأمة العربية من أجل إزالة آثار العدوان.
أيها الإخوة:
حينما نتكلم أيضاً عن إفريقيا يجب أن نذكر ثورة الصومال التى قامت من أجل تحرير الصومال وأعلنت تضامنها مع الأمة العربية والصومال رفضت أن تقيم أى علاقات مع إسرائيل. حينما نتكلم عن الأصدقاء.. حينما نتكلم عن العالم يجب أن نذكر أن هناك بعض الدول فى العالم الغربى بدأت ترى الصورة على حقيقتها واستطاعت أن تتخلص من دعايات إسرائيل وادعاءات إسرائيل ومن محاولة إسرائيل بأن تظهر أمام العالم بأنها الدولة الشهيدة التى تتعرض للعدوان من العرب ونذكر موقف فرنسا.. موقف فرنسا الذى أعلنه الرئيس “بومبيدو” وقال إن فرنسا تريد السلام القائم على العدل؛ ولهذا لابد من انسحاب القوات المعتدية من الأراضى المحتلة ونذكر قول الرئيس “بومبيدو” إن فرنسا لم ترفع الحظر على تصدير السلاح لإسرائيل لأن إسرائيل معتدية وقوله إن الوقت يعمل فى غير صالح إسرائيل.
أيها الإخوة:
نذكر أيضاً القوى التقدمية فى العالم الغربى التى بدأت تشعر بالقضية الفلسطينية وأهمية القضية الفلسطينية وحق شعب فلسطين فى أرضه وفى بلده وحق شعب فلسطين فى أن يقاتل ويناضل من أجل حريته ومن أجل أن يستعيد بلاده التى طرد منها فى سنة 1948.
حينما نتكلم عن الأصدقاء نذكر أيضاً أن إسرائيل لا تطيق؛ لا تطيق أى شخص محايد يقول الحقيقة ولا أصدقاء إسرائيل.. أبداً؛ لا يمكن لهم أن يقبلوا كلمة إنصاف من أى شخص محايد فى هذا العالم. وكلنا نذكر فى الأيام الأخيرة كيف هاجمت إسرائيل “يوثانت” – الأمين العام للأمم المتحدة – لمجرد أنه وصف إقامة صواريخ مصرية على الضفة الغربية للقناة بأنه عمل دفاعى مشروع؛ هوجم فى صحف أمريكا وهوجم فى صحف إسرائيل.
هناك تغييرات كثيرة وهناك أصدقاء لنا وهناك أصدقاء للعدو وهناك أيضاً فى داخل إسرائيل نفسها من يرى أن الزمن يسعى ضد مصالح إسرائيل وهناك أيضاً فى إسرائيل – التى رقصت كلها يوم 9 يونيو سنة 1967.. قعدوا يرقصوا فى الشوارع لغاية الصبح على أساس أننا قد انهرنا – الآن نجد فى إسرائيل الذين كتبوا “نلقاكم فى قوائم الضحايا على قناة السويس”.. الطلبة اللى خرجوا من الجامعات والطلبة اللى خلصوا دراستهم وواخدينهم للتجنيد كان كل واحد فيهم بيقول للتانى: “نلقاكم فى قوائم الضحايا على قناة السويس”.
الموقف فعلاً.. الموقف والزمن يسير فى صالح العرب نحن نشعر بالصمود نشعر بالتفاؤل نشعر بأننا كل يوم نزداد قوة نشعر بأن الرأى العام العالمى وكثير من الأحرار فى كل مكان استطاعوا أن يفهموا القضية واستطاعوا أن يكشفوا دعايات إسرائيل واستطاعوا أن يكشفوا تضليل إسرائيل واستطاعوا أن يعرفوا أن الولايات المتحدة تساند إسرائيل بلا قيد ولا شرط وأن ما يكتب فى الولايات المتحدة ليس أبداً بالقول الذى يريد السلام القائم على العدل ولكن ما يكتب فى صحف الولايات المتحدة الأمريكية ليس إلا التعبير عن رغبة أمريكا فى أن ترى إسرائيل وقد احتلت أكبر جزء من الأراضى العربية وقد استطاعت أن تخضع الأمة العربية كلها لتستسلم.
أيها الإخوة:
حينما ننظر إلى الموقف اليوم أيضاً يجب أن نتذكر المظاهرات التى قامت فى تل أبيب والتى قامت فى القدس المحتلة وأنا أذكر بعض الأخبار التى كتبت عن أن إسرائيل كانت ترى السلام قرب يديها فى سنة 1967 ولكنها الآن ترى نفسها فى طريق مسدود.
هناك فى إسرائيل مظاهرات فى تل أبيب وفى القدس المحتلة هناك فى إسرائيل الشباب الذى يرى فى قادته اليوم التعصب العنصرى الذى يريد أن يفرض الحرب باستمرار هناك فى إسرائيل بعض الناس اللى ماصدقوش أبداً الكلام إن العرب حيدبحوا اليهود ويرموهم البحر؛ ولأنهم تذكروا ان اليهود عاشوا معانا هنا آلاف السنين وانهم لم يتعرضوا فى أى يوم إلى الذبح ولا إلى الاضطهاد ولكن سبب الموقف الذى نحن فيه الآن هو ان إسرائيل احتلت فلسطين وطردت الشعب العربى الفلسطينى من أرضه وأنكرت حقوق شعب فلسطين وصممت على أن تتبع سياسة القوة من أجل إرهاب الشعب العربى بقتل الأطفال والنساء.
أيها الإخوة المواطنون:
ذلك كله لا يجب أن ينسينا طبيعة العدو وتكوين العدو وطبيعة أصدقاء العدو ومطامع أصدقاء العدو. يجب علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا يريد العدو؟ طبعاً واضح من تصريحات قادة إسرائيل منذ 67 حتى الآن؛ ان العدو يريد التوسع وعلى هذا الأساس فهو لا يريد بأى حال من الأحوال أن يطبق قرار مجلس الأمن.. العدو رفض تطبيق قرار مجلس الأمن العدو.. حينما كان “يارنج” يتصل بنا ويسألنا أسئلة كنا نجاوب على هذه الأسئلة وحينما كان يذهب إلى إسرائيل ويسألها الأسئلة؛ كانت إسرائيل ترفض أن تجاوب على هذه الأسئلة ولكن قادة إسرائيل كانوا يقولون “ليارنج” إن إسرائيل مستعدة لأن تجاوب على هذه الأسئلة على مائدة المفاوضات مع العرب.
العدو يريد التوسع قادة إسرائيل بعد 67 قالوا تصريحات كبيرة؛ “ديان” قال: إن حدود 48 عملها الجيل بتاعنا – يعنى بتاع “ديان” – والحدود اللى وصلنا إليها سنة 67 هى الحدود اللى عملها الجيل اللى يأخذ المسئولية فى الوقت الحاضر وعلى الجيل الجديد أن يعمل على أن يستعيد إسرائيل كلها وقال: إنه طالما هناك توراة فهناك أرض التوراة ويقصد بأرض التوراة ملك فلسطين كلها وأجزاء من الأمة العربية من النيل إلى الفرات. هناك من أعلن فى إسرائيل.. من قادة إسرائيل.. وزير المواصلات قال إن حدود إسرائيل هى من النيل إلى الفرات وإن خارطة إسرائيل هى الخارطة اللى عملها “هرتزل” من أكتر من 70 سنة؛ هذه الخارطة بتبتدى من فرع دمياط لغاية ما توصل إلى العراق بتاخد أجزاء كبيرة من سوريا ولبنان والأردن والسعودية دا اللى يريده العدو.
العدو رفض من سنة 67 لغاية دلوقت أن يذكر كلمة الانسحاب أن يذكر مجرد كلمة الانسحاب وحينما كانوا يجاوبون على الأسئلة بطريقة عايمة كانوا يقولوا بدل الانسحاب إعادة توزيع القوات الإسرائيلية. “أشكول” لما كان رئيس وزارة ادى حديث لمجلة “النيوزويك” وقال إنه حيرجع بعض المدن للعرب وبعد هذا تعرض لنقد شديد واضطر إلى أن ينفى هذه التصريحات.
كل هذا يدل على أن إسرائيل تريد أن تتوسع على حساب الشعب الفلسطينى وعلى حساب الشعب العربى ماذا يريد العدو؟.. العدو يريد التوسع على حساب الشعب الفلسطينى وعلى حساب الشعب العربى وهذه هى طبيعة العدو والتى يجب علينا ألا ننساها ونحن فى هذه المرحلة من نضالنا ومن قتالنا ماذا يريد العدو؟ العدو يريد ألا نحصل على أى أسلحة ويحصل هو على كل الأسلحة العدو يريد بوقاحة سماء مفتوحة فى مصر تستطيع طائراته أن تعمل فيها بحرية كاملة.
العدو يريد سماء مفتوحة فوق منطقة الجبهة فى قناة السويس العدو بيستعدى علينا الولايات المتحدة الأمريكية وينضم إليها. أيضاً قادة الولايات المتحدة الأمريكية بيدوا له كل ما يطلب من معدات إلكترونية أو معدات عسكرية؛ حتى لا ندافع عن أراضينا حتى لا ندافع عن أبنائنا ضد الغارات الإسرائيلية. العدو يتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والولايات المتحدة الأمريكية تتعاون تعاوناً كاملاً مع إسرائيل.
من أسبوعين – بعد تساقط طائرات “الفانتوم” الإسرائيلية – أعلن فى الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس “نيكسون” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد قرر تعويض إسرائيل عن الخساير اللى لحقت بها بـ 8 طائرات “فانتوم” وأعلن أيضاً فى الولايات المتحدة الأمريكية عن تسليم إسرائيل 130 جهازاً إلكترونياً جديداً يمكنهم من عرقلة دفاعنا الجوى ضد الطائرات.
الحقيقة هناك نوع جديد من الحرب يجرى الآن – ولأول مرة فى التاريخ – وهو الحرب الإلكترونية. بيقولوا إن إسرائيل عندها تفوق تكنولوجى وإسرائيل استطاعت بالتفوق التكنولوجى انها تحصل على النصر فى سنة 1967 وكانوا بهذا يريدون تغطية التواطؤ الأمريكى فى هذا الوقت. قبل 1967 استطاعت إسرائيل أن تحصل من الولايات المتحدة الأمريكية على كل معدات الحرب الإلكترونية التى تستعمل لإعاقة أجهزة الرادار ولإعاقة الصواريخ ولتحديد مكان محطات الرادار ولتحديد مكان محطات الصواريخ وللتشويش على الاتصالات اللاسلكية… إلى آخر هذه الأمور دا حصلت عليه سنة 67.
قالوا فى الجرايد إن الحاجات دى كانت نتيجة المهارة الإسرائيلية والتكنولوجيا الإسرائيلية ولكن ظهر بعد هذا أن كل هذه المعدات حصلت عليها إسرائيل فى صناديق كاملة من الولايات المتحدة الأمريكية. الحقيقة العدو يحاربنا الآن معتمداً على كل ما يوجد فى الترسانة الأمريكية من أسلحة ومن معدات. والحرب اللى بنواجهها نحن الآن هى أول حرب من نوعها فى تاريخ الحروب؛ لأن هذه الحرب مش مبنية على الأسلحة التقليدية اللى استخدمت فى الحرب اللى فاتت وليست مبنية على الأسلحة التقليدية اللى استخدمت فى حرب كوريا وليست مبنية أيضاً على الطريقة اللى استخدمت بها الحرب فى فيتنام طبعاً لاختلاف طبيعة الأرض عندنا عن طبيعة الأرض فى فيتنام والحرب أساساً مبنية على التفوق الجوى والحرب الجوية زائد استخدام الأجهزة الإلكترونية اللى مش موجود منها إلا عند أمريكا فى الغرب والاتحاد السوفيتى فى الشرق.
ونحن استطعنا رغم كل هذه المعدات؛ واحنا ماكانش عندنا أى شىء من هذه المعدات وكان ما ينشر عن معدات الحرب الإلكترونية قبل 67 كانت أشياء قليلة وبالنسبة للعالم كله ماكانش فيه حرب سميت الحرب الإلكترونية قبل الحرب اللى وجدت الآن على قناة السويس.
إذن الحرب الآن حرب معقدة وحرب ضارية ولكن استطاعت قواتنا المسلحة – رغم كل هذه المساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية – انها تصمد واستطاعت أيضاً أن تجد الأساليب التى تواجه بها الحرب الإلكترونية. ومن الطبيعى حينما تحصل إسرائيل على هذه المعدات الحديثة الإلكترونية نحن لا نستطيع أن نصنع هذه المعدات ولابد لنا من الحصول على هذه المعدات؛ وبهذا نستطيع فعلاً أن نواجه الحرب الإلكترونية مواجهة متساوية؛ لأننا فى 67 ما استطعناش أبداً ان احنا نواجه الحرب على أساس متعادل أو على أساس متساوى وان أمريكا بإعطائها المعدات الإلكترونية السرية لإسرائيل ساعدت إسرائيل على أن تحرز الانتصار السريع فى حرب الأيام الستة.
أيها الإخوة:
ونحن الآن نتكلم عن الموقف الحالى ماذا يريد العدو برضه؟.. العدو يريد زيادة أسلحته. استطاعوا السنة اللى فاتت – سنة 69 – انهم يجيبوا 150 طيارة “فانتوم” و”سكاى هوك” واستطاعوا فعلاً انهم يكرسوا التفوق الجوى؛ ما جابوش بس الطيارات ولكن جابوا أيضاً الطيارين وكلنا نعلم ان فيه يهود من أمريكا يعملون فى إسرائيل ويحملون الجنسية الأمريكية والجنسية الإسرائيلية وأن هناك أحد الطيارين اللى أسروا أصلاً له جنسية أمريكية وجنسية إسرائيلية؛ و كان وصل لإسرائيل من حوالى 8 سنين وفيه ناس وصلوا قبل 67 فيه ناس وصلوا بعد 67. النهارده إسرائيل عايزة تفوقها الجوى يشتد ويزيد ولهذا طالبين تانى 125 طيارة من الولايات المتحدة الأمريكية. لما كانت “جولدا مائير” فى أمريكا وقابلت “نيكسون” طلبت 25 طيارة “فانتوم” و100 طيارة “سكاى هوك” وطلبت معدات أخرى. ونحن نعلم عن المعدات الأخرى أنها تشحن كل يوم؛ تشحن إلى إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية؛ المدافع.. المدافع ذاتية الحركة والدبابات وجميع أنواع الأسلحة.
بعد إسقاط الطيارات “الفانتوم” بـ 48 ساعة شحنت معدات إلكترونية حديثة جداً إلى إسرائيل؛ حتى تساعدها فى التغلب على المشاكل التى تقف أمامها حينما تحاول الإغارة على الجبهة المصرية فى قناة السويس. رغم كل هذه المساعدات ورغم أن إسرائيل أعلنت أنها تعمل بكل الوسائل على تفتيت حشد القوات المسلحة المصرية وعلى منع تجمعات القوات المسلحة المصرية من أن تستعد لعبور القناة وعلى منع تدريب القوات المسلحة المصرية؛ رغم هذا فإن برامج التدريب للقوات المسلحة المصرية سارت فى طريقها رغم هذا فإن حشود القوات المسلحة المصرية المقاتلة موجودة فى أماكنها رغم هذا الروح المعنوية للقوات فى الجبهة روح معنوية عالية جداً. وأنا فى زيارتى الأخيرة إلى الجبهة شفت بعض الطائرات وهى بتضرب بعض المواقع وكان العساكر فى الوقت دا طالعين بره الخنادق واقفين يتكلموا معاى والضباط كان كل واحد بيقول لى امتى حنعدى القنال؟ امتى حنحرر أرضنا اللى احتلتها إسرائيل؟
رغم هذا استطعنا أن نصمد وعلينا أن نبنى قواتنا المسلحة وعلينا أن نحشد كل شىء من أجل المعركة؛ لأن المعركة هى الأمل الكبير لنا حتى نتمكن من التغلب على العدو الذى لا يفهم إلا لغة القوة.
أيها الإخوة:
لابد أن نكون على استعداد لكل شىء لابد أن نكون على استعداد حينما تحصل إسرائيل على 125 طيارة “فانتوم” و”سكاى هوك” من أمريكا لابد أن نكون على استعداد لأن نواجه الحرب الإلكترونية لابد أن نكون على استعداد لأن نواجه جميع أنواع الأسلحة التى تعطيها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل. يجب فى نفس الوقت أن نحاول بكل قوانا وبكل طاقة ضغط يمكن أن تملكها الأمة العربية؛ نحاول أن نوقف تدفق أدوات الحرب الحديثة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية.
هدفنا فى هذه المرحلة هدف مزدوج؛ نحن نحاول تزويد أنفسنا بما نحن فى حاجة إليه للدفاع عن بلادنا ولتحرير أرضنا المحتلة وفى نفس الوقت يجب أن نكشف دعايات إسرائيل ومحاولات إسرائيل فى التوسع ويجب أن نوقف التدفق المخيف من المعدات على إسرائيل. ودا موضوع لا نرى فيه تجاوزاً.. احنا أرضنا احتلت واحنا بلدنا تعرضت للغارات الجوية يجب أن نحصل على كل ما يمكننا من الدفاع عن بلدنا وتحرير أراضينا.
احنا لسنا قوة عدوان نحن طلاب حق نحن نواجه الاحتلال الإسرائيلى نحن نشعر أن مصيرنا فى الميزان لسنا قوات غزو إسرائيل وجرايد أمريكا كل يوم بيقولوا إن مصر تستعد لغزو إسرائيل.. عبور قناة السويس وغزو إسرائيل.. طبعاً هذا الكلام بيضللوا به مين؟ بيضللوا به الشعوب اللى مش عارفة ان سيناء جزء من مصر ولكن بيقولوا يجب أن نعطى إسرائيل السلاح لأنها مهددة بالغزو.
نحن لسنا قوة غزو ولكننا طاقة تحرير.. تحرير أراضينا.. وهذا ما يجب أن يفهمه كل الناس وتفهمه كل الأطراف وتفهمه كل الشعوب ويجب أن نعلن ونصمم على أن هذه الأمة لن تفرط فى أرض؛ وذلك لا يملكه إنسان إننا نسعى إلى تحرير كل الأرض المحتلة؛ ولا يمكن لنا أن نفرط فى أى قطعة من هذه الأرض يجب أن نعلن أيضاً بأعلى صوتنا أن هذه الأمة لن تفرط فى حق مشروع وذلك يجب أن يفهمه كل إنسان.
أيها الإخوة:
أنا باقول هذا الكلام لأننا دهشنا حينما أعلن الرئيس الأمريكى “نيكسون” التصريح الأخير؛ وقال فيه إن العرب يريدون إلقاء إسرائيل فى البحر وإسرائيل مش مهددة العرب ولا تريد إلقاءهم فى البحر. الحقيقة كان تصريح غريب الحقيقة ماحدش كان بيقول هذا الكلام طوال الأيام الماضية إلا الدعاية الإسرائيلية والدعاية الصهيونية والحقيقة هذه فرصة ان أنا أقول يجب على الرئيس “نيكسون” أن يعرف ما هو أصدق من ذلك يجب أن يعرف أن إسرائيل هى التى تهدد العرب وهى التى شردت العرب إسرائيل هى اللى ألقت بـ 100 مليون عربى فى بحر الرمال ألقتهم إلى شرق الأردن وحولتهم إلى لاجئين.
النهارده فيه نغمة جديدة.. نغمة تعرض إسرائيل للعدوان.. نغمة إسرائيل الشهيدة ودا يمكن موضوع بيطمنا. بعد 67 كانت نغمة الغرور ونغمة الضرب.. حنضرب.. وان الجيش الإسرائيلى جيش لا يهزم وإن الحرب دى أنهت كل الحروب وان العرب لن يستطيعوا بناء القوات المسلحة. نغمة النهارده بقالها تلات أشهر؛ إسرائيل الشهيدة إسرائيل المهددة ميزان القوة يجب ألا يختل يجب أن يبقى فى يد إسرائيل حتى لا تعرض إسرائيل للإبادة الحقيقة وراء دا كله إيه؟ وراء دا كله تشجيع إسرائيل حتى تستمر فى احتلال الأراضى العربية وحتى تغير يومياً على الدول العربية.. بيحصل أيام ان بتكون هناك غارات جوية على مصر وعلى سوريا وعلى الأردن وعلى لبنان يعنى.. فكيف تكون هذه العمليات العدوانية؟ وكيف يتفق هذا مع ما يقال من أن إسرائيل معرضة للإبادة.. معرضة للقتل؟
هذه الأمة – كما قلت – لن تسلم فى أى قطعة من الأرض وهذه الأمة – كما قلت – لن تسلم فى حق مهما تدفق السلاح الأمريكى ومهما تدفقت المعدات الإلكترونية. هذه الأمة ليست خارجة لعدوان وليست خارجة لغزو ولكن هذه الأمة العربية تطالب بأراضيها المحتلة وتطالب بحقوق شعب فلسطين حقوق شعوبها التى اغتصبتها إسرائيل ويجب أن يكون ذلك كله واضحاً لجميع الأطراف؛ لأن النتائج التى يمكن أن تترتب عليه نتائج خطيرة.
أيها الإخوة:
كان من هذا المنطق النداء الذى وجهته للرئيس الأمريكى “ريتشارد نيكسون” فى خطاب أول مايو أنا قلت فى هذا الخطاب.. فى رسالتى اللى موجهة للرئيس “نيكسون”: إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تريد فعلاً السلام فى الشرق الأوسط فعليها أن تطالب إسرائيل بالانسحاب وفق قرار مجلس الأمن ونحن نعتقد أن ذلك فى طاقة الولايات المتحدة الأمريكية التى تأتمر إسرائيل بأمرها؛ لأنها تعيش على حسابها. كان هذا هو المطلب الأول فى ندائى إلى الرئيس الأمريكى “نيكسون” ثم قلت له إذا لم يكن ذلك فى طاقة الولايات المتحدة الأمريكية فنحن على استعداد لتصديقها مهما كانت آراؤنا ولكننا فى هذه الحالة نطلب طلباً واحداً هو بالتأكيد فى طاقة أمريكا؛ وذلك الطلب هو أن تكف عن أى دعم جديد لإسرائيل بينما هى تحتل أراضينا. وقد وجهت هذا النداء إلى الرئيس “ريتشارد نيكسون” ووجهناه بإحساس كامل بالمسئولية فيما يمكن أن يترتب على تردى السياسة الأمريكية فى المساندة غير المشروطة لإسرائيل؛ خصوصاً بأسلحة الحرب الحديثة وفى مقدمتها الطائرات والمعدات الإلكترونية.
فى 19 يونيو الماضى تلقينا رداً من الولايات المتحدة الأمريكية؛ تلقى هذا الرد وزير الخارجية المصرى من وزير الخارجية الأمريكى وينبغى أن أقول أمامكم بكل أمانة أننا لم نجد فى هذا الرد جديداً سمى هذا الرد مبادرة سلام وهو فى الحقيقة ليس إلا عملية إجراءات لا نظن أنها سوف تصل إلى جديد بسبب موقف إسرائيل وحماقته. طبعاً هذا الموقف – الذى تطلب فيه إسرائيل وتعلن أنها ترفض قرار مجلس الأمن وتعلن أنها تريد أن تتوسع – مبنى أساساً على المساعدات السياسية والاقتصادية والعسكرية التى تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية.
الولايات المتحدة الأمريكية قالت وأعلنت أن هذه المبادرة مبادرة سلام والواضح أنها ليست بالشىء الجديد قالوا إنها مشروع لحل الأزمة ونحن نرى أن المبادرة الأمريكية قاصرة تماماً عن حل الأزمة؛ طبعاً إلا إذا كان هناك موقف أمريكى حازم بالنسبة لتزويد إسرائيل بالأسلحة الحديثة طالما إسرائيل تحصل من أمريكا على الأسلحة الحديثة وعلى المعدات الإلكترونية فلن يكون هناك سبيل – ولو ضيق جداً – إلى حل هذه الأزمة.. الحقيقة استمرار أمريكا فى سياستها اللى اتبعتها قبل 67 وبعد 67 يعرض فعلاً المنطقة التى نعيش فيها إلى مخاطر كثيرة.
إن المبادرة الأمريكية التى وصلت إلينا جواب من وزير خارجية أمريكا إلى وزير الخارجية المصرى؛ بيقول فى هذا الجواب الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم بالمقترحات الآتية:
“أن توافق مصر وإسرائيل على العودة إلى وقف إطلاق النار لفترة محدودة .. تلات أشهر”.
هنا بيقولوا مصر وإسرائيل!.. مصر وإسرائيل بس على أساس ان مصر هى الدولة الوحيدة اللى أعلنت إنهاء قرار وقف إطلاق النار اللى أصدره مجلس الأمن فى يونيو 67 وأنا أعلنت ان احنا لا يمكن أن نقبل قرار وقف إطلاق النار إلى الأبد وطالما إسرائيل لم تقبل قرار الأمم المتحدة الخاص بانسحابها من الأراضى المحتلة؛ لا نستطيع أن نستمر فى قرار وقف إطلاق النار وأعلنا حرب الاستنزاف. فأمريكا تقترح أن توافق مصر وإسرائيل على العودة إلى وقف إطلاق النار لفترة محدودة وحددت الفترة المحدودة بتلات أشهر ثم اقترحت أمريكا بعد هذا أن يعود السفير “يارنج” إلى استئناف عمله وفق قرار مجلس الأمن؛ على أساس أن توافق مصر والأردن وإسرائيل على:
أولاً: تنفيذ قرار مجلس الأمن سنة 1967 بكل أجزائه بالتوصل إلى اتفاق حول إقامة سلام عادل ودائم؛ مستنداً إلى الإقرار من جميع الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة.
ثانياً: الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المحتلة خلال نزاع عام 1967؛ وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242. قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر فى نوفمبر سنة 67 بعض الدول فسرته تفسيرات مختلفة ولكن القرار ينص فى مقدمته بأنه يؤكد عدم إمكانية الحصول على أرض بواسطة الحرب.
ثم تنتهى المقترحات الأمريكية بالمطالبة باحترام وقف إطلاق النار من أول يوليو اللى احنا فيه دا حتى أول أكتوبر.
بالنسبة لموضوع عودة السفير “يارنج” إلى المنطقة؛ لم نكن نحن الذين تسببنا فى فشل مهمة “يارنج”؛ وإنما تسبب فى فشلها عدونا – إسرائيل – الذى لا يريد السلام ولكنه يريد التوسع.
بالنسبة أيضاً للاقتراح الخاص بتنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه؛ كنا دائماً نطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن وطلبنا من السفير “يارنج” أن يضع جدولاً زمنياً للانسحاب ولكن العدو – إسرائيل – هو الذى عرقل تنفيذ قرار مجلس الأمن؛ لأن إسرائيل لا تريد السلام ولا تريد الانسحاب وإنما تريد التوسع.
بالنسبة لقرار وقف إطلاق النار؛ لم نكن نحن الذين بدأنا فعلاً بإطلاق النار دا موضوع بينكروه الآن فى كل حتة وما بيجيبوش سيرته أيام إسرائيل ما كانت بتضربنا بعد 67 وبتضرب السويس والإسماعيلية والمدنيين وماحدش فى هذا الوقت قال إن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار؛ لم تنزعج أمريكا ولم ينزعج أى مسئول أمريكى. لم نكن نحن الذين بدأنا بإطلاق النار والحقيقة أن العدو هو الذى لم يلتزم فى أى وقت من الأوقات بوقف إطلاق النار وفى ظروف كانت صعبة بالنسبة لنا ولم نكن نحن فيها قادرين على مواجهة النار بالمثل.
كلنا نعرف أن معركة حرب الأيام الستة سنة 67 لم تصب فيها مدن القناة ولا بطلقة واحدة ولكن مدن القناة أصيبت كلها فى ظل قرار وقف إطلاق النار وهو قرار لم يلتزم به العدو. أما الاقتراحات الأمريكية اللى بتقول إقرار الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة والانسحاب.. انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة؛ كل هذا الكلام جا فى قرار مجلس الأمن سنة 1967.
أما نقرا قرار مجلس الأمن اللى رفضته إسرائيل واللى رفضت تنفيذه واللى “يارنج” حاول ينفذه بكل وسيلة من الوسائل ويئس أخيراً وذهب إلى مقر عمله فى موسكو قرار مجلس الأمن بيقول إن مجلس الأمن وهو يعرب عن اهتمامه المستمر بالموقف الخطير فى الشرق الأوسط ويؤكد عدم إمكانية الحصول على أراضى بواسطة الحرب وضرورة العمل من أجل إقامة سلام عادل دائم يمكن لكل دولة بالمنطقة أن تعيش فى ظله فى أمان ويؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها لميثاق الأمم المتحدة قد أخذت على عاتقها الالتزام بالعمل وفقاً للمادة الثانية من الميثاق:
أولاً: يؤكد أن تنفيذ مطالب الميثاق إقامة سلام دائم وعادل فى الشرق الأوسط ينبغى أن يتضمن تطبيق كل من المبدأين التاليين:
1- انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضى التى احتلتها فى الصراع الأخير.
2- إنهاء كل دعاوى أو حالات الحرب والاعتراف بسيادة كل دولة فى المنطقة ووحدة أراضيها واستقلالها وبحقها فى أن تعيش فى سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها؛ متحررة من التهديدات أو أعمال القوة. هم دول يعنى بالضبط هم النقطتين اللى جم فى الاقتراحات الأمريكية.
قرار مجلس الأمن بيقول:
يطلب من السكرتير العام أن يعين ممثلاً خاصاً يتوجه إلى الشرق الأوسط؛ لإقامة واستمرار الاتصالات مع الدول المعنية؛ من أجل الوصول إلى اتفاق ومساعدة الجهود لتحقيق تسوية سلمية مقبولة وفقاً لنصوص ومبادئ هذا القرار.
يطلب من السكرتير العام أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن عن تقدم الجهود التى يبذلها الممثل الخاص فى أقرب وقت.
الحقيقة لسنا نعرف ما هو هدف المبادرة الأمريكية الجديدة وما هى الطاقة التى تستطيع بها أمريكا التأثير فى الموقف. إن صفقة “الفانتوم” و”السكاى هوك” المطلوبة أخيراً لإسرائيل لم تسلم بعد كما قال الرئيس الأمريكى” نيكسون” ولكن هل ستوقف الولايات المتحدة الأمريكية هذه الصفقة وتوقف شحن المعدات الإلكترونية لإسرائيل؟ إن إسرائيل ترفض قرار مجلس الأمن فهل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض على إسرائيل قرار مجلس الأمن بكل ما يعنيه؟ إن إسرائيل ترفض مجرد ذكر كلمة الانسحاب فهل ستتعهد فعلاً بقبول الانسحاب من جميع الأراضى التى احتلت فى عدوان 67؟
الحقيقة تعليقاً على هذا الكلام فيه بعض نقط لابد أقولها: فى 22 نوفمبر سنة 1967 عرض قرار مجلس الأمن – كان مبادرة بريطانية – عرض هذا القرار على مجلس الأمن وكانت هناك محاولات كثيرة أن نوافق عليه وسألنا الولايات المتحدة الأمريكية أو ممثل الولايات المتحدة الأمريكية؛ فى هذا الوقت “جولد برج”: هل إذا وافقنا على هذا القرار ستعمل أمريكا على تنفيذ القرار. أم ستبقى منحازة لإسرائيل وتعمل على تمييع القرار؟ وكان الرد اللى بلغنا فى نوفمبر 67 أن أمريكا ترجو أن نقبل القرار وأن أمريكا بكل ما تملكه من قوة ستعمل على تنفيذ هذا القرار. وقبلنا قرار مجلس الأمن وأنا أعلنت فى 23 نوفمبر فى مجلس الأمن قبولنا لقرار مجلس الأمن ماذا حدث بعد ذلك من أمريكا؟ بعد كده كان هناك التأييد السياسى الأمريكى لإسرائيل فى الأمم المتحدة منحازاً انحيازاً كاملاً لإسرائيل وشجعت أمريكا إسرائيل فى رفض قرار مجلس الأمن وفى رفض أى كلام عن الانسحاب وشجعت أمريكا إسرائيل وأيدت إسرائيل بأن أعطتها بعد قرار مجلس الأمن اللى صدر فى نوفمبر 67؛ إدتها فى سنة 69 الطائرات “الفانتوم” و”السكاى هوك”. وواضح أن تسليم هذه الطائرات لإسرائيل معناه أنه يجب على إسرائيل أن تكون قوية جوياً؛ بحيث تبقى محتلة الأراضى العربية التى استولت عليها سنة 67. بعدين تأييد إسرائيل أيضاً بأن أعطتها دبابات والمدافع والأسلحة. بعدين تأييد إسرائيل اقتصادياً بأن أعطتها مئات الملايين من الدولارات سنوياً؛ إما قروض من بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى إما قروض من البنوك الأمريكية إما إعانة من الحكومة الأمريكية وإما حملة تبرعات من الشعب الأمريكى.
الحقيقة فى هذا الوقت ظهر لنا أن أمريكا منحازة انحيازاً كاملاً لإسرائيل وليس علينا إلا أن نبنى قوانا ليس علينا إلا أن نسير فى طريقنا بمساعدة أصدقائنا لنبنى قوانا ولنبنى الجيش الهجومى. وعرض علينا بعد هذا فى نوفمبر الماضى مشروع “روجرز” – اللى هو وزير الخارجية – ووجدناه انه مشروع فيه نقط متشعبة ولكن مارديناش على هذا المشروع .
إننا نشعر الآن أن موقفنا الآن أقوى وأننا لا نتحرك من موقف الضعف؛ وإنما نتحرك من موقف القوة. لقد كانت هناك عوامل كثيرة فى صالح موقفنا القوى؛ أبرز عاملين فى هذا الموقف:
العامل الأول: تزايد مقدرة قواتنا المسلحة على الردع.
العامل الثانى: تزايد الدعم السوفيتى السياسى والعسكرى لنا؛ نتيجة لتقدير الاتحاد السوفيتى السليم لعدالة نضالنا وأهمية هذا النضال بالنسبة لحركة التحرر الوطنى فى العالم.
أيها الإخوة:
إن هدفنا محدد وهو معروف وهدف العدو غير محدد وإن كان الكل يعرفه وهو التوسع والاستيلاء على الأراضى العربية. هدفنا يتركز فى نقطتين:
الانسحاب من جميع الأراضى العربية المحتلة:الجولان الضفة الغربية القدس قطاع غزة سيناء.
النقطة الثانية: الحقوق المشروعة لشعب فلسطين؛ وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. وهذه الحقوق وإنكار إسرائيل لها هى التى أثرت على الموقف فى المنطقة طوال السنوات الاثنين وعشرين اللى فاتت إن كان فيه لجنة مصالحة أو لجنة توفيق وكانت هذه اللجنة المطلوب منها أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة واللجنة كانت مكونة من أمريكا.. ولازالت مكونة من أمريكا وفرنسا وتركيا واجتمعت إسرائيل مع هذه اللجنة واجتمع العرب مع هذه اللجنة سنة 49 وكان شغل اللجنة إعادة الشعب الفلسطينى إلى وطنه إعادة حقوقه إليه ولكن اللجنة اجتمعت اجتماعاً واحداً وبعد هذا لم تجتمع.
العدو يرفض تنفيذ قرار مجلس الأمن يعتبر قرار مجلس الأمن مجرد جدول أعمال لمحادثات بيننا وبينه فى مفاوضات مباشرة وهذا ما رفضناه وما زلنا نرفضه ولكن مطامع العدو معروفة وتصرفات العدو فى كل يوم تبين أن مطامع العدو هى التوسع. الحقيقة من البديهى إما سلام وإما توسع لا يمكن أن يكون هناك سلام مع التوسع.
أنا قلت لكم على النقط اللى جات فى جواب وزير الخارجية الأمريكى:
النقطة الأولى: وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة ثلاثة أشهر.
النقطة الثانية: “يارنج” يعود لمهمته بعد كده بيطلب من الدول إنها تنفذ قرار مجلس الأمن تنفيذاً كاملاً.. تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل أجزائه؛ بالتوصل إلى اتفاق حول إقامة سلام عادل ودائم؛ مستنداً إلى الإقرار من جميع الأطراف بالسيادة وسلامة الأراضى والاستقلال لكل دولة ثم الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المحتلة خلال نزاع عام 1967؛ وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن 242. وأنا قلت إن تفسير هذا القرار يظهر فى المقدمة بأنه يؤكد عدم إمكانية الحصول على أراض بواسطة الحرب؛ يعنى الحاجات اللى جات لنا من أمريكا حاجات مش جديدة.
وزير الخارجية المصرى بعث بالأمس رده على الرسالة التى تلقاها من وزير الخارجية الأمريكى وأبلغه أننا نوافق على تنفيذ قرار مجلس الأمن وان قرار مجلس الأمن يعنى الانسحاب من كل الأراضى العربية المحتلة وحقوق شعب فلسطين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. وأبلغه انهم بيقولوا إن إسرائيل تريد السلام ونحن نريد الحرب ونريد إفناء إسرائيل أو اليهود ولكن الوضع الصحيح أو الوضع السليم أن مصر وافقت من سنة 67 على قرار مجلس الأمن وإسرائيل لم توافق على قرار مجلس الأمن. وأبلغه أن المقترحات ليس فيها جديد؛ بل كلها تضمنها قرار مجلس الأمن سنة 1967 الذى ساعدت أمريكا على عدم تنفيذه؛ لأن سياستها لم تكن متوازنة بل منحازة لإسرائيل وأبلغه أننا نوافق على المقترحات الأمريكية.
نحن الحقيقة فى سنة 67 صدقنا الولايات المتحدة الأمريكية وقبلنا قرار مجلس الأمن بعد سنة 67 ونتيجة لتصرفات أمريكا فقدنا الثقة فيها أما جات لنا رسالة “روجرز” فى نوفمبر من العام الماضى فقدنا الثقة. وبعد هذا وصل “سيسكو” مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى القاهرة واتقابل معايا وحدث بيننا نقاش طويل أنا قلت له: بصراحة نحن لا نثق فى الولايات المتحدة الأمريكية وإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تأخذ سياسة عادلة ولكنها تتبع سياسة منحازة فى الشرق الأوسط.. منحازة لإسرائيل.
كلام “سيسكو” كان: إن الوضع بيتحول إلى وضع خطير جداً قد يستدعى أو قد يصل إلى مواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى. كان كلامنا: نحن لا نعمل من أجل مواجهة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى ولكنا نعمل أولاً للدفاع عن أراضينا ثانياً لتحرير أراضينا. كان كلام “سيسكو”: إن أزمة الثقة اللى مرت يجب ألا تؤثر فينا ويجب إعطاء فرصة أخيرة للتفاهم.
وصلت هذه المقترحات الأمريكية الحقيقة بالنسبة لنا ليس فيها جديد ولكن كان يجب الحقيقة إننا لا نثق فى أمريكا.. ان احنا مانردش زى ما عملنا فى ديسمبر السنة اللى فاتت ولكن هذه فرصة الآن وأمريكا.. رئيس أمريكا يتكلم ووزير خارجيته ومساعد وزير خارجيته وأعضاء الكونجرس الأمريكان فى كل مكان بيقولوا إن إسرائيل مهددة وإن إسرائيل تحارب الاتحاد السوفيتى وإن إسرائيل عايزة السلام والعرب لا يريدون إلا الحرب من أجل الحرب. كان لا بد أن نبلغ.. أن يكون ردنا على هذا الموضوع رداً بناء ونقول إن هذه النقط جميعها قبلناها فى سنة 1967 وهذه فرصة أخيرة.. نبلغ الولايات المتحدة الأمريكية ان احنا بنوافق على قراراتها على أن يحصل “يارنج” على تعليماته وتوجيهاته من الدول الأربع الكبرى.
أيها الإخوة:
نحن لم نكف ولن نكف عن المحاولة دائماً من أجل تحرير الأراضى المحتلة ومن أجل حقوق شعب فلسطين نحن نعمل فى ميدان واسع جداً.. نعمل بالسياسة ونعمل بالحرب. وحينما قررنا أن نعمل بالسياسة وأن نعمل بالحرب كان هدفنا وكان تفكيرنا أننا لا نريد الحرب من أجل الحرب ولكنّا نريد تحرير الأراضى العربية المحتلة وأننا حينما نعمل العمل السياسى ننتظر أن ينجح العمل السياسى ولكن حينما يتعرض العمل السياسى إلى الفشل فليس أمامنا إلا العمل العسكرى. من أول يوم من سنة 67 قبلنا قرار مجلس الأمن وماكانش عندنا قوات مسلحة وفى نفس الوقت الذى كنا نعلن فيه دائماً قبولنا لقرار مجلس الأمن وأننا نريد أن نعمل من أجل السلام كنا نبنى قواتنا المسلحة؛ لأننا كنا نشعر أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام إلا إذا شعر العدو ومن هم وراءه أننا وصلنا إلى درجة من القوة تمكننا من تحرير الأرض حركتنا نحو هدفنا ليست مقيدة وهدفنا واضح أمامنا ليس لنا الحق فى أن نفرط فى أى قطعة من أرضنا.
الحقيقة ونحن نعلن موافقتنا على هذه المبادرة الأمريكية التى نقول عنها إنها ليست جديدة بل كل ما فيها كان موجوداً فى مجلس الأمن سنة 67؛ سنبنى فى نفس الوقت قواتنا المسلحة. احنا النهارده عندنا 650 ألف جندى تحت السلاح فى ديسمبر وأنا باقول هذا الكلام وهذا الكلام مش أسرار؛ كان لازم العدو يعرف – ومن هم وراء العدو يعرفوا – ان احنا حنجند.. إن شا الله نجند الرجالة والنساء والأطفال حتى ندافع عن بلدنا وحتى نحرر أراضينا المحتلة. وان احنا صمدنا فى 67 ونصمم على تحرير أراضينا المحتلة ميزانيتنا كانت 160 مليون جنيه للقوات المسلحة سنة 67 ميزانيتنا النهارده 553 مليون جنيه. نحن نسير نحو هدفنا؛ وهو تحرير الأراضى المحتلة حركتنا نحو تحقيق هذا الهدف ليست حركة مقيدة؛ وإنما هى حركة مفتوحة تلزم نفسها بالمبادئ الأساسية لنضالنا.
أيها الإخوة:
أريد أن أقول لكم بكل أمانة وصراحة وبإحساس بالمسئولية التاريخية؛ أنه مهما كانت محاولاتنا فى ميادين السياسة فلابد ألا تغيب أبداً عن أذهاننا كبرى الحقائق – هذا الكلام قلته فى 23 نوفمبر سنة 67 وبقوله النهارده فى 23 يوليو 70 – إننا نعمل فى السياسة ويجب ألا تغيب عنا الحقيقة؛ هى أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد بغير القوة. إننا نستطيع أن نتحرك فى ميدان السياسة كما نشاء وكما نرى وفق الأوضاع المتحركة والمتغيرة باستمرار ولكن الكلمة الأخيرة فى أى صراع وفى هذا الصراع بالذات ومع العدو الذى نواجهه بالتحديد.. إسرائيل؛ ستبقى دائماً القوة.. العدو الذى لا يعرف غير لغة القوة.. كل كلامه يستند إلى استعمال القوة.. يجب أن نكون على استعداد للرد بالقوة على عدونا الذى لا يفهم إلا القوة ويجب أن نعمل بكل الوسائل على أن نتفوق فى كل الميادين – وبالذات فى ميدان الجو – على إسرائيل يجب أن نحشد كل الطاقات من أجل المعركة يجب أن نحشد الطاقات العسكرية والطاقات الاقتصادية يجب أن نحشد طاقات الأمة العربية.
الرئيس “نيكسون” بيقول: إن إسرائيل عايزة السلام وإن العرب عايزين الحرب من أجل الحرب وإن إسرائيل ما بترميش العرب فى البحر وأن العرب هم اللى عايزين يرموا إسرائيل فى البحر؛ ولهذا فقد قرر أن يبحث طلب إسرائيل للسلاح. ووزير خارجيته بيقول: إن فى مبادرة أمريكية – اللى هى النقط اللى أنا قلتها – عرضت على مصر وإسرائيل والأردن اللى وافقوا على قرار مجلس الأمن فإما يكون الرد إيجابياً وإما أن تعطى أمريكا الأسلحة التى طلبتها إسرائيل. نحن نقول: إننا لا نريد الحرب من أجل الحرب ولكن نريد تحقيق هدفنا تحرير كل الأراضى المحتلة وحقوق شعب فلسطين وان إسرائيل هى التى تعمل من أجل التوسع.
نحن حتى يكون موقفنا واضحاً لا غموض فيه أمام العالم كله وأمام الرئيس الأمريكى والشعب الأمريكى؛ أيضاً نقول أننا قبلنا بالمقترحات الأمريكية التى قدمها وزير الخارجية “روجرز” لنا؛ لأننا نعتقد أن هذه المقترحات ليس فيها جديد بل وافقنا عليها قبل ذلك ولكن إسرائيل هى التى رفضت كل هذه المقترحات التى جاءت فى قرار مجلس الأمن وعلينا أن ننظر إلى المستقبل لنرى ماذا سيكون عليه موقف أمريكا. ونقول إن أمريكا إذا استمرت فى سياستها بعد هذا؛ سياستها التى تعتمد على تزويد إسرائيل بالكميات الكبيرة من الأسلحة فإن الموقف سيكون موقفاً خطيراً وأن أمريكا تكون هى التى لا تريد السلام ولكن أمريكا تكون أرادت للأمة العربية أن تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلى وساعدت إسرائيل على احتلال أراضينا.
أيها الإخوة:
يجب أن تكون قوتنا فوق قوة العدو ونحن نعلن هذا الكلام ويجب أن نكون على استعداد للرد بالقوة على العدو ونحن نقول هذا الكلام ويجب أن نذكر دائماً – ونحن نبلغ الولايات المتحدة ردنا – أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ويجب من أجل تحقيق هذا الغرض أن نكون قادرين على العمل قادرين على التفكير مسلحين بأكبر قدر من الوعى واثقين بعمق من هدفنا مؤمنين بحقنا فيه مدركين أن صوت الحق هو صوت الله هذا أيضاً يساعدنا على أن نحشد كل طاقاتنا من أجل المعركة وهذا هو الواجب الرئيسى لهذا المؤتمر فى هذه الدورة. نحن نسير فى طريقنا فى العمل السياسى ونحن نسير فى طريقنا فى العمل العسكرى فإذا نجح العمل السياسى كان بها وإذا لم ينجح العمل السياسى فليس أمامنا نحن الشعب المصرى إلا أن نقاتل فى سبيل تحرير أراضينا والأراضى العربية المحتلة ونحن فى هذا نعتمد على أنفسنا نعتمد على الأمة العربية نعتمد أيضاً على أصدقائنا ونعتمد أساسا على الله الذى مكننا من أن نصمد هذه السنوات.
أيها الإخوة:
لقد مرت بنا أيام عصيبة وأقول إنها كانت عصيبة جداً ولا أستطيع أن أقول اليوم إن الأيام العصيبة قد انتهت أو أن نهايتها قريبة ولكنى أستطيع أن أقول إننا سنصمد.. هذا الشعب سيصمد.. كل هذا الشعب سيصمد؛ لأنه صمد فى أسوأ الظروف؛ صمد حينما فقدت قواته المسلحة كل أسلحتها وإن هذا الشعب رفض الهزيمة وصمم على العمل؛ لأن هذا الشعب العربى.. شعوب الأمة العربية كلها استطاعوا أن يحولوا الهزيمة إلى صمود وسيتمكن شعب هذه الأمة.. الشعب العربى – بإذن الله – من أن يحول الصمود إلى تحرير ونصر. وفقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
(بعد أن انتهى الرئيس من إلقاء خطابه أعلن اقتراحات اللجنة المركزية بشأن جدول أعمال الدورة الرابعة للمؤتمر القومى العام وخطة العمل فى هذه الدورة:)
أولاً: فيما يتعلق بجدول أعمال المؤتمر القومى العام فى دور انعقاده العادى الرابع وافقت اللجنة المركزية فى اجتماعها فى يوم الثلاثاء 14 من يوليو سنة 1970؛ على أن يتضمن الموضوعين الآتيين:
1- الموقف السياسى والعسكرى على ضوء الخطاب الافتتاحى.
2- تقرير اللجنة المركزية إلى المؤتمر فى دور انعقاده العادى الرابع وقد تقدمت اللجنة المركزية بناء على المادة 6 من النظام الداخلى للمؤتمر بتقريرها متضمناً جزئين الأول: عن العمل الوطنى فى المرحلة النضالية السابقة منذ انعقاد المؤتمر القومى العام فى دور انعقاده الثالث الثانى: عن زيادة الحشد من أجل المعركة.
وقد تم توزيع تقرير اللجنة المركزية على أعضاء المؤتمر كما وزعت التقارير التى أعدتها اللجان السبع الدائمة للجنة المركزية عن نشاطها ونشاط أجهزة الاتحاد خلال الفترة الماضية كملاحق لتقرير اللجنة المركزية.
ثانياً: وفيما يتعلق بخطة العمل فى المؤتمر فى هذه الدورة؛ فإن اللجنة المركزية بناءاً على المادة السابعة من النظام الداخلى للمؤتمر تقترح أن يسير العمل فى المؤتمر وفق الخطة الآتية:
1- تجرى مناقشة الموضوعات الواردة فى جدول الأعمال فى اجتماعات لجان المؤتمر.
2- يشكل المؤتمر سبع لجان مقابلة للجان السبع الدائمة فى اللجنة المركزية وهى: لجنة الشئون السياسية لجنة الصناعة لجنة الزراعة لجنة الشئون الداخلية لجنة الشئون الاقتصادية لجنة الثقافة لجنة شئون التنظيم.
3- تبدأ اللجان السبع اجتماعاتها لمناقشة الموضوعات الواردة فى جدول الأعمال فى الساعة العاشرة من صباح غد الجمعة؛ 24 يوليو برئاسة السادة أمناء اللجان الدائمة فى اللجنة المركزية ومعهم السادة مقرروا اللجان الفرعية.
4- يعود المؤتمر إلى الانعقاد فى اجتماع عام الساعة السابعة والنصف من مساء نفس اليوم – الجمعة 24 يوليو – ليستمع إلى السيدين وزير الخارجية ووزير الحربية؛ حيث يقدمان تقريرين عن الموقف السياسى والعسكرى ويجيبان على الأسئلة والاستفسارات التى يوجهها السادة أعضاء المؤتمر.
والحقيقة أنا عايز أعمل تعديل بالنسبة لهذا الموضوع على أساس أن المؤتمر يعود إلى الانعقاد العام فى اجتماع عام الساعة 7.30 يوم الجمعة 24 يوليو؛ ليجيب الرئيس على أسئلة أعضاء المؤتمر بالنسبة للموقف السياسى والموقف العسكرى فى جلسة مفتوحة. وأعتقد أنه قد يكون هناك كثير من الأسئلة يجب علينا ان احنا نبحثها ويجب علينا أيضاً ان احنا نشرك معانا الرأى العام فى بحثها؛ ولهذا باقترح أن تكون الجلسة مذاعة.
بعد كده تعود لجان المؤتمر إلى الانعقاد فى الساعة العاشرة من صباح يوم السبت الموافق 25 يوليو لاستئناف مناقشتها والانتهاء من إعداد تقاريرها فى موعد غايته عصر اليوم ذاته وتسلم التقارير مباشرة إلى أمانة المؤتمر.
5- تشكل لجنة صياغة بيان المؤتمر وقراراته من أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر ومقررى اللجان الفرعية للجان الدائمة للجنة المركزية وأمين المؤتمر؛ برئاسة السيد الدكتور لبيب شقير – عضو اللجنة التنفيذية العليا – وتجتمع هذه اللجنة مساء يوم السبت 25 يوليو لإعداد مشروع بيان المؤتمر وقراراته.
6- يعود المؤتمر القومى العام إلى الانعقاد فى اجتماع عام الساعة 7.30 مساء يوم الأحد 26 يوليو؛ لإعلان بيان المؤتمر وقراراته واختتام الدورة.
هذا ما تقترحه اللجنة المركزية فى شأن جدول الأعمال وخطة العمل فى المؤتمر فى هذه الدورة فهل توافقون على هذه الاقتراحات؟ اللى يوافق يرفع إيده.. موافقة.
يبقى فاضل نقطة واحدة بالنسبة للأسئلة.. أرجو من ممثلى كل محافظة أن يجتمعوا مع بعض علشان الأسئلة ما تتكررش ويجهزوا الأسئلة مكتوبة عندنا الليلة وعندنا بكرة لغاية الظهر تسلم الأسئلة للسيد لبيب شقير أو للسيد الأمين العام بكره ستنعقد جلسة الساعة 7.30 للإجابة على هذه الأسئلة. أرجو لكم التوفيق.
عبد الناصر يجيب على الأسئلة الممنوعة
ردود سيادته على أسئلة الأعضاء فى الجلسة المفتوحة للمؤتمر القومى العام فى دورته الرابعة .
بسم الله الرحمن الرحيم.. نفتتح الجلسة:
بعد اطلاعى على الأسئلة لن يمكن الإجابة على كل الأسئلة فى جلسة علنية؛ لأن فيها أسئلة خاصة بنواحى عسكرية وعلى هذا الأساس الأسئلة اللى لا يستفيد منها أعدائنا حنقولها فى جلسة علنية والأسئلة اللى تمس نواحى عسكرية ناخد استراحة وبعد كده نتكلم عنها فى جلسة سرية ولو انى مش حاتكلم عن الناحية العسكرية بالتفصيل زى ما هو جاى فى بعض الأسئلة؛ لأن فى وسط 2000 مش ممكن نتكلم بالتفصيل على النواحى العسكرية وإلا نبقى بنفرط فى الأمن بتاعنا ولكن النواحى العسكرية العامة ممكن نتكلم فيها فى الجلسة السرية.
أيضاً بالنسبة لمواقف بعض الدول مافيش داعى نتكلم عنها فى جلسة علنية ولكن بنقول الحقيقة فى الجلسة السرية والوضع بالنسبة للدول العربية والتضامن العربى وهل فيه خطة عربية. كل الكلام دا مافيش داعى نقوله فى جلسة علنية ولكن نتكلم عنه فى جلسة سرية وعلى هذا الأساس حنبتدى بالأسئلة العامة دلوقت وأما تخلص ناخد استراحة نص ساعة وبعد كده نرجع نكمل بقية الأسئلة فى جلسة سرية.
– السؤال الأولانى من محمد حسن سليمان محمد شبرا الخيمة قليوبية: لا شك أن أمريكا تعلم تماماً أن ما جاء فى المقترحات التى أسمتها المبادرة الأمريكية ليس جديداً ولكن هل هناك مسائل أخرى تم الاتفاق عليها ولكنها لم تكتب مثل: مرتفعات الجولان المراقبين الدوليين مناطق منزوعة السلاح العبور من القناة خليج العقبة… إلى أخره.. قطاع غزة؟
– مافيش حاجة أبداً اتفقنا عليها وزى ما قلت امبارح إن العملية اللى تقدمت بها أمريكا كلها عملية إجراءات قد يتساءل الناس طب مادام عملية إجراءات لماذا لم تتقدم أمريكا بها من زمان 67 و 68 و 69؟ أنا باعتقد ان احنا النهارده فى سنة 1970 فى يوليو الموقف يختلف جداً عما كان عليه فى 67 و 68 و 69 وأوائل 70 فيه عوامل كثيرة تدخلت فى الموقف وجعلت آفاق المشكلة أوسع مما كانت عليه فى الماضى. على هذا الأساس أمريكا قدمت هذه المبادرة اللى أنا اتكلمت عليها امبارح واللى قلت إن مافيهاش جديد؛ لأن كل كلمة فيها جات فى قرار مجلس الأمن سنة 67. ومن الواضح أن أمريكا كانت تجهز لإعطاء سلاح لإسرائيل وبعد الكلام اللى أنا قلته فى أول مايو والنداء الذى وجهته للرئيس “نيكسون” هم بعتوا هذا الكلام كرد على النداء والنداء الحقيقة كان ينحصر فى موضوع أساسى: وهو أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعطى أمر لإسرائيل بالانسحاب من الأراضى العربية المحتلة وإذا لم تستطع أن تعطى هذا الأمر فعليها أن توقف مساعداتها السياسية والعسكرية والاقتصادية .
وجا هذا الرد.. فى رأينا أن هذا الرد ليس فيه جديد عما جاء فى قرار مجلس الأمن فى نوفمبر سنة 67 وعلى هذا الأساس كنا أمام موقف من اتنين:
أما بنقول ان احنا مش حنرد على الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبهذا نعطى السبب ونعطى أسباب أكثر حتى تحصل إسرائيل من الولايات المتحدة على أسلحة تحت اسم أن إسرائيل تريد السلام ونحن لا نريد السلام بل نريد الحرب!.. أو نوافق على ما وافقنا عليه سنة 67 وهذا هو ما أعلناه بالأمس. أما هل هناك أشياء غير الحاجات اللى أنا قلتها لكم امبارح؟ ما فيش حاجة غير الحاجات اللى أنا قلتها امبارح.
– فيه سؤال آخر.. من عواطف محمود كامل الخليفة: هل سيتوقف إطلاق النار أيضاً بين إسرائيل وسوريا؟.. أم ستلقى إسرائيل بثقلها على الجبهة السورية؟.. إذ أن سوريا لم تعلن موافقتها على قرار مجلس الأمن حتى الآن وماذا يكون موقف الجمهورية العربية المتحدة فى هذه الحالة؟
للإجابة على هذا الحقيقة لابد أن يتضح الموقف لنا جميعاً؛ يوم 8 يونيو سنة 1967كانت هناك جلسة فى مجلس الأمن بنيويورك وكانت هناك اقتراحات بوقف إطلاق النار وسحب القوات المعتدية إلى الخطوط اللى كانت فيها يوم 4 يونيو الولايات المتحدة الأمريكية صممت على أن يقتصر القرار على وقف إطلاق النار وبهذا شطب الجزء الطبيعى الذى كان يجب أن يكون متمماً للقرار وهو انسحاب القوات المعتدية إلى المواقع التى كانت فيها يوم 4 يونيو. احنا وافقنا على هذا القرار سوريا وافقت على هذا القرار والأردن وافقت أيضاً على هذا القرار وعلى هذا الأساس سارت الأمور حتى مايو 69. أعلنا احنا فى مصر – على لسانى أنا شخصياً – أن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يكون إلى الأبد وطالما أن هناك قرار من الأمم المتحدة وأيضاً من مجلس الأمن ينص على انسحاب القوات المعتدية وينص على أنه لا يجوز أن يستولى على أرض بالقوة فنحن هنا فى مصر نعتبر قرار وقف إطلاق النار قد انتهى.. معنى هذا إيه؟
ان احنا ألغينا قرار وقف إطلاق النار بيننا وبين إسرائيل أما قرار وقف إطلاق النار اللى صدر فى يونيه سنة 67 بين الأردن وإسرائيل وبين سوريا وإسرائيل فلم يلغ ولكن إذا رمت إسرائيل بثقلها على الجبهة السورية فمن الواضح أن هناك دفاع مشترك بيننا وبين سوريا وفى هذا يكون الإخلال بوقف إطلاق النار على الجبهة السورية من إسرائيل هو إخلال بوقف إطلاق النار على الجبهة المصرية ويكون الإخلال بوقف إطلاق النار على الجبهة الأردنية أيضاً هو إخلال بوقف إطلاق النار على الجبهة المصرية.
– سؤال آخر: قد يداخل البعض اعتقاد بأن الحل السلمى قد تحقق نتيجة الموافقة على المبادرة الأمريكية.. ألا يرى السيد الرئيس ضرورة الاستمرار فى الحشد للمعركة بعد أن وصف “أبا إيبان” وقف إطلاق النار لفترة محددة بأنه مرحلة استعداد للحرب؟
أنا ما قلتش أبداً إن الحل السلمى تحقق بل قلت امبارح احنا مش عاوزين يبقى عندنا أمل كبير ان ممكن الوصول إلى حل سلمى إن المعركة عنيفة ومعركة ضارية.. معركة شرسة ضد عدو له أهداف توسعية. وأنا باستمرار – حتى حينما قبلنا قرار مجلس الأمن فى 1967 – كنت أقول إن الحل السلمى عملية بعيدة جداً وقد تكون مستحيلة؛ لطبيعة العدو ولأن العدو يريد التوسع ولا يمكن أن يكون هناك توسع وحل سلمى.
وعلى هذا الأساس فالمبادرة الأمريكية ليست – بأى حال – هى الحل السلمى.. المبادرة الأمريكية هى عبارة عن بعض إجراءات سبق أن اتخذت فى سنة 1967 ومن الواضح ان إسرائيل.. حتى فى التعليقات الإسرائيلية بيتكلموا وبيلومونى علشان الكلمة اللى قلتها امبارح: الانسحاب من جميع الأراضى المحتلة وبيقولوا: دا عبد الناصر مش عايز حل سلمى بدليل انه بيطالب بالانسحاب من جميع الأراضى العربية المحتلة.. طبعاً هذه وقاحة سمعناها كتير وبنسمعها وحنسمعها فى المستقبل.
– السؤال الآخر من السيد على الجابرى محافظة الجيزة: ما هو موقف أمريكا وإنجلترا إذا رفضت إسرائيل المبادرة الأمريكية؟
– الحقيقة أنا ما أقدرش أقول ما هو موقف أمريكا ولا ما هو موقف إنجلترا أنا قلت امبارح ان أنا ما عنديش ثقة فى أمريكا وباقول النهارده أيضاً ان أنا ما عنديش ثقة فى إنجلترا ولكن موقفهم أمام العالم حيكون إيه؟ هل سيستمروا فى مد إسرائيل بالأسلحة؟ وعلى هذا يجب أن تكون هناك مواجهة كبيرة بين العالم العربى كله وبين أمريكا وإنجلترا أو سيسيروا فى طريق آخر اللى هو الطريق المعقول لأن إمداد إسرائيل بالأسلحة – ونحن أعلنا أمام العالم أجمع أننا نريد السلام وأن إسرائيل هى التى تريد التوسع – معنى هذا أن أمريكا وإنجلترا يشجعوا إسرائيل على الاحتفاظ بالأراضى العربية المحتلة.
– السيد حسين عبد الغنى محافظة الجيزة: هل يمكن أن نطلب من “يارنج” حصوله من الولايات المتحدة على رد يحدد ما يمكنها أن تفعله ضماناً لتنفيذ مقترحاتها إذا رفضت إسرائيل قبولها وهل توقف على الأقل إمدادها بالأسلحة؟
– الحقيقة هو “يارنج” النهارده ما بيشتغلش الراجل قام بالمهمة بتاعته لفترة ما وبعد كده قال: إنه خلص كل شىء عنده ومشى؛ ولهذا لا نستطيع ان احنا نطلب من “يارنج” ممكن احنا نسأل الولايات المتحدة الأمريكية ونقول لهم إيه اللى حتعملوه إذا رفضت إسرائيل قبول هذه المبادرة؟ وهل ستوقف أمريكا على الأقل إمدادها بالأسلحة؟ ولكن إذا لم توافق إسرائيل على هذه المبادرة الأمريكية فلن تكون هناك مهمة “ليارنج”؛ لأن “يارنج” حييجى يعمل إيه؟! أساساً حيكون ما فيش أطراف متعددة “يارنج” حيتصل بها ويتكلم معاها.
– السؤال الآخر من السيد عادل آدم محافظة الجيزة: كيف يمكن تنفيذ المبادرة الأمريكية؛ إذ بدأت بالكلام عن تنفيذ قرار مجلس الأمن ثم الانسحاب الإسرائيلى فى حين أن قرار مجلس الأمن قد بدأ بالانسحاب؟
الحقيقة دى نقط شكلية وشكلية جداً يعنى؛ لأن لازم حنصل إلى تفصيل ما جاء فى قرار مجلس الأمن علشان يتم تنفيذ كل ما جاء فى قرار مجلس الأمن ولكن إذا كان دا اتكتب الأول أو دا اتكتب الأول مش معنى هذا ان دا حيبتدى قبل دا.
– سؤال من السيد محمد محمد حسن أسوان: هل هناك خلاف فى الشكل والجوهر بين المبادرة الأمريكية وقرار مجلس الأمن؟
زى ما قلت لكم امبارح.. أنا قريت لكم امبارح قرار مجلس الأمن وقرينا المبادرة الأمريكية وليس هناك خلاف فى الشكل ولا فى الجوهر بين الاتنين إلا أن قرار مجلس الأمن فيه تفصيلات أكثر والمبادرة الأمريكية بتتكلم كلام إجمالى عن تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل تفاصيله وأنا ما اعتبرش دا خلاف فى الشكل أو فى الجوهر.
– السؤال التالى: ما هو موقف الدول العربية التى لها علاقة وارتباطات مع أمريكا حيال أمريكا فيما لو رفضت إسرائيل المبادرة وظلت أمريكا على موقفها من تأييد إسرائيل؟
الحقيقة احنا فى أول مايو اتكلمنا فى هذا الموضوع وتوجهنا إلى رؤساء الدول العربية ثم توجهنا إلى الشعب العربى أيضاً فى كل مكان وقلنا إن دى آخر فرصة ممكن أن نعطيها للولايات المتحدة الأمريكية وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تعلم أنها إذا استمرت وتمادت فى تعاون إسرائيل أن مصالحها فى العالم العربى ستكون مهددة بالخطر. وعلى هذا الأساس الحقيقة كل اللى أقدر أقوله النهارده إن الأيام ستبين لنا ما هو موقف الدول العربية تجاه هذا الموضوع.
– السؤال التالى من السيد محمد محمد عرفة بنى سويف: إن قرار الهدنة الأول عام 1948 كان من أسباب قدرة العصابات الصهيونية على الاستعداد للمعركة التالية هل توقف إطلاق النار لمدة 3 شهور سيكون فترة التقاط الأنفاس لإسرائيل من حرب الاستنزاف واستكمال الاستعداد والعودة إلى الجزء الذى تراجعت عنه فى سيناء غرب القناة وبناء خط جديد اللى هو خط “بارليف”؟
الحقيقة لا نستطيع – بأى شكل – أن نشبه اللى بيجرى دلوقت باللى كان سنة 1948؛ لأن سنة 1948 احنا كنا فى وضع لا نستطيع فيه الحصول على سلاح ولا على ذخيرة وكانت إسرائيل فى وضع تستطيع فيه أن تحصل على السلاح وعلى الذخيرة خصوصاً بعد ما مشيت إنجلترا وانتهت فترة الانتداب؛ بدأ وصول الأسلحة إلى إسرائيل وعلى هذا كانت إسرائيل فى هذه الأيام تريد الوقت الذى تلتقط فيه أنفاسها والوقت الذى تحشد فيه قواتها والوقت الذى تكدس فيه أسلحتها. أما النهارده الوضع يختلف جداً؛ لأن إسرائيل بتحصل على جميع أنواع الأسلحة اللى هى عايزاها من أمريكا ومن إنجلترا؛ حصلت على الدبابات وبتحصل على الطيارات وعندها كل شىء حتى أعقد وأدق المعدات الإلكترونية والتلات أشهر لن يغيروا كثيراً فى هذا لأن أما طلبوا حاجات جات لهم بالطيارة من أمريكا فى 48 ساعة وأعلن ان وصلهم 130 جهاز معدات إلكترونية فى خلال 48 ساعة بعد أن تعرضت طائراتهم للصواريخ المصرية.
الجزء التانى الاستعداد والعودة إلى الجزء الذى تراجعت عنه فى سينا غرب القنال وبناء خط جديد.. “بارليف”. الحقيقة لما بنوا خط “بارليف” فى شرق القنال وقمنا بقصف خط “بارليف” ودمرنا أجزاء كتيرة منه وكانت الخسائر الإسرائيلية خسائر كبيرة فعلاً فى هذا الوقت وكانت إسرائيل تريد أن تقلل من خسائرها وعلى هذا الأساس قرروا انهم يرجعوا ورا شرقاً 20 كيلو ويخلوا على القنال نقط قوية ما بين النقطة والنقطة 10 كيلو فهم لهم فى الضفة الشرقية للقنال 17 نقطة. أما خط “بارليف” اللى كان موجود فى الأول واللى أعلنوا عليه.. هذا الخط قد انتهى فعلاً ولن تكون هناك فائدة لإسرائيل فى العودة وبناء الخط مرة تانية؛ لأن إذا كنا قد استطعنا أن ندمر هذا الخط فى فترة قصيرة وأن نكبد إسرائيل خسائر فى فترة قليلة.. وأن نكبد إسرائيل خسائر كثيرة مما اضطرها إلى انها تترك الخط وتترك نقط وترجع إلى الخلف فإننا نستطيع أن نقوم بهذا الشىء مرة أخرى.
– سؤال من السيد سعد على سعيد أسوان : أخشى ما نخشاه هو أن تقوم إسرائيل فى فترة وقف إطلاق النار بعمل حصون ومستعمرات فى سيناء وإعادة خط “بارليف”.. فهل هناك ضمانات لعدم القيام بذلك؟
يعنى بالنسبة للإسرائيليين هم قالوا إنهم عملوا 3 مستعمرات فى سيناء اللى هم الحقيقة مستعمرتين عند البحر الأبيض المتوسط جنب بحيرة البردويل ومستعمرة جنب شرم الشيخ لأغراض سياحية وإذا كانوا عايزين يعملوا مستعمرات أكثر من هذا كانوا قدروا من سنة 67 لغاية دلوقت فى 3 سنين والحقيقة حتى لو بنوا مستعمرات فى داخل سينا هذا لن يهمنا بشىء ولن يؤثر على خططنا العسكرية إذا كان لابد لنا من أن نستخدم القوة العسكرية أما الجزء الخاص بخط “بارليف” فأنا اتكلمت عليه قبل كدا فى السؤال الماضى.
هو أنا حاقرأ أسئلة مكررة.. يعنى قد تظهر مكررة ولكن الحقيقة السبب فى قرايتى لهذه الأسئلة – وانها قد تكون مكررة – إن بيبان من هذه الأسئلة ومن دلالتها إيه يمكن نوع القلق والتفكير اللى كل الناس بتفكر فيه.
– سؤال من السيد محمد مهدى شومان الإسماعيلية: ما هى الضمانات التى وضعت لعدم تمكين إسرائيل من القيام بعمل أى استحكامات دفاعية بالأراضى المحتلة بعد 5 يونيو وخاصةً الجهة الشرقية لقناة السويس خلال الفترة المؤقتة لوقف إطلاق النار؟
نفس الإجابة موجودة اللى قلتها.. موجودة على هذا السؤال.
– سؤال السيد عابد عابد عثمان الفيوم: هل اتخذت إجراءات تحديد وقت محدد لإجراءات المفاوضة حتى لا يطول مداها؟ وما هى المهلة التى أعطيت لإسرائيل لإبداء رأيها فى المبادرة؟ وهل يمكن السماح لإسرائيل بإبداء أى تحفظات جديدة؟
هو الحقيقة احنا حينما تلقينا الخطاب الأمريكى درسنا هذا الخطاب ووجدنا قدامنا حل من اتنين: يا إما نرفض يا إما نوافق والرفض سيستغل فى العالم كله على أننا نريد الحرب ولا نريد السلام بأى شكل من الأشكال ولو كانت إسرائيل مستعدة أن تعيد لنا كل الأراضى المحتلة فى 5 يونيو 67 وإسرائيل هى التى تريد السلام وبذلك تكون إسرائيل هى الدولة المهدَّدة.. هى الدولة الشهيدة… إلى آخر الكلام اللى اتقال امبارح واللى انتم عارفينه.
ولهذا احنا الحقيقة فى ردنا قلنا وجهة نظرنا ولكن احنا لم نضع تحفظات على هذه المبادرة الأمريكية وعلى هذا الأساس ما اتكلمناش على إجراءات تحديد وقت وما اتكلمناش على إعطاء مهلة لإسرائيل. وهل يمكن لإسرائيل إبداء أى تحفظات جديدة؟
الحقيقة الرد الإسرائيلى على المبادرة الأمريكية يقال إنه لغاية دلوقت مش جاهز ولكن إذا إسرائيل ادت أى تحفظات دا بيكون موقف جديد جداً؛ لأن المطلوب فى المبادرة الأمريكية تنفيذ قرار مجلس الأمن اللى صدر فى نوفمبر 67 رقم 242.. إذا أدت تحفظات انها حتحتفظ بجزء من الأراضى أو انها حتحتفظ بالقدس معنى هذا ان المبادرة الأمريكية حتكون فشلت؛ لأن احنا بنتكلم على تنفيذ قرار مجلس الأمن اللى هو خاص بالانسحاب وخاص بترتيبات السلام. ونحن فى انتظار الرد الإسرائيلى على المبادرة الأمريكية ونحن نقول انه لا يمكن أن يكون هناك توسع وأن يكون هناك سلام.. إذا صممت إسرائيل على التوسع فلن يكون هناك سلام بأى حال من الأحوال.
– السؤال اللى بعده من السيد عبد العزيز يوسف المنيا: هل إيقاف وقف إطلاق النار يكون حافزاً لاستعداد العدو للعدوان وأيضاً لإنشاء الدشم التى دكـت بواسطة قواتنا المسلحة فى خطوط المواجهة؟
أجبت على هذا السؤال.
– السؤال اللى بعده من هانم سيد أبو زيد من القليوبية: لماذا اختارت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الآونة بالذات لمبادرتها بالمقترحات من أجل السلام ولم ترغم إسرائيل على تنفيذ قرار الانسحاب فى الماضى وفى الوقت نفسه لم تكف عن إمداد إسرائيل بأحدث الأسلحة؟ أهى الخديعة والمكر والحيلة لتقوية مركز إسرائيل العسكرى؟.. أم ماذا؟
الحقيقة من سنة 67 كانت أمريكا تؤيد إسرائيل تأييد كامل سياسياً وأول تأييد أمريكى لإسرائيل كان فى مجلس الأمن يوم 8 يونيو سنة 1967 حينما تقدم الاتحاد السوفيتى إلى مجلس الأمن بقرار ينص على وقف إطلاق النار وسحب القوات المعتدية إلى الخطوط التى كانت فيها يوم 5 يونيو رفضت أمريكا هذا الاقتراح وصممت على أن يكون القرار وقف إطلاق النار فقط. وساعدت أمريكا فى هذا الوقت إسرائيل أيضاً عسكرياً بكل الوسائل؛ حتى تستطيع إسرائيل أن تفرض إرادتها على العالم العربى وحتى تستطيع إسرائيل أن تتوسع وحتى تستطيع إسرائيل أن تفرض علينا استراتيجيتها اللى هى كانت بتتكلم عليها: انها تفرض الصلح.
وكانت إسرائيل تتكلم دائماً عن الحدود الآمنة والمعترف بها وكانت بهذا تخدع العالم؛ لأنها كانت تقول: إن الحدود الآمنة والمعترف بها معناها حدود جديدة مش حدود 5 يونيو سنة 67 طبعاً حدود جديدة كما تراها إسرائيل وكما يراها قادة إسرائيل. ورغم هذا طبعاً لم تضغط الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل بل ساعدت إسرائيل وادتها الطائرات “الفانتوم” والطائرات “السكاى هوك” ثم أعطتها أيضاً معدات إلكترونية وأعطتها مدافع ذاتية الحركة وأعطتها دبابات وأسلحة مختلفة.
لماذا اختارت هذه الآونة بالذات؟
أنا باقول إن فيه ظروف جديدة طرأت على الموقف ما كانتش موجودة سنة 67 وسنة 68 ولا سنة 69 وقد تكون أمريكا الآن شعرت ان ما فيش فايدة ان العرب حيخضعوا وان العرب حيستسلموا أو ممكن ان نفس المبادرة كانت وسيلة علشان احنا نقول لأ.. وإذا قلنا لأ بيكون لهم مطلق الحرية انهم يدوا إسرائيل وقيل فى بعض الصحف الغربية النهارده ان كان احنا سنتحمل عملية الرفض وإعطاء إسرائيل الأسلحة إذا كانت إجاباتنا سلبية أما وقد أصبحت إجاباتنا إيجابية فموقف إسرائيل حيكون موقف صعب.
على كل حال الحقيقة الموقف النهارده بيختلف عن الموقف فى السنوات الماضية والحقيقة دعم الاتحاد السوفيتى يجب أن نذكره دائماً ويجب أن نذكر أن الاتحاد السوفيتى وقف جانبنا دائماً؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً والاتحاد السوفيتى له آراء بالنسبة أيضاً لهذا الموضوع وله حلول وله اقتراحات.. هذه الاقتراحات تنص على الانسحاب الكامل من كل الأراضى العربية المحتلة. الأيام القادمة حتبين لنا هل فعلاً الغرض من المبادرة الأمريكية هو حل المشكلة حل سلمى أو الغرض من المبادرة الأمريكية هو مكر وخداع! – السؤال التالى: ألا يكون الهدف من هذا المشروع المسمى بالمبادرة الأمريكية نوايا سيئة نوجزها فيما يلى .. دا من السيد حامد يحيى إسكندرية:
أولاً: إن قبولنا لوقف إطلاق النار لمدة مؤقتة تشبه هدنة مؤقتة تستعد فيها القوتان لاستئناف القتال وقد يمكن هذا إسرائيل من وضع تخطيط تصل بواسطته إلى شل فاعلية الصواريخ على الجبهة.
النهارده أنا قبل ما آجى كنت باقرا البرقيات اللى جاية من الخارج بواسطة وكالات الأنباء و”جولدا مائير” – رئيسة وزراء إسرائيل – بتقول: إن إسرائيل لا يمكن – بأى حال من الأحوال – أن تقبل وقف إطلاق النار لمدة محددة ولكنها تطالب بوقف إطلاق النار إلى الأبد؛ فعلى هذا الأساس مش شايف انهم حيقدروا يستعدوا أبداً فى التلات أشهر ومش شايف أبداً انهم هم حيقدروا يشلوا فاعلية الصواريخ؛ لأن الصواريخ النهارده محطوطة بطريقة وبخطة اتكلم عنها “بارليف” – رئيس أركان حرب إسرائيل – وقال خطة جديدة واتكلم عنها قائد الطيران الإسرائيلى وقال: إنهم لغاية دلوقت مش واجدين الطريقة اللى ممكن يهاجموا بها هذه الصواريخ وحيبحثوا عن طريقة فى المستقبل. طبعاً هم باستمرار حيبحثوا سواء فيه قتال أو مافيش قتال كل واحد حيبحث كيف يقوى نفسه عسكرياً حتى إذا لم تثمر هذه المبادرة الأمريكية فلن يكون أمام أى طرف من الأطراف إلا القتال وستكون الحقيقة معركة حياة أو موت.. ومعركة ضارية.. معركة شرسة.
– السؤال التالى للسيد حامد يحيى إسكندرية: طالما أعلن الرئيس منذ شهور رفضه وقف إطلاق النار؛ فإن الشعوب العربية التى تلتف حول قائدها قد تشعر بهزة نفسية عنيفة وتنتشر بين صفوفها البلبلة والإشاعات وتبعاً لذلك تنشط الثورة المضادة مما يؤثر على سلامة الجبهة العربية وتماسكها.
الحقيقة كان هناك تهديد لنا زى ما قلت لكم وكان هناك إلحاح علينا فى السنة اللى فاتت ان احنا نعود إلى وقف إطلاق النار الغير مقيد.. بمعنى ان احنا نرجع لقرار 8 يونيو سنة 1967 وإسرائيل نتركها ترفض قرار مجلس الأمن الذى صدر فى نوفمبر سنة 67 والذى ينص على الانسحاب وهذا ما كانت تطالب به إسرائيل دائماً وهذا ما كانت تطالب به الولايات المتحدة الأمريكية دائماً وهذا ما كانت تطالب به بريطانيا دائماً ان احنا نعود إلى وقف إطلاق النار بلا حدود وبلا قيود. طبعاً وقف إطلاق النار بلا حدود ولا قيود فى مصلحة إسرائيل؛ لأن مافيش حرب استنزاف ما فيش خسائر إسرائيلية طبعاً مافيش جهد إسرائيلى.. وقاعدين وإسرائيل طبعاً بتحس انها فى مركز القوة لأنها تحتل الأراضى العربية ولا تتعرض لأى عمليات عسكرية؛ وبهذا لا تقبل الانسحاب لسنوات طويلة ما حدش حيعرف السنوات دى أد إيه ولهذا أنا قلت فى كلامى ان احنا لن نقبل وقف إطلاق النار أبداً. وبعدين زى ما قلت لكم جالنا تهديد من الولايات المتحدة الأمريكية فى 2 فبراير وقالوا لنا فى هذا التهديد: إذا لم نقبل بوقف إطلاق النار – وقف إطلاق النار يعنى إلى الأبد – فمعنى هذا أن الغارات الإسرائيلية.. الغارات الجوية فى العمق ستزداد وقد تعرض بلدنا لمخاطر كثيرة ورغم هذا لم نقبل وقف إطلاق النار أيام ما كانت بتنضرب القاهرة وضواحى القاهرة وأسيوط… إلى آخر هذه المواقع اللى كلنا عارفينها وقلت أنا ان احنا بنقبل وقف إطلاق النار فى حالة واحدة: إذا أعلنت إسرائيل أنها تقبل الانسحاب الذى نص عليه فى قرار مجلس الأمن الصادر فى سنة 1967. المبادرة الأمريكية بتقول وقف إطلاق النار لمدة محددة فى تلات أشهر وفى نفس الوقت بتقول ان إسرائيل عليها تعلن موافقتها على الانسحاب من الأراضى المحتلة وفقاً لقرار مجلس الأمن سنة 1967؛ إذن الاتنين مقترنين ببعض.
النهارده “جولدا مائير” – رئيسة وزراء إسرائيل – فى حديث لها لجريدة إسرائيلية بتتسئل: ليه ما بتنطقيش كلمة الانسحاب ومش راضية أبداً تجيبى على لسانك هذه الكلمة؟! فكان ردها: إن هى مش حتقول أبداً كلمة الانسحاب؛ لأن الانسحاب دا هو اللى العرب عايزينه وزى ما قلت لكم إسرائيل رافضة دائماً أن تشير إلى كلمة الانسحاب ولكن بدلاً من هذا تتكلم عن إعادة توزيع قواتها. لما كان “يارنج” هنا وييجى لنا ويقول لنا: إيه موقفكم بالنسبة للانسحاب؟ فكنا بنرد عليه يروح لإسرائيل ويقول لها: إيه موقفكم بالنسبة للانسحاب؟ يقولوا موقفنا بالنسبة لإعادة توزيع قواتنا حنتكلم فيه حينما يوافق العرب على الجلوس معانا على مائدة المفاوضات! فأنا ما أعتقدش ان أنا يعنى أخليت بالكلام اللى قلته قبل كده وأنا الحقيقة على ثقة من ان الجماهير العربية فاهمة كلية الكلام اللى قلته امبارح وفاهمة أنه مش تراجع وفاهمة ان وقف إطلاق النار ملتزم بعملية الانسحاب.
هل إسرائيل حتقول إنها موافقة على الانسحاب؟!.. الكلمة اللى موجودة فى المبادرة الأمريكية هل “جولدا مائير” اللى قالت النهارده: إنها مش موافقة على وقف إطلاق النار المشروط ومش موافقة انها تلفظ على لسانها لكلمة الانسحاب حترجع وتقول انها موافقة على وقف إطلاق النار لتلات أشهر وتقول إنها موافقة على الانسحاب؟! هل إسرائيل اللى هى النهارده كل تعليقاتها اللى أنا شفتها بتحاول تبين ان احنا بنضحك على الأمريكان…
فى وكالة الـ” يو. بى” من القدس: “ان المعلقين الإسرائيليين فى الإذاعة والتليفزيون ينظروا بشىء من الريبة المشوبة بالعداء إلى ما يبدو أنه قبول مشروط من جانب الرئيس ناصر لمبادرة السلام الأمريكية؛ إذ قالوا إن خطاب ناصر لا يأتى بجديد”. طبعاً هم متصورين الجديد ان احنا حنقبل انهم ياخدوا أى أرض من الأراضى العربية ودا كلام قلناه امبارح وقلنا قبل كده مئات المرات إننا لن نقبل – بأى حال من الأحوال – التفريط فى أى أرض عربية مش بس أى أرض مصرية”… خطاب عبد الناصر لا يأتى بجديد فيما يتعلق باحتمالات السلام فى الشرق الأوسط”.
وأضافوا أن ناصر استخدم مقترحات “روجرز” وسيلة لتكرار الموقف المصرى السابق الذى يطالب بالانسحاب الكامل من جميع الأراضى المحتلة دون التزام العرب بإحلال السلام وقال المعلقون: إن قبول ناصر المشروط لمشروع “روجرز” قد يضع إسرائيل فى مركز دبلوماسى صعب وطالب المعلقون بسياسة إسرائيلية ذكية لعدم إلحاق الدمار بعلاقات إسرائيل الدولية. وقال معلق الإذاعة الإسرائيلية: إن كلمات ناصر تخفى هدفه الحقيقى وهو دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة. وبذلك يتوقف تدفق السلاح الذى تعتبر إسرائيل إنها فى مسيس الحاجة إليه. وعلق أحد معلقى التليفزيون بقوله: إنه من المثير حقاً أن نرى إلى أى درجة سيقع الأمريكيون فى هذا الفخ المصرى! دا كلام الإسرائيليين.. دا مش كلامنا.
احنا فى ردنا على المبادرة الأمريكية كنا نريد أن نقول فعلاً إننا لا نريد الحرب من أجل الحرب.. واللى يريد الحرب من أجل الحرب لا يمكن الحقيقة انه يكون مسئول ولكنا نريد حقوقنا وإذا استطعنا أن نحصل على حقوقنا بالطرق السياسية وبالطرق السلمية فعلينا أن نعمل بكل وسيلة ممكنة وفى كل المجالات على أن نحصل على حقوقنا بالوسائل السلمية. وإذا استنفذنا جميع الوسائل السلمية لن يكون أمامنا إلا القتال؛ لأننا لن نستطيع أن نتنازل عن أراضينا والقتال فى سبيل تحرير أراضينا حق لنا وواجب علينا ودى بديهيات ومواضيع معروفة.
فاللى أنا بدى أقوله إن الجماهير العربية على درجة واعية وعلى درجة كبيرة من الفهم والتتبع للأمور وان الجماهير العربية متتبعة تفاصيل القضية من سنوات وعلى هذا الأساس لا يمكن أن تكون هناك بلبلة بالنسبة للجماهير فيه ناس معارضين.. فيه ناس ضدنا وفيه ناس معارضين وفيه ناس انتهازيين وفيه ناس عايزين ياخدوا مكاسب سياسية.. دول مهما قلنا ما فيش فايدة فيهم؛ سواء هنا فى الداخل أو فى الجبهة العربية كلها.. لن تستطيع أن تقنع هؤلاء الناس مهما تكلمت معهم؛ لأنهم هم من الأساس أهدافهم سيئة بالنسبة لنا أو أهدافهم انتهازية بالنسبة لهم أو ما بيهمهمش النتائج اللى تحصل سواء إسرائيل حصلت على مئات الطائرات من الولايات المتحدة الأمريكية أولم تحصل. الحقيقة هذه المجموعة من الناس يجب ألا نضعها فى حسابنا ولكن يجب أن نضع جماهير الشعب الواعى – فى بلدنا هنا وفى جميع أنحاء العالم العربى- نضعها فعلاً فى حسابنا وأنا على ثقة أن جماهير الشعب الواعى فى بلدنا وجماهير الشعب الواعى فى الأمة العربية كلها تفهم الدوافع التى دفعتنا إلى أن نُجيب إيجابياً على مبادرة “روجرز” الأمريكية .
– سؤال من السيد صلاح إسماعيل من محافظة قنا: لا شك أن الجبهة الداخلية معبأة للحل العسكرى.. ماذا يكون رد الفعل بين الجماهير لو نزل التنظيم السياسى ووسائل الإعلام لشرح وجهة النظر نحو المبادرة الأمريكية واقتنعت الجماهير بها ثم حدث لسبب أو لآخر أن تعذر تحقيق بنود هذه المبادرة؟
الحقيقة فى العمل السياسى احنا ما نقدرش نعاملها زى واحد دراعه مكسور ومجبسينه.. كل ما نحب نقول كلمة لازم نكسر الجبس ونرجع تانى نجبسه مرة تانية احنا جماهيرنا واعية جداً وجماهيرنا فاهمة الموضوع.
وأنا قلت دائماً وقلت امبارح ان احنا بنمشى فى الحل السلمى.. نمشى فى العمل السياسى ولكنى أعتقد أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة الناس كلها فاهمة هذا الكلام ولهذا الناس فاهمة ان احنا لابد أن نكون طليقى الحركة ونحن نتعامل مع العالم كله؛ لأن العالم كله له تأثير كبير جداً. إسرائيل شاطرة جداً فى التعامل مع العالم وتبين ان هى الضحية وانها هى اللى عايزة السلام وان العرب عايزين يدبحوا اليهود وعايزين الحرب ولن يرضوا بالسلام أبداً. فشعبنا الحقيقة وجبهتنا الداخلية فى رأيى انها واعية جداً وهى معبأة للحل العسكرى.
احنا دائماً كنا نتكلم عن الحل السلمى وفى نفس الوقت نعبأ من أجل الحل العسكرى وأنا أرى أن مافيش خوف أبداً الحقيقة ونحن نتكلم عن المبادرة الأمريكية وبعد هذا نعود إلى العمل العسكرى فى وقت من الأوقات إن دا يهز الجماهير؛ لأن عملية الوصول إلى حل سلمى عملية ليست مضمونة.. عملية الوصول إلى حل سياسى عملية بعيدة المنال. وأنا باقول هذا الكلام من سنة 67 يوم ما وافقنا على قبول قرار مجلس الأمن وباقوله النهارده يوم 24 يوليو سنة 1970 من الصعب الوصول إلى حل هناك قوى كثيرة وتناقضات كثيرة وهناك أيضاً إسرائيل التى تريد أن تتوسع وتستولى على الأراضى العربية والتى تريد أن تفرض الاستسلام على العرب وهناك فرق بين السلام والاستسلام وأنا فى رأيى ان الجماهير فى هذا على درجة كبيرة من الذكاء وعلى درجة كبيرة من الوعى.
– نفس السائل بيقول: لم يشر خطاب “روجرز” إلى حقوق شعب فلسطين ونحن كنا نعلن دائماً أن حل المشكلة يتضمن شقين: الانسحاب الكامل وحقوق شعب فلسطين كيف سيتم من خلال هذه المبادرة تمكين استعادة حقوق شعب فلسطين؟
أنا باقول إن المبادرة الأمريكية تشمل الشقين لأنها تتكلم عن تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل بنوده الذى صدر سنة 1967 وقرار مجلس الأمن الذى صدر فى سنة 1967 ينص على إيجاد حل لمشكلة الفلسطينيين أو لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.. حل عادل وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. معنى هذا ان موضوع حقوق الشعب الفلسطينى فى وطنه موجودة وعلى هذا الأساس أقول إن الكلام اللى قبلناه فى 1967 فى نوفمبر هو نفس الكلام اللى أعلنا قبوله امبارح؛ لأن المبادرة الأمريكية – مبادرة “روجرز” – بتقول تنفيذ قرار مجلس الأمن بكل بنوده.
– السيد إبراهيم على القاضى قنا: كانت الجمهورية العربية المتحدة أسبق من إسرائيل فى قبول قرار مجلس الأمن وكانت إسرائيل تعارض فى قبوله رغم كل المحاولات التى بذلت أما كان الأجدر بأمريكا أن تحصل على موافقة إسرائيل على مقترحاتها الأخيرة المعبر عنها بالمبادرة الأمريكية قبل أن تطلب موافقة مصر عليها؟ وهل نطمئن إلى حسن نوايا أمريكا رغم ما يبدو منها من انحياز كامل إلى جانب إسرائيل ومساعداتها الشاملة لها؟!
الحقيقة هذه عملية إجراءات هذه المبادرة سلمت لنا وسلمت لإسرائيل فى نفس الوقت أنا فى رأيى ان الإسرائيليين ما ردوش مستنيين ان احنا نرد بالرفض وبهذا يحملونا عملية الرفض ويجروا يبكوا فى كل بلد وفى كل مكان ويقولوا: مصر رفضت المبادرة الأمريكية اللى بتدعو للسلام ومصر عايزة الحرب ادونا سلاح وادونا فلوس! وعلى هذا الأساس الحقيقة احنا كان يجب علينا ان احنا نرد هذا الرد الإيجابى لنقطع الطريق على إسرائيل أمام دول العالم كلها. إسرائيل حترد حتقول إيه؟ ما حدش عارف. بيقولوا لسه حيجمعوا مؤتمر الأسبوع القادم بيقولوا إن “أبا إيبان” عامل مشروع جديد وأعلنه امبارح وان أنا لما اتكلمت امبارح ما ردتش على مشروع “أبا إيبان”. وأنا أما اتكلمت امبارح يعنى ما اهتمتش أبداً بان يكون فيه مشروع “لأبا إيبان” أرد عليه وأنا قبل ما أدخل عارف وشفت التصريح اللى قاله “أبا إيبان” ولكن ما كانش دا هو الموضوع اللى أنا حاتكلم فيه؛ لأن “أبا إيبان” دائماً بيحاول يخدع ويحاول يضحك على الرأى العام الدولى كل يوم له 10 تصريحات متناقضة ومتضاربة. فأنا ما كنتش امبارح بارد على تصريح “أبا إيبان” وما كنتش بافكر ان أمريكا يجب أن تأخذ موافقة إسرائيل احنا وافقنا على المبادرة الأمريكية وبعدين بنقعد نشوف حسن نوايا أمريكا.. إيه رد الفعل بقى؟ أمريكا حتعمل إيه؟ وبننتظر أيضاً الرد الإسرائيلى احنا ردنا اللى قلناه امبارح رد غير مشروط احنا وافقنا على كل النقط اللى قالت عليها أمريكا ولكن فسرنا فهمنا لقرار مجلس الأمن إذا ردت إسرائيل رد مشروط تكون إسرائيل هى التى رفضت هذه المبادرة الأمريكية وتكون إسرائيل هى التى لا تريد السلام ولكنها تريد التوسع والاستيلاء على أراضى عربية.
– سؤال من السيد عبد الحى حمدى عبد الفتاح الجيزة: إن موافقة السيد وزير الخارجية على مقترحات وزير الخارجية الأمريكية “روجرز” جاءت بعد عودة سيادتكم من رحلتكم بموسكو مع أن المقترحات أو المبادرة الأمريكية قدمت فى أوائل النصف الثانى من شهر يونيو ويمكن أن يعطى هذا انطباع بأن محادثات موسكو الأخيرة لم تكن فى قوة نجاح المحادثات السابقة وخاصة فى زيارتكم الأخيرة فى شهر يناير سنة 1970. المرجو توضيح سبب عدم إعلان الموافقة على المبادرة الأمريكية إلا بعد مرور أكثر من شهر على تقديمها.
وأنا باتكلم الأول فى الحقيقة على علاقتنا مع موسكو.. علاقتنا مع موسكو علاقات قوية ومتينة 100% وبنتكلم مع بعض بكل وضوح.. وبنتكلم مع بعض بكل صراحة والقادة السوفييت فى موسكو أكدوا لنا فى زيارتنا الأخيرة انهم بيؤيدونا لاسترداد حقوقنا المشروعة إلى أقصى حد وبكل وسيلة من الوسائل. وباقول لكم إن أنا سبت موسكو وأنا راضى كل الرضا عن الزيارة الأخيرة لى فى موسكو واتفقت معاهم على أساس ان احنا نكون فى الموقف وفى الصورة ان على صبرى بيروح كل شهرين علشان بحث الموقف السياسى والموقف العسكرى .
على هذا الأساس الحقيقة أى إشاعات أو أى شىء عن ان ما كانش فيه نجاح للمحادثات كلام الحقيقة نعتبره غير حقيقى. وخطتنا هى الحقيقة ان احنا نتفق اتفاق كامل على خطة سياسية ونحن نتفق اتفاق كامل أيضاً على خطة عسكرية وكل الكلام اللى اتفقنا عليه يجرى موضع التنفيذ والاتحاد السوفيتى فى هذا أيضاً مقتنع كل الاقتناع لسبب واحد زى ما قالوا لنا ان احنا بندافع عن نفسنا وبندافع عن بلدنا وبندافع عن الأمة العربية وبندافع عن أراضينا المحتلة.
المرجو توضيح سبب عدم إعلان الموافقة.
الحقيقة احنا أما قلنا فى أول مايو هم ردوا علينا فى 20 يونيو وقعدوا أكتر من شهر ونص ولما ردوا علينا قالوا لنا: عايزين تردوا علينا بسرعة وما تتأخروش فى الرد فاحنا قررنا ان احنا ما نردش عليهم إلا بعد ما يمر شهر.. الموضوع الطبيعى يعنى أخدناه ودا الحقيقة ليس له أى مغزى. والحقيقة اللى ساعد على هذا ان أنا كنت فى ليبيا لما جات الاقتراحات وجيت من ليبيا يادوبك قعدت 48 ساعة هنا وسافرت إلى الاتحاد السوفيتى؛ الحقيقة مافيش أسباب ممكن ان احنا أو انكم تخمنوها للتأخير.
– السؤال التالى من السيد حسن إسماعيل ياسين قنا: فيما يختص بالمشروع الأمريكى خلط البعض بين وقف إطلاق النار والتسوية السلمية وسألونى لماذا لم يرد ذكر لهضبة الجولان فى سوريا ومع ذلك نوافق على المشروع؟ فهل يتكرم السيد الرئيس بجلاء هذه النقطة؟
الحقيقة إن وقف إطلاق النار احنا اتكلمنا عليه النهارده بالتفصيل عملية التسوية السياسية أو الحل السلمى الحقيقة ما اتقالش فى الحل السلمى حاجة عن سينا.. ما قلناش ولا كلمة عن سينا.. ما اتقالش لا عن سينا ولا عن القدس ولا عن الضفة الغربية ولا عن الجولان ولكن اتقال إن إسرائيل تعلن قبولها الانسحاب من الأراضى العربية المحتلة وفقاً لقرار مجلس الأمن سنة 1967 وهذا فى رأيى يشمل كل الأراضى المحتلة سنة 1967؛ لأن قرار مجلس الأمن ينص على أنه لا يمكن – بأى حال من الأحوال – أن تحتل أراضى أو يستولى على أراضى بالقوة. فالمبادرة الأمريكية هى مبادرة عمومية جداً وزى ما قلت لكم امبارح ماهياش تفاصيل حل سلمى ولكنها عملية إجراءات؛ الجديد فيها أن تعلن إسرائيل أنها توافق على الانسحاب إسرائيل رفضت من سنة 1967 حتى الآن أن تعلن – ولو مرة واحدة – أنها توافق على الانسحاب.
– بعد كده سؤال من السيد عبد الغنى قنديل قليوبية: كيف نقبل المبادرة الأمريكية رغم أنها لم تأت بالجديد على غرار قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر سنة 67 فى حين أننا قبلنا قرار مجلس الأمن وكنا فى حالة لا نحسد عليها؛ فى حالة انهيار عسكرى وها نحن نقبل هذه المبادرة وقد تغير وضعنا العسكرى من الضعف إلى القوة فى جميع مجالات الحياة؛ سياسية وعسكرية واقتصادية؟
أعتقد ان أنا يمكن عبرت فى كلماتى السابقة ليه احنا قبلنا المبادرة الأمريكية النهارده أنا باقول إن دى آخر فرصة الحقيقة للكلام عن حل سياسى ويجب ألا نعطى إسرائيل أى فرصة حتى تتباكى فى العالم وتحصل على أسلحة تضرب بها العرب هى بتاخد “فانتوم” بتضرب بها مين؟ بتضربنا احنا بها.. بتضرب مصر “بالفانتوم” بتاخد “السكاى هوك” بتضرب مصر بـ”السكاى هوك” وبيروحوا يقولوا للأمريكان… لدرجة إن الرئيس “نيكسون” أعلن فى كلامه فى المؤتمر الصحفى وبالذات عن مصر وسوريا انهم عاوزين يرموا إسرائيل فى البحر ويقضوا على الإسرائيليين وإسرائيل مش عايزة ترمى العرب فى البحر. الحقيقة هذا الكلام.. وهو كلام أنا علقت عليه امبارح وقلت إنه يجب أن يعلم الحقيقة وإن إسرائيل هى التى رمت العرب بره ديارهم.. رمتهم فى بحر من الرمال وفى بحر من الصحراء وطردتهم.. طردت مليون وأكتر من مليون واتقدم بهذه المبادرة وبيقول إنه معلق تسليم الأسلحة لإسرائيل حتى يصله الرد.
الحقيقة فى هذا يجب أن نعمل من أجل المصلحة العليا للوطن ولا نحسب العملية بالحساب اللى هو موجود سنة 67 كان كذا ودلوقت كذا بنقول إن فيه فرصة أخيرة للحل السياسى أمريكا يمكن أعادت النظر فى موقفها وتريد أن تأخذ موقف فعلاً سليم قد يساعد على الحل السياسى إذن يجب ألا نترك هذه الفرصة ويكون ردنا رد إيجابى ونشوف إيه هى النتيجة.
– السيد عبد الفتاح محمد فرج المنوفية: المفهوم أن سوريا لم تقبل فى نوفمبر سنة 1967 قرار مجلس الأمن وبالتالى لم تشملها المبادرة الأمريكية الأخيرة وبالأخص فيما يتعلق بوقف إطلاق النار لمدة الشهور التلاتة فهل إذا حصلت اعتداءات على سوريا خلال هذه المدة.. ماذا يكون موقفنا؟
أجبت على هذا السؤال وقلت ان احنا بس اللى لغينا وقف إطلاق النار وان أى عدوان على سوريا أو على الأردن حيبقى انتهاك لوقف إطلاق النار.
– السيد محمود حلاوة: تستدعى المبادأة أن يكون هناك دور واضح محدد للأجهزة الدبلوماسية الرسمية والشعبية والتنظيم السياسى فهل هناك خطة لهذه الأجهزة حيال هذا الموقف؟
– الحقيقة طبعاً فيه خطة عمومية ولكن ما احناش عارفين مواقف الآخرين علشان نحط خطة تفصيلية بيبقى من الصعب علينا ان احنا نضع خطة تفصيلية النهارده فيه تعليقات جاية من إسرائيل خطتنا التفصيلية بتكون على أساس هذه التعليقات اللى جاية من إسرائيل. فيه تعليقات جاية من أمريكا.. ما هو موقف أمريكا الرسمى؟ لسه ما قالوش. ما هو موقف إسرائيل الرسمى؟ رغم حديث “جولدا مائير” و”أبا إيبان” لكن لسه ما اتعرفش. فيه خطة بالنسبة للدبلوماسيين وواضح… وهذه الخطة ظهرت آثارها النهارده يمكن فى العالم كله فى الصحف العالمية بتقول: إن العرب عايزين السلام وإن الكلام إن العرب عايزين الحرب ولا يريدوا السلام كلام غير حقيقى وإن الرد الإيجابى اللى جا من مصر يدعو إلى التفاؤل بعد كده أما تطلع ردود الفعل الحقيقة نستطيع أن نضع الخطة التفصيلية.
– فيه سؤال من السيد محمد عبده كامل أسوان: ما هو مصير الطيار الأمريكى الأسير؟
– حنبعته لكم فى أسوان!
– ما هو مصير الطيار الأمريكى الأسير؟ وهل سيقدم للمحاكمة كمجرم حرب أم سيسلم إلى إسرائيل؟
هو أنا بدى أقول حاجة: احنا مش حنسلم طيارين لإسرائيل احنا سلمناهم قبل كده 2 طيارين قصد واحد طيار مصرى واتنين طيارين سوريين صممنا ان احنا نديهم الإتنين طيارين قصد طيارنا المصرى اللى كان أسير عندهم وقصد الاتنين الطيارين السوريين اللى كانوا موجودين واللى نزلوا بطريق الخطأ فى مطار إسرائيل. ولكن الحقيقة أنا فى رأيى ان يمكن تدمير الطيارات “الفانتوم” قيمته مش كبيرة زى أسر الطيارين الإسرائيليين؛ ولهذا نحن لن نعيد الطيارين الإسرائيليين ولا الأسرى الإسرائيليين إلى إسرائيل ولكن حنعاملهم وفقاً لاتفاقية “جنيف” والصليب الأحمر بيشوفهم. وأعلنوا أمريكا النهارده ان هذا الطيار ساب أمريكا من عدة سنوات وعلى هذا الأساس إذا أراد انه يتمسك بالجنسية الأمريكية؛ همّ لن يقبلوا إنه يعود إلى الجنسية الأمريكية ووفق معلوماتى هو عنده الجنسية الأمريكية والجنسية الإسرائيلية زى عدد كبير من الإسرائيليين الأمريكان اللى هاجروا إلى إسرائيل.
– السيد سيد عمار زناتى أسيوط: ما موقفنا إذا قبلنا وقف إطلاق النار لمدة محددة ثم رفضت إسرائيل الانسحاب كما حصل فى قرار مجلس الأمن سنة 67؟
الموضوع بسيط جداً.. إذا قبلنا وقف إطلاق النار دلوقت ووقف إطلاق النار لم ينفذ بعد كده هل حترد إسرائيل وتقول إنها موافقة على الانسحاب وفق قرار الأمم المتحدة سنة 67؟ إذا قالت إسرائيل هذا الكلام يبقى وقف إطلاق النار ممكن يقعد تلات أشهر إذا رفضت بعد كده الانسحاب بعد التلات أشهر طبعاً بيكون من حقنا ان احنا نستمر فى معركتنا من أجل تحرير أراضينا.
– فيه عندى أسئلة من محافظة الغربية مش مكتوب أسامى: تخشى الجماهير أن تكون فترة الثلاثة شهور الواردة فى المبادرة الأمريكية لوقف إطلاق النار نوع جديد من سلسلة خديعة أمريكية وإسرائيلية للشعوب العربية؛ حتى تتيح الفرصة للعدو لكى يقوم بعمل عسكرى مفاجئ وذلك نتيجة أزمة الثقة والتجارب المريرة التى مرت بها الشعوب العربية فى تاريخها مع إسرائيل وأمريكا.
الحقيقة أى عمل عسكرى مفاجئ احنا حسبنا كل هذه الحسابات وقدرنا موقفها منا. لو كانت إسرائيل تستطيع ان تقوم بعمل عسكرى مفاجئ ما كانش تستنى.. بالنسبة لنا نحن الحقيقة نستطيع أن نقول إن إسرائيل لا يمكنها – بأى حال من الأحوال – أن تقوم بعمل عسكرى مفاجئ ضد قواتنا المسلحة يمكن تيجى طيارة هليكوبتر تروح فى حتة فى الصحراء تعمل عملية مش حنقدر نوزع الجيش بتاعنا فى الصحراء وفى كل الأمكنة ولكن كونها تقوم بعملية هجومية أستطيع ان أقول لكم إن قواتنا المسلحة قادرة أن تبيد قوات إسرائيل إذا قامت بالهجوم علينا.
– السؤال التالى: هل عرضت مقترحات “روجرز” المسماة بالمبادرة الأمريكية على مندوبى الدول الأربع لإقرارها قبل تقديمها للجمهورية العربية المتحدة؟ وما هو موقف الدول الأربع فى حالة رفض إسرائيل لهذه المقترحات وخاصة أمريكا؟
لا.. هذه المقترحات لم تعرض على الدول الأربعة الكبرى قبل أن تقدَّم للجمهورية العربية المتحدة ولكنها بعد أن قُدمت أو فى نفس اليوم اللى قدمت فيه للجمهورية العربية المتحدة قدمت أيضاً للدول للكبرى؛ اللى هى الاتحاد السوفيتى وفرنسا وبريطانيا.
بعدين ما هو موقف الدول الأربع فى حالة رفض إسرائيل لهذه المقترحات وخاصة أمريكا؟ برضه أنا زى ما قلت قبل كده ما أقدرش أقول إيه الموقف احنا الحقيقة قبلنا هذه المقترحات وقبلنا هذه المبادرة الأمريكية وإذا رفضت إسرائيل حنشوف ما هو موقف كل دولة من الدول وبيكون تصرفنا الحقيقة مناسب لهذه المواقف.
– السؤال الثانى: يمتد قرار وقف إطلاق النار إلى جميع الجبهات العربية مثل سوريا ولبنان ما هو موقف الجمهورية العربية المتحدة إذا قامت إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار فى مدة التلات شهور؟
طبعاً إذا قامت إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار على أى جبهة من الجبهات يكون هذا خرق لوقف إطلاق النار على كل الجبهات.
– السؤال اللى بعده: هل كانت المبادرة الأمريكية نتيجة تصاعد قواتنا أو نتيجة المساندة السوفيتية والخوف من المواجهة مع الاتحاد السوفيتى فى حرب عالمية أو استجابة لنداء سيادتكم؟
يعنى احنا قعدنا شهر ونص مستنيين؛ اتكلمنا يوم أول مايو وقعدنا شهر ونص مستنيين الحقيقة النداء اللى احنا وجهناه كان لازم يردوا عليه؛ لأنه موضوع لا يهمنا نحن فقط ولكنه بيهم الأمة العربية كلها. ولكن أيضاً بناء قواتنا وصمودنا وثباتنا للتلات سنوات اللى فاتوا ثم تصميم الاتحاد السوفيتى على دعمنا وتصميم الاتحاد السوفيتى على مساعدتنا فى الدفاع عن بلدنا.. تصميم الاتحاد السوفيتى على مساعدتنا حتى نحرر الأرض المحتلة كل هذه عوامل لا يمكن – بأى حال من الأحوال – ان احنا ننساها أو ان احنا نتجاهلها. ثم أيضاً اتكتب كتير فى الشهور اللى فاتت واتقال أيضاً من “نيكسون”: ان هناك خطر فى منطقة الشرق الأوسط وقد يدفع هذا الخطر إلى مواجهة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية.
كل اللى أنا عايز أقوله إن موقفنا النهارده أقوى جداً مما كنا عليه سنة 67 و 68 و 69 وكل موقفنا ما يقوى وكل علاقاتنا مع أصدقائنا فى الاتحاد السوفيتى ما تتدعم ويكون هناك تفاهم كامل بيننا؛ كل ما يكون الحل السياسى أقرب منالاً. وأنا قلت لكم قبل كده إن ما حدش حيدينا حل سياسى واحنا ما عندناش قوة لازم يكون عندنا قوة ولازم يشعروا ان احنا نستطيع أن نسترد حقنا بالقوة وبهذا إسرائيل تقبل الحل السياسى لكن طالما كانوا فى اعتقادهم ان احنا ما نقدرش نعدى القناة وان احنا ما نقدرش نحارب حيمشوا ليه من الضفة الشرقية للقنال؟ إذن فيه عوامل كتيرة موجودة.
– أعطى الرئيس الأمريكى “نيكسون” تصريحات هستيرية فى 10 يوليو سنة 1967.. ما مغزى هذه التصريحات ؟ وما مدى رد الفعل العربى لها ؟
الحقيقة الفترة دى حصلت فيها تصريحات متناقضة كتيرة جداً فالرئيس الأمريكى قال كلام ووزير الخارجية الأمريكية قال كلام مساعد الرئيس الأمريكى قال كلام آخر ومساعد وزير الخارجية قال كلام وأعضاء الكونجرس قالوا كلام وأنا كنت باعتبر ان كل الكلام دا كان موجه إلى موسكو؛ لأن احنا فى الوقت دا كنا فى موسكو بنتكلم فى الموضوع السياسى والموضوع العسكرى وكنا بنتكلم فى مواضيع خاصة بدعم الاتحاد السوفيتى لنا فى هذه الأوقات. أنا باعتبر إن كل التصريحات اللى بتقولوا عليها هستيرية كان الغرض منها انهم يضغطوا حتى لا تصل محادثاتنا فى موسكو إلى النتيجة المرجوة وبعدين أصدقاؤنا فى الاتحاد السوفيتى فهموا هذا الكلام واحنا اتكلمنا على هذه التصريحات فى موسكو ولم يكن لها أى أثر على العلاقة القوية بين موسكو وبيننا المبنية على تدعيمنا لأجل الدفاع عن بلدنا والمبنية على تدعيمنا ومساندتنا من أجل تحرير أراضينا المحتلة.
– لماذا لم يقرن اقتراح وقف إطلاق النار بضرورة إعلان قبول إسرائيل لبدء الانسحاب من الأراضى المحتلة بعد 5 يونيو سنة 1967؟
هو اقتراح وقف إطلاق النار حسب المبادرة فيه أيضاً اقتراح أن تعلن إسرائيل موافقتها على الانسحاب من الأراضى المحتلة وفقاً لقرار المجلس سنة1967.
– سؤال من السيد عبد المنعم الشاعر محافظة بورسعيد: ما هى نسبة توقع قبول إسرائيل للعرض الأمريكى؟
إيه؟.. النسبة أد إيه؟ أنا برضه… ماحدش يعرف طبعاً.
– سؤال من السيد مصطفى بلتاجى الجناينى محافظة القليوبية: هل قبول مقترحات “روجرز” يسبب استقرار إسرائيل وتدعيم موقفها العسكرى؟.. ربما تقيم حصوناً ودُشم فى خلال مدة وقف إطلاق النار تستطيع فيها العدوان على قواتنا كما حدث فى خط “بارليف”؟
وهم إذا كانوا عايزين يقيموا حصون ودشم ما بيقيموا.. هم بقالهم تلات سنين فالتلات أشهر مش حيفرقوا.
– هل وقف إطلاق النار سيمكننا من إقامة شبكه…؟
هذا حنجاوب عليه فى الجلسة السرية.
– السيد عويس محمدين عويس من محافظة الدقهلية: متى يبدأ إلزام الجمهورية العربية المتحدة بهذه الموافقة؟ ومتى يكون من حقنا أن ننقضها؟
إذا أعلنت إسرائيل موافقتها وتعهدها بالانسحاب من الأراضى العربية المحتلة وفقاً لقرار مجلس الأمن وعلى كل ما جاء فى المبادرة الأمريكية بدون تحفظات ووصل “يارنج” إلينا نتيجة لهذا وبلغ السكرتير العام للأمم المتحدة عن تعهدات الأطراف بالنسبة للكلام اللى جاء فى “روجرز” يبقى يبتدى تنفيذ ما جاء فى هذه المبادرة.
طبعاً من حقنا أن ننقضها إذا نقضها عدونا أو إذا وجدنا ان احنا حنفضل قاعدين سنوات بدون نتيجة أو شهور بدون نتيجة؛ لأن طبعاً إسرائيل تستطيع انها فى الكلام مع “يارنج” تتكلم وما تردش؛ لأن قعد “يارنج” سنة ونص يتكلم مع إسرائيل ما وصلش إلى نتيجة.
– ماذا نتصور موقف الولايات المتحدة إذا رفضت إسرائيل هذه المبادرة؟
حنشوف.
– السيد حسين كامل محمد محافظة القاهرة: هل قبولنا لوقف إطلاق النار لمدة 90 يوماً لا يتيح الفرصة لإسرائيل لتدعيم نفسها فى الجبهات التلاتة؟
وأنا برضه باقرا علشان بيبان أنا كان ممكن ما اقراش الأسئلة المكررة.. بيبان إيه النقطة اللى شاغلة كل الناس. الحقيقة حتدعم نفسها أكتر من كده بإيه؟ حتدعى احتياطيها إسرائيل إذا دعت احتياطيها… احنا هدفنا الحقيقة من عملياتنا أن إسرائيل تستدعى احتياطيها أكثر لأنها إذا استدعت احتياطى أكثر بهذا أوضاعها الاقتصادية بتسوء وإسرائيل فاهمة هذا الموضوع؛ ولذلك قرروا ان الحرب ما تكونش حرب أرضية والحرب تكون أساساً حرب جوية وعلى هذا هم النهارده بيجروا عايزين طيارات؛ لأن إذا ما كانوش متفوقين علينا جوياً وعبرنا القنال سينتج عن هذا حرب أرضية.. الحرب الأرضية حتستدعيهم انهم يعبئوا الجيش تعبئة كاملة وبهذا إذا طالت المعارك وضعهم الاقتصادى بيسوء وبيتأثروا تأثر كبير جداً فالحقيقة التدعيم موضوع أنا فى رأيى مانخافش منه.
– السيد زكريا قطب محافظة البحيرة: هل يمكن ان أمريكا ورئيسها لن يتخذوا فى فترة وقف إطلاق النار فرصة تدعيم لإسرائيل؟ ولا يمكن أن يؤدى موقف الموافقة من جانبنا على المبادرة الأمريكية إلى إنعاش الرأى المتعاطف مع أمريكا فى الأمة العربية فى الوقت الذى ينبغى فيه تعميق العداء لأمريكا؟
الحقيقة أنا قلت لكم امبارح ان أنا ما عنديش ثقة نتيجة تجاربى اللى فاتت ولكن ادينا ردنا وحنشوف هل حيدعموا إسرائيل.. إذا كانوا حيدعموا إسرائيل ما فيش حاجة جدّت؛ لأنهم من سنة 64 بيدعموا إسرائيل لغاية دلوقت وقبل 67 كانوا أيضاً بيدعموا إسرائيل.
أما إنعاش الرأى المتعاطف مع أمريكا فى الأمة العربية فيه ناس حيقولوا ان احنا من الأول قلنا أمريكا هى اللى تقدر تحل الموضوع كنا بنقول إيه.. أمريكا هى اللى فى إيدها كل شىء ودول الناس اللى هم أعوان الأمريكان اللى كانوا بيقولوا ما فيش فايدة سياسياً ولا عسكرياً ولا اقتصاديا. ولكن الحقيقة المبادرة دى مش بس نتيجة لعمل أمريكا نتيجة أيضاً لعمل الاتحاد السوفيتى؛ الاتحاد السوفيتى اللى إدانا السلاح واللى ساعدنا فى أن نتصدى للغارات فى العمق واللى صمم على أن يساندنا بكل وسيلة من الوسائل حتى ندافع عن وطننا وحتى نحرر أراضينا المغتصبة فمانقدرش نقول ان الكلام اللى حيقولوه الجماعة المتعاطفين مع أمريكا كلام يمكن أن يقنع الجماهير العربية أو الرأى العام العربى؛ لأنهم عارفين إيه اللى حصل من جميع الأطراف. ولكن هذا لن يمنع أبداً ان واحد أمريكانى هنا فى أى نادى من النوادى ويقعد فى قعدة ويقول: ما احنا قلنا من الأول وما حدش سمع كلامنا!.. احنا قلنا ليه تعادوا أمريكا وليه تعملوا كذا؟!.. ليه نعادى أمريكا؟ لأنها إدت إسرائيل المعدات الإلكترونية.. ليه عادينا أمريكا؟ لأنها أيدت إسرائيل سياسياً وقفت من أول يوم فى مجلس الأمن ورفضت أن توافق على قرار مجلس الأمن اللى ينص على إيقاف القتال وسحب القوات المعتدية.
الحقيقة كان لنا مبرر كبير جداً فى معاداة أمريكا واحنا علاقتنا مقطوعة مع أمريكا والأمريكان فى سنة 68 اتكلموا معانا من أجل عودة العلاقات وبعد كده اتكلموا مرة واتنين ولكن كان ردى: لا نستطيع أن نعيد العلاقات مع أمريكا؛ لأن أى حادث وأى موضوع بيروح إلى مجلس الأمن فى الحال بتقف أمريكا إلى جانب إسرائيل بلا قيد ولا شرط حتى لما إسرائيل اعتدت على مطار بيروت الدولى الدول كلها وقفت ضد إسرائيل وأمريكا قالت: إن إذا أردنا أن نأخذ قرار بالتنديد بالعمل يبقى مش بس بإسرائيل بالأطراف.. بإسرائيل وبالدول العربية. فالجماعة المتعاطفين مع أمريكا أنا رأيى إن سوقهم كاسد جداً فى العالم العربى وبعدين الحقيقة تعميق العداء لأمريكا أنا متهيألى مش عاوز جهد كبير ولكن هذا التعميق سيكون نتيجة لما سيحدث بعد ردنا حنشوف أمريكا حتعمل إيه وموقفها حيكون إيه.
– السيد أحمد محمد حمروش المنوفية: بعد أن وافقنا على مقترحات “روجرز للسلام” ما هو موقفنا إذا رفضت إسرائيل هذه المقترحات كما رفضت من قبل قرار مجلس الأمن الصادر فى نوفمبر سنة 67 وقد كنا قد وافقنا عليه؟ ما موقف الدول العربية عامة على هذا الموقف؟
الجزء الأولانى حأجاوب عليه دلوقت: القتال مستمر بنبنى قواتنا المسلحة وسنسترد بالقوة ما أخذته إسرائيل فى يونيو سنة 67. ما موقف الدول العربية عامه على هذا الموقف؟ حاقوله لكم فى الجلسة السرية بالحقيقة وبالتفصيل.
– السيد محمد لطفى أحمد حسن محافظة المنيا: هل الموافقة على المبادرة الأمريكية تعطى الفرصة للقوات الإسرائيلية المعتدية للاستعداد الكامل؟ وألا يمكن أن تكون تلك المبادرة لغرض تفويت الفرصة وتضييع الوقت لإنتاج أشياء تحول دون تفوقنا؟
حكاية إنتاج أشياء تحول دون تفوقنا يعنى قصدك قنبلة ذرية مثلاً؟.. ما أظنش إن الموقف فى الشرق الأوسط حيدخل فى حرب ذرية ثم ان احنا عندنا موقعين على اتفاقية اسمها اتفاقية منع انتشار الأسلحة الذرية وفى هذه الاتفاقية يتعهد الاتحاد السوفيتى بأن يعطى مساعدة فورية لأى دولة تتعرض لخطر هجوم ذرى وتتعهد أمريكا.. طبعاً أمريكا ممكن انها تقف مع إسرائيل ولكنا نطالب الاتحاد السوفيتى بهذا التعهد.
– برضه السيد محمود سليمان سليمان من الإسماعيلية: نخشى أن تقوم إسرائيل فى فترة وقف إطلاق النار بإعادة بناء تحصيناتها العسكرية التى دمرت فى سينا وخاصة خط “بارليف”.
انتم خايفين خالص من خط “بارليف” كل واحد خايف ليبنوا خط “بارليف” أنا رأيى انهم لو بنوا خط “بارليف” يمكن بتكون لنا فرصة علشان نوقع بهم خسائر أكتر.
– السيد عزت محروس محافظة أسيوط: ما هو موقف الجمهورية العربية المتحدة فى حالة تركيز إسرائيل عسكرياً على الجبهة السورية خصوصاً وأن سوريا لم توافق على قرار مجلس الأمن وكذا وقف إطلاق النار؟
كلامى سوريا موافقة على قرار وقف إطلاق النار من يونيو 67 وإذا اعتدت إسرائيل على سوريا يكون دا نهاية لوقف إطلاق النار مع مصر.
– السيد محمود حامد محافظة أسيوط: ما هى نقاط الاختلاف بين مقترحات “روجرز” وقرار الأمم المتحدة فى 22 نوفمبر سنة 67؟
أنا قريت لكم امبارح قرار الأمم المتحدة وقريت لكم أيضاً مقترحات “روجرز” الخلاف إن قرار الأمم المتحدة فيه تفصيلات كتير ويتعلق بتفصيلات محددة ومواضيع محددة ولكن “روجرز” بيقول تنفيذ قرار مجلس الأمن إجمالى.
– السيد عبد الفتاح الجبالى محافظة سوهاج: نسبة الحل السلمى أصبحت كبيرة عن الحل العسكرى.. هل ترون ذلك؟
– لأ.. أنا ما عنديش أمل أبداً رغم كل دا ان حيكون فيه حل سلمى.. ليه؟ لأن أنا عارف أنا قريت كل تصريحات الإسرائيليين وكل تصريحات قادة إسرائيل كلهم عايزين التوسع.. عايزين الأرض.. عايزين إسرائيل الكبرى وعايزين حتى فى المستقبل يتوسعوا أكتر من ذلك. وقريت أيضاً تصريحات الأمريكان المؤيدين لإسرائيل كلهم كانوا مؤيدين لإسرائيل وعدد كبير من أعضاء الكونجرس الأمريكى مؤيد لإسرائيل وعدد كبير من حكام الولايات الأمريكية كانوا بيزوروا إسرائيل وبيؤيدوا إسرائيل.. بيقولوا: إن إسرائيل لازم تصلح حدودها حتى تكون هذه الحدود آمنة ومعترف بها معنى هذا إيه؟ معنى هذا التوسع وزى ما قلت لن نقبل التوسع بأى شكل من الأشكال وعلى هذا الأساس فأنا بدى أقول للسيد عبد الفتاح الجبالى نسبة الحل السلمى زى ما كانت قبل كلامنا امبارح وقبل ردنا.
– السيد عبد العزيز عبد السلام الطباخ إسكندرية: ماذا يحدث لو أن إسرائيل التزمت بالمبادرة الأمريكية فى جبهة القناة ولكنها لم تلتزم بها فى الجبهات الأخرى؟.. فهل نقف مكتوفى الأيدى ملتزمين بموافقتنا وسوريا والأردن تضربهما إسرائيل فى حين أننا نعتبر الحرب قوميه عربية؟.. أم أننا سنطلق النار على إسرائيل تضامناً مع الدول العربية الشقيقة وإيماناً منا بقومية المعركة ؟
أنا برضه باقول السؤال للناس.. بيعرفوا إيه شعور الشعب المصرى.. الشعب المصرى مستعد يضحى بنفسه ويضحى بأبنائه فى سبيل التضامن مع الشعوب العربية الأخرى دا السؤال إن دل على شىء يدل على هذا وأنا أجبت على هذا السؤال قبل كده وقلت إن المعركة قومية والجبهة العربية كلها جبهة واحدة.
– السيد سلامه عبد العزيز عكاشة محافظة البحيرة: هل المقترحات الأمريكية يوجد بها بعض التنازل عن جزء من الأرض؟ وما معنى كلمه حدود آمنة؟
متهيألى إنى أنا قلت هذا الكلام لن نتنازل عن أرض بأى شكل من الأشكال أنا لا أستطيع وليس من حقى ولا يمكن ان أنا أتنازل عن أى قطعة من الأرض العربية؛ سواء فى مصر أو فى الأردن أو فى سوريا.
– السيد قطب مراد أسيوط: ما موقف سوريا من وقف إطلاق النار؟
جاوبت على هذا السؤال.
– ما موقف الجمهورية العربية المتحدة إذا هوجمت سوريا؟
جاوبت أيضاً على هذا السؤال.
– السيد فاروق غلاب القاهرة: أولاً: لقد لاحظت بعد قبولنا لقرار مجلس الأمن سنة 1967 محاولات من بعض الدول العربية لتجريح موقفنا وهذه الدول لم تقدم ضحية واحدة فى المعركة وأخشى أن تستغل هذه الدول قبولنا المبادرة الأمريكية وتقوم بالمزايدات أمام الشعوب العربية؟
أنا بعد قبولنا لقرار مجلس الأمن أنا تقابلت مع أحد المسئولين الكبار – رئيس وزراء سوريا فى هذا الوقت الأخ يوسف ظعيط – وقال لى: “إنت قبلت قرار مجلس الأمن دا وحيحصل عليه كلام وحيحاولوا التشكيك وهذا قد يؤثر على شعبيتك فى العالم العربى”. الحقيقة أنا كان ردى له ان الموضوع ما هواش أبداً موضوع شعبية أو مش شعبية الموضوع فين مصلحتنا؟.. فين مصلحة أمتنا؟.. فين مصلحة بلدنا؟ على هذا نسير فى هذا الموضوع والموضوع التانى أنا فى رأيى ان الجماهير العربية والشعوب العربية على درجة كبيرة من الوعى؛ بحيث انها تعرف اللى قاعد على بعد 4 آلاف كيلو وبيقول الكفاح المسلح وما قدمش فعلاً ولا ضحية وكل يوم بيقول كفاح مسلح اللى عايز يكافح كفاح مسلح يتفضل ويجيب قواته المسلحة وييجى يقاتل معانا هنا واللى عايز يكافح كفاح مسلح يجمع ويحشد طاقاته علشان المعركة تكون فعلاً معركة قومية.
الحقيقة.. تحصل طبعاً مزايدات وفيه ناس فاهمين وبيقولوا إنهم لهم الحق الآن فى قيادة الأمة العربية احنا عمرنا ما ادعينا ان لنا الحق فى قيادة الأمة العربية ولكن الحقيقة بلدنا لها دورها وبعدين موقعنا أيضاً له دوره واحنا بيننا وبين الإسرائيليين 200 متر 200 متر بس؛ اللى هم قناة السويس. فيه بقى حتحصل مزايدات وحيحصل تشكيك وحيحصل كلام كتير جداً حتحصل دعايه مضادة ولكن فى رأيى ان الشعب العربى على درجة كبيرة من الوعى. لما قبلنا قرار مجلس الأمن سنة 67 وحاولوا انهم يجرحوا موقفنا وكتبت صحف كتيرة فى بلاد عربية مقالات واتكلمت علينا وحاولت تجريحنا لم يلتفت إلى هذه الصحف إنسان وكل واحد عنده الوعى عارف من هو الأمين على الأمانة بتاعته ومين هو اللى بيتكلم كلام لا يقصد به إلا المزايدة وإلا التهريج وإلا خداع الأمة العربية.
نحن فى تاريخنا الطويل طوال الـ18 سنة كنا الأمناء على قضايانا مش قضايانا بس فى مصر ولكن على قضايا الأمة العربية كلها. احنا قدمنا الدم وأخذنا المبادرة مع كل دولة عربية تعرضت للعدوان فى سنة 56 احنا بعتنا قوات مسلحة من عندنا لسوريا حينما كانت معرضة لغزو من حلف بغداد وبعد كده احنا بعتنا قوات من عندنا للجزائر وفى هذا الوقت كان هناك خلاف بين دولتين عربيتين ولكن لما طلبوا معونتنا بعتنا بعدين بعتنا قوات لنا اليمن وبعدين احنا مستعدين الحقيقة أن نقوم بالتزاماتنا القومية والشعب المصرى ضحى بالكثير فى سبيل أمته العربية. وعلى هذا الأساس الجماهير العربية تعرف هذا وتعلم أننا حينما نأخذ قرار إنما نأخذ قرار وفى قرارة نفسنا أننا الأمناء على مصلحة أمتنا العربية كلها وباين من الأسئلة اللى انتم مقدمينها ان ما حدش الحقيقة بيتكلم عن مصر كل واحد بيقول سوريا حيحصل لها إيه؟ طب الأردن حيحصل لها إيه؟ طب لبنان؟.. ماحدش قال مصر حيحصل لها إيه؟ إلا خط “بارليف” بس اللى انتم متصورين انه حيقوم على القناة ودا بيبين الحقيقة قد إيه الشعب المصرى شعب يضحى وشعب بيشعر بقوميته العربية.
ثانياً: لقد أكد سيادة الرئيس فى خطابه أمس أن قبولنا المبادرة لن يؤخر لحظة واحدة من استعدادنا المعركة ومن تسليحنا وتدريبنا وهذا الأمر أطالب بأن نؤكده فى كافة مجالاتنا وأجهزة إعلامنا.
وأنا موافق مع الأخ فاروق غلاب على هذا الكلام وباقول ان أنا اباشر هذا الموضوع بنفسى بالنسبة لقواتنا المسلحة مع الأخ الفريق فوزى.
– السيد أحمد محمد عليان سوهاج: لماذا تحددت فترة إيقاف إطلاق النار بالمبادرة الأمريكية لمدة 3 شهور؟ هل تعنى المبادرة الأمريكية أن أمريكا يمكنها الضغط على إسرائيل فى تنفيذ هذه المبادرة؟ أم هى مناورة سياسية من أمريكا؟
الحقيقة 3 شهور أنا ما أعرفش ليه التلات أشهر ولكن هل تستطيع أمريكا انها تضغط على إسرائيل؟ آه طبعاً كل العالم يعلم ان أمريكا تستطيع أن تضغط على إسرائيل.. إسرائيل بتأخذ 500 مليون دولار سنوياً من أمريكا إذا ما أخدتش الـ500 مليون دولار حياكلوا منين؟ ما هم بياكلوا من الفلوس اللى بيجيبوها من أمريكا حيشتروا الأسلحة منين إذا أمريكا ما أديتهومش أسلحة؟ وإذا أمريكا ما ساعدتهمش سياسياً؟ طبعاً لابد لهم أنهم يستجيبوا لأمريكا ومعروف عند كل العالم ان بدون مساعدة أمريكا لا تستطيع إسرائيل انها تصمد لا سياسياً ولا عسكرياً ولا اقتصادياً وان إسرائيل فى هذا معروفة انها ربيبة أمريكا.
– بعد كده.. السيد أحمد عبد الحليم يحيى القليوبية: هل تعتبر موافقتنا على المبادرة الأمريكية لحل الأزمة بمثابة اختبار لموقف أمريكا والكشف عن نواياها الحقيقية؟
إذا أردت انك تعتبر الموضوع بهذا الشكل أنا موافق معاك والأيام حتبين لنا فعلاً فين حيقف كل واحد.
هل تعتبر سيادتكم أن هناك تحولاً بالنسبة لموقف أمريكا من الأزمة؟ وهل حدث هذا التحول نتيجة نجاحنا فى التحرك السياسى أم خوف أمريكا من حدوث مواجهة مع الاتحاد السوفيتى أم أنها لا تريد ألا تفقد مصالحها فى البلاد العربية؟
متهيألى ان احنا جاوبنا على هذا السؤال.
– سؤال مكرر من الدكتور لطفى سليمان الفيوم: ما هو الموقف إذا عملت إسرائيل تعزيزات لتحصينات على الضفة الشرقية فى فترة الشهور الثلاثة؟
– سؤال للسيد سيد زكى القاهرة: كان لمصر سابقة مع الغرب عندما وافقنا على هدنة مؤقتة سنة 48 كان نتيجتها أن مدت الدول الاستعمارية العصابة الصهيونية فى ذلك الوقت بالأسلحة والمعدات والتى مكنتها من التفوق العسكرى فما هى الاحتمالات المتوقعة بعد موافقة الجمهورية العربية المتحدة على المبادرة الأمريكية الأخيرة سواء وافقت إسرائيل أو لم توافق؟
أنا قلت أظن كان فيه سؤال قبل كده واحنا جاوبنا عليه ما فيش حاجة حتمنع إمداد إسرائيل.. إسرائيل بتوصل لها أسلحة.. قلت لكم امبارح إن إسرائيل حيوصل لها 8 “فانتوم” بدل التمانية اللى وقعوا وحتوصل لها أجهزة إلكترونية وصل لها 100 طيارة “سكاى هوك” و 50 طيارة “فانتوم” فدا الوضع يختلف عن 48 فى 48 كان إسرائيل بيوصل لها واحنا ما بيوصلناش دلوقت احنا النهارده بيوصل لنا وإسرائيل بيوصل لها. الاحتمالات.. حنشوف الاحتمالات الحقيقة سواء وافقت إسرائيل أو لم توافق.
– السيد أمين على عبد الكريم الغربية: نخشى أن تكون المبادرة الأمريكية خدعة كما هى العادة ومعروف أن أزمة الثقة واضحة..
مش حيؤثر علينا إذا كانت أمريكا بتخدعنا لن يؤثر علينا أبداً ولكن يمكن بيفيدنا دولياً وعالمياً وبيفيدنا فى مجالات أخرى مختلفة كل الناس ستشعر ان احنا فعلاً نريد السلام وان إسرائيل تريد الحرب وتريد التوسع وأمريكا تؤيدها.
– مؤتمر محافظة الشرقية: يساور المخلصين من أبناء الأمة العربية بعض الشك فى أن الموافقة على المبادرة الأمريكية قد يستغلها الحاقدون ضد سيادتكم شخصياً فما هو أثر ذلك على الموقف؟
نفس الكلام قلناه قبل كده فيه ناس حيستغلوها والناس الحاقدين معروفين ونعرفهم واحد واحد وبأعتقد أيضاً ان الشعوب العربية والجماهير العربية عارفاهم إن بقالهم سنين بيحاولوا لكن الحقيقة حينما نأخذ هذا القرار يجب أن نضع فى اعتبارنا موضوع واحد ما هى مصلحة أمتنا؟.. ما هى مصلحة بلدنا؟.. ما هى مصلحتنا؟.. إيه الظروف المحيطة بها؟ أما الحاقدين والمعادين فدا موضوع مستمر ولا نهاية له.
– السيد على الجابرى الجيزة: ما موقف الدولتين أمريكا وإنجلترا من إسرائيل إذا ما رفضت الاقتراح الأمريكى؟
قلت هذا.
– السيد عبد الشافى كامل شعبان: هل تعتبر المبادرة الأمريكية الأخيرة هى الرد الرسمى على نداء السيد الرئيس إلى أمريكا فى أول مايو؟
أجبت أيضاً.
– أثار إعلان السيد الرئيس الموافقة على المبادرة الأمريكية استفسارات وتساؤلات كثيرة.. ما دور التنظيم الثورى للنزول إلى الجماهير فى هذه المرحلة؟ وما هو الترتيب الذى عمل لذلك؟
احنا فى اجتماع اللجنة المركزية اتكلمنا فى هذا الموضوع وقلنا ان سنبحث تساؤلات الجماهير ثم نضع هذه التساؤلات أمام القيادات علشان نجاوب عليها بواسطة التنظيم وحتى لا تكون الإجابات إجابات مختلفة وإجابات عفوية ودا الحقيقة اللى خلانى امبارح أقترح ان احنا نقعد ونحط أسئلة وأجوبة؛ لأن انتم حتحطوا كل الأسئلة اللى ممكن يسألها أى واحد من الناس وبعدين أنا هنا باجاوب على هذه الأسئلة وبهذا بيكون فيه وحدة فكر بالنسبة للناس كلها حينما نلاقى الجماهير ونكون عندنا معلومات كاملة عن الموقف وتطور الموقف وظروفه والأساليب وبهذا نستطيع أن نواجه الناس بدون ما نعمل بلبلة كل واحد يجتهد اجتهاد معين.
– الأسئلة المقدمة من محافظة البحر الأحمر: تقريباً السؤال الأولانى اتقال قبل كده؛ الضمانات بعدم قيام إسرائيل بالاستفادة … اتقال وواحد يقول إيه.. السؤال: ألا يمكن النظر لمشروع المبادرة الأمريكى على أنه نوع من ضبط النفس الذى نصحتنا به أمريكا قبيل عدوان يونيو 1967؟ ورأيه أن الأمريكان بيضحكوا علينا.
ممكن قوى إن الأمريكان بيكونوا بيضحكوا علينا فى هذا الموضوع.
– هل هناك أى تناقض بين الحشد المستمر للمعركة ووقف إطلاق النار؟
أبداً مافيش أى تناقض.
– السيد حسين على السيد حسين محافظة كفر الشيخ برضه السؤال على أساس المبادرة الأمريكية ألا تكون مناورة سياسية لإعطاء الفرصة لتمكن العدو من تدعيم قواته وبعدين بعد ما تأكد للعدو ومن هم وراءه من قدرة قوات الدفاع الجوى المصرى وخاصة فى الفترة الأخيرة التى أثبتت فيها قوات الدفاع الجوى قدرتها على تحطيم أسطورة الطائرات “الفانتوم” الأمريكية والتفوق الجوى الإسرائيلى.
المبادرة الأمريكية جات لنا قبل المعارك.. أنا قلت امبارح هذا السؤال انها جات فى 20 يونيو واحنا يوم 1 يوليو بدأت صواريخنا فى الجبهة وبدأت التصدى للطيارات الفانتوم.
– السيد محمد كمال عمران محافظة القاهرة: منذ صدور قرار مجلس الأمن فى 22 نوفمبر 67 وهناك خلاف بين تفسير هذا القرار من ناحية الجمهورية العربية المتحدة والدول الصديقة من ناحية ومن إسرائيل وأمريكا ومن يسيروا فى ركابها.. فهل الحل أو المبادرة الأمريكية التى وافقنا عليها أوضحنا فيها كيفية التنفيذ للقرار من ناحية وجهات النظر المختلفة وتمسكنا بوجهة نظرنا الأصلية؟
احنا ادينا جواب بعتنا جواب لوزير الخارجية الأمريكية وقلنا له رأينا فى قرار مجلس الأمن قرار مجلس الأمن واضح بيقول إنه يؤكد عدم الاستيلاء على الأرض بالحرب.. بالقوة؛ معنى هذا انه لا يحق لإسرائيل أن تستولى على رقعة من الأرض العربية فى مصر أو قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس أو الجولان دا كلام واضح. الإسرائيليين سايبين الكلام دا كله وبيقولوا عايزين حدود آمنة ومعترف بها؛ معنى هذا – الحدود الآمنة والمعترف بها – انهم يوسعوا حدودهم لكن القرار ما قالش حدود آمنة ومعترف بها لإسرائيل وحدها قال أيضاً حدود آمنة ومعترف بها لنا وممكن إذا الإسرائيليين قالوا عن الحدود الآمنة إنهم يوسعوا حدودهم احنا بنقول إن الحدود الآمنة – ان حدودنا تتغير فى مناطق داخل إسرائيل والكلام اللى بيقولوه دا – بيضحكوا به على الرأى العام العالمى؛ لأن كلمة “آمنة ومعترف بها” ما حدش بيفسرها على انها التوسع. أنا بدى أقول احنا مش عاوزين توسع ولكن إسرائيل تريد التوسع وبعض اللى بيساعدوا إسرائيل فى هذه التفسيرات بيؤيدوا إسرائيل للتوسع وأكرر مرة أخرى إما سلام وإما توسع ولكن سلام وتوسع مع بعض مش ممكن إن دا يحصل.
– السيد أحمد شوقى حشيش من محافظة المنوفية: موقف إسرائيل من سوريا ولبنان..
قلت أنا هذا الكلام.
– السيد محمد حشمت الشنوانى المنوفية: هل هناك صيغة للمواءمة بين قبولنا المبادرة الأمريكية وبين رفض سوريا لقرار مجلس الأمن؟
أنا تكلمت مع الرئيس الأتاسى واحنا موجودين فى طرابلس وبنى غازى عن هذه الموضوعات وفيه اتفاق بيننا وبين سوريا على جميع الأمور.
– السيد فتحى محمد يوسف إسكندرية: هل ينسحب قرار وقف إطلاق النار على دول المواجهة جميعاً بما فيها سوريا رغم عدم موافقتها على قرار مجلس الأمن؟ وما هو الموقف فى حالة إخلال إسرائيل بهذا القرار؟
أنا برضه باقرا هذا السؤال علشان إخواننا فى سوريا بيسمعوا.. بيعرفوا أد إيه الناس هنا فى مصر مهتمين بسوريا زى ما هم مهتمين بمصر.
– السيد حميد عبد المنعم محافظة قنا: السؤال برضه ان 3 شهور.. ألا يمكن أن تكون مناورة؟
جاوبنا على هذا السؤال.
– فيه سؤال برضه من إبراهيم عصفور محافظة المنوفية: ما هو موقف سوريا وهى لم تقبل قرار مجلس الأمن؟
جاوبنا على هذا السؤال.
– وأيضاً استفادة إسرائيل من فرصه وقف القتال.
جاوبنا على هذا السؤال.
– والمقارنة بـ 48 ودلوقت.
أيضاً حصل إجابة على هذا السؤال. وبعد كده عنده سؤال عسكرى حنجاوب عليه فى الجلسة السرية.
– الدكتور عبد الحميد حسن محمد القاهرة: فى مقترحات “وليام روجرز” نص على أن يوقف إطلاق النار حتى أول سبتمبر ألا يمكن أن يكون ذلك تمويه على الرأى العام لتظهر أمريكا بمظهر الباحث عن السلام ثم تدعم إسرائيل بعد ذلك فى الخفاء أو العلن خلال مدة وقف إطلاق النار؟ إذا تم ذلك إننا كما قال الرئيس لا نثق فى أمريكا ولابد أن نحتاط لما تعده أمريكا لنا؛ لأن هذه المسماة بالمبادرة الأمريكية للسلام ولو انها لم تضف جديداً يحمل خيراً لنا…
متهيألى أجبنا على هذا السؤال وأنا موافق الدكتور عبد الحميد على ان احنا يجب أن نحتاط احتياط كبير جداً.
– السيد حسن عبد الله على إسكندرية : ما هو موقفنا إذا رفضت إسرائيل المشروع الأمريكى؟
نبقى مستمرين زى ما احنا دلوقت.
– السيد سلمان… من سينا: إن القوة العربية صاحبة الدور الفعال فى تحقيق النصر النهائى سواء بالأسلوب السياسى أو بالأسلوب العسكرى فهل يعتبر نجاح مقترحات “روجرز” التى وافقت عليها الجمهورية العربية المتحدة ووصولها إلى نهايتها محققة لمعايير النصر الذى نقصده أم لا؟
فى الحقيقة احنا باستمرار من الأول – من أول النكسة – رفعنا شعار إزالة آثار العدوان.. تحرير الأراضى العربية المحتلة والله إذا كان يمكن أن نصل إلى هذا بدون حرب فنصل إلى هذا بدون حرب ولكن فى نفس الوقت بنعلن للعالم أجمع ان احنا لا يمكن أن نفرط فى حقنا وان حقنا أن نحرر جميع أراضينا التى احتلها العدو سواء سياسياً أو عسكرياً وإذا لم يقبل العدو بيكون علينا أن نواجه العدو مواجهة عسكرية وهذا يستدعى منا الحقيقة أن نستعد استعداد كبير جداً؛ لأن الحقيقة المعركة القادمة هى معركة حاسمة ومعركة فاصلة ولا نستطيع ان احنا ندخل أى معركة وعندنا شك – ولو قليل جداً – فى أننا سننتصر فى هذه المعركة.
على هذا الأساس نحن نعمل فى الميدان السياسى وفى نفس الوقت نبنى قواتنا المسلحة بنينا قواتنا المسلحة الدفاعية والآن نبنى قواتنا المسلحة الهجومية وإذا لم ينجح العمل السياسى فليس أمامنا إلا القتال. وكلنا بنعرف ان احنا عملنا واجبنا وعملنا جهدنا وعملنا كل شىء ولكن بعد هذا واجبنا يحتم علينا أن نقاتل وكل واحد يعرف ان القتال دا كتب علينا وان إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة.
الحقيقة عندنا بقية الأسئلة تقريباً كلها مكررة إلا الأسئلة اللى أنا شايف انها تتقال أو تجاب فى جلسة سرية فالساعة دلوقت عشرة إلا خمسة بنرفع الجلسة لمدة نص ساعة ثم نعود لاستئناف الاجتماع فى جلسة سرية. (تصفيق)
وشكراً
استراحة الحرب ضد عبد الناصر
السفير الأمريكي يعترف :
أسرار عبد الناصر وكافري !!
كيف رأيتُ عبد الناصر ؟!
خجول بعض اليئ .. لا يتحدث كثيراً .. متفكراً .. واضح .. لا يراوغ .. مباشر .. واثق جداً .. لم أدخن في حضرته إلا بأمره حيث أمرني : دخن غليونك يا رجل !!
الفارق بين ناصر ونجيب .. الأول ثوري .. والثاني مصلحاً إجتماعياً !!
أسرار تنشر لأول مرة :
الملك فاروق يستنجد بأمريكا .. لماذا رفضت نجدته ؟!! ومن وقف بجانبه ؟!!
سيبقى عبد الناصر بطول الدهر .. شخصية حرية بالبحث والدراسة والتحليل على موائد البحث وداخل أروقة الدراسة ..
فعبد الناصر رجل واحد صنع أمة لها كرامة .. وصنع شعباً له عِزة .. وسطَّر تاريخ مصر بأحرفٍ من نور الشجاعة وضياء الحب والإخلاص .
لذلك أجدني أتوقف مع كاتب باحث في مرحلة عبد الناصر بعين اليقين هو محمد سلماوي فماذا وجد فيها وماذا قال : ” يرسم جون بادو صورة دقيقة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر من خلال علاقته المباشرة معه خلال فترة عمله سفيرا للولايات المتحدة في القاهرة في أوائل الستينيات, فيقول انه كان رجلا تشعر علي الفور وبمجرد جلوسك إليه بقدراته القيادية غير العادية, وقد كانت أفكاره واضحة ـ علي حد قول بادو ـ لاغموض فيها, وكان دائما واثقا بنفسه وهو يتعامل مع قوة عظمي كالولايات المتحدة, ولم يكن يخالجه أدني شك في عدالة قضيته.. وقد كانت الفترة التي تولي فيها بادو تمثيل بلاده في مصر فترة عصيبة يشوبها الاضطراب, فتلك هي السنوات التي شهدت ردة الانفصال السوري وانهيار دولة عبد الناصر الاتحادية, كما شهدت أيضا ورطة حرب اليمن التي نالت من قدرات مصر العسكرية كما نال الانفصال من مكانتها الأدبية, لكن بادو يقول انه لم يجد الرئيس المصري في أي من تلك الأوقات متوترا أو عصبيا أو منفعلا, وإنما كان دائما يبدو هادئا رصينا يختار كلماته الإنجليزية بعناية ولا يفوته أن يظهر الود لمحدثه, ولقد اكتشف بادو من خلال علاقته الشخصية بعبد الناصر, ومن خلال متابعته الممتدة عبر السنين للشئون العربية منذ كان أستاذا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ثم رئيسا لها لمدة عشر سنوات وإلي أن عين سفيرا أن الصورة التي كان يحلو لأعداء عبد الناصر أن يرسموها له كانت صورة ـ علي حد قوله ـ زائفة تماما.
إلى أن يقول : أترك بادو يقدم عبد الناصر كما عرفه وكما صوره في الكتاب دون تدخل مني إلا بالربط بين مختلف هذه الفقرات التي وردت في أجزاء متفرقة من الكتاب, فأول ذكر لعبد الناصر في الكتاب هو اللقاء الأول بينه وبين رئيس الجامعة الأمريكية آنذاك جون بادو في قاعة إيوارت حيث كان محمد نجيب الرئيس السابق يلقي محاضرة عن الثورة وأهدافها, ويقول بادو انه شعر علي الفور بأن نجيب برغم موقعه الرئاسي وبرغم شعبيته الكبيرة في ذلك الوقت ليس هو القوة المحركة لدفة الأمور وأن مجموعة الثوار الحقيقية هي تلك التي كانت تضم الضباط الشباب مثل زكريا محيي الدين وأنور السادات وغيرهما, وانه في قلب هؤلاء كان جمال عبد الناصر هو القائد الحقيقي, وهو يقول انه حين تعرف بقائد الثورة في ذلك الوقت وجده خجولا بعض الشيء يميل إلي الصمت أكثر من الكلام, ويقول بادو صراحة والحقيقة انه لم يثر اهتمامي علي الإطلاق في هذا اللقاء الأول, لقد كان له حضور لايمكن انكاره لكنه لم يكن يتحدث كثيرا, وحتي حين عرفته أكثر بعد ذلك كان صامتا إلي أن جاء وقت الكلام فصار رجلا مختلفا تماما.
ويقارن بادو بين عبد الناصر ومحمد نجيب فيقول وإن الفارق الرئيسي بينهما هو أن محمد نجيب كان مصلحاً أكثر منه ثورياً , أما عبد الناصر ورفاقه فقد كانت لديهم خطة ثورية لإجراء تغييرات جذرية كان المجتمع في أشد الحاجة إليها, ولذلك فقد كان نجيب غير قادر علي التعامل مع القوي السياسية القديمة بشكل حازم, ويروي بادو أن السفير الأمريكي آنذاك والذي شغل بادو موقعه بعد ذلك كان جفرسون كافري الذي كان علي علاقة جيدة بالضباط الجدد الذي أتوا إلي الحكم, ويقول بادو أن كافري قال له ذات مرة: إن مشكلة نجيب هي انه يصدق آخر شخص يتحدث إليه وانه لذلك يفتقر إلي قدرة عبد الناصر علي إتباع سياسات محددة.
ويتحدث بادو عن علاقة كافري بضباط الثورة فيقول انهم كانوا يسعون إليه لاستمالته في مواجهة بريطانيا, وما يمكن أن تلجأ إليه لإفشال الثورة, لكنه ينفي نفيا قاطعا أن تكون الولايات المتحدة قد عرفت بالثورة قبل موعد وقوعها, وهو الموعد الذي حددته ظروف سياسية معروفة عجلت بحركة الضباط قبل موعدها الأصلي الذي كانوا. قد اتفقوا علي أن يكون في شهر أغسطس وليس يوليو, ويؤكد بادو أن الضباط قد اتصلوا بالفعل بالسفارة الأمريكية بعد إتمام عمليتهم لطمأنتهم بان ما تم هو عملية داخلية وليست موجهة ضد أي أطراف خارجية وكان علي صبري هو الذي قام بذلك لمعرفته السابقة بالملحق الجوي الأمريكي, وفي الوقت نفسه قام الملك فاروق هو الآخر بالاتصال بالسفير الأمريكي طالبا منه التدخل, وقد نقل كافري طلب الملك الي واشنطن, وحين لم يصله رد علي طلب الملك فقد رأي من واجبه علي الأقل أن يكون الي جانب فاروق لضمان سلامته الشخصية دون أن يعرف أن عبد الناصر عارض داخل مجلس قيادة الثورة عملية إعدامه التي كان الرأي الغالب يميل اليها, وبالفعل ظل كافري ملازما لفاروق الي أن ركب الملك يخته الخاص المحروسة وغادر ميناء الاسكندرية بلا عودة, وقد كان هذا المشهد هو الذي أعطي الانطباع لدي البعض بأن الأمريكان كانوا يدعمون الثورة, ويقول بادو إنه بعد أن صار سفيرا لبلاده وأصبح مطلعا على الكثير من الوثائق السرية للعلاقات المصرية ـ الأمريكية لم يجد ما يؤكد صحة هذا الإنطباع.
وقبل أن يترك بادو عمله كرئيس للجامعة الأمريكية ويعود الي بلاده عام1953 يقول إن استقبال الشعب المصري للثورة كان بالتأييد المباشر نظرا لأنها طبقت الكثير من الاجراءات التي كان يطالب بها الناس, ويعطي مثلا علي ذلك بالاصلاح الزراعي الذي كان مطلبا سابقا علي قيام الثورة, ويقول إن المقاومة الوحيدة لما أصبحت تمثلة الثورة كانت في ذلك الوقت تأتي من الطبقة التي أضيرت من هذه الاجراءات, ويروي قصة سيدة من هذه الطبقة قالت له بعد الثورة : إن ذلك أسوأ مما حدث لنا عام 1936 وقت الكساد, ففي ذلك العام لم أتمكن من شراء أي معطف فراء جديد, لأن الفلاحين في أرضنا كانوا كسالي, والآن فان الحكومة ستأخذ هذه الأرض وربما لن أستطيع شراء أي معاطف فراءبعد ذلك !
إلى أن يقول : ” رأينا كيف قرر كيندي بمجرد انتخابه رئيساً عام1960 أن يختار بعض السفراء من خارج السلك الدبلوماسي ليبدأ بهم سياسة جديدة مع بعض الدول المهمة في نظره مثل مصر واليابان والهند وقد وقع اختياره علي بادو ليكون سفيراً له في مصر برغم أن السفير الأمريكي وقتها لم يكن قد أمضي إلا بضعة أشهر في منصبه وكان اسمه فريدريك راينهارت, وقد وجد بادو أن نقله من مصر كانت له دلالاته فقد تغيرت نظرة الولايات المتحدة لمصر ولرئيسها بعد مجئ كيندي إلي البيت الأبيض, ذلك أن راينهارت وكان خبيراً بالشئون الشيوعية وكان تعيينه في القاهرة انعكاسا لرؤية وزير الخارجية السابق وقت رئاسة إيزنهاور جون فوستر دالاس بأن عبد الناصر شيوعي أو أداة للشيوعية علي حد قول بادو, لذلك فان نقل السفير من مصر بعد أشهر قليلة من تعيينه فيها كان يعني أن رؤية الادارة الجديدة للرئيس كنيدي تختلف عن الرؤية التي كانت سائدة من قبل, وقد تأكد ذلك باختيار بادو الذي كان يعرف مصر جيدا ولم تكن لديه تلك النظرة الضيقة حول سياساتها, اما راينهارت فقد نقل سفيرا في إيطاليا حيث توجد أكبر الأحزاب الشيوعية في أوروبا.
ويقول بادو في كتابه أنه كان يعلم- كما أن كيندي كان يعلم- أن عبد الناصر لم يكن شيوعيا وإنما كان علي حد تعبيره ثورياً عملياً , بل ويذهب بادو للقول بأن الولايات المتحدة كانت تسعي في ذلك الوقت لإنجاح تحربة عبد الناصر والتي أسماها الإشتراكية البرجماتية للدولة بدلا من أن تندفع مصر في طريق الشيوعبة السوفيتية وقد كان يطمئنهم في ذلك أن عبد الناصر لم يكن إيديولوجيا, فقد كان يأخذ بعض الأشياء من النظم الاشتراكية لكنه كان يأخذ أيضا أشياء أخري من النظم الرأسمالية كلما وجد أن في هذا أو ذاك مصلحة عملية لاقتصاد بلاده, ويقول بادو أن الرأي السائد في وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك كان أن نظام عبد الناصر الاقتصادي هو خير ضمان بعدم تحول مصر الي الشيوعية كما حدث مع بعض دول العالم الثالث الأخري, بل ومع عدد من الدول العربية أيضا.
وقد اضطر بادو للتعامل مع الرأي الذي كان سائدا وقت جون فوستر دالاس والذي كان يري في عبد الناصر خطرا شيوعيا, وهو يروي أنه حين تسلم السفارة الأمريكية بالقاهرة لم يجد موظفا واحد أو اثنين من وكالة المخابرات المركزية CIA كما هي العادة وإنما كان ربع العاملين بالسفارة من عملاء المخابرات الأمريكية, وقد اتفق مع واشنطن علي تخفيض هذا العدد, كذلك وجد بادو أن إحدي مهام عملاء المخابرات الأمريكية في مصر كانت تتبع جميع تحركات عبد الناصر نفسه وجميع أفراد عائلته, ويذكر بادو أن عبد الناصر في بداية لقاءاته به بعد تعيينه سفيرا قال له إنه يعرف ما تقوم به الـ CIA معه ومع أفراد أسرته وطلب منه نقل استيائه ذلك الي واشنطن, ويقول بادو إنه لم يستطع أي يرد علي الرئيس المصري في ذلك بأكثر من القول إنه سيفعل ذلك.
ويقول بادو إن أحد أسباب نجاحه كسفير لبلاده في القاهرة هو أن عبد الناصر أقام معه علاقة مباشرة فسمح له بأن يلقاه مباشرة, كلما كانت هناك ضرورة لذلك, ويقول بادو إنه التقي بعبد الناصر منفردا مالا يقل عن36 مرة وكان ذلك أكثر لقاءات أي سفير أجنبي في القاهرة بالرئيس المصري بما في ذلك السفير السوفيتي, ويروي بادو ان هذا الاخير حكي له ذات يوم انه شكا لعبد الناصر من أنه يلتي بالسفير الأمريكي أكثر منه لكن عبد الناصر قال له مازحا: إنك تعرف أن بادو مستشرق ولذلك فنحن نمضي الوقت نتحدث في شئون الشرق, أما أنت فلست مستشرقاً !
ويقول بادو إن عبد الناصر كان دائما مباشرا في حديثه لا يراوغ, كان علي قدر كبير من الانسانية, ويتذكر بادو أنه في احدي المرات طالت مقابلته مع عبد الناصر لكنه لم يجرؤ علي إخراج غليونه ليدخن في حضرة الرئيس المصري, وقال له بادو: إن وزير خارجيتنا لا يحب الغليون! لكن عبد الناصر قال له علي الفور: دخن غليونك يا رجل !
ويقول بادو إن عبد الناصر كان دائما متحكما في ردود أفعاله حتي حين كان هناك ما يغضبه ويقول أنه كان يظهر الكثير من الاحترام لمرءوسيه, فلم يكن يسيء الي أحد من العاملين معه أمام زائريه, وقد وصلت علاقة بادو بعدالناصر إلي أن الرئيس المصري ظل يستقبله كلما زار القاهرة بعد أن ترك عمله بالسفارة, كما أن بادو ظل يكتب له لفترة, مما يدعوه للقول بان علاقته بعبد الناصر لم تكن مجرد علاقة مهنية وإنما كان بها الكثير من الود الشخصي بين الرجلين.
وينهي بادو كتابه بالحديث عن مهمته في القاهرة فيقول: لكننا لم نحقق شيئا خلال تلك الفترة أكثر من أننا أوجدنا فترة استراحة وسط الحرب التي كانت قائمة ضد مصر وعبد الناصر, وذلك أننا لم ننجح في ايجاد أساس لعلاقة هادئة وبناءة ودائمة بين الجانبين, فبعد أن ترك بادو عمله في القاهرة علي أثر اغتيال كيندي وتولي جونسون كان في زيارة لوزارة الخارجية في واشنطن حيت عرف أن السفير المصري كان يقابل وزير الخارجية دين راسك وأن الوزير أنهي مقابلته معه قائلا: اسمع! نحن لا وقت لدينا كي نلهو بهذا الشيء العربي! وكانت كلماته التي أوردها بادو في كتابه نصها كالتالي :
We don’t have time to fool around with this Arab thing!
وهكذا انتهت الاستراحة التي عرفتها فترة رئاسة كيندي واشتدت الحرب من جديد في عهد لندون جونسون ذي الانتماءات الصهيونية.
الأهرام
31.7.200
ضياء داود وديمقراطية عبد الناصر
هو واحد من أهم دراويش عبد الناصر ..
يحاول أن يستن بسنته وينهج دربه ويؤنت بميراث الناصرية دونما قيد أو شرط ..
تعلم في مدرسة ناصر .. وكرَّس وقته وفِكره للزعيم الخالد والناصرية الحية ..
فأنشأ حزباً بإسمه وجريدة تؤمن بعروبتنا .. وصار الرجل قِبلة للناصرية ووجهة للباحثين عن الحقيقة في رحم الأيام .. إنه ضياء الدين داود أحد رجال إفتاء الناصرية في عصرنا الحاضر
فلا يستقيم الحديث عن جمال عبد الناصرإلا وسألنا عنه ضياء الدين داوود .. فماذا قال رئيس الحزب الناصري عن ديمقراطية الزعيم جمال عبد الناصر :
– …………………….. ؟
– الديمقراطية تعني ببساطة ـ كما تعارف الناس عليها ـ هي حكم الشعب بالشعب وللشعب وهي مقولة بسيطة ومعقدة أيضا إذ هي تتطلب بداية اطلاق الحريات حتي تعبر الجماهير عن آرائها ورؤيتها ومصالحها وحقوقها بشكل واضح وصريح وشجاع وحتي تلتزم السلطة بمصالح الأغلبية. وبطبيعة الحال فإن النصوص وقيام مؤسسات دستورية لا يجسد بذاته الديمقراطية بمفهومها الحقيقي وإنما العبرة هي بالواقع العملي الذي ينبغي أن يتيح للكافة أن تمارس التعبير والافصاح الحر عن إرادتها ثم التزام الحكم بسلطة الأغلبية وبمصالحها وبما تفصح عنه إرادتها الحرة فالديمقراطية كما قال المرحوم الدكتور عصمت سيف الدولة “ليست مجرد نظام دستوري نطبقه بل حياة دستورية نسعي الي تحقيقها”.
وقد تضمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948 في مقدمته النص علي الايمان بكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وبحرية الفرد في التفكير وفي التعبير بما في ذلك حرية اعتناق الآراء دون تدخل والحرية في الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية وحق الفرد في الاشتراك في إدارة الشئون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حراً. كما نص علي أن ارادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة يعبر عنها بانتخابات نزيهة دورية تجري علي أساس الاقتراع السري وعلي المساواة بين الجميع كما يؤكد أن الأفراد يخضعون للقانون فقط في حدود ضمانة العدل والمساواة بين الأفراد .
غير أنه لم يكن ممكنا أن تنفصل الديمقراطية في جانبها السياسي عن الجانب الاجتماعي وتحقيق العدل وتكافؤ الفرص والمساواة. وحين اقترنت الديمقراطية في تطبيقها بتكريس الفوارق بين الطبقات الاجتماعية وتقديسها وقع التناقض بين الديمقراطية بمفهومها السياسي والديمقراطية في مجال العدل الاجتماعي ومن هنا برز وازدهر الفكر الاشتراكي.
غير أنه بقي ان الديمقراطية ترتكز علي احترام تعدد الآراء والأفكار والمذاهب وبقي أن الاشتراكية تعني العدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص فحينما تكون كفاية في الانتاج تحتم العدل في التوزيع. ومن هنا لا يكون تناقض بين الديمقراطية والاشتراكية.
– …………………. ؟
– كنت أقول دائما ومازلت أن الثورة وفي وجود الرئيس جمال عبد الناصر كانت تطرح فكرة التعددية الحزبية للحوار. وكانت تعد لها كمرحلة قادمة لا بد منها غير أنه كان واضحا في ذهن الثورة وزعيمها جمال عبد الناصر أن التغيرات الثورية عميقة الجذور والتي من شأنها أن تعيد توزيع الثروة والسلطة لا يمكن أن تبدأ بتعددية حزبية بمنطق ليبرالي. فمرحلة التغيير الثوري الجذري لم تكن ولا يتصور أن تحتمل تعددية حزبية أي أن يكون لأعداء الثورة حزبهم وهو ما يتناقض مع منطق الثورة ومفهومها إذ الثورة تغيير جذري بالقوة لكل جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. والثورة لم تقم نتيجة استفتاء أو انتخاب وإنما قام بها نخبة من المؤمنين بها وبمبادئها لتحقيق ما اقتنعوا به وتصوروه تحقيقا للاستقلال السياسي والعدل الاجتماعي ورفعا للمعاناة عن جماهير الشعب وتحريرها من الظلم وتمكينها من ممارسة حقها في ادارة شئونها. وكان ذلك يستلزم من الاجراءات الحاسمة والحازمة ما يعيد توزيع الثروة والسلطة توزيعا عادلا واذا مضت أيام التغيير الثوري قبل أن تكمل الثورة حلقاتها وتحقق ضمانات استمرار مكتسباتها وحمايتها وتلتها أيام رفعت فيها أعلام الثورة شكلا ودمرت مبادؤها ومنجزاتها واقعا أو كما تندر البعض بقولهم “انهم ساروا علي خط جمال عبد الناصر بأستيكة” بما أكد الحكمة من وراء التريث في بدء التعددية الحزبية حتي تتعمق جذور الثورة ومنجزاتها وتتوفر قوتها في مواجهة المتألبين عليها والمتربصين بها والمخادعين لجماهيرها. كان تأجيل التعددية الحزبية إثر قيام الثورة أمرا مقبولا ومعقولا بل حتميا ومنطقيا. وكانت عودتها رهنا بتوافر مناخ سياسي واجتماعي واستقرارا للتغيير الذي أحدثته الثورة وضماناً لاستمرار نمو قدرتها علي مواجهة المتربصين بها والمضارين منها والحاملين الأحقاد عليها وان تظاهروا في ظل عنفوان الثورة وقوتها بالولاء لها.
– …………………………. ؟
– وصح ما كان يحذر منه جمال عبد الناصر وأوتي الحذر من مأمنه وانقلب علي الثورة بعض بنيها وبدأوا يغازلون الجماهير بحديث عن الديمقراطية والحرية ويخدرونهم حتي تفلتت من أيديهم منجرات الثورة وأفكارها وما كان قد استقر من مسلمات كقيم ثورية واجتماعية تحقق العدل الاجتماعي والمساواة وتوزيع الثروة والسلطة بالعدل وتكافؤ الفرص فلم تكن الثورة اذن معادية للديمقراطية ـ كمبدأ ـ ولا مستبعدة لها. بل إن جمال عبد الناصر قائد لثورة اتجه للجماهير واعتمد عليها في دفع عجلة التغيير وحمايتها. ومن هنا اتجه مبكراً الي ايجاد تنظيم واحد تدرج الي الاتحاد الاشتراكي. وكان حديث التعددية مطروحا للحوار من حين لآخر وإن كان متروكا لزمانه المناسب بعدما تكون الثورة قد حققت مبادئها في تأكيد العدل الاجتماعي والمساواة وتكفاؤ الفرص.
ولكن أما وقد حققت الأقدار غير ما أملناه وأملته الثورة وتوقفت عجلتها قبل تمام أهدافها وقدمت الديمقراطية التعددية الشكلية ثمنا لتوقف الثورة الاجتماعية وتبديد مكتسبات الثورة منها فقد أصبح من الضروري بل والحتمي أن يكون للمؤمنين بالثورة ومبادئها حزبهم .
ناصـر 67 ·· اتهامات بالجملة
هو أحد أعمدة نقابة الصحفيين البارزين الذين على كواهلهم العتية تقوم النقابة ..
باحث صحافي مخلص لا تستهويه بهرجات أو ألوان أو أكاذيب .. غير مصنَّف في دفاتر لعبة ” المصالح ” لا يعرف في مفردات حرفته غير : قال الله وقال الرسول ومصلحة الوطن والمواطن .. لا يؤمن بفقهاء الأعمدة المعلبة وكتابات التيك اواي وفلسفة ” فتَّح عينك ” .. إنه عبد العال الباقوري .. وقد توقف الرجل طويلاً أمام أحد الكتب الهجائية الفجائية في عبد الناصر فماذا قال : ” لم يترك أحمد رائف نقيصة الا ونسبها الى جمال عبد الناصر ولم يترك فضيلة الا وانتزعها منه· ومن المثالب التي سجلها ان عبد الناصر ارهابي··!! تحت عنوان: استطرادات لا مندوحة عنها ص576 كتب ما يلي: كان عبد الناصر ارهابيا لم يعترف بقانون أو دستور سواء كان يعمل في جمعية سرية أو كان على رأس الدولة وتصفق له الجماهير من المحيط إلى الخليج حاول القتل قبل ان يحكم وفشل فطاشت رصاصاته التي وجهت الى حسين سري عامر ولم تقتل قنبلته التي حاول بها تفجير منزل النحاس باشا· وكون جيلا من الجلادين وجمع ضباطه من الغرز والحانات ليغطي بهم على ضباط الاخوان الذين كانوا سيزعجونه بقولهم: هذا حلال وهذا حرام وكون عصابة قاسية القلب قضت على كرامة المصريين وعزتهم· واقام تنظيما سريا وهو في أعلى هرم الحكم وأقام تابعه عبد الحكيم عامر تنظيما سريا هو الآخر في الجيش واعدوه من دفعة شمس بدران في التخرج من الكلية الحربية وكانت مصر يتنازعها تنظيمان سريان رسميان!! لان اللذين اقاماهما هما السلطان ونائبه وكلاهما أخيب من الآخر إلا في ظلم الناس واضطهادهم·
ومن يكتب كل هذا الكلام المضطرب والمختلط ببعضه بعضا عن عمد وقصد لن يستكثر منه أو عليه اتهام عبد الناصر الذي كون جيلا من الجلادين وجمع ضباطه من الغرز والحانات بالمسؤولية عن تفجيرات الثلاثاء الاسود في أميركا! آسف فقد ضن الاستاذ رائف على جمال عبد الناصر بان يكون ارهابيا وقال انه ارهابي خايب ولعله يعرف الارهابي غير الخايب ما دام عبد الناصر- كما حكى في فلسفة الثورة – استيقظ ضميره وظل مؤرقا طوال الليل ولم يهدأ إلا بعد ان عرف ان حسين سري عامر نجا من محاولة الاغتيال·· اذن هو خائب حقا وكان يجب ان يقتل·· ويقتل دون ان تهتز يده أو يرمش له جفن· وعندئذ كان سيستحق من الاستاذ رائف وصفه بانه ارهابي !! وبعيدا عن الأوصاف والتوصيف ومحاولة التحقير وغير ذلك مما يمتليء به كتاب ناصر67 فان الاستاذ رائف يصل في حديثة عن عبد الناصر الى مدى لم اعهده في كتاب من قبل ولا لدي أي كاتب آخر وقد جاء هذا في كتابه الاخر المسمى سراديب الشيطان حيث يقول في حوار داخل السجن بعد وفاة عبد الناصر
- ص49 : ان أعظم ما قدمه عبد الناصر لبلاده انه مات وهو أمر للأسف لم يكن له فيه اختيار ولا فضل له فيه فقد كان أحرص الناس على حياة وان موته فرصة عظيمة للتنفس ومحاولة لتحقيق الأهداف ·
زعيم عصابة
وقديما قالوا: عدو عاقل خير من صديق جاهل ومن العقل ومن شيم العرب واخلاقهم ألا يشمتوا في الموت ومن شيمة المؤمن ان يذكر محاسن الموتى كما نصح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنه· وقد انهال صاحب ناصر 67 في الرجل سبا وقذفا ولم يعرف حدا وقف عنده بل تجاوز كل الحدود· ومهما كانت أسباب الاختلاف والصراع السياسي حين كان عبد الناصر حيا وهو إذ رحل فقد انتهى الصراع ووجب ان يحل مكانه التقويم الموضوعي والهاديء بعيدا عن الاحن والغل الاسود الذي ملأ العديد من الصفحات وها هي بعض نماذجه دون تعليق أو تعقيب فالقاريء لبيب وهو يدرك الغث من السمين والخبيث من الطيب:
- ص139: لم ينجح في شيء .
- ص 220: ·· وهم: ضباط ثورة يوليو حريصون على طاعة ولي النعم فهي عصابة هو زعيمها ويأتمرون بأمره لانه في نظرهم الوطنية والوطن وكل شيء في هذه الحياة · ويكرر المعنى نفسه ص224 فيقول: تصرف عبد الناصر كزعيم عصابة في مواجهة مصر كلها··
- ص505: رئيس مجرم بكل ما تحمله الكلمة من معان ضيع امته والعرب جميعا من أجل ان يتمتع بالسلطان والسلطة· استهان بكل شيء في مصر ولم يعمل حسابا لمخلوق ·
- ص372: كان عبد الناصر يحارب وهما لم يعد له وجود في زمنه سماه الاستعمار وهو يقصد بذلك الاستعمار الانجليزي الذي تخلى عن معظم مستعمراته في ذلك الوقت .
- · ص512: وانتشر الاستبداد الحديث بعد انقلاب يوليو وزخرت البلاد العربية بالمستبدين · وفي هذه الصفحة يصف من يدافعون عن جمال عبد الناصر وصدام حسين بـ القردة والخنازير !!
- ص392: اخبرني أحد السعوديين الكبار الذين حضروا مؤتمر الخرطوم في أغسطس 1967 أنه كان يتأمل وجه جمال عبد الناصر ويتابعه كل فترة انعقاد المؤتمر ويستمع الى كلماته وحواراته وطريقته في الحديث مع هذا وذاك ويقول: انه لم ير في حياته رجلا لا يعرف الحياء طريقه الى وجهه مثل الرئيس جمال عبد الناصر- ويقول- والعهدة عليه- انه لم يعرف الحزن والانكسار بل كان وجهه مليئا بالبجاحة والفخار على عكس الزعماء العرب الآخرين الذين كانوا في حزن مقيم وغم عميم ·
أظن ان هذه الجرعة من السخائم كافية ولسنا في حاجة الى تعذيب النفس أكثر من هذا على يدي الاستاذ أحمد رائف الذي سمح لنفسه بان يقلب الحقائق رأسا على عقب فالجبل الشامخ الذي اسمه عبد الناصر والذي انهد بعد هزيمة يونيو يزعم انه كان فخورا بالهزيمة· وفي حدود ما قرأت عن هزيمة يونيو وموقف عبد الناصر بعدها وهو غير قليل فاني لا اعرف كاتبا واحدا ولا حتى من الإسرائيليين والصهاينة ذهب في الادعاء على جمال عبد الناصر الى هذا الحد الذي بلغه صاحب ناصر 67 الذي يختتم كتابه بفقرة يقول فيها ص594- بقية الصفحات صور : وهذه صفحات من ملف عبد الناصر الأسود الذي افسد البلاد واذل العباد ولم يتركنا إلا بعد ان وضع اسم مصر في آخر قائمة البلاد العربية· والدنيا تسير والارض تدور ولا نستطيع الفكاك من نتائج المقدمات التي صنعها· رحل عن الدنيا وترك الحكم بعد ان جعل الاصلاح من أصعب الأمور بل يكاد يكون امرا مستحيلا بعد ان فسد الحاكم والمحكوم ·
الاستاذ أحمد رائف يتهم عبد الناصر بانه أفسد الحاكم والمحكوم والمحكوم هنا بالطبع شعب مصر· فما رأيه في هذا الشعب؟
من المؤكد انه يتذكر انه وصفه بانه شعب من العبيد وقد جاء ذلك في الصفحة الثانية والاربعين من كتابه سراديب الشيطان ونقرأ معا نص الفقرة التي قال فيها ذلك الكلام العجيب من المؤكد انه يستحق أوصافا أخرى أعف عنها : من الملاحظات البدهية البسيطة نرى ان الشعب المصري بما يحمله من سبعة آلاف سنة حضارة هو شعب مستكين بليد لا يثور ولا يغضب ولا يحتج ولا يحرك ساكنا إذا ما ظلم أو اضطهد·
هذا هو الواقع المؤسف الحزين الذي يجب علينا ان نفهمه ونعيه حتى لا نكون كالذي ينفخ في قربة مقطوعة· وعلى دعاة الاصلاح والاسلام في هذا البلد ان يعوا هذه الحقيقة جيدا وان يتصرفوا مع الناس على ضوئها· مصر بلد كلها عبيد لمن غلب !!
ولم يكتف الاستاذ أحمد رائف بهذا القدر من التراب الذي أهاله على وجه شعب من أعرق شعوب العالم وهو جزء من خير أمة اخرجت للناس بل زاد الطين بلة بقوله :
- الصفحة 159 من الكتاب نفسه : وشعب مصر شعب مؤهل ومدرب على الذلة والخنوع وهو يعرف كيف يتماوت كالثعلب اذا رأى الخطر· ولعمري ليس ذلك من شيم الكرام
ومن يقل هذا عن شعبه كله ليس منتظرا منه ان يقول غير ما قال في زعيم في مكانة عبد الناصر وفي رجاله وزملائه إذ وصفهم الاستاذ رائف ص166-167 من المصدر نفسه بانهم كالعبيد لا يساوي العبد منهم أكثر من قرشين!!·
والغريب ان من يقول هذا عن عبد الناصر وصحبه يقلد عنق الملك فاروق قصائد المديح ولن أورد شيئا من هذا وأكتفي بان أشير الى أنه مسطور مكتوب في الصفحات 101 و،115 و،116 و118 و167 و174 و183 و184 و،185 و204 و209 من الكتاب الفخم الضخم ناصر 67 أما عبد الناصر فهو عنده الرجل الذي استطاع ص162 من ناصر 67 ان يحول الامة كلها الى قطيع من النعاج · ولست أدري هل هي اصلا- عند الاستاذ رائف- امة من العبيد أو ان عبد الناصر هو الذي جعلها كذلك·
والرأي عندي وعند كل من يلقي السمع وهو بصير مصريا كان أو غير مصري عربيا كان أو غير عربي انها على عكس ما تصور رائف وعلى عكس ما يصور في كتبه الضخمة الفخمة والتي لا تصدر في أقل من 600 صفحة والتي تقرأ تاريخ مصر الحديث بشكل غريب مريب بحيث يبدو التاريخ واقفا على رأسه وليس على قدميه· مع انه يقول في ناصر67 ص23 : ولا ينبغي على قاريء التاريخ أو كاتبه ان يسرف في الهجوم أو يبالغ في الدفاع عن رأي ارتآه أو استنتاج وصل اليه بل يكون من الأحسن تقديم الملاحظات والنظر بشيء من الحياد إلى ما يرى ·
ولا يلبث في الفقرة التالية مباشرة ان يتراجع خطوة الى الوراء فيقول: والحياد أمر صعب على قارىء التاريخ وكاتبه وتزداد صعوبته ان تعلق الأمر بتاريخ عايشناه وشهدنا احداثه أو اشتركنا فيه من قريب أو بعيد وكنا احدى أدواته وساهمنا في صناعته علي نحو ما ·
الشهادة والإثم
ومن يكن هذا موقفه من الاحداث فإنه لا يكتب التاريخ بل يدلى بشهادته لتكون امام المؤرخين يقارنونها بالشهادات الاخرى وبغيرها من الوثائق التي تعين المؤرخ في مهمته· وإذا كان من يكتم الشهادة آثم قلبه فان من يزيفها لا يقل إثما ووزرا· وقد جانب الصواب الأستاذ رائف في كثير مما رواه وفي كثير مما كتبه وفي كثير مما فسره وجعل هواه يغلب فكره وجعل عاطفته تحكم تفكيره·· والهوى والعاطفة اكتويا معا في زنازين السجن سنوات في زمن عبد الناصر وهي تجربة جعلت الرجل ينضم منذ سنوات الى من اسميهم أمراء الانتقام أو كتيبة الاعدام اعدام عبد الناصر واغتياله ميتا بروايات نسجوها وبحكايات اختلقوها وبوقائع تخيلوها وبتحليلات زينوها لأنفسهم وظنوا انهم قادرون على تزيينها للناس· وقد جاء كتاب الاستاذ رائف عن ناصر 67 اضافة ليس لها من مثيل مما أوجب الوقوف معها والتصدي لها ليس دفاعا عن عبد الناصر بل دفاعا- كما قلت- عن الحقيقة التي هي ضالة المؤمن· خاصة وان هناك محاولات متواصلة ومتصاعدة هدفها وقصدها هو دفن هذه الحقيقة ووأدها والتغطية عليها·· واهم جزء في هذه الحقيقة هو الجزء الخاص بموقف عبد الناصر ودوره في التصدي للغزوة الصهيونية وفي مقاومة اسرائيل والكفاح ضدها·وقد جاء الاستاذ رائف وبشجاعة يحسد عليها ليهيل التراب على ذلك كله صحيح انه يكرر ويزيد ويعيد في حكايات قيلت مرات ومرات ولكنه يحاول ان يضعها في صياغات غير لائقة ويخلط الوقائع ببعضها ليستخرج منها استنتاجات حسب هواه ومزاجه·· ولا أريد توصيف أي منهما فلا اصف الهوى بالانحراف ولا المزاج بالسوداوي· ويبدو لي ان الحملة على عبد الناصر منذ بدأت في حياته وبعد موته تكاد تتغذى من مصادر محدودة وتنبع وتهب من جهات معينة وليس لديها ما تضيفه سوى بضاعة أن: ثورة الاخوان المسلمين سرقها عبد الناصر وحادث المنشية المدبر وقصص التعذيب (وهي صحيحة ولا يستطيع احد انكارها ولكن الخلاف حول الاكاذيب التي نسجت·· ولعلي واحد ممن يؤمنون بان التعذيب ولو بالكلمة غير جائز ومدان من الألف الى الياء ولا أبرىء عبد الناصر نفسه مما حدث في عهده) والعلاقة مع الاسرائيليين في الفالوجا وثورة يوليو صناعة أميركية وهي قصص تناولها عدد لا بأس به من اعداء عبد الناصر ولم يعد تجديد الحديث عنها يجدي ولا يفيد احدا ولا شعبا الا إذا استخلصنا الدروس المستفادة مما حدث فعلا وليس زورا وتعلمنا ان صراع عبد الناصر ضد الاخوان وضد الوفد وضد الشيوعيين وضد البعثيين لم يكن في صالح الأمة والشعب بل كان في صالح اعدائهما وعلينا جميعا ان نتكاتف في مصر وعلى المستوى العربي كله حتى لا يتكرر ما حدث مرة اخرى بان نتعلم كيف يقبل كل فريق الاخرين ويتعامل معهم بل ويتنازل لهم وبأن يدرك كل فريق وطني انه لا يملك الحقيقة وحده وانه لابد وان يتعاون مع الآخرين·
عبد الناصر في تل أبيب !!
وهذا الإتجاه هو الذي ينمو حاليا ويتزايد نموه وتأتي كتابات مثل كتاب الاستاذ رائف الضخم الفخم تقطع الطريق على ذلك كله وتعيد الامور الى الوراء بدلا من ان تدفع خطوة الى الأمام خاصة في ميدان الصراع مع العدو الرئيسي للامة· لقد مر بنا بعض ما ذكره الاستاذ أحمد رائف في ناصر 67 عن اتصالات عبد الناصر بضباط اسرائيليين في أثناء حصاره في الفالوجا· وقد روى الحوادث وكأنها اكتشاف مذهل سيغيِّر وجه كتابة التاريخ عن هذه المرحلة من مراحل حياة عبد الناصر وعمله مع انها كتبت عشرات المرات وصدرت حولها كتب كاملة كانت أفضل عرضا وأدق توثيقا مما كتبه ورواه وتخيله الاستاذ رائف· لماذا؟ لأنها كتب كان هدفها البحث والجري وراء الحقيقة وليس البحث عما يسوِّد وجه جمال عبد الناصر· وفي كتاب رشاد كامل عن عبد الناصر في تل أبيب فصول موثقة عما حدث أثناء حصار جمال عبد الناصر في الفالوجا وكيف ولماذا التقى بضابط اسرائيلي يدعى يروحام كوهين وكيف اجتمع الاميرالاي السيد طه مع ايجال آلون وماذا كتب السيد طه بنفسه في مذكراته عن هذا كله· ولكن الاستاذ رائف يعاملنا عربا ومصريين وكأنه ليس لنا عقول أو اننا فقدنا الذاكرة ولم تعد في ايدينا مذكرة بالحوادث والاحداث والوقائع ويخرج علينا بما كتب ونوقش من قبل·· وهي كتابات تؤكد انه يجتزيء الاحداث من سياقها ويضفي على الوقائع معاني من عنده هو لانها لم تحدث ومن الحوادث الصغيرة جدا ولكنها لافتة للنظر ما اشار اليه الاستاذ رائف ص178 من ناصر 67 بقوله: غمر اليهود الضباط المصريين المحاصرين بالشيكولاتة والهدايا وافهموهم انهم ليسوا اعداء ·
ومن مراجعة ما كتبه رشاد كامل بشكل موثق نجد ان الحقيقة تختلف عن ذلك كثيرا ففي 1948 لم يكن لدى الاسرائيليين فائض من الشيكولاتة والهدايا ليقدموه للجنود والضباط المصريين بل انهم قدموا ذلك لجنودهم الاسرى· وينقل رشاد كامل ص47-48 من تقرير سري في ذلك الوقت كتبه عندئذ: القائمقام حسين كامل قائد الكتيبة السادسة في الفالوجا ينقل ما يلي:
وفي الساعة 11 يوم 17 يناير سنة ،1949 وصل الضابط اليهودي المدعو كوهين بعربة جيب رافعا العلم الابيض الى المنطقة التي تم الاتفاق عليها فخرج له الصاغ أ·ح أي أركان الحرب جمال عبد الناصر أركان حرب الكتيبة ومعه الملازم أول خليل إبراهيم خليل ضابط المخابرات بالكتيبة وتقابلا معه وتعرفا على القسيسين اللذين كانا يرافقان الضابط اليهودي المذكور وقاداهما الى مقابر القتلى اليهود حيث اقيمت الصلاة ثم عادوا الى نقطة التقابل مرة اخرى حيث تركوا هناك الضابط اليهودي بعربته إذ لم يسمح له بمرافقة القسيسين في الصلاة· وهناك طلب الضابط اليهودي من الأركان حرب السماح له باحضار حلوى وملبوسات لجنودهم الأسرى طرفنا· فاتصل حضرته بالقائمقام حسين كامل الذي اتصل بدوره بصاحب العزة الأميرالاي السيد طه بك قائد قوات قطاع الفالوجا لاخذ رأيه فلم يمانع فاتفق الاركان حرب مع الضابط اليهودي على ان تكون المقابلة في اليوم التالي في الساعة 14 يوم 18 يناير 1949 لاستلام هذه الأصناف منهم·
وفي الساعة 14 يوم 18 يناير سنة ،1949 وصل الضابط اليهودي في محل الاتفاق بعربته الجيب رافعا العلم الابيض فخرج له الصاغ أ·ح· جمال عبد الناصر وتقابلا معا واستلم منه الملبوسات وبعض الحلوى ثم عاد من حيث أتى وقام الصاغ أ·ح· جمال عبد الناصر بتسليم هذه الاصناف الى الاسرى ببلدة الفالوجة بايصال ·
فلسفة الثورة
ومن الجدير بالذكر هنا ان عبد الناصر قد تحدث في كتابه فلسفة الثورة عن لقاءاته مع يروحام كوهين هذا كما تحدثت عنه باستفاضة مجلة آخر ساعة في عام ،1954 حين كان يرأس تحريرها الاستاذ محمد حسنين هيكل· في فلسفة الثورة كتب عبد الناصر: ومنذ أشهر قليلة قرأت مقالات كتبها عني ضابط إسرائيلي اسمه يروحام كوهين ونشرتها له صحيفة جويش أوبزرفر · وفي هذه المقالات روي الضابط اليهودي كيف التقى بي أثناء مباحثات واتصالات عن الهدنة وقال: لقد كان الموضوع الذي يطرقه جمال عبد الناصر معي دائما هو كفاح اسرائيل ضد الانجليز وكيف نظمنا حركة مقاومتنا السرية لهم في فلسطين وكيف استطعنا ان نجند الرأي العام في العالم وراءنا في كفاحنا ضدهم · 0ولو ان عبد الناصر يعرف ان فيما حدث من لقاءات مع اسرائيليين أيام الحصار في الفالوجا ما يشين لاخفاه ولم يذكره· وبالاضافة الى ما سبق يذكر رشاد كامل ص52 ان صحيفة الاوبزفر البريطانية طلبت من جمال عبد الناصر كتابة مقال عن ثورة يوليو فأشار في المقال الذي نشر في اكتوبر 1954 الى ما كتبه يروحام كوهين عنه·
ويتأكد مما كتب في مصادر عديدة عن حصار القوات المصرية في الفالوجا انه لم يكن هناك لعب دومنة بين المصريين و اليهود على عكس ما ذكره الاستاذ رائف ص183 ولا دعوات على الطعام في الغداء أو العشاء أو الإفطار ص177 فالحصار جزء من الحرب والقتال وفي الفالوجا وفي ظل الحصار تعددت المعارك التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى· ولكن هذه المعارك تخللها لقاء جرى فيه مناقشة طويلة وكل هذا مسجل ومؤرخ وهو شهادة ببسالة وثبات الجنود والضباط الذين عاشوا تلك التجربة ولعل هذا يبدو بوضوح من كتاب وثائقي اسرائيلي عن الجولة الأولى في الصراع العربي- الاسرائيلي· والكتاب عنوانه: حرب فلسطين 1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية وهو صادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في ·1984 ويتضمن الكتاب صفحات مهمة جدا عن حصار الفالوجا الذي جرى على نحو مغاير لما يتصوره الاستاذ أحمد رائف ولما صوره في كتابه الضخم الفخم· تقول الرواية الرسمية الاسرائيلية عن الحصار: كان وضع المحاصرين سيئا جدا·· وفي 28/10 حددت حصص الجنود من الطعام والذخيرة· وبناء على حسابات القائد كان من المفروض ان يكفي الطعام الـ1000 جندي مدة عشرة أيام فقط· وانضم فيما بعد الى جنوده أيضا الجنود الموجودون في عراق سويدان الذين كانوا يتلقون مؤونتهم يوميا من المجدل· ومنذ ذلك اليوم قدمت للجنود وجبتان فقط في اليوم: الأولى في الساعة ،10,00 والثانية في الساعة ·16,30 وفي 20/،10 سجل القائد ان هناك ضائقة ملموسة في مؤونة السجائر·
وفي 24/ 10 ذكر في يومياته: بسبب النقص في معدات العمليات الجراحية اضطر القائد الى اجراء عملية لجريح بموسى· ان وضع الجنود يزداد خطورة بسبب النقص في المواد الطبية ·
وتشهد الوثائق الاسرائيلية بانه على الرغم من الهجمات الجوية والمضايقات من الارض والحرب النفسية رفض القادة المصريون الاستسلام كما رفضوا عقد اجتماع مع قائد الجبهة الاسرائيلي وضباطه ولم يقبلوا هذا الا بعد سقوط مركز الشرطة في عراق سويدان· واشترك في الاجتماع الصاغ أي الرائد جمال عبد الناصر· وكان القائد الاسرائيلي هو ايجال آلون الذي أصبح نائبا لرئيس وزراء اسرائيل في السبعينيات· محضر الاجتماع كما ورد في الكتاب الاسرائيلي سجل شرف للضباط والجنود الذين عاشوا تلك التجربة تكفي كلمات السيد طه في وجه آلون: انني لا اخادع نفسي بانني استطيع بصمودي ان اغير ميزان القوى وانقذ الوضع على جبهتنا لكن في استطاعتي ان انقذ شيئا واحدا وهو شرف الجيش المصري· ولذا سأحارب حتى الرصاصة الأخيرة والرجل الأخير الا اذا تلقيت امرا مغايرا من حكومتي ·
وحين قال له آلون بخبث: صدقني كولونيل ان حكومتك ليست جديرة بان توجه ضابطا شجاعا مثلك فكر في مصلحة جنودك ومصر ودع السلاح جانبا ·
أجابه السيد طه على الفور: كلا سيدي ليس أمامي سوى طريق الحرب· وبالتأكيد انت تدرك انني بذلك انقذ شرف الجيش المصري· وكان الضبع الأسود كما سموه صادقا· وما لا يعلمه الاستاذ رائف ان الضابط الاسرائيلي يروحام كوهين كتب مذكراته عن تلك الايام في كتاب صدر في 1969 باللغة العبرية بعنوان: في وضح النهار وخلال الظلام وليته يكلف احد المترجمين في داره بالبحث عن الكتاب وترجمته فلعله يجد فيه اسانيد عما كتبه عن عبد الناصر ولكن أود ان اطمئنه ان ما هو متاح بالعربية عن هذا الكتاب يجعله بعيدا عن هوى صاحب ناصر 67 الفخم الضخم الذي لا اعتقد ان احدا يحسبه من كتابات الاخوان المسلمين فقد اصبحت كتاباتهم ومنذ سنوات أكثر انصافا واكثر قربا من الموضوعية واكثر عفة في اختيار الالفاظ وفي انتقاء الاتهامات وعلى عكس اسلوب الكتابة الذي سار عليه الاستاذ رائف وليته يأخذ منهم·· ياليت·
عبد الناصر والاخوان
وهناك جزء آخر من كتاب الاستاذ رائف الفخم الضخم عن ناصر 67 يستحق وقفة خاصة وهو الجزء الخاص بعلاقة جمال عبد الناصر مع الاخوان المسلمين · ولكن هذا الموضوع قتل بحثا كما يقولون وصدرت فيه شهادات مهمة ينسف بعضها ما أورده الاستاذ رائف·· خاصة بالنسبة لاحداث عام ·1954 وتكفي هنا الاشارة الى الجزء الثالث من كتاب الاستاذ محمود عبد الحليم الذي يحمل عنوان الاخوان المسلمون احداث صنعت التاريخ وقد صدر هذا الجزء في عام ،1985 عن دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع في الاسكندرية· ويكاد يكون هذا الكتاب تاريخا رسميا أو شبه رسمي للاخوان مع انه مذكرات في الاساس· واهمية هذا الجزء تأتي من انه يعترف بان الخلاف والصراع بين الجماعة وعبد الناصر كان صراعا سياسيا ولم يكن صراعا دينيا على عكس ما يحاول ان يوحي به الاستاذ رائف·
يكفي ان نقرأ قول الاستاذ محمود عبد الحليم: لقد سبقنا جمال عبد الناصر وبقدر ما منحه سبقه فرصة يعمل فيها ويدبر سلبنا تخلفنا الفرصة للتفكير والتدبير ص201 ويكرر المعنى نفسه في صفحات اخرى الى ان يقرر في ص379 وهو يتحدث عن اجتماع مع جمال عبد الناصر رفض فيه عقد صلح جديد مع الجماعة: وتناقشنا معه حول هذه النقطة نقاشا طويلا غير انه اصر على الرفض···· بعد ان صار يملك جميع أوراق اللعب في يده ونحن لا نكاد نملك منها شيئا· ومع ذلك فقد تم وضع مشروع اتفاق ولكن قيادات اخوانية اخرى هي التي رفضته ونقضته ويقرر محمود عبد الحليم بأمانة هنا وهو يتحدث عن اجتماع لقيادة الاخوان فيقول ص386- 1387 : كنا قد أبلغنا اخواننا المسؤولين بالمركز العام لجماعة الاخوان المسلمين بنص ما تم الاتفاق عليه من قرارات في اجتماعنا بجمال عبد الناصر فور انتهائنا من هذا الاجتماع· وكان أملنا ان يعاوننا اخواننا هؤلاء في النهوض بما يخصنا نحن الاخوان من هذه الشروط أو القرارات وأهم ما فيها ايقاف النشرات وهم وحدهم القادرون على تنفيذ هذه الشروط لانهم هم المتصلون بالاستاذ المرشد حسن الهضيبي ·
ولكن الذي حدث كان عكس ما توقعناه ففي الليلة المقرر عقد الهيئة التأسيسية فيها وفي أثناء توارد وفود اخوان الاقاليم وقبل موعد الاجتماع بنحو ساعة فوجئنا بمنشور صادر عن المرشد العام يوزع على هؤلاء الاخوان يحرضهم فيه على مواجهة رجال الثورة ويرميهم بما يشبه الكفر ·
ويكفي من القلادة ما يحيط بالعنق فبقية القصة مسجلة في كتاب محمود عبد الحليم ولكن يبدو من الظلم ان نقارنه بالاستاذ أحمد رائف أو نقارن كتابه بكتاب هذا الاخير الفخم الضخم على الرغم من ان الرجل لم يدخر طلقة من ذخيرته الا اطلقها على جمال عبد الناصر ولكنه اطلقها من موقع رأيه فيه وهذا حق له وليس من موضع اختلاق الوقائع وتزييفها كما فعل الاستاذ رائف في كتابه هذا وفي كتابات اخرى·
جمال عبد الناصر والشعراء
لم يدنو زعيم أو سياسي عربي وربما عالمي من مكانة عبد الناصر في أوراق الشعر والشعراء .. فحياة الزعيم الراحل كانت رحلة تلاصق بالوطن والمواطن .. لم يعاني مواطن في عصره من جهنم الأسعار ولم يتشدق بالإستقرار والأمن والأمان في حين عسكره ينتشرون في ميادين وشوارع وحارات وحانات العاصمة أو أية مدينة يكممون الأفواه ويصادرون الآراء الحرة .. أتدرون لماذا ؟!!
لأن الشعب كله كان عبد الناصر .. لم يمارس سلطة القصف والعسف والنسف والفرم .. أتدرون أيضاً لماذا ؟! لأن الوطن كله كان أهله وهمه وشغله ودائرة إهتمامه .
إن عبد الناصر لم يكتب فِكراً أو مؤلفاً أو سِفراً أو منظوماً حوته دفتي كتاب بإسم ” الناصرية ” ولكن الشعوب العربية التي أصَّلت فِكره ونسبته إليه بهذا الإسم .. لماذا ؟!!
من فرط شعور الشعوب العربية في كل مكان بفِكر ونظرية وحُكم وقيادة عبد الناصر .. هذا هو جمال عبد الناصر ..
فهاجت به وله قريحة الشعر ومشاعر الشعراء .. لم يدفع لنزار قباني حتى يكتب فيه :
الهرم الربع أو قتلناك يا آخر الأنبياء .. لأنه ببساطة كان قد غادر عالمنا إلى العالم الآخر !!
ولم يدفع لأحمد فؤاد نجم ليكتب فيه روائعه .. رغم أن نجم سُجِن في عصره وعصر الرئيس السادات .
ولم يدفع أموالاً أو عطايا لمحمود درويش وأمل دنقل والأبنودي لأنه لم يكن الرشيد أو المأمون أو سيف الدولة الحمداني ولا يؤمن بسوق عكاظ الشعر في حضرة الحاكم .. لم ينفح أحدهم كيساً من دنانير مصر مقابل قصيدة عصماء .. ولم يدمن حضور حفلات هز البطن والليالي الملاح .. ولم يصفق لا لرقص ريما أو لنفاق مشكاح .. ولم يتغنى بإسمه المغنون من أجل النشوة الوهمية ولم يُذكر إسم قرية ” بني مُر ” في أغنية صُنعت خصيصاً من أجل جنابه في آلة إعلامية موجهة ومنفصلة تماماً عن الوطن والمواطن والقيم الأخلاقية .
من هنا أتت قيمة عبد الناصر في ضمير الشعر وذاكرة الشعراء ومن هنا عاش وسيبقى عبد الناصر هو الحب الصادق الوحيد في خيال أهل الإبداع وتاريخ الأمة حتى بعد رحيله .. وهذا هو الفارق بين عبد الناصر ودجاجلة التاريخ وكذابين الزفة .
بإختصار شديد .. إن عبد الناصر هو الرئيس الشعبي الوحيد في تاريخ مصر كله منذ فجر تاريخها وحتى هذه اللحظة .. وكل ما سواه رؤساء حكموا من قصر عابدين .. أماناصرفقد حكم من السيدة والحسين وشبرا والمغربلين وقرى مصر تراه يحكم من بيتٍ طيني في قرية الزعفران بكفر الشيخ أو من كوخ في مغاغة في صعيد مصر .. أو حارة سد في مدن القناة .. أو ربوع صحراء العريش .. من هنا تأتي قيمة عبد الناصر السحرية التي تنفذ دون أن تدري إلى أعماقك .. كل رفاقه من مجلس قيادة الثورة كانوا جنرالات .. صلاح سالم .. عامر .. حسين الشافعي .. السادات .. إلا عبد الناصر هو الوحيد الذي تراه تشعر أنه من عامة الشعب .. رغم أن السيدة جيهان السادات أقسمت لي أن أحداً من قادة الثورة لم يكن ليستطيعه أن ينظر في عيني جمال عبد الناصر من فرط هيبته .. لكن الشعب كان يصافحه ويحتضنه ويبحث في أغوار عينيه عن المجهول الذي يحتوينا والأمان الذي يضمنا وأذكر أن صديقي النجم الفنان أحمد زكي قال لي ذات مرة : المرة الوحيدة التي رأيت فيها الرئيس جمال عبد الناصر كان على محطة قطار الزقازيق فقد علمت أن الرئيس سيمر من الشرقية وخرجت الملايين تتكدس على المحطة – فلا بوليس سياسي ولا أمن دولة ولا مسح للمنطقة أمنياً ولا أشباح مأجورة أمنية تتشح ملابس المارة تقف لتهلل للريس ولا عيون تندس بين الحشود – الكل يقف بلا حواجز ليرى الرئيس لأنه منا ونحن منه .. وفي ذلك اليوم كانت جميع المدارس أجازة ” إجبارية ” بمناسبة الخروج لمشاهدة الرئيس لأننا أصلاً ” زوغنا من المدارس ” وحين دخل القطار المحطة خرج الرئيس عبد الناصر بنصف جسمه من شباك القطار ويده ممدودة تصافح الجميع وقد قُدر لي أن ألمس كفه بأطراف أصابعي من شدة الزحام وكان هذا لي بمثابة نصراً مؤزراً في تاريخ أن لامست أصابعي كف الزعيم وعدت وأنا في قمة النشوة ولم أستطيع النوم لأيام وليالٍ متعددة من فرط النشوة .
هذه هي مشاعر الفنان أحمد زكي .. فماذا عن مشاعر الشعراء في عبد الناصر يقولالموهوب أحمد فؤاد نجم :
النبي عبد الناصر
السكه مفروشه تيجان الفل و النرجـس
والقبه صهوه فرس عليها الخضر بيبرجس
و المشربيه عرايس بتبكي و البكى مشروع
***
من ذا اللي نايم و ساكت
و السكات مسموع
سيدنا الحسين ؟
ولا صلاح الدين ولا النبي
ولا الأمام ؟
دستور يا حراس المقام ولا الكلام بالشكل دا ممنوع ؟
***
على العموم
انا مش ضليع في علوم الأنضباط
***
ابويا كان مسلم صحيح
و كان غبي
و كان يصلي ع النبي
عند الغضب و الأنبساط
***
ابويا كان فلاح تعيس
في ليله ضلمه خلفوه
و ف خرقه سودا لفلفوه
و ف عيشه غبرا
طلعوه
و عشه مايله سكنوه
و لصموه
و طلسموه
و دجنوه
و جهزوه
و جوزوه على عماه
فكان محير في هواه ما بين امي و الجاموسه
و كان يخاف يقتل ناموسه
و كان خجول خجول
خجول
و كان دايما يقول استغفر الله العظيم من باب الأحتياط
***
ابويا طلعتوه حمار فكان طبيعي يجيبني جحش
لا اعرف نبي من اجنبي
و لا مين ما جاش ولا مين ما رحش
موسى نبي
عيسى نبي
كمان محمد كان نبي
و يا قلبي صلي ع النبي
و كلنا نحب النبي
و كل وقت وله ادان
و كل عصر و له نبي
***
و احنا نبينا كده
من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع
ولا من مرا شابت
ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت
أبوه صعيدي و فهم قام طلعه ظابط
ظبط على قدنا و ع المزاج ظابط
فاجومي من جنسنا
ما لوش مرا عابت
فلاح قليل الحيا
إذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا
مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزه و حاجات كتير خابت
و عاش و مات وسطنا
على طبعنا ثابت
و ان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت
ولا يطولوه العدا
مهما الأمور
جابت
رسالة لجمال عبد الناصر
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ :
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ
من أرضِ مصرَ الطيبهْ
من ليلها المشغولِ بالفيروزِ والجواهرِ
ومن مقاهي سيّدي الحسين من حدائقِ القناطرِ
ومن تُرعِ النيلِ التي تركتَها
حزينةَ الضفائرِ
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ
من الملايينِ التي قد أدمنتْ هواكْ
من الملايين التي تريدُ أن تراكْ
عندي خطابٌ كلّهُ أشجانْ
لكنّني
لكنّني يا سيّدي
لا أعرفُ العنوان
2
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ
الزرعُ في الغيطان والأولادُ في البلدْ
ومولدُ النبيِّ والمآذنُ الزرقاءُ
والأجراسُ في يومِ الأحدْ
وهذهِ القاهرةُ التي غفَتْ
كزهرةٍ بيضاءَ.. في شعرِ الأبَدْ
يسلّمونَ كلّهم عليكْ
يقبّلونَ كلّهم يديكْ
ويسألونَ عنكَ كلَّ قادمٍ إلى البلدْ
متى تعودُ للبلدْ ؟
3
حمائمُ الأزهرِ يا حبيبَنا.. تُهدي لكَ السلامْ
مُعدّياتُ النيلِ يا حبيبَنا.. تّهدي لكَ السلامْ
والقطنُ في الحقولِ والنخيلُ والغمامُ
جميعُها.. جميعُها.. تُهدي لكَ السلامْ
كرسيُّكَ المهجورُ في منشيّةِ البكريِّ
يبكي فارسَ الأحلامْ
والصبرُ لا صبرَ لهُ.. والنومُ ينامْ
وساعةُ الجدارِ.. من ذهولِها
ضيّعتِ الأيّامْ
يا مَن سكنتَ الوقتَ والأيامْ
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكَ
لكنّني
لكنّني يا سيّدي.. لا أجدُ الكلامْ
لا أجدُ الكلامْ
4
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ :
الحزنُ مرسومٌ على الغيومِ والأشجارِ والستائرِ
وأنتَ سافرتَ ولم تسافرِ
فأنتَ في رائحةِ الأرضِ وفي تفتُّحِ الأزاهرِ
في صوتِ كلِّ موجةٍ وصوتِ كلِّ طائرِ
في كتبِ الأطفالِ في الحروفِ والدفاترِ
في خضرةِ العيونِ وارتعاشةِ الأساورِ
في صدرِ كلِّ مؤمنٍ وسيفِ كلِّ ثائرِ
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ
لكنّني
لكنّني يا سيّدي
تسحقُني مشاعري
5
يا أيُها المعلّمُ الكبيرْ
كم حزنُنا كبيرْ
كم جرحُنا كبيرْ
لكنّنا
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ
أن نحبسَ الدموعَ في الأحداقْ
ونخنقَ العبرهْ
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ
أن نحفظَ الميثاقْ
ونحفظَ الثورهْ
وعندما يسألُنا أولادُنا
من أنتمُ ؟
في أيِّ عصرٍ عشتمُ ؟
في عصرِ أيِّ مُلهمِ ؟
في عصرِ أيِّ ساحر ِ؟
نجيبُهم: في عصرِ عبدِ الناصرِ
الله.. ما أروعها شهادةً
أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ
الهرم الرابع
السيّدُ نامْ
السيّدُ نام
السيّدُ نامَ كنومِ السيفِ العائدِ من إحدى الغزواتْ
السيّدُ يرقدُ مثلَ الطفلِ الغافي.. في حُضنِ الغاباتْ
السيّدُ نامَ
وكيفَ أصدِّقُ أنَّ الهرمَ الرابعَ ماتْ ؟
القائدُ لم يذهبْ أبداً
بل دخلَ الغرفةَ كي يرتاحْ
وسيصحو حينَ تطلُّ الشمسُ
كما يصحو عطرُ التفاحْ
الخبزُ سيأكلهُ معنا
وسيشربُ قهوتهُ معنا
ونقولُ لهُ
ويقولُ لنا
القائدُ يشعرُ بالإرهاقِ
فخلّوهُ يغفو ساعاتْ
يا مَن تبكونَ على ناصرْ
السيّدُ كانَ صديقَ الشمس
فكفّوا عن سكبِ العبراتْ
السيّد ما زالَ هُنا
يتمشّى فوقَ جسورِ النيلِ
ويجلسُ في ظلِّ النخلاتْ
ويزورُ الجيزةَ عندَ الفجرِ
ليلثمَ حجرَ الأهراماتْ
يسألُ عن مصرَ.. ومَن في مصرَ
ويسقي أزهارَ الشرفاتْ
ويصلّي الجمعةَ والعيدينِ
ويقضي للناسِ الحاجاتْ
ما زالَ هُنا عبدُ الناصرْ
في طميِ النيلِ وزهرِ القطنِ
وفي أطواقِ الفلاحاتْ
في فرحِ الشعبِ
وحزنِ الشعب
وفي الأمثالِ وفي الكلماتْ
ما زالَ هُنا عبدُ الناصرْ
من قالَ الهرمُ الرابعُ ماتْ ؟
يا مَن يتساءلُ: أينَ مضى عبدُ الناصرْ ؟
يا مَن يتساءلُ :
هلْ يأتي عبدُ الناصرْ
السيّدُ موجودٌ فينا
موجودٌ في أرغفةِ الخُبزِ
وفي أزهارِ أوانينا
مرسومٌ فوقَ نجومِ الصيفِ
وفوقَ رمالِ شواطينا
موجودٌ في أوراقِ المصحفِ
في صلواتِ مُصلّينا
موجودٌ في كلماتِ الحبِّ
وفي أصواتِ مُغنّينا
موجودٌ في عرقِ العمّالِ
وفي أسوانَ.. وفي سينا
مكتوبٌ فوقَ بنادقنا
مكتوبٌ فوقَ تحدينا
السيّدُ نامَ.. وإن رجعتْ
أسرابُ الطيرِ.. سيأتينا
بلا تحفظات !!
قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ
قتلناكَ..
ليسَ جديداً علينا
اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ
فكم من رسولٍ قتلنا
وكم من إمامٍ
ذبحناهُ وهوَ يصلّي صلاةَ العشاءْ
فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ
وأيامُنا كلُّها كربلاءْ
2
نزلتَ علينا كتاباً جميلاً
ولكننا لا نجيدُ القراءهْ..
وسافرتَ فينا لأرضِ البراءهْ
ولكننا.. ما قبلنا الرحيلا
تركناكَ في شمسِ سيناءَ وحدكْ
تكلّمُ ربكَ في الطورِ وحدكْ
وتعرى
وتشقى
وتعطشُ وحدكْ
ونحنُ هنا نجلسُ القرفصاءْ
نبيعُ الشعاراتِ للأغبياءْ
ونحشو الجماهيرَ تبناً وقشاً
ونتركهم يعلكونَ الهواءْ
3
قتلناكَ
يا جبلَ الكبرياءْ
وآخرَ قنديلِ زيتٍ
يضيءُ لنا في ليالي الشتاءْ
وآخرَ سيفٍ من القادسيهْ
قتلناكَ نحنُ بكلتا يدينا
وقُلنا المنيَّهْ
لماذا قبلتَ المجيءَ إلينا ؟
فمثلُكَ كانَ كثيراً علينا
سقيناكَ سُمَّ العروبةِ حتى شبعتْ
رميناكَ في نارِ عمَّانَ حتى احترقتْ
أريناكَ غدرَ العروبةِ حتى كفرتْ
لماذا ظهرتَ بأرضِ النفاقْ
لماذا ظهرتْ ؟
فنحنُ شعوبٌ من الجاهليهْ
ونحنُ التقلّبُ
نحنُ التذبذبُ
والباطنيّهْ
نُبايعُ أربابنا في الصباح
ونأكلُهم حينَ تأتي العشيّهْ
4
قتلناكَ
يا حُبّنا وهوانا
وكنتَ الصديقَ وكنتَ الصدوقَ،
وكنتَ أبانا
وحينَ غسلنا يدينا.. اكتشفنا
بأنّا قتلنا مُنانا
وأنَّ دماءكَ فوقَ الوسادةِ
كانتْ دِمانا
نفضتَ غبارَ الدراويشِ عنّا
أعدتَ إلينا صِبانا
وسافرتَ فينا إلى المستحيل
وعلمتنا الزهوَ والعنفوانا
ولكننا
حينَ طالَ المسيرُ علينا
وطالتْ أظافرُنا ولحانا
قتلنا الحصانا
فتبّتْ يدانا
فتبّتْ يدانا
أتينا إليكَ بعاهاتنا
وأحقادِنا.. وانحرافاتنا
إلى أن ذبحنكَ ذبحاً
بسيفِ أسانا
فليتكَ في أرضِنا ما ظهرتَ
وليتكَ كنتَ نبيَّ سِوانا
5
أبا خالدٍ.. يا قصيدةَ شعرٍ
تقالُ
فيخضرُّ منها المدادْ
إلى أينَ ؟
يا فارسَ الحُلمِ تمضي
وما الشوطُ حينَ يموتُ الجوادْ ؟
إلى أينَ ؟
كلُّ الأساطيرِ ماتتْ
بموتكَ.. وانتحرتْ شهرزادْ
وراءَ الجنازةِ.. سارتْ قريشٌ
فهذا هشامٌ
وهذا زيادْ
وهذا يريقُ الدموعَ عليكْ
وخنجرهُ تحتَ ثوبِ الحدادْ
وهذا يجاهدُ في نومهِ
وفي الصحوِ
يبكي عليهِ الجهادْ
وهذا يحاولُ بعدكَ مُلكاً
وبعدكَ
كلُّ الملوكِ رمادْ
وفودُ الخوارجِ .. جاءتْ جميعاً
لتنظمَ فيكَ
ملاحمَ عشقٍ
فمن كفَّروكَ
ومَنْ خوَّنوكَ
ومَن صلبوكَ ببابِ دمشقْ
أُنادي عليكَ.. أبا خالدٍ
وأعرفُ أنّي أنادي بوادْ
وأعرفُ أنكَ لن تستجيبَ
وأنَّ الخوارقَ ليستْ تُعاد
ناصر والسادات
هناك حادثات وتآريح في حياة الرئيس السادات لم تُمحى من ذاكرته ولا بالطبل البلدي .. هي يوم أن نزعوا له الرُتب العسكرية وتم تجريده وفصله من الخدمة .. بأمر انجلترا !!
ثم .. ذكريات زنزانة 54 في معتقل الزيتون .. ويوم أن ارتدى البذة الميري في فرحه والسيدة جيهان وهو ” مفصول من الخدمة ” !!
ثم .. يوم ما يوم أن عاود إرتداءها بأمر محمد حيدر وزير الحربية في قرار عودته للخدمة العسكرية ..
ثم .. قرار دخوله اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار ” بأمر عبد الناصر ” !!
ثم .. إلقاءه لبيان الثورة الأول .. صبيحة 23 يوليو 1952 .. أيضاً ” بأمر عبد الناصر ” !
ثم إجتماع ليلة 26 يوليو بعد خروج الملك وافتراع الثوار على الحكم بالديكتاتورية أو بالديمقراطية .. وكتابة ” تنازل ” من السادات لناصر ” عن صوته في أي إقتراع يأتي !! بعد أن تبين أن موازين القوى في يد عبد الناصر وحده !!
ثم إلقاءه لنبأ تنحي عبد الناصر في نكسة 1967 وإلقاءه أيضاً لبيان تراجع ناصر عن التنحي.
ثم تاريخ إختيار عبد الناصر للسادات كنائبٍ أوحد في حضور حسين الشافعي واستبعاده !
ثم .. إلقاءه لبيان وفاة جمال عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970 .
هذه أهم 10 قرارات وحادثات وتآريخ هامة في حياة أنور السادات قبل أن يحكم مصر منها 6 جمال عبد الناصر قاسم مشترك فيها .. أو هو صانعها له .
من هنا تأتي أهمية وجود جمال عبد الناصر في حياة أنور السادات .. فرحلة ناصر والسادات اتسمت بالمشاركة والتفاعل والوجود المتناغم بينهما .. والمتتبع المتفحص الباحث في علاقة ناصر بالسادات يجد العجب !!
فبيان ثورة يوليو الأول حين يُلقى في وجود الملك فاروق وسيطرته على البلاد ما زال بل ووجود وزارته وحكومته لا يعلنه إلا مقاتل مثل أنور السادات .. وبإختيار وثقة عبد الناصر لما يعلمه في السادات من قوة وجسارة وبالأحرى استعراضية وسمات قتالية .. بل وقوة خطابية ونضالية .. ومعلوم من تاريخ السادات أنه لا يعترف على رفاقه في أي اتهام مهما حدث .. ولديه قدرات تمثيلية هائلة على مواجهة المحققين وهذه رجولة وملكات خاصة .. وأنور السادات هو الوجه المشهور الوحيد في ضباط الثورة لذلك إعتمد عليه عبد الناصر في إلقاء بيانها الأول .
وكان هذا البيان وبالاً على وجود السادات بعد ذلك حين تم اقتسام نجاح الثورة من مقاعد الوزارة .. فعبد الناصر صانع الثورة لا ريب .. وهو المهندس الفعلي لها ووالدها الروحي وكل من شاركه فيها تربطهم بها إما صلة دم كبيرة أو عمومة أو نسب .. لأنه صاحب أفكارها وفلسفتها ورأس رجالها المفكر بدليل انسحابه بعد الإقتراع الشهيرعلى ” الديمقراطية أو الديكتاتورية ” ففشلوا .. وأعادوه !!!
واعتمد عبد الناصر عليه أيضاً في أهم مهمة حاسمة في تاريخ جمال عبد الناصر على الإطلاق حين وقع الصدام بين ناصر وعامر وعاد الأخير إلى بلدته أسطال متزمراً وقرر ناصر أن يخضعه لمحاكمة مجلس قيادة الثورة فأرسل له صلاح نصر ففشل في إعادته .. ثم أرسل له شمس بدران ففشل أيضاً في إعادة عامر .. فما كان من ناصر إلا أن أرسل الداهية المكوكي أنور السادات فأتى به فوراً لعبد الناصر .
الزعيم وفن صناعة الرجال
وعبد الناصر هو صانع الرجال فهو الذي صنع دولة جديدة من عدم بإذن الله لم يعتمد على رجلٍ واحد من رجال العهد البائد باستثناء على ماهر رئيس الوزراء لأيام قليلة .. ثم بدأ بدماء جديدة وسلَّم للسادات صفوة من رجالات الدولة مع تركة مصر .. منهم عزيز صدقي وعبد العزيز حجازي وسيد مرعي ومحمود رياض وحفنة أخرى من كوكبة العمل السياسي والتنفيذي ” فرمهم ” السادات في ليلة 15 مايو 1971 لجزمه بإنتهاء مدة صلاحيتهم !!
وكان السادات أهم صناعة لعبد الناصر الذي ” صهره ” في العمل التنفيذي ثم أخرجه من القمقم عام 1969 ليعلن أنه نائبه الأوحد في وقت الأزمات وتدهور حالته المرضية ليوقِّع بذلك على أن السادات : رجل المرحلة .
وهكذا تعلم السادات فن صناعة الرجال وفن التعامل مع الأزمات فصنع لنا أحمد إسماعيل علي وممدوح سالم والجمسي والباز وبطرس غالي ومصطفى خليل وغيرهم من جهابزة السياسة والإقتصاد .
كان عبد الناصر هو أستاذ رجال مرحاته .. هو المعلم كما كان السادات يحلو له أن يطلق عليه .. وحينما سُئلَ السادات بعد ضربته لخصومه في 15 مايو : كيف انتصرت على الجميع وهم يملكون بموازين القوى والوزاراة السيادية من جيش وبوليس وإعلام فقال نصاً :
أستاذنا في كده هوه أخويا جمال عبد الناصر .
فلكم تكن علاقة ناصر والسادات سوى علاقة المعلم بالداهية .. علاقة من نوعٍ خاص كان من أروع أسلحتها : الصبر والتأني المتبادل .. فناصر تحلى بالصبر في صناعة رجل الأقدار وصاحب الموعد مع النصر .. والسادات تحلى بالصبر في تحمَّل كاريزما ناصر وسلطاته المطلقة فكان الوحيد الذي استوعب الدرس من كل رفاق الثورة وتلامذة الزعيم .. فاستحق أن يصطفيه وحده نائباً له في اللحظات الحرجة والفاصلة .. وهذا لعمرك من عبقرية عبد الناصر ليوقِّع لنا التاريخ أن : السادات أفضل رجل صنعه عبد الناصر في مطبخ اللعبة السياسية فاستحق السادات لقب التلميذ الذي تفوق على أستاذه .. ” أحياناً ” .
وحتى على المستوى الأسري فهناك علاقة مصاهرة بين نجل شقيق السادات وإبنة شقيق عبد الناصر إنها علاقة ضاربة في أغوار القلوب والمشاعر والصداقة والسياسة أيضاً .
رحم الله ناصر والسادات .؟
الزعيم في منزل السادات يداعب بناته
عبد الناصر وهيكل
هيكل .. قال عنه السادات : نشأ محمد حسنين هيكل كمركز قوة آخر .. كان يتولى الدعاية للنظام .. ولكل قرارات النظام .. كان هو المخرج الفني .. وقد أشركه عبد الناصر في كل تفصيلات الأمور لدرجة أن هيكل اقتنع فعلاً بأنه شريك في الحكم .. وكانت هذه عقدته معي بعد أن توليت المسئولية .. لم يستطع أن يدرك أن مفاتيح شخصيتي مختلفة تماماً عن مفاتيح شخصية عبد الناصر .. ويبدو أنه كان متصوراً أنني غير منتبه لهذا الوضع “.
وقال عنه أنيس منصور :
هيكل رجل صحفي .. ورجل زكي .. ورجل استطاع أن يصوغ فكرنا وفكر عبد الناصر بأسلوبه .
والسادات كان يري في هيكل أنه لا يمكن أن يكون صديقاً له أو مخلصاً .. لأنه ببساطة شاف السادات وهو صغير .. بينما هيكل كان كبيراً .. لقد كان السادات يعتقد أن هيكل لا يمكن أن يخلص له مثلما أخلص لعبد الناصر الذي اصطفاه وفضله علي العالمين “
وقالت عنه دنيا الصحافة : أنه أحد أغلي رجال المهنة في العالم .
وقال عنه أهل السياسة : صحفي ” طقت في دماغه لعبة الصحافة ” .
فلماذا اصطفاه ناصر علي رجال العالمين .
هو .. أصغر رئيس تحرير لآخر ساعة وكان عمره 29 سنة في يونيو 1952 ..
وهو .. الذي نقل مقر جريدة الأهرام من حي باب اللوق إلي موقعها المتميز الحالي بشارع الجلاء .. متخذاً نفس الشكل المعماري والهندسي للصنداي تايمز البريطانية ..
وهو .. الذي رفع توزيع الأهرام من 100 ألف نسخة قبل 1957 إلي نص مليون نسخة .. وهو الذي رفع حصيلة الإعلانات من نص مليون جنيه إلي 4 ملايين جنيه في عصره .. بخلاف مشروعات استثمارية وتجارية للجريدة قدرت في عصره بـ 40 مليون جنيه ..
وهو .. الوحيد تقريباً في العالم العربي علي الأقل الذي ظل يكتب مقالاً واحداً بنفس الاسم لأطول فترة ممكنة .. حتي عام 1984 منذ دخوله الأهرام ..
وهو .. أحد أغلي رجال الصحافة أجراً في التاريخ الإنساني قاطبة ..
ليس من حملة الشهادات الجامعة العليا .. وحاور المتعلمين والمثقفين .. وقفز اسمه وتاريخه فوق موائد البحث ونظريات الدراسة .. فأصبح قِبلة للباحثين في علوم الصحافة والسياسة .. لم يكن يوماً مالكاً لجريدة أو مجلة .. فامتلك رئيس دولة بشحمه ولحمه .. وأصبح وحده مؤسسة صحفية متنقلة أينما حلَّ أو وطأ .. كان يقول ولا الضالين فيقول ناصر آمين .
إنه الإعجاز الصحافي .. الأستاذ محمد حسنين هيكل .
رجل واحد اختلفت عليه الآراء ومن هنا تأتي قيمة الأستاذ هيكل .. فهو حالة فريدة في دنيا السياسة وبصمة وحيدة في عالم الصحافة .. وخلطة سحرية قديمة وعصرية عربية وإغريقية وفرعونية غير قابلة للتكرار أو الحدوث كيميائياً في محيط الكلمة .. فماذا قالت عنه الآراء المتباينة خصوصاً في علاقته بعبد الناصر وبالتالي بالسادات ؟!
يرى الزميل ماجد حبتة :
” لم يكن مولده مختلفا عن مولد الملايين من البشر فقد كان كل شيء عاديا بل أقل من عادي وقت مجيء هذا الطفل للحياة في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1923 بحي الحسين. صحيح أن الأب تاجر الحبوب قد فرح بعض الشيء لكن فرحته كانت عادية تليق بمولود من الزوجة الثانية لرجل تعود أصوله إلى ديروط بمحافظة أسيوط.
أحلام هيكل الطفل كانت ككل أحلام الأطفال في سنه كان يحلم أن يصبح طبيبا لكن ظروفه لم تسمح له بغير الدراسة في مدرسة التجارة المتوسطة وهكذا لم ينل من أصبح ملء السمع والبصر(ولا يزال) تعليما جامعيا وتلك نقطة في صالحه ولا تنقص من قدره كما تصور خصومه.
لم يستسلم هيكل لمؤهله المتوسط؛ فقد قرر أن يتغلب عليه بدراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأمريكية وخلال فترة دراسته تعرف على “سكوت واطسون” الصحفي المعروف وقتئذ بالإيجيبشان جازيت والذي استطاع عن طريقه أن يلتحق بالجريدة في الثامن من فبراير 1942 صحفيا تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته جمع أخبار الحوادث!.
وكان هيكل وقتها في التاسعة عشرة من عمره ووقتها أيضا كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت وكان من قدر مصر أن تخوض رغما عنها حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل.
في ذلك الوقت كانت الإيجيبشان جازيت هي المطبوعة الأجنبية الأولى في مصر وكان من يكتبون فيها ملء السمع والبصر منهم مثلا جورج أرويل ولورانس داريل ووايف كوري ابنة مير كوري مكتشفة اليورانيوم أما رئيس تحريرها فكان كاتبا لا يقل قدرا عن هؤلاء هو هارولد إيرل.
مع بنات الليل بدأت نجوميته
مع قضايا بنات الليل بدأ ظهور نجم هيكل ففيما كان هيكل يطرق أبواب مهنة الصحافة صحفيا صغيرا بـ”إيجيبشان جازيت” مهمته جمع أخبار الجريمة أصدر عبد الحميد حقي وزير الشئون الاجتماعية وقتها قرارا يقضي بإلغاء البغاء الرسمي وسبب هذا القرار كان إصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل فكان أن اتفق الإنجليز وحكومة الوفد على إصدار القرار الذي أثار الجنود كما أثار فتيات الليل كان الجميع يعرفون رأي الجنود الذين لم تكن تعنيهم الأمراض وقد جاءوا إلى الحرب أي إلى الموت لكن أحدا لم يكن يعرف رأي فتيات الليل وتلك كانت مهمة الصحفي الصغير محمد حسنين هيكل.
كان تكليف الجريدة له هو أن يلتقي بفتيات الليل ويحصل من كل منهن على صورة يضعها على استمارة الاستفتاء التي وضعتها الجريدة وطبعت منها 500 نسخة كان على هيكل أن يملأ خمسها وهو ما نجح فيه بجدارة.
وهي القصة التي حكاها هيكل بنفسه في العدد رقم 546 من مجلة آخر ساعة فكتب ما نصه: “كنت أقضي فترة التمرين في “إيجيبشان جازيت” وذات يوم جاءني سكرتير تحرير الجريدة وقال لي: إن الحكومة تفكر في إلغاء البغاء الرسمي وإن الجرائد كلها تكتب في هذا الموضوع دون أن تحاول واحدة منها أن تأخذ رأي أصحاب الشأن الأول وهم البغايا أنفسهن.. وطلب مني يومها أن أقوم بسؤال مائة بغي عن رأيهن في الموضوع قائلا: إنه سيكون دليلا على مقدرتي الصحفية إذا تمكنت من استفتاء مائة بغي.. وكانت مهمة شاقة.. ولكن المسألة كانت مسألة امتحان.
وذهبت إلى الحي الذي تستطيع أن تشتري فيه كل شيء ودخلت أول بيت وأنا أفكر في الصيغة التي ألقي بها السؤال ولكن يبدو أنني لم أوفق في اختيار الصيغة لأنني خرجت من البيت الأول مشيعا بسباب وصل إلى أجدادي حتى عهد الملك مينا وحاولت.. وحاولت.. ولكن على غير فائدة وأخيرا أدركت عقم المحاولة وبدأت أفكر بهدوء وأحسست أن ثقتي في نفسي بدأت تفارقني والتفت فإذا مقهى قريب مني فذهبت إليه لأستريح وأفكر وفي أثناء جلوسي لاحظت وجود سيدة متقدمة في السن كان جميع من في المقهى ينادونها بـ”المعلمة” باحترام قل أن يكون له مثيل ووثبت في ذهني فكرة فتقدمت من السيدة وشرحت لها كل مهمتي وأثبت لها أن مستقبلي كله يتوقف على معاونتها لي وفكرت السيدة قليلا ثم قالت لي: اقعد وقعدت.
بعد لحظات نادت بعض النساء وعقد الجميع مؤتمرا لبحث المسألة وجلست أنتظر النتيجة وفجأة صاحت إحداهن: نادوا عباس ومرت فترة ثم حضر شاب سمع المسألة ثم تقدم مني قائلا: “معاك كرنيه” ولم يكن معي “كرنيه” ولا خلافه ولم يقتنع عباس ولكن المعلمة اقتنعت قائلة: “ده باين عليه ابن ناس” وهززت رأسي مؤكدا أنني “ابن ناس” جدا فبدأت ترسل في طلب النساء من المنازل حتى أتاحت لي الفرصة أن أسأل مائة امرأة وأنا جالس في مكاني أشرب القهوة على حساب المعلمة.
روزاليوسف تدعوه إلى مائدتها
وبعد نجاح هيكل في المهمة الصعبة التي وكِلت إليه كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى “العلمين” التي شهدت أشرس معارك الحرب العالمية الثانية ليصف بقلمه وقائع تلك المعارك.
ومن الحرب في العلمين إلى الحرب في مالطا إلى استقلال باريس تنقل هيكل لتردد الألسنة اسمه ليفاجأ وهو يتناول غداءه ذات مرة -بمطعم “الباريزيانا”- بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روزاليوسف تدعوه إلى مائدتها ثم إلى مجلتها ليصبح هيكل عام 1944 صحفيا في مجلة روزاليوسف التي كانت بوابة تعارفه على محمد التابعي ومن ثم الانتقال للعمل معه في مجلة آخر ساعة التي عمل بها في آخر عامين للتابعي بها قبل أن يشتريها منه مصطفى وعلي أمين وعلى صفحات آخر ساعة كتب هيكل 13 أغسطس 1947 ما جعله حديث مصر كلها ونقصد تحقيقه المصور عن “خط الصعيد” ولم ينته عام 1947 حتى اخترق هيكل وباء الكوليرا ليكتب تحقيقا عن قرية “القرين” التي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها وهكذا كان طبيعيا أن يحصل الصحفي الشاب محمد حسنين هيكل عن جدارة على جائزة فاروق أرفع الجوائز الصحفية بمصر في ذلك الوقت وكان انتقاله للعمل بجريدة أخبار اليوم التي شهدت صفحاتها -بدءا من 1947 ولمدة خمس سنوات تالية- انفرادات هيكل من تغطيته لحرب فلسطين إلى انقلابات سوريا ومن ثورة محمد مصدق في إيران إلى صراع الويسكي والحبرة في تركيا ومن اغتيال الملك عبد الله في القدس إلى اغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.
وفي 18 يونيو 1952 فوجئ قراء مجلة آخر ساعة بعلي أمين -وكان وقتها رئيسا لتحريرها- يخصص مقاله للحديث عن هيكل وينهيه بأنه قرر أن يقدم استقالته ويقدم للقراء في الوقت نفسه هيكل رئيسا للتحرير وهكذا أصبح هيكل رئيسا لتحرير آخر ساعة ولم يكن تجاوز بعد التاسعة والعشرين.
هيكل والسلطة والأهرام !
وقامت الثورة ليزداد نجم هيكل لمعانا فاقترب من جمال عبد الناصر ليصبح بعد فترة المتحدث الرسمي باسم حركة الضباط الأحرار وليكون أحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو وصاحب البصمة الواضحة في تاريخ مصر وفي تاريخ الصحافة المصرية والعربية والذي أعطى صحيفة الأهرام شكلها الحالي لتصبح أكبر المؤسسات الصحفية في العالم العربي.
وفي الأهرام كان مجد هيكل وكان مقاله المعنون له بـ “بصراحة” الذي كانت الجماهير العربية تنتظره صباح الجمعة على أحر من الجمر وفي سبيل البقاء على رأس الأهرام رفض هيكل الوزارة لأكثر من مرة حتى اضطر لقبول وزارة الإرشاد (الثقافة والإعلام) قبيل وفاة عبد الناصر وحين اشتُرط ألا يجمع بينها وبين الأهرام تركها غير آسف عليها بمجرد وفاة عبد الناصر ورفض بعد ذلك أي منصب مهما كان كبيرا طالما سيبعده عن الأهرام.
وبعد وفاة ناصر وانتقال السلطة إلى السادات الذي سانده هيكل للتغلب على من أسماهم بمراكز القوى رغم أن هيكل في النصف الثاني من السبعينيات كان خارج دوائر النفوذ؛ حيث أبعد بقرار رئاسي من الأهرام فإنه لم ينته صحفيا كما توقع كثيرون وقتها بل زادت نجوميته مخترقا الحواجز والقيود التي فرضتها عليه القيادة السياسية ليصبح واحدا من أهم 11 صحفيا في العالم تترجم كتبه إلى 31 لغة.
لقد قيل إن هيكل سيعتزل وقيل إنه يناور وقيل إنه لم يعد لديه ما يقوله وأيا ما كان الأمر وأيا ما كانت صورة هيكل في نظر المتشيعين له أو المتربصين به فإن هيكل -رغم أخطائه- حالة صحفية يصعب تكرارها .
هيكل وعبد الناصر
ثنائية التابع والمتبوع !
عبد الناصر وهيكل كانا كـ طرفي مقص بينهما توأمة يعضد كل منهما الآخر .. ودوماً في حالة تلاقي وعناق محموم .. ويقول الخبثاء أن هذه العلاقة كانت فقط ” من أجل القص واللزق ؟!! ” وصياغة الأحاديث والخطب والأفكار !!
فهل عبد الناصر مهندس الأفكار الثورية والتنظيرات السياسية كان بحاجة لهيكل ؟!
أم أن هيكل كان بحاجة لبريق ثائر ونور ثورة وأضواء كوكبة صنعوا مرحلة وأناروا حقبة فالتصق بناصر من أجل البريق ؟!!
أم أن هيكل شارك في إضافة شمعة مضيئة للثورة والثائر ؟!
استفهامات هامة بحاجة لإجابات مقنعة .
…
فماذا قالت معارك إختلاف الآراء في ذلك وكيف تناطحت الرؤى في كيفية تصور العلاقة بين ناصر وهيكل ؟!
يقول الزميل أيمن شرف :
” في 23 سبتمبر 2003 يبلغ هيكل 80 عاما بحصيلة غزيرة من المقالات يصعب حصرها وبعدد كبير من الكتب السياسية المتنوعة في معالجاتها ما بين التأريخ والتحليل السياسي والتوثيق للأحداث والشخصيات معظمها تقريبا يتعلق بالفترة ما بين أوائل الخمسينيات وأوائل الثمانينيات التي كان فيها هيكل قريبا من عبد الناصر والسادات من بعده وتوفرت له فيها معلومات ووثائق وصلات وعلاقات أتاحت له معينا من مادة للكتابة عنها وتحليلها وقراءتها وإعادة قراءتها في ضوء مستجدات من المعلومات. عكف عليها هيكل بدأب شديد واكتنز منها ما اكتنز لنفسه وحجب منها ما حجب انتظارا للحظة مواتية وغلفها بأسلوبه الأدبي الرشيق وانتقالاته السلسلة ليحفر اسمه في عقول كثيرين من قرائه وبعد خروجه من السلطة (أي خروجه من الأهرام ومن رفقة العمل مع السادات كلية أواخر 1974) ظل هيكل حريصا على إنعاش خزين معلوماته بالجديد من الوثائق في الخارج وتحديدا ما يفرج عنه من أرشيف الأجهزة الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبالجديد من الكتب والمقالات التي تنشر في الخارج وتتعلق بموضوعات اهتمامه عن مصر والمنطقة العربية.
ناصر.. القيد الذي حرص هيكل ألا يكسره
وإذا كان هيكل قد أطل بوجه الناقد على الأحوال السياسية في الداخل والمحلل لأحوال الخارج وخاصة أمريكا وإسرائيل والعرب خلال السنوات الثلاثين الأخيرة تقريبا فإن الملمح العام للصورة الذهنية عنه ظل علاقته الخاصة بعبد الناصر وارتباط اسمه بالرجل وهي العلاقة التي حرص هيكل لزمن طويل على ألا يفسدها بنقد أو بمراجعة لتاريخ عبد الناصر وقراراته من النوع الذي قد يؤدي لإسقاط ظلاله على الصورة المضيئة لعبد الناصر ولهيكل بالتبعية وظل هيكل إما مدافعا عن كل الأخطاء أو متجنبا الحديث عنها إيثارا لسلامة صورته وإذا كان الأمر ليس على هذا النحو فهل يا ترى كان هيكل أو ما زال مؤمنا ومخلصا لمجمل الأفكار التي تبناها عبد الناصر؟ وما سر الاقتراب بينهما طوال تلك الفترة منذ الثورة في 1952 وحتى الوفاة في 1970؟ ولماذا لم يفترقا أو تحدث بينهما قطيعة ثم خصومة لدودة كما حدث بين هيكل والسادات في منتصف السبعينيات؟
محاولة الإجابة تحتاج إلى تساؤل أساسي هو: هل كان لدى هيكل في بداياته أو قبل تعارفه بعبد الناصر أفكار أو اهتداءات عامة تجعل الرجلين متقاربين إلى الدرجة التي بدت بعد ذلك؟ الحقيقة أن كتابات هيكل المنشورة قبل يوليو 1952 لم تكن تظهر على الإطلاق أن لصاحبها توجها سياسيا محددا أو رؤية فكرية معينة بل إنها كانت في غالبها بعيدة عن الشأن السياسي المحلي المباشر ولم يكن هيكل معروفا ككاتب سياسي (منغمس في الشأن الداخلي بمفهوم ذلك الزمان) مثلما كان حال الآخرين وحتى ما ذكره عن تعارفه مع عبد الناصر قبل الثورة وحوارات دارت بينهما لم تكن تكشف عن حوار بين عقلين ورؤيتين متقاربتين أو متباعدتين وإنما كان موضوعها مجرد تحليل لمواقف الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية (الإنجليز والقصر والوفد).
بداية مجهولة لعلاقة ناصر بهيكل
(هذا على الرغم من أن قصة التعارف التي ذكرها هيكل عقب حرب 1948 كلها محل شك بناء على أكثر من شهادة من بينها شهادة جلال ندا أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في حرب 1948 وعمل في جريدة الأخبار بعد إصابته فيها تحت رئاسة مصطفى أمين وتعرف إلى هيكل وقتها والذي قال -والعهدة عليه- إنه كان وهيكل في منزل محمد نجيب في 18 يوليو 1952 وحضر عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ويوسف صديق وانتحى بهم نجيب في إحدى الغرف وسأل هيكل رفيقه الضابط السابق جلال ندا: مَنْ يكون هؤلاء؟ فأجابه. وبعد أن خرج الثلاثة من الغرفة عرف ندا كلا من عبد الناصر وهيكل ببعضهما البعض؛ وذلك ينفي كل ما جاء على لسان هيكل في مقاله بالأهرام 11 فبراير 1971 عن حوارات وتعارف بعد حرب 1948 وأن ناصر زاره في مكتبه في الأخبار قبل الثورة طلبا لنسخة من كتابه “إيران فوق بركان”… إلى آخره من روايته التي اعتبرها ندا في مقال منشور في الأخبار محض اختلاق وادعاء).
ومن الطريف أيضا أن هيكل كتب في “روزاليوسف” 17 فبراير 1944 وفي 11 مايو 1944 مقالين بعنوان “إنه الفاروق” و”في يوم عيدك يا مولاي” لم يجد الكاتب عادل حمودة -أحد حواري هيكل- ما يعتذر به عنها في كتابه “هيكل-الحياة.. الحرب.. الحب” سوى القول “وعندما نقرأ المقالين لا يجوز أن نحاسب صاحبهما بأثر رجعي” وكتب هيكل أيضا في مجلة اسمها “الجيل” عدة مقالات أخرى قبل الثورة كان عنوانها “هيا بنا إلى القصر الملكي” وربما تكفي العناوين للتدليل على المحتوى الذي لا يتعدى رسم صورة وردية لحسن أخلاق الملك والأمراء والأميرات من أبناء الأسرة المالكة وعهدها بما يوحي بأن هيكل لم يكن أبدا مختلفا معه! ووفقا لتقرير رسمي موقع باسم حكمدار مصر بتاريخ 16 فبراير 1948 بناء على طلب إدارة المطبوعات للتحري عن متقدم بطلب انضمام لنقابة الصحفيين اعتبر محمد حسنين هيكل الذي يزاول مهنة التحرير بدار أخبار اليوم منذ ثلاث سنوات تقريبا حسن السير والسلوك وليس له لون سياسي.
هيكل لم يكن ثوريا بل مغامرا
الحقيقة أن هيكل سعى للإقتراب من السلطة الجديدة ممثلة في شخصين أساسين هما عبد الناصر ومحمد نجيب ووفق مع الأول ولم يوفق مع الثاني فحسب خطاب مرسل من محمد نجيب إلى إحسان عبد القدوس رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة أخبار اليوم عام 1972 ردا على ما اعتبره قدحا من هيكل في شخصه حين أشار إليه في مقال بالأهرام بتعبير “أشباح الماضي” قال نجيب إن نقد هيكل له لا يستند لأسباب سياسية وإنما لأسباب شخصية فقد ذهب هيكل إلى بيته عدة مرات يطلب حوارا صحفيا وتركه نجيب مع الحرس ورفض مقابلته بناء على نصيحة من المخابرات الحربية “بعدم الجلوس مع شخص يتعامل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ولأنه كان يتقاضى مقابل إعلانات من عبود باشا في صحيفة آخر ساعة وأخبار اليوم”. وكذلك ذهب هيكل وألح على باب عبد الناصر فينقل محسن عبد الخالق أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار عن عبد الناصر في بدايات الثورة قوله: “كان يجلس في المكتب الملحق بمكتبي صباحا وظهرا ومساء وضايقني هذا الإلحاح وذات يوم اتجهت إليه مباشرة وسألته ماذا تريد؟ فأجاب: مجرد حديث معك” ووافق عبد الناصر وبعد دردشة وحوار انصرف هيكل وفي المساء عاد إلى مكتب عبد الناصر يستأذنه في أن يقرأ الحوار بعد أن كتبه وكان تعليق عبد الناصر لمحسن عبد الخالق بعد ذلك “هيكل استطاع أن يقرأ -حتى- أفكاري التي كنت أتمنى أن أبوح بها”.
وما فعله هيكل في الحالتين يتسق تماما مع شخصه وطموحه وذكائه (ولا يتسق بالضرورة مع أفكاره فلم يكن هيكل في ذلك ثوريا أو مفكرا وإنما صحفيا مغامرا صاحب قلم رشيق لا أكثر) ولا يتسق مع آخرين رفضوا أداء هذا الدور دور “صحفي السلطة” من نجوم الصحافة في ذلك العهد الذين كانوا يتعاملون تعامل الند وكانت لديهم أفكارهم ومواقفهم التي يختلفون فيها مع عبد الناصر والنظام الجديد وكانوا مستعدين أيضا لدفع ثمن الخلاف سواء كان تهميشا أو إغلاقا أو رفتا أو حتى سجنا بينما لم يكن هيكل كذلك وربما أن تلك السمة إلى جانب موهبته في التعبير عن عبد الناصر حتى إنه قال: إن”هيكل ساكن في رأسي” كانت مفتاح العلاقة فيما كان آخرون من الكتاب والصحفيين البارزين يتصادمون معه.
هيكل وعبد الناصر توأم ملتصق
وعلى الرغم من أن الفترة بين 1952 و1970 كانت حافلة بالأحداث والمجريات التي تحتمل الخلاف حتى بين توأم ملتصق لهما نفس مشارب المعارف والأفكار ما لم يكن أحدهما تابعا والآخر متبوعا.. من منا يذكر موقفا اختلف فيه هيكل مع عبد الناصر اختلافا مبدئيا أو جذريا -بعيدا عن مقال كتبه هيكل هنا أو هناك أثار زوبعة أو مشكلة في بلد عربي مثل مقاليه بخصوص السودان عقب انقلاب عبود وبخصوص الجزائر عقب انقلاب بومدين واللذين يوحيان ربما أن عبد الناصر لم يكن يتدخل فيما يكتبه ما دام لا يختلف أو يتصادم معه وأن هيكل يتحرك في كتابته في إطار هامش يستشعره عن بعد وقد يخونه التقدير ذات مرة ولكنه يضبط نفسه وفق رؤية الرئيس في معظم الأحوال.. المرة الوحيدة التي بدا فيها هيكل مختلفا مع عبد الناصر اعترف هيكل أن موقفه كان شخصيا لرغبته في استكمال مشروعه لتطوير الأهرام عندما تعارض ذلك مع فكرة مشروع ناصر لتأميم الصحافة وتوصل معه هيكل إلى حل وسط. وليس مطلوبا أن يستل هيكل مسدسا ليصوبه إلى رأس صاحبه ما لم يوافقه رأيه ولكن لا يحق له أن يقول إنه دافع ضد تأميم الصحافة حرصا على المهنة بكل ما يملك فهو لم يكن يملك شجاعة الرفض الكامل أو حتى الحجة الوجيهة التي يقنع بها عبد الناصر (كما قال هو فعلا إن منطق ناصر كان يغلبه).
ويبدو أننا نطلب شيئا مستحيلا لو ظللنا نفترض أن هيكل كان من أهل المواقف الذين يستميتون دفاعا عنها.. فها هو ذا النظام يصطدم مع التيارين الإسلامي والشيوعي ويرتكب خطيئة الحبس والتعذيب (بعد أن غيب ديموقراطية لم يكن راضيا عنها نتيجة لفساد الأحزاب والحياة السياسية عموما وربما كان لديه الحق في ذلك لكنه لم يحل محلها تنظيما سياسيا حقيقيا وصراعا سياسيا حيويا وتقاسما للسلطات وفصلا كاملا بينها -ولم ينتبه إلا بعد وقع الهزيمة المريرة في 1967 إلى “ضرورة تحرير الناس من الخوف” على كل المستويات.. ها هو ذا النظام يعتقل ويعذب ولا يتحدث هيكل وليته صمت وإنما سطر مجموعة من المقالات حولها بعد ذلك كتابا عن أزمة المثقفين يدينهم فيها ويبرر موقف السلطة ويبرر حظوة أهل الثقة على حساب أهل الخبرة
ناصر وهيكل
تراجيديا الفرعون والكاهن !
ويبقى السؤال :
ماذا عن المنطقة المحرمة بين ناصر وهيكل ؟!
كيف عاش هيكل في أنوار جمال عبد الناصر وخرج إلى الظلام الدامس في غياهب أنور السادات ؟!
أستاذي الكبير صلاح عيسى له تعبيراً رائعاً في وصف علاقة ناصر بهيكل هو : الفرعون والكاهن !!
فماذا قال عن تلك العلاقة الغامضة ؟!
…
” لا بد أن مؤرخي الأجيال القادمة سيحتارون طويلا إذا ما عَنَّ لأحدهم أن يقيم الأدوار التي لعبها “محمد حسنين هيكل” على مسرح الصحافة والسياسة المصرية والعربية.. إذ المؤكد أنهم سيضلون الطريق إلى “هيكل” بين جبال من التفاصيل وتلال من الأكاذيب ومتاهات من أدوات المكياج.
ومشكلة البحث عن “هيكل” أن فصل الذروة في عمره كان مضيئا بشكل يعمي عن الرؤية.. ففي تلك السنوات الثماني عشرة التي انتهت في 28 سبتمبر 1970 – كان هيكل ملء السمع والبصر لا يغادر الخشبة ولا تخطئه أعين المتفرجين.. لا تكف تليفونات مكتبه عن الرنين ولا تخلو غرفة سكرتيرته الشهيرة “نوال المحلاوي” من الزائرين: ملوك ورؤساء جمهوريات وساسة ووزراء ومناضلين وسفراء وكتاب ومفكرين وطالبي حاجات ينتظر بعضهم بالساعات بلا ملل ولا شكوى بل ويمتنعون باختيارهم عن التدخين؛ لأنه يضايق “نوال المحلاوي”.
كان باختصار تحت كل أضواء الدنيا كما يليق برجل كان يوصف -آنذاك- بأنه أقوى رجل في مصر بل في الشرق الأوسط. ولعل الوهج الزائد عن الحد الذي كان يشع منه وحوله في تلك السنوات العجيبة – هو الذي جعل أكثر الفصول إضاءة في عمره أكثرها غموضا وأحفلها بالظلال ومناطق العتمة.
كواليس هيكل
وليست أصول صنعة التاريخ هي وحدها التي ستفرض على هؤلاء المؤرخين المساكين العودة إلى الفصل التمهيدي الذي سبق دخول “هيكل” إلى خشبة المسرح في 23 يوليو 1952 وهو فصل استغرق عشر سنوات بدأت في عام 1942 كان “هيكل” خلالها مجرد صحفي بين صحفيين استهل حياته الصحفية وهو في التاسعة عشرة محررا عسكريا في “الإجبشيان جازيت” ثم انتقل منها بعد عامين ليعمل في آخر ساعة. وبعد عامين آخرين وفي عام 1946 يشتري أولاد أمين – التوأمان “علي” و”مصطفى” المجلة من أستاذهم محمد التابعي فينتقل الثلاثة التابعي وآخر تلامذته هيكل والمجلة إلى دار أخبار اليوم وهناك يستقر هيكل صحفيا بين صحفيين لا هو أشهرهم ولا هو أخملهم لكنه كان بالقطع أذكاهم!
تلك عودة لا مفر منها للماضي سيقود المؤرخين إليها فضلا عن أصول الصنعة الأمل في العثور على قبس من نور يضيء عتامة أحداث سنوات الذروة وهو أمل لا بد أن يقود هؤلاء المؤرخين التعساء إلى فصل الختام الذي انطفأت بعده أضواء المسرح وأنوار الصالة ولم يبق سوى تصفيق بعض المتفرجين وصفير الآخرين وصمت الأغلبية التي عودتها المحن أن تداوي بالنسيان كل الجراح!
صداقة الكاهن مع الفرعون الشجيع
ومن سوء حظ هؤلاء المؤرخين أن حظ هيكل قد دفعه إلى المسرح ليلعب البطولتين الأولى والثانية في مسرحية واحدة تنتمي لزمن واحد فكان “الجان بريمييه” في الصحافة “وصديق الشجيع” في السياسة.
وما إن أسدل الستار على المسرحية حتى اختلف الناس على الزمن ذاته. فقال الكارهون وطالبو الدم شائنين: هذا زمن الرعب النقي والقهر المصفى وقال الوالهون غراما: بل زمن العظمة التي لم تلد ولم تولد.. وفي ضجيج المناظرة ضاعت أصوات خافتة اغتصب أصحابها نصف ابتسامة.. وذرفوا الدمع من عين واحدة وقالوا:
– إنه زمن عبد الناصر آخر الفراعنة الأفذاذ ذلك الذي كان عظيم المجد والأخطاء وليس “هيكل” سوى كاهن تعس الحظ مات فرعونه قبل الأوان وتركه وحيدا بين جدران المعبد وقد انفض المرنمون وهرب المصلون وتغير اتجاه طوابير الذين جاءوا يوفون بالنذور ولم يبق سوى الكاهن الأعظم يطلق البخور ويتلو التعاويذ وينشر الوثائق ويعد أسانيد الدفاع.. فسبحان الذي بيده الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير!
وهكذا يتعقد الطريق إلى هيكل وتكثر فخاخه وتتداخل الحدود بين معالمه وعوالمه.. مع أن هيكل كظاهرة تاريخية ليس أكثر من تنويع على ثنائية مصرية شهيرة وكثيرة التكرار – هي ثنائية الفرعون والكاهن فهكذا كان حظنا أو هكذا كانت عبقرية المكان الذي نحتله على خريطة الدنيا أن يحكمنا دائما فرعون قد يأتي فيملؤها عدلا ونورا أو يأتي فيملؤها ظلما وجورا لكنه في كل الأحوال معبود بقوة القهر أو قوة الحب أو قوة النهر الذي فرض علينا دائما أن نخضع لقوة مركزية جبارة تحفظ الاستقرار وتنظم تدفق المياه في ملايين من قنوات الري التي تخرج منه حتى لا يجتاحنا الفيضان أو يقتلنا الجفاف لذلك كان منطقيا ألا يستغني الفرعون عن كاهن يعطي الروح لقوة القهر وقوة الحب ويبشر ويفسر ويزين ويدافع ويهاجم ويحشد المصلين في بهو المعبد.
وهكذا كان عبد الله النديم كاهن أحمد عرابي وترجمانه إلى قلوب الناس وكان بسيطا كزعيمه ومخلصا وسيئ الحظ مثله!
وكان عباس العقاد هو الكاتب الجبار للزعيم الجبار سعد زغلول يدافع عنه ويشن الغارات على أعدائه ويطلق نيران قلمه الجبار عليهم فتتناثر جثثهم على صفحات الصحف.
وكان محمد التابعي هو صحفي مصطفى النحاس حارب إلى جواره بالمانشيت والخبر والمقال القصير والتعليق الساخر!وكان هيكل كما قال هو نفسه آخر تلامذة محمد التابعي.
هيكل في مدرسة التابعي
وخلال السنوات التي قضاها مع التابعي ثم مع أولاد أمين كان يراقب بذكائه المشع قوانين لعبة الفرعون والكاهن يدرسها عن قرب ويحللها بعمق ويحفظها ظهرا عن قلب وكان محمد التابعي قد لقن تلامذته أن الصحفي يمكن أن يكون صاحب جلالة حقيقية وملكا يملك ويحكم دون أن يغادر مقعد رئيس التحرير؛ لأن الصحافة صاحبة جلالة فعلية فطالما أن الفرعون لا يستغني عن الكاهن ولا يعيش دونه فمن واجب الصحفي أن يرتقي بمهمته ومهنته من مجرد نشر الأخبار إلى المشاركة في صنعها ومن حقه أن يكون طرفا في تخليق الحدث الذي ستقع على عاتقه مهمة تزيينه أمام الناس أو تفسيره لهم وذلك ما كان يفعله التابعي المعجباني المفتون بذاته الذي يعرف قيمة وتأثير وسحر كهانته فكان يشارك في تشكيل الوزارات وفي حل الأزمات وفي تدبير الانقلابات.
وحين انتقل هيكل إلى أخبار اليوم وعرف صاحبيها علي ومصطفى أمين وجد نفسه قريبا إلى الجيل السابق عليه من تلامذة “التابعي” وعاين عن قرب عالم الكهانة. وعرف صورة منها في فتوتها.. فقد كان “أولاد أمين” هم نجوم ذلك الزمن. كان علي ومصطفى أمين يمرحان في أبهاء القصر الملكي ويصادقان الحاشية ويتصلان بالوزراء. ويستقبلان السفراء والزعماء ويعرفان أسرار المفاوضات ويحملان الرسائل بين أبطال المسرحية ويطلعان على ما يجري في غرف النوم وما يدور بين الفراعين من صراع على اللحم والدم والعواطف ويطلقان البخور بين أعمدة الهيكل.
وربما يُدهش كثيرون لأن هذا الفصل التمهيدي من عمره قد انتهى وهو مجرد عضو منتسب في نادي الكهانة فانتصرت ثورة يوليو وهو لا يعرف من فراعين “العهد البائد” سوى اثنين أو ثلاثة من فراعين الدرجة الثانية كان بينهم “علي الشمسي باشا” و”نجيب الهلالي باشا” لعله تعفف العاجز المغلوب على أمره ففي تلك السنوات كان المعبد مزدحما بديناصورات الكهان: أولاد أمين وأولاد أبو الفتح وفارس نمر وفكري أباظة وكريم ثابت وكان الصراع محتدما بين ديناصورات الفراعين: الملك فاروق والسفير البريطاني ومصطفى النحاس وأحزاب الأقلية.
ولأن “هيكل لم يكن يوما أحمق فإنه لم يقتحم الحلبة ليصارع على مرتبة الكاهن الأعظم ربما لأنه أدرك بواقعية أنه يكاد يخلو من كل الأسلحة التي تؤهله لخوض الحرب فهو لم يولد كأولاد أمين في بيت سعد زغلول ولم يتعلم في جامعة جورج تاون وجامعة شيفلد كما تعلما ولم تحمله الملكة الوالدة و”تهشكه” وهو شرف ناله التوأمان وهما رضيعان ولم ينله هيكل فكل مؤهلاته أنه ابن أسرة مستورة تنتمي للشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى وكل شهاداته هو دبلوم التجارة المتوسطة ودبلوم في القانون والإعلان حصل عليه بالمراسلة من أحد المعاهد الأجنبية ودرس سنتين بقسم الدراسات الاقتصادية بمدارس الليسيه الفرنسية ولعله لم يقتحم الحلبة أيامها ليحصل على مكانة الكاهن الأعظم؛ لأنه أدرك أن عرش الفرعون الأعظم خالٍ وكان معنى ذلك أن الصراع الذي يدور على موقع الكاهن الأعظم هو مجرد حماقة أما معناه الأعمق طبقا لقوانين التاريخ المصري فهو أن قمر الزمن قد أوشك أن يدخل في المحاق وقد كان.
هيكل يتربع على عرش الكهانة
هوى قمر الزمن الماضي ليطمره المحاق وزحف الفراعين الشائخون يتوكئون على عكاكيزهم وفي معيتهم زحف شيوخ وشباب الكاهن وقبلة الكل معبد الفرعون الجديد في ذلك المبنى الذي ما يزال إلى الآن يحمل اسم مجلس قيادة الثورة وشعار الجميع مات الملك عاش الضباط الأحرار وبينهم كان هيكل أصغرهم سنا وأكثرهم ذكاء وطموحا وأبعدهم عن شبهات هؤلاء الضباط الشبان الخشنة الوجوه والملابس والكلمات؛ ولأنه كان مجرد عضو منتسب في نادي كهان الزمن المنهار فإن الشبهات التي أحاطت بدار أخبار اليوم مركز الكهانة الرئيسي للفرعون المخلوع لم تلحقه مع أنه كان أحد كواكبها اللامعين وفي اليوم الثاني للثورة كان كبيرا الكهنة مصطفى وعلي أمين يعتقلان بسبب وشاية لم يتثبت منها أحد وكان هيكل يذهب في صحبة الأستاذ التابعي ليتوسط للإفراج عنهما ومع أن المياه قد عادت إلى مجاريها وساد الوئام بين الفراعنة الجدد وبين أخبار اليوم وكهانها إلا أن الشبهات التي أحاطت بالكاهنين الكبيرين كانت مؤشرا على أن فراعنة الزمن القادم ينظرون بريبة إلى كهنة الزمن المنهار.
سبحانك اللهم.. “تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ”.
سقطت معظم الحواجز التي كانت تقف بين “هيكل” وبين عرش الكهانة الذي أصبح الآن – 1952 – خاليا!
كان الفراعين الجدد أولاد عائلات مستورة مثله ولم يكن أحدهم قد نال شرف “تهشيك” الملكة الوالدة!
وكان الكهنة القدامى قد خرجوا من السباق بعد أن قعد بهم الروماتيزم وقيدتهم الشبهات فلم يتحركوا من مكانهم على الخشبة!
وكان الزمن القادم يبحث عن كاهنه وشاعره ومغنيه!
أما المنافسون الحقيقيون فقد كانوا الفرسان الذين شاغبوا على الزمن القديم وشنوا الغارة ضده وكان بينهم ثلاثة على الأقل يعرفون كثيرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة معرفة وثيقة إبان سنوات الإعداد لها ويصادقون “عبد الناصر” و”عبد الحكيم عامر” و”صلاح سالم” والآخرين. لمع من بينهم في العامين السابقين على الثورة “إحسان عبد القدوس” صاحب معركة “الأسلحة الفاسدة” و”أحمد أبو الفتح” بطل معركة قوانين تقييد حرية الصحافة و”حلمي سلام” صاحب الحملة على فساد إدارة الجيش.
ذلك سباق لم يكن لهيكل مكان فيه فقد قامت الثورة وتقارير القلم المخصص تقول عنه إنه “بلا لون سياسي”. ومع أنه قد عمل في “الإجبشيان جازيت” ذات الصلة التاريخية بدار المندوب السامي البريطاني وفي “آخر ساعة” المجلة الوفدية المتشددة ثم في “أخبار اليوم” جريدة القصر فإنه دخل هذه الصحف كلها وخرج منها وقد حافظ على “نقائه السياسي” فظل بلا “لون”!
والغريب أن هذا السباق انتهى فجأة بعد عامين فقط من قيام الثورة إذا بهيكل الذي لم يشغب على العهد القديم ولم يصنف بين الثائرين عليه يفوز بمنصب الكاهن الأعظم أما “أحمد أبو الفتح” فقد أغلقت جريدته “المصري” وهاجر ليعيش في المنفى عشرين عاما وتحطمت ذراع وضلوع “إحسان عبد القدوس” إبان تلقيه لدروس في الكهانة في إحدى زنازين السجن الحربي. وكان “حلمي سلام” يلهث هناك في آخر الطابور حتى جاء اليوم الذي قادته فيه الرغبة في الانتصار على “هيكل” إلى حماقة سارت بذكرها الركبان!
في تلك السنة -1954- أثبت الفراعين الجدد أنهم “أولاد آمون” حقا فإنهم يفضلون هؤلاء الذين بلا لون؛ لأنهم سيخلقون لونهم الخاص من ناحية ولأنهم – وهذا هو الأهم – لا يريدون شغبا يفسد عليهم الاستقرار الذي يريدونه لصنع مصر التي يريدون!
مرحلة الوهج في حياة هيكل
وهكذا بدأت سنوات المجد التي كان وهج هيكل خلالها يكاد يعمي الأبصار واحتل الفتى الريفي القادم من “باسوس” أقرب مكان إلى القمة.. وتخلق لأول مرة وبشكل يكاد يكون مثاليا حلم محمد التابعي في أن يصبح الصحفي صاحب جلالة حقيقية.. فجلس “هيكل” – آخر تلامذته – على مقعد بجوار عرش الفرعون الذي جاء من قرية “بني مر” ليملأها عدلا ونورا بعدما ملئت ظلما وجورا !
لم يحصل “هيكل” على كرسي الكهانة بالصدفة بل تطبيقا لقوانين التاريخ.. ولأن عبد الناصر لم يكن فرعونا تافها فإن كاهنه كان مقتدرا وذكيا وموهوبا بالفطرة ورث كل علوم الكهانة من عصر “مينا” فلم يبدد ما ورثه بل أضاف إليه وطوره وعصرنه.. ولا بد أن الذي ساعده على الإتقان إحساسه الصادق أن كهانته كانت – في الأغلب الأعم – تدافع عن قضايا معظمها حق وعدل وسوف يمضي زمن أطول مما يقدر أكثرنا تفاؤلا قبل أن تتكرر ثنائية “الفرعون” و”الكاهن” بهذا المستوى الرفيع ذلك أن “هيكل” لم يمارس دوره بمنطق الكهنة المأجورين بل بروح العشاق المفتونين فسخر كل مواهبه في خدمة الفرعون الذي جاء من هناك -حيث الكل في واحد- يصوغ له الخطب والرسائل ويؤلف له كتابا في الفلسفة وميثاقا في العمل الوطني وبيانا في 30 مارس ويقرأ عليه الكتب وبرقيات وكالات الأنباء ويلخص له الصحف والإذاعات ويسفر بينه وبين ساسة العالم ودبلوماسييه وصحفييه ومناضليه وأفاقيه ويخرج له قراراته الكبرى بشكل يعجز عنه أكثر المخرجين المسرحيين اقتدارا ويكتب عنه وله كل أسبوع “ترانيم يوم الجمعة” فيزود المريدين بنشيد يترنمون به في هيكل المعبود وينحت له تلك الكلمات الإسفنجية التي تمتص دموع الكوارث وترفع من لعلعة زغاريد الانتصار فهو الذي سمى كارثة الانفصال “نكسة” وهو الذي أطلق الاسم ذاته على هزيمة يونيو 1967 وهو صاحب التعبير الشهير الذي نشر على لسان المشير “عبد الحكيم عامر” قبل الكارثة بأيام: نحن نملك أكبر قوة ضاربة ورادعة في الشرق الأوسط.
العاشقان .. عبد الناصر وهيكل
ويقبل الليل فلا ينام “هيكل” بل يظل قابعا بجوار التليفون الأبيض الذي يصل بينهما فإذا رن جرسه الموسيقي.. بدأت مساورة الليل بين الاثنين.. وتواصلت الساعات كما يفعل الرومانسيون من العشاق .
ولعل “هيكل” هو الوحيد ممن كانوا حول عبد الناصر الذي ظل نجمه يعلو في اطراد ولعله الوحيد الذي نجا من آثار المعارك الدموية التي كانت تدور في كواليس القصور وبين مراكز القوى ومديري المكاتب مع أن كل الذين كانوا حول عبد الناصر كانوا يحسدون هيكل على مكانته لديه ويكرهونه لذلك ويرفضون بدرجة من التعالي فكرة أن يكون هذا الصحفي المدني أكثر قربا لعبد الناصر منهم! وكان ما يرفضونه هو أحد أسباب تمسك عبد الناصر بهيكل إذ كان أقرب ما يكون لوجه مدني لثورة 23 يوليو أمام الذين لا يستريحون -أو لا يثقون- في الانقلابات العسكرية.. ثم إنه كان نافذة أرحب على العقلية المدنية التي تفتقدها الأجهزة الحساسة المعاونة لعبد الناصر وبهذه العقلية المدنية وبقربه من عبد الناصر استطاع “هيكل” أن يوقف كثيرا من المهازل أو المظالم والكوارث واستطاع -وهذا هو الأهم- أن يثبت أن المجتمع المدني المصري ما زال قادرا على أن يقود بحكمة ويدير برشد لذلك خاض ببسالة معركة تجديد “شباب الأهرام” فلم ينجح خلال فترة رئاسته لتحريرها “1957 – 1974” في وقف خسارتها فحسب بل نقلها إلى الربح ثم الازدهار ورفع توزيعها من مائة ألف نسخة عام 1958 إلى 420 ألف نسخة عام 1974.
الأهرام سفينة نوح
في تلك السنوات جعل “هيكل” من “الأهرام” أشبه بسفينة نوح وحشد فيها ألمع ما في الوطن من عقول ومواهب وكفاءات وآراء وأضفى على العاملين بها بعض حصانته ومنحهم -على مسئوليته- جانبا من الترخيص الممنوح له فعبروا بشيء من الحرية وفي أحوال ليست كثيرة عن آرائهم حتى تحولت إلى مركز عصري للكهانة يزدحم بالعلماء والأدباء والمفكرين والفنانين وأصحاب المذاهب ومن كل صنف زوجين اثنين.
لكنها رغم كل ذلك ظلت -كسفينة نوح- جزيرة صغيرة تائهة بين أمواج عالية كالجبال تحاصرها من كل الجهات.
“هيكل” لم يكن يستطيع – في ظل موازين القوى التي كانت تحيط به – أن يفعل أكثر مما فعل ولعله أيضا لم يكن يريد!
والواقع أن “هيكل” لم يكن يوما من هؤلاء الشباب الطائشين الذين يتوهمون أن الواقع يمكن أن تغيره مظاهرة أو تعيد تشكيلة خلية ثورية وكان هذا أحد أسباب بقائه بلا لون سياسي حتى قامت الثورة مع أن اللعب بالبالونات السياسية الملونة كان الموضة السائدة في مصر الأربعينيات… وبين جيله من الصحفيين والكتاب… إذ كان من ذلك النوع الذي يؤمن أن التأثير في القمة أضمن وأسهل وأكثر إدراكا للهدف من الاعتماد على تلك الكتل من الجماهير غير الواعية التي لا تعرف ما تريد والتي صعب الاطمئنان إليها أما وقد جلس على مقعد الكاهن الأعظم وأصبح أقرب ما يكون إلى التأثير في هذه القمة فقد اكتفى بذلك. وبعد أن مات عبد الناصر قال “هيكل”: إن العلاقة بينهما كانت علاقة حوار مستمر لكنه لم يقل إن دائرة الحوار الكهربائية كانت مغلقة عليهما.. ولعلهما كانا الوحيدين اللذين يتحاوران في ذلك الزمن البعيد المجيد!
الكاهن بعد موت فرعونه
وقد خرج فيما بعد بنظرية تقول إن عبد الناصر لم يكن في حاجة إلى حزب يعتمد عليه وينظم جيوش المريدين الذين تدفقوا بعشرات الملايين إلى حضرته إذ كان لديه هذا الحزب ممثلا في أجهزة إعلامه القوية التي كانت تقوم بما يقوم به الحزب وتلك قمة كهانة هيكل فالشعوب في رأيه خلقت لتسمع وتقرأ لا لتتكلم أو تكتب والكاهن هو “حزب” الزعيم أو هو “شعب” الفرعون.. أما عبارات ومصطلحات.. مثل “الشعب المعلم” و”الشعب القائد” و”إرادة شعبنا” -وهي بالنسبة له أمر لا يرد- التي صاغها “هيكل” وألقاها عبد الناصر فلم تكن سوى دليل على تفوق “هيكل” في كتابة الإنشاء!
وهكذا تحولت العلاقة بين الفرعون والكاهن إلى صداقة عميقة واندماج فعلي وكانت الكهانة المقتدرة قد صنعت من الانتصارات التي توالت في سنوات المد أساطير أحاطت رأس الفرعون بأكاليل الأزهار وفي نهاية ذلك الزمن الذي بدا وكأن الفرعون قد دمج نفسه في الكاهن وأن الاثنين قد دمجا الوطن فيهما وأن الذي جاء من هناك حيث الكل في واحد قد انتهى إلى هناك حيث الكل -أيضا- في واحد! وكانت النكسة تزحف -كالقدر- بخطى حثيثة لتهدم المعبد على رءوس الجميع.
وجاء اليوم الذي مات فيه عبد الناصر قبل الأوان
خلا المعبد من الفرعون القوي القادر المعبود انفض سامر المريدين وصمتت أصوات المرنمين وبقي الكاهن وحيدا تحيط به عواصف من كراهية كل الذين أحفظتهم مكانته من الفرعون الراحل. وفي ذكرى الأربعين لوفاة الفرعون -وهي تقليد فرعوني- كتب “هيكل” مقاله الشهير “عبد الناصر ليس أسطورة” الذي حكم فيه بأن الزعيم الخالد – هكذا كان “عبد الناصر” يسمى رسميا أيامها – كان واحدا من البشر وليس أسطورة وأنه لم يترك معبدًا ولم يعين للمعبد كهنة.
وكان المقال واحدا من ذرى كهانة “هيكل” المقتدرة أراد أن يضرب به ثلاثة عصافير بحجر واحد فينزع من مجموعة “علي صبري” فضلا كانت قد نسبته لنفسها بزعمها أنها تضم تلاميذ عبد الناصر ومريديه والأمناء على رسالته ويرضي السادات الذي كان هذا الزعيم في جانب منه يستهدف التقليل من مكانته وأخيرا فإن المقال ينكر حق الكهانة على غيره ليحتفظ به لنفسه!
وأدمن الكهانة
والواقع أن “هيكل كان قد أدمن الكهانة لذلك راهن على أنور السادات رغم أنه كان أكثر الناس علما بأن المسافة شاسعة بين الفرعون والمتفرعن. ولم يكن أمامه مفر من أن يفعل ذلك فقد كانت عواصف الكراهية التي يحركها علي صبري وجماعته توشك أن تقتلعه أما السادات الذي كان طوال عهد عبد الناصر كامنا بين أعواد الذرة كأولاد الليل يتفرج على صراع السلطة فلم يكن بينهما ما يدعوه للخوف منه!
وكانت كهانة “هيكل” المدربة هي التي اقترحت على “السادات” أن يختار قضية الحريات العامة والشخصية والاعتقالات الكيفية وغير القانونية والفصل عن غير الطريق التأديبي والتصنت على التليفونات ـ موضوعا للصراع مع “علي صري” ومجموعته الذي تفجر في 15 مايو 1971 بينما كان “السادات” يريد أن يعلن السبب الحقيقي للصراع وهو سعي المجموعة لمشاركته في السلطة ورفضها لاستئثاره بها منفردا وتحفظها وشكها في محاولاته للتقرب مع أمريكا.
وهكذا أنقذت كهانة “هيكل” المحترفة “السادات” من حماقته التي كانت كفيلة بأن يتصدى الناس له ويرفضوه واختار له هدفا وشعارا قربه – في بداية عهده – من قلوبهم.. وكشف عن أنه كان يعلم طوال الوقت أن مشكلة نظام “عبد الناصر” مع الملايين الذين أحبوه ومنحوه ثقتهم كانت هي الحريات الديمقراطية!
وفيما بعد أنقذ “هيكل” السادات من مطب آخر إذ كان هو الذي أشار عليه بعد أن فشلت الجولة الأولى من مباحثات الاشتباك الثاني في مارس 1975 بأن يفتح قناة السويس للملاحة البحرية وأن يختار يوم 5 يونيو موعدا لذلك الافتتاح ليمحو عار هزيمة 1967 ويحول يومها من يوم للحداد العام إلى عيد لفتح القناة رغم علمه بأن إغلاق القناة كان آخر أوراق الضغط التي كان السادات يملكها بعد أن تبددت الثمار السياسية لنصر أكتوبر بسبب اندفاعه الأحمق لجني أي ثمار!
وفي المرتين أثبت “هيكل” أن احتراف الكهانة يمكن أن يحولها إلى هدف في ذاتها وأن الكاهن قد يبدأ مبشرا بقضية.. وينتهي إلى ممارسة الكهانة في خدمة أي هدف.. إذ كان أول من يعلم أن “السادات” هو آخر إنسان في العالم يمكن أن يكون صورة من “عبد الناصر”.
مصارعة السادات
لكن “هيكل” لم يهنأ طويلا بالقرب من السادات فقد كان الرجل الذي ظل منزويا ومجهولا وبلا مكانة طوال عهد عبد الناصر يريد أن يثأر لسنوات الإهمال المتعمد التي كان فيها “هيكل” أقوى منه نفوذا وأعلى منه مكانة بل كان يلجأ إليه أحيانا ليحل له مشاكله.. وكان يطمح أن يكون آخر الفراعنة ولذلك أراد كهنة لم يرتبطوا في وجدان الناس بأحد سواه وخاصة بـ “عبد الناصر”.
ورفض “هيكل” بعناد كل محاولات السادات لتطويعه أو مساواته بغيره من الكتاب والصحفيين أو نقله من مركز كهانته في “الأهرام” إلى حيث يصبح وزيرا من الوزراء أو نائبا لرئيسهم أو مستشارا للرئيس فقد كان يدرك بذكائه وخبرته أن تلك كلها مناصب أقل أهمية وتأثيرا لذلك طالب بما سماه في روايته لما دار بينه وبين السادات حول هذا الموضوع بـ”مكان ومكانة الصديق” أي بمنصب الكاهن الأعظم ذلك الدور الذي عشقه وأتقنه وبرع فيه وحفر بسببه اسمه على أحجار التاريخ.
وجاء رفض السادات لشروط “هيكل” ليفض الاشتباك بين الرجلين. فانتقل “هيكل” خطوة بعد خطوة إلى صف المعارضين للسادات.
وترك في ذمة التاريخ سؤالين :
الأول: هل كان “هيكل” سيدافع عن توجهات “السادات” السياسية لو أنه أشركه معه في إخراجها واحتفظ له بمكان ومكانة الصديق أي بمنصب كبير كهان الهيكل؟!
والاحتمال الأرجح أنه كان سيفعل!
والثاني هو: هل كان مصير السادات سيختلف عن المصير الذي انتهى إليه بالفعل لو أنه احتفظ بهيكل كاهنا لمعبده؟!
والإجابة بالقطع نعم!
وجرت في النهر مياه كثيرة
في 3 سبتمبر 1981… وجد “هيكل” نفسه سجينا في إحدى زنازين سجن الاستقبال بمنطقة سجون طره الواقعة جنوب العاصمة المصرية!
حدث الذي لم يكن أحد يتخيله أو يتوقعه.. ووجد “هيكل” إلى جواره في الزنزانة بعض الذين نازعهم ونازعوه سدانة المعبد ممن كانوا يسمون آنذاك بـ”مراكز القوى”.
وفي 28 سبتمبر 1981 اعتذر “هيكل” عن الحديث في احتفال كنا -على سبيل التحديث- قد قررنا إقامته في ذكرى وفاة “عبد الناصر” واختفى في زنزانته وقال لي أحد الذين يشاركونه سكناها من زملائنا المعتقلين: إنه أخفى وجهه تحت غطائه واندفع في بكاء حار!
وفي 6 أكتوبر 1981 سمعنا خبر مقتل السادات… ورغم المشاعر المتعددة التي ناوشتنا بعد سماعه فقد كان “هيكل” هو الوحيد الذي أغلق عليه باب زنزانته واندفع مرة أخرى في بكاء عنيف!
وكان صوت جميل يأتي من بعيد يتلو قول الله عز وجل: “قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير”.
هيكل.. ثمانون عاما في قلب الأزمات
مع السادات.. ربيع الرضا وخريف الغضب !
العمل مع السادات يتطلب مواصفات خاصة وشروط مستحيلة ومهام إنتحارية وملكات غير تقليدية .. فهل محمد حسنين هيكل لم يكن مؤهلاً لكل تلك المسوغات لينال شرف التكليف في معية السادات ؟!!
وهو من هو ؟!! هيكل وهذا يكفي .. رفيق درب الأستاذ .. مهندس وأستاذ مشارك في صياغة الكثير من أوراق المعلم والقائد ..
والسؤال ؟!! كيف أقصاه الرئيس السادات في حين أدناه الزعيم عبد الناصر ؟!
وهل كان هيكل يريد أن يكون للمركب ” ريسين ” ؟!! فقرر السادات أن يلقي الريس المزعوم في النيل ؟!!
…
وأجدني أتوقف في تساؤل هام وحاسم بل وضروري مع الزميل أيمن شرف حين يقول :
” يوم وفاة عبد الناصر (28 سبتمبر 1970) لم يكن هيكل في حاجة إلى أن يذهب للسادات كما ذهب قبل ثمانية عشر عاما إلى مكتب عبد الناصر يطلب حوارا وتعارفا وعرضا بتقديم خدماته كصحفي؛ فقد كان الرجلان (السادات وهيكل) على قدم المساواة مع آخرين في منزل عبد الناصر المسجى جسدا بلا روح.
في تلك اللحظات الحرجة بدا للجميع أنهم في حاجة شديدة لعبورها معا وعندما أعلن هيكل رغبته في الاستقالة انفجر سامي شرف مدير مكتب عبد الناصر ووزير شئون رئاسة الجمهورية بحميمية قائلا لهيكل: “إما أن نبقى جميعا أو نخرج جميعا” ولا يخلو ذلك الموقف من دلالة مهمة؛ فقد أصبح سامي شرف فيما بعد ضمن من سموا “جماعة مايو” أو “مراكز القوى” طرفا في خصومة مع السادات وهيكل واتهم الأخير بأنه تعدى فور اعتقاله وبموافقة السادات على وثائق خاصة لا يعرف أحد عنها شيئا سواه والراحل ناصر.
علاقة بدأت بالتملق وانتهت بالإهانة
وعلى الرغم من أن موقف هيكل تجاه الطرفين المتصارعين على السلطة (السادات من جانب وجماعة مايو من جانب آخر) ظل غامضا حتى إبريل 1971 كان طبيعيا أن يكتب هيكل في 21 و28 مايو و26 نوفمبر من العام نفسه بعد ما أسماه “السادات ثورة التصحيح” وهي مقالات تشيد بالسادات على نحو مدهش لمن سبق أن قرأ كتاب “خريف الغضب” لهيكل ثم استعاد تلك المقالات التي جاء فيها “كان السادات هائلا في هذه الساعة الحاسمة من التاريخ بأكثر مما يستطيع أن يتصور أحد.. كانت قراراته مزيجا مدهشا من الهدوء والحسم.. هذه المرحلة هي التي ستجعل من أنور السادات -بإذن الله- قائدا تاريخيا لشعبه وأمته؛ لأن القيادة التاريخية مرتبة أعلى بكثير من الرئاسة مهما كان وصفها”.
فلماذا تحولت الصداقة التي استمرت حتى خروج هيكل في 1975 من الأهرام ومن دوره كفاعل في الحياة السياسية في مصر إلى خصومة لدودة؟ ولماذا بلغ حنق السادات من هيكل منتهاه في سبتمبر 1981؛ فشن هجوما عنيفا على هيكل (لا رائحة فيه للصداقة القديمة) أمام كاميرات التليفزيون واتهمه خلاله بخمسة اتهامات: أنه ملحد وأنه اعترف (للسادات) بذلك وأنه صديق للملوك والرؤساء في العالم العربي وخارجه وهذا يجعل منه مركز قوة وأنه كون ثروة من عائد كتبه التي هاجم فيها مصر وأنه أعطى للعالم صورة مشوهة عنها وأنه كان يرتب مع فؤاد سراج الدين لإصدار جريدة تنطق بلسان الوفد؟
ظلال من الشك حول علاقة هيكل والسادات
وإحقاقا للحق يبدو موقف السادات من هيكل أقرب للتشويه بل والتجريح منه إلى الأحكام الموضوعية؛ فاتهاماته له مردود عليها ببساطة بالسؤال التالي: لماذا أبقى عليه قريبا منه جدا لمدة خمس سنوات كاملة ؟!
والأمر نفسه فعله هيكل أيضا حين سعى لقتل السادات ميتا وتدنى في انتقاده له -والأمثلة كثيرة في كتابه “خريف الغضب”- إلى حد إرجاع تصرفات السادات إلى سوء أصيل في تركيبته النفسية واستند هيكل إلى أن إحساس السادات بلون بشرته الأسود (ولنلاحظ استخدام هيكل لتعبير “الأسود” وليس “الأسمر” أو “الداكن” أو حتى “المائل للسمرة” وهو من العارفين تماما بالفروق الإيحائية بين المترادفات ووقعها في الأذن والنفس) كان سببا في ميله للحصول على عطف الناس وفهمهم واستعداده لتقديم أي شيء في سبيل الحصول على قبولهم ورضاهم ووصل الأمر بهيكل إلى حد الإيحاء بأن السادات تلقى شيكا بمبلغ 35 ألف دولار من لاجئ سياسي عربي إلى مصر هو الشيخ المبارك الصباح وعلم به عبد الناصر وأودع في ملفات الرئاسة والمخابرات.
والحقيقة أن تحليل هيكل لشخصية السادات وعرضه لدوره في الحياة السياسية ما قبل الثورة وحتى وفاته في أكتوبر 1981 يبدو معيبا علميا إلى حد بعيد وفيه من التعسف ما يؤكد انحرافه عن الموضوعية وأن دافعه تجاوز انتقاد خلافات سياسية إلى النيل والانتقام من شخص السادات. فهيكل لا يجيب مثلا على سؤال: كيف لا يعترض على قرار عبد لناصر -حسب روايته هو- تعيين شخص مرتشٍ (السادات) في منصب نائب الرئيس قبل سفره إلى المغرب في ديسمبر 1969؟ بل وكيف يدعم وبقوة صعوده إلى موقع الرئيس فيما بعد ويشارك في تثبيته رئيسا؟!
هيكل يفسر غموض علاقته بالسادات
ولقد ظلت رواية هيكل لأسباب القطيعة مع السادات إلى وقت قريب -وربما إلى الآن- هي الأكثر رواجا وهو أرجعها إلى خلاف حول عدة نقاط هي:
أولا- الطريقة التي عالج بها مظاهرات الطلبة أواخر 1971؛ إذ كان يرى أن العنف ليس وسيلة الحوار مع الشباب (ويبدو ذلك متناقضا مع موقف هيكل الذي كاد أن يكون تبريرا لموقف عبد الناصر من الشيوعيين والإسلاميين في الستينيات حين كتب ما أسماه أزمة المثقفين).
ثانيا- معالجة السادات لموضوع الفتنة الطائفية؛ حيث كان يرى السادات تفجير المشكلة وكان يرى هيكل ضرورة علاجها بحذر لأسبابها وعوارضها وجذورها (وربما كان هيكل محقا في ذلك).
ثالثا- مسألة الوحدة مع ليبيا وكان يناصرها هيكل بقوة ويراها مختلفة عن تجربة الوحدة مع سوريا بسبب عنصر الاتصال الجغرافي والسكاني إلى جانب تكامل ثروة ليبيا السائلة وتكاملها مع الإمكانيات البشرية والطاقة الإنتاجية المصرية (وربما أن قراءة الآراء المنشورة حديثا لهيكل عن الزعيم الليبي تشي بأن إدارة علاقة بمستوى الوحدة السياسية في ظل قيادة القذافي -كما يصوره هيكل- قد ترقى إلى نوع من الألعاب الطفولية).
رابعا- طريقة السادات في إجراء اتصالات خفية مع أمريكا عن طريق قناة اتصال خاصة واعتذار هيكل عن إجراء مفاوضات سرية مع كيسنجر على أساس أن الموقف التفاوضي وقتها لم يكن قويا في تقديره وأن هدف التفاوض ليس واضحا أمامه (وهذه مسألة خلافية شارك آخرون هيكل في موقفه منها وإن كان وجه الاختلاف على طبيعة الشخص الذي اختاره السادات ليكون قناة اتصال).
خامسا- قرار السادات نقل ثمانين صحفيا بينهم أحمد بهاء الدين ويوسف إدريس ولويس عوض ومكرم محمد أحمد وآخرون واعتذر هيكل عن تنفيذ القرار فيما يتعلق بصحفيي وكتاب الأهرام ووضع استقالته أمام الرئيس السادات (وهو موقف يحسب لهيكل لا عليه ولكن هل كان ذلك موقف هيكل عند التنكيل بكثير من الصحفيين والكتاب رفتا ثم سجنا وتعذيبا أيام عبد الناصر؟ وهل الفارق بين الموقف وعدم الموقف هو إحساس هيكل أنه يدافع عن آخر معاقله “الأهرام” التي كانت مشروعه ومفتاح سلطته وتأثيره ولظنه أنه يمكنه مواجهة السادات؟).
سادسا- (والذي جاء في هذا السياق متأخرا ليس نتيجة الترتيب حسب الأهمية وإنما حسب التسلسل الزمني للخلافات) الإدارة السياسية لحرب أكتوبر وكان هيكل يرى نتائج الحرب تضيع واحدة بعد الأخرى وراح يكتب رأيه بشكل لا لبس فيه في مجموعة مقالات جُمعت بعد ذلك في كتاب “عند مفترق الطرق” وبعدها كتب تحت عنوان “أسلوب التفاوض المصري” أواخر ديسمبر 1973 مما أثار حفيظة السادات عليه (ويبدو هيكل محقا تماما فيما ذهب إليه ومعه آخرون عارضوا ورفضوا ومنهم من خرج من الصف. فالسادات كان مستعدا للذهاب بعيدا من أجل حل يعيد الأرض).
هيكل في محاولة فاشلة لتلمس طريق السادات .. الرؤية ضباب !
أما رواية السادات للخلاف فلا يتوفر منها الكثير بحكم أنه كان رئيس الدولة ومن الصعب أن يكتب قصة خلافه مع هيكل وما جاء منها -على لسان هيكل أيضا- “أنه لم يعد صحفيا بل أصبح سياسيا وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة وليس من حقه كصحفي أن يناقش القرار السياسي؛ فتلك مسئولية الرئاسة”.
ويمكن صياغة رواية السادات على نحو أقرب إلى المنطق بأنه كان يعرف أن هيكل كان يريد من جهاز الدولة دور الصحفي المؤثر كلية في الساحة الإعلامية من خلال موقعه في الأهرام وهي من أقوى الساحات إضافة إلى قرب شديد من هرم السلطة يؤثر من خلاله في مجريات الأحداث السياسية دون أن يحاسبه أحد.
والثابت إذن أن خلاقات في الرأي حدثت بين الرجلين ولو كان هيكل قد قيم الموقف على أساس أنه رئيس تحرير “في السلطة” وما دام قد اختلف معها فيمكنه أن يخرج منها بهدوء وأن يمارس الكتابة ناقدا إياها مثلما فعل بعد ذلك بمقالاته في الصحف العربية والأجنبية والكتب في الفترة من 1975 وحتى وفاة السادات. ولو كان هذا الموقف قد حدث في عهد الناصر ما استطاع هيكل أن يبقى في الصحيفة الرسمية الأولى كاتبا معارضا ولكنه ظن أن السادات ربما لا يستطيع إزاحته أو قد لا يجرؤ عليها أو قد يتراجع ويرضخ لآرائه؛ لذلك أصر على أن يخوض المعركة للنهاية دون أن يترك المكان.
وهذه النظرة تقريبا كانت دافعا -بين دوافع أخرى وطنية أو غير وطنية- وراء قبول من كانوا في السلطة لحظة وفاة عبد الناصر (والذين كانوا حريصين على تأمين أنفسهم بقوة ما؛ سواء الجيش أو الداخلية أو التنظيم السياسي أو الأهرام) تولي السادات منصب الرئيس بافتراض أنه شخص ضعيف الجانب؛ مما يضمن لهم فرصة الاستمرار إلى جواره أو إزاحته عندما تحين الفرصة مثلما حاولت جماعة مايو وفشلت فيما حاول هيكل فرض آرائه على السادات ولم يكن لينجح . (*)
ــــــــــ
(*) إذا أردت المزيد يمكنك الإطلاع على موقع جريدتنا ” الصحفي ” وعنوانها على الإنترنت:
www.alsahafy.itgo.com
العبقري أحمد زكي
بين ناصر والسادات
العبقري أحمد زكي في ناصر 56 الزعيم عبد الناصر
هذا كتاب عن عبد الناصر وليس عن السادات .. أو عن أحمد زكي ..
فلماذا نتحدث هنا عنهما ؟!!
الإجابة ساحرة بسِحر ناصر وعبقرية أحمد زكي ودهاء السادات .
عبد الناصر .. فارع الطول .. عريض المنكبين .. له هيبة مرعبة .. وطلة أخاذة .. وعيون نافذة كالصقر .. كلنا نحفظ ملامحه ..
والسادات عكس ناصر تماماً .. قامة نحيلة .. قصير .. ممصوص الوجه تقريباً .. داهية .. غير قابل للتكرار لا هو ولا عبد الناصر .. وهناك تباين شاسع بين ملامح كل من ناصر والسادات !!
وعجباً …
أحمد زكي يشخّص لنا عبد الناصر العملاق والسادات النحيل ويقنعنا لدرجة الخبل والجنون بأدق تفاصيل روح وجسد وسلوك ناصر والسادات !!!
العبقري أحمد زكي في السادات السادات في ميت أبو الكوم
تعجبت السيدة هدى عبد الناصر من دقة تقمص أحمد زكي لشخصية ناصر بإتقان مذهل ومعجز .. كما تعجبت السيدة جيهان السادات من تقمصه لشخصية السادات بشكلٍ يدعو إلى الدراسة والبحث والتساؤل : كيف يا مولانا تعايش الشخصية لدرجة التوحد ؟!!
كيف نراك ناصر ونراك السادات .. وسنراك ” إن شاء الله حسني مبارك ” ؟!!
من هنا نقول :
ولد أحمد عرابي في قرية هرية رزنة إحدى قرى محافظة الشرقية .
نعم ؟! إيه ؟! لسنا نتحدث عن درس تاريخ أو محاضرة جغرافيا ؟!! حديثنا عن أحمد زكي وليس عن أحمد عرابي ؟!!
حنانيكم .. أعلم هذا يقيناً .. فأحمد زكي أيضاً ولد في قرية هرية رزنة نفس بلدة عرابي وزكي .
والده ليس قائد طابية .. ووالدته ليست برنسيسة من أسرة محمد علي .. ومع ذلك شق طريقه إلى أن اصبح الإمبراطور والرجل المهم .. هو العبقري الوحيد في فن التشخيص الغير قابل للتكرار أو المساومة .. هو البيه البواب حقاً والباشا صدقاً وسواق الهانم لا محالة وهو معالي الوزير .. والأدهى أنه أيضاً ناصر والسادات .. ويبقى اسمه .. أحمد زكي ماركة مسجلة لتفرد الأداء وجنون الإبداع .
يبهرك أداؤه المعجز في شخصيتي ناصر والسادات بالذات – رغم تباين الشخصيتين – في السلوك والشخصية والسيكولوجية والحجم البدني ومع ذلك كان أحمد زكي في قمة درجات الإبهار والانصهار والعبقرية .
من هو أحمد زكي ؟
هو أحمد زكى عبد الرحمن مواليد الجمعة 18 نوفمبر 1949 .
بعد وفاه والده و زواج والدته من عمه تربى ” أحمد زكى” فى رعايه جده .. دخل المدرسه الصناعيه حيث شجعه الناظر على التمثيل المسرحى.. التحق بعدها بمعهد الفنون المسرحيه وأثناء دراسته بالمعهد شارك فى مسرحيه ” هالو شلبى”.. ثم تخرج عام 1973 و كان الاول على دفعته.. بداياته الفنيه الحقيقيه كانت مع المسرح الذى قدم له اكثر من عمل ناجح مثل ” مدرسه المشاغبين” و ” العيال كبرت” .. يعتبر ” احمد زكى” اليوم من ابرز نجوم السينما المصريه لما قدمه من افلام متميزه بدايه من ” بدور” عام 1974 و حتى ” ارض الخوف” 1999 .. و كما لمع اسمه فى المسرح و السينما تالق ايضا الفنان الاسمر فى التليفزيون فكان له عده مسلسلات التى نذكر منها “الايام” و ” هو و هى” و ” الرجل الذى فقد ذاكرته مرتين” .. حصل ” احمد زكى” على العديد من الجوائز على مدار مشواره الطويل مع الفن و قدم للسينما مجموعه من اهم اعمالها التى منها ” أبناء الصمت” عام 1974 و ” شفيقه و متولى ” عام 1978 ” عيون لا تنام ” 1981 .. و من افلامه فى الثمانينات ” الراقصه و الطبال” و ” النمر الاسود” و”البيه البواب” و ” زوجه رجل مهم” .. و اخيرا فى التسعينات نذكر له ” ضد الحكومه” و ” استاكوزه” و ” ناصر 56 ” و ” هيستيريا” و ” اضحك الصوره تطلع حلوه” وحتى ناصر 56 وأيام السادات وأخيراً معايل الوزير وغيرها يبقى أحمد زكي حالة خاصة ونكهة متميزة وتزوق عجيب لحرفة الجنون في فن التمثيل .. تزوج الفنان ” احمد زكى” من الممثله الراحله ” هاله فؤاد” و له منها ابنه الوحيد ” هيثم .
من أهم أفلامه :
الباطنية 1980 – موعد على العشاء 1981 – درب الهوى 1983- الراقصة والطبال 1984 – البريء 1986 – الحب فوق هضبة الهرم 1986 – البيه البواب 1987 – زوجة رجل مهم 1988 – ولاد الإيه 1989- الهروب 1991 – ضد الحكومة -1992 أرض الخوف – ناصر 56 – أيام السادات – معالي الوزير
أما عن أحمد زكي في فيلمي ناصر 56 وأيام السادات .. سل إن شئت السيدة هدى عبد الناصر والسيدة جيهان السادات .. ستجد في عيونهن العجب والدهشة والدعاء لأحمد زكي في محنته الأخيرة .. ويكفي احتفال الرئيس محمد حسني مبارك بالفيلم وصناعه ومنح أبطال الفيلم وسام العلوم والفنون من الطبقتين الأولى والثانية خلال استقبال سيادته لهم بمقر رئاسة الجمهورية في مصر الجديدة وأهدى الرئيس الوسام من الطبقة الأولى لكل من الفنان أحمد زكي الذي جسد شخصية الرئيس الراحل أنور السادات في الفيلم والكاتب الصحفي أحمد بهجت كاتب القصة والحوار والفنان محمد خان مخرجه. كما أهدى الرئيس الوسام من الطبقة الثانية لكل من الفنانين ميرفت أمين ومنى زكي اللتين جسدتا شخصية السيدة جيهان السادات في مراحل عمرها. والفنان أحمد السقا الذي قام بدور الشهيد عاطف السادات شقيق الرئيس الراحل وقال السيد صفوت الشريف وزير الإعلام بأن الرئيس شاهد عرضاً خاصاً للفيلم وأشاد بأبطاله وبالجهد الذي بذلوه لكي يخرج الفيلم بهذه الصورة الرائعة. وقد عبر أبطال الفيلم عن سعادتهم بتكريم الرئيس لهم .
كما أقام الرئيس مبارك حفل شاي لأبطال الفيلم عقب التكريم شهدته السيدة سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية. وقال الفنان أحمد زكي بطل الفيلم: “إن التقدير الذي شرفنا به الرئيس مبارك هو تقدير عظيم ليس فقط لأسرة الفيلم وإنما أيضاً للفن المصري والسينما المصرية وحينما تكلم الرئيس معنا عبر عن سعادته بالفيلم والتوثيق السياسي فيه وإنعاش ذاكرة الأمة بأعمال مثل “أيام السادات” و “ناصر 56” وقد شعرت عند تكريم الرئيس لنا أننا يجب أن نعطي أكثر وأن نحرص كفنانين على أن نقدم كل ما تشهده بلادنا من أحداث سياسية واجتماعية في تاريخها وأضاف لقد شهدت الرئيس مبارك مواطناً مصرياً يشاهد فيلماً ويشعر بسعادة حيث كان يشهد تسجيلاً لتاريخ رآه في بداية حياته وشارك فيه وأضاف أحمد زكي إنني أتمنى أن أجسد شخصية الرئيس حسني مبارك وهذا مطروح .
والجدير بالذكر أن النجم أحمد زكي وكاتب السطور ” أنيس الدغيدي ” حصلنا على موافقة رسمية وسيادية بشأن فيلم ” الضربة الجوية ” ودور الرئيس مبارك في حرب أكتوبر .. حيث كتبتُ السيناريو والحوار والمعالجة الدرامية لفيلم الرئيس مبارك والمشروع الآن على مكتب السيد وزير الإعلام .
هذا هو أحمد زكي .. وهذه هي العبقرية المتميزة .
كيف عرفت أحمد زكي ؟
بدأت علاقتي بالنجم الكبير أحمد زكي حين كان يصور فيلم ” أرض الخوف ” وكنت كتبت مسلسل السادات .. ونشرت العديد من الصحف أخباراً كثيرة تقول أن جنابي يكتب مسلسل السادات للنجم الكبير أحمد زكي وكان الأستاذ يقرأ هذه الأخبار بدهشة بكل تأكيد ..
وفي ليلة عجيبة وفي تمام الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل اتصلت بالأستاذ الكبير أحمد زكي .. – أنا عارف أنه معاد غريب .. لكن نجمنا العبقري أكثر غرابة – قلت له موجزاً :
أنا أنيس الدغيدي ..
فقاطعني : أيوة يا أستاذ أنيس .. انت راجل صحفي .. تقبل أن أؤسس جريدة بنفس اسم جريدتك ؟!!
قلت له : لا طبعاً .
قال : أنا أعد لفيلم السادات منذ سنوات طويلة .. فلماذا تكتبه أنت ؟
قلت له : أنا لم أكتب فيلماً وإنما كتب مسلسلاً .. وكتبته لك .. والفيصل والحكم بيننا هو الورق .. والورق فقط .
قال موجزاً : منتظر ورقك بكرة الساعة 9 صباحاً .
قلت له تسعة إلا ربع يكون عندك .. وإن لم يروقك إلقه من النافذة وانتهى الأمر وسأكتب لك إقراراً بدمي بعدم تعرضي لحكاية السادات مطلقاً .
وبمنتهى الجنون حملت له 4 حلقات والملخص .. وتركتهم في السيكيورتي وعدتُ إلى منزلي .. لتصيبني حالة غريبة من التلبك المعوي .. مصحوبة بأشياء غريبة حيث بقيت أقطع شقتي ذهاباً وإياباً .. وأنا في حالة عصبية وخوف ورعب وقلق!!!
بالتأكيد قد تسألونني جنابكم : لماذا يا عمنا كل هذا الرعب ؟!!
والإجابة بسيطة للغاية .. فأحمد زكي هو أهم عبقري تمثيل في عصرنا الحالي .. وهو آل باتشينو العرب .. وهو صاحب الجوائز المرعبة من مهرجانات السينما التي لا تتكلم سوى بالأفرنجي .. وفي قصة ذكرها لي أحمد زكي وهي صحيحة مُخرَّجة ” أقر له النجم العالمي جين هيكمان ذات مرة في مسابقة مهرجان موسكو : أنا أخذت منك الجائزة ” كوسة ” مستر أحمد .. أنت عبقري ” !
وهو عبد الناصر .. كما شهدت بذلك السيدة هدى عبد الناصر وجميع أبناء الزعيم ..
وهو الذي ابتسم منه الرئيس السادات وهو يشاهد مسلسل الأيام ثم قال : هذا الولد العبقري لازم يمثل قصة حياتي .. ) روت هذه الواقعة لي السيدة جيهان السادات وكذلك أحمد زكي .
وهو الذي لم يكمل الخمسين فيلم في عمر قدره حوالي 33 سنة فن حتى الآن !! في حين أن نجوم كبار مثل محمود المليجي وفريد شوقي وإسماعيل ياسين مثلوا أكثر من نصف هذا العدد في سنة واحدة !!!
لكن أحمد زكي يهتم بالكيف .. بالنكهة .. بالتزوق .. فأصبح فلتة عصره ..
فلماذا لا تصيبني حالة من الجنون والتلبك والهزيان .. بل والهرطقة ؟!!
لأنه سوف يقرر أأكون كاتباً أم أنتحر ؟!!
والأغرب من ذلك .. أنه في عصر ذلك اليوم نفسه ” ولاحظ أن أحمد زكي يصور فيلم أرض الخوف ” !! في نفس عصر ذلك اليوم وجدت زوجتي تقول لي : أحمد زكي على التليفون !!
هكذا قالتها خبط لزق .. أحمد زكي .. دون ألقاب أو مقدمات ..
فتناولت منها السماعة ثم وضعت كفي على التليفون وقررت أن أطلقها .. نعم .. أطلقها لأنها نطقت اسم أحمد زكي مجرداً !!
ثم نظرتُ إليها فإذا هي حامل في شهرها الثامن .. فقلت أتريث حتى تضع ثم يقضي الله أمراً كان مفعولاً ..
وتمتمتُ : أيوة .. يا فندم .. أحمد زكي أيوة .. أنا أنيس الدغيدي .. وبالمناسبة لستُ قريباً ولا أمت بأية صلة للمخرجة المبدعة إيناس الدغيدي .. هو تشابه ألقاب !!
قال : بسرعة يا أنيس .. أنا عارف إنك أكيد قلقان ومش طبيعي ..
وعليك أن تتوقف لتقول : يا نهار زي بعضه يا مولانا .. مكشوف عنك الحجاب ؟!!
لكن ذلك لم يحدث مطلقاً .. لأنه لم يعطني فسحة من الوقت للرد .. ثم قال .. أنا قرأت الحلقات .. رائعة .. جداً .. أنا باراهن عليك .. إنت كاتب المستقبل يا أنيس .. قول للناس أحمد زكي بيراهن عليا !!
خد .. معاك الأستاذ حسين القلا المنتج السينمائي .. ح يكلمك .. نسقوا مع بعض علشان ح نتقابل مع بعض دلوقتي النهاردة .. علشان نتفق على الشغل !
وجائني صوت المنتج المثقف المحترم الأستاذ الجميل حسين القلا وتحدثنا ولم استوعب شيئاً أثناء محادثتي مع القلا ” من الخضة ” سوى مكان المقابلة .. وفي أحد كازينوهات شارع الهرم حيث كان النجم الكبير يصور فيلم أرض الخوف .. كان الأستاذ أحمد والأستاذ حسين القلا في انتظار جنابي !!!
اصطحبت معي زوجتي لزوم الإعتذار والذي منه .. أو لزوم الفرجة على النجم العبقري لا فرق .. وهناك لقيني أجمل كائن في الدنيا .. هاشاً باشاً كأنه في هرية رزنة .. في القرية .. فجأة وجدته يتحدث بلهجة القرية مثلي ليشعرني بأمان المكان ويكسر بريق نجوميته الذي لا يكسره ملك سليمان حتى لا ” أسورق ” من الخضة !!
وإذا بالأستاذ الكبير يفتح لنا المشروبات بنفسه ويصب لي في ضيافة طائية ليبصم لك بالعشرين أنه وريث حاتم الطائي .. وتأكدت بعد ذلك وطيلة علاقة صداقتي الممتدة حتى الآن بالنجم الأسمر أن هذه الفضيلة تلازم شخصيته دوماً بفعل الحب والعادة والإيمان .. .. فلا فكاك منها أو منه .. فـ كليهما يقيم في الآخر .. أحمد وفضيلة الكرم .. ليعلم أهل النجومية آداب التعامل مع الصغار أمثالنا .. وأذكر أن أحمد زكي حين يصطحبني ” في عزومة ” على نفقته الخاصة طبعاً سواء في مطاعم القاهرة الفخمة مليون نجمة .. أو في محل بيته أرى العجب العجاب !!
أرى مائدة مستطيلة عامرة بصنوف الطعام العديدة والتي تكفي لأورطة من عثامنلي أو كتيبة من جنود محمد علي .. أرى شاب أسمر .. في حالة ابتسام دائمةولو كان يتألم من شجون الدهر يجلسني أولاً بجواره وبيننا أحد أركان المائدة المجنونة .. وكنتُ قديماً أسأله :
لمن كل هذا الطعام يا مولانا ؟!! عندنا ضيوف آخرين بعون الله ؟!!
فتأتيني ابتسامته الساحرة :
كُل يا عم أنيس وممنوع نسيب أي حاجة .. ح تاكل لما تموت .. فاهم !!
ثم لا يحلو له طعم طعام أو لون شراب إلا وهو يناول جنابك عدة شرائح لحم متتالية تكفي لأن تسد عين الشمس .. أو يقضف في فمك بدفعات دجاج مشوي بعضها يكفي لحل أزمة الجوع في إفريقيا .. ثم يصب لك الشراب لتشرب بيده أو أو يحمل لك الخبز من الفرن المجاور بنفسه !! ما هذا الـ أحمد زكي يا ربي ؟!!
إنه وصفة كرم سحرية وكيمياء عطارة أخلاق تسكن زماننا من العصور الحجرية ولا ترغب أن تبارح عالمنا الكئيب لتعلمنا أُسس القيم وصالح السلوك ..
وما سر علاقى أحمد زكي بالناس حتى الصغار .. الأطفال ؟
سارة إبنتي تعاني من إدمان حب أحمد زكي .. أذكر أن أحمد زكي دعاني وزوجتي ثلاث مرات وفي كل مرة يُصر على أن تكون سارة إبنتي وردة الدعوة .. أو بالأحرى ” حفل على شرف الآنسة سارة ابنتي ” وعمرها الآن 5 سنوات ونصف .
ما زلت أتعجب كيف يتعامل معها أحمد زكي .. سارة متمرة جداً .. شقية للغاية .. كانت في أول سني اكتشافها للمشي وكانت تُصِّر على أن تطور هذا الإكتشاف ” المشي ” إلى انطلاق كالسهم في كل مكان وكان اللقاء الأول الذي تحضره الآنسة سارة ابنة جنابي في فندق رمسيس هيلتون الذي يقيم فيه أحمد وكانت تنطبق وهي تجوب أركان المكان وأنا أكاد أتعصب على زوجتي لتمسك بها في محاولات يائسة من تحطيم المكان .. وكان أحمد ” دائماً وفي كل مرة ” يبتسم .. ويرفض عصبيتي ويذكرني بعصبيته ” زمااان ” ويقول : أنيس يذكرني بأحمد زكي زماااان ليس فقط في الملامح .. ولكن حتى في العصبية .
وتبدأ دروسه لجنابي في الهدوء والتعامل مع الأزمات .. لكنني أشهد أنه يفشل كثيراً في ترويض نفسه .. ولا زال أحمد أسرع كائن في الدنيا يكسر المنضدة ويهد المعبد ويعلن : هيه يالا مش لاعب !!!
إنه الولد العبقري المتمرد على كل شيئ في أعماق الفتى الأسمر العبقري .. وبدونه لا تستقيم عظمة أحمد .
ها هو أحمد زكي يلاعب الآنسة سارة أنيس الدغيدي بكل الأنواع والأشكال ويضحك من القلب وها هي تستجيب له فقط وتضرب بنصائحي وتوسلات والدتها ونظرات الحضور عرض الحائط .. ها هو أحمد زكي ملاعب القرود في أربعة في مهمة رسمية وأحمد زكي مروَّض الشرسة رغدة في استكوزا ها هو الأب الحنون في ” اضحك الصورة تطلع حلوة يعلمني دروس الحب حين يلاعب سارة ويروضها فتستجيب له وتكف عن تحطيم فندق رمسيس هيلتون ” وأحمد زكي جاهز لدفع التعويض الازم ” .
ها هو جناح أحمد زكي بالفندق يجمعنا .. العبقري والعبد لله وربنا ثالثنا .. جنابي دخل الجناح .. أحمد خرج لي يحاول ارتداء الفانلة الداخلية .. ثم قميص يحشره في البنطلون الجينز بغير اعتناء ..
ويبادرني : فِطرت يا أنيس ؟
وقبل أن أجيب يعلن فرمانه : ح نخرج نتغدى برة دلوقتي .
يعلم أنني أكره التدخين يحجم عنه .. يرفض الجلوس .. يحدثني عن أزمة السينما 4 ساعات متتالية .. يقطع الجناح ذهاباً وإياباً .. لا يهدأ ولا يجلس في مكان قط .. وجنابي جالس .. أنهض واقفاً .. يقترب ويجلسني ويستمر في حديثه المجنون .. مما يشعرك أن السينما والدته أو زوجته أو ابنته الوحيدة .. علاقة حب وتزاوج وانصهار وشجون تربكه بها .. يناولني أكوام السيناريوهات التي تسكن ” شبَّاك ” السيناريوهات في جناحه قائلاً في ألم ومرارة :
سيناريوهات .. سيناروهات لأحمد زكي .. والسلام .. كل اللي يهمهم فيلم مع أحمد زكي .. ومش قادرين يفهموا انهم بيوجعوا قلبي في القراءة وأنا مش عايز أفلام لها قيمة وقضية ودور في دفع عجلة السينما .. السينما بتنهار .. بتقُع .. بسبب سبوبة جديدة .. السينما تجارة وفن .. ماشي .. لكنها إبداع وأمانة .. وموقف ومصيبة سودة …. و …..
وهكذا يعاني أحمد زكي من صداع الفن المزمن وفيروس السينما القاتل دوماً وكارثة التليفزيون وغيبوبة المسرح وفقدان ذاكرة الإذاعة .. فنان يتعامل بأعصابه .. بدمه الذي يحترق من أجل مهنته . هذا هو أحمد زكي الفنان الذي يحترم نفسه وجمهوره وقضيته فطبيعي أن يحترمه العالم بأسره .. طبيعي أن تجد في مستشفى دار الفؤاد سيدة من المنوفية متزوجة ومحجبة ولا تشاهد أفلام أو مسلسلات وتجلس أمام غرفة أحمد زكي لتقرأ له القرآن وتدعو له طوال يوم كامل .. وتؤمن بأن أحمد زكي إنسان وفنان محترم .
لذلك كان من الطبيعي أن أخشاه حين يقرأ ورقي ..
ونعود إلى لقائي الأول بأحمد زكي وهو يصور فيلم أرض الخوف في حضور المنتج الكبير حسين القلا في أحد كازينوهات شارع الهرم ..
إنه أحمد زكي الذي أجلس بجواره وهو يقود سيارته في شوارع القاهرة ويعطيني دروساً مجانية في الصبر على النجاح وتحمُل المعانة ..
جلس أحمد زكي 3 ساعات وربع بالتمام والكمال يتحدث وهو متقمص شخصية السادات .. ويا ليتنا كنا صورناه .. لكان الفيلم قد انتهي دون سيناريو أو إخراج .. هذا هو أحمد زكي .. وهكذا أحلامه .. ينغمس فيها ويحياها بأعصابه ودمه وروحه فيمتزجان معاً .. من هنا بدأت علاقتي بأحمد زكي النجم الإسطورة ..
ومؤخراً .. التقيته بعد غياب حين عاد من رحلة فحوصات وعلاج في باريس وكان اللقاء في مستشفى دار الفؤاد .. ما ان خرجت من المصعد حتى شاهدته يجلس كعادته .. حين كنا نلتقي في الفندق الشهير الذي يقيم فيه .. وحوله كوكبة أحباءه .. النجمة الكبيرة رغدة .. والنجمة الرائعة نادية الجندي وصديقه الحميم الكابتن طيار جهاد بك رفيق دربه ابن محافظة الشرقية أيضاً .. والسيدة الفاضلة شقيقة المرحومة هالة فؤاد والدة هيثم أحمد زكي التي لا تترك أحمد زيك قيد أنملة .. إنه الوفاء العظيم .. وها هو الرقيق القلق دوماً هيثم نجل العبقري أحمد زكي الباحث بعينيه في وجه أحمد فتطمأنه نظرات أحمد زكي :
ما تخافش يا هيثم .. أنا معاك وح اقهر المرض بإذن الله .
وغيرهم من نجوم الفن والمجتمع والسياسة والأدب والرياضة والدنيا من عرب وعجم وبلاد تركب الأفيال .
رأيته يجلس .. بوداعته وسمرته الرائعة .. وعينيه النافذة .. ونظراته المعبرة .. التي تحكي لك كل شيئ .. فأحمد لا يستطيع أن يخفي شيئاً مطلقاً .. نظراته تفضح كل شيئ .. فهو يحب بصدق .. ويرفض بصدق .. ويعطي بصدق .. ويختلف بصدق .. ويتفاوض بصدق .. والأهم من كل ذلك .. أنه يعيش بأعصابه .. بدمه .. بروحه .. لا يعرف الزيف .. رأيت صديقه الحميم الكابتن جهاد يجلس عن يمينه وأمامه تجلس النجمة الصديقة الصدوقة المخلصة رغدة .. ابتسمت وقلتُ : ما هذا ؟!! هل هذا عباس العنتيل في فيلم استاكوزا .. ضربته رغدة في منطقة حساسة وسينهض أحمد زكي أو عباس العنتيل لينتقم فوراً ..
ضحك أحمد ورغدة ..
وما أن نظر أحمد زكي إلى عيوني حتى طمأنني قائلاً :
كله تمام .. كله كويس .. ما تقلقش ..
ثم مد يده وتناول ” النسكافيه بتاعه ” وسحبه ( كالعادة ) ليؤثرني على نفسه !!!
– خُد يا أنيس اشرب ده .
ثم تتعجب حين يسأل عن سارة ابنتي :
وقبل أن أجيبه دهشة : وده وقته يا عمنا ؟!!
يبادر بتناول قطعة شيكولاتة من أمامه ويضعها في جيبي :
دي توصلها لسارة الدغيدي يداً بيد .. وح اسألها .. قول لها عمك أحمد باعت لك دي والباقي لما أشفوها .
وطبعاً تحدث ثورة في منزلي من سارة هانم : عايزة أروح لعمو أحمد زكي حالاً ..
هذا هو أحمد زكي الغير قابل للتكرار والذي ليس له فرع آخر .. ينسى آلامه ويذكر الدنيا وهمومها .
يقيناً سينهض لنا ليقهر الدنيا وزلازلها وتوابعها .. من أجلنا .. لأنه نحبه بكل أنواع الجنون والشجون .
وألف سلامة يا أحمد .. يا أحلى أسمر في الدنيا .
ملاحق الجزء الأول من الكتاب
الملك حسين :
تربع الحسين بن طلال على عرش المملكة الهاشمية أكثر من 47 عاما شهد الأردن خلال تلك الفترة الطويلة الكثير من الأحداث التاريخية كان أبرزها إنهاء الانتداب البريطاني وتثبيت دعائم الملكية وهزيمة 1967 وحرب أيلول الأسود مع المقاومة الفلسطينية وانتقال البلاد من طور البداوة إلى التحضر والأخذ بأسباب الدولة العصرية. كما لعب العاهل الأردني الراحل دورا بارزا في القضية الفلسطينية سواء في زمن الحرب أو في المسيرة السلمية حيث اختتم حياته بالتوقيع على معاهدة سلام بين بلاده وإسرائيل.
ولد الملك الحسين بن طلال حفيد الملك عبد الله بن الحسين في عمّان عام 1935 وتلقى تعليمه الأولي في عمان ثم الإسكندرية ثم سافر إلى بريطانيا للالتحاق بكلية ساند هيرست العسكرية عام 1950.
الحسين ملكاً
وفي عام 1951 اغتيل جده الملك عبد الله في القدس وكان برفقته فتولى الملك والده الملك طلال بن عبد الله ولكنه أعفي من منصبه بناء على تقرير طبي يقرر عدم قدرته على إدارة المملكة وأصدر مجلس الأمة قرارا بتولية الأمير حسين بن طلال ملكًا على الأردن مع تعيين مجلس وصاية على العرش إلى حين بلوغ الملك الجديد سن الرشد.
تزوج من الأميرة دنيا عبد الحميد وأنجب منها الأميرة عالية ثم تزوج الأميرة منى غاردنرز وهي ابنة ضابط بريطاني كان يعمل في الأردن وأنجب منها الأمير عبد الله الذي أصبح ملكا على الأردن عقب وفاة والده والأمير فيصل والأميرة عائشة والأميرة زين. ثم تزوج من الملكة علياء طوقان وأنجب منها الأمير علي والأميرة هيا. ثم تزوج من الملكة نور التي أنجبت له الأمير حمزة ولي العهد والأمير هاشم والأميرة راية والأميرة إيمان.
عمل الملك الأردني الشاب على تخليص الجيش من العناصر الأجنبية فأبعد الجنرال البريطاني غلوب قائد الجيش الأردني عام 1955 وأعلن عام 1957 إنهاء الانتداب البريطاني على الأردن استنادا إلى معاهدة 1948.
الاتحاد العربي الهاشمي
أنشأ الملك الحسين عام 1958 مع ابن عمه الملك فيصل بن غازي ملك العراق اتحادا عرف آنذاك بالاتحاد العربي الهاشمي لكنه لم يستمر طويلا فقد انهار فور قيام ثورة 14 يوليو/ تموز سنة 1958 في العراق.
هزيمة 1967
وقع الملك حسين على إنشاء حلف دفاعي مع مصر أوائل عام 1967 بعد أن طلب رئيسها الأسبق جمال عبد الناصر سحب القوات الدولية المتمركزة على الحدود المصرية الإسرائيلية وتصالح مع منظمة التحرير الفلسطينية. لكن الأحداث تتابعت بسرعة مذهلة فشنت إسرائيل هجوما على مصر وسوريا والأردن أسفر عن ضياع سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية من الأردن بما فيها القدس ونجم عن تلك الهزيمة تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن.
مشروع النقاط الستة
أعلن الملك حسين مشروعا للسلام مع إسرائيل عرف فيما بعد بمشروع النقاط الستة ففي 10/4/1969 اقترح أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن خطة من ست نقاط وذكر في ذلك اللقاء بأنه لا يطرحها باسمه فحسب وإنما أيضا باسم الرئيس المصري جمال عبد الناصر وبتفويض منه. وتستند الخطة إلى قرار مجلس الأمن 242 الصادر في 22/11/1967 وتهدف إلى إقامة سلام عادل ودائم على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في يونيو/ حزيران 1967 وتنفيذ جميع بنود قرار مجلس الأمن الأخرى.
وبعد إعلان الملك حسين مشروعه بيومين رفضته رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير وأصدرت معظم المنظمات الفدائية الفلسطينية بيانا مشتركا في 15/4/1969 أعلنت فيه رفضها لمشروع السلام بعد أن رفضت إسرائيل قرار 242.
أحداث أيلول الأسود
وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية التي كانت تتخذ لها من الأردن قواعد عسكرية ومكاتب إدارية وسياسية وإعلامية عرفت باسم أحداث أيلول الأسود عام 1970 وأدت إلى خروج المقاومة الفلسطينية المسلحة من الأردن إلى لبنان.
المملكة العربية المتحدة
أعلن الملك حسين في 15/3/1972 عن مشروع بإقامة المملكة العربية المتحدة وذكر في ذلك المشروع أنه يعتزم تغيير اسم المملكة الأردنية الهاشمية إلى المملكة العربية المتحدة على أن تتكون من قطرين: الأول فلسطين ويضم الضفة الغربية وأي أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها في الانضمام إلى المملكة المقترحة والثاني هو الأردن ويتكون من الضفة الشرقية. وتكون عمان عاصمة مركزية للمملكة والقدس عاصمة لفلسطين. ورئيس الدولة هو الملك ويتولى السلطة القضائية محكمة عليا مركزية وقوات مسلحة واحدة قائدها الأعلى هو الملك ويتولى السلطة التنفيذية في كل قطر حاكم عام من أبناء القطر نفسه. وينتخب أهالي كل قطر مجلسا تشريعيا.
وقد رفضت منظمة التحرير الفلسطينية هذا المشروع واعتبرته مؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ومحاولة لسلب المنظمة أهليتها باعتبارها ممثلا للشعب الفلسطيني. وقد تميزت علاقة الملك حسين بمنظمة التحرير الفلسطينية بالتوتر فلم يعترف بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني كما نص قرار القمة العربية عام 1964 وظلت هذه الحالة حتى عام 1974.
فك الارتباط مع الضفة
أصدر العاهل الأردني قراره التاريخي عام 1988 بفك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية تمهيدا لإعلان الدولة الفلسطينية.
معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية
شارك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 والذي انبثقت عنه مفاوضات متعددة الأطراف وتوصل الطرفان الأردني والإسرائيلي إلى التوقيع على معاهدة سلام بين الدولتين عرفت باسم اتفاقية وادي عربة عام 1994 التي نصت على اعتراف الأردن رسميا بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وأمنية واقتصادية بينهما وتخطي الحواجز النفسية وصولا إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و338.
مرض ووفاة
أصيب الملك حسين بمرض السرطان عام 1992 وكان يتلقى العلاج بانتظام في الولايات المتحدة وقد اشتد عليه المرض عام 1998 وأمضى فترة طويلة في الولايات المتحدة للعلاج وقبيل وفاته عاد إلى عمان عام 1999 ليصدر قرارا بعزل أخيه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد التي ظل محتفظا بها منذ عام 1965 وعهد بها إلى ابنه الأكبر الأمير عبد الله. وتوفي الملك حسين بن طلال في السابع من شباط/ فبراير 1999 عن عمر يناهز 64 عاما قضى منها 47 عاما ملكاً للأردن.
أيلول الأسود
منظمة فدائية فلسطينية سرية ظهرت بعد معارك الفلسطينيين والأردنيين في أيلول ـ سبتمبر 1970 في الأردن ومنها اتخذت اسمها. برز اسمها بشكل خاص بعد عملية اغتيال وصفي التل رئيس الوزراء الأردني في القاهرة في 8 نوفمبر 1971 التي نفذها أربعة من أعضائها.
اقترن اسمها بجناح أو جهاز خاص من منظمة (فتح) وقد أشاع الصهاينة معلومات كثيرة عنها بعد اغتيال عدد من مناضلي المقاومة الفلسطينية وتعذيبهم.
نفذت أيلول الأسود عمليات اغتيال انتقامية رداً على أعمال الأجهزة الصهيونيه المعادية. وقد توقف نشاطها في السنوات الأخيرة.
جابر الأحمد الصباح (1928م ـ 000)
الشيخ جابر الأحمد الصباح. سياسي ورجل دولة كويتي. أمير الدولة وواحد من أشهر حكامها
ولد في الكويت وهو الابن الثالث للشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت الأسبق. تلقى الشيخ جابر تعليمه في مدرسة المباركيّة والمدرسة الأحمدية بالكويت. كما تلقى تعليماً خاصاً على يد أساتذة خصوصيين في الدين واللغة العربية وآدابها واللغة الإنجليزية وكافة العلوم الأخرى.
بدأ الشيخ جابر في تولى المناصب الإدارية منذ أن بلغ الحادية والعشرين ففي عام 1949 عُين رئيساً للأمن العام في منطقة الأحمدي النفطية واستمر في منصبه ذاَك حتى عام 1959. وفي العام نفسه تولى رئاسة دائرة المالية والتي غَيّر اسمها إلي وزارة المالية في 17 يناير عام 1962. واستمر في منصبه حتى 30 نوفمبر 1965. وكان أول وزيرٍ للمالية في دولة الكويت ثم رئيساً للوزراء في 30 نوفمبر 1965. وفي 31 مايو 1966 بويع بالإجماع في مجلس الأمة ولياً للعهد. وفي 31 ديسمبر 1977 عُين الشيخ جابر أميراً لدولة الكويت بعد وفاة الشيخ صباح السالم الصباح.
حقق الشيخ جابر الكثير من الإنجازات حيث طوّر الإدارة المالية وحولها إلى وزارة كما أشرف على وضع سياسة إسكانية محكمة وعمل على تنفيذها محققاً بذلك السكن المناسب للجميع وتمثل ذلك في إيجاد نهضة عمرانية مشّرفة. كما أنشأ الشيخ جابر معهداً ضخماً للبحوث ولجنة وطنية للتكنولوجيا برئاسة وزير الكهرباء والماء. كما عمل على تشجيع التعليم وتطويره. إضافة إلى ذلك فقد أنشأ عدداً كبيراً من المشروعات الزراعية والصناعية في كثير من البلاد العربية والإسلامية. وأهم إنجازات الشيخ جابر أنه قوى دعائم دولة الكويت الحديثة وجعل لها مكانة مرموقة بين كل دول العالم وبناها اقتصادياً وحضارياً.
وفي 2 أغسطس 1990 احتلت القوات العراقية دولة الكويت فقاد الشيخ جابر العمل السياسي والدبلوماسي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن وبعض المنظمات الدولية الأخرى من أجل تحرير الكويت إلى أن تم تحريرها في 27 فبراير 1991 بعد اندلاع الحرب في 16 يناير 1991 بين النظام العراقي من جهة وتحالف 37 دولة من جهة أخرى.
وفي نوفمبر 1994 اعترفت الحكومة العراقية بسيادة الكويت وحدودها الدولية وأعلنت الأمم المتحدة نصّ القرار الذي اعترف العراق فيه بشرعية الكويت وكيانه.
عمل على إعادة إعمار الكويت وتشغيل حقول البترول التي دمرتها القوات العراقية عند اجتياحها للكويت
حافظ الأسد (1930م ـ 2000):
ضابـط ورجل دولـة رئيس الجمهـورية العـربية السورية (1971 ـ 2000).
ولد في 6 أكتوبر 1930 في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية في عائلة تعمل بالزراعة تنتمي إلى فرع المتورة من الطائفة العلوية التي تشكل غالبية سكان ريف هذه المحافظة. وهو الابن الأكبر للأسرة. وأخوه الأصغر رفعت الأسد تولى مناصب مرموقة ومنها نائب رئيس الجمهورية السورية.
تزوج حافظ الأسد من السيدة أنيسة مخلوف وأنجب منها: بشرى التي تعمل طبيبة صيدلانية والرائد الركن باسل الذي توفي في حياة والده إثر اصطدام سيارته الخاصة في دمشق في 21/1/1994 والعقيد الركن الدكتور بشار –الرئيس الحالي– طبيب أمراض العيون وضابط مدرعات في الجيش السوري والرائد الركن المهندس ماهر ومجد الحاصل على درجة جامعية في الاقتصاد.
بدأ اهتمام الرئيس السوري حافظ الأسد بالأمور العامة مبكراً فقد كان رئيس فرع الاتحاد الوطني للطلبة في محافظة اللاذقية ثم رئيساً لاتحاد الطلبة في سوريا وانضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1946 عندما شكل رسمياً أول فرع له في اللاذقية وأصبح عضواً قيادياً في التشكيلات العسكرية للحزب منذ عام 1960.
الحياة العسكرية
انضم حافظ الأسد إلى الأكاديمية العسكرية في حمص عام 1952 وتخرج فيها عام 1955 ثم التحق بعد ذلك بالأكاديمية الجوية التي تخرج فيها عام 1958 طياراً في السلاح الجوي.
أبعد الأسد عن الجيش مع بدء ما عرف بعهد الانفصال الذي ألغى دولة الوحدة مع مصر وأعيد مرة أخرى إلى الخدمة عام 1963 بعد الانقلاب الذي قاده مجموعة من ضباط حزب البعث وحركة القوميين العرب والناصريين بقيادة لؤي الأتاسي وزياد الحريري ورقي آنذاك إلى رتبة لواء وكان يبلغ من العمر 34 عاماً ثم عُيِّن في العام التالي مباشرة (1965) قائداً للسلاح الجوي.
وفي 23 فبراير/ شباط 1966 كان الأسد أحد قادة الانقلاب الذي أطاح بالقيادة القومية المدنية للحزب وحكم الفريق أمين الحافظ وخلال بضعة أيام من الانقلاب أصبح الأسد وزيراً للدفاع.
انقلاب عسكري
كان الأسد وزيراً للدفاع وقائداً للسلاح الجوي حينما فقدت سوريا مرتفعات الجولان في حرب يونيو/ حزيران 1967 وبعد تلك الهزيمة القاسية تبودلت الاتهامات ووقعت اعتقالات كثيرة وساد نوع من عدم الاستقرار السياسي استغله حافظ الأسد في الاستيلاء على السلطة بانقلاب عسكري عام 1970 ثم أصبح رئيساً للجمهورية العربية السورية عام 1971 وكان بذلك أول رئيس في التاريخ السوري ينتمي إلى الطائفة العلوية. وبعدها أعيد انتخابه في استفتاءات متتابعة أعوام 1978 و1985 و1992 و1999 وفي كل مرة كان يحصل على نسبة أصوات تقارب الـ 100%.
الأسد وحرب 1973
نسق الرئيسان حافظ الأسد وأنور السادات في الاستعدادات الخاصة بحرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 فكلتا الدولتين لها أراض محتلة منذ هزيمة يونيو/ حزيران 1967 ثم وقع الخلاف بينهما بعد أن وقعت مصر الاتفاق الثاني لفصل القوات بين مصر وإسرائيل وشكلت سوريا مع كل من ليبيا واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية جبهة الصمود والتصدي بعد توقيع الرئيس السادات معاهدة كامب ديفد مع إسرائيل عام 1979.
وتوطدت العلاقة بين سوريا والاتحاد السوفياتي سابقاً حيث وقع الأسد والرئيس السوفياتي ليونيد بريجنيف في 8/10/1980 معاهدة صداقة وتعاون مدتها 20 عاماً ووقعت اتفاقية مشابهة مع إيران بعد الثورة الإسلامية التي قادها آية الله الخميني عام 1979.
وتؤدي سوريا دوراً كبيراً في الحياة السياسية والعامة في لبنان منذ دخول قوات كبيرة من الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 وأدى هذا الحضور القوي إلى تكوين موقف لبناني من المفاوضات والعملية السلمية مشابه لموقف سوريا وإلى نشاط المقاومة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي والتي أدت إلى انسحاب إسرائيلي من لبنان دون شروط أو اتفاقات.
وشارك الجيش السوري عام 1991 مع قوات التحالف الدولية لتحرير الكويت وبعد الحرب كونت سوريا ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي منظومة دفاعية سميت بدول إعلان دمشق.
انتهج الرئيس السوري حافظ الأسد أسلوباً حذراً في تعامله مع ملف مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية وذلك منذ إبرام الرئيس المصري أنور السادات سلاماً منفرداً مع إسرائيل أواخر السبعينيات وظل لفترة طويلة يمسك بعدة خيوط يجيد استخدامها في مفاوضاته مع إسرائيل منها الدعم السوري لحزب الله في الجنوب اللبناني والدعم السياسي لعدد من فصائل المعارضة الفلسطينية.
ويقول عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز إنه أصر دوماً على مطالب أكثر مما ينبغي.
وأما هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي في عهد الرئيس نيكسون ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق والذي دخل في وساطة للسلام بين سوريا وإسرائيل عقب حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 ولم تنقطع صلته بالأسد حتى وقت متأخر من التسعينيات فإنه في حوار أجراه معه مراسل مجلة نيوزويك مايكل هيرش ونشرته الطبعة العربية من المجلة في عددها بتاريخ 20 يونيو/ حزيران 2000 عقب وفاته سئل عن مكانة الأسد التاريخية وأثره في سوريا فقال كيسنجر “لم يكن الأسد ملماً بالغرب جيداً وأعتقد أنني كنت أول شخص من الغرب يتفاوض معه بشكل منتظم وكان يتمتع بذكاء فوق العادة وبحس للدعابة وكان أيضاً قاسياً لا يرحم وتتملكه المشاعر القومية”.
ولدى سؤاله عن أسلوبه في التفاوض يقول كيسنجر إنه “كان يتعامل بطريقة تجارة المفرّق فوجب عليه إثبات أنه لم يعط شيئاً دون مقابل وأعتقد أن وضعه الداخلي والمخاوف من القوميين العرب لم تمكنه من كسر جمود المفاوضات. واتصلت به بعد أن وقع الرئيس السادات اتفاق فك الاشتباك بين مصر وإسرائيل وقلت له: ليس أمامك خيار الآن وعليك أن تفعل الشيء نفسه بلباقة أو بطريقة تعوزها الكياسة فرد الأسد عليَّ بقوله: أنت مخطئ فقد فشلتم في فيتنام وسوف تبيعون تايوان في يوم ما وسنظل نحن باقين عندما تتعبون من إسرائيل (يضحك الأسد) فقلت له إن هذا لن يحدث”.
وعن الإضافات التي أضافها الأسد لسوريا على مدى الثلاثين عاماً التي قضاها رئيساً عليها يقول كيسنجر في الحوار نفسه لم يكن الأسد رجل التغيرات الكبرى ولكنه كان رجل البقاء مع الإضافات الصغيرة.
قمة جنيف
كانت آخر محاولة للتوصل إلى إقامة سلام بين سوريا وإسرائيل تلك التي قام بها الرئيس الأميركي بيل كلينتون أثناء لقائه مع الأسد في 26 مارس/ آذار 2000 بجنيف حيث قدم كلينتون في ذلك اللقاء الذي استمر خمس ساعات خريطة وضع عليها تعديلاً لحدود 1967 ولكن الأسد رفضها وفضل الانتظار لاستعادة الجولان بأكملها.
المكالمة الأخيرة
مات الرئيس السوري يوم السبت 10 يونيو/ حزيران 2000 في دمشق إثر أزمة قلبية مفاجئة أثناء محادثة هاتفية مع الرئيس اللبناني إميل لحود عن عمر يناهز السبعين عاماً. ومات الأسد بعد أن مهد الجو السياسي في سوريا لتولية ابنه بشار الحكم خلفاً له.
الناصرية
التعريف : الناصرية حركة قومية عربية نشأت في ظل حكم جمال عبد الناصر واستمرت بعد وفاته واشتقت اسمها من اسمه وتبنت الأفكار التي كان ينادي بها وهي : الحرية والاشتراكية والوحدة وهي نفس أفكار الأحزاب القومية اليسارية العربية الأخرى .
التأسيس وأبرز الشخصيات : أول من أطلق لفظ ( الناصرية ) محمد حسنين هيكل الصحفي الذي رافق عبد الناصر إبان حكمه وأصبح له شهرة في العالم العربي وذلك بمقال له في جريدة الأهرام في 14/1/1972م
جاء بعده كمال رفعت وأصدر في عام 1976م كتيبا بعنوان ناصريون ذكر فيه مبادئ الناصرية وأهدافها .
وبلور الدكتور عبد القادر حاتم الذي كان وزيراً في عهد عبد الناصر المذهب الناصري في تأبينه لعبد الناصر كما جاء في جريدة الأخبار ( 2/10/1970م ) حيثما قال : ” أصبح في العالم اليوم مذهب سياسي متميز ينتسب إلى عبد الناصر “.
وقد وافق القضاء المصري على إعلان الناصرية كحزب باسم ( الحزب الديمقراطي الناصري) وذلك في يوم الاثنين 18/شوال/1412هـ ( 20/4/1992م ) برئاسة ضياء الدين داود المحامي وعضو مجلس الشعب المصري .
وهناك من قادة الدول العربية – مثل معمر القذافي رئيس الجماهرية الليبية – من يصرح بأنه على منهج عبد الناصر !! .
عبد السلام محمد عارف
(1339 ـ 1385هـ = 1921 ـ 1966م)
نشأ في بغداد في محيط اجتماعي ضيق تسوده نزعة طائفية وطموح لا حد له. تخرج ضابطاً في الجيش العراقي واشترك مع عبد الكريم قاسم في تنظيم الضابط الأحرار. وفي الإعداد لثورة 14 (تموز) يوليه 1958 للإطاحة بالملك فيصل الثاني ونظام حكمه.
تدرج في المناصب العسكرية حتى وصل إلى رتبة العقيد الركن عام 1958. وبعد ثورة 1958 تولى ثلاثة مناصب دفعة واحدة هي: نائب القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ثم في اليوم الثالث للثورة تولى منصب رئيس مجلس إدارة جريدة (الجمهورية) الناطقة بلسان الثورة. وبدأ صراعه على السلطة مع عبد الكريم قاسم وحاول الدعاية لنفسه والإكثار من زيارة المواقع العسكرية والمحافظات وإلقاء الخطب في الجماهير قائلاً إنه هو مفجر الثورة؛ ولذلك نفر منه كثير من الضباط الأحرار أعضاء اللجنة العليا للحكومة.
نشب أول خلاف بينه وبين عبد الكريم قاسم حول تصفية أفراد العائلة المالكة فكان عبد السلام محمد عارف مؤيداً لتصفيتهم جميعاً بينما كان عبد الكريم قاسم لا يرى ذلك. ثم اشتد الخلاف بينهما عقب زيارة عبد السلام محمد عارف دمشق في 19 (تموز) يوليه 1958 واجتماعه بالرئيس جمال عبد الناصر وعرض عبد السلام محمد عارف موضوع إبرام الوحدة الفورية العاجلة بين العراق والجمهورية العربية المتحدة (مصر وسورية) ولكن عبد الناصر نصحه بالتريث.
أدلى عبد السلام محمد عارف بخطاب في دمشق مدح فيه نفسه ونسب نجاح الثورة إليه وإلى جهوده الشخصية ولم يذكر عبد الكريم قاسم. وقد قال بعد ذلك مبرراً عدم ذكر عبد الكريم قاسم “إن الثورة ليست ثورة عبد الكريم وإنما ثورة الشعب”.
ثم اشتدت نقمة عبد الكربم قاسم عليه عندما أخبرته السفارة البريطانية بأن عبد السلام محمد عارف قد أرسل برقية إلى السفارة المصرية ببغداد يبلغها بعزمه السفر إلى القاهرة على رأس عدد من الضباط العراقيين؛ لإعلان الوحدة حتى لو اضطر إلى تنحية عبد الكريم قاسم عن الحكم. عقب ذلك أصدر عبد الكريم قاسم في 11 (أيلول) سبتمبر 1958 أمراً بعزله من منصب نائب القائد العام ثم أعقبه بعد ذلك بقرار تجريد عبد السلام محمد عارف من جميع مناصبه في 30 (أيلول) سبتمبر 1958 وعيَّنه سفيراً للعراق لدى حكومة ألمانيا الغربية ثم أحاله إلى المحكمة العسكرية العليا الخاصة برئاسة فاضل عباس المهداوي ابن خالة عبد الكريم قاسم في 9 ديسمبر 1958؛ ليحاكم وفق المادة (80) من قانون العقوبات العراقي ونسبت إليه تهمة الإعداد لانقلاب ضد عبد الكريم قاسم ومحاولة اغتياله.
وصدر الحكم في 5 فبراير 1959 على عبد السلام محمد عارف بالإعدام شنقاً حتى الموت وطرده من القوات المسلحة ثم خُفف الحكم إلى السجن. وقبع عبد السلام محمد عارف في السجن حتى سبتمبر 1961 حيث أُطلق سراحه. وظل عبد السلام محمد عارف بعد ذلك على اتصال بالقوى المناهضة لعبد الكريم قاسم إلى أن تمكن من الإعداد لثورة 8 فبراير 1963 بالاشتراك مع أعضاء بارزين من حزب البعث والإطاحة بعبد الكريم قاسم وإعدامه.
انتخبه مجلس الثورة رئيساً للجمهورية. وكان له نشاط سياسي بارز في ساحة الحكم غير أن فترة حكمه اتسمت بالقلاقل والعراقيل؛ بسبب خلافه مع حزب البعث والثورة الكردية في الشمال. لقد كان عبد السلام محمد عارف رئيساً لحكم يقوده حزب البعث بينما لم يكن هو من قيادات الحزب بل مجرد صديق له ولأقطابه. تعرض حكمه لعدة محاولات انقلاب منها أن المقدم طيار منذر الونداوي من حزب البعث هاجم القصر الجمهوري بطائرته؛ فقذف منها القنابل على مخدع عبد السلام محمد عارف ولكنه لم يكن فيه فنجا.
تمكن بالاستعانة بأنصاره من رجال الجيش في 18 نوفمبر 1963 من إزاحة أقطاب حزب البعث من السلطة وبذلك انفرد بها تماماً. ولم يسارع إلى الوحدة مع مصر أو سورية كما توقع الكثيرون فجرت محاولة انقلاب ضده بقيادة عارف عبد الرزاق رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات الجوية في سبتمبر 1965 ولكنها باءت بالفشل. عقب ذلك أصيب عبد السلام محمد عارف بقرحة في المعدة جعلته يعاني آلاماً مبرحة ثم أصابه اللوكيميا “سرطان الدم” مما جعله يجري عملية استبدال دم عدة مرات. ومع ذلك استأثر لنفسه إلى جانب منصب رئيس الجمهورية بمنصب القائد العام للقوات المسلحة ونصّب أخاه عبد الرحمن عارف رئيساً للأركان؛ ضماناً للسيطرة على الجيش. أمَّا علاقاته بالدول العربية اعتباراً من عام 1964 فكانت مضطربة؛ فعلاقاته مع مصر كانت طيبة في الظاهر مهزوزة في الواقع وكان يخشى حزب البعث في سورية. أمَّا الدول العربية الأخرى فكانت تتوجس من التعاون معه فقد كان يرفع شعارات وحدوية ويتشدَّق بمعاداة الرجعية كما كان لسانه منفلتاً لا يكفّ عن كيل الشتائم والسباب للكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين.
أمَّا علاقاته بدول العالم فكانت مضطربة كذلك؛ فقد كانت كراهيته للشيوعية سبباً في عداوة المعسكر الاشتراكي ولكنها لم تمكنه من الالتقاء بالمعسكر الغربي الذي يضم بريطانيا العدو التقليدي والولايات المتحدة الأمريكية وهي الدولة التي تحمي إسرائيل وتدفع كل من يفكر في التعاون معها إلى التردد كثيراً؛ لئلا يتهم بالتهاون في قضية فلسطين قضية العرب الأولى.
أمَّا فكره السياسي والعقائدي فقد كان مضطرباً كذلك فهو يعلن إيمانه بالقومية العربية وبالإسلام ثم لا يجرؤ على اقتراح أي شكل من أشكال التعاون بين المسلمين؛ لئلاّ يُتهم بالرجعية والتخلف. وكذلك كان في سياسته الداخلية؛ فهو ينادي بالاشتراكية وتم في عهده تأميم البنوك وشركات التأمين وكبريات الشركات الصناعية ولكنه في مجالسه الخاصة يلعن الاشتراكية ويتبرَّأ منها.
اندلعت في عهده الثورة الكردية في شمالي العراق يناير 1966 وعزم على مواجهتها بالقوة المسلحة وأراد إقناع مصر بتزويده بالسلاح والعتاد لإنهاء مشكلة الأكراد وقرر بدء الضربة العسكرية في 15 أبريل 1966 ولكنه مات قبل ذلك بيومين؛ ففي مساء 13 أبريل 1966 كان في حفل في منطقة الأهوار وتأخرَّ هناك إلى المساء ثم حلقت به طائرة عمودية إلى البصرة وانفجرت في الجو واحترقت بكل من فيها. وقيل إن السبب عاصفة ترابية جعلت الطائرة تستدير بزاوية 90 درجة نحو اليسار ثم استدارت نحو اليمين 90 درجة وأخذ قائدها يرسل الاستغاثات ثم انفجرت الطائرة. وتم تشييع جثمانه في 16 أبريل 1966. وتولى رئاسة الجمهورية بعده أخوه عبد الرحمن محمد عارف.
سعد زغلول .. من مواليد يوليو 1857 بمحافظة كفر الشيخ 0
حفظ القرآن وهو في سن الحادية عشرة من عمره وفي عام 1871 اتجه إلي الأزهر الشريف وأسهم وهو مازال طالبا في الدعوة لإصلاح الأزهر
وكان من تلاميذ جمال الأفغاني وفي عام 1880 اختاره ” جمال الأفغاني ” ليسهم معه في تحرير ” الوقائع المصرية ” 0
اختص سعد زغلول بنقد أحكام المجالس الملغاة تلخيصها والتعقيب عليها
توفي في 23/8/1927 0
عين ناظرا لقلمم قضايا الجيزة في نوفمبر 1882 واشترك في الثورة العرابية عام 1882 واعتقل بضعة أشهر بسبب اشتراكه في هذه الثورة ونفاه الإنجليز إلي جزيرة “مالطة” 0
و في عام 1892عين نائبا لمحكمة الاستئناف ومستشارا لمحكمة الاستئناف عام 1895 وفي عام 1897 حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة فرنسا 0
عين وزيرا للمعارف في 18/11/1906 0
نفي مرة أخري إلي عدن عام 1921 ثم إلي سيشيل عام 1922 ثم إلي جبل طارق حتى عام 1923 0
اختير رئيسا لمجلس النواب في 12/1/ 1924 ورئيسا للوزراء في 28/2/ 1924وحينئذ أفرج عن جميع المسجونين السياسيين وألغي نفقات جيش الاحتلال 0
كما جعل سعد باشا زغلول التعليم باللغة لعربية كما أنشأ مدرسة ” القضاء الشرعي ” وقرر تعطيل الدراسة احتفالا ” برأس السنة الهجرية “قام بتوكيل من الأمة المصرية بالدفاع عن قضية الوطن فتصدي لبريطانيا
وفي عام 1918 عندما أعلنت الهدنة طالب مندوب الحماية البريطانية بالاستقلال التام وقد دخل مفاوضات مع الإنجليز ولكنها انتهت بالإخفاق عام 1924
نشرت مذكراته التي كتبها بخط يده لأول مرة عام 1985 وتقع في 23كراسة وتحتوي علي ثلاثة آلاف و 18 صفحة
حريق القاهرة ( 1952م)
حدث حريق القاهرة صباح يوم 26 يناير 1952 بعد تظاهرات حاشدة ـ شارك فيها جنود الشرطة ـ احتجاجاً على قصف القوات الإنجليزية لمبنى محافظة الإسماعيلية مما أدى إلى سقوط خمسين شهيداً وثمانين جريحاً. وكانت القوات الإنجليزية تحاول إيقاف التظاهرات التي انتظمت مصر ضد الملك والإنجليز بعد أن ألغت حكومة الوفد معاهدة 1936 (المصرية الإنجليزية) التي اعترفت بشرعية الوجود العسكري في منطقة السويس.
بدأ الحريق في ميدان الأوبرا ثم عمّ وسط المدينة وانتقل إلى أطرافها جنوباً في شارع الهرم وشمالاً حتى الفجّالة. لم يأت المساء إلاّ وقد احترق 300 متجرٍ و30 من إدارات الشركات الكبرى وبنك باركليز و117 من الشقق السكنية ومكاتب الأعمال و13 فندقاً كبيراً و40 داراً للسينما و8 معارض كبرى للسيارات وعشرة متاجر للسلاح و73 مقهىً ومطعماً وصالة و16 نادياً و92 حانة وبلغ عدد القتلى 26 وعدد الجرحى 552 تقريباً.
ترتب على الحريق إعلان الأحكام العرفية وإقالة حكومة الوفد وتصفية حركة الفدائيين في القناة. واتخذ الملك الحريق سبباً للتخلص من خصومه السياسيين وذلك بتنظيم حملة اعتقال شملت الوفديين والشيوعيين والاشتراكيين وتقديم أحمد حسين (زعيم الحزب الاشتراكي) للمحاكمة بتهمة التحريض على الحريق.
حامت الشبهات حول الملك والإنجليز في تدبير الحادث؛ لمِا ترتب عليه من قلب ميزان القوى السياسية ـ مؤقتاً ـ لصالحهما. كان أساس الشبهة تقاعس البوليس السياسي التابع للملك عن حفظ الأمن واحتجاز الملك 600 من قيادات الجيش والشرطة بقصره بدعوى اشتراكهم في احتفاله بمولد ولي عهده وعدم استجابة قائد الجيش (محمد حيدر) لطلب وزير الداخلية (فؤاد سراج الدين) بإنزال الجيش لحفظ الأمن إذ لم يستجب إلاّ في المساء بعد تمام الحريق. ثم ما لوحظ من تجول بعض العناصر المشبوهة حاملة أدوات التكسير والمواد سريعة الاشتعال.
عاشت مصر بعد الحريق ستة أشهر في ظلام العنف والإرهاب إلى أن اندلعت ثورة يوليه 1952.
زكريا محيى الدين ( 1918 ـ ):
سياسي مصري وضابط ورئيس وزراء ونائب رئيس الجمهورية
هو زكريا عبد المجيد محيى الدين ولد في 7 مايو 1918م في كفر شكر بمحافظة القليوبية لأسرة معروفة. تلقى دراسته في مدرسة أولية بالقرية ثم بمدرسة العباسية الابتدائية ومدرسة فؤاد الأول الثانوية. التحق بالكلية الحربية في 6 أكتوبر 1936 وتخرج فيها في 6 فبراير 1938 برتبة ملازم ثاني وعمل في سلاح الإشارة في منقباد بصعيد مصر،التحق بكتيبة بنادق المشاة بالإسكندرية ثم انتقل إلى منقباد سنة 1939 حيث التقى جمال عبد الناصر ثم سافر إلى السودان سنة 1940 حيث عمل مع جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.
تخرج في كلية أركان حرب عام 1948 واشترك في حرب فلسطين عام 1948 فأبلى بلاءً حسناً في المجدل وعراق وسويدان والفالوجا ودير سنيد وبيت جبريل. كلف بمهام الاتصال بالقوة المحاصرة بالفالوجا مع المرحوم صلاح سالم. عاد إلى القاهرة بعد انتهاء حرب فلسطين ليعمل مدرساً بالكلية الحربية ومدرسة المشاة ثم في كلية أركان حرب حتى قيام ثورة 23 يوليه 1952.
انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار ضمن خلية جمال عبد الناصر. ووضع خطة التحرك ليلة 23 يوليه 1952 حيث كان يرأس عمليات الضباط الأحرار وكان المشرف العام على تحركات الوحدات في تلك الليلة. وقاد عملية محاصرة القصور الملكية في الإسكندرية فكان رئيس عمليات القوات التي تحركت إلى الإسكندرية لعزل الملك فاروق.
بعد ثورة 23 يوليه اشترك في تأسيس جهاز المخابرات العامة المصرية ثم عين مديراً له كما كان ضمن أعضاء مجلس قيادة الثورة. عُين وزيراً للداخلية عام 1953. وفي 26 مارس 1960 عين رئيس اللجنة العليا للسد العالي. أُختير زكريا محيى الدين رئيساً لمكتب الادعاء في محكمة الثورة.
في 18 أكتوبر 1961 عين نائباً لرئيس الجمهورية بالإضافة لمنصبه كوزيرٍ للداخلية. إلى 27 سبتمبر 1962 حيث ترك منصب وزارة الداخلية وعين عضواً في مجلس الرئاسة بالإضافة لمنصبه كنائب لرئيس الجمهورية وقد خلفه اللواء سيد فهمي وزيراً للداخلية. وفي 11 أبريل 1964 عُين رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات.
عُين رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية في 1 أكتوبر 1965 واستمرت وزارته حتى 10 سبتمبر 1966 حيث قَبِلَ الرئيس جمال عبد الناصر استقالته من رئاسة الوزارة. وخلال فترة رئاسته للوزارة نفذ محيى الدين سياسة انكماشية اقتنع بحاجة تلك المرحلة إليها.
وفي 19 يونيه 1967 عين نائباً لرئيس الوزراء في وزارة الرئيس جمال عبد الناصر بالإضافة لمناصبه الأخرى كرئيسٍ للجنة السد العالي وعضوٍ بلجنة الدفاع الوطني ورئيسٍ لمجلس الدفاع وعضوٍ اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي وتولى الإشراف على قطاع الزراعة والشباب وأمانة لجنة الاتحاد الاشتراكي لمحافظة القاهرة كما عُين رئيساً للجنة العليا لأموال أسرة محمد علي المصادرة وقائداً للمقاومة الشعبية.
وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد رشح زكريا محيى الدين لرئاسة الجمهورية خلفاً له بعد تنحيته عن الرياسة في 9 يونيه 1967 في أعقاب حرب 5 يونيه 1967 وفقاً للمادة 110 من الدستور ورفض زكريا محيى الدين هذا المنصب في بيان ألقاه في 10 يونيه 1967. وتمسك زكريا محيى الدين بعودة جمال عبد الناصر للحكم. قدم استقالته وأعلن اعتزاله الحياة السياسية عام 1968.
شهد زكريا محيى الدين مؤتمر باندونج وجميع مؤتمرات القمة العربية والأفريقية ودول عدم الانحياز. ورأس وفد الجمهورية العربية المتحدة في مؤتمر رؤساء الحكومات العربية في يناير ومايو 1965. وفي أبريل 1965 رأس وفد الجمهورية العربية المتحدة في الاحتفال بذكرى مرور عشر سنوات على المؤتمر الأسيوي ـ الأفريقي الأول.
عرف عن زكريا محيى الدين لدى الرأي العام المصري بالقبضة القوية والصارمة إذ لم يعرف عنه ما يشين سلوكه الشخصي أو السياسي لم يكن وجهاً محبوباً لدى الجماهير بسبب ما أنيط به خلال سنين الثورة من مهام حفظ الأمن ودعم أجهزته وتنفيذ السياسات الانكماشية وما روج له منافسوه في السلطة من نزوعه إلى السياسة الاقتصادية الليبرالية. حاصل على 18 وساماً وقلادة. وكان رئيس رابطة الصداقة العربية ـ اليونانية
محمد حسني مبارك (1347هـ ـ ) (1928م ـ ):
عسكري ورجل دولة رئيس جمهورية مصر العربية (1402هـ ـ ) (1981م ـ ).
ولد في 4 مايو 1928م في بلدة كفر المصيلحة بمركز شبين الكوم محافظة المنوفية والده السيد/ السيد إبراهيم كان يعمل موظفاً في محكمة طنطا وتدرج في الوظائف إلى أن وصل إلى درجة مفتش في وزارة العدل وأحيل إلى المعاش في يونيه 1960 وتوفي في العام نفسه.
التحق حسني مبارك بالمدرسة الابتدائية وعمره ثماني سنوات ثم التحق بمدرسة المساعي الثانوية بشبين الكوم وأنهى بها مرحلة التعليم الثانوي. ثم التحق بالكلية الحربية حيث تخرج فيها في فبراير 1949م برتبة ملازم ثاني. والتحق ضابطا بسلاح المشاة باللواء الثاني الميكانيكي لمدة شهرين وأعلنت كلية الطيران عن قبول دفعة جديدة بها من خريجي الكلية الحربية فتقدم حسني مبارك للالتحاق بالكلية الجوية واجتاز الاختبارات مع إحدى عشر ضابطاً قبلتهم الكلية وتخرج في الكلية الجوية حيث حصل على بكالوريوس علوم الطيران من الكلية الجوية في 12 مارس 1950م.
التحق بالقوات الجوية في العريش في 13 مارس 1950 ثم نقل إلى مطار حلوان عام 1951 للتدريب على المقاتلات واستمر به حتى بداية عام 1953 ثم نقل إلى كلية الطيران ليعمل مدرساً بها فمساعدا لأركان حرب الكلية ثم أركان حرب الكلية وقائد سرب في نفس الوقت حتى عام 1959.
سافر في بعثات متعددة إلى الاتحاد السوفيتي منها بعثة للتدريب على القاذفة اليوشن ـ 28 وبعثة للتدريب على القاذفة تي ـ يو ـ 16 كما تلقى دراسات عليا بأكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي (1964 ـ 1965م).
أصبح محمد حسني مبارك قائداً للواء قاذفات قنابل وقائداً لقاعدة غرب القاهرة الجوية بالوكالة حتى 30 يونيه 1966. وفي يوم 5 يونيه 1967 كان محمد حسني مبارك قائد قاعدة بني سويف الجوية.
عُين مديراً للكلية الجوية في نوفمبر 1967م. وتخرج على يديه عدد كبير من الطيارين الممتازين الذين برزوا في حرب أكتوبر 1973م وقد عُرف حسني مبارك بالحزم والكفاءة واشتهر بأنه معلم إستراتيجي من الدرجة الأولى.
رقي لرتبة العميد في 22 يونيه 1969 وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية ثم قائداً للقوات الجوية في أبريل 1972م وفي العام نفسه عُين نائباً لوزير الحربية. وفي هذه المرحلة أعاد بناء وتنظيم القوات الجوية من طيارين وطائرات ومطارات. وقد خطط محمد حسني مبارك بكفاءة ونفذ باقتدار ضربة الطيران المصرية للمواقع الإسرائيلية والتي دكت معاقل العدو خلال حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م مما كان له دور كبير في مساعدة القوات المصرية في عبور قناة السويس وخط بارليف وانتصار مصر على إسرائيل في هذه الحرب. ورقي اللواء محمد حسني مبارك إلى رتبة الفريق في فبراير 1974.
وفي 15 أبريل 1975 اختاره الرئيس محمد أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية ليشغل هذا المنصب (1975 ـ 1981م). وعندما أعلن الرئيس السادات تشكيل الحزب الوطني الديموقراطي برئاسته في يوليه 1978م ليكون حزب الحكومة في مصر بدلاً من حزب مصر عين حسني مبارك نائباً لرئيس الحزب. وفي هذه المرحلة تولى أكثر من مهمة عربية ودولية كما قام بزيارات عديدة لدول العالم ساهمت إلى حد كبير في تدعيم علاقات هذه الدول مع مصر.
وفي 14 أكتوبر 1981م تولى محمد حسني مبارك رئاسة جمهورية مصر العربية بعدما تم انتخابه في استفتاء شعبي خلفاً للرئيس محمد أنور السادات الذي اغتيل في 6 أكتوبر 1981م أثناء العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر 1973م.
وفي 26 يناير 1982م انتخب رئيساً للحزب الوطني الديموقراطي وفي 5 أكتوبر 1987م أُعيد انتخابه رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية ثانية. وفي عام 1993م أعيد انتخابه لفترة رئاسية ثالثة وفي 26 سبتمبر 1999 أعيد انتخابه لفترة رئاسية رابعة.
وقد تحقق في عهد الرئيس محمد حسني مبارك كثير من الإنجازات الداخلية والخارجية. فسمح بقدر أكبر من الحرية السياسية وحرية الصحافة كما عمل على استقرار الجبهة الداخلية وتعميق الأسلوب الديموقراطي في الحكم. واستطاعت مصر أن تحقق تقدماً كبيراً في المجال الاقتصادي والاستثمار فأُُنشئت مشروعات استثمارية ضخمة كما اتخذت سياسة الإصلاح الاقتصادي المصري مساراً جاداً على أساس ظروف وواقع الاقتصاد المصري بالمراعاة للبعد الاجتماعي للتنمية على نحو لا يثقل محدودي الدخل. وتحقق تخفيض كبير لأعباء الديون المصرية. فضلاً عن إبرام اتفاق هام مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعم سياسة التحرر والإصلاح الاقتصادي. وشهدت البلاد نهضة وتحسناً في خدمات التعليم والصحة والإعلام ووسائل الاتصالات والمواصلات والتي من أهمها مشروع مترو الأنفاق الذي افتتحت مرحلته الرابعة التي تصل إلى جامعة القاهرة في أبريل 1999م. واهتم مبارك بالبنية التحتية والتي ساعدت على تحسين مرافق الدولة. كما تم تنفيذ عدد من مشروعات الإسكان منها مشروع مبارك للشباب وإنشاء عدد من المدن الجديدة والموانئ كما تم تطوير قناة السويس لتستوعب مرور الناقلات العملاقة وإنشاء مشروع شرق التفريعة (شرق بورسعيد) لاستقبال الحاويات وتشجيع حركة التجارة العالمية.
وفي مجال الزراعة تم زيادة الرقعة الزراعية باستصلاح مساحات كبيرة من الأراضي الصحراوية وإنشاء التجمعات الزراعية بسيناء وبعد دراسة مستفيضة من العلماء والمختصين بدء في تنفيذ مشروع توشكي وشرق العوينات والجاري العمل بهما لاستيعاب جزء كبير من الزيادة السكانية خارج وادي النيل. وفي مجال الصناعة أُنشئت المدن الصناعية مع التركيز على الإنتاج بهدف التصدير مع رفع شعار صنع في مصر.
واهتم حسني مبارك بالسياحة فشهدت تطوراً كبيراً وأُنشئت العديد من القرى السياحية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وخليج العقبة مما ساعد على تدفق الأفواج السياحية. وتمكنت مصر من القضاء على ظاهرة الإرهاب في مصر وكانت هذه الظاهرة قد سادت في كثير من دول العالم.
ومن الناحية العسكرية واصلت مصر تدعيم قواتها المسلحة ورفع كفاءتها القتالية طبقاً لمتطلبات العصر. وعلى الصعيد الخارجي التزمت مصر بالمبادئ والمواثيق الدولية. واستكمل الرئيس محمد حسني مبارك مسيرة السلام التي بدأها الرئيس الراحل محمد أنور السادات والتزم بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979م والتي بموجبها استكملت مصر في عهد الرئيس محمد حسني مبارك تحرير كامل أراضيها وأكملت إسرائيل انسحابها من سيناء.
كما شهدت مصر في عهد الرئيس محمد حسني مبارك توثيق علاقات الصداقة والتعاون مع شعوب المنطقة العربية واستعادت مصر مقعدها في جامعة الدول العربية وعادت الجامعة العربية إلى مقرها الدائم في القاهرة. ودان الرئيس مبارك موقف العراق إبان أزمة الخليج وغزو العراق للكويت ووجه عديداً من النداءات للرئيس العراقي من أجل الانسحاب من الكويت. ووقفت مصر مع الشرعية العربية والإسلامية والدولية وتطبيقاً لمعاهدة الدفاع العربي المشترك أرسلت مصر بقواتها للوقوف بجانب المملكة العربية السعودية وللمساهمة في تحرير الكويت.
كما توثقت علاقات مصر بالدول الأفريقية وتم اختيار الرئيس محمد حسني مبارك رئيساً لمنظمة الوحدة الأفريقية خلال عام (1989/ 1990م) فشارك في حل بعض مشاكل القارة الأفريقية. كما شهدت مصر في عهد الرئيس محمد حسني مبارك تحسن في علاقات مصر بكثير من دول العالم وتوثيق علاقات الصداقة والتعاون مع شعوب هذه الدول.
حصل الرئيس محمد حسني مبارك على مجموعة من الجوائز والقلائد والأوسمة والأنواط والنياشين المحلية والعالمية.
محكمة العدل الدولية
حلم من الأحلام في مجال العلاقات الدولية أن تكون هناك منظمة أو جهة قضائية تتولى الفصل في المنازعات الدولية وتكون مستقلة وقراراتها ملزمة؛ لا فرق بين دولة عظمى وصغرى متحضرة أو في ذيل القافلة.. ومحكمة العدل الدولية هي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة وجاءت بعد محاولات طويلة ممن أملوا تحقيق هذا الحلم في مجال العلاقات الدولية لكن لم يكتمل الحلم بعد.
ويعد اعتبار النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية جزءًا لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة دليلاً واضحًا على مدى اهتمام الميثاق بهذه الهيئة القضائية ونتج عن ذلك نتيجة غاية في الأهمية وهي أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أصبحت بالضرورة أعضاء في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وقد سمح الميثاق لكل الدول بأن ترفع نزاعاتها أمام المحكمة التي يوجد مقرها الرئيسي في لاهاي بهولندا بالشروط التي تحددها الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على توصية من مجلس الأمن (مادة 35).
وقد حدد مجلس الأمن في قراره الصادر في 15 أكتوبر 1946 ثم الجمعية العامة في قرارها الصادر في 11 ديسمبر عام 1946 تلك الشروط؛ وهي قبول النظام الأساسي للمحكمة وقبول الالتزامات المنصوص عليها في المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة؛ وهي المادة التي توجب على الأعضاء تنفيذ أحكام المحكمة وتخول مجلس الأمن سلطة اتخاذ ما يراه ضروريا لفرض احترام وتنفيذ هذه الأحكام والمساهمة في تحمل نفقات المحكمة وفقا لنظام الحصص الذي تحدده الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تشكيل المحكمة وشروطها
تتكون هيئة المحكمة من خمسة عشر قاضيا يُعينون بالانتخاب لمدة تسع سنوات قابلة للتجديد وأعضاء المحكمة لا يمثلون أحدا ولا يخضعون لأي سلطة ويُختارون لعلمهم وكفاءتهم في المجال القانوني والقضائي ويتم انتخابهم بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن من بين قائمة يعدها الأمين العام للأمم المتحدة بناء على ترشيح الشُّعب الأهلية لمحكمة التحكيم الدولية الدائمة ويتم الانتخاب والتصويت سواء داخل الجمعية العامة أو مجلس الأمن بشكل مستقل في كل جهة منهما.
ويشترط في القضاة المنتخبين أن يعلم عنهم النزاهة والموضوعية والكفاءة العلمية أو المهنية في مجال القانون الدولي ولا يجوز انتخاب أكثر من قاض من بلد واحد ويراعى في تشكيل أعضاء المحكمة أن يكونوا ممثلين للحضارات الكبرى..! والنظم القانونية الرئيسية في العالم.
ويصبح عضوًا في المحكمة كل من حصل على الأغلبية المطلقة للأصوات في كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن.
ويعطى أعضاء المحكمة مميزات تكفل لهم استقلالهم وعدم التأثير عليهم لا من الدول التي ينتمون إليها أو حتى من الجمعية العامة ومجلس الأمن اللذين انتخبوهم؛ فهم يتمتعون عند مباشرة وظائفهم بالمزايا والحصانات الدبلوماسية المقررة عادة لرؤساء البعثات الدبلوماسية والجهة الوحيدة التي لها حق عزل عضو من أعضائها هي المحكمة نفسها وبإجماع الآراء؛ سواء نظر عزله لعدم أهلية العضو أو استطاعته تأدية وظائفه المنوط بها لأسباب صحية أو عقلية.
وضمانات للموضوعية عند نظر القضايا لا يجيز نظام المحكمة للعضو أن يشغل وظائف سياسية أو يتولى مناصب إدارية أو يمتهن أية جهة أخرى غير وظيفته القضائية تلك ولا يجوز له الاشتراك في نظر أية قضية سبق له الارتباط بها أو كانت له مصلحة فيها بأي وجه من الوجوه.
اختصاصات المحكمة
تنحصر اختصاصات المحكمة في جزأين:
أولاً: الاختصاص القضائي:
تنظر المحكمة في النزاعات المرفوعة إليها بين الدول بعضها البعض فقط ولا تنظر أية قضايا مرفوعة من الأفراد أو من أية هيئات عامة أو خاصة ولاتنظر المحكمة أية قضية أو نزاع مهما كان أهميته أو خطورته من تلقاء نفسها بل لا بد أن يرفع إليها ومن الجهتين المتنازعتين معا؛ فهي لا تفصل في أى قضية يرفعها طرف بمفرده على طرف آخر واختصاص المحكمة اختياري؛ ولذلك قلت من قبل: حلم لم يكتمل؛ ولذلك فقد اشترط على المحكمة عند الفصل في المنازعات الدولية ما يلي:
1- أن تكون لديها موافقة كتابية من أطراف النزاع معًا على إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية؛ فمثلا في قضية طابا المصرية لم تحكم المحكمة بخصوصها أو لم تنظر فيها إلا بعد موافقة إسرائيل المحتلة لهذا الجزء من الأراضي المصرية وموافقة مصر كذلك.. فلو رفعتها مصر وحدها فلا تُنظر القضية. يضاف لذلك أنه يجب إخطار المحكمة رسميا: ما المطلوب منها أن تفصل فيه بالضبط أو يكون ضمنيا عندما يقبل أطراف النزاع أن تنظر المحكمة بشأن نزاعهم.
2- أن يكون هناك اتفاقيات أو معاهدات بين دولتين أو أكثر وينص في هذه الاتفاقيات أو المعاهدات على اختصاص محكمة العدل الدولية نظر أية قضية أو الفصل في أي نزاع قد ينشأ بين الأطراف حول تطبيق أو تفسير أي بند من بنود هذه الاتفاقيات والمعاهدات.
ثانيًا: اختصاص الفتوى :
الجهات التي لها حق طلب الفتوى أو الاستشارة القانونية هي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن فقط. وقد ورد في المادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة أنه يمكن لفروع الأمم المتحدة أو لمنظماتها المتخصصة طلب الفتوى من محكمة العدل الدولية بالنسبة لأي مسألة تدخل في مجال اختصاصها إذا ما صرحت لها الجمعية العامة بذلك وقد صرحت الجمعية العامة بالفعل لغالبية فروع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة باللجوء للمحكمة وطلب الفتوى أو الاستشارة القانونية منها.
وهذه الفتوى أيضا غير ملزمة للجهات التي طلبتها ومع ذلك فلهذه الفتاوى والاستشارات قيمة كبرى كما يقول المختصون.. وتتمثل هذه القيمة في نظرهم من حيث إنها تعبر عن التفسير القانوني الرسمي أو الأكثر حجية وتعكس وجهة النظر القضائية حول الموضوع أو المسألة المطلوب شرحها أو تفسيرها وقد أغنت هذه الآراء الاستشارية القانون الدولي كثيرا وساعدت في الوقت نفسه على تفسير وتطوير سلطات واختصاصات الأجهزة السياسية للأمم المتحدة نفسها.
ياسر عرفات .. رئيس منظمة التحرير الفلسطينية
اسمه الحقيقة محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني اشتهر باسم أبو عمار
(1929 ـ
تختلفت الروايات حول مكان وتاريخ ميلاد ياسر عرفات منها ما يفيد بأنه ولد في القاهرة في الرابع والعشرين من أغسطس 1929 ومنها ما يفيد بأنه قد ولد في القدس في الرابع من أغسطس عام 1929 وأخرى تفيد بأنه قد ولد في غزة. إلا إن أرجح الروايات تفيد بأنه ولد في القاهرة في الرابع من أغسطس 1929. وهو الابن السادس لتاجر فلسطيني ترك القدس عام 1927 وجاء إلى القاهرة واستقر مع عائلته في حي السكاكيني. وعندما بلغ ياسر عرفات الرابعة من عمره توفيت والدته فأرسله والده إلي القدس لتتولى عائلته رعايته هو وأخيه. هكذا عاش طفولته وصباه في أحضان المسجد الأقصى فشاهد المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين كما عاصر ثورة 1936. وفي عام 1937 عاد إلي القاهرة ودرس بها وتخرج في كلية الهندسة عام 1956 وعمل بإحدى الشركات المصرية.
خلال فترة دراسته قام بتكوين رابطة الخريجين الفلسطينيين كما حارب مع الجيش المصري أثناء العدوان الثلاثي على مصر. وفي عام 1957 سافر إلي الكويت للعمل في مجال الإنشاءات الهندسية وخلال تواجده بالكويت أسس نواة حركة ثورية أطلق عليها فيما بعد اسم “فتح” والكلمة اختصار لـ “حركة تحرير فلسطين” واشترك معه صديقة خليل الوزير في تكوين هذه الحركة الثورية. حاول جاهدا إقناع القيادات العربية بمساندته إلي أن فلح في إنشاء أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1964 ليمارس من خلاله نشاطاً دبلوماسياً وليعرض على العالم أبعاد القضية الفلسطينية. وعقب هزيمة يونيه 1967 وافق زعماء حركة فتح على قيام ياسر بتشكيل وقيادة مجموعات فدائية لشن هجمات ضد الأهداف الإسرائيلية وكان لتلك الهجمات التي قادها المناضل ياسر عرفات الأثر الكبير وفتحت أمامه الأبواب العربية المغلقة. ففي أبريل 1968 وافق الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على أن يقوم ياسر عرفات بتمثيل الشعب الفلسطيني سياسياً وعسكرياً.
وفي 3 فبراير 1969 انتخب المجلس الوطني الفلسطيني السيد ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وذلك أثناء اجتماعه بالقاهرة وبحضور الرئيس عبد الناصر لتبدأ رحلة جديدة في تاريخ الكفاح لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي 13 نوفمبر 1974 كان أول ممثل لمنظمة غير حكومية يلقى كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد كان حدثاً فريداً لم تشهده منذ نشأتها عام 1945. فلأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة يقف رئيس حركة وطنية على منبرها ليلقي خطاباً يتحدث فيه عن مطالب حركة التحرير. وقد اُستقبل ياسر عرفات في قاعة الجمعية العامة وفق المراسم التي يُستقبل بها رؤساء الدول حين يقدمون لإلقاء خطبهم. وقد حيّته جميع الوفود وقابلته بتصفيق حادٍ طويل باستثناء وفد إسرائيل وبعض الوفود القليلة المناصرة لها. وجاء ضمن كلمة ياسر عرفات التاريخية: “إن قضية فلسطين تدخل كجزء هام بين القضايا العادلة التي تناضل في سبيلها الشعوب التي تعاني الاستعمار والاضطهاد”. كما أشار إلي الخطط الصهيونيه التوسعية في فلسطين واستعرض أساليب القهر والإرهاب التي تمارسها حكومة إسرائيل ضد العرب الفلسطينيين في فلسطين المحتلة. وفي ختام كلمته نادى ممثلي الحكومات والشعوب إلي الوقوف مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل تطبيق حقه في تقرير مصيره ليعيش في وطنه ودياره سيداً متمتعاً بكافة حقوقه القومية ليشارك في ركب الحضارة البشرية وأضاف: “لقد جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي … الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين.”. وكانت هذه الكلمة إحدى الصفحات في مسيرة الكفاح الطويلة التي قادها ياسر عرفات ما بين غصن الزيتون وبندقية الثائر.
قاد عرفات الكفاح الفلسطيني ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عامي 1978 و1982 والتي كان الهدف منها تدمير البنية التحتية للبنان بجانب اقتلاع معاقل المقاومة الفلسطينية من جذورها في لبنان. وأُجبر في أغسطس 1982 على مغادرة لبنان بعد الحصار الشديد الذي فُرض عليها وتوجه إلي تونس حيث أقام هناك ليكمل المسيرة وانتقل بعدها إلي بغداد. وحاول خلال تلك السنوات ربأ الصدع الذي أصاب صفوف المنظمة ليؤكد على تماسكها ووحدة صفوفها.
وفي نوفمبر 1988 أعلن عرفات قيام الدولة الفلسطينية فوق أرض فلسطين وعاصمتها القدس كما أصدر المجلس الوطني الفلسطيني قراره بالإجماع بإعلان قيام الدولة الفلسطينية بحكومة مؤقتة ارتكازاً على الحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطيني.
وفي ديسمبر 1988 أعلن ياسر عرفات قبول منظمة التحرير الفلسطينية بوجود دولة إسرائيل وإدانة الإرهاب بكافة أشكاله وبدأت تأخذ القضية الفلسطينية منعطفاً جديداً تجاه إسرائيل. وفي الرابع عشر من الشهر نفسه وقف ياسر عرفات مرة أخرى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف ليعلن مبادرة سلام فلسطينية تحت إشراف الأمم المتحدة ويؤكد حق جميع الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط في الوجود في سلام وهذا يشمل فلسطين وإسرائيل وجيرانها. وبعد أن ألقى كلمته أمام المنظمة الدولية توالت دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.
وفي أبريل 1989 وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليف ياسر عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة. ولدفع عملية السلام أعلن ياسر عرفات في أوائل أبريل 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين حول عملية السلام.
وإبان الغزو العراقي للكويت تبنت منظمة التحرير الفلسطينية موقفاً أنعكس سلباً على القضية الفلسطينية برمتها إذ أعلن المستشار السياسي لياسر عرفات في ديسمبر 1990 أن المنظمة ستقاتل مع العراق إذا ما اندلعت الحرب في الخليج. كما دعت في فبراير 1991 دول العالم إلي مساندة العراق لمواجهة ما أسمته بعدوان الحلفاء الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضده.
وفي أبريل 1992 نجا ياسرعرفات من حادث تحطم طائرته فوق جنوب ليبيا. وفي 13 سبتمبر 1993 قام ياسر عرفات مع إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي بتوقيع اتفاق السلام في احتفال تاريخي في البيت الأبيض ورفع العلم الفلسطيني في القدس الشرقية. وفي أكتوبر 1993 انتخب المجلس المركزي الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية. وفي الرابع من مايو 1994 قام ياسر عرفات بالتوقيع التاريخي في القاهرة على الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي لتنفيذ الحكم الذاتي الفلسطيني في قطاع غزة وأريحا الذي يمثل الخطوة العملية الأولى على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.
وفي 27 يوليه 1994 رأس ياسر عرفات أول اجتماع لمجلس بلدية غزة. وبعدها تم التوقيع مع الجانب الإسرائيلي بالأحرف الأولى على اتفاقية نقل السلطات للفلسطينيين بالضفة وعارض ياسر عرفات بشدة تقسيم الحرم الإبراهيمي مع اليهود. وفي أكتوبر 1994 نال عرفات ورابين جائزة سلام أسبانية توصف بأنها تعادل جائزة نوبل للسلام. كما نال في 14 أكتوبر من العام نفسه جائزة نوبل للسلام ونالها معه إسحاق رابين وشيمون بيريز.
واستكمالاً للمسيرة التي عاهد نفسه أن يكملها وقع في 24 سبتمبر 1995 في طابا مع الجانب الإسرائيلي بالأحرف الأولى على اتفاق توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني. وفي سابقة تحدث لأول مرة اجتمع الرئيس عرفات في أكتوبر 1995 مع زعماء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية وناقش معهم عملية السلام وآفاق التعاون بين البلدين. وفي نوفمبر 1995 تسلم عرفات جائزة أخرى للسلام منحتها له وسائل الإعلام الألمانية بالاشتراك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين.
وفي 20 يناير 1996 في أول انتخابات عامة في تاريخ فلسطين تم انتخاب ياسر عرفات رئيساً للسلطة الفلسطينية بنسبة 88.1%. وبعد تولى بنيامين نتانياهو رئاسة الوزراء الإسرائيلية تعثرت علمية السلام وكادت في كثير من الأحيان أن ُتنسف من جذورها. وفي 12 سبتمبر 1997 سلم عرفات مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية وثيقة فلسطينية من أربع نقاط لإنقاذ عملية السلام المهددة بالشلل. وفي الجانب الآخر كانت الحكومة الإسرائيلية تقوم ببناء وتوسيع رقعة المستوطنات وتمارس عمليات الاستيطان والاضطهاد للشعب الفلسطيني إلي أن تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية ووقَّع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على اتفاق واي ريفر في 23 أكتوبر 1998 في البيت الأبيض تحت رعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
ومازال عرفات يناضل من أجل تحرير الأرض المحتلة ولا يكل ولا يمل من المماطلات والمراوغات الإسرائيلية لإرجاء إعلان الدولة الفلسطينية حلم كل فلسطيني بل حلم كل عربي حر
عبد المنعم رياض (1919 ـ 1969م):
قائد عسكري مصري رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية.
ولد عبد المنعم محمد رياض في 22 أكتوبر 1919 في قرية “سبرباي” إحدى ضواحي مدينة طنطا. وكان والده ضابطاً هو القائمقام (عقيد) محمد رياض عبد الله اشتهر عنه الانضباط والأصالة العسكرية. وعلى هذا النهج كان والده يعامل الجميع حينما كان قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية فتخرج على يديه رجال تبوأوا المناصب القيادية واتخذ عبد المنعم رياض والده مثلاً أعلى وقدوة له.
حصل عبد المنعم رياض على شهادة الثانوية في القاهرة عام 1936 بمجموع كبير أهله لدخول كلية الطب وتحت ضغط أسرته التحق بكلية الطب لمدة عامين وبرز فيها إلا أنه كان يهفوا ليكون مثل أبيه فأصر على ذلك والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها في 11 فبراير سنة 1938. برتبة ملازم ثاني.
عُين بعد تخرجه بإحدى بطاريات المدفعية المضادة للطائرات. واشترك في الحرب العالمية الثانية مع سرايا المدفعية المصرية التي كلفت بالدفاع الجوي ضد الطائرات الإيطالية والألمانية في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942.
وكان شديد الاعتزاز بنفسه لا يقبل الإهانة من أحد مهما علا مركزه وفي الوقت نفسه كان جم التواضع سريع الألفة مع الناس مهما قلت مراتبهم.
وفي 23 ديسمبر 1944 نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول في التخرج. وفيما بين (19 سبتمبر 1945 ـ 20 من فبراير 1946) أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات البريطانية وبمدرسة المدفعية في المملكة المتحدة ونال تقدير الامتياز.
كان عبد المنعم رياض توَاقاً إلى العلم شغوفاً بالمعرفة يجيد اللغة الإنجليزية. وقد درس اللغة الفرنسية عام 1952 فأجادها. ثم اللغة الألمانية خلال عام 1953 فاللغة الروسية عام 1954. كما انتسب لكلية التجارة وهو برتبة الفريق لإيمانه بأن (الإستراتيجية هي الاقتصاد).
عمل خلال عامي 1947 و1948 في إدارة العمليات والخطط في القاهرة وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين. وقد أظهر مقدرة عسكرية جيدة فمُنِحَ وسام الجدارة الذهبي في فبراير 1949 تقديراً لجهوده. وهو برتبة مقدم تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في 1 مايو 1951. وعين في 1 مايو 1953 قائداً للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية. وفي أول يوليه 1954 عُيِّنَ قائداً للدفاع المضاد للطائرات في قيادة سلاح المدفعية وظل في هذا المنصب إلى أن أُوفِدَ في 9 أبريل 1958 إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا في فرونزز وقد أتمها في 31 يناير 1959 وحصل على تقدير الامتياز وقد لقب هناك “بالجنرال الذهبي”.
بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960 ثم نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961. وانتُدِبَ للعمل في القوات الجوية في 27 يوليه 1962 وأُسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي فدرس فيها نقاط القوة ومواضع الضعف في الدفاع الجوي. ووضع – قبل عدوان يونيه 1967 – تنظيماً للدفاع الجوي يربط بين عناصر المدفعية المضادة للطائرات وأسلحة الصواريخ ووحدات المقاتلات في قيادة واحدة هي قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي لتحقق سيطرة أكثر فاعلية في الدفاع الجوي.
اشترك وهو في رتبة اللواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات ليقف على أدق أسرارها وأشكالها فقضى الفترة (من 18 أغسطس 1962 إلى 18 يناير 1963) طالباً حصل في نهايتها على تقدير الامتياز.
وفي 10 مارس 1964 عُيِّنَ رئيساً لأركان القيادة العربية الموحدة.
رُقي عبد المنعم رياض إلى رتبة الفريق في 21 أبريل 1966. وفي 12 يوليه من السنة نفسها أتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وحصل على زمالة كلية الحرب العليا التي كان قد بدأها في 6 مارس 1965.
وعندما عُقِدَتْ معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو 1967 ووضعت بموجبها قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة عُيِّنَ الفريق عبد المنعم رياض قائداً لمركز القيادة المتقدم في عمان فوصل إليها في 1 يونيه 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة والمباشرة بالتخطيط.
وحين وقع عدوان الخامس من يونيه 1967 عُيِّنَ الفريق رياض قائداً عاماً للجبهة الأردنية. وفي 11 يونيه 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ في همة عالية إعادة تنظيم القوات المسلحة المصرية وبنائها. وفي 1 فبراير 1968 عُيِّنَ – إضافة إلى هذا المنصب – أميناً عسكرياً مساعداً لجامعة الدول العربية. وكان آخر ما أسند إليه إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية المتمركزة على الضفة الشرقية لقناة السويس خلال حرب الاستنزاف.
وفي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر يوم 9 مارس 1969 انفجرت إحدى طلقات المدفعية بعد اصطدامها ببعض الأشجار المحيطة بالحفرة التي ربض بها عبد المنعم رياض وأدي هذا الانفجار وما ترتب عليه من شظايا قاتلة وتفريغ هواء إلى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض وإصابة قائد الجيش. وبينما كانت المدافع المصرية تهدر على طول الجبهة وتُوقِع بالقوات الإسرائيلية دماراً لم يسبق له مثيل كانت عربة جيب صغيرة تحمل جثمان عبد المنعم رياض إلى مستشفى الإسماعيلية.
وتلقى القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس جمال عبد الناصر نبأ استشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة أثناء رئاسته لاجتماع مجلس الوزراء الذي كان يناقش تقريراً عن سير العمليات العسكرية على الجبهة وغادر القائد الأعلى قاعة الاجتماع متجهاً إلى وزارة الحربية حيث استمع إلى تقرير تفصيلي عن واقعة الاستشهاد ثم أصدر بياناً نعى فيه إلى الأمة العربية عبد المنعم رياض وجاء في هذا البيان: “لقد كان من دواعي الشرف أن قدم عبد المنعم رياض حياته للفداء وللواجب في يوم مجيد استطاعت فيه القوات المسلحة أن تلحق بالعدو خسائر تعتبر من أشد ما تعرض له. لقد سقط الجندي الباسل في ساحة المعركة ومن حوله جنود من رجال وطنه يقومون بالواجب أعظم وأكرم ما يكون من أجل يوم اجتمعت عليه إرادة أمتهم العربية والتقى عليه تصميمها قسماً على التحرير كاملاً وعهداً بالنصر عزيزاً مهما يكن الثمن ومهما غلت التضحيات”.
ومنح بعد استشهاده أكبر وسام عسكري وهو نجمة الشرف العسكرية. ورقي إلى رتبة فريق أول. وبهذا انتهت حياة هذا القائد العسكري بعد ما يزيد على اثنتين وثلاثين سنة أمضاها في حياته العسكرية. واعتبر يوم 9 مارس من كل عام هو يوم الشهيد تخليداً لذكره.
عبد الكريم قاسم (1332 ـ 1382هـ = 1914 ـ 1963م):
ولد في منطقة ريفية قريبة من بغداد عام (1332 هـ / 1914م) من أب عربي وأم كردية في أسرة فقيرة. أكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في بغداد والتحق بالأكاديمية العسكرية في بغداد عام 1932 وبعد تخرجه التحق بالجيش وشغل فيه مناصب كثيرة في أماكن متفرقة جعلته يعقد صلات مع عدد كبير من أفراد الجيش العراقي. كما التحق بكلية الأركان عام (1940 ـ 1941) وأُرسل بعد ذلك في بعثة تعليمية عسكرية إلى إنجلترا فالتحق بمدرسة كبار الضباط فيها عام 1950 ثم شارك في حرب فلسطين عام 1948.
ورُقِّي بعد ذلك حتى أصبح آمر لواء المشاة التاسع عشر التابع للفرقة الثالثة بالجيش العراقي وكان قد مُنح نوط الخدمة الفعلية عام 1935 ونوط الشجاعة عام 1945. انضم إلى تنظيم أُطلق عليه الضباط الأحرار العراقيون وانتخب عام 1957 بحكم رتبته وأقدميته رئيساً للجنة العليا للتنظيم.
تأثر بالأفكار والآراء السياسية لجماعة (بكر صدقي) قائد انقلاب 1936 التي تشدد على الوحدة الوطنية بين الأكراد والعرب. كما تأثر كثيراً بشخصية مصطفى كمال أتاتورك والتغييرات التي أحدثها في تركيا. وقد حاول أن يطبق هذه التغييرات والأفكار عندما تسلم زمام السلطة في العراق في 14 (تموز) يوليه 1958 وأكد بعض رفاقه منذ عام 1956 أنه اعتنق الشيوعية بل أكد نيكيتا خروشوف رئيس الاتحاد السوفيتي أن عبد الكريم قاسم كان منتسباً إلى الحزب الشيوعي العراقي قبل أحداث ثورة 1958 بأربعة أعوام.
وأكد الدكتور جابر عمر وزير التربية في الوزارة الأولى للثورة أن عبد الكريم قاسم كان على علاقة وطيدة بالإنجليز ولا يقبل مطلقاً المساس بمصالحهم في العراق. وأنه كان حريصاً على ولائه لهم وتجلى ذلك في حضوره الحفل الذي أقيم في السفارة البريطانية في وداع السير مايكل رايت الذي عقد حلف بغداد مع الحكومة الملكية السابقة والمخطط لسياسة العراق مع نوري السعيد.
وذكر العقيد فاضل عباس المهداوي أنه كان لعبد الكريم قاسم قبل الثورة جار قريب منه هو من كبار جواسيس الإنجليز وكان عبد الكريم على صلة وثيقة بهذا الجاسوس. وأكد المقدم الركن جاسم العزاوي أن عبد الكريم قاسم كان كلما اجتمع بالسفير البريطاني في مقرّه بوزارة الدفاع طلب من الجميع مغادرة الغرفة؛ ليظل بمفرده مع السفير البريطاني.
أشرف بالتعاون مع زميله عبد السلام محمد عارف على التخطيط والتنفيذ لثورة (تموز) يوليه 1958 التي قضت على النظام الملكي وكانت تقارير الأمن قبل الثورة تذكر اسم عبد الكريم قاسم ضمن المتآمرين الذين يخططون للانقلاب على الحكم في العراق ويقال إن نوري السعيد استدعاه في عام 1957 وسأله مداعباً: لماذا تريد أن تتخلًّص منا ياكرومي؟ فامتقع لونه ولكنه تمالك أعصابه وقال: يعزُّ عليَّ أن أسمع منك هذا الكلام ياباشا وطلقة واحدة من يدك أخف وقعاً من تلك التهمة. وأصبح عبد الكريم قاسم ـ بعد نجاح الثورة ـ قائداً عاماًّ للقوات المسلحة ورئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع. وإلى جانبه مجلس أسماه “مجلس السيادة” إلاّ أنّ السلطة الفعلية كانت في يد عبد الكريم قاسم. وعندما بدأ الصراع بين التيارات العقائدية والسياسية في صيف عام 1958 لتحديد النظام الجمهوري الجديد وهويته استغلت الفئات المعادية للوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسورية) وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي غموض اتجاهات عبد الكريم قاسم وحبه للسيطرة وأذكت الطموح الشخصي عنده؛ رافعة شعار “ماكو زعيم إلاّ عبد الكريم جمهورية لا إقليم”.
وقد أدى التشجيع الشيوعي والإقليمي له إلى الاصطدام بحزب البعث العربي الاشتراكي والعناصر القومية في الجيش فأبعد حليفهم نائبه عبد السلام محمد عارف من مركز السلطة بعد أن وصل إليه تقرير من السفارة البريطانية أنه تأكد لديها أن عبد السلام محمد عارف يدبر خطة لقلب نظام الحكم وطرد عبد الكريم قاسم من رئاسة الوزارة. ثم أحال عبد السلام محمد عارف إلى المحاكمة بعد شهور قليلة من نجاح الثورة ونكل بكل خصومه من خلال محكمة الثورة التي كانت تسمى محكمة الشعب وعرفت بـ “محكمة المهداوي” الشهيرة. وقد جُمع ما دار فيها من مداولات في كتاب من 17 مجلداً. اتهمت المحكمة الكثيرين ممن دعتهم “المتآمرين على سلامة الوطن” وفيهم كثير من خيار القوم وقضت عليهم بأحكام منها الإعدام وكان ممن شملهم هذا الحكم عبد السلام محمد عارف إلاّ أن عبد الكريم قاسم اكتفى بسجنه وأُطلق سراحه بعد أربع سنوات.
وفي (آذار) مارس 1959 وقع تذمر عسكري في الموصل بقيادة عبد الوهاب الشواف وبمؤازرة الجمهورية العربية المتحدة وتمكن عبد الكريم قاسم من قمعه والتنكيل بالمتظاهرين والمؤيدين لحركة الشواف. كذلك تعرض عبد الكريم قاسم لحادث اغتيال على يد مجموعة من الشباب البعثيين ونجا منه بأعجوبة.
وكانت وسائل الإعلام التي سيطر عليها الشيوعيون تكيل المديح لعبد الكريم قاسم وتصفه بصفات خيالية وتذكي في نفسه الغرور والإعجاب بالنفس بل أطلقت عليه من الأسماء والألقاب ما بلغ نحو خمسة وخمسين.
وكان عبد الكريم قاسم يجيد اللعب على كل التيارات ويلجأ إلى سياسة “فرِّق تسد” عن طريق الدسّ وتفتيت القوى وتحريض البعض على الآخر وعدم التورع عن الافتراء وإلقاء التهم جزافاً ضد خصومه ولهذا أطلق البعض عليه لقب قاسم العراق بمعنى الذي قسمها وفتت قواها. كان كثيراً ما يقرأ كتاب “الأمير” لمكيافيللي ويعجب بالمبدأ الأساسي فيه: “الغاية تبرر الوسيلة”.
وأطلق عبد الكريم قاسم يد الشيوعيين في العراق فانتشر القتل والتعذيب ونُصبت المشانق في الأماكن العامة وامتلأت السجون. ولم يمر العراق في تاريخه الحديث بمثل تجارب العنف التي مر بها في عهد عبد الكريم قاسم؛ ونتيجة لذلك سادت الفوضى البلاد وعمت الاغتيالات. وتغاضت حكومة عبد الكريم قاسم عن صحف الحزب الشيوعي التي كانت تثير الناس وتُجمّل لهم أعمال العنف التي انتشرت في عهده مثل مجزرة كركوك التي حدثت في 14 (تموز) يوليه 1959 ومجزرة الموصل التي أعقبتها وأثار الشيوعيون الشغب وحاولوا الاستيلاء على الحكم وانحازت حكومة قاسم نحو الكتلة الشرقية وأقامت علاقات خاصة مع روسيا وسائر الدول الشيوعية.
وفي السياسة الداخلية أعلنت حكومة قاسم سياسة شاملة لبناء العراق اقتصادياًّ وعسكرياًّ بدأت بتنفيذ بعض مشروعاتها الإعمارية في المجالين الصناعي والزراعي فقد أعلن قانون الإصلاح الزراعي في (أيلول) سبتمبر 1958 والقانون الرقم (80) الخاص بتقليص مساحة الامتياز لشركة نفط العراق بنسبة 90 % في (كانون الأول) ديسمبر 1961. واستطاعت الحكومة أن تحقق في المجال العسكري بعض النجاح بعد أن تسلمت القواعد الحربية من بريطانيا.
تصالح مع الأكراد وسمح للزعيم الكردي مصطفى البارزاني بالعودة إلى العراق وخصص له راتباً ومقرّ إقامة في قصر من قصور الملك الهاشمي وأطلق يدهم في العمل الكردي.
غير أن الفوضى التي سادت وعدم الثقة بين المواطنين وغيرها من الأسباب تضافرت جميعاً لوقف أي تقدم ملموس داخل العراق. ولم يتمتع الشعب العراقي في عهد عبد الكريم قاسم بحكم القانون أو بنمو المؤسسات الدستورية والشعبية.
تميزت سياسة عبد الكريم قاسم العربية بالانعزال ونتيجة لذلك لم يجد له بين العرب ظهيراً عندما أعلن عام 1961 أن الكويت جزء من العراق ولم تجد تهديداته بضمها طريقها إلى التنفيذ الفعلي.
وفي يناير 1963 رُقي عبد الكريم قاسم إلى رتبة فريق وبعد شهر واحد من ترقيته استطاعت الفئات التي تضررت من نظام حكمه ومن سيطرة الحزب الشيوعي ـ بقيادة حزب البعث العراقي أن تطيح بعبد الكربم قاسم وبحكومته ونُصِّب عبد السلام محمد عارف رئيساً للدولة في 8 (شباط) فبراير 1963 وأُعدم عبد الكريم قاسم في بغداد رمياً بالرصاص مع مجموعة من أعوانه في 9 (شباط) فبراير 1963.
عبد الحكيم عامر (1919 ـ 1967):
عسكري مصري من الضباط الأحرار وعضو مجلس قيادة ثورة يوليه 1952. والقائد العام للقوات المسلحة والنائب الأول لرئيس الجمهورية.
محمد عبد الحكيم علي عامر ولد في قرية (أسطال) في محافظة المنيا (إحدى محافظات مصر). حصل على الثانوية العامة من مدرسة المنيا الثانوية عام 1935. تخرج في الكلية الحربية عام 1938 وكلية أركان الحرب عام 1948. واشترك في حرب فلسطين عام 1948 وأصيب في الميدان. عمل في السودان وهناك التقى جمال عبد الناصر سنة 1941 وعاد إلى مصر ونقل إلى مركز التدريب بمنقباد. وكان عضو اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار.
بعد ثورة 23 يوليه أصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة برتبة لواء في يوليه 1953. وفي 9 ديسمبر 1954 عُين عبد الحكيم عامر وزيراً للحربية مع احتفاظه بمنصبه في القيادة العامة للقوات المسلحة. زار الاتحاد السوفيتي في نوفمبر 1957 للاتفاق على مد مصر بالمصانع. رقي إلى رتبة فريق في يناير 1958.
وعلى أثر قيام الجمهورية العربية المتحدة عين قائداً عاماً للقوات المسلحة ومنح رتبة مشير في 23 فبراير 1958
وفي 6 مارس 1958 عين نائباً لرئيس الجمهورية ووزيراً للحربية واستمر في منصبه حتى 7 أكتوبر 1958 في وزارة الرئيس جمال عبد الناصر الأولى في عهد الوحدة بين مصر وسورية.
وفي 7 أكتوبر 1958 عُين المشير عبد الحكيم عامر نائباً لرئيس الجمهورية ووزيراً للحربية وقائداً عاماً للقوات المسلحة في الجمهورية العربية المتحدة في وزارة جمال عبد الناصر الثانية في عهد الوحدة واستمر في منصبه إلى 16 أغسطس 1961 وخلال هذه الفترة تم تشكيل لجنة عليا للسد العالي ترأسها المشير عبد الحكيم عامر. وفي 15 أبريل 1961 صدر قرار بتعيينه رئيساً للمجلس الأعلى للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي.
وفي 16 أغسطس 1961 عُين المشير عبد الحكيم عامر نائباً لرئيس الجمهورية ووزيراً للحربية واستمر في منصبه إلى 18 أكتوبر 1961. وفي خلال هذه الفترة تم الانفصال بين مصر وسورية في يوم 28 سبتمبر 1961 في الوقت الذي كان فيه المشير عبد الحكيم عامر موجود في سورية.
وفي 18 أكتوبر 1961 عُين نائباً لرئيس الوزراء ووزير الحربية في أول وزارة تشكل في مصر بعد الانفصال برئاسة جمال عبد الناصر واستمر عبد الحكيم عامر في منصبه إلى 29 سبتمبر 1962. وفي خلال هذه الفترة اُختير عضواً في اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي في 24 يناير 1962. وعُين عضو مجلس الرئاسة في 28 سبتمبر 1962 بالإضافة إلى منصبه.
وفي 29 سبتمبر 1962 أسند منصب وزير الحربية للمهندس عبد الوهاب البشرى حتى الأول من أكتوبر 1965 في الوزارة التي كان يرأسها علي صبري واحتفظ عبد الحكيم عامر بمنصبي القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الجمهورية. وكان عبد الحكيم عامر يمارس سلطاته على القوات المسلحة بأجهزتها وأفرعها وتشكيلاتها المختلفة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في حين انحصرت صلاحيات المهندس عبد الوهاب البشري في الإشراف على مؤسسة المصانع الحربية التابعة للهيئة المصرية العامة لمصانع الطائرات التابعة لوزارة الحربية. وفي 30 سبتمبر 1962 اعترفت مصر بثورة اليمن التي قامت في 26 سبتمبر 1962 وبناءاً على طلب مجلس قيادة الثورة اليمنية قامت مصر بإرسال قواتها إلى اليمن لتحقيق استقرار الأمور والأوضاع ووصلت أول هذه القوات إلى ميناء الحُدَيّدَة اليمني في 15 أكتوبر 1962 وتطور دور وحجم هذه القوات المصرية في اليمن منذ ذلك التاريخ تحت إشراف المشير عبد الحكيم عامر وقد زار اليمن في أبريل 1963 للإشراف على القوات المصرية هناك.
صدر قرار جمهوري في 25 مارس 1964 بتعين المشير عبد الحكيم عامر في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة. واستمر المهندس عبد الوهاب البشري وزيراً للحربية من 1 أكتوبر 1965 إلى 10 سبتمبر 1966 في الوزارة التي رأسها زكريا محيى الدين واستمر عبد الحكيم عامر في مناصبه. وفي 11 مايو 1966 تولى رئاسة اللجنة العليا لتصفية الإقطاع التي ترأس أول اجتماع لها يوم 20 مايو 1966. وفي 10 سبتمبر1966 عُين شمس بدران وزيراً للحربية حتى 19 يونيه 1967 في الوزارة التي ترأسها محمد صدقي سليمان وعُين عبد الحكيم عامر في منصب نائب رئيس الجمهورية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وفي 9 أكتوبر 1966،عهد إلى شمس بدران معاونة نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في ممارسة اختصاصاته وسلطاته ويكون مسؤولاً أمامه عما يفوضه فيه من شؤون القوات المسلحة من الناحيتين الإدارية والعسكرية كما منح رئيس الجمهورية شمس بدران وزير الحربية بعض اختصاصاته في 2 نوفمبر 1966 وبذلك أصبح لوزير الحربية دور أساسي في إدارة شؤون القوات المسلحة بعد ما كان عبد الحكيم عامر يمارس سلطاته على القوات المسلحة بأجهزتها وأفرعها وتشكيلاتها المختلفة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في حين كانت سلطات وصلاحيات وزير الحربية في السابق قد انحصرت في الإشراف على مؤسسة المصانع الحربية التابعة للهيئة المصرية العامة لمصانع الطائرات التابعة لوزارة الحربية. وفي 28 نوفمبر 1966 اُختير عضواً في اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي في 28 نوفمبر 1966.
وفي 4 نوفمبر 1966 تم توقيع اتفاق الدفاع المشترك بين مصر وسورية. وشنت إسرائيل غارة جوية على مطارات دمشق في أبريل 1967 ووصل مندوبان من المخابرات السورية لإبلاغ الرئيس جمال عبد الناصر بقيام إسرائيل بحشد قوات على الحدود السورية وصدر قرار الرئيس جمال عبد الناصر يوم 14 مايو 1967 بإرسال حشود مصرية إلى سيناء بهدف الضغط على إسرائيل حتى تُحَوّل حشودها من الجبهة الشمالية إلى الجنوبية وفي 17 مايو 1967 تم إغلاق مضايق تيران وصنافير في وجه الملاحة الإسرائيلية ثم تطورت الأمور بعد ذلك إلى حرب يونيه 1967.
في فترة قيادة عبد الحكيم عامر العسكرية وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وانفصلت سورية عن مصر عام 1961. ووقعت أحداث اليمن عام 1962 حتى عام 1967. وحرب يونيه 1967 ضد إسرائيل.
تزوج عبد الحكيم عامر من الفنانة برلنتي عبد الحميد وأنجب منها طفلاً في أبريل 1967. وألفت عنه كتاباً بعنوان (المشير وأنا) عام 1993. ولم يكن ذلك الزواج هو الزواج الأول لعبد الحكيم عامر.
تنحى عبد الحكيم عامر عن جميع مناصبه بعد هزيمة يونيه 1967. واُتهم بالتآمر مع بعض أعوانه من العسكريين للقيام بانقلاب عسكري والاستيلاء علي السلطة وأُعلن أنه مات منتحراً في 14 سبتمبر 1967 ودفن في قريته “أسطال”
نيكسون
عاش نيكسون في كاليفورنيا الـ 20سنة الأخيرة من عمره بعد استقالته إثر فضيحة ووترغيت وهو الذي أوشك أن يفجر قنبلة ذرية على فيتنام خلال حربها مع أميركا.
عناصر بارزة في حياته
ولد يوم 9 يناير/ كانون الثاني 1913.
عضو في الحزب الجمهوري.
عضو في الكونغرس من 1947 إلى 1951.
عضو مجلس الشيوخ من 1951 إلى 1953.
نائب الرئيس أيزنهاور من 1953 إلى 1961.
الرئيس الأميركي الـ 37 من 1969 إلى 1974.
أول رئيس أميركي يزور الصين.
أول من رأى أن محاصرة الاتحاد السوفياتي ينبغي أن تكون باحتواء الصين.
أول رئيس أميركي يستقيل.
أول رئيس أميركي يمنح إسرائيل مساعدة مالية ضخمة قدرها 3 مليارات دولار.
توفي يوم 22 أبريل/ نيسان 1994.
نيكسون والأزمات
تابع حرب فيتنام وانتهت في عهده بنصر الفيتناميين.
فضيحة ووترغيت: كان نيكسون يخوض معركة التجديد للرئاسة عام 1972. ولأنه فاز فوزا ضئيلا ضد خصمه الديمقراطي “همفري” خلال انتخابات عام 1968 إذ حصل في على نسبة 43.5% من الأصوات مقابل 42% لخصمه قرر نيكسون القيام بعمليات تجسسية على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت ومنه أخذت الفضيحة اسمها. وفي 27 يونيو/ حزيران 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم يركزون تسجيلات مموهة وقد استنسخ البيت الأبيض خلال هذه العملية 64 مكالمة فتفجرت في الولايات المتحدة أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس نفسه. وفي أغسطس/ آب 1972 أعلن نيكسون استقالته وتعرض جراء ذلك لمحاكمة كانت الأولى من نوعها في التاريخ الأميركي.
نيكسون والعرب
يذكر لنيكسون دعوته إلى الجمع بين العرب وإسرائيل لإجراء مفاوضات مباشرة للصلح كما كان هنري كيسنجر -المعروف بمبادراته في هذا المجال- مستشاره لشؤون الأمن القومي.
نوري السعيد (1306 ـ 1377هـ = 1888 ـ 1958م)
نوري بن سعيد بن صالح بن الملاّ طه من عشيرة القره غولي البغدادية: سياسي عسكري المنشأ فيه دهاء وعنف. ولد ببغداد وتعلم في مدارسها العسكرية. وتخرج في المدرسة الحربية بالأستانة (1906) ودخل مدرسة أركان الحرب فيها (1911) وحضر حرب البلقان (1912ـ1913) وساهم في نشاطات القوميين العرب أيام ظهورها في العاصمة العثمانية؛ فكان من أعضاء (جمعية العهد) السرية. وقامت ثورة الشريف حسين في الحجاز (1916) فلحق بها فكان من قادة أركان جيش الشريف (الملك) فيصل بن الحسين في زحفه إلى سورية. ودخل قبله دمشق وانحاز إلى السياسة الإنجليزية في المنطقة؛ فكان المؤيد لها في البلاط الفيصلي بسورية ثم العراق مجاهراً بذلك إلى آخر حياته. ظل في خدمة الأمير فيصل بن الحسين بعد أن أصبح ملكاً على العراق. تمرَّس في العمل السياسي وتولى رئاسة الوزارة العراقية لأول مرة عام 1930 ثم تولاها مرات كثيرة في أيام الملك فيصل وابنه الملك غازي والملك فيصل بن غازي. كما تولى كذلك وزارة الدفاع عام 1926 ووزارة الخارجية عام 1941.
حضر مؤتمر المائدة المستديرة الذي أُقيم في لندن في فبراير 1939 لمناقشة قضية فلسطين وكانت هناك اتصالات بينه وبين هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية عن طريق السفير الألماني في بغداد ولكنها لم تسفر عن شيء؛ نظراً لولاء نوري السعيد المعروف لبريطانيا. كان هو صاحب فكرة مشروع الهلال الخصيب الذي ينادي بتوحيد سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن في دولة واحدة وعرض هذا المشروع على الأمم المتحدة. وقيل إنه صاحب فكرة إنشاء الجامعة العربية وتقدم بها عام 1941 عندما كان سفيراً للعراق في مصر وأقنع بها محمود فهمي النقراشي باشا رئيس وزراء مصر آنذاك.
تفاوض باعتباره رئيساً للوزراء لإبرام معاهدة تحفظ لبريطانيا نفوذاً أكبر في العراق. وفي عام 1955 وافق على انضمام بلاده لحلف بغداد الذي ضم بريطانيا وباكستان وإيران وتركيا. ويؤكد الكثيرون أن نوري السعيد هو صاحب فكرة مشروع حلف بغداد مما أدى إلى تدهور العلاقات مع مصر والهجوم الشديد من جمال عبد الناصر على نوري السعيد. كذلك كان نوري السعيد لا يؤمن بسياسة “الحياد الإيجابي وعدم الانحياز التي كانت تنادي بها مصر والهند ويوغوسلافيا ويرى أن الحياد بالنسبة للدول الضعيفة هو مجرد خدعة؛ لأنها لا تمتلك القوة المادية والعسكرية الثابتة للدفاع عن أنفسها ومن ثم فقد عرض على نهرو زعيم الهند في مارس 1954 أن ينضم إلى حلف بغداد!. وكان يوالي بريطانيا ويسعى دائماً إلى ربط العراق بها.
وائتلف مع الشريف عبد الإله بن علي الوصي على عرش العراق في أيام فيصل الثاني. وقامت ثورة عبد الكريم قاسم في بغداد (14 يوليه 1958) فكان فيصل وعبد الإله من قتلاها.
موت نوري السعيد
توجهت قوة عسكرية بقيادة الرائد بهجت سعيد في صبيحة يوم الثورة 14 (تموز) يوليه 1958 إلى بيت نوري السعيد بهدف القبض عليه. وحين وصلت القوة إلى بيت نوري السعيد لم تجده؛ فقد لاذ بالفرار وهو بملابس النوم حاملاً مسدسه معه بعد أن أخبرته خادمته البدوية بأن قوة عسكرية على وشك الهجوم عليه. وقيل إن المقدم وصفي طاهر الذي عمل حارساً شخصياًّ لنوري السعيد سنوات عديدة هو الذي أخبرها بذلك وقيل إن وصفي طاهر جاء إلى منزل نوري السعيد قبل الفجر وأخبره بما يُدَّبر له ونصحه بالفرار وإن وصفي طاهر فعل ذلك ليثبت إخلاصه لنوري السعيد إذا فشلت الثورة.
وعلى شاطئ نهر دجلة وجد نوري السعيد قارباً به رجل مسن فأمره أن يحمله إلى الرصافة كانت الخطة التي فكر فيها نوري السعيد هي الوصول إلى الساحل المقابل ثم الاتجاه رأساً إلى وزارة الدفاع قبل أن يعبر جيش الثائرين الجسر للوصول إلى داخل المدينة؛ فيتصل تليفونيًّا برئيس أركان الجيش ورؤساء الفرق الأولى ويأمرهم بفتح جسر العبور لإحباط الانقلاب.
طلب الصياد المسن من نوري السعيد أن يرقد في قاع القارب وأسدل عليه شباك الصيد حتى لا ينكشف أمره وعندما سمع نوري السعيد أصوات القنابل والمدافع التي أطلقها الثائرون خشي إن نزل إلى الشاطئ أن تراه الجموع المكتظة وينفضح أمره فطلب من الصياد أن يعيده إلى ضفة الكرادة ثم توجه إلى منزل صديق له يدعى الدكتور صالح مهدي البصام وهو منزل لا يبعد كثيراً عن منزله.
دبر له صديقه صالح مهدي البصام طريقة للهرب في الصندوق الخلفي لسيارة شقيقه مرتضى البصام. وانطلقت به السيارة إلى حي الصالحية ثم من هناك إلى حي الكاظمية حيث منزل صديقه القديم محمود الأسترابادي كان نوري السعيد يود أن تأخذه السيارة رأساً من الكاظمية إلى حيث ترابط الفرقة الرابعة وقائدها وفيق عارف في الشمال ولكن خطورة الموقف جعلته يعدل عن ذلك ويبقى في منزل صديقه.
وقضى نوري السعيد ليلته هناك واستمع إلى الإذاعة وهي تذيع بياناً لحكومة الثورة تحذر فيه أفراد الشعب من التستر على نوري السعيد أو إيوائه أو مساعدته بأي شكل من الأشكال وتدعوهم إلى القبض عليه فوراً حياًّ أو ميتاً. وتضمَّن البيان أن حكومة الثورة رصدت جائزة كبرى قدرها عشرة آلاف دينار لمن يأتي بنوري السعيد حياً أو ميتاً في ذلك الوقت كان الأمل الوحيد الذي تعلق به نوري السعيد هو تدخل قوات الدول الأعضاء في حلف بغداد والطائرات البريطانية على وجه الخصوص ولكن ذلك لم يحدث.
بعد ظهر اليوم التالي 15 (تموز) يوليه 1958 خرج نوري السعيد مذعوراً متنكرًا في زي النساء ومعه زوجة محمود الأسترابادي وخادمتها. ركبوا سيارة محمود الأسترابادي وقادها مظفر ابن محمود الأسترابادي وتوجه بهم إلى منزل هاشم جعفر شقيق الدكتور ضياء جعفر الوزير السابق. عندما رآه عمر بن هاشم جعفر وعلم أنه نوري السعيد وجدها فرصة سانحة للفوز بالجائزة القيمة والتقرب إلى الحكومة الجديدة؛ ومن ثم خرج مسرعاً إلى وزارة الدفاع وتمكن بصعوبة من مقابلة عبد الكريم قاسم وأخبره الخبر.
أمر عبد الكريم قاسم بأن تسرع قوة من العسكريين إلى مكان نوري السعيد واعتقاله على الفور. ولكن مرة أخرى حين وصلت هذه القوة لم تجد نوري السعيد؛ فقد ارتاب في الأمر وتوجس شراًّ حين علم بخروج عمر هاشم جعفر فأسرع بالهرب وهو بملابسه النسائية ومعه زوجة الأسترابادي وخادمتها.
راح نوري السعيد يبحث عن مكان آمن يأوي إليه وهداه تفكيره إلى التوجه إلى منزل صديقه الشيخ محمد العريبي في منطقة البتاويين فربما يمكنه الوصول إليه ويختفي بين رجال قبيلته حتى يتسنى لهم تهريبه إلى الحدود فيعبرها إلى إيران. حاول أن يتذكر المنزل وموقعه وخانته ذاكرته وسار وإلى جواره أم عبد الأمير زوجة الأسترابادي وخادمتها فراح يسأل المحلات التجارية وتعرف إليه أحد أصحاب هذه المحلات فصرخ: “أمسكوه هذا نوري السعيد أمسكوه”! تجمهر الناس حوله وتوجهت إليه شاحنة تحمل عدداً من رجال الشرطة ومعهم وصفي طاهر فأخرج نوري مسدسه وأخذ يطلق النار عشوائياًّ وهو في رعب وهلع شديدين.
وأسرع الجنود الموجودون في مكان الحادث ومعهم الجماهير وأخذوا يطلقون النار عليه فأُصيب إصابة قاتلة واقترب منه أحد الجنود وانتزع المسدس من يده وأطلق النار عليه فأرداه قتيلاً. وقيل إن نوري السعيد هو الذي أفرغ مسدسه في صدره حين أيقن بهلاكه. ولما وصل إليه وصفي طاهر كان نوري السعيد يلفظ أنفاسه الأخيرة فصاحت أم عبد الأمير: “هذا باشتنا يا وصفي هذا أبوك وأبو الكل أنقذوه” وظن وصفي أنها رجل متنكر في زي امرأة فأطلق عليها الرصاص ثم أخذ يفرغ رشاشه في جثة نوري السعيد. وكان وصفي طاهر يفخر بعد ذلك في الصحف والإذاعة بأنه هو الذي قبض على نوري السعيد وقتله. وكانت الأهازيج الشعبية تلقبه بعد ذلك بـ “قاتل الأسد الميت” فتقول:
“لعنة عليك سبع لعنة | جتّال السبع الميت”. |
أمَّا ولدا السيد هاشم فقد قبض كل منهما خمسة آلاف دينار قيمة الجائزة. حمل الجنود جثة نوري السعيد إلى وزارة الدفاع وألقوا بها أمام عبد الكريم قاسم الذي نظر إليها ومعه مجموعة من الضباط والوزراء ثم أمر بتركها مكانها إلى أن يحل الظلام ثم التوجه بها لدفنها في مقبرة باب المعظم في بغداد. ولكن بعض العناصر نبشت القبر في اليوم التالي وسحبت الجثة وراحت تسحلها في شوارع بغداد إلى أن أوصلتها إلى ميدان منطقة الوزيرية بجوار السفارة المصرية وكان هناك عدد من سيارات الشرطة وبعض الدبابات فأمر قائد الشرطة أن تُسحق الجثة تحت جنزير الدبابة ولما تم ذلك أشعلوا النار فيها. ويُقال إن سائق الدبابة حين مر بعجلاته فوق القسم الأسفل من الجثة انتصب القسم الأعلى فجأة فأصاب السائق الهلع ونقل بعد ذلك إلى مستشفى الأمراض العصبية.
أعلن السفير الأمريكي أن وفاة نوري السعيد خسارة كبرى للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وبعث كثير من السياسيين البارزين في العالم رسائل تعزية إلى زوجة نوري السعيد ومنهم: هارولد ماكميلان رئيس وزراء بريطانيا السابق وسلوين لويد وزير خارجية بريطانيا السابق وفرانسيس همفريز المندوب السامي البريطاني في العراق وأول سفير بريطاني فيها.
ولنوري السعيد كتب مطبوعة منها (أحاديث في الاجتماعات الصحفية) و(استقلال العرب ووحدتهم) و(محاضرات عن الحركات العسكرية للجيش العربي في الحجاز وسورية).
نهرو في سطور
1889 ولادة جواهرلال نهرو ( 14 تشرين الثاني).
1900 انتقال العائلة إلى مدينة الله آباد.
1902 ـ 1904 تلقي نهرو لدروس خصوصية .
1905 انتسابه إلى ثانوية “هارو” البريطانية الشهيرة.
1912 حصوله على إجازة في العلوم الطبيعية وإجازة في الحقوق من جامعة كامبردج وعودته إلى الهند.
1916 لقاؤه مع غاندي.
1919 انتسابه إلى حزب المؤتمر.
1920 إطلاق حركة “عدم التعاون” مع المستعمر البريطاني.
1926 نهرو يزور أوروبا ويتقرب من الاشتراكية الدولية.
1929 انتخابه رئيسا لحزب المؤتمر في عموم الهند.
1929 ـ 1947 اشتراكه في كافة النشاطات ضد المستعمر البريطاني وتعرضه للسجن لفترات قاربت بمجموعها السنوات العشر.
1947 نهرو يصير أول رئيس وزراء للهند المستقلة ( 15 آب).
1960 تشكيل مجموعة دول عدم الانحياز مع تيتو وعبد الناصر.
1962 الاعتداء الصيني على الهند.
1964 وفاة نهرو. وابنته انديرا تخلفه في رئاسة الحكومة.
ولد جواهرلال في 14 تشرين الثاني 1889 وكان الابن البكر للمحامي موتيلال نهرو وزوجته سواروب.
بحلول العام 1900 انتقلت العائلة إلى مدينة الله آباد وكان مكتب موتيلال مزدهرا ما مكن العائلة من السكن في منزل أشبه بالقصر مزود بمسبح وملعب للتنس.
بين 1902 و1904 تتلمذ جواهرلال على يد مدرس خاص وفي العام 1905 التحق بمدرسة “هارو” اشهر مدرسة ثانوية بريطانية في ذلك الحين. ثم تابع دروسه فحصل على إجازة في العلوم الطبيعية وإجازة في الحقوق من جامعة كامبردج.
أثناء إقامته في إنكلترا كان نهرو يسأل دائما عن الصحف الهندية وخصوصا “التايمز” ثم بدا يراسلها وكان معظم مقالاته يدور حول حزب “المؤتمر” الذي مثل الحركة الوطنية الهندية آنذاك. كان نهرو سعيدا لأن والده قد انضم إلى تلك الحركة ولكن آراءه التي نشرها كانت أقسى من أسلوب والده المعتدل. فهو قد مارس القراءة بشغف منذ ان بلغ الحادية عشرة من العمر وخصوصا الكتب الأدبية والتاريخية والعلمية والفلسفية والاقتصادية ما كوّن لديه زادا غنيا من الأفكار والآراء المتقدمة.
أثناء وجوده في بريطانيا صادق جواهرلال بعض الايرلنديين وقام بزيارة إلى دبلن عام 1907 حيث تعرف على قادة حركة “الجمهوريين الايرلنديين”. وعندما عاد إلى الهند بعد إنهاء دراسته سنة 1912 كان مفعما بالأفكار الوطنية وشديد الإعجاب بغاندي الذي كانت الصحف تنشر اخباره وأفكاره.
شكلت العلاقة الحميمة بين جواهرلال ووالده موتيلال وغاندي أهمية كبرى لحزب “المؤتمر” الهندي مما دعا بعض الصحفيين إلى إطلاق لقب “الثالوث المقدس” عليهم. والواقع ان انتساب جواهرلال ووالده إلى الحركة الوطنية الهندية التي مثلها حزب المؤتمر إنما تعود إلى إخلاص جواهرلال لغاندي وعلاقته الطيبة مع والده.
كان موتيلال يكسب الكثير من المال لقاء عمله كمحام وكان ينفق بسخاء على عائلته وعلى أرملة أخيه وأولادها السبعة. ولكن بحلول العام 1920 كان موتيلال الذي تبع خطى ولده جواهرلال في الإعجاب بغاندي يتخلى عن معظم ممتلكاته من سيارات وأحصنة وعربات وملابس فخمة وأوان كريستالية وخدم مفضلا ارتداء زي مماثل لما كان يرتديه غاندي والعيش ببساطة وتقشف وكان ابنه جواهرلال قد سبقه إلى ذلك. وقد أدت شهرته كمحام إلى انتشار تلك الأخبار بين الناس وازدياد إعجاب الهنود بالأب وابنه اللذين تركا مهنة المحاماة والارباح التي يمكن ان تدرها عليهما ليلتحقا بالحركة الوطنية.
كانت العلاقة بين غاندي وجواهرلال اقوى من ان تحدد بكلمات. ورغم الأمور العديدة التي اختلفا حولها فانهما بقيا شديدي الإخلاص والوفاء لبعضهما منذ لقائهما الأول عام 1916.
عام 1919 ارتكب البريطانيون مذبحة جاليانوالا مما أثر في جواهرلال تأثيرا عميقا وخصوصا ان والدته كانت على علاقة صداقة وقربى مع بعض الضحايا. فانتسب الى حزب المؤتمر وشارك في اطلاق الحركة التي عرفت باسم “حركة اللاتعاون” مع البريطانيين وكان نهرو الأب والابن من أكثر المتحمسين الوطنيين لها.
عام 1926 سافر جواهرلال إلى أوروبا مع زوجته كامالا وابنته انديرا وهناك تقرب من الحركة الاشتراكية الدولية. وشارك في أحد مؤتمراتها في مدينة بروكسيل وانتخب كواحد من اعضاء هيئتها العليا التسعة إلى جانب رومان رولاند والسيدة صن يات سان والعالم ألبرت اينشتاين.
بعد عودته إلى الهند انخرط نهرو بأعمال المعارضة الهندية اللاعنفية ولكن قوات الشرطة اعتقلته حيث تعرض للضرب المبرح. وقد وجه إليه غاندي رسالة أشبه بالنبؤة: ” فليحمك الله إلى سنوات طويلة قادمة ويجعلك أداته المختارة لتحرير الهند من الاستعمار” ( 3 كانون الأول 1928).
عام 1929 انتخب نهرو رئيسا لحزب المؤتمر في عموم الهند وحظي باستقبال كملوكي في مؤتمر الحزب الذي عقد في لاهور. ومع بدء حركة العصيان المدني السلمي التي دعا إليها حزب المؤتمر تعرض جواهرلال ووالده إلى الاعتقال أكثر من مرة. وتقدر المدة التي قضاها جواهر في السجن ما بين 1920 و1947 بعشر سنوات. ولكن زوجته ووالدته كانتا تقومان بدور فعال أثناء اعتقالهما.
بقي جواهرلال في مقدمة العاملين على استقلال الهند من خلال الحركة الوطنية الهندية وقد اختير ليكون كبير المفاوضين عن حزب المؤتمر في ما عرف بمفاوضات “انتقال السلطة” من الإنكليز. وعند نجاح المفاوضات صار نهرو رئيسا للحكومة الانتقالية وفي 15 آب 1947 صار أول رئيس وزراء لدولة الهند المستقلة.
عمل نهرو أولا على استعادة “الإمارات” التي تمتعت بنوع من الاستقلال الذاتي إلى الهند ( ككشمير وسواها) ومد يد الصداقة والتعاون إلى سائر البلدان الآسيوية والأفريقية على أساس معاداة الإمبريالية والاستعمار. وقد آمن نهرو ان البلدان الأفريقية والآسيوية التي نالت استقلالها حديثا هي صاحبة حق في ان لا تنضم إلى الكتلة الشرقية ( بزعامة الاتحاد السوفياتي) ولا إلى الكتلة الغربية ( بزعامة الولايات المتحدة) ولذلك شكل مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو والرئيس المصري جمال عبد الناصر مجموعة دول “عدم الانحياز”.
كان نهرو يعتبر ان كتلة عدم الانحياز ليست محايدة بالكامل بل هي في مواقفها أقرب إلى الكتلة الشرقية ولكنه آمن ان تشكيل مثل تلك المجموعة يمكن الدول الفتية من تلقي المساعدات من الكتلتين على السواء.
الفشل الوحيد في سياسة نهرو الخارجية كان سقوط المعاهدة الموقعة مع الصين وقيام هذه الأخيرة بهجوم واسع النطاق على الهند (1962). ولكن الجيش الهندي الذي صمد على الحدود وعضوية الهند في الكومنولث وعداءها للإمبريالية والاستعمار مكنت نهرو من امتصاص صدمة ذلك العدوان.
في كانون الأول 1929 أعلن نهرو : ان برنامجنا الاقتصادي يجب ان يبنى على أسس إنسانية وعلينا ان لا نسخر الإنسان من أجل المال بأية حال من الأحوال. وقد حاول نهرو أثناء حكمه ان يحافظ على هذا المبدأ لذلك كانت سياساته الاقتصادية ذات منحى اشتراكي وقد اعتمدت على الخطط الخمسية. وقد كان على خلاف في الرأي مع غاندي في هذا الشأن. فغاندي كان يؤمن ان تطوير القرى أكثر أهمية في حين رأى نهرو ان من الأفضل التركيز على التصنيع معتبرا ان السدود والطاقة هي هياكل العبادة الجديدة.
توفي نهرو عام 1964 وسط ذهول وحزن شديدين في الهند. وخلفته ابنته انديرا في منصب رئاسة الحكومة الهندية.
لقد كتب الكثير عن نهرو في محاولة لتشويه صورته ونقد سياساته الاقتصادية والخارجية ولكن أفضل ما قيل فيه ورد على لسان الشاعر الهندي العظيم طاغور:
” لقد مثل نهرو موسم الشباب والفرح الظافر بروح عديمة الفساد قوامها النضال والإخلاص المتفاني في خدمة قضية الحرية”
معاهدة 1936 المصرية ـ الإنجليزية
أُبرمت في لندن في 26 أغسطس 1936 بين مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر وبين أنطوني أيدن وزير خارجية بريطانيا. ضم وفد المفاوضة المصري فضلاً عن حزب الوفد أحزاب الأحرار والدستور والشعب والاتحاد.
بدأ التمهيد لإبرام هذه المعاهدة منذ عام 1934 عندما تأزمت الظروف الدولية وظهر شبح الحرب العالمية الثانية بغزو إيطاليا للحبشة. فحرصت بريطانيا على تأيد وضعها في مصر عند نشوب الحرب وحرص حزب الوفد المصري على إبرامها حتى لا تلجأ بريطانيا في ظروف الحرب إلى العنف واستعادة حمايتها على مصر كما حدث في عام 1914 عند نشوب الحرب العالمية الأولى.
تضمنت المعاهدة اعتراف بريطانيا بإنهاء احتلالها لمصر وتبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما بدرجة سفير. كما نصت المعاهدة على عقد معاهدة للدفاع المشترك في حالة نشوب الحرب أو دنو خطرها تساعد فيها مصر داخل حدودها مع وجود قاعدة عسكرية إنجليزية في منطقة قناة السويس. وكانت مدة الاتفاقية عشرين عاماً واشتملت على وعد بريطانيا بالسعي لإلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر. وفي عام 1937 أُلغيت الامتيازات بمعاهدة مونترو.
كانت معاهدة 1936 أول معاهدة يُبْرِمها حزب الوفد مع الإنجليز. وقد قوبلت المعاهدة بالهجوم من قبل العناصر الوطنية المتشددة باعتبار أن المعاهدة تعترف بشرعية الوجود العسكري الإنجليزي في مصر. وكان أهم المهاجمين لها الحزب الوطني وحزب مصر الفتاة.
وخلال الحرب العالمية الثانية 1940 طالب حزب الوفد بتعديل المعاهدة. وبعد انتهاء الحرب أصبح مطلب الحركة الوطنية ـ بكافة تياراتها ـ إلغاء تلك المعاهدة. وبذلك الإلغاء تطورت الأحداث إلى الكفاح المسلح في منطقة القناة ضد الاحتلال ثم اندلاع حريق القاهرة (في يناير 1952). ثم قيام ثورة يوليه 1952.
محمد نجيب
تقدم الصبي الصغير من أبيه.. وقدم له كتابًا والدموع تنساب من عينيه متسائلا في براءة ودهشة: ألم تكن رئيسًا لمصر في يوم ما؟
فقال الأب بابتسامة حذرة تتوقع الشر: نعم يا بني لكنه زمن مضى.. لماذا تسأل؟
فقرأ الصبي بصوت مرتفع: “جمال عبد الناصر هو أول رئيس لجمهورية مصر”.
وكأن الأب “محمد نجيب” قد تلقى طعنة في قلبه حين فوجئ باسمه قد رُفع من كل الكتب في محاولة لتزييف التاريخ…
أصول مصرية ونشأة سودانية
عانى أبوه “يوسف نجيب” اليتم مبكرا ونشأ معتمدا على نفسه ليعمل في الزراعة والرعي واستطاع بمشقة أن ينتظم في التعليم إلى أن التحق بالمدرسة الحربية وتخرج فيها 1896 ليخدم بالكتيبة “17 مشاه” في السودان تزوج من “زهرة” ابنة أحد وجهاء أم درمان فرُزقا عام 1896 بابنهما الأكبر “محمد نجيب” الذي لم يكد يبلغ الثالثة عشرة من عمره حتى مُني بفقد والده يوسف نجيب -الذي ذاق اليتم هو الآخر في نفس السن- وكان محمد وقتها طالبًا بالقسم الداخلي بكلية “غوردون” التي كانت مدة الدراسة بها 4 سنوات عانى خلالها من التعالي الذي كان يتعامل به المدرسون الإنجليز مع أهل البلد ومن ذلك أن “سمبسون” مدرس اللغة الإنجليزية كان يملي عليهم قطعة إملاء جاء فيها: “إن مصر يحكمها البريطانيون” فتوقف محمد نجيب عن الكتابة وصرخ في وجهه: عفوا أستاذ.. مصر تحتلها بريطانيا فقط.. لكنها مستقلة داخليًّا وتابعة لتركيا فثار المدرس الإنجليزي وقرر معاقبة هذا الطالب المصري/ السوداني بالجلد.. وبالفعل طُبق عليه هذا الحكم العجيب!!
عقب وفاة والده اضطر إلى العمل كموظف صغير براتب شهري 3 جنيهات ثم قرر دخول المدرسة الحربية. والطريف أنه كان خائفا من قصر قامته سنتيمتر واحد عن الحد المطلوب وحين أسرّ برغبته لصديقه “إبراهيم عرابي” ابن أحمد عرابي باشا حاول إبراهيم إثناءه عما ينتوي؛ لأنه يرى أن “الضابط في بلد محتل ليس إلا مقاول أنفار للحفر والردم ومتابعة أعمال السكك الحديدية” لكن “نجيب” قَبِل التحدي وقرر خوض التجربة.
“الثائر” يرتحل للقاهرة.. ويصر على حلمه
كان كل ما يمتلكه هو 9 جنيهات ترك منها 6 جنيهات لأمه واحتفظ بالثلاث الباقيات لرحلته ارتدى الملابس الشعبية السودانية ليتسنى له الركوب في القطار بتخفيض وبعد رحلة استغرقت 6 أيام وصل إلى القاهرة لكنه فوجئ بتأخره 11 يوما وأن الدفعة المطلوبة قد بدأت دراستها بالفعل فصُدم لذلك صدمة عنيفة لكنه لم يسلم نفسه لليأس وسعى حتى اتصل بالسلطان حسين كامل وسردار الجيش البريطاني فاختُبر في لجنة خاصة تحت ظل شجرة كافور وأُلحق بالمدرسة ليتخرج ويعمل في نفس كتيبة والده “17- مشاه” وعاد إلى السودان لينتظم في عمله لكن بعد مرور بضعة أشهر أدرك أن حديث صديقه “إبراهيم عرابي” كان صائبًا وأنه لا يعدو كونه “مقاول أنفار”؛ ولهذا لم يجد أمامه إلا إكمال دراسته في محاولة لتحسين أوضاعه وبدأ في المذاكرة مرة أخرى حتى حصل على الكفاءة ثم البكالوريا…
الوطن شغله الأول والحرية أمله الكبير
اهتم محمد نجيب بالوطن وكان شغله الأول ففي 1919 كان بركان الثورة قد انفجر في القاهرة فقرر نجيب السفر ليشارك في العمل الوطني وفي طريقه مر أمامه ضابط إنجليزي وكانت التقاليد العسكرية تستدعي أن يؤدي له نجيب التحية العسكرية لكنه لم يفعل فتوقف الإنجليزي ووبخه طالبا منه تأدية التحية وأصر نجيب على موقفه ولم يتراجع إلا عندما بادله الإنجليزي التحية العسكرية بمثلها.
وليس أدل على وطنيته من موقفه حين تزعم مجموعة من زملائه الضباط يرتدون زيهم الرسمي متوجهين صوب بيت الأمة معبرين عن احتجاجهم وسخطهم لنفي سعد زغلول وأقاموا اعتصامًا على سلم بيت الأمة “منزل سعد زغلول”.
حاول التخلص من وظيفته بالجيش لتبعيته العمياء لإنجلترا فدخل مدرسة البوليس لدراسة القانون الإداري واللوائح ليتسلم العمل في أقسام الشرطة بالقاهرة فأفادته هذه الفترة في التعرف على قاع الحياة فيها واحتك بطبقاتها المطحونة وشعر بآلامها.. لكن سرعان ما قرر العودة ثانية لصفوف الجيش.
درس من “النحاس” في احترام الحرية
عاد إلى السودان.. لكنه عكف هذه المرة على تأمل علاقة مصر والسودان ببريطانيا وأصدر كتابًا يرصد فيه أهم مشكلات السودان والخطر الذي يهدد وحدة وادي النيل وبعد فترة قصيرة نُقل إلى الحرس الملكي وفي عام 1927 حصل على ليسانس الحقوق وتزوج للمرة الأولى.. وهو نفس العام الذي أصدر فيه الملك فؤاد قراره بحل البرلمان -لأن أغلبية أعضائه كانوا من حزب الوفد الذي كان دائم الاصطدام بالملك- فتخفى محمد نجيب في ملابس سودانية وقفز فوق سطح منزل مصطفى النحاس باشا وعرض عليه تدخل الجيش لإجبار الملك على احترام رأي الشعب لكن النحاس رفض ذلك بشدة وطالب بأن يبتعد الجيش عن الحياة السياسية وضرورة ترك هذا الأمر للأحزاب.
كان درسا هاما تعلم من خلاله محمد نجيب الكثير حول ضرورة فصل السلطات واحترام الحياة النيابية الديمقراطية ويبدو أنه الدرس الذي أراد تطبيقه بعد ذلك عام 1954 ولكن الأمور جرت على خلاف ما كان يريد.
نجيب والضباط الأحرار اللقاء الأول
منذ اعتلاء فاروق العرش شهدت مصر تدخلات كثيرة من الإنجليز وكانت حرب 1948 وما حدث للجيوش العربية فيها هو القشة التي قصمت ظهر البعير؛ فقد رجع بعض الضباط الشباب الذين خاضوا مرارة هذه الهزيمة محمّلين بهاجس قوي يدفعهم نحو ضرورة التغيير والتقت حماستهم مع حنكة اللواء أركان حرب محمد نجيب وأخبروه بما ينوونه وأعلن الرجل موافقته وإيمانه بالفكرة.
ولم يكن نجيب آنذاك نكرة بل كان بالفعل علما عسكريا فقد حصل على نجمة فؤاد الأول مرتين لبسالته كما حارب في فلسطين 1948 ونال شرف الإصابة فيها 3 مرات وحصل على رتبة فريق.
بالإضافة لذلك كانت للرجل مكانة علمية مرموقة فهو مؤلف لعدة كتب قيمة وكذلك حصل عام 1929 على دكتوراه في الاقتصاد.
وكان أول اختبار حقيقي لشعبية الرجل داخل الجيش هو انتخابات نادي الضباط التي فازت فيها قائمة الضباط الأحرار بقيادة نجيب بـ 95 % من الأصوات في مواجهة قائمة القصر حينها أدرك الملك الشعبية الطاغية لنجيب وسط الضباط فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ في محاولة لامتصاص غضب الضباط لكن يبدو أنها محاولة تأخرت كثيرا حيث لم يتبق على الثورة إلا إعلانها وهو ما تم بالفعل في صباح 23 يوليو 1952 حيث حاصرت قوات الجيش قصر عابدين ولم تكد تمر أيام حتى أجبروا “فاروق” على مغادرة مصر والتفت الجموع حول محمد نجيب الذي أعلن أن الجيش سيؤدي ما عليه ويرجع ثانية للثكنات تاركا الحكم لأولي الأمر.
نجيب: مهمة الجيش انتهت وليحكم الشعب نفسه
وكانت روح الحرية التي حملتها هذه البيانات هي السبب فيما تعرض له؛ فقد تصادمت هذه النظرة الراقية للثورة مع طموحات الضباط الشباب الذين وجدوا أنفسهم يحكمون مصر بين عشية وضحاها وما جاءوا إلا ليبقوا وجاء الأمر أسهل مما تصوروا فالانقلاب الذي جاء لتصحيح الأوضاع والرجوع للثكنات تحول في لحظة إلى ثورة 23 يوليو المجيدة (!) ومنذ هذه اللحظة بدأت الشباك تُنصب حول محمد نجيب وحول الديمقراطية بشكل عام وبدأ رجل قوي آخر يخرج من الظل الذي ارتاده لحاجة في نفسه وكان هذا الرجل هو جمال عبد الناصر الذي شرع في التخلص ممن ظن أنهم يمثلون خطرا عليه وأولهم محمد نجيب فبدأ أولا في تدبير أزمة مارس 1954 ثم حانت الساعة الفاصلة في نوفمبر 1954 عندما فوجئ الرئيس وهو يدخل قصر عابدين بضباط البوليس الحربي وإذا بهم يقتادونه إلى فيلا قديمة في ضاحية المرج أقصى شرق القاهرة على وعد بأن يعود بعد أيام ولكنه ظل حبيس هذه الفيلا حتى عام 1982 إلى أن نقلوه إلى شقة أكثر ضعة لحين وفاته عام 1984.
وظل عبد الناصر قائما بأعمال الرئيس إلى أن تم انتخابه في يونيو 1956 رئيساً منتخباً لجمهورية مصر العربية بعد حصوله في استفتاء شعبي على نسبة 99,8% من مجموع الأصوات.
القطط والكلاب أوفى من البشر أحيانا؟!
لم يجد أول رئيس جمهورية مصري من سلوى إلا تربية القطط والكلاب.. طيلة 30 عاما هي فترة إقامته الجبرية في منزل بعيد بضاحية المرج مُنع من مقابلة أحد حتى إنه ظل لسنوات عديدة يغسل ملابسه بنفسه حتى سمح له جنوده “ضباط الثورة” بخادم عجوز يرعاه ولم يقفوا معه عند هذا الحد بل تفننوا في إيلامه وتعذيبه وانسحب ذلك على أسرته أيضًا وتلك مأساة أخرى فابنه الأكبر “فاروق” اتهم بمعاداة النظام بعد أن افتعل معه أحد أفراد الشرطة مشاجرة وزج به في السجن ليتعرض لأقسى ألوان التعذيب النفسي والجسدي ثم يخرج ليموت كمدا وقهرا.
والابن الأوسط “علي” الذي كان يكمل دراسته بألمانيا ويقوم بنشاط هام في الدفاع عن القضية العربية وعن مصر ضد من يهاجمونها اتُّهم من قبل أصدقاء والده القدامى الذين لم يعجبهم أمره بأنه يريد أن يعيد صورة والده إلى الأضواء وقُتل في بلاد الغربة وأحضروا جثته ومُنع الأب رغم توسلاته من شهود دفن ابنه أو الصلاة عليه ولم يتبق له من الدنيا سوى ابنه الأصغر يوسف الذي تعثر في دراسته وحصل على شهادة متوسطة ثم التحق للعمل بالحكومة وتم فصله بقرار رئاسي (!!) ولم يجد أمامه إلا أن يعمل سائقا للتاكسي.
رحل الرجل في صمت في أوائل الثمانينيات بهدوء شائن لكل الأطراف ليترك لنا كتابه “كنت رئيسا لمصر” الذي حكى فيه مذكراته دون أن يسب أحدا أو ينال من أحد حتى أعنف ظالميه وليترك علامات تعجب حول معاني الوفاء والغدر وسؤال كبير لا يزال يطرق أذهاننا: ألا يصلح الطيبون للسياسة في أوطاننا
فرانكلين ديلانو روزفلت
دخل فرانكلين روزفلت الحرب العالمية الثانية بأميركا بعد أن كانت محايدة فأنزل قواته في النورماندي شمال فرنسا كما أوقعت البحرية الأميركية بالأسطول الياباني. وقد شجع تطوير البحوث في المجال النووي لتفجير أميركا بعد وفاته أشهر وأول قنبلة ذرية في التاريخ.
عناصر بارزة في حياته
ولد فرانكلين دلانو روزفلت عام 1882 في نيويورك.
أصيب في رجليه عام 1921 فأصبح يتحرك بواسطة مقعد ولم يزده ذلك إلا اندفاعا في السياسة.
عضو في الحزب الديمقراطي.
انتخب في مجلس الشيوخ عام 1910.
الرئيس الـ33 للولايات المتحدة الأميركية وتولى الرئاسة في مارس/ آذار 1933 وقد أعيد انتخابه ثلاث مرات وهي سابقة في تاريخ أميركا.
توفي في 12 إبريل/ نيسان 1945.
روزفلت والأزمات
دخول أميركا في عهد روزفلت الحرب العالمية الثانية بعدما كانت قد أعلنت حيادها.
فرض حظر بترولي ومنع تصدير الحديد إلى اليابان تعاطفا مع حلفائه التقليديين أي بريطانيا وروسيا.
مهاجمة اليابان القطع البحرية الأميركية في ميناء بيرل هاربر في المحيط الهادي في ديسمبر/ كانون الأول 1941 وذلك بعد امتناع أميركا على تزويد اليابان بالنفط والصلب.
إنزال القوات الأميركية قواتها البحرية في السواحل الفرنسية بالنورماندي في 6 يونيو/ حزيران 1944.
الأمر بتطوير الأبحاث المتعلقة بالقنبلة النووية التي ستفجر بعد أشهر قليلة من وفاته.
وفاته
توفي بمكتبه في أبريل/ نيسان 1945 مصابا بنزف في المخ.
روزفلت والعرب
أعلن روزفلت في حملته الانتخابية الأولى عزمه على مساعدة اليهود في إنشاء دولة يهودية في فلسطين. كما رحب بالقرار الصادر عن المؤتمر الاستثنائي الذي عقده يهود أميركا في نيويورك يوم 11 مايو/ أيار 1942 وقرروا فيه جعل فلسطين دولة يهودية بعد إخراج العرب منها.
نيلسون مانديلا
من مواليد 8/7/1918 في قرية صغيرة في إقليم ترانسكاي الواقع في جنوب شرق دولة جنوب أفريقيا
سليل العائلة الملكية للتيمبو أكبر عشائر قبيلة الهوزا وقد كان والده زعيما تقليديا للقبيلة له مستشاروه ومريدوه 0
الاسم الأصلي لمانديلا هو ( رولهلا هلا ) وهو يعني ” مثير الشغب والمتاعب ” وذلك بلغة الهوسا 0
كان فى صغره شديد الإعجاب بوالده وكان يعبر عن ذلك الإعجاب بارتداء ملابسه وحمل أسلحته كما كان شغوفا بالاستماع إلى الروايات التى تناقلتها القبيلة أبا عن جد عن ذلك القائد الوطني الأفريقي الذى قتله الإنجليز أثناء المقاومة 0
تلقى مانديلا تعليمه الثانوي ثم التحق بجامعة فورت هير للسود ولكن سرعان ما طرد منها بتهمة النشاط السياسى 00 إلا أنه أصر على استكمال تعليمه العالى رغم كل الصعوبات التى حالت بينه وبين ذلك الهدف وكانت عملية إصراره على استكمال تعليمه رغم ما واجهه من صعاب أكبر دليل على أهم صفاته وهى العناد النبيل والاستقرار على تحقيق الهدف 0
استطاع مانديلا وزميلة تامبو تأسيس أول مكتب للمحاماة فى جنوب أفريقيا وأصبح مانديلا صوت ضحايا الفصل العنصري كما أنضم إلى المؤتمر الوطني الأفريقي وأخذ نجم مانديلا فى السطوع حتى أصبح رئيسا للحزب الوطني الأفريقي 0
وقد تمكنت الشرطة من القبض عليه عام 1962 واكتشفت مقر قيادته السرية داخل مزرعة فى ضاحية ريفونيا وتم العثور على وثائق سرية أدين على أثرها بالخيانة والتخريب وعند محاكمته أستغل هو وعدد من قادة حزب المؤتمر هذا الموقف لعرض قضيتهم على العالم أجمع و رغم أن التهم المنسوبة إليه كانت تحمل فى طياتها إمكانية الحكم عليه بالإعدام إلا أن القاضى اكتفى بالحكم عليه بالسجن مدى الحياة لم ينقطع كفاحه بعد سجنه بل وصل جهاده من داخل زنزانته وحظي باحترام الكثيرين داخل جنوب افريقيا وخارجها كقائد بارز للمواطنين السود 0
تزعم التيار الافريكانى داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وهو تيار يدعو إلى الاعتزاز بالزنجية ومع اشتداد نفوذ ومكانة مانديلا عمل على تنظيم حملة ضد نظام التفرقة العنصرية ” الابارتيد ” شارك فيها حوالي 8000 متطوع وكان ذلك في عام 1952 –1955 0
شارك مانديلا في وضع صيغة ميثاق الحرية للمؤتمر الوطني الأفريقي والذي أعلن فيه أن جنوب أفريقيا ملك لكل الذين يعيشون فيها ( الزنوج و البيض معا )
وكانت ثمرة كفاحه بعد أن أطلق سراحه أن أصبح أول رئيس أفريقي أسود لجمهورية جنوب أفريقيا المتحررة من وصمة التفرقة العنصرية
وفي شهر يونيو 1999تقاعد مانديلا طواعية كزعيم للحزب الحاكم واختار الشعب في جنوب أفريقيا نائبه وزميل كفاحه ” مبيكي ” رئيسا جديدا وما يزال مانديلا يتمتع بكل صفات الزعامة وقد أصبح أسطورة الشعوب الإفريقية المتطلعة إلى التحرر والتقدم 0
الأوسمة والجوائز التى حصل عليها :
حصل على جائزة جواهر نهرو عام 1981 أثناء وجوده في السجن وتسلمتها نيابة عنه زوجته آنذاك ” ويني مانديلا ” وحصل على جائزة زخاروف الأولى من البرلمان الأوروبي عام 1988 وتقاسم مع رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ” دي كليرك ” جائزتين الأولى عام 1991 وهى جائزة “فيليكس هو فييه بوانييه ” وذلك اعترافا بجهودهما من أجل السلام من منظمة اليونسكو والثانية عام 1993 وهى جائزة نوبل للسلام 0
الصهيونيه
التعريف :
الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة،ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم . واشتقت الصهيونية من اسم ( جبل صهيون ) في القدس حيث ابتنى داود قصره بعد انتقاله من حبرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد . وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد بحيث تكون القدس عاصمة لها .
وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصرة الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· للصهيونية العالمية جذور تاريخية فكرية وسياسية تجعل من الواجب الوقوف عند الأدوار التالية :
– وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذي أسس مملكته 1000-960 ق.م.
– حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي 586-538م قبل الميلاد وأول أهدافها العودة إلى صهيون وبناء هيكل سليمان .
– حركة باركوخيا 118-138م وقد أثار هذا اليهودي الحماسة في نفوس اليهود وحثهم على التجمع في فلسطين وتأسيس دولة يهودية فيها .
– حركة موزس الكريتي وكانت شبيهة بحركة باركوخيا .
– مرحلة الركود في النشاط اليهودي بسبب اضطهاد اليهود وتشتتهم . ومع ذلك فقد ظل الشعور القومي عند اليهود عنيفاً لم يضعف .
– حركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ 1501-1532م وقد حث اليهود على ضرورة العودة لتأسيس ملك إسرائيل في فلسطين .
– حركة منشه بن إسرائيل 1604-1657م وهي النواة الأولى التي وجهت خطط الصهيونية وركزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية .
– حركة سبتاي زيفي 1626-1676م الذي ادعى أنه مسيح اليهود المخلص فأخذ اليهود في ظله يستعدون للعودة إلى فلسطين ولكن مخلصهم مات .
– حركة رجال المال التي تزعمها روتشيلد وموسى مونتفيوري وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود .
– الحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر .
– الحركة الصهيونية العنيفة التي قامت إثر مذابح اليهود في روسيا سنة 1882م وفي هذه الفترة ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء .
– ظهور مصطلح الصهيونية Zionism لأول مرة على يد الكاتب الألماني ناثان برنباوم سنة 1893م .
– في عام 1882م ظهرت في روسيا لأول مرة حركة عرفت باسم ( حب صهيون ) وكان أنصارها يتجمعون في حلقات اسمها ( أحباء صهيون ) وقد تم الاعتراف بهذه الجماعات في عام 1890م تحت اسم ” جمعية مساعدة الصناع والمزارعين اليهود في سوريا وفلسطين وإحياء اللغة العبرية .
– الصهيونية الحديثة وهي الحركة المنسوبة إلى تيودور هرتزل الصحفي اليهودي المجري ولد في بودابست في 2/5/1860م حصل على شهادة الحقوق من جامعة فينا 1878م وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم بدءاً بإقامة دولة لهم في فلسطين . وقد فاوض السلطان عبد الحميد بهذا الخصوص في محاولتين لكنه أخفق عند ذلك عملت اليهودية العالمية على إزاحة السلطان وإلغاء الخلافة الإسلامية .
– وقد أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عاملي سنة 1897م مستغلاً محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس الذي اتهم بالخيانة 1894م لنقله أسراراً عسكرية من فرنسا إلى ألمانيا لكن ثبتت براءته فيما بعد ونجح هرتزل من تصوير المأساة اليهودية في زعمه من خلال هذه الواقعة الفردية وأصدر كتابه الشهير الدولة اليهودية الذي أكسبه أنصاراً لا بأس بعددهم مما شجعه على إقامة أول مؤتمر صهيوني في بال بسويسرا 29-31/8/47 وقد علق عليه بقوله : ” لو طلب إلى تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع إنني قد أسست الدولة اليهودية ” ونجح في تجميع يهود العالم حوله كما نجح في جمع دعاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ العالم وهي بروتوكولات حكماء صهيون المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها ومن ذلك الوقت أحكم اليهود تنظيماتهم وأصبحوا يتحركون بدقة ودهاء وخفاء لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها واضحة للعيان في زماننا هذا .
الأفكار والمعتقدات :
· تستمد الصهيونية فكرها ومعتقداتها من الكتب المقدسة التي حرفها اليهود وقد صاغت الصهيونية فكرها في بروتوكولات حكماء صهيون .
· تعتبر الصهيونية جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة هي الجنسية الإسرائيلية .
· تهدف الصهيونية إلى السيطرة اليهودية على العالم كما وعدهم إلههم يهوه وتعتبر المنطلق لذلك هو إقامة حكومتهم على أرض الميعاد التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات .
· يعتقدون أن اليهود هم العنصر الممتاز الذي يجب أن يسود وكل الشعوب الأخرى خدم لهم .
· يرون أن أقوم السبل لحكم العالم هو إقامة الحكم على أساس التخويف والعنف .
· يدعون إلى تسخير الحرية السياسية من أجل السيطرة على الجماهير ويقولون : يجب أن نعرف كيف نقدم لهم الطعم الذي يوقعهم في شباكنا .
· يقولون : لقد انتهى العهد الذي كانت فيه السلطة للدين والسلطة اليوم للذهب وحده فلابد من تجميعه في قبضتنا بكل وسيلة لتسهل سيطرتنا على العالم .
· يرون أن السياسة نقيض للأخلاق ولا بد فيها من المكر والرياء أما الفضائل والصدق فهي رذائل في عرف السياسة .
· يقولون : لا بد من إغراق الأمميين في الرذائل بتدبيرنا عن طريق من نهيئهم لذلك من أساتذة وخدم وحاضنات ونساء الملاهي .
· يقولون : يجب أن نستخدم الرشوة والخديعة والخيانة دون تردد ما دامت تحقق مآربنا .
· يقولون : يجب أن نعمل على بث الفزع الذي يضمن لنا الطاعة العمياء ويكفي أن يشتهر عنا أننا أهل بأس شديد ليذوب كل تمرد وعصيان .
· يقولون : تنادي بشعارات الحرية والمساواة والإخاء لينخدع بها الناس ويهتفوا وينساقوا وراء ما نريد لهم .
· يقولون : لا بد من تشييد ارستقراطية تقوم على المال الذي هو في يدنا والعلم الذي اختص به علماؤنا .
· يقولون : سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا وسيكون تعيينهم في أيدينا واختيارهم يكون حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدينية وحب الزعامة وقلة الخبرة .
· يقولون : سنسيطر على الصحافة تلك القوة الفعالة التي توجه العالم نحو ما نريد .
· يقولون : لا بد من توسيع الشقة بين الحكام والشعوب وبالعكس ليصبح السلطان كالأعمى الذي فقد عصاه ويلجأ إلينا لتثبيت كرسيه .
· يقولون : لا بد من إشعال نار الخصومة الحاقدة بين كل القوى لتتصارع وجعل السلطة هدفاً مقدساً تتنافس كل القوى وتسقط الحكومات وتقوم حكومتنا العالمية على أنقاضها .
· يقولون : ستقدم إلى الشعوب الفقيرة المظلومة في زي محرريها ومنقذيها من الظلم وندعوها إلى الانضمام إلى صفوف جنودنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين والماسونيين وبسبب الجوع سنتحكم في الجماهير ونستخدم سواعدهم لسحق كل من يعترض سيبلنا .
· يقولون : لا بد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه .
· يقولون : إننا الآن بفضل وسائلنا الخفية في وضع منيع بحيث إذا هاجمتنا دولة نهضت أخرى للدفاع عنا .
· يقولون : إن كلمة الحرية تدفع الجماهير إلى الصراع مع الله ومقاومة سنته ويتغير أعضاؤها على الدوام وهي الكفيلة بتوجيه حكام الأمميين كما نريد .
· يقولون : لا بد أن نهدم دولة الإيمان في قلوب الشعوب وننزع من عقولهم فكرة وجود الله ونحل محلها قوانين رياضية مادية لأن الشعب يحيا سعيداً هانئاً تحت رعاية دولة الإيمان . ولكي لا ندع للناس فرصة المراجعة يجب أن نشغلهم بشتى الوسائل وبذلك لا يفطنوا لعدوهم العام في الصراع العالمي .
· يقولون : لا بد أن نتبع كل الوسائل التي تتولى نقل أموال الأمميين من خزائنهم إلى صناديقنا .
· يقولون : سنعمل على إنشاء مجتمعات مجردة من الإنسانية والأخلاق متحجرة المشاعر ناقمة أشد النقمة على الدين والسياسة ،ليصبح رجاؤها الوحيد تحقيق الملاذ المادية وحينئذ يصبحون عاجزين عن أي مقاومة فيقعون تحت أيدينا صاغرين .
· يقولون : سنقبض بأيدينا على كل مقاليد القوى ونسيطر على جميع الوظائف وتكون السياسة بأيدي رعايانا وبذلك نستطيع في كل وقت بقوتنا محو كل معارضة مع أصحابها من الأمميين .
· يقولون : لقد بثثنا بذور الشقاق في كل مكان بحيث لا يمكن اجتثاثه وأوجدنا التنافر بين مصالح الأمميين المادية والقومية وأشعلنا نار النعرات الدينية والعنصرية في مجتمعاتهم ولم ننفك عن بذل جهودنا في إشعالها منذ 20 قرناً ولذلك من المستحيل على أي حكومة أن تجد عوناً من أخرى لضربنا وأن الدول لن تقدم على إبرام أي اتفاق مهما كان ضئيلاً دون موافقتنا لأن محرك الدول في قبضتنا .
· يقولون : لقد هيأنا الله لحكم العالم وزودنا بخصائص ومميزات لا توجد عند الأمميين ولو كان في صفوفهم عباقرة لا ستطاعوا مقاومتنا .
· يقولون : لا بد من الانتفاع بالعواطف المتأججة لخدمة أغراضنا عوض إخمادها ولا بد من الاستيلاء على أفكار الآخرين وترجمتها بما يتفق مع مصالحنا بدل قتلها .
· يقولون : سنولي عناية كبرى بالرأي العام إلى أن نفقده القدرة على التفكير السليم ونشغله حتى نجعله يعتقد أن شائعاتنا حقائق ثابتة ونجعله غير قادر على التمييز بين الوعود الممكن إنجازها والوعود الكاذبة فلا بد أن نكون هيئات يشتغل أعضاؤها بإلقاء الخطب الرنانة التي تغدق الوعود ولا بد أن نبث في الشعوب فكرة عدم فهمهم للسياسة وخير لهم أن يدعوها لأهلها .
· يقولون : سنكثر من إشاعة المتناقضات ونلهب الشهوات ونؤجج العواطف .
· يقولون : سننشئ ” إدارة الحكومة العليا ” ذات الأيدي الكثيرة الممتدة إلى كل أقطار الأرض والتي يخضع لها كل الحكام .
· يقولون : يجب أن نسيطر على الصناعة والتجارة ونعود الناس على البذخ والترف والانحلال ونعمل على رفع الأجور وتيسير القروض ومضاعفة فوائدها عند ذلك سيخر الأمميون ساجدين بين أيدينا .
· يقولون : في الرسميات يجب علينا أن نتظاهر بنقيض ما نضمر فنستنكر الظلم وننادي بالحريات ونندد بالطغيان .
· يقولون : إن الصحافة جميعها بأيدينا إلا صحفاً قليلة غير محتفل بها وسنستعملها لبث الشائعات حتى تصبح حقائق وسنشغل بها الأمميين عما ينفعهم ونجعلهم يجرون وراء الشهوة والمتعة .
· يقولون : الحكام أعجز من أن يعصوا أومرانا لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم فيكونوا طاعة لنا وأشد حرصاً ورعاية لمصالحنا .
· يقولون : سنعمل على ألا يكشف مخططنا قبل وقته ولا نهدم قوة الأمميين قبل الأوان .
· يقولون : نحن الذين وضعنا طريقة التصويت ونظام الأغلبية المطلقة ليصل إلى الحكم كل من نريد بعد أن نكون قد هيأنا الرأي العام للتصويت عليهم .
· يقولون : سنفكك الأسرة وننفخ روح الذاتية في كل فرد ليتمرد ونحول دون وصول ذوي الامتياز إلى الرتب العالية .
· يقولون : لا يصل إلى الحكم إلا أصحاب الصحائف السود غير المكشوفة وهؤلاء سيكونون أمناء على تنفيذ أوامرنا خشية الفضيحة والتشهير . كما نقوم بصنع الزعامات وإضفاء العظمة والبطولة عليها .
· يقولون : سنستعين بالانقلابات والثورات كلما رأينا فائدة لذلك .
· يقولون : لقد أنشأنا قوانا الخفية لتحقيق أهدافنا ولكن البهائم من الأمميين يجهلون أسرارها فوثقوا بها وانتسبوا إلى محافلها فسيطرنا عليهم وسخرناهم لخدمتنا .
· يقولون : إن تشتيت شعب الله المختار نعمة وليست ضعفاً وهو الذي أفضى بنا إلى السيادة العالمية .
· يقولون : ستكون كل دور النشر بأيدينا وستكون سجلات التعبير عن الفكر الإنساني بيد حكومتنا وكل دار تخالف فكرنا سنعمل على إغلاقها باسم القانون .
· يقولون : ستكون لنا مجلات وصحف كثيرة مختلفة النزعات والمبادئ وكلها تخدم أهدافنا .
· يقولون : لا بد أن نشغل غيرنا بألوان خلابة من الملاهي والألعاب والمنتديات العامة والفنون الجنس والمخدرات لنلهيهم عن مخالفتنا أو التعرض لمخططاتنا .
· يقولون : سنمحو كل ما هو جماعي وسنبدأ المرحلة بتغيير الجامعات وسنعيد تأسيسها حسب خططنا الخاصة .
· يقولون : سنتصرف مع كل من يقف في طريقنا بكل عنف وقسوة .
· يقولون : سنكثر من المحافل الماسونية وننشرها في كل وسط لتوسيع نطاق سيطرتنا.
· يقولون : عندما تصبح السلطة في أيدينا لن نسمح بوجود دين غير ديننا على الأرض .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· الصهيونية قديمة قدم التوراة نفسها وهي التي أججت الروح القومية عند اليهود منذ أيامها الأولى . وحركة هرتزل إنما هي تجديد وتنظيم للصهيونية العديمة .
· تقوم الصهيونية على تعاليم التوراة المحرفة والتلمود . ولكن لا بد من الإشارة إلى أن عدداً من زعماء الصهيونية هم من الملاحدة واليهودية عندهم ليست سوى ستار لتحقيق المطامع السياسية والاقتصادية .
· تعتبر أكثرية من اليهود ما يعرف بالتلمود دستوراً دينياً وهو مؤلف من بحوث أحبار اليهود وفقهائهم وقد رسموا فيه الحدود لكل جوانب الحياة الخاصة والعامة وقد دون فيه من الأحكام والتعليمات ما يبرر وضعهم الاجتماعي والسياسي وما يغرس في نفوسهم ونفوس أجيالهم اللاحقة احتقار المجتمع البشري وحب الإنتقام منه وأكل أموال الناس بالباطل والسطو على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم واستنـزاف دماء غير اليهود لا ستعمالها في بعض المناسبات الدينية حيث يستعمل الدم البشري بوضع نقط منه على فطير الفصح أو غيره .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· الصهيونية هي الواجهة السياسية لليهودية العالمية وهي كما وصفها اليهود أنفسهم ( مثل الإله الهندي فشنو الذي له مائة يد ) فهي لها في جل الأجهزة الحكومية في العالم يد مسيطرة موجهة تعمل لمصلحتها .
· هي التي تقود إسرائيل وتخطط لها .
· الماسونية تتحرك بتعاليم الصهيونية وتوجيهاتها وتخضع لها زعماء العالم ومفكريه .
· للصهيونية مئات الجمعيات في أوروبا وأمريكا في مختلف المجالات التي تبدو متناقضة في الظاهر لكنها كلها في الواقع تعمل لمصلحة اليهودية العالمية .
· هناك من يبالغ في قوتها مبالغة كبيرة جداً وهناك من يهون من شأنها والرأيان فيهما خطأ على أن استقراء الواقع يدل على أن اليهود الآن يحيون فترة علو استثنائية .
يتضح مما سبق :
أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في فلسطين واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري وتحض على الانتقام من غير اليهود . وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم
جون كينيدي
1917 ولادة جون فيتزجيرالد كينيدي (29 ايار ـ مايو)في مدينة بروكلين ـ ولاية ماساتشوستس من عائلة كاثوليكية ذات أصل ايرلندي.
1923 ـ 1936 متابعة الدراسة الابتدائية والثانوية ما بين ولايتي ماساتشوستس وكونتاكيت.
1936 ـ 1940 الانتساب الى جامعة هرفارد ثم التخرج.
1941 ـ 1945 الالتحاق بالبحرية الأميركية بعد دخول اميركا الحرب والتسريح بعد اصابة في الظهر.
1946 بدء الحياة السياسية بالانتساب الى الحزب الديمقراطي والفوز بمقعد بوسطن في مجلس النواب أعوام 1946 و1948 و1950 .
1953 جون كينيدي يدخل مجلس الشيوخ .
1956 الفشل في الحصول على ترشيح الحزب
لمنصب نائب الرئيس.
1960 الانتصار على نيكسون بعد المناظرة التلفزيونية الشهيرة والفوز بمنصب الرئاسة.
1961 الهجوم على خليج الخنازير في كوبا.
1962 أزمة الصواريخ الكوبية.
1963 توقيع معاهدة مع الاتحاد السوفياتي للحد من التجارب النووية.
1963 بدء التورط في حرب فيتنام.
1963 اغتيال كينيدي في دالاس (22 تشرين الثاني).
بعد حادث سقوط طائرة جون كينيدي جونيور منذ أسبوعين وهو الحادث الذي أدى إلى مقتله مع زوجته وشقيقتها كرّت مسبحة التعليقات والتكهنات وحتى الاتهامات. فمن قائل إن كينيدي الابن قد زُوّد بتقرير عن حالة الطقس مخالف للتقرير الذي وزع على سواه من الطيارين إلى زاعم أن وفاته هي مؤامرة بروتستنتية ـ يهودية لمنع أي كاثوليكي حتى من مجرد التفكير في الوصول إلى منصب الرئاسة الأميركية مرة أخرى.
والحال أن المرة الأولى ( والوحيدة حتى الآن) كانت عندما نجح والد الطيار السيئ الحظ في الوصول إلى ذلك المنصب محققا بذلك عددا من الأرقام القياسية التي يصعب أن تتكرر. فإلى جانب كونه الكاثوليكي الوحيد الذي صار رئيسا للولايات المتحدة كان أيضا أصغر من الرؤساء الأربعة والثلاثين الذين سبقوه ثم صار أصغر رئيس يقتل قبل أن يكمل ولايته .
وقد كتب الكثير ولا يزال يكتب حتى الآن في محاولة لتحديد أسباب اغتياله ومن كان فعلا وراء ذلك الاغتيال. ويبدو أن مقتل جون جونيور فجأة في حادث الطائرة أعاد إلى السطح الكثير مما كتب عن والده ومنها الرغبة في عدم تكرار وصول كاثوليكي إلى حكم أميركا. بالرغم من أن كينيدي الابن لم يكن يتعاطى السياسة ولم يظهر عنه مؤخرا ما يمكن اعتباره إشارة إلى إمكان تعاطيه السياسة فهو كان بعيدا عن تلك الأجواء وحتى عن وسائل الإعلام باستثناء الصفحات الاجتماعية كونه صاحب مجلة غير سياسية ونجما اجتماعيا نال لقب “أعزب أميركا الأول” قبل زواجه.
إن الغموض لا يزال يلف مسألة اغتيال الرئيس كينيدي وستصدر كتب وتصور أفلام سينمائية وتلفزيونية وتدبج مقالات دون التوصل إلى معرفة المحرض والدافع الحقيقي ولكن صفحة كينيدي الابن طويت عاجلا وها نحن اليوم بعد نحو أسبوعين على الحادث بالكاد نسمع شيئا عنه.
ولد جون كينيدي الأب في 29 أيار ـ مايو 1917 في مدينة بروكلين (ولاية ماساتشوستس) من عائلة كاثوليكية ذات أصل ايرلندي هاجرت إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر. وكان والده جوزيف كينيدي رجل أعمال مكافحا توصل إلى جني عدة ملايين والى تبوأ بعض المناصب الرسمية منها سفير الولايات المتحدة لدى بريطانيا. وكان مع زوجته روز يطمحان إلى أن يحتل أولادهما التسعة أعلى المراتب في المجتمع الأميركي.
تابع جون الصبي الثاني في العائلة دروسه الابتدائية والثانوية بين ولايتي ماساتشوستس وكونتاكيت ثم انتسب لمدة قصيرة إلى جامعة برينستون ثم قبل في جامعة هارفارد فانتقل إليها عام 1936. وهناك كتب أطروحة شرف عن السياسة البريطانية الخارجية في الثلاثينات بعنوان “لماذا نامت بريطانيا” ونشرت في 1940 وهي السنة التي تخرج فيها.
عام 1941 وبعد فترة قصيرة من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية التحق كينيدي بالبحرية الأميركية. وأثناء خدمته كقائد للطراد (ب ت 109) في المحيط الهادي أصيب المركب بالقذائف اليابانية (1943) وغرق. وقد قاد كينيدي جنوده إلى بر الأمان بشجاعة نادرة ولكن المشاق التي تكبدها أدت إلى نكء إصابة قديمة في ظهره إضافة إلى مرض الماليريا. وسرح من الجيش عام 1945.
على الفور بدأ كينيدي حياته السياسية. ففاز بمقعد بوسطن في الكونغرس (1946) ثم أعيد انتخابه عامي 1948 و 1950. وقد دعم التشريعات التي تستفيد منها الطبقات العاملة التي تشكل الركيزة الأساسية لأصواته الانتخابية. وأيد معظم سياسات الرئيس ترومن الخارجية ولكنه انتقد ضعف الإدارة الأميركية تجاه الشيوعية الصينية. وقد تابع طوال حباته السياسية اتخاذ ودعم المواقف المعادية للشيوعية.
عام 1953 كان مميزا في حياة جون كينيدي ففيه نجح في الحصول على عضوية مجلس الشيوخ وتزوج من جاكلين بوفييه. ورزق منها بثلاثة أولاد: كارولين (27 تشرين الثاني ـ نوفمبر 1957) وجون (25 تشرين الثاني ـ نوفمبر 1960) أما الابن الأصغر فملت وهو طفل (1963).
وصول جون كينيدي إلى مجلس الشيوخ رافقه اعتلال في صحته بسبب الإصابة القديمة في الظهر فأمضى معظم سنتي 1954 و 1955 ما بين المستشفى والفراش في منزله. وقد تعرض لانتقادات شديدة بسبب عدم اعتراضه على طروحات ماكارثي المعادية للحرية المدنية. ولكن مؤيديه قالوا انه كان سيصوت ضد تلك الطروحات لو لم يكن في المستشفى في ذلك الوقت.
خلال فترة المرض عمل كينيدي على كتاب يتضمن السير الذاتية لمجموعة من أبطال السياسة الأميركية. وقد نشر الكتاب عام 1956 تحت عنوان “سير في الشجاعة” ونال جائزة بوليتزر للسيرة الذاتية (1957). وقد تجلى في هذا الكتاب كما في الكتاب السابق عن السياسة البريطانية الخارجية إعجاب كينيدي بالشخصيات السياسية القوية وإيمانه بان السياسي يجب أن يكون دائم الحركة والفعالية وهي السمات التي ستدمغ عهده الرئاسي فيما بعد.
عام 1956 حاول كينيدي الحصول على تسمية الحزب الديمقراطي له لمنصب نائب رئاسة الجمهورية ولكنه لم يوفق. غير انه بعد نجاحه في الوصول مجددا إلى مجلس الشيوخ (1958) وضع نصب عينيه مركز الرئاسة. وقد صرف الكثير من وقته وجهده عاملا في مجال التشريعات المتعلقة بالعمل والحقوق المدنية متابعا حملته العنيفة ضد الشيوعية.
بحلول العام 1960 كان كينيدي واحدا من العديدين من أعضاء الحزب الديمقراطي المرشحين لمنصب الرئاسة ولكن حملته كانت جيدة التمويل والتنظيم فاستطاع كسب ترشيح الحزب له من الدورة الأولى وقد غطى كونه كاثوليكيا شماليا باختيار السيناتور ليندون جونسون التاكساسي الجنوبي كمرشح لنيابة الرئاسة.
كانت حظوظ كينيدي في الفوز قليلة جدا فخصمه الجمهوري كان ريتشارد نيكسون نائب رئيس الجمهورية آنذاك ولكنه استغل وسيلة الإعلام الجديدة ( التلفزيون) واستطاع عبر سلسلة من المناظرات التلفزيونية التي لم يعهدها الشعب الأميركي (ولا غيره طبعا) أن يكسب العديد من المؤيدين. فقد كان واضحا في تلك المناظرات تفوقه على نيكسون شخصيا أي بالكاريزما والموهبة الكلامية إضافة إلى عدد من الوعود باتخاذ سياسات متشددة في الدفاع وبدء مشاريع صحية واسكانية وضمان الحقوق المدنية مؤكدا أن سياساته ستؤدي إلى الخروج من الركود الاقتصادي.
فاز كينيدي بفارق بسيط جدا وكان فوزه إشارة إلى الثورة الجديدة في الحياة السياسية أي قوة وسيلة الإعلام الجديدة التي بدأت تدخل كل بيت وقدرتها على التأثير في “صنع السياسيين”.
وفي خطاب القسم قال كلماته الشهيرة: “لا تسأل ماذا يستطيع وطنك أن يقدم إليك بل اسأل نفسك ماذا تستطيع أن تقدم إلى الوطن”.
لم يمتلك الديمقراطيون الأغلبية في الكونغرس. ولذلك بقيت معظم مشاريع كينيدي في السياسة الداخلية مجمدة في أدراج مكاتب الكابيتول. وعندما بدأت الحركات المدافعة عن العدالة الاجتماعية والمطالبة بإلغاء التمييز العنصري تقوى وتنتشر ويشتد ساعدها ( 1962 – 1963) أرسل كينيدي ـ بما يشبه رفع العتب ـ بعض مشاريع القوانين المؤدية إلى تطوير تشريعات الحقوق المدنية. وتقدمت حكومته بمشاريع لتخفيض بعض الضرائب من أجل تنشيط الاقتصاد ولزيادة مساعدات الحكومة الفدرالية لبرامج التربية والميديكير ولكنها بقيت مجمدة إلى ما بعد اغتياله ووصول نائبه ليندون جونسون إلى منصب الرئاسة حيث تغير ميزان القوى في الكونغرس لصالح الديمقراطيين وتمكن من تمريرها.
على الصعيد الخارجي اختلفت الأمور تماما فالمدة القصيرة التي قضاها كينيدي في البيت الأبيض كانت حافلة. وقد حاول خلالها تطبيق سياساته المعادية للشيوعية.
كانت وكالة المخابرات المركزية قد أعدت خطة للهجوم على كوبا في عهد الرئيس السابق ايزنهاور وقوامه إرسال مجموعات من الكوبيين المهاجرين إلى الولايات المتحدة في هجوم لاحتلال جزيرة كوبا بدعم من الجيش الأميركي. وعندما تولى كينيدي مهامه الرئاسية عرضت الخطة عليه فأمر بتنفيذها للحال. ولكن الهجوم البرمائي على خليج الخنازير (نيسان 1961) فشـل فشـلا ذريعا. واعترف كينيدي علنا بأنه يتحمل اللوم في العمــلية الفاشلة.
حاول كينيدي بعد ذلك مكافحة العداء للولايات المتحدة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بتقديم مساعدات لإنماء وتطوير بعض المشاريع وعن طريق ما سمي “قوات السلام” ولكن المبالغ المخصصة لتلك الأهداف كانت أصغر من الأهداف نفسها فلم تحقق شيئا يذكر.
كان خصم كينيدي الأكبر هو نيكيتا خروتشيف الزعيم السوفياتي. وقد اجتمعا في حزيران 1961 في فيينا ولكن الاجتماع أدى إلى توسيع شقة الخلاف وخصوصا أن الهجوم الفاشل على كوبا حصل قبل أسابيع معدودة. وقد هدد السوفيات بتوقيع معاهدة مع ألمانيا الشرقية تؤدي إلى سيطرة الألمان الشرقيين على الطرق المؤدية إلى برلين من جهة الغرب. ولكن الأميركيين صمدوا في وجه تلك المحاولة ولم توقع المعاهدة أبدا. ولكن السوفيات قاموا بدلا عن ذلك بنصب حائط برلين الشهير الذي فصل قسمي المدينة لأكثر من ثلاثين سنة.
أدى التوتر بين المعسكرين الشرقي والغربي إلى مساعدة كينيدي في الحصول على قرارات من الكونغرس بزيادة مخصصات الدفاع. وكانت قمة التوتر أزمة الصواريخ الكوبية الشهيرة. ففي تشرين الأول ـ أكتوبر 1962 اكتشفت المخابرات الأميركية أن السوفيات يبنون قواعد لصواريخ هجومية في كوبا.
أدرك كينيدي أن الصواريخ لن تغير كثيرا في ميزان القوى بين المعسكرين وبالتالي فإنها لن تزيد من قوة الاتحاد السوفياتي ولكنه اعتبر وجود تلك الصواريخ على بعد أقل من مئة ميل من حدوده تحديا واستفزازا متعمدين. فأمر البحرية الأميركية بمحاصرة جزيرة كوبا برا وبحرا وتفتيش كافة السفن والطائرات المتوجهة إليها ومصادرة أي أسلحة هجومية مرسلة اليها.
بدا العالم لوهلة وكأنه على كف عفريت وان حربا نووية على وشك النشوب ولكن التدخلات أدت إلى فك الحصار مقابل وعد الاتحاد السوفياتي بعدم إرسال أسلحة إلى كوبا من شأنها أن تهدد الولايات المتحدة.
وكان من نتائج تلك الأزمة والرعب النووي الذي خيم على العالم لوهلة بسببها أن وقع العملاقان معاهدة للحد من التجارب النووية (1963) ولكن كينيدي تابع سياسة محاربة الشيوعية بطلب المزيد من المخصصات للدفاع وبإرسال مساعدات لفيتنام الجنوبية في حربها ضد فيتنام الشمالية. وبحلول تشرين الثاني 1963 كانت الولايات المتحدة قد أرسلت ما يزيد عن 16.000 جندي أميركي إلى فيتنام كما عملت الحكومة والمخابرات الأميركية على الإطاحة بالرئيس الفيتنامي الجنوبي دين ديام (تشرين الثاني 1963) لمعارضته التدخلات الأميركية ورغبته في اقتصار الأميركيين على مساعدة القوات الفيتنامية الجنوبية لتتولى الأمر بنفسها.
في خضم كل ذلك كان كينيدي قد بدأ يخطط لولاية ثانية في البيت الأبيض (1964). وكانت أجنحة الحزب الديمقراطي في تكساس على خلاف شديد فقام كينيدي بزيارة إلى الولاية لتقريب وجهات النظر بين المختلفين. وفيما موكبه وفي طليعته السيارة المكشوفة التي تقله مع زوجته يجتاز شوارع مدينة دالاس أطلقت عليه رصاصات قاتلة أصابت الرأس والعنق فقضى في أقل من ساعة.
وقد جاء في التقرير الرسمي أن القاتل كان لي هارفي أوزويلد (24 عاما) وانه خطط ونفذ الجريمة وحده ولا توجد جهات سياسية أو غير سياسية وراءه. وكان اوزويلد نفسه قد تعرض للاغتيال بعد أيام معدودة من القبض عليه فيما هو خارج من غرفة المحقق. إلا أن قلة من الأميركيين صدقت ذلك التقرير ولا تزال الكتب التي تتحدث عن مؤامرة للتخلص من الرئيس الأميركي تصدر تباعا منذ أكثر من ثلاثين سنة.
الدوافع التي تتحدث عنها تلك الكتب والمقالات تتراوح بين منعه من الوصول إلى الرئاسة في ولاية ثانية كونه كاثوليكيا. وانه كان قد قتل قبل وصوله للمرة الأولى لو كان ثمة إشارة واحدة إلى إمكانية نجاحه. فقد كان يبدو من المستحيل الانتصار على ريتشارد نيكسون في تلك الانتخابات. ولكن التلفزيون فعل فعله
العلمين (مدينة)
مدينة مصرية على خط السكة الحديدية الساحلي الذي يربط مدينة الإسكندرية ومرسى مطروح وتبعُد حوالي نحو 105 كيلومترات إلى الغرب من الإسكندرية.
ذاعت شهرة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) ففي عام 1942 تقدمت القوات الألمانية عن طبرق في ليبيا حتى وصلت مدينة العلمين في زحفها نحو الإسكندرية ولكن القوات البريطانية هزمت الألمان في معركتين رئيسيتين عند العلمين (23 أكتوبر ـ 4 نوفمبر 1942) وصدتهم عن غزو مصر. واليوم يستخرج النفط من حقل في الصحراء جنوب مدينة العلمين.
معلومات أساسية
يتولى مجلس الأمن بموجب الميثاق المسؤولية الأساسية عن المحافظة على السلام والأمن الدوليين. وهو منظم بحيث يستطيع العمل بدون انقطاع ويجب أن يكون ممثل عن كل واحد من أعضائه موجودا في مقر الأمم المتحدة طول الوقت. وفي 31 كانون الثاني/يناير 1992 عُقد أول اجتماع قمة للمجلس في المقر وحضره رؤساء دول وحكومات 13 من أعضائه ال 15 ووزيرا خارجية العضوين الآخرين. ويجوز للمجلس أن يجتمع في مكان غير المقر؛ ففي عام 1972 عقد دورة في أديس أبابا إثيوبيا وعقد في العام التالي دورة في مدينة بنما بنما.
وعندما ترفع إلى المجلس شكوى تتعلق بخطر يتهدد السلام يبادر عادة بتقديم توصيات إلى الأطراف بمحاولة التوصل إلى اتفاق بالوسائل السلمية. وفي بعض الحالات يضطلع المجلس نفسه بالتحقيق والوساطة. ويجوز له أن يعيّن ممثلين خاصين أو يطلب إلى الأمين العام أن يفعل ذلك أو يبذل مساعيه الحميدة. كما يجوز له أن يضع مبادئ من أجل تسوية سلمية.
وعندما يفضي نزاع ما إلى القتال يكون شغل المجلس الشاغل إنهاء ذلك في أقرب وقت ممكن. وفي مناسبات عديدة أصدر المجلس تعليمات لوقف إطلاق النار كانت لها أهمية حاسمة في الحيلولة دون اتساع رقعة الاقتتال. وهو يوفد أيضا قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام للمساعدة على تخفيف التوتر في مناطق الاضطرابات والفصل بين القوات المتحاربة وتهيئة ظروف الهدوء التي يمكن أن يجري في ظلها البحث عن تسويات سلمية. ويجوز للمجلس أن يقرر اتخاذ تدابير إنفاذ أو جزاءات اقتصادية (مثل عمليات الحظر التجاري) أو اتخاذ إجراء عسكري جماعي.
وعندما يتخذ مجلس الأمن إجراء منع أو إنفاذ ضد دولة عضو ما يجوز للجمعية العامة أن تعلق تمتع تلك الدولة بحقوق العضوية وامتيازاتها بناء على توصية المجلس. وإذا تكررت انتهاكات دولة عضو ما لمبادئ الميثاق يجوز للجمعية العامة أن تقصيها من الأمم المتحدة بناء على توصية المجلس.
ويجوز للدولة العضو في الأمم المتحدة التي ليست عضوا في مجلس الأمن أن تشارك في مناقشات المجلس بدون حق التصويت إذا اعتبر هذا الأخير أن مصالحها عرضة للضرر. ويُدعى كل من أعضاء الأمم المتحدة وغير الأعضاء إذا كانوا أطرافا في نزاع معروض على المجلس إلى المشاركة في مناقشاته بدون حق التصويت؛ ويضع المجلس شروط مشاركة الدولة غير العضو.
وتتناوب الدول الأعضاء في المجلس على رئاسته شهريا وفقا للترتيب الأبجدي الانكليزي لأسمائها.
يضم المجلس 15 عضوا : 5 أعضاء دائمين و 10 أعضاء تنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين:
أعضاء مجلس الأمن ورئاسته في عام 2003 | ||
الشهر | الرئاسة | تاريخ انتهاء مدة العضوية |
كانون الثاني/يناير | فرنسا | عضو دائم |
شباط/فبراير | ألمانيا | 31 كانون الأول/ديسمبر 2004 |
آذار/مارس | غينيـا | 31 كانون الأول/ديسمبر 2003 |
نيسان/ابريل | المكسيك | 31 كانون الأول/ديسمبر 2003 |
أيار/مايو | باكستان | 31 كانون الأول/ديسمبر 2004 |
حزيران/يونيه | الاتحاد الروسي | عضو دائم |
تموز/يوليه | إسبانيا | 31 كانون الأول/ديسمبر 2004 |
آب/أغسطس | الجمهورية العربية السورية | 31 كانون الأول/ديسمبر 2003 |
أيلول/سبتمبر | المملكة المتحدة | عضو دائم |
تشرين الأول/أكتوبر | الولايات المتحدة | عضو دائم |
تشرين الثاني/نوفمبر | أنغولا | 31 كانون الأول/ديسمبر 2004 |
كانون الأول/ديسمبر | بلغاريا | 31 كانون الأول/ديسمبر 2003 |
الكاميرون | 31 كانون الأول/ديسمبر 2003 | |
الصين | عضو دائم | |
شيلي | 31 كانون الأول/ديسمبر 2004 |
في 1 كانون الثاني/يناير 2003 بدأت البلدان التالية عضويتها لمدة سنتين:
إسبانيا | ألمانيا |
أنغولا | باكستان |
شيلي |
ولكل عضو من أعضاء المجلس صوت واحد. وتتخذ القرارات بشأن المسائل الإجرائية بموافقة تسعة على الأقل من الأعضاء ال 15. وتتطلب القرارات المتعلقة بالمسائل الموضوعية تأييد تسعة أصوات من بينها أصوات كافة الأعضاء الخمسة الدائمين. وهذه القاعدة هي قاعدة “إجماع الدول الكبرى” التي كثيرا ما تسمى حق “الفيتو”.
وبموجب الميثاق يوافق جميع أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها. والمجلس هو الجهاز الوحيد التابع للأمم المتحدة الذي يتمتع بسلطة اتخاذ قرارات تكون الدول ملزمة بتنفيذها بموجب الميثاق أما الأجهزة الأخرى فإنها تقدم التوصيات إلى الحكومات.
فيما يلي المهام التي يضطلع بها مجلس الأمن والسلطات التي يتمتع بها بموجب الميثاق:
المحافظة على السلام والأمن الدوليين وفقا لمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها؛
التحقيق في أي نزاع أو حالة قد تفضي إلى خلاف دولي؛
تقديم توصيات بشأن تسوية تلك المنازعات أو بشروط التسوية؛
وضع خطط للتصدي لأي خطر يتهدد السلام أو أي عمل عدواني وتقديم توصيات بالإجراءات التي ينبغي اتخاذها؛
دعوة جميع الأعضاء إلى تطبيق الجزاءات الاقتصادية وغيرها من التدابير التي لا تستتبع استخدام القوة للحيلولة دون العدوان أو وقفه؛
اتخاذ إجراءات عسكرية ضد المعتدي؛
التوصية بقبول الأعضاء الجدد في محكمة العدل الدولية وبشأن الشروط التي تجيز للدول أن تصبح أطرافا في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية؛
الاضطلاع بمهام الأمم المتحدة للوصاية في ” المواقع الاستراتيجية “؛
تقديم التوصيات إلى الجمعية العامة بشأن انتخاب الأمين العام والقيام مع الجمعية بانتخاب قضاة المحكمة الدولية.
اللجان
اللجان الدائمة – توجد حاليا لجنتان تضم كل منهما ممثلين عن جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن وهما:
لجنة الخبراء المعنية بالنظام الداخلي (تدرس النظام الداخلي وغيره من المسائل التقنية وتقدم المشورة بشأنها)(S/C.1/-)
اللجنة المعنية بقبول الأعضاء الجدد (S/C.2/-)
اللجان المخصصة – يتم إنشاؤها حسب الحاجة وتضم جميع أعضاء المجلس وتجتمع في جلسات مغلقة.
لجنة مجلس الأمن المعنية باجتماعات المجلس خارج المقر (S/AC.19/-)
مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة للتعويضات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 692 (1991) (S/AC.26/-)
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1373 (2001) بشأن مكافحة الإرهاب
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 661 (1990) بشأن الحالة بين العراق والكويت
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 748 (1992) بشأن الجماهيرية العربية الليبية
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 751 (1992) بشأن الصومال
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 864 (1993) بشأن الحالة في أنغولا
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 918 (1994) بشأن رواندا
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 985 (1995) بشأن ليبريا
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1132 (1997) بشأن سيراليون
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1160 (1998)
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1267 (1999)
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1298 (2000) بشأن إثيوبيا وإريتريا
لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1343 (2001) بشأن ليبريا
عمليات حفظ السلام
شهدت الفترة بين عامي 1948 و 1995 35 من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
المحاكم الدولية
المحكمة الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي المرتكبة في إقليم يوغوسلافيا السابقة – المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 808 (1993) المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ؛
المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي المرتكبة في إقليم رواندا والمواطنين الروانديين المسؤولين عن الانتهاكات المماثلة المرتكبة في أراضي الدول المجاورة – المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 955 (1994)
تيتو
1892 ولادة جوزيف بروز في كومروفيتش بكرواتيا (7 أيار)
1898 ـ 1910 فترة التعليم الابتدائي والثانوي.
1910 ـ 1914 تعلم مهنة الحدادة والبدء بممارستها.
1914 بدء الحرب العالمية الأولى والالتحاق بالجيش النمساوي.
1915 وقوع جوزيف بروز في الأسر على الجبهة الروسية.
1917 اندلاع الثورة البولشفية في روسيا أثناء الأسر وإعجاب الأسير اليوغوسلافي بمبادئ لينين وإيمانه بها.
1919 العودة إلى كرواتيا (وهي جزء من المملكة اليوغوسلافية آنذاك) وبدء تأسيس حزب شيوعي محلي.
1920 منع الحزب وحظر نشاطاته.
1928 إلقاء القبض على جوزيف بروز وبقاؤه في السجن لمدة ست سنوات حيث أطلق على نفسه اسم تيتو.
1934 الرحيل إلى موسكو والعمل في حركة “الشيوعية العالمية”.
1937 العودة إلى يوغوسلافيا لتنظيم الحزب الشيوعي مجددا.
1939 اندلاع الحرب العالمية الأولى واحتلال الألمان ليوغوسلافيا بتواطؤ من منظمة أوستازا الكرواتية النازية.
1939 ـ 1945 تيتو يشكل حكومة انتقالية معظمها من الشيوعيين لمقاومة الاحتلال النازي ووقوع خلافات بين هذه الحكومة ومنظمة الشاتنيك التي كانت هي أيضا تقوم بالمقاومة المسلحة.
1945 ميل الحلفاء المنتصرين إلى تيتو بعد فشل محاولات التوفيق بينه وبين الشاتنيك وبذلك صار الحاكم الفعلي ليوغوسلافيا.
1948 محاولة تيتو إيجاد مسافة بين بلاده والاتحاد السوفياتي ما أدى إلى خلاف مع ستالين وطرد يوغوسلافيا من مجموعة البلدان الشيوعية.
1948 – 1963 تيتو يبني أول دولة شيوعية مستقلة مصلحا الاقتصاد ومعصرنا الإدارة.
1963 المساهمة في إنشاء مجموعة دول عدم الانحياز وإعلان نفسه رئيسا مدى الحياة.
1971 تيتو يصبح زعيم المجلس الرئاسي لإدارة البلاد.
1980 وفاته في 4 أيار / مايو .
يقال إن المارشال تيتو أوصى معاونيه وهو على فراش الموت أن ينقلوا عنه تحذيرا إلى كل المتعاطين بالشأن “البلقاني” وذلك بألا يرفعوا الحجر الذي عمل طوال 35 عاما على إبقائه موضوعا فوق ” بئر الأفاعي” أي يوغوسلافيا.
ما حصل بعد غياب المارشال كان العكس تماما. فقد جاءت التطورات التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي وما تلا ذلك من تفكك كتلة دول أوروبا الشرقية لتترك باب السيطرة العالمية مفتوحا على مصراعيه أمام “الحاوي” الأميركي .
والحال أن هذا الحاوي المدعوم من القوى العولمانية المالية لم يتعلم كل دروس التدخل العسكري في فييتنام فكان للمقاومة اللبنانية ان لدغته ثانية في بيروت.ومنذ ذلك الحين بات يحجم عن التدخل العسكري البري تاركا العنان لطيرانه وأساطيله لتقوم بتدمير وتخريب كل وطن يجرؤ على تحدي النظام العالمي الجديد أو مخالفة أحكامه المسبقة التي تحدد “الصالحين” و”الأشرار” بحسب معايير لا علاقة لها بالمبادئ والأخلاق والمثل التي ناضل البشر طويلا من أجلها ولا حتى بشرعة حقوق الإنسان التي تمثلها الأمم المتحدة والتي لم تعد أكثر من ألعوبة يطلب إليها أن تتبنى قرارات جاهزة ومعلبة في مصانع النظام العالمي الجديد ووراءها “مبدأ” واحد وحيد هو مصلحة ذلك النظام العالمي وحيتانه الشرسة التي لا تشبع من مص الدماء بل إنها كلما انتهت من فريسة تزداد شراستها وشهيتها إلى المزيد.
وما حصل في كوسوفو مؤخرا مثال واضح على ذلك. فباسم الدفاع عن الكوسوفيين الألبان ضد الكوسوفيين الصرب قامت القوات الأميركية المؤطلسة بتدمير كوسوفو بأكملها وجزء من صربيا بالإضافة طبعا إلى البدعة الجديدة أي ضرب البنى التحتية من طرق وجسور ووسائل إعلام وحتى مستوصفات ومستشفيات وصولا إلى السفارات أي كل ما كانت الجيوش تتجنب قصفه وتدميره عندما كان لا يزال في هذا العالم البائس بقية من شرف وأخلاق ونبل حتى في أشد الحروب ضراوة.
وهذا لم يكن إلا الفصل الأخير من مأساة البلقان فبعد الحروب الكرواتية البوسنية الصربية التي اختلط فيها الحابل بالنابل لكثرة ما زمر الحاوي الأميركي فيها بعد أن خلا له الجو بانتقال الاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة معا إلى رحمته تعالى. وهو ما عمل المارشال تيتو على تجنب حصوله طوال 35 عاما. وحركة عدم الانحياز نفسها لم تكن ـ في عمقها ـ سوى محاولة لتقوية الأمم المتحدة نفسها من جهة ومن جهة ثانية للتخفيف من وطأة البروباغندا التي نشرتها الولايات المتحدة ـ والدول الغربية عموما ـ ضد الاتحاد السوفياتي والشيوعية بشكل عام باعتبارهما مصدر كل شر في العالم على حد زعمها. ولكن الواقع أن دول عدم الانحياز بمجملها كانت أقرب إلى الاتحاد السوفياتي منها إلى الولايات المتحدة بما لا يقاس.
ولد جوزيف بروز في 7 أيار 1892 في كومروفيتش بكرواتيا التي كانت في ذلك الوقت جزءا من المملكة النمساوية الهنغارية وكان والده من أصل سلوفاني ووالدته كرواتية. وقد كسبت العائلة رزقها من مزرعة صغيرة كانت تملكها.
تعلم الشاب مهنة الحدادة ولكنه لم يستطع ممارستها طويلا. فقد كان عليه أن ينضم إلى الجيش النمساوي خلال الحرب العالمية الأولى. وحارب في الصفوف الأولى ضد الروس حيث وقع أسيرا في إحدى المعارك. وفي فترة أسره اندلعت الثورة البولشفية في روسيا سنة 1917 بقيادة لينين. وقد أعجب جوزيف بروز بأفكار لينين واعتنق الشيوعية.
بعد الحرب عاد إلى كرواتيا التي صارت جزءا من المملكة اليوغوسلافية وعمل بشكل غير شرعي على تأسيس حزب شيوعي يوغوسلافي. ولكن الحزب سرعان ما منع وحظرت الحكومة الانتماء إليه أو القيام بأية نشاطات باسمه. وكانت النتيجة أن القي القبض على جوزيف بروز عام 1928 حيث بقي مسجونا طوال ست سنوات. وهناك اتخذ الاسم المستعار “تيتو”.
بعد إطلاق سراحه غادر تيتو إلى موسكو حيث عمل في حركة “الشيوعية العالمية” التي كانت تضم ممثلين لكافة الأحزاب الشيوعية الدائرة في فلك الاتحاد السوفياتي وهدفها التنسيق بين هذه الدول بإشراف موسكو.
عاد تيتو إلى يوغوسلافيا عام 1937 لإعادة تنظيم الحزب الشيوعي اليوغوسلافي وقد عمل بإخلاص من أجل تطبيق المبادئ الشيوعية منتقدا سيطرة الصربيين على كامل يوغوسلافيا داعيا إلى تكوين دولة يوغوسلافية مستقلة عن سائر الهيمنات.
وسرعان ما اندلعت الحرب العالمية الثانية ووجدت ألمانيا حليفا لها في منظمة اوستازا الكرواتية النازية ما سهّل لها اجتياح يوغوسلافيا. فدعا تيتو الشعب اليوغوسلافي إلى الاتحاد بغض النظر عن أصوله الاثنية والعرقية لمقاومة المحتل النازي. وفي العام التالي شكل تيتو حكومة يوغوسلافية انتقالية معظم وزرائها من الشيوعيين الأمر الذي أدي إلى خلق خلافات بينه وبين “الشاتنيك” وهي المنظمة الصربية التي كانت تقاوم الاحتلال النازي إنما تؤيد عودة الحكم الملكي إلى يوغوسلافيا بعد التحرير.
حاول الحلفاء حل النزاعات بين تيتو والشاتنيك باعتبارهما أكبر قوتين مقاومتين للنازية في يوغوسلافيا ولكنهم أخفقوا. وفي النهاية أعلنوا تأييدهم لتيتو. وبانتهاء الحرب أعاد تيتو توحيد يوغوسلافيا تحت سيطرة حكومته الشيوعية.
أراد تيتو تحقيق نوع من المسافة بين يوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي بسبب الأوضاع الخاصة لمنطقة البلقان أي “بئر الأفاعي” كما وصفه هو نفسه محتفظا بمبادئه الشيوعية. ولكن ذلك أدى إلى سوء تفاهم مع ستالين ثم تفاقم الخلاف إلى حد طرد الحزب الشيوعي اليوغوسلافي من حركة “الشيوعية العالمية” عام 1948. وهو أمر بالغ السوء بالنسبة إلى بلد شيوعي. وكان على تيتو أن يختار بين أحد أمرين: التراجع أو الإقدام. وقد اختار الحل الثاني أي إبقاء المسافة بين يوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي لعلمه أن موسكو لن تؤذي يوغوسلافيا “غير الحليفة” بمقدار ما ستؤذيها الولايات المتحدة والعالم الغربي إذا استمرت في حلفها مع السوفيات. وهكذا بدأ تيتو بناء أول دولة شيوعية مستقلة.
وكان تيتو على حق. فالاتحاد السوفياتي لم يغزُ يوغوسلافيا كما فعل في المجر وتشيكوسلوفاكيا بل إن الخيط الرفيع بين البلدين لم ينقطع على الإطلاق.
انصرف تيتو إلى عصرنة يوغوسلافيا وإدخال اصلاحات سياسية واقتصادية فأقام علاقات يمكن وصفها بـ “الجيدة” مع الدول الغربية وخصوصا الأوروبية منها.
كما عمل مع عبد الناصر ونهرو لتأسيس حركة عدم الانحياز في مطلع الستينات. وقد ضمت تلك الحركة في صفوفها دولا عديدة من كافة أنحاء العالم وحركات تحرر منها على سبيل المثال منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت ممنوعة من الانضمام إلى أي منظمة عالمية بما فيها منظمة الألعاب الأولمبية.
على الصعيد الشخصي تزوج تيتو ثلاث مرات كانت الأخيرة عام 1953 من معاونته الصربية جوفانكا بوديسافليتش وكان ذلك الزواج بمثابة رمز للوحدة بين أكبر قوميتين يوغوسلافيتين أي صربيا وكرواتيا.
لم تشهد يوغوسلافيا أحداثا بارزة في الستينات والسبعينات ولكنها شهدت نموا اقتصاديا جيدا وتمتعت بعلاقات ممتازة مع معظم دول العالم مع أنها مالت في الغالب إلى تأييد مواقف الاتحاد السوفياتي في المسائل العالمية الأساسية.
توفي المارشال تيتو في الرابع من أيار/مايو 1980 بعد مرض طويل وووري جثمانه في متحف تيتو في بلغراد بعد أن حكم يوغوسلافيا ما يناهز 35 عاما.
هو شي منه
1890 ولادة هو شي منه في فيتنام.
1911 ذهابه إلى فرنسا للعمل.
1914 – 1918 تنقله بين لندن والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى.
1920 اشتراكه في تأسيس الحزب الشيوعي الفرنسي.
1922 دعوته إلى موسكو للقيام بنشاطات لمصلحة الحركة الشيوعية العالمية وذهابه إلى الصين مع وفد بولشفي في زيارة خاصة.
1925 ـ 1927 تكليفه بمهمات حزبية في الصين وجنوب شرق آسيا منها مساعدة الحزب الشيوعي الصيني وتأسيس الحزب الشيوعي الفيتنامي.
1930 ـ 1940 متابعة مهماته في جنوب شرق آسيا واعتقاله لفترة قصيرة في هونغ كونغ (1931).
1941 احتلال اليابان لفيتنام وذهابه إلى هناك لتنظيم حركة المقاومة للاحتلال.
1945 إعلانه استقلال فيتنام. وقيام فرنسا بإعادة احتلالها.
1946 بدء الحرب ضد الاحتلال الفرنسي.
1954 هزيمة فرنسا في معركة “ديان بيان فو”.
1956 تأييد أميركا لفيتنام الجنوبية في رفض إجراء انتخابات نيابية .
1961 بداية التدخل العسكري الأميركي بعد معاهدة دفاع مشترك مع فيتنام الجنوبية ومقاومته بقيادة هو شي
منه على رأس مجموعات من الفيتكونغ.
1969 وفاة هو شي منه دون التمتع بمشهد هزيمة الأميركيين الكاملة.
ثلاث هزائم ثقيلة لحقت بالولايات المتحدة في هذا القرن. الأولى كانت معركة بيرل هاربور الشهيرة خلال الحرب العالمية الثانية التي استخدم فيها الطيارون اليابانيون “الهيراكيري”. وقد ردت عليها الولايات المتحدة باستخدام القنابل الذرية للمرة الأولى في التاريخ. والثانية كانت انسحابها من فيتنام بعد خسارة ما يقارب الخمسين ألفا من جنودها وسقوط فيتنام الجنوبية في قبضة الفيتكونغ الشماليين بقيادة هو شي منه. أما الثالثة فكانت تدمير مركز المارينز في بيروت والذي راح ضحيته بلمحة بصر حوالي 300 جندي وضابط. ومن بعدها امتنعت أميركا عن التدخل البري رغم عدم امتناعها عن اللعب بمصائر الشعوب ومحاربة كل من تعتبره عدوا لها بسبب أو من دون سبب مكتفية باستخدام قواتها الجوية للتدمير والقتل والتهجير كما فعلت ضد يوغوسلافيا مؤخرا.
ولكن الذي لا شك فيه ان “حرب فيتنام” قد أثرت على المجتمع الأميركي أكثر بكثير من أي مسالة أخرى في هذا القرن. فعدا عن ضحاياها الذين بلغوا خمسين ألفا كما ذكرنا والمعاناة النفسية لعائلاتهم وأصدقائهم فان الذين حاربوا هناك وبقوا أحياء لم يعودوا إلى وطنهم “سالمين”. ولا يزال الكثير منهم يعانون حتى الآن من أمراض نفسية وكوابيس مما دفع علماء النفس إلى إطلاق اسم “مرض فيتنام” على حالتهم.
ناهيك عن المشاكل الأخرى التي سببتها تلك الحرب بسبب امتناع الكثيرين عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية وبالتالي محاكمتهم وسجنهم أو فرض غرامات مالية باهظة ضدهم ومنهم كما يذكر الجميع الملاكم العالمي كاسيوس كلاي الذي اعتنق الإسلام احتجاجا على الحرب ودعا نفسه “محمد علي”.
فمن هو القائد الفيتنامي الذي الحق بالأميركيين هذه الهزيمة التي لا يزالون يدفعون ثمنها نفسيا واجتماعيا حتى الآن؟
انه الزعيم الوطني هو شي منه رئيس جمهورية فيتنام الشمالية من 1954 إلى 1969.
ولد نغوين تات تان (الذي اتخذ اسم هو شي منه ومعناه “المنير”) سنة 1890 ولا يعرف الكثير عن طفولته سوى انه غادر فيتنام إلى فرنسا عام 1911 وعمل على متن سفينة فرنسية. ثم غادر إلى لندن والولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب العالمية الأولى. ثم عاد إلى فرنسا عام 1920 حيث انتسب إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي ثم عمل مع أكثرية أعضاء الحزب على ضم الحزب إلى “الشيوعية الدولية” وبعد وقت قصير صار اسمه الحزب الشيوعي الفرنسي.
غادر هو شي منه إلى موسكو وصار عضوا في الحركة الشيوعية العالمية وهناك تلقى دروسا في التكتيك الثوري ثم اصطحب الوفد البولشفي الذي زار الصين ومن هناك عاد إلى فيتنام حيث أسس (1924) حركة للشبيبة الفيتنامية وعهد بإدارتها إلى مجموعة من أعضائها فيما كان هو يتابع الإرشاد والتوجيه من مقر إقامته في الصين كموفد للحركة الشيوعية العالمية . وبقي يعمل مع الحزب الشيوعي الصيني ومجموعات الشبيبة الفيتنامية التي تحولت فيما بعد إلى نواة الحزب الشيوعي الفيتنامي حتى عودته إلى موسكو عام 1927.
أمضى هو شي منه فترة الثلاثينات ما بين الصين والاتحاد السوفياتي وقد ألقي القبض عليه لفترة قصيرة في مستعمرة هونغ كونغ (1931) حيث ظن رفاقه الفيتناميين انه قد توفي. إلا انه في الواقع عاد إلى موسكو حيث تابع نشاطاته مع الحركة الشيوعية العالمية.
كانت فيتنام مستعمرة فرنسية ولكن اليابان احتلتها خلال الحرب العالمية الثانية. فعاد هو شي منه إليها حيث عمل على تأسيس حركة استقلالية فيتنامية وأسس جيشا قام بحرب عصابات ضد المحتلين.
بعد انتهاء الحرب وهزيمة اليابان أعلن هو شي منه إنشاء الجمهورية الفيتنامية المستقلة ووافق على ان تكون عضوا في “الاتحاد الفرنسي” الذي يضم المستعمرات الفرنسية السابقة. ولكن فرنسا كانت لم تكن راغبة في منح فيتنام استقلالها فعادت إليها بجيوشها بعد انتهاء الحرب. ولكن هو شي منه قاوم إعادة الاحتلال ونشبت معارك عديدة بين الطرفين طوال ما يقارب 10 سنوات وانتهت بهزيمة واضحة للفرنسيين في معركة “ديان بيان فو” (1954).
بعد مؤتمر جنيف (1954) الذي قسم فيتنام إلى شمالية وجنوبية انتخب هو شي منه كأول رئيس لجمهورية فيتنام الشمالية. وقد نصت المعاهدة التي وقعت هناك على إجراء انتخابات عامة في البلاد عام 1956 أملا في توحيد البلاد مجددا على أساس ان يتولى الحزب الذي يفوز في الانتخابات حكم البلاد كلها.
ولكن الولايات المتحدة كانت قد دخلت على الخط داعمة سلطات فيتنام الجنوبية التي رفضت إجراء الانتخابات في حينه بحجة ان شعبية هو شي منه ونجاحه المؤكد في الانتخابات يعنيان حكم البلاد من قبل “الشيوعيين”.
عمل هو شي منه على تقوية جبهته الداخلية في الشمال وعلى إنشاء جيش تحرير في الجنوب أطلق عليه اسم “فيتكونغ” لمقاومة الحكومة الجنوبية المدعومة منم الولايات المتحدة. وقد دامت الحرب ما يقارب 20 سنة ولم تدخلها الولايات المتحدة فعليا إلا عام 1961 وبعد توقيع معاهدة أمن وتعاون بين الولايات المتحدة فيتنام الجنوبية. وهكذا بدأت القوات الأميركية تتدفق إلى فيتنام وبلغ عددها في بعض المراحل 550,000 عسكري 01969.
كانت مقاومة الفيتناميين شديدة وباسلة وقد دفع الأميركيون ثمنا باهظا في الأرواح والمعدات. ولكنهم ردوا على ذلك بالغارات الجوية على المدن والقرى وبارتكاب المجازر دون ان يتمكنوا من تحقيق انتصار واضح. وقد أدى ذلك إلى تألب الرأي العام الأميركي ضد التدخل في فيتنام وقيام مظاهرات عارمة في المدن والجامعات والمدارس في جميع المدن إضافة إلى تهرب المواطنين الأميركيين من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية خشية إرسالهم إلى فيتنام. كل ذلك دفع الحكومة الأميركية إلى القبول ببدء إجراء ما عرف بـ “مؤتمر باريس” وكان الوفد الأميركي برئاسة السياسي الشهير هنري كيسنجر الذي صار وزيرا للخارجية فيما بعد.
لم يعش هو شي منه ليرى انتصار الفيتكونغ على الأميركيين وإعادة توحيد فيتنام فقد توفي عام 1969 أي قبل أربع سنوات من انسحاب الأميركيين ولكنه كان من دون شك الرجل الذي أسس لهذا الانتصار وقاد شعبه إليه لسنوات طويلة قبل وفاته. وقد كرمته بلاده بإطلاق اسمه على عاصمتها
هتلر
1889 ولادة أدولف هتلر في قرية برونو (النمسا) ـ 20 نيسان.
1907 فشله في دخول كلية الفنون.
1909 ـ 1913 هتلر يعيش حياة تشرد في شوارع فيينا.
1914 ـ 1918 مشاركته في الحرب العالمية الأولى التي انتهت بهزيمة ألمانيا.
1919 هتلر ينتسب إلى حزب العمال الألماني.
1920 تأسيس الحزب النازي.
1921 انتخاب هتلر رئيسا للحزب.
1924 محاكمة هتلر وسجنه لمدة خمس سنوات بتهمة الخيانة العظمى.
1924 هتلر يؤلف كتاب “كفاحي” في السجن.
1925 اطلاق سراحه بعد تسعة اشهر.
1930 وصول الحزب النازي إلى السلطة في ألمانيا.
1933 هتلر يصبح مستشارا لألمانيا.
1939 بداية الحرب العالمية الثانية لتوحيد جميع البلدان الناطقة بالألمانية.
1945 نهاية الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا. وانتحار هتلر في 30 نيسان
هتلر هو زعيم آخر من الذين أثروا بشكل ملحوظ على سيرورة القرن العشرين. لم يكفه انه أشعل ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ الحرب العالمية الثانية،بل ذهب إلى أبعد من ذلك إلى معاداة اليهود وهذه المعاداة وحدها كافية لجعله أكثر الشخصيات عرضة للديماغوجية الإعلامية الغربية.
وإذا كان البشر ومنهم المؤرخون والاحصائيون والعادون على الأصابع ومستخدمو الآلات الحاسبة لا يزالون حتى اليوم يتناقشون في عدد يهود الهولوكوست دون ان يصلوا إلى رقم واحد متفق عليه فإننا لا نعتقد أن هتلر قد فكّر حتى في أبهى تجليات أحلامه بالسيطرة على العالم كله.
ألمانيا كانت دائما فريسة الصراعات الأوروبية وكان شعبها مقسما بين النمسا وسويسرا والبلاد المنخفضة والمقاطعات البروسية التي كانت الدول الأوروبية المتجاورة تتناهشها كلما أتيحت لها الفرصة. وألمانيا نفسها لم تكن دولة استعمارية. فحين كانت دول أصغر منها واقل أهمية كهولندا تستعمر بلدانا في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية منذ القرن السابع عشر على الأقل كان الألمان يبحثون عن قائد يوحد صفوفهم. وقد وجدوه في بسمارك في العام 1880 وصارت لهم مستعمرات صغيرة في أفريقيا متأخرين عن سواهم ب 200 سنة على الأقل. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى التي أعادت ألمانيا مئة سنة إلى الوراء اقتصاديا وبشريا اثر تقاسم مقاطعاتها شرقا وغربا.
نعتقد أن هتلر كان يبغي فعلا إقامة دولة واحدة لسائر الناطقين باللغة الألمانية. ولكن المعادلات الدولية واضطراره إلى التحالف مع إيطاليا واليابان تضافرت كلها لتحويل ذلك إلى حرب عالمية ثانية.
والحال أن دولة ألمانية قوية وموحدة هي بالفعل خدمة للإنسانية. فالشعب الألماني من أذكى شعوب العالم. ومنه الفلاسفة والمفكرون والموسيقيون والعلماء. ولكن طاقاته كانت ضائعة ومشتتة على الدوام حتى ليبدو أن ثمة قوة خفية كانت تعمل دائما على منع وحدة هذا الشعب.
إن نظرة واحدة إلى أسماء كبار علماء الذرة والفيزياء والبرنامج الفضائي في الولايات المتحدة الأميركية تكفي للدلالة على أن معظمهم من أصل ألماني وأكثرهم هاجروا إلى الولايات المتحدة أثناء أو بعد الحرب العالمية الثانية.
محاولة هتلر لم تكن مختلفة عن محاولة بسمارك قبله ب 60 عاما ولكنها حصلت في ظروف مختلفة وفي زمن كان اليهود قد بدأوا يحتلون مراكز متقدمة في النظام العالمي.
* * * * *
ولد ادولف هتلر في 20 نيسان 1889 في برونو ( النمسا) وهي بلدة صغيرة على ضفة نهر الإن الذي يجري من ألمانيا. وبعد ولادته بمدة قصيرة انتقلت عائلته إلى مدينة لينز في النمسا أيضا. وهناك دخل المدرسة الابتدائية وكان تلميذا متفوقا إلا انه بعد انتقاله إلى المدرسة الثانوية تكاسل ولم ينجح في دروسه مما أثار حفيظة والده الذي كان راغبا في أن يكون ابنه موظفا حكوميا على غراره. ومن أهم أسباب انحدار مستواه الدراسي اهتمامه بالفنون ورغبته في أن يكون فنانا.
عام 1907 انتقل هتلر إلى فيينا (النمسا) في محاولة منه لتحقيق حلمه الفني. ولكن محاولته انتهت سريعا عندما رسب في امتحان الدخول إلى كلية الفنون الجميلة. غير انه بعد وفاة والدته في العام نفسه قرر البقاء في فيينا وبعد عام تقدم إلى امتحان الدخول وفشل فيه أيضا.
لم يستطع هتلر أن يحصل على وظيفة بل كان يقوم بأعمال متفرقة لم تكف للإنفاق على مسكنه وطعامه. فكان يقيم في غرف رخيصة بالإيجار أو يقضي لياليه على مقاعد الحدائق العامة ويعتمد على الحسنات في تامين الوجبات الغذائية الأساسية.
كان هتلر نمساويا من الناطقين بالألمانية. وأثناء إقامته في فيينا كره غير الألمان لأنه اعتبر نفسه ألمانيا وقد سخر من الحكومة النمساوية التي كانت تعترف بثمان لغات رسمية وآمن انه ما من حكومة يمكن أن تبقى في السلطة إذا حاولت معاملة كل الجماعات الاثنية بالتساوي وانه لا بد في النهاية من تفضيل بعض على البعض الآخر.
عام 1913 انتقل هتلر إلى ميونيخ في ألمانيا وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى تطوع للخدمة في الجيش الألماني. وحارب ببسالة وتلقى تنويهين إلا انه رفع إلى رتبة عريف فقط. وعند نهاية الحرب كان هتلر يعالج في إحدى المستشفيات لإصابته بعمى مؤقت نتيجة ما يرجح انه كان قنبلة من الغاز المسموم.
سلخت معاهدة فرساي التي وقعت في نهاية الحرب معظم الأقاليم الألمانية وفرضت عليها نزع السلاح ودفع تعويضات هائلة. وعندما عاد الجيش إلى ألمانيا كانت البلاد في حالة يائسة تعاني من الإفلاس ومن البطالة.
عام 1919 انتسب هتلر إلى حزب العمال الألماني الذي ما لبث أن صار اسمه “حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني” ومن حروفه الأولى تكونت كلمة “نازي”.
دعا الحزب إلى اتحاد كافة الناطقين بالألمانية في وطن قومي واحد بقيادة حكومة مركزية قوية والى إلغاء معاهدة فرساي. وما لبث هتلر أن صار رئيسا للحزب وراح الناطقون بالألمانية من كافة البلدان ينتمون إليه بالآلاف مدفوعين بخطبه النارية.
اثر نجاحه الملحوظ في تجنيد أعضاء جدد للحزب قام هتلر بإنشاء “قوات العاصفة” (ذات القمصان الرمادية) بمثابة جيش للحزب هدفه قتال الجماعات الداعية إلى التشكيك في “الوحدة النازية”.
في 9 تشرين الثاني 1923 قاد هتلر ألفين من قوات العاصفة لاحتلال مقاطعة بافاريا واستبدال حكومتها ولكن المحاولة فشلت والقي القبض على هتلر وحوكم ثم سجن لمدة خمس سنوات بتهمة الخيانة. وفي السجن ألف هتلر كتابه الشهير “كفاحي” وقد ضمنه كل معتقداته ورؤيته لمستقبل ألمانيا.
أطلق سراح هتلر بعد تسعة اشهرن فعاد إلى بناء الحزب من جديد. ولكن السلطات الألمانية كانت قد فرضت حظرا على مطبوعات الحزب ومنعت رئيسه من إلقاء خطب في الأمكنة العامة. غير أن ذلك لم يمنع هتلر من كسب أعضاء جدد. ثم أسس منظمة “القوات الخاصة” من مجموعات من المقاتلين المدربين والمعدين للالتحاق السريع بوحداتهم عندما تدعو الحاجة.
ومع بداية العام 1929 كان الحزب النازي قد صار واحدا من أهم أحزاب الأقلية في المجلس النيابي الألماني. وجاء الكساد الاقتصادي الذي ضرب العالم سنة 1930 ليزيد من مشاكل ألمانيا إذ كان عليها إضافة إلى متاعبها الاقتصادية أن تسدد ديونا وتعويضات فرضت عليها في الحرب العالمية الأولى. وقد عارض هتلر وحزبه النازي دفع تلك التعويضات قائلا إن اليهود والشيوعيين هم الذين تسببوا بخسارة ألمانيا للحرب واعدا بتنظيف ألمانيا منهم وبتوحيد كل الناطقين بالألمانية في أوروبا وسائر مقاطعاتهم في دولة واحدة.
في انتخابات 1932 نال الحزب النازي ما يقارب ال 40% من الأصوات وصار اكبر حزب في ألمانيا. وفي 30 كانون الثاني 1933 قام الرئيس الألماني بول فون هايندنبرغ بتعيين هتلر مستشارا على ألمانيا. وما لبث أن صار حاكما فرديا وحصر السلطات كلها بيده. وبوفاة الرئيس الألماني (1934) صار هتلر الزعيم الأوحد وأعطى نفسه لقب “فوهرر” (القائد).
عرفت فترة حكم هتلر لألمانيا بعهد “الرايخ الثالث” وأتاحت الفرصة لبث معتقداته بين الألمان بما يشبه غسل الأدمغة. وقد قاد حزبه حملة مركزة هدفها إقناع كل الناطقين بالألمانية بتكوين عرق آري متفوق على سواه. وكانت خطة هتلر أن يخلي بلاده من كل اليهود والغجر والسود والمعاقين والمتخلفين عقليا. وقد سما خطته ” الحل الأخير”.
بدأت الحرب العالمية الثانية عندما اجتاحت ألمانيا الأراضي البولندية (1939) كمقدمة لتوحيد كافة الناطقين بالألمانية. وقد أدت الظروف والأوضاع الدولية آنذاك إلى تحالف إيطاليا واليابان مع ألمانيا مقابل التحالف الفرنسي ـ الأميركي ـ البريطاني ـ السوفياتي. ما أدى إلى نهاية الحرب بهزيمة قاسية لهتلر وحلفاؤه بعد خمس سنوات من القتال الذي راح ضحيته ملايين البشر واستعملت خلاله القنابل الذرية للمرة الأولى في العالم.
لم يحتمل هتلر صدمة الهزيمة فانتحر وهو في مركز قيادته تحت الأرض في 30 نيسان 1945 وبعد سبعة أيام أعلنت ألمانيا الاستسلام.
ماو
1892 ولادة ماو في مقاطعة هانان.
1911 سقوط الحكم الأمبراطوري.
1918 تخرج ماو من دار المعلمين في هانان.
1921 تاسيس الحزب الشيوعي الصيني.
1923ـ1927 تأسيس جبهة واحدة من الحزب الوطني
والحزب الشيوعي.
1931ـ1934 تأسيس جمهورية الصين الاشتراكية
في مقاطعة يان تسي.
1934 بداية “المسيرة الطويلة”.
1937 اليابان تغزو الصين والحزبين الشيوعي
والوطني يتحدان مجددا في مواجهة الغزو.
1946ـ1949 اندلاع حرب اهلية بين الحزبين.
1949 هزيمة الوطنيين وانسحابهم الى تايوان.
(الصين الوطنية) ـ تأسيس جمهورية الصين
الشعبية.
1953ـ1957 اعلان الخطة الخمسية الأولى.
1966 بدأ الثورة الثقافية وتأسيس الحرس الأحمر.
1976 وفاة ماو في بيكين.
لا شك في ان ماوتسي تونغ من أهم شخصيات القرن العشرين. لقد اسس أكبر دولة في العالم بعد ربع قرن من الصراع ضد الحزب الوطني الحاكم واليابانيين ورفاقه من الشيوعيين الذين اعتبروا الاتحاد السوفياتي مصدر الهامهم. ثم تولى الحكم مدة سبع وعشرين سنة مصمما ومنفذا كل سياسات البلاد الزراعية والصناعية والعسكرية والاجتماعية والفنية. وصار بوجهه الدائري والخال (الشامة) في ذقنه معروفا في العالم كله.
انتشرت صور ماو في كل انحاء الصين وقرأ الصينيون وتعلموا كبارا وصغارا شعاراته وكتاباته التي تعدى تأثيرها الصين الى العالم كله وخصوصا ما كتبه عن حرب التحرير (الغاريلا).
ولد ماو وعاش طفولته في كنف عائلة من الفلاحين في قرية شاو شان (مقاطعة هانان). وكان لا يزال طالبا عندما اطاحت ثورة 1911ـ1912 بالحكم الأمبراطوري في الصين.
عمل ماو في المكتبة التابعة للجامعة الوطنية في بيكين وقرأ كثيرا عن الشيوعية فاستهوته وآمن بها. وفي سنة 1921 أسس مع أحد عشر من رفاقه الحزب الشيوعي الصيني في مدينة شنغهاي.وسرعان ما راحت كتابات ماو وشعاراته تنتشر بين الصينيين فدخلوا الحزب بالألوف.
كان صان يات سين زعيم الحزب الوطني وقد شكل جبهة واحدة مع الشيوعيين في محاولة لتوحيد البلاد. الا ان الشيوعيين لم يتقوا بخليفته تشين كاي تشك (1925) ما أدى الى اندلاع أعمال العنف بين الحزبين وكانت القوى غير متوازنة بين حزب قديم لعب الدور الأساسي في اسقاط الحكم الأمبراطوري وبين حزب فتي لم يشتد ساعده بعد فانسحب ماو مع جماعات من مناصريه الى مقاطعة يان تسان حيث عاشوا وطبقوا مبادئهم الماركسية مؤسسين نواة “جمهورية الصين الاشتراكية”.
حاول تشين كاي تشك القضاء عليهم بمختلف الوسائل منذ عام 1931 معلنا حرب ابادة شاملة ضدهم. و كاد ان يحاصرهم ويبيدهم في 1934 الا ان ماو اعلن بداية ما سمّاه “المسيرة الطويلة” الى اقليم تشان تسي. وقد قطع مع رفاقه مسافة العشرة ألاف كيلومتر الفاصلة بين الاقليمين خلال عام تقريبا.
كانت اليابان قد احتلت منشوريا عام 1931 وفي 1937 اعلنت الحرب الشاملة ضد الصين موحدة الحزبين الشيوعي والوطني رغم العداوة اللدودة بينهما.
فيما كان الجيش التابع للوطنيين يقوم باعمال الدفاع التقليدية كان ماو يدرب رفاقه على “حرب الغاريلا” وهم بدورهم يدربون الأهالي في المناطق التي يتواجدون فيها ما دفع الكثير من الصينيين الى الانضمام الى صفوفهم.
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان (1945) كان الشبيوعيون يسيطرون على مناطق يسكنها ما يفوق 100 مليون صيني. وبحلول العام 1946 اندلع القتال مجددا بين الطرفين وكان الحزب الشيوعي يزداد قوة والتحاما يوما بعد يوم الى ان كتب له النصر النهائي وبات يسيطر على الجمهورية كلها (1949) معلنا انشاء “جمهورية الصين الشعبية”.
سيطر ماو على الوضع في الصين بأسرع مما توقعه أكثر المراقبين تفاؤلا. فقد أحكم سلطته على مؤسسات الدولة وأعلن انشاء حلف مع الاتحاد السوفياتي الذي قدم للصين مساعدات عسكرية جمة وخصوصا خلال الحرب الكورية (1950ـ1953) التي وقفت الصين فيها الى جانب كوريا الشمالية.
بعد الحرب الكورية بدأ ماو بتطبيق عدة برامح لزيادة الانتاج الزراعي والصناعي نجح بعضها وفشل بعضها الآخر بسبب النمو الهائل لعدد السكان الذي اقتضى في النهاية تبني سياسات غير “شعبية” كتحديد النسل. ولكن الوضع الاقتصادي في الصين يعتبر من دون شك أفضل كثيرا من سواها من البلدان المشابهة من حيث ظروفها الاجتماعية وعدد سكانها.
في بداية الستينات وبعد ان لاحت في الافق بوادر الخلاف والانشقاق بين الصين والسوفيات كانت الصين تمتلك سلاحها النووي الخاص وتطور الأسلحة السوفياتية الصنع بانتاج “نسخ صينية ” عنها.
كان ماو قد تخلى في العام 1959 عن لقب “زعيم جمهورية الصين الشعبية” ولكنه احتفظ بالسيطرة الكاملة على الدولة والحزب الشيوعي. في حين كان نزاعه مع الاتحاد السوفياتي حول زعامة البلدان الشيوعية يشتد ويتفاقم. الا ان معظم تلك البلدان بقيت الى جانب السوفيات فيما انحاز ال الصين عدد كبير من حركات التحرر الوطني التي لم يتمكن بعضها من الوصول الى الحكم والبانيا التي أعلنت صراحة تبنيها للنمط الماركسي – الصيني .
اعتبر ماو انه المطبق الحقيقي لتعاليم ماركس ولينين وستالين ( وكانت قد ظهرت في الاتحاد السوفياتي موجات من العداء للستالينية) ونادى بحتمية ثورة البلدان الفقيرة ضد البلدان الغنية ولام الشيوعيين السوفيات على “تراخيهم” ضد الراسمالية العالمية الممثلة بالولايات المتحدة.
وقف العالم كله تقريبا ضد مواقف الصين المتصلبة. حتى ان الصين الوطنية بقيت حتى السبعينات ممثلة الشعب الصيني في الأمم المتحدة وعضوا دائما في مجلس الأمن يتمتع بحق الفيتو رغم عدم وجود أي تكافوء في الحجم والقدرات والتاثير بينها وبين الصين الشعبية.
ولكن الحال تغيرت في السبعينات فقد فتحت زيارة فريق رياضي أميركي في كرة الطاولة الطريق امام اتصالات سياسية وديبلوماسية ما لبثت ان أدت الى اعتراف المجتمع الدولي بان الصين الشعبية هي الممثل الحقيقي للشعب الصيني فدخلت الأمم المتحدة بدل الصين الوطنية وانتقلت اليها العضوية الدائمة في محلس الأمن.
توفي ماو في شهر ايلول 1976 بعد مرض عضال أدى الى تولي زوجته معظم الشؤون السياسية والحزبية في السنوات الأخيرة من حياته.
بعد وفاة ماو بدأت الصين بـ “عصرنة” الزراعة والصناعة والعلوم والقوى العسكرية بمساعدات من الولايات المتحدة واليابان وبعض البلدان الأوروبية. وقد نجحت هذه السياسة بدليل ان الصين لم تعرف في التسعينات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت ولا تزال تمر بها بلدان جنوب شرق آسيا بما فيها اليابان.
ويلاحظ المستهلكون في سائر بلدان العالم ان كلمات مثل “صنع في كوريا” و “صنع في تايوان” او سنغافورة او اندونيسيا بدأت تختفي عن السلع التي يشترون لتظهر مكانها كلمات “صنع في الصين” الى جانب أشهر الماركات العالمية التي كان انتاجها حتى زمن قريب وقفا على الولايات المتحدة وأوروبا واليابان
مارتن لوثر كينغ
1929 ولادة مارتن لوثر كينغ في 15 كانون الثاني.
1935 ـ 1944 فترة من الدراسة الابتدائية والثانوية.
1947 التخرج من معهد اللاهوت.
1948 رسامة كينغ كاهنا مساعدا لوالده.
1953 زواجه من كوريتا سكوت .
1954 الحكم الشهير بأن التمييز العنصري في المدارس غير دستوري.
1955ـ 1956 أزمة الباصات وصدور حكم آخر بالمساواة بين الركاب السود والبيض.
1957 صدور تشريعات عن الكونغرس أدت إلى انشاء
مفوضية للحقوق المدنية.
1958 صدور كتاب “خطوات نحو الحرية: قصة مدينة
مونتغومري”.
1959 الذهاب إلى الهند لدراسة أساليب غاندي في اللاعنف.
1960 العودة إلى أتلانتا.
1961 “الركاب الأحرار” وصدور حكم بأن التمييز في
الباصات التي تنقل المسافرين عبر الولايات هو مخالف
للدستور.
1964 كينغ يحصل على جائزة نوبل للسلام واغتيال “مالكوم X “.
1965 ـ 1967 فترة من الاضطرابات واعمال الشغب ضد السود خصوصا من منظمة “كوكس كلان ” ومثيلاتها.
1968 اغتيال كينغ في مامفيس.
ما من شك في ان البشر قد مارسوا التمييز العنصري منذ “اجتماعهم” في كيانات سياسية مختلطة. والعرق الأسود كان أكثر من تعرض أفراده لهذا التمييز عبر العصور. ولكن القرن العشرين شهد حالتين من التمييز العنصري “الرسمي” أي “المقونن” الولايات المتحدة الأميركية وجنوب أفريقيا.
لقد تحدثنا في حلقة سابقة عن نيلسون مانديلا الذي أنهى قوننة التمييز العنصري في أفريقيا الجنوبية وسنتحدث في هذه الحلقة عن الدكتور مارتن لوثر كينغ الكاهن المعمداني الذي لعب دورا مهما في إلغاء قوننة التمييز العنصري في الولايات المتحدة ودفع حياته ثمنا لذلك.
ولد مارتن لوثر جونيور في 15 كانون الثاني 1929 في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا وكان والده مارتن لوثر (سينيور) كاهنا. عام 1935 دخل المدرسة وتلقى دروسه الابتدائية والثانوية حتى عام 1944 حيث نجح في امتحان الدخول إلى معهد اللاهوت في اتلانتا قبل ان ينهي دراسته الثانوية. وفي عام 1947 تخرج من ذلك المعهد متخصصا بالوعظ فيما تابع دروسا في علم الاجتماع وعيّن مساعدا لوالده الكاهن التابع للكنيسة المعمدانية في أتلانتا. وفي 25 شباط من العام التالي (1948) تمت سيامته كاهنا. وفي حزيران حصل على شهادة الاختصاص في علم الاجتماع.
عاش مارتن لوثر كينغ حياة شبه هادئة في الفترة التالية وتزوج من كوروتا سكوت في مدينة ماريون بولاية ألاباما (1953).
في 17 أيار 1954 حقق السود “انتصارا” هاما عندما حكمت المحكمة العليا بأن التمييز العنصري ضد الطلاب السود في المدارس الرسمية هو أمر غير دستوري وكانت تلك الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل.
في 31 تشرين الأول 1954 عين مارتن لوثر الأب ابنه كاهنا في مدينة مونتغومري في ألاباما التي شهدت في العام التالي ما عرف ب “أزمة الباصات”. فقد جاء في قوانين ولاية ألاباما انه لا يحق للسود الجلوس في الأماكن التي يجلس فيها البيض في الباصات. وفي الأول من كانون الأول 1955 رفضت امرأة سوداء ان تتخلى عن مقعدها في أحد الباصات لرجل أبيض فاعتقلتها الشرطة.
اجتمعت كافة الحركات المناهضة للتمييز العنصري في المدينة في اليوم نفسه وانتخب أعضاؤها بالإجماع مارتن لوثر كينغ رئيسا لتجمعهم الذي أطلقوا عليه اسم ” جمعية تطوير مونتغومري”. وقرروا رفع الدعوى لاثبات عدم دستورية قوانين التمييز العنصري في الباصات. فردت الشركة بأن أوقفت رحلاتها إلى الأحياء ذات الغالبية السوداء.
تعرض كينغ لحملة مضايقات من رجال الشرطة بسبب نشاطاته المناهضة للعنصرية وقد اعتقل مرة وأوقف لقيادته سيارته بسرعة 30 ميلا في منطقة حددت السرعة القصوى فيها ب 25 ميلا في الساعة. كما تعرض لأعمال عنف من أشخاص عنصريين ورميت قنبلة على منزله.
في 4 حزيران 1956 حكمت المحكمة بأن التمييز العنصري في الباصات هو أمر غير دستوري وقبل نهاية ذلك العام صار يحق للسود الجلوس في مكان واحد مع البيض.
تابع مارتن لوثر كينغ ورفاقه نضالهم من اجل الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة وراحوا يحرزون الانتصار تلو الانتصار. ففي 9 ايلول 1957 وافق الكونغرس على مشروع قانون الحقوق المدنية وكان من نتيجة ذلك انشاء مفوضية الحقوق المدنية كهيئة مستقلة وانشاء دائرة للحقوق المدنية تابعة لوزارة العدل.
ومن جهة أخرى تابعت الشرطة مضايقاتها لكينغ فادعى عليه أحد أفرادها بتهمة “عدم الامتثال” وحكمت عليه المحكمة (4 ايلول 1958) بغرامة مالية رفض دفعها ولكن مدير الشرطة قام بذلك رغم معارضة كينغ في محاولة منه لاظهار عدم التحيز ضد المناضلين من اجل الحقوق المدنية. وبعد أيام ظهر كتاب كينغ الشهير “خطوة نحو الحرية: قصة مدينة مونتغومري”.
في السنة التالية (1959) قام كينغ مع زوجته بزيارة إلى الهند حيث امضيا فترة في دراسة أساليب غاندي في اللاعنف. وبعد عودته (1960) انتقل مجددا إلى مدينة اتلانتا حيث عمل مع والده في إدارة الكنيسة المعمدانية هناك. ولكن مذكرة توقيف صدرت بحقه بتهمة تزوير المستندات الضرائبية لعامي 1956 و1958 فاعتقل وحوكم وظهرت براءته من التهم الموجهة إليه. كما ادعي عليه بتهمة الجلوس في مكان عام لا يحق للسود الجلوس فيه واعتقل وسجن (1960).
شهد عام 1961 تشكيل مجموعة “الركاب الأحرار” الذين أعلنوا عن عزمهم على ركوب الباصات التي تنقل الركاب فيما بين الولايات والتي كانت مشمولة بقوانين التمييز العنصري. فأصدرت المحكمة العليا حكما بان التمييز العنصري في الباصات التي تعبر الولايات غير دستوري (أيار 1961). وهكذا قامت المجموعة الأولى من “الركاب الأحرار” باستخدام الباص الذي ينقل الركاب من واشنطن إلى ولاية الميسيسيبي.غير ان جماعات من المتعصبين العنصريين هاجمت الباص وأحرقته في ألاباما. كما قامت مجموعات أخرى بالاعتداء بالضرب على الركاب الذين استقلوا باصا آخر لمتابعة الرحلة في بيرمنغهام. وفي النهاية قامت الشرطة باعتقالهم عند وصولهم إلى مدينة جاكسون في الميسيسيبي وامضوا ما بين 40 و 60 يوما قيد الاعتقال.
في السنوات التالية (1962 ـ 1963) تعرض كينغ للمزيد من حملات المضايقة والاعتقال بتهم تافهة لا تستوجب في العادة التوقيف أو السجن. ولكن مع بداية العام 1964 بدأت أعمال الشغب تتكاثر في مختلف أنحاء البلاد وخصوصا مع ازدياد أعمال العنف التي ارتكبها العنصريون من أعضاء منظمة “كوكس كلان” ومثيلاتها وراح الضحايا من السود يسقطون في هارلم ونيوجرسي وايلينوا وبنسلفانيا.
في 10 كانون الاول 1964 نال كينغ جائزة نوبل للسلام اعترافا بجهوده الحثيثة لمنح السود حقوقهم المدنية باستخدام الوسائل السلمية.
عام 1965 شهد انتصارا آخر حين وقع الرئيس نيكسون القانون الذي يمنح السود حق الاقتراع في الانتخابات ولكنه شهد أيضا اغتيال المناضل الأسود المعروف باسم “مالكوم X”.
تابع العنصريون البيض أعمال الشغب لإرهاب السود وثنيهم عم مطالبتهم بحقوقهم. فكانوا يتصدون للمظاهرات السلمية التي يقوم بها هؤلاء والتي صارت مختلطة باشتراك الكثير من المعتدلين البيض فيها.
وكان أسوأ أعمال الشغب ما حصل في مدينة ديترويت بين 23 و30 تموز 1967 وحصد أكثر من 43 قتيلا و 324 جريحا. مما دفع الزعماء السود مارتن لوثر كينغ وفيليب راندولف وروي ويلكينز وويتني يونغ إلى توجيه نداء بوقف أعمال العنف.
في شهر نيسان 1968 وأثناء جولة لمارتن لوثر كينغ في مدينة مامفيس وفيما كان يخطب في الجماهير المحتشدة أمام الفندق الذي كان مقيما فيه أطلق عليه قناص النار فأصابه في عنقه ثم توفي في المستشفى بعد ساعات قليلة منهيا بذلك حياة مليئة بالكفاح والنضال من أجل الحقوق المدنية.
من المؤكد ان التمييز العنصري هو شأن يتعلق بالنفوس قبل النصوص. وما من أحد يستطيع إلغاءه بالكامل من الحياة اليومية للبشر. ولكن المؤكد أيضا ان مارتن لوثر كينغ كان صاحب الدور الأكبر والأساسي في إزالته من النصوص ومنع قوننته.
للملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
(1324 ـ 1395هـ) (1906 ـ 1975م)
ملك المملكة العربية السعودية(1384ـ 1395هـ) (1964ـ 1975م)
فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمّد بن سعود بن محمّد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريديّ… وينتهي نسبهم إلى بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة. ملك المملكة العربية السعودية(1384 ـ 1395هـ 1964ـ 1975م).
ولد الملك فيصل في صفر من عام 1324هـ أبريل 1906م. والده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وأمه بنت الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ. توفيت أمه بعد ولادته بخمسة أشهر فتربى في بيت جده لأمه نشأ نشأة دينية صالحة. وتلقى تعليمه في أصول الدين على يدّ جده الشيخ عبد الله. ولما شب وكبر أخذ يتدرب على فن الفروسية وكان يحضر مجلس أبيه ويستمع بإصغاء إلى أقواله ومحادثاته ومناقشاته وكان يستفيد كثيراً من آراء من يفد على مجلس أبيه ويستمع إلى مقترحاتهم وتصوراتهم حول كثير من المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية فتدرب منذ صغره على شؤون الإدارة والسياسة. وشارك في سن مبكرة في المعارك والأحداث التي واكبت نشوء المملكة فكان له في كل ذلك خير إعداد لما تمرّس به بعد من مهمات.
في أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918م) انتدبه والده الملك عبد العزيز لزيارة بريطانيا وفرنسا نيابة عنه وفي عام 1345هـ 1927م ندبه والده لينوب عنه في المعاهدة مع بريطانيا التي انتهت بالتوقيع على معاهدة جدة في 18 ذي القعدة 1345هـ الموافق 20 مايو 1927م التي اعترفت بريطانيا بمقتضاها بالدولة السعودية الحديثة. وقد منحه جورج السادس (ملك بريطانيا) وساماً رفيعاً هو وسام القديسين جورج وميخائيل.
وأردف هذه الزيارة بزيارة أخرى إلى الغرب عام 1350هـ 1932م إثر تغيير اسم الدولة السعودية من مملكة الحجاز ونجد وملحقاته إلى المملكة العربية السعودية.
وفي عام 1358هـ 1939م ترأس الملك فيصل وفد المملكة العربية السعودية في مؤتمر (المائدة المستديرة) الذي عُقد في لندن لمناقشة القضية الفلسطينية.
وفي عام 1364هـ 1945م ترأس وفد بلاده ومثلها في التوقيع على ميثاق هيئة الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وفي المجال الحربي أرسله الملك عبد العزيز على رأس القوات السعودية المتجهة إلى عسير لتهدئة الوضع هناك والعمل على استتباب الأمن وكان ذلك عام 1340هـ 1922م. كما شارك الملك فيصل في الحرب اليمنية السعودية عام 1352هـ 1934م.
وفي مجال الإدارة والحكم تقلّد الملك فيصل عدّة مناصب قيادية في عهد أبيه الملك عبد العزيز وأثناء عهد أخيه الملك سعود فقد عينه أبوه نائباً له على الحجاز عام 1344هـ 1926م. ثم عينه رئيساً لمجلس الشورى عام 1345هـ 1927م.
ثمّ أول وزير للخارجية السعودية عام 1349هـ 1930م. وفي 2 ربيع الأول 1373هـ الموافق 9 نوفمبر 1953م تولى فيصل ولاية العهد إثر انتقال والده إلى رحمة الله وتولى أخيه الملك سعود للحكم ثم أصبح رئيساً لمجلس الوزراء في 16 ذي الحجة 1383هـ 29 أبريل 1964م بعد أن تخلى أخوه الملك سعود له عن رئاسة مجلس الوزراء بناءاً على نصيحة العلماء والأمراء.
وفي 27 جمادى الآخرة 1384هـ الموافق 2 نوفمبر 1964 بايع الشعب العربي السعودي بالإجماع الملك فيصل بن عبد العزيز ملكاً شرعياً على المملكة العربية السعودية فتركز نهجه السياسي على مجموعة من الثوابت من أهمها:
النهوض بالمملكة العربية السعودية وحمايتها والمحافظة على استقلالها وعلى هويتها العربية والإسلامية. وفي هذا المجال اعتنى الملك فيصل عناية فائقة بمجال الاقتصاد والمال وشؤون الصناعة والزراعة. واهتمت الدولة بالتنقيب عن البترول والمعادن في ربوع المملكة وأنشأت لهذا الغرض المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين). كما عني الملك فيصل عناية خاصة بالتعليم والعلماء فشجع بشكل خاص تعليم الفتاة السعودية ووسع دائرة التعليم العام والتعليم الجامعي. كما اهتم بتطوير سبل المواصلات البرية والجوية والعناية بالاتصالات السلكية واللاسلكية. كما شمل اهتمامه الإصلاحات في الشؤون الاجتماعية ونظام العمل والعمال.
دعم التضامن العربي والإسلامي من خلال الواجب الإسلامي المُلقَى على عاتق المملكة العربية السعودية فقد نشط الملك فيصل في الدعوة إلى التضامن الإسلامي وإلى التعاون العربي الإسلامي من أجل خير الأمة الإسلامية ومصالحها الدولية ومستقبلها العام لذا فقد تبنى مشروع حركة التضامن الإسلامي فدعا إلى عقد مؤتمر إسلامي يكون على مستوى القمة يكون في انعقاده نفع جليل للإسلام والمسلمين. وقد أنشئت رابطة العالم الإسلامي التي كانت لها الريادة في تنظيم عقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول في 17 ذي الحجة 1384هـ الموافق 18 أبريل 1965م.
كما عمل الملك فيصل على دعم الدفاع عن الحقوق العربية المغتصبة والنصرة الحقيقية لقضية العرب الأولى قضية فلسطين.
استشهد الملك فيصل بن عبد العزيز يوم الثلاثاء 13 ربيع الأول 1395هـ الموافق 25 مارس 1975م. وخلفه في الحكم ولي عهده الملك خالد بن عبد العزيز.
طه حسين
ولد طه حسين (28 تشرين الأول 1889) السابع بين 13 ولدا في محافظة المنيا في أعالي مصر من عائلة تعتبر في أدنى الطبقة المتوسطة بحسب السلم الاجتماعي . وقد أصيب في سن مبكرة جدا بالتهاب بسيط في عينيه كان يمكن ان يشفى منه بسهولة ولكن الطبيب أخطأ في علاجه ففقد بصره وكان ذلك سببا لألم معنوي عانى منه طوال حياته.
منذ صغره أرسله والده إلى الكتّاب حيث تعلم قراءة وكتابة القرآن الكريم. وعندما “ختمه” أرسل إلى جامعة الأزهر حيث تعلم الدين الإسلامي والأدب العربي. ولكنه شعر بأن أساتذته محافظون وضيقو الأفق بخلاف ما يفترض بالأساتذة الجامعيين ان يكونوا.
عام 1908 سمع طه حسين بإنشاء جامعة غير دينية بغية تطوير التعليم الوطني في مصر الواقعة تحت الانتداب البريطاني. وقد رغب في الانتساب إلى تلك الجامعة رغم كونه فقيرا وضريرا. وبالفعل فقد تم قبوله في تلك الجامعة متخطيا الكثير من الموانع. وقال في مقال نشره في “الأيام” في ما بعد ان يوم دخوله تلك الجامعة كان اليوم الذي انفتحت فيه أمامه أبواب المعرفة الواسعة. وكان الطالب الأول الذي تخرج من تلك الجامعة حائزا على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي على أطروحته عن “أبي العلاء المعري” الشاعر والفيلسوف العربي (غير المتدين حتى لا نقول الملحد) والذي كان هو الآخر ضريرا.
لم يكتف طه حسين بما ناله من تحصيل علمي ورغب بالمزيد. وقد استطاع ان يتخطى صعوبات جمة مرة أخري فقبل كواحد من أفراد بعثة جامعية أرسلت إلى فرنسا في مهمة تربوية. وهناك عانى الكثير من عماه بسبب لا مبالاة أخيه الذي أرسل معه للعناية به والذي جرفه تيار الحياة الغربية. ولكنه التقى سوزان “صوته العذب”. فكانت تساعده بقراءة المراجع التي يحتاجها ولا تتوفر مكتوبة بطريقة “بريل”. وقد صارت فيما بعد زوجته ورفيقته ومساعدته وأم أولاده وحبه الكبير وصديقته الفضلى. وقد قال انه منذ سماعه “صوتها العذب” لم يعرف قلبه الألم.
في فرنسا تخصص طه حسين بالأدب وبالدراسات الكلاسيكية وكان أول مصري والعضو الوحيد في البعثة الذي حصل على الإجازة من جامعة مونبلييه ثم الدكتوراه من جامعة السوربون. وكانت أطروحته لشهادة الدكتوراه عن ابن خلدون المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع.
ومنذ ذلك الحين بدأت رحلة طه حسين كعميد للنهضة الأدبية العربية. وكانت فلسفته تتلخص بالحفاظ على الثقافة الإسلامية والعربية وباعتماد الوسائل الغربية في التفكير. وصار داعية للفكر التحرري وترجم إلى العربية الكثير من المؤلفات الهامة.
قبل طه حسين كانت اللغة العربية مجمدة داخل قوالب صعبة التطوير وبعيدة عن إدراك عامة الناس. ولكن كتاباته كانت سهلة واضحة ومفهومة مع الحفاظ على قواعد اللغة واستخدام وسائل التعبير والمفردات بأقصى طاقاتها. وقد دعا إلى تطوير اللغة بشكل يساهم في تحقيق الوحدة العربية مشيرا إلى انه إذا لم يحصل ذلك فان البلدان العربية ستعاني ما كانت تعانيه البلدان الأوروبية في ذلك الحين من شعور بالعزلة بسبب اختلاف اللغات فيما بينها.
آمن طه حسين بثورة تموز ت يوليو 1952 بالوحدة العربية وبالإصلاح الاجتماعي. وقد حارب بضراوة من اجل التعليم المجاني في مصر مؤكدا “ان المعرفة مثل الماء والهواء” وأنها حق طبيعي لكل كائن بشري. وكان هذا شرطه لقبول منصب وزير التربية عام 1950. وبالفعل فقد أعلنت الحكومة الجديدة إلزامية ومجانية التعليم الابتدائي للجميع. وهي سياسة ما تزال متبعة حتى اليوم حيث يدين الملايين من المصريين بالفضل في تعليمهم لطه حسين.
وكانت ابنته أمينة من أوائل النساء اللواتي تخرجن من الجامعة. وقد قامت مع أخيها مؤنس بترجمة كتاب والدها الشهير “أديب” إلى الفرنسية.
عاش طه حسين حياة مليئة بالصراعات السياسية والاجتماعية والشخصية وقد عرضها في كتابه “الأيام”. و بعد وفاته أكملها صهره محمد الزيات في كتاب “ما بعد الأيام”.
يمكن تقسيم أعمال طه حسين إلى ثلاثة أنواع رئيسية: دراسات علمية في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي؛ كتابات أدبية ذات منحى اجتماعي يرتكز على محاربة الفقر والجهل؛ والمقالات السياسية التي كتبها في الصحف التي تولى رئاسة تحريرها بعد فصله من مركزه كأستاذ الأدب العربي الكلاسيكي في جامعة القاهرة. وكان فصله نتيجة الضجة التي أثارها كتابه عن “الشعر الجاهلي” (1926) والذي كان تعبيرا حيا عن أسلوبه العصري والعلمي في مقاربة الموضوع بخلاف الأسلوب السلفي الذي كان منتشرا في ذلك الحين.
أما أعماله الأدبية فقد عبرت عن حساسية مفرطة ورؤية سليمة وحب عميق. ودعوته إلى العدالة والمساواة نبعت من فهم عميق وسليم للدين الإسلامي.
كان على طه حسين ان يتحمل هجوم المحافظين وان يواجه المعادين لإصلاحاته. ولكن ما خفف عنه ذلك كان إعجاب طلابه وزملائه به. وخلال حياته تلقى من التقدير ما لم يحظ غيره به. فقد انتخب عضوا في اكثر من أكاديمية عربية وكرمته مؤسسات دولية كثيرة. حتى ان الجامعة الأميركية في القاهرة تحدت قرارا لرئيس الوزراء المصري صدقي إسماعيل بمنع طه حسين من التدريس في الجامعات العاملة على الأرض المصرية وتعاقدت معه للتدريس فيها. وصارت قاعة “ايوارت هال” في الثلاثينات مقصد المئات من المصريين وغير المصريين الراغبين في الاستماع إلى طه حسين “عميد الأدب العربي”.
منح طه حسين أكثر من دكتوراه فخرية من جامعات عالمية فرنسية وبريطانية وإسبانية وإيطالية. وقد منحه الرئيس جمال عبد الناصر أرفع وسام مصري هو مخصص أساسا لرؤساء الدول. وفي عام 1973 منحته الأمم المتحدة “جائزة حقوق الإنسان”.
توفي طه حسين في تشرين الأول 1973 بعد ان شهد الانتصار المصري الذي تحقق بعبور قناة السويس واستعادة قسم من سيناء
غاندي
1869 ولادة موهانداس كارامشاند غاندي في 2 تشرين الأول (أكتوبر).
1882 زواج غاندي وهو في الثالثة عشرة من فتاة تماثله في العمر زواجا مدبرا حسب العادات الهندوسية.
1891 عودة غاندي من بريطانيا بعد دراسة الحقوق.
1893 قبول غاندي عرض عمل لمدة سنة واحدة من مكتب للمحاماة في جنوب أفريقيا بعد فشله في الحصول على عمل في الهند نفسها.
1893 ـ 1915 إحساس غاندي بالظلم والتمييز العنصري الذي يتعرض له الهنود في جنوب أفريقيا يدفعه إلى البقاء هناك ما يزيد عن العشرين سنة مدافعا عن العمال الهنود وداعيا إلى فلسفته اللاعنفية (الساتياراها).
1915 العودة إلى الهند وبدء النضال من اجل الاستقلال.
1920 خلال خمس سنوات غاندي يصبح زعيم الحركة الوطنية الهندية ويبدأ بتطبيق برنامج “النسيج والحياكة اليدويين”.
1930 غاندي يقود “المسيرة إلى البحر” احتجاجا على سياسة الحكومة البريطانية المتعلقة بالملح.
1942 سجن غاندي للمرة الأخيرة حيث بلغ مجموع المدد التي أمضاها في السجن لأسباب سياسية سبع سنوات.
1947 الهند تنال استقلالها وحزن غاندي لتقسيم القارة الهندية إلى دولتين (الهند والباكستان). وإصراره على الاستمرار في سياسة اللاعنف بين الجماعات والقوميات والأديان المختلفة في الدولتين.
1948 قيام أحد المتطرفين الهندوس بإطلاق ثلاث رصاصات قاتلة على غاندي ( 30 كانون الثاني ـ يناير) احتجاجا على دعوات السلام واللاعنف بين أبناء القارة الهندية.
القرن العشرون هو أيضا قرن الحروب العالمية. فيه نشبت الأولى والثانية كما تدل التسميات وفي نهاية الثانية استعملت قنبلتان ذريتان لضرب مدينتين يابانيتين. وسواء أكنت مؤيدا أم معارضا للتوجه الهتلري ـ الياباني فلا يمكنك إلا أن تعترف بان الرد على هجمات اليابانيين الانتحارية ( الهيراكيري) واشهرها الهجوم على بيرل هاربور باستخدام القنابل الذرية لا يدل على شجاعة أو شهامة. فبيرل هاربور كان مرفأ حربيا استخدمته الأساطيل الأميركية أما مدينتا ناكازاكي وهيروشيما اللتان استهدفتهما القنابل الذرية فكانتا داخل اليابان وكانتا مدينتين عاديتين مثل أي مدينة أخرى في العالم يسكنهما المدنيون من رجال ونساء وأطفال وشيوخ،وفيهما المنازل والمتاجر والمصانع والمستشفيات.
لقد كانت الحربان العالميتان طاحنتين بالفعل للجيوش والمدنيين للمسلحين والعزل للأقوياء والضعفاء للشجعان والجبناء وأولا وأخيرا للمنتصرين والمهزومين على السواء.
ولكن في مكان آخر من هذا العالم وفي الوقت نفسه تقريبا دارت حرب من نوع آخر؛ حرب بين مستعمر بريطاني وبين مناضلين من أجل الحرية والاستقلال بسلاح لم يعرفه العالم من قبل. سلاح اسمه بلغة الهندوس “ساتياراها” ومعناها: الشجاعة والحقيقة واللاعنف.
الوحيد الذي تكلم بمثل هذه اللغة من قبل كان السيد المسيح وليس من قبيل الصدفة أن تكون نهايتهما واحدة ـ الاغتيال وان اختلفت الأشكال بين الصلب وإطلاق الرصاص.
من المؤكد أن زعماء بريطانيا كانوا يفضلون أن يجابههم موهانداس غاندي ( المعروف لدى اتباعه باسم المهاتما أي الروح الأعظم) بجيش من الهنود المدججين بالسلاح فهم يفهمون هذه اللغة ويستطيعون أن يواجهوها. ولكنهم على العكس من ذلك وجدوا أمامهم رجلا أعزل مسالما يرتدي ثيابا شبه بالية ويبشر باللاعنف وبنكران الذات. والمؤكد أيضا انهم لا يزالون يبحثون عن سر قدرة رجل “بسيط” على أن يجمع حوله مثل تلك الأعداد من الاتباع والمؤيدين ما عجزوا كلهم عن تحقيقه رغم “أناقتهم” وأرستقراطيتهم.
ولد موهانداس كارامشاند غاندي في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) 1869 في بورباندر الهند. وتنتمي أسرته إلى طبقة “التجار” من الطائفة الهندوسية. كان طفلا جديا مع مسحة من الخجل. وقد تزوج وهو في الثالثة عشرة من فتاة تماثله من حيث العمر زواجا مدبرا بين أهله وأهلها على غرار التقاليد المتبعة. وقد رزقا بأربعة أولاد.
درس غاندي الحقوق في لندن،ثم عاد إلى الهند وبدأ ممارسة المهنة غير أن التوفيق لم يكن حليفه بإيجاد عمل. فقبل عرضا للعمل في مكتب للمحاماة في ناتال (جنوب أفريقيا) عام 1893 للدفاع عن بعض العمال الهنود هناك. كانت جنوب أفريقيا مستعمرة بريطانية مثل الهند.
جوبه غاندي حال وصوله باعتداءات عنصرية لأنه أعلن وهو الهندي حقوقه كواحد من رعايا الحكومة البريطانية. وأدرك سريعا أن الهنود يتعرضون هناك إلى كافة أشكال التمييز العنصري. وكان مقدرا لمهمته أن تستغرق سنة واحدة لكنه بقي هناك إحدى وعشرين سنة صرفها كلها في الدفاع عن حقوق الهنود في جنوب أفريقيا.
قاد غاندي العديد من الحملات من أجل تكريس حقوق العمال الهنود وانشأ صحيفة “الرأي الهندي” وراح يدعو إلى عقيدته ” الساتياراها” ( التحرك الوطني القائم على الحقيقة الشجاعة واللاعنف). واستطاع أن ينظم بعض حملات العصيان المدني والإضرابات في صفوف عمال المناجم الهنود. مما عرضه للتوقيف والسجن عدة مرات من قبل البريطانيين. إلا أن نشاطاته أدت إلى إدخال إصلاحات كثيرة والى تحسين أوضاع عمال المناجم.
رغم كل ذلك لم يتوان غاندي عن العمل من اجل البريطانيين في حالات اعتبر انهم على حق فيها. وقد كلفوه القيام ببعض الوساطات أثناء حرب البوير (1899 ـ 1902) و ثورة الزولو (1906).
عام 1915 عاد غاندي إلى الهند وخلال خمس سنوات صار زعيم الحركة الوطنية الهندية. وقد حاولت الحكومة البريطانية تمرير بعض القوانين التي تمنع تشكيل أحزاب او هيئات معارضة للحكومة الا ان غاندي نظم وقاد حملات لاعنفية نجحت في منع إقرار تلك القوانين. ثم دعا الى إيقاف الحملة عندما بدا ان الأمور تكاد تفلت من يده وان بعض أعمال الشغب راحت تندلع هنا وهناك. ثم اعلن صياما عن الطعام معترضا على العنف ومعطيا اتباعه مثلا في ضرورة الانضباط والالتزام بمبادئ الشجاعة والحقيقة واللاعنف.
جاءت مجزرة أمريستار في 13 نيسان 1919 لتؤكد طغيان وفساد الحكم البريطاني الإمبراطوري. فقد اصدر أحد الضباط أوامره الى رجاله بإطلاق النار عشوائيا على تجمع غير مسلح مما أدى الى سقوط ما يقارب 400 قتيل. ولكن تلك المجزرة زادت كمنم تصميم غاندي على متابعة مواجهة المحتلين بالمزيد من الوسائل اللاعنفية.
عام 1920 بدا غاندي بتطبيق برنامج “النسج والحياكة اليدويان” مؤمنا ان ذلك سيؤدي الى:
1) دعم الحرية الاقتصادية لناحية الكفاية الذاتية في قطاع اللباس.
2) تطوير الحرية الاجتماعية بتأكيد كرامة العمل اليدوي واليد العملة.
3) تحقيق الحرية السياسية بتحدي صناعة الملبوسات البريطانية وتحضير الشعب الهندي للحكم الذاتي.
عام 1930 قاد غاندي مئات من اتباعه سيرا على الأقدام في ” المسيرة الى البحر” (200 ميل) حيث قاموا باستخراج الملح من مياه البحر احتجاجا على قانون أصدرته الحكومة وقضى بمعاقبة كل شخص يوجد بحوزته ملح غير مباع عبر الحكومة .
خلال الحرب العالمية الثانية تابع غاندي نضاله اللاعنفي من اجل تحرير الهند بقيادة أعمال العصيان المدني ضد كل قرار اعتبره جائرا بحق الشعب. وقد سجن لآخر مرة في عام 1942. وبلغ مجموع المدد التي قضاها في السجن لأسباب سياسية سبع سنوات. وكان يقول انه من الفخر ان يذهب الانسان الى السجن من اجل قضية محقة.
منحت بريطانيا الهند استقلالها عام 1947 الا ان غاندي كان حزينا لتقسيم القارة الهندية الى دولتين (الهند وباكستان) وأكثر حزنا بسبب اعمال العنف التي بدأت بين المسلمين والهندوس اثر تقسيم البلاد. وراح يدعو الى اعادة توحيد الدولتين ووقف أعمال العنف.
في 13 كانون الثاني (يناير) 1948 بدأ غاندي صياما عن الطعام من اجل إحلال السلام بين كافة شعوب القارة الهندية من مسلمين ومجوس وسواهم. وفي الثامن عشر أعلن زعماء الأطراف المختلفة عزمهم على وقف القتال أنهى غاندي صيامه. ولكن بعد 12 يوما (30 كانون الثاني) وفيما غاندي في طريقه الى الصلاة في معبد في نيو دلهي أطلق عليه احد المتطرفين الهندوس ثلاث رصاصات قاتلة احتجاجا على دعوته الهندوس الى التعايش مع سواهم من المجموعات الدينية والعرقية.
كان اغتيال غاندي صدمة للهند وللعالم ومثالا آخر على سقوط رسل السلام ودعاته العزّل بأيدي المتطرفين الجهلة أو أصحاب المصالح والمستفيدين من استمرار البشر في قتل بعضهم
شارل ديجول Charles de Gaulle (1890 ـ 1970)
قائد عسكري فرنسي كبير ورجل دولة ورئيس جمهورية فرنسا الراحل.
ولد في 22 نوفمبر 1890 في مدينة (ليل) في شمال فرنسا على الحدود مع بلجيكا. وهو من عائلة كاثوليكية مثقفة. وكان والده هنري ديجول يعمل مدرساً وأمه جان مايو ديجول ابنة عم والده هنري. وكانت من مؤيدي الملكية على غرار والده. وتوفى والده هنري ديجول في 3 مايو 1932.
تزوج ديجول من ايفون فاندرو (1900 ـ 1979) في 6 أبريل 1920 في مدينة كاليه في شمال فرنسا وذلك بعد تعيينه أستاذ مساعد في مادة التاريخ بكلية سان سير. وفي عام 1921 رزق منها بمولود في 28 ديسمبر 1921 أسماه فيليب ورزق بمولودة أسماها اليزابيث ديجول في 15 مايو 1925 وفي 1 يناير 1928 رزق بمولودة أسماها آن وقد ولدت مشلولة وتوفيت في 6 فبراير 1948.
تلقى ديجول دراسته في مدارس مسيحية مختلفة فقد التحق بالكلية المتوسطة لليسوعيين في باريس في أكتوبر 1900. وأعد منذ الصغر لدخول كلية سان سير العسكرية الشهيرة حيث التحق في 30 سبتمبر 1909 بمدرسة ستانسلاس للتحضير لكلية سان سير ونجح في مسابقة دخول سان سير حيث التحق بها في دفعة أطلق عليها “دفعة فاس” وتخرج فيها في 1 سبتمبر 1912. برتبة ملازم.
عقب تخرجه عين في الكتيبة 33 مشاة في مدينة أراس تحت قيادة الكولونيل فيليب بيتان Philippe Petain في 10 أكتوبر 1912. وقبل الحرب العالمية الأولى أصبح ديجول قائد الفصيلة الأولى من الكتيبة الثالثة والثلاثين وذلك في 1 أغسطس 1914 وحدثت له الإصابة الأولى على جسر دينانت في بلجيكا في 15 أغسطس 1914. ورقي إلى رتبة النقيب في يناير 1915 وقُلد وسام “صليب الحرب” وفي 10 مارس 1915 حدثت له الإصابة الثانية في يده اليسرى في مقاطعة أرجون.
وفي 2 مارس 1916 أبيدت السرية التي كان يقودها واعتقل وأرسل إلى أوسنابروك في ألمانيا. وتمكن من الهرب من المعتقل في 29 أكتوبر 1916 بعد عدة محاولات إلا أنه اعتقل مرة أخرى بعد ثمانية أيام. وتمكن من الهرب في 15 أكتوبر 1917 مع أربعة من رفاقه من قلعة روزنبرج.
التحق شارل ديجول بكلية الحرب العليا في 2 مايو 1922 وهو برتبة نقيب وأمضى فيها سنتين حدثت فيهما مشاجرات مع أساتذته كادت تؤخر تخرجه لولا تدخل المارشال بيتان وتخرج بتقدير جيد.
وفي 1 يوليه 1925 عمل ديجول بهيئة إمداد وتموين جيش الراين ثم استدعاه المارشال بيتان للعمل في مكتبه الخاص. ورُقي لرتبة الرائد في سبتمبر 1927. ثم التحق بجيش الشرف في أكتوبر 1929 حيث خدم لمدة سنتين في بيروت عمل خلالها رئيساً لهيئتي الاستخبارات والعمليات. ثم التحق بالسكرتارية العامة لوزارة الدفاع في نوفمبر 1931 حيث أمضى فيها 6 سنوات. وفي 5 مايو 1934 رقي ديجول إلى رتبة المقدم. وفي سبتمبر 1937 تولى ديجول قيادة اللواء 507 المدرع في مدينة ميتز وكان مقتنعاً أن الدبابة ستكون السلاح الحاسم في الحرب التالية. ورُقى شارل ديحول لرتبة العقيد في 24 ديسمبر 1937 وكان عمره وقتئذ 47 سنة.
بدأت الحرب العالمية الثانية واحتلت ألمانيا بولندا في 1 سبتمبر 1939 وتولى ديجول قيادة دبابات الجيش الخامس في مقاطعة الزاس. وفي 10 مايو 1940 دخلت القوات الألمانية سيدان وتقهقرت القوات الفرنسية اعتباراً من 16 مايو وحاول ديجول تنفيذ هجوم مضاد غير مرة لكنه فشل ويعزي هذه الهزيمة إلى رفض القيادة الفرنسية إنشاء وحدات وتشكيلات على شكل واسع.
وفي يونيه 1940 عُين ديجول في منصب وكيل وزارة الحرب والدفاع وذهب إلى لندن لمقابلة ونستون تشرشل الذي صرح لديجول بأن إنجلترا تركز جهودها لتمنع غزو ألماني لها. وفي 10 يونيه دخلت إيطاليا الحرب وكان الألمان على أبواب باريس فغادرت الحكومة الفرنسية العاصمة واتخذت من مدينة تور مقراً لها.
اجتمع المجلس الأعلى للحلفاء في 11 يونيه 1940 وكان يتكون في ذلك الوقت من تشرشل وإيديه ورينو وبيتان وفيجان وديجول وقد اتفق تشرشل وديجول في الرأي الخاص بالانسحاب نحو مقاطعة بريتاني وإنشاء مقاومة شعبية إلا أنه في اليوم الثاني خلال اجتماع مجلس الوزراء الإنجليزي اقترح بيتان وفيجان توقيع الاستسلام. ودخل الألمان باريس واتخذت الحكومة من مدينة بوردو مقراً لها وتوجه ديجول إلى لندن وقابل تشرشل بمقر مجلس الوزراء البريطاني الذي وضع إمكانيات هيئة الإذاعة البريطانية تحت أمر ديجول وناشد الفرنسيين بمواصلة المقاومة وفي 19 يونيه أملى هتلر شروطه لوقف المعارك وفي 22 يونيه وقعت فرنسا الاستسلام. فتقطع بريطانيا علاقاتها بحكومة بوردو وتعترف بالهيئة الوطنية الفرنسية التي أنشأها ويرأسها ديجول كما تعترف بريطانيا بأن ديجول قائد لكل الفرنسيين في 28 يونيه 1940. وكان يحمل رتبة اللواء في ذلك الوقت ورفض قبول الاستسلام. وفي بريطانيا قام ديجول بتنظيم القوات الفرنسية الحرة الموجودة هناك وفي بعض المستعمرات الفرنسية حيث قام بزيارة القاهرة وسوريه ولبنان في مارس 1941 من أجل استقطاب القوات الفرنسية الموجودة بها.
بدأ نجم ديجول يلمع ففي سبتمبر 1941 أصبح رئيساً للهيئة الوطنية الفرنسية في لندن وفي 23 يوليه 1942 عقد لقاء بين ديجول ووفد عسكري أمريكي واقترح ديجول عليهم القيام بعملية إنزال بحري في منطقة نورماندي إلا أن القوات الأمريكية والبريطانية قامت بعملية إنزال في الجزائر في 8 نوفمبر 1942 بدون علم ديجول ولكنه يؤيد العملية. وبحلول عام 1943 وافق الحلفاء على أن يصبح ديجول قائداً للفرنسيين المقاتلين.
وفي 28 نوفمبر 1943 اجتمع ستالين وروزفلت وتشرشل في طهران وقرروا إنزال القوات الحليفة على شواطئ فرنسا في ربيع 1944 ونظم اجتماع بين ديجول وتشرشل في يناير 1944 طالب فيه ديجول بزيادة المعدات العسكرية للمقاومة الفرنسية وكذلك فرض سيطرته على الأراضي الفرنسية التي ستحررها القوات الحليفة. وفي 6 يونيه 1944 تم إنزال قوات الحلفاء في منطقة نورماندي ووصل ديجول إلى الشواطئ الفرنسية في 14 يونيه 1944 واستقبلته مدينة بايو بحفاوة. وقام ديجول بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية في يوليه 1944 واستقبله الرئيس روزفلت في البيت الأبيض بحفاوة كما استقبل استقبالاً حافلاً في مدينة نيويورك وكذلك زار ديجول كندا والجزائر في نفس الشهر.
وفي 20 أغسطس وصل ديجول إلى مدينة شربورج بشمال فرنسا وبدأت عمليات تحرير فرنسا. واستطاعت الفرقة الثانية المدرعة وفرقة المقاومة الشعبية أن تجبر القوات الألمانية تحت قيادة الجنرال شولتيتز على الاستسلام. وفي 25 أغسطس وصل ديجول إلى مقر وزارة الدفاع بشارع دومينيك واتخذه مقراً له. وفي 26 أغسطس 1944 استقبل ديجول في باريس استقبالاً شعبياً حافلاً. وعقد اجتماع مع رؤساء المقاومة. وفي سبتمبر 1944 أصبح رئيساً للحكومة المؤقتة كما استقبل تشرشل في باريس بحفاوة. وفي 8 مايو 1945 وقعت ألمانيا استسلامها في برلين.
وفي 13 نوفمبر 1945 انتخب ديجول من قبل البرلمان رئيساً للوزراء. ولكن عندما أسفر استفتاء عام للفرنسيين عن إيثار الشعب لحكومة برلمانية بدلاً من حكومة رئاسية كما اقترح ديجول. قدم استقالته في يناير عام 1946 من الحكم واعتكف.
وبعد حدوث اضطرابات داخلية كبيرة في فرنسا في شهر مايو 1958 أعلن ديجول أنه مستعد أن يتسلم زمام الحكم على أن يكون رجوعه للحكم بشكل شرعي. في يونيه 1958 قام ديجول بتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات مطلقة لمدة ستة أشهر وحصلت على الأغلبية. كما وضع دستوراً جديداً للبلاد قدمه للفرنسيين في شهر سبتمبر 1958 ويحوز على 80% من أصوات الشعب. كما حاز حزب الوحدة من أجل الجمهورية الديجولي على 200 مقعد في البرلمان. وقد أرسى أركان الجمهورية الخامسة وتم انتخاب شارل ديجول رئيساً في 21 ديسمبر 1958.
وكانت ثورة الجزائر قد اشتدت وفرضت نفسها في وجه الاحتلال الفرنسي وأحس ديجول بحسه التاريخي أن ثوار الجزائر لا بد منتصرون مضى ديجول في سياسة التفاوض مع الثورة الجزائرية واعترف باستقلال الجزائر في اتفاقية ايفان في مارس 1962 وفي مايو 1962 منحت الجزائر استقلالها وبذلك أنهى ديجول حرب دموية دامت سبع سنوات.
عرض ديجول إجراء تعديلات على الدستور وطرح ذلك في استفتاء شعبي في أبريل 1969 إلا أن عرضه فشل في الاستفتاء فاستقال من منصبه في 28 أبريل 1969. واعتزل العمل السياسي وعاش في بلدة كولومبي لي دوزيجليز في فرنسا وواصل تدوين مذكراته. وكان ديجول شخصية مهيبة ومتحفظة وصارمة.
وقد عمل ديجول خلال فترة حكمه على بعث فرنسا كأمة عظيمة وشكل قوة نووية فرنسية ضاربة مستقلة. وأقام علاقات جيدة مع بلدان العالم الثالث والبلدان الاشتراكية واعترف بالصين الشعبية. وعلى أثر العدوان الإسرائيلي على بعض الدول العربية عام 1967 حظر تصدير السلاح إلى إسرائيل
وتوفي ديجول في بلدة كولومبي لي دوزيجليز في فرنسا في التاسع من نوفمبر 1970 على إثر نوبة قلبية. وأصبح شارل ديجول رمزاً لفرنسا في نظر الفرنسيين وغيرهم من الشعوب.
أصدر شارل ديجول كتابه الأول “الخلاف عند العدو” في مارس 1924 وكتابه الثاني “حد السيف” في 22 يوليه 1932 وقد أهده إلى المارشال بيتان. وفي مايو 1934 أصدر كتابه الثالث “نحو جيش المستقبل” وقد ساعدت الأفكار التي طرحها في كتابه هذا الجيش الألماني على إنشاء فرقة المدرعة في حين ضرب الجيش الفرنسي بهذه الأفكار عرض الحائط. وفي سبتمبر 1938 أصدر كتاب “فرنسا وجيشها” والظروف التي أصدر خلالها الكتاب تسببت في نزاع مع المارشال بيتان. وفي أكتوبر 1946 أصدر ديجول مذكراته تحت اسم “مذكرات حرب” وبيع منها مائة ألف نسحة في خلال خمس أسابيع.
جيفارا
الثورة قوية كالفولاذ حمراء كالجمر باقية كالسنديان عميقة كحبنا الوحشي للوطن.. إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني”.. ليس شعرا ولا كلمات لأديب من أدباء نوبل وليست عبقريتها في صياغتها بقدر ما أنها في صدقها وأيا ما كانت أفكارك وعقائدك فإنك لن تستطيع إلا أن تحترم رجلا كانت هذه إحدى أفكاره التي ظل طيلة حياته يناضل من أجلها.
لقد ولد صاحب هذه المقولة -وهو الملقب بالـ”تشي” التي تعني الرفيق واسمه الحقيقي “أرنستو جيفارا دي لاسيرنا”- في الرابع عشر من أغسطس عام 1928 في حي “روساريو” الكائن بمدينة “بوينس أيريس” عاصمة الأرجنتين في عائلة برجوازية عريقة.
روح لا يصيبها الربو
صورة الأب غير طاغية على المشهد فهو مهندس معماري ميسور الحال دائم التنقل قضى آخر أيامه في كوبا لكن الأم عُرفت بأنها مثقفة ونشطة وهي التي نفخت في الفتى من روحها الشغوفة بتاريخ الأرجنتين بل وأمريكا اللاتينية كلها.. وربته على سِيَر المحررين العظام أو “آباء الوطن” وعلى قصائد الشعر لا سيما الشعر الأسباني والأدب الفرنسي.
كان الفتى النحيل الذي لا يتعدى طوله 173 سم يمارس الرياضة بانتظام لمواجهة نوبات الربو المزمن التي كانت تنتابه منذ صغره. أما روحه فكانت لاذعة ساخرة من كل شيء حتى من نفسه وقد أجمعت آراء من اقتربوا منه أنه كان يحمل داخله تناقصا عجيبا بين الجرأة والخجل وكان دافئ الصوت عميقه كما كان جذابا وعبثي المظهر كذلك.
اضطرت العائلة إلى ترك العاصمة والانتقال إلى مكان أكثر جفافا؛ لأجل صحة الفتى العليل وفي أثناء ذلك كان اللقاء الأول بين أرنستو والفقر المدقع والوضع الاجتماعي المتدني في أمريكا اللاتينية.
الطبيب في رحلة على الدراجة
في مارس 1947 عادت الأسرة إلى العاصمة ليلتحق الفتى بكلية الطب وعند نهاية المرحلة الأولى لدراسته حين كان في الحادية والعشرين من عمره قام بجولة طويلة استمرت حوالي 8 أشهر على الدراجة البخارية نحو شمال القارة مع صديق طبيب كان أكبر منه سنا وأقرب إلى السياسة.
ومن هنا بدأ استكشاف الواقع الاجتماعي للقارة وبدأ وعيه يتفتح ويعرف أن في الحياة هموما أكثر من مرضه الذي كان الهاجس الأول لأسرته؛ فرأى حياة الجماعات الهندية وعاين بنفسه النقص في الغذاء والقمع.. ومارس الطب مع عمال أحد المناجم وهو ما حدا بالبعض أن يصفه بأنه من الأطباء الحمر الأوروبيين في القرن 19 الذين انحازوا إلى المذاهب الاجتماعية الثورية بفعل خبرتهم في الأمراض التي تنهش الفقراء.
صائد الفراشات في جواتيمالا
وفي عام 1953 بعد حصوله على إجازته الطبية قام برحلته الثانية وكانت إلى جواتيمالا حيث ساند رئيسها الشاب الذي كان يقوم بمحاولات إصلاح أفشلتها تدخلات المخابرات الأمريكية وقامت ثورة شعبية تندد بهذه التدخلات؛ ما أدى لمقتل 9 آلاف شخص فآمن الطبيب المتطوع الذي يمارس هواياته الصغيرة: التصوير وصيد الفراشات أن الشعوب المسلحة فقط هي القادرة على صنع مقدراتها واستحقاق الحياة الفضلى.
وفي عام 1955 يقابل “هيلدا” المناضلة اليسارية من “بيرون” في منفاها في جواتيمالا فتزوجها وأنجب منها طفلته الأولى والعجيب أن هيلدا هي التي جعلته يقرأ للمرة الأولى بعض الكلاسيكيات الماركسية إضافة إلى لينين وتروتسكي وماو.
مع كاسترو في المكسيك
غادر “جيفارا” جواتيمالا إثر سقوط النظام الشعبي بها بفعل الضربات الاستعمارية التي دعمتها الولايات المتحدة مصطحبا زوجته إلى المكسيك التي كانت آنذاك ملجأ جميع الثوار في أمريكا اللاتينية.
كان قيام الانقلاب العسكري في كوبا في 10 مارس 1952 سبب تعارف جيفارا بفيدل كاسترو الذي يذكره في يومياته قائلا: “جاء فيدل كاسترو إلى المكسيك باحثا عن أرض حيادية من أجل تهيئة رجاله للعمل الحاسم”.. وهكذا التقى الاثنان وعلى حين كان كاسترو يؤمن أنه من المحررين فإن جيفارا كان دوما يردد مقولته: “المحررون لا وجود لهم؛ فالشعوب وحدها هي التي تحرر نفسها”. واتفق الاثنان على مبدأ “الكف عن التباكي وبدء المقاومة المسلحة”.
حبنا الوحشي للوطن
اتجها إلى كوبا وبدأ الهجوم الأول الذي قاما به ولم يكن معهم سوى ثمانين رجلا لم يبق منهم سوى 10 رجال فقط بينهم كاسترو وأخوه “راءول” وجيفارا ولكن هذا الهجوم الفاشل أكسبهم مؤيدين كثيرين خاصة في المناطق الريفية.
وظلت المجموعة تمارس حرب العصابات لمدة سنتين حتى دخلت العاصمة هافانا في يناير 1959 منتصرين بعد أن أطاحوا بحكم الديكتاتور “باتيستا” وفي تلك الأثناء اكتسب جيفارا لقب “تشي” يعني رفيق السلاح وتزوج من زوجته الثانية “إليدا مارش” وأنجب منها أربعة أبناء بعد أن طلّق زوجته الأولى.
وقتها كان الـ”تشي جيفارا” قد وصل إلى أعلى رتبة عسكرية (قائد) ثم تولى بعد استقرار الحكومة الثورية الجديدة –وعلى رأسها فيدل كاسترو- على التوالي وأحيانا في نفس الوقت مناصب:
– سفير منتدب إلى الهيئات الدولية الكبرى.
– منظم الميليشيا.
– رئيس البنك المركزي.
– مسئول التخطيط.
– وزير الصناعة.
ومن مواقعه تلك قام الـ”تشي” بالتصدي بكل قوة لتدخلات الولايات المتحدة ؛ فقرر تأميم جميع مصالح الدولة بالاتفاق مع كاسترو؛ فشددت الولايات المتحدة الحصار وهو ما جعل كوبا تتجه تدريجيا نحو الاتحاد السوفيتي وقتها. كما أعلن عن مساندته حركات التحرير في كل من: تشيلي وفيتنام والجزائر.
تشي يتتبع رائحة الثورة
وعلى الرغم من العلاقة العميقة القوية بين جيفارا وكاسترو فإن اختلافا في وجهتي نظريهما حدث بعد فترة؛ فقد كان كاسترو منحازا بشدة إلى الاتحاد السوفيتي وكان يهاجم باقي الدول الاشتراكية.
كما اصطدم جيفارا بالممارسات الوحشية والفاسدة التي كان يقوم بها قادة حكومة الثورة وقتها والتي كانت على عكس ما يرى في الماركسية من إنسانية.. فقرر الـ”تشي” مغادرة كوبا متجها إلى الكونغو الديمقراطية (زائير) وأرسل برسالة إلى كاسترو في أكتوبر 1965 تخلى فيها نهائيا عن مسؤولياته في قيادة الحزب وعن منصبه كوزير وعن رتبته كقائد وعن وضعه ككوبي إلا أنه أعلن عن أن هناك روابط طبيعة أخرى لا يمكن القضاء عليها بالأوراق الرسمية كما عبر عن حبه العميق لكاسترو ولكوبا وحنينه لأيام النضال المشترك.
وذهب “تشي” لأفريقيا مساندا للثورات التحررية قائدا لـ 125 كوبيا ولكن فشلت التجربة الأفريقية لأسباب عديدة منها عدم تعاون رؤوس الثورة الأفارقة واختلاف المناخ واللغة وانتهى الأمر بالـ”تشي” في أحد المستشفيات في براغ للنقاهة وزاره كاسترو بنفسه ليرجوه العودة.
خزانات المسدس والأقلام.. كلها رصاص
بعد إقامة قصيرة في كوبا إثر العودة من زائير اتجه جيفارا إلى بوليفيا التي اختارها ربما لأن بها أعلى نسبة من السكان الهنود في القارة.
لم يكن مشروع “تشي” خلق حركة مسلحة بوليفية بل التحضير لرص صفوف الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية لمجابهة النزعة الأمريكية المستغلة لثروات دول القارة.
وقد قام “تشي” بقيادة مجموعة من المحاربين لتحقيق هذه الأهداف وقام أثناء تلك الفترة الواقعة بين 7 نوفمبر 1966 و7 أكتوبر 1976 بكتابه يوميات المعركة.
وعن هذه اليوميات يروي فيدل كاسترو: “كانت كتابة اليوميات عادة عند تشي لازمته منذ أيام ثورة كوبا التي كنا فيها معا كان يقف وسط الغابات وفي وقت الراحة ويمسك بالقلم يسجل به ما يرى أنه جدير بالتسجيل هذه اليوميات لم تُكتب بقصد النشر وإنما كُتبت في اللحظات القليلة النادرة التي كان يستريح فيها وسط كفاح بطولي يفوق طاقة البشر”.
اللحظات الأخيرة حيث لا يستسلم أحد
في يوم 8 أكتوبر 1967 وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فردا وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل.
وقد استمر “تشي” في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته (م-2) وضاع مخزن مسدسه وهو ما يفسر وقوعه في الأسر حيا.
نُقل “تشي” إلى قرية “لاهيجيراس” وبقي حيا لمدة 24 ساعة ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه.
وفي مدرسة القرية نفذ ضابط الصف “ماريو تيران” تعليمات ضابطيه: “ميجيل أيوروا” و”أندريس سيلنيش” بإطلاق النار على “تشي”.
دخل ماريو عليه مترددا فقال له “تشي”: أطلق النار لا تخف؛ إنك ببساطة ستقتل مجرد رجل ولكنه تراجع ثم عاد مرة أخرى بعد أن كرر الضابطان الأوامر له فأخذ يطلق الرصاص من أعلى إلى أسفل تحت الخصر حيث كانت الأوامر واضحة بعدم توجيه النيران إلى القلب أو الرأس حتى تطول فترة احتضاره إلى أن قام رقيب ثمل بإطلاق رصاصه من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته.
وقد رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزارا للثوار من كل أنحاء العالم.
كيف رأوه؟
لقد اعتبر “جان بول سارتر” و”سيمون دي بيفوار” جيفارا التجسيد الحي لعالمهم المثالي الذي لم يكن له وجود سوى في أفكارهم الفلسفية فقط. ويراه اليساريون صفحة ناصعة في تاريخهم المليء بالانكسارات والأخطاء وأسطورة لا يمكن تكرارها على مستوى العمل السياسي العسكري وهذا ما تؤيده مقولته الرائعة لكل مناضل ومؤمن بمبدأ على اختلاف اتجاهه”لا يستطيع المرء أن يكون متأكدا من أن هنالك شيئا يعيش من أجله إلا إذا كان مستعدا للموت في سبيله”.
وفي عام 1998 وبعد مرور 30 عاما على رحيله انتشرت في العالم كله حمّى جيفارا؛ حيث البحث الدءوب عن مقبرته وطباعة صوره على الملابس والأدوات ودراسة سيرته وصدور الكتب عنه.
علامات استفهام
مات جيفارا الطبيب والشاعر عازف الجيتار والثائر والمصور الفوتوغرافي وصائد الفراشات.. وترك خلفه أسئلة عديدة يرى الكثيرون أنها لن يجاب عنها بسهولة قريبا فلم يحسم حتى الآن أمر الوشاية بـ”تشي” فهل كان الرسام المتهم منذ أكثر من 30 سنة “بوستوس” الذي عاش منفيا في السويد أم “دوبري” المفكر اليساري.. لا أحد يعرف. كما أنه لا أحد يعرف أين قبر “تشي” الحقيقي حتى وإن زعم البعض اكتشافه.. ولكن الحقيقة التي تظل ماثلة هي أن الجسد الذي لم ينهكه الربو اغتالته الديكتاتورية ولكن بلا شك فشل الجميع في هزيمة روحه .
حركة حماس
قائدها الشهيد العظيم الشيخ أحمد ياسين ..
بينما ترى اسرائيل ودول غربية حركة المقاومة الاسلامية حماس كمنظمة ارهابية، ينظر مؤيدوها إليها على أنها قوة مشروعة تدافع عن الفلسطينيين ضد الاحتلال العسكري الوحشي.
تأسست حماس، وهي أكبر الحركات الاسلامية الفلسطينية المسلحة، قبل خمسة عشر عاما في بداية الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية.
وتهدف الحركة بشكل مبدئي إلى طرد القوات الاسرائيلية من الأراضي المحتلة كمرحلة أولى من خلال شن هجمات على القوات الاسرائيلية والمستوطنين في الأراضي الفلسطينية ومن خلال شن هجمات ضد المدنيين في اسرائيل وهو الأمر الذي يثير جدلا واسعا.
أما هدف الحركة على المدى البعيد فيكمن في إنشاء دولة إسلامية على أرض فلسطين التاريخية، والتي يدخل جزء كبير منها حدود دولة اسرائيل منذ إنشائها عام 1948.
ومن غير المعروف عدد أعضاء المنظمة، بجناحيها السياسي والعسكري، غير أنه يوجد لها مئات الالاف من المؤيدين والمتعاطفين معها.
وفي شهر ديسمبر/كانون اول من عام 2002 شارك نحو أربعين ألف شخص في مسيرة بمناسبة إحياء الذكرى الخامسة عشرة لإنشاء الحركة واستمعوا خلالها إلى زعيم الحركة الروحي الشيخ أحمد ياسين، والذي يعاني من الشلل، يتوقع تدمير اسرائيل بحلول عام 2025.
وقال ياسين: “مسيرة الشهداء ستستمر… والمقاومة ستستمر. وسنواصل الجهاد، وسنواصل العمليات الاستشهادية حتى التحرير الكامل لفلسطين”.
معارضة اوسلو
ينقسم نشاط حماس إلى فرعين رئيسيين:
· البرنامج الاجتماعي مثل بناء المدارس والمستشفيات والمعاهد الدينية.
· العمل العسكري والهجمات الارهابية التي ينفذها الجناح العسكري المعروف باسم كتائب عز الدين القسام.
ولدى الحركة مكتب سياسي أخر في المنفى، كان موجودا في الأردن في السابق، وتعرض أحد قادته خالد مشعل إلى محاولة إغتيال اسرائيلية فاشلة عام 1997.
وتسامح عاهل الأردن الراحل الملك الحسين مع وجود حماس، غير أن خليفته الملك عبدالله الثاني أغلق مقرات الحركة وطرد قادتها الكبار إلى قطر.
وبرزت مكانة حماس بعد الانتفاضة الأولى كمعارض رئيسي لاتفاقات اوسلو وعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والتي تراقب الانسحاب التدريجي والجزئي لقوات الاحتلال مقابل ضمانات فلسطينية بحماية أمن اسرائيل.
وعلى الرغم من العمليات الاسرائيلية العديدة التي استهدفت تصفيةالحركة، بالاضافة إلى تشدد السلطة الفلسطينية الجديدة برئاسة ياسر عرفات، التي أنشئت بمقتضى اتفاقية أوسلو، وجدت حماس أن لديها القدرة على الاعتراض على العملية عن طريق شن الهجمات الانتحارية.
وخلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار من عام 1996 شنت حماس عددا من الهجمات الانتحارية مما أسفر عن مقتل نحو 60 اسرائيليا، كرد على اغتيال اسرائيل للقيادي في حماس يحيى عياش عام 1995.
وتسببت التفجيرات في ابتعاد الاسرائيليين عن عملية السلام وانتخاب اليميني المتشدد بنيامين نتنياهو والذي كان معارضا قويا لاتفاقات اوسلو.
تأييد متزايد
وبعد اتفاقات اوسلو، وبشكل خاص عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد التي رعاها الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون في صيف عام 2000 ، واندلاع الانتفاضة الثانية بعد ذلك بوقت قصير، كانت حماس تزداد قوة ونفوذا فيما كانت اسرائيل تدمر البنية الأساسية لسلطة عرفات العلمانية المعترف بها.
وفي مخيمات اللاجئين والمدن المحاصرة من قبل الجيش الاسرائيلي، تدير حماس مدارس وعيادات طبية لخدمة الفلسطينيين الذين يشعرون أن السلطة الفلسطينية الفاسدة وغير الفعالة قد خذلتهم.
ويسود الابتهاج الفلسطينيين من أغلب المذاهب السياسية عند كل هجوم انتحاري تنفذه حماس، أو الجهاد الاسلامي أو كتائب شهداء الأقصى.
وينظر الكثيرون من الفلسطينيين إلى العمليات “الاستشهادية” على أنها أفضل طريق للانتقام من خسائرهم ولمواجهة الاتجاه الاسرائيلي الذي يبدو عازما على احتلال الضفة الغربية وغزة، وإسرائيل التي ترفض تحقيق العدالة وتنكر تطلعات الفلسطينيين الوطنية.
وقد جرت محاولات من أجل توحيد الفصائل الفلسطينية المختلفة، حيث استضافت القاهرة سلسة من الاجتماعات عام 2002 و2003 من أجل التفاوض على تعليق الهجمات الارهابية.
واشترطت مسودة اتفاق بين حماس ومنظمة فتح بزعامة عرفات أن تتوقف حماس عن شن الهجمات في اسرائيل إذا انسحب الجيش الاسرائيلي إلى مواقعه التي كان فيها قبل اندلاع الانتفاضة.
غير أن حماس تهربت من التوقيع على اتفاق بوقف اطلاق النار فيما تستمر اسرائيل في احتلال الأراضي الفلسطينية ويقتل جنودها الفلسطينيين هناك.
ويقول محمود الزهار أحد قادة حماس: “قتل المدنيين يجب أن يرد عليه بقتل المدنيين”.
الاغتيالات
فضلا عن أن حماس تشن هجمات تتسبب في وقوع أكبر الخسائر الاسرائيلية كما أن عملياتها تعد أفضل تخطيطا وتنفيذا مقارنة بالمنظمات المماثلة، فقدت حماس أعدادا كبيرة من قيادتها نتيجة للاغتيالات الاسرائيلية والاجتياحات الأمنية.
وقتل قائد كتائب عز الدين القسام صلاح شحادة في يوليو/ تموز عام 2002 عندما ألقت طائرة اسرائيلية من طراز اف-16 قنبلة موجهة بالليزر تزن طنا على مجمع سكني في غزة، مما أسفر عن مقتل شحادة واثنين من عائلته وحارسه وأحد عشر شخصا أخرين كانوا يقيمون في بنايات مجاورة.
ونجا خليفة شحادة محمد ضيف، الذي تتهمه اسرائيل بالضلوع في تفجيرات 1996، من عدة محاولات لاغتياله.
واستمرت حماس في شن هجمات سريعة ومكثفة حيث أسفرت الهجمات الانتحارية والمسلحة عن مقتل العشرات. وتم إدانة ثلاثة من مؤيدي حماس بتهمة محاولة تسميم عدد من الاسرائيليين في مطعم بمدينة القدس وهو الأمر الذي لم ينجح.
وعلى الجانب الآخر، أظهرت الحركة استعدادها لتعليق الهجمات بشكل مؤقت من أجل مصلحة الدبلوماسية الفلسطينية، إذا رأت الجماعة ذلك. وفي عام 2002 قال قائد حماس السياسي عبد العزيز الرنتيسي لبي بي سي: ” الهدف الأساسي للانتفاضة هو تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس، ولا شيء أكثر من هذا، فليس لدينا القوة الكافية لتحرير كل أراضينا”.
وأوضح: ” حرام في الاسلام أن نتنازل عن جزء من أرضنا، لذا فلن نعترف باسرائيل أبدا. لكننا نقبل توقيع اتفاق هدنة معها، ويمكننا العيش جنبا إلى جنب معهم ونترك كل القضايا إلى الأجيال القادمة”.
وعادة ما ينتهي تعليق العمليات عندما تشن القوات الاسرائيلية هجماتها لقتل نشطاء حماس .
وأخيراً .. استشهد الشيخ أحمد يا سين بثلاثة صواريخ إسرائيلية فور خروجه من صلاة الفجر يوم الإثنين 22 مارس 2004 .. لينتهي آخر العمالقة ويبقى الأقزام .
كتب صدرت للمؤلف :
- فضائح الزعيم .. عن زعماء السياسة .
- انحرافات الفن والسياسة .. أجرأ حوار مع إعتماد خورشيد .
- الإعترافات السرية لنجمة سينمائية – ” رواية ” .
- صرخة المجهول – ” ديوان شعر ” .
- ناصر 56 والسادات 73
- الحياة السرية لصدام حسين .. حقيقة هروبه واعتقاله .
- المخابرات الأمريكية وملفات الحكام العرب ” جزءين ” .
- الملف الأسود لآل بوش .
- إعترافات جيهان السادات .
- أسرار الأميرات .. في الخليج العربي .
- الحب والسياسة في شعر نزار قباني .
كتب تحت الطبع للمؤلف :
- جواسيس إسرائيل في أمريكا ” جزئين ” .
- إرهاب أمريكا ” جزئين ”
- إعترافات جواسيس الموساد .
- الحكام العرب .. كيف وصلوا للسلطة ؟
- اتهامات تواجه النبي محمد .
- أجرأ وأشمل حوار مع السيدة الدكتورة / هدى جمال عبد الناصر .
- محمد حسنين هيكل .. سيرة ومسيرة .
- أنيس الدغيدي يواجه أنيس منصور .. وحديث الذكريات .
- رقية السادات .. تتذكر .
- طلعت حمَّاد .. يتكلم !!
- فوزي عبد الحافظ .. هكذا قال لي !!
- اللواء أحمد سعودي .. بين جيهان والسادات !!
- محاكمة النبي محمد .. الرد على إدَّعاءات واتهامات خصومه .
- الحب والحكم والسياسة .. في سورة يوسف .
- الحب والزواج والطلاق .. في عصر النبوة .
- مناظرات الأتقياء والأشقياء في القرآن الكريم .
- موسى ومحمد والمسيح ( 3 أجزاء ) .
- ملوك نهب الثروة في العالم العربي .
- إمبراطورية الكارتون .. الشيخ صالح وآل إبراهيم والأمير الوليد .
محتويات الجزء الأول من الكتاب
الموضوع رقم الصفحة
إهداء …………………………………………… 5
قبل المقدمة ……………………………………. . 6
المقدمة …………………………………………. 10
للتاريخ .. وثائق بخط يد عبد الناصر ………………. 24
نص مكالمة تليفونية بين ناصر والملك حسين ………… 35
من هو الزعيم عبد الناصر ………………………… 40
الحياة الخاصة للزعيم …………………………….. 67
أشرف مروان متهماً ……………………………… 68
ذكريات مع زوجة الزعيم …………………………. 74
مواطن .. وحرم الزعيم …………………………… 76
حوار مع خالد عبد الناصر ………………………… 80
من أوراق عبد الناصر الخاصة ……………………. 88
بقلم ناصر .. خطة تحرك ليلة الثورة ………………. 94
هدى عبد الناصر وسيناريو حياة الزعيم …………….. 97
حلم الوحدة العربية ……………………………….. 106
نصوص المحاضر السرية لجلسات اللجنة المركزية …… 110
وثائق جديدة تنسف أكاذيب أعداء الثورة ……………… 132
الناصرية بمنظور نقدي ……………………………. 143
العولمة وأهمية التكتل العربي ………………………. 154
عبد الناصر والصراع العربي الإسرائيلي …………….. 159
أسرار أخطر وآخر 3 سنوات في حياة ناصر …………. 165
لماذا انعزلت مصر بعد حرب أكتوبر ………………… 168
الموضوع رقم الصفحة
آخر كلمة ترحيبية للرئيس عبد الناصر ……………… 172
آخر خطاب لناصر بمناسبة احتفالات الثورة …………. 176
آخر خطاب لناصر بعد النكسة …………………….. 207
آخر خطاب في حياة عبد الناصر ………………….. 232
عبد الناصر يجيب على الأسئلة الممنوعة ……………. 263
استراحة الحرب ضد عبد الناصر ………………….. 291
ناصر 67 .. اتهامات بالجملة ……………………… 299
ناصر والسادات ………………………………….. 321
ناصر وهيكل …………………………………….. 325
العبقري أحمد زكي بين ناصر والسادات ……………… 350
ملاحق الجزء الأول من الكتاب ……………………… 354
المؤلف في سطور ………………………………… 429
كتب صدرت للمؤلف ………………………………. 430
كتب تحت الطبع للمؤلف ……………………………. 431
محتويات الجزء الأول من الكتاب ……………………. 432